الفرع السابع
( ولاية عهد المتولي بالوراثة و الغدر و الكارثة للإسلام و المسلمين )
( و بقيتْ الدولة – دولة إسلامية – ببقاء العقيدة الإسلامية فيها – ولم تعلن غيرها )
( يزيد بن معاوية الأموي )
قال الله جلت قدرته { فَهَلْ عَسَيتُمْ إنْ توليتم أنْ تُفسدوا في الأرض و تُقطعوا أرحامَكم . أولئك الذين لعنهم اللهُ فأصمهم و أعمى أبصارهم . أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالُها . إنّ الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سَوّلَ لهم و أملى لهم } ( سورة محمد 22 - 26 )
لقد – تورث - يزيد - العهد - و تسلط على الحكم و تولى الأمر من أبيه - معاوية بن أبي سفيان - خلاف أحكام الله – الشورى و البيعة - سنة ستين هجرية – و كان عمره – خمسة و ثلاثين سنة - و هذا معناه أنه ولد بعد أنْ تسلم أبوه منصب ولاية الشام فلسطين بتسع سنوات فهو من ولادة الشام – من أمه النصرانية الشامية من بني كلاب – و قد أخذ والده البيعة له في حياته فأصبح – ولي العهد – بطريق الترغيب و الترهيب – و التآمر و التسلط و الطغيان لأنّ ولاية العهد لا يقرها الله ولا رسوله – و ليس بطريق – الشورى و البيعة – التي عطلت و اغتيلت من قبل أبيه معاوية – بعد أنْ أحياها الله جلت قدرته فطبقها الخليفة الرابع علي لأول مرة وطبقها ثانية الخليفة الخامس الحسن .
و إنّ الذين اشتركوا في هذه - الجريمة – و العصيان – و التعطيل و الاستبدال – و هي من كبائر الإثم – ثلاثة أشخاص – والده الصحابي معاوية – و الصحابي المغيرة بن شعبة والي الكوفة - و مروان بن الحكم الأموي والي المدينة المنورة – و أما – البيعة – التي يدعيها بعض من يسمون – الفقهاء – و وعاظ السلاطين – فإنّ - البيعة – قبل وفاة الحاكم السابق – باطلة شرعا – و أما – البيعة – بعد التنصيب و بطريق الوراثة – فهي كذلك – باطلة شرعاً – لأنّ المبني على الباطل فهو باطل .
و قد وصى – معاوية - ولده - يزيد – ( الابتعاد عن الحسين بن علي وعدم الاحتكاك به بأية وسيلة كانت ) - و لكن هيهات لأنّ – يزيد – قد رضع من ثدي أمه الصليبية و من حقد جدته هند آكلة كبد حمزة عم رسول الله الحبيب – و من موتورية الأمويين – في بدر و أحد و الخندق – و كان يزيد يعيش في المحرمات – الفسوق و الفجور – وفي وسط الروم و اليهود .
( ثلاث سنوات - ثلاثة أعمال - ثلاث كوارث و نكبات – إبادة و دمار )
(عاشها يزيد بن معاوية – في الشام وفلسطين – و عاشها الإسلام و المسلمون)
( أولاً تقطيع أرحام أهل بيت رسول الله و أصحابه – وثانياً سبي و تقطيع )
( أرحام الصحابة و نسائهم في المدينة المنورة - وثالثاً حرق ستار الكعبة)
( جيوش من الشام و فلسطين و العراق المرتزقة – و فساد في الأرض )
و إنّ من أهم أعمال الكارثة الظالم الفاسق الغادُر – يزيد – السياسية – خلال مدة حكمه – ثلاث سنوات – هي – ثلاث أعمال فظيعة و حاقدة و متجردة من كل إيمان و حياء – و لا يجرأ غيره على القيام بها و أحياناً حتى الكفار يترددون عن القيام بها – و إنّ - ثالث أعماله – كان في السنة الأخيرة من حكمه هو حرق الكعبة المشرفة بالسهام و المنجنيق فاحترقت جدرانها و سقفها عندما لجأ إليها و اعتصم بها الصحابي عبد الله بن الزبير - من قبل جيش يزيد المجهز من الشام فلسطين – و إنّ آخر سهم وصل الكعبة كان يحمل رسالة فتحها الصحابي عبد الله بن الزبير وجد مكتوب فيها ( قد مات يزيد ) فأخذ عبد الله يصرخ في جيش الشام فلسطين قد مات يزيد ما تنتظرون فلم ينته انتظارهم إلاّ بقتله - و العمل الثاني – واقعة الحرة – و ما أدراك ما هي واقعة الحرة – هي واقعة على – باب طيبة المدينة المنورة –و فيها – قُتِلَ خلقٌ كثير من صحابة رسول الله من الهاجرين و الأنصار الحافظين لسنته – أحاديثه و أعماله – و الذين جاهدوا في سبيل الله كفار قريش و بني أمية ليدخلوهم الإسلام – فقد أغتصبت في هذه الواقعة ألف امرأة عذراء من نساء الصحابة و سبيت المدينة المنورة التي ناصرت رسول الله الحبيب و خذلت كفار قريش بقيادة بني أمية أهل يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي – المدينة التي كان يعيش فيها أصحاب رسول الله و أهل بيته الأطهار و قد نُهبت أموالهم من قبل جيش يزيد من الشام – فأين هم اليوم الذين يدعون العنف و المقاومة لتشويه الإسلام باسم – جيش الصحابة و جيش السلف - فبأي صحابة و سلف هؤلاء يسمون و عن أي صحابة و سلف يدافعون – هل عن الصحابة و السلف الذين قتلهم يزيد على باب طيبة و هتك أعراضهم أم عن الصحابة و السلف الذين خرجوا بجيوشهم من الشام و فلسطين لضرب الكعبة يالمنجنيق و قتل المسلمين الذين حرم الله قتلهم – و كما قلنا عند بحثنا في – مقتل الخليفة الثالث عثمان و في بحثنا عن شرط الخليفة الخامس الحسن في تنازله – عدم التعرض إلى الصاحبة بسوء – في حين -كان قتل أصحاب رسول – هدف مركزي عند بني أمية – ففي مقتل عثمان – أراد مروان بن الحكم مستشار الخليفة عثمان – قتل وفد الصحابة المسافر إلى مصر و لكن بقدرة القادر فشلت المؤامرة – و في تنازل الخليفة الحسن تأجل قتلهم إلى يوم واقعة طيبة .
و إنّ هناك من الظلمة من يجرأ على تسمية – المتسلط يزيد – و أبيه – معاوية – بلقب – أمير المؤمنين - و لا ندري كيف يكون الظالم و الفاسق و الفاجر مؤمن – و بالتالي – كيف يكون الظالم - أميراً للمؤمنين - وهل لا يجوز للمسلمين بيان و توضيح – ظلم من قتل صحابة رسول الله و جرائمه من كبائر الآثام – و لمصلحة منْ يحصل التستر – و هل هؤلاء الذين قتلهم – يزيد بجيش الشام و فلسطين لا يعتبرون صحابة – و الصحابة هم فقط الذين استلموا الحكم و السلطان – و ما ذنب النساء لكي تسبى وهل هناك حكم شرعي في الإسلام يجوز هتك عرض النساء المسلمات و غير المسلمات و اغتصابهن – و هل الذين يقومون بخلط الأوراق سواء عن دراية أو عن دفع من الكفار أو عن غفلة – فيقومون بتسمية حركاتهم باسم الصحابة و السلف دون تمييز أو يقومون بتسمية هؤلاء الحكام الظلمة و الفسقة باسم – أمير المؤمنين – هم ليسوا ظلمة و ليسوا أعداء للإسلام – و هل مثل هذا الخلط للأوراق و القيام بأعمال العنف و المقاومة بدون الدولة الإسلامية أو خارج الدولة الإسلامية إذا كانت موجودة – لا تكون أعمال و أفكار مناقضة للإسلام - بل إنها تشوه الإسلام و تحرقه و تقف سد منيع أمام نشر الإسلام و لا تؤدي إلي إقامة الدولة الإسلامية الواحدة و هذا ما تسعى إليه العلمانية الكافرة و تدعو إليه و تدعمه بالغالي و النفيس .
و إنّ الأعمال – الكوارث – الثلاث – التي قام بها يزيد بن معاوية – و ختم حياته بها – كان – العمل الأول و أبرزها – و في السنة الأولى من حكمه – هو – قتل الحسين بن علي بن أبي طالب و أبن فاطمة الزهراء البتول بنت محمد رسول الله الحبيب و سيدة نساء العالمين – و قتل الأولاد و حتى الطفل الرضيع و أولاد الأخوة و قتل الأخوة – ثمانية عشر شخص – و معهم مناصريه و المجموع حوالي السبعين نفس محرمة – و التمثيل بهم – فهل هذا لا يعتبر – أخذ الثأر – و إنّ الحسين قد سماه رسولنا الحبيب باسم من أسماء الجنة – و لم تراع معه حتى – الحفاظ على التراث - و قد قال فيه رسول الله < حسين مني و أنا من حسين > و هذا الحديث الشريف بإجماع المسلمين و أراد النبي من هذا الحديث الشريف أنْ يكون – ساتر و مانع يحول دون أذيته و قتله – و لكن الظلمة و الفسقة – قد اخترقوا هذا المانع و هم على علم به و فعلاً – إنّ الذي قتل الحسين كأنما قتل محمد رسول الله و قتل الناس أجمعين – و يظهر إنّ الذي قام أو عمل على قتل الحسين كان يفهم هذا الحديث الشريف < حسين مني و أنا من حسين > فتقصد في قتله – و لأنّ هذا القاتل لم يدرك رسول الله ليقتله – و لو أدركه لقام بقتله – و إنّ دليلنا على – إنّ قتل الحسين و الصحابة – كان بدافع الثأر – هو – عندما وصل رأس الحسين – تمثيل وقطع رأس و السير به إلى – عاصمة – يزيد في الشام – و أدخلوا رأس الحسين في طشت – على – يزيد – في المسجد الأموي - و كان يرافق الرأس السبايا من عائلة الحسين من النساء و الأطفال و معهن الشاب المريض علي بن الحسين الأصغر – الذي نجاه الله تعالى من بني أمية – مكرهين و صاغرين و أذلاء – فقد قال يزيد – وهو يضرب رأس الحسين – بالعصا – قوله المشهور ( اليوم أخذنا ثأرنا من محمد ) و يقصد بكلمة - اليوم – وقت - وجوده و عصره – و أمامه رأس الحسين - و كلمة – أخذنا – هي - بالجمع – جميع بني أمية و عائلة أبي سفيان – جميعهم اليوم قد أخذوا ثأرهم مقابل ما قُتِلَ منهم في – معركة بدر الكبرى و المعارك الأخرى و أشهرهم عتبة و الوليد و حنظلة – الجد و الخال و العم – الكفار - وإنّ هذا القول – ثأرنا – هو قول – كفر – لأنه من يأخذ الثأر من - النبي – للكفار – فهو – كافر- يا ابن حزم - و ليس يزيد فقيه إذا أخطأ فله أجر واحد – و كذلك لا يجوز أخذ الثأر من – محمد رسول الله - على ما عمله و أصحابه – حتى إذا كان الثأر للجد و الخال و العم – لأن الجميع كانوا – كفار و من أعداء الإسلام و من المحاربين للتوحيد و للإسلام والمسلمين – هذا من ناحية – و من ناحية أخرى – فقد ورد في قول – يزيد – ما نصه ( ثأرنا من – محمد ) و لم يقل من – رسول الله- أو من – محمد رسول الله – و حدد كلامه و قصره على – محمد – فهذا يعني – إنّ يزيد لا يعترف بأنّ – محمد – هو رسول الله – و هذا هو – الكفر – و لا غير الكفر – مثل جده – أبي سفيان عندما قال لعم النبي – العباس - إنّ الشهادة الخاصة بابن أخيك – محمد – أشهد أنّ محمد رسول الله – فليس منها في قلبي شيء و لكن نقولها من أجل أنْ نسلم من القتل – و إنّ يزيد قد تلقى هذا الفكر الكافر من جده أبي سفيان الأموي – و الآن سوف نفهم – بأنّ – الحسين قد – انتصر – في – ثورته – لأنه قد – أعاد الأمر – إلى – أصله – الإسلام و ثبته – ففوت الفرصة على الكفار و أعداء الإسلام من تمرير مخططهم تدريجياً – بقتل الإسلام و إطفائه – لأنّ – الله متم نوره و لو كره المشركون – و إنّ قول يزيد واضح ( لا خبرٌ جاء و لا وحيٌ نزل ) – و إنّ قول الحسين كذلك واضح ( إذا كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي يا سيوف خذيني ) فأخذت السيوف – جسد الحسين – وأجساد أهل بيته و أصحابه – لذلك فقد – استقام دين محمد – و أما – الأرواح – الطاهرة المطمئنة فهي – راجعة إلى خالقها جلت قدرته – و إنّ النصر هو لكلمة الله لتكون { و كلمة الله هي العليا } و هذا هو الهدف العقائدي من ثورة الحسين في إنكار منكر السلطان الجائر و الأمر بالمعروف – كما أرادها محمد رسول الله الحبيب و كما قال إلى الحسين < إذهب يا بني إلى العراق شاء الله أنْ يراك قتيلاً > .
وإنّ جيوش – يزيد - المرسلة من – الشام فلسطين – كانت بقيادة - عمر بن الصحابي سعد بن أبي وقاص – و إنّ الجيش المرسل من البصرة مع أهل الكوفة و بقية العراق – كان بقيادة – عبيد الله بن الصحابي زياد بن أبيه – و إنّ الذي قطع – رأس الحسين - عن جسمه بعد قتله هو – الشمر بن ذي الجوشن – وهذه الجيوش الجرارة الفاقدة للقيم الإنسانية بحاجة إلى الترغيب و الترفيه و العدة و السلاح فهي بحاجة إلى – أموال طائلة – فلابد وأنْ تكون هناك أبواب – غير اعتيادية لتمويلها – و يزيد – ليس بذلك المحنك الذي يبدع بخلق الأبواب فهي لابد و أن يكون قد تلقاها من والده معاوية و سبق وأنْ قلنا أنها أبواب حرام يشترك فيها الروم و اليهود .
و قد توفى – الظالم الفاسق الفاجر – يزيد – بعد إنجاز – أعماله – كبائر الإثم الثلاث – في ربيع الأول سنة أربع و ستين هجرية – في الشام و عمره نصف عمر أبيه تسع وثلاثين سنة تقريباً – و هنا كذلك نسأل و نقول ( من هو الذي تسبب في تمكين – يزيد – من أنْ يتسلط على المسلمين و يتولى أمرهم و يحكمهم بالظلم و الفسق ليقوم بأعماله الثلاث النكراء ) و لم نجد سوى جواب واحد هو ( هم - من وضع اللبنة الأولى – بتعطيل – حكم الشورى – و هو أهم حكم من الأحكام الشرعية المتعلقة بمصير الأمة الإسلامية – و وضع اللبنة الأولى بتعيين الأشخاص و الرجال في المناصب – الرجل المناسب في المكان المناسب و الشرعي – و إنّ – معاوية الأموي – ليس بالرجل الذي يجوز شرعا تعيينه والياً – وهذا أدى بدوره إلى – تعطيل اللبنات الأخرى في – تعطيل الأحكام و تبديلها - و في - تعيين الأشخاص الذين يحرم الشرع تعيينهم – و نحن لا نطعن بالأشخاص الذين قاموا بوضع اللبنات الأولى التي مردها إلى الله تعالى – و إنما فقط نناقش – الأعمال و الأقوال – بعد أنْ نصفها و نطبق عليها أحكام الحلال و الحرام – مهما كان الشخص الذي صدرت منه الأعمال و الأقوال تطبيقاً لحديث رسول الله الشريف < إذا أنا لا أعدل فمن الذي يعدل بعدي > فعلينا أنْ نفتش و نتحرى عن العدالة بعد رسول الله الحبيب – ما دمنا نريد تطبيق الإسلام في دولة محمد الإسلامية – و إن الذين يمنعون الماعون – ماعون النقاش و التحري عن الأحكام و الأعمال العادلة – هم الذين لا يريدون تطبيق الإسلام و لا يريدون دولته و لا يدعون لها و لا يريدون نشر الإسلام – وحتى إذا قالوا – إننا من دعاة – الدولة الإسلامية و تطبيق الإسلام و نشره – فإنّ جوابنا لهم – إنّ كل حزب و منظمة و حركة و إنسان يجب عليه - شرعاً و واقعاً و عمليًاً – أنْ يبني أساسه على الحق و العدل و التقوى .
و لكن – الأمويين – يقولون ( إنّ الذي مكن يزيد – و قبله والده معاوية – هو - الله ) على أساس الفلسفة التي تبنوها في تفسيرهم لمفهوم – القضاء و القدر – و على أساس – إنّ الإنسان مجبر على القيام بالعمل و ليس مخير – و لو أخذنا بهذا المفهوم ( لدمرنا العالم بأسره و لقتلنا الناس جميعاً و لانتهكنا الحرمات و هتكنا الأعراض و نهبنا الأموال ) و الله تعالى يقول { وإذا فعلوا فاحشةً قالوا وجدنا عليها آباءَنا و اللهُ أمرنا بها قل إنّ اللهَ لا يأمر بالفحشاء } ( الأعراف 28 ) - وإنّ الأخذ بفكرة الأمويين القدرية – يؤدي إلى إلغاء فكرة و مفهوم ( إبليس و الشيطان – و الفتنة و البلوى ) ليعرف الله تعالى بها من هو أحسن عملاً ومن هو الطيب و من هو الخبيث – و إنّ رسول الله يقول < الدعاء يرد القضاء > ومن ذلك نفهم بأنّ – القضاء - مقيد و محدد – باختيار الإنسان – لأنّ الإنسان ليس مجبر على الدعاء – و إنما هو مخير بين أنْ يدعُ الله تعالى أو لا يدعوه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق