الفصل السادس
من أين جاءتنا التفرقة و الخلافات – هل من الصحابة و التابعين
أم من إسلامنا و رسولنا الأمين
{ ومنْ أحسنَ قولاً ممنْ }
{ دعا إلى الله وعمِلَ صالحاً وقال إنني من المسلمين }
( وليس من الصحابيين ولا السلفيين ولا السنة والشيعة – لان الجميع – تفرقه وخلاف )
( ولكن من المسلمين – هو سماكم المسلمين )
ونقول – إنّ الصحابة هم الذين أوصلوا إلينا هذه – التركة – من – التفرقة و الخلافات – و هذا هو - الواقع و الظاهر – الذي – نلمسه و نحسه – مع العلم - أنّ الفئات الإسلامية – بعد رسول الله الحبيب – هي كانت – أحزاب إسلامية – و لكن غير معلنة وغير منظمة – في حين إنّ وجود – الأحزاب الإسلامية – المنظمة و المعلنة – أمر وجوبي في الإسلام – وفرض كفاية – بشرط أنْ تكون هذه الأحزاب أساسها الإسلام – و إنّ رسول الله الحبيب يقول < من لم يهتم بأمر المسلمين ليس منهم > و إنّ الله تعالى يقول { أولئكَ حزبُ اللهِ ألا إنّ حزبَ اللهِ همُ المفلحونَ } (المجادلة 22 ) – و كذلك هناك – سنة رسول الله الحبيب – العملية – فالرسول الحبيب هو أول من أسس و نظم – أول حزب – في – الإسلام – وفي العالمين – دعوة علنية و تكتل سري – عمل و نضال فكري فقط – دون القيام بالعمل المادي – القوة و العنف – و أما – الفئات الإسلامية – التي نحن بصدد بحثها هي – الأحزاب غير المعلنة وغير المنظمة – و وجودها ليس واجب و لا مستحب – وأساس – مرجعها – ليس الله تعالى – و إنما – مرجعها – هو – مصالح الحكام و أصحاب القوة و النفوذ و الجاه و الأموال – الذين حكموا و تحكموا بعد رسول الله الحبيب – ومصالح أضدادهم - المعارضة – إلاّ الذين سلكوا – الوسيلة – طريق الله و طبقوا أحكامه 0
ولو رجعنا إلى جميع المصادر الفقهية و التاريخية بعد رسول الله – لوجدناها متحيزة لإحدى - الفئات – رغم أنها تنقل لنا – الأحاديث و السنة و الأعمال و التفسيرات و التأويلات – بعضها تنقلها كما هي و البعض الآخر تدخل عليها – التحريف و البدع – التي كانت بتأثير – الأموال التي تصرف عليهم من قبل أعداء الإسلام – أو بتأثير – الحكم و السلطة – أو – المغالاة - في – حب شخص أو أشخاص – أو – المغالاة – في – كرههم – سياسة الترهيب و الترغيب – و إنّ أحسن – مثال – واقعي و عملي – على – سياسة الترهيب و الترغيب – هو – ما فعله – الخليفة الثالث عثمان – مع – الصحابي أبي ذر الغفاري – مرة – نفاه إلى الشام تحت سلطة – الوالي الصحابي معاوية الأموي الذي هو أتفه منْ أنْ يقارن مع الصحابي أبي ذر فكيف يكون الأخير ً من رعية هذا الوالي الذي استعمل مع أبي ذر – سياسة الترغيب – فأغدق عليه الأموال فلم تنفع معه – لأنّ لهجة و إيمان الصحابي أبي ذر - مصدقة – من رسول الله الحبيب – و مرة أخرى - نفاه إلى – الربذة – أرض الزواحف و العقارب – و هذه هي – سياسة الترهيب – ليكون – عبرة – لغيره من الصحابة المعارضين 0
و إنّ سبب ضرورة مناقشة و بحث و تحليل – أعمال و أقوال الصحابة – هو لأنّ – الخلاف و التفرقة – قد جاءتنا و أوصلها و نقلها إلينا الصحابة و السلف – و ليس – رسول الله الحبيب – لأنّ – اللهَ و رسوله – قد جاؤا لنا – بالشورى و البيعة و الخلافة – و فرضوا – السلطان العادل وحرموا السلطان الجائر – و كذلك – فرضوا – الرحمة و الشفاء – و{ الأمة الواحدة } ( الأنبياء 92 ) و { خيرَ أمةٍ } ( آل عمران 110 ) و { أمةً وسطاً } ( البقرة 143 ) و { أكرمكم عند الله أتقاكم } ( الحجرات 13 ) – و ليس – ولاية العهد أو القومية أو الشعوبية أو العشائرية أو المشيخة أو الملكية أو الإمارة و هذه أمور كلها حرمها الله و رسوله – و لكن الصحابة و السلف و التابعين و الناس – وهم – بشر – و الذين قال لهم ربهم { اْهْبطا منها جميعا بعضُكم لبعضٍ عدوٌ } ( طه 123 ) و قال عنهم { إنْ كنتم صادقين } ( الحجرات 18 ) و كذلك قال تعالى { حتى يتبين لك الذين صدقوا و تعلم الكاذبين } ( التوبة 44) – الصادقين و الكاذبين – من الصحابة بالذات 0
في حين يأتي – بعض المسلمين – ويقومون بتحدي الله و رسوله فيقولون – إنّ فلان و فلان من الصادقين أو من المبشرين بالجنة أو من الذين يحبهم الله و إنّ الصحابة جميعهم عدول خلاف ما يقوله – بينما الله تعالى يقول { إنْ كنتم صادقين وتعلم الكاذبين } و هذه عن الصحابة بالذات لانّ الخطاب موجه إلى الرسول الحبيب { وتعلم الكاذبين } و لا يوجد – صحابة جدد- بعد وفاة رسول الله الحبيب – فالمسألة إذنْ – غيبية – إذا ما أنبأنا الله و رسوله – أنّ فلان من الصادقين أو فلان من أهل الجنة بلا حساب و لا عذاب أو ممن يحبهم الله – وفي حينه – لم تبق مسألة – غيبية – لأنها قد كشفها الله و رسوله و ظهرت فيجب علينا تصديقها إذا ثبتَتْ لانّ هذا التصديق سوف يعتبر تصديق للهِ و لرسوله – و هذا ما حصل مع – الصحابي مصعب بن عمير – عندما استشهد في معركة أحد – فقد قرأ رسول الله الحبيب و هو واقفا على جثته { من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه } ( الأحزاب 23 ) فإذن – الصحابي مصعب – أولا من المؤمنين و ثانيا من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه و ثالثا من الذين قضوا نحبهم و ما بدلوا تبديلا – و كذلك ما حصل مع – الصحابي أبي ذر الغفاري – حيث قال عنه رسولنا الحبيب انه < صادق اللهجة > فهو من الصادقين 0
و إنّ الله تعالى يقول { من المؤمنين رجالٌ صدقوا } و لم يقل – كل المؤمنين صدقوا – إذن هناك – رجالٌ – من المحسوبين على المؤمنين – و لكنهم ليس – من – الصادقين – أ و لم يستمروا بصدقهم و إنما بدلوا تبديلا – و انّ هذا التبديل أهم ما كان يركز عليه الله و رسوله لتعلقه بمصير الأمة الإسلامية – و انّ الصدق و المحبة – هي التي يعرفها الله سبحانه – وحده – و قد يبلغ بها رسوله الحبيب – و انّ الأكثر وضوحاً في هذا المجال هو قوله تعالى { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غيرُ أُولي الضرر 0 درجات منه } ( النساء 96 ) فهناك من المؤمنين من الصحابة مَنْ يتخلف عن الجهاد حتى إذا لم يكن عنده ما يعيقه مِنْ عَوَق أو أمراض و مع ذلك فإنّ الله سبحانه يؤكد على وجود الدرجات لبعضهم على بعض – وإنّ – الجهاد – متنوع – و أميزه – و أعلاه درجة هو – الجهاد في ذات الله سبحانه { و الذين جاهدوا فينا لَنَهْدِيَنّهُمٌ سُبُلَنا } ( العنكبوت 69 ) – سُبُلَنا – فإذا – قُتِلَ – فسوف يكون – شهيدا – أيْ يكون – شاهدا – على الناس لأنه سيكون من المشرفين عليهم – لأنه – حي – ولا نشعر به – وإنه – يشهد – على الظاهر و الباطن – وهذا من – سُبُل الله 0
و إنّ الله تعالى قد شخص الواقع الذي – تتردى – فيه – الأمة الإسلامية الواحدة – بسبب – التفرقة و الخلاف – خاصة – فتنة الأمويين – و الكوارث و النكبات التي أنزلوها بالأمة و غيرها من – الفتن – وهذه هي – طبيعة البشر – و واقع الحياة الدنيا – لذلك فقد وضع الله سبحانه – الحل – لإنقاذ الأمة الإسلامية بقوله الكريم {يا أيها الذين آمنوا منْ يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يُحُبّهُم و يُحبُونَهُ أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله و لا يخافون لومة لائم ذلك فضلُ الله يُؤتيه من يشاء و الله واسع عليم } (المائدة 55 ) فليدقق المسلمون في هذا -التشخيص – الرباني فهناك – ارتداد عن الدين – و الابتعاد عنه – وليس الجميع و إنما قال { منكم } و هناك كذلك من هم – في قلوبهم مرض – و هنا سوف يأتي الله جلت قدرته - بقوم – و ليس بقومية و إنما جماعة من الناس – يصنعهم – في مصانع يشرف عليها الشهداء الأحياء عند ربهم يرزقون و لا نشعر بهم – و يحبهم الله ويحبونه – وانّ – المحبة – من أقوى العلاقات بين طرفين – و مثل هذا قال رسولنا الحبيب عن – الصحابي علي – يَحبُّ اللهَ و رسولََه و يُحبه اللهُ و رسولُه – ومن صفاتهم و من صناعتهم – لا يتكبرون على المؤمنين بل يعطفون عليهم – أذلاء لهم – و هم – أعزاء و أشداء على الكفار و أعداء الإسلام – و انهم يفهمون – الجهاد حقّ فهمه و انهم لا يداهنون و لا يعيرون أي اهتمام – لتهديد الأعداء – و هذا هو – فضل الله – عليهم – وعلى أمتهم – التي استضعفت في الأرض و التي هي بحاجة إلى – الإغاثة – و كذلك – فضله – على – القوم - الذين يأتي الله جلت قدرته بهم لإنقاذ - المستضعفين – وهم – حزب الله – من صناعة مصانع قد أشرف عليها – أعلى التقنيين من الشهداء الأحياء – أمثال – الصحابة سمية و ياسر و مصعب و أبي ذر وشهداء بدر و عكاشة و الحسين – و انّ الله تعالى يقول { و عسى الله أنْ يأتيّ بالفتح } (المائدة 53 ) و { ومنْ يتولَّ اللهَ و رسولَه و الذين آمنوا فإنَّ حزبَ اللهِ هم الغالبونَ } ( المائدة 57 ) – و هذا الواقع قد حصل في حياة – الصحابة – و يحصل في أيِ وقت إلى يوم القيامة 0
و قد يقول من يقول و يسأل – كيف حصلت مثل هذه الأعمال و الأقوال – الفرقة والخلاف - في مجتمع فيه – العقيدة و المبدأ - هيّ - الإسلام – وانّ - أفراده عموماً يعلنون - الإسلام – و انهم – مسلمون – و انّ – حكامهم – كذلك يعلنون – إيمانهم بالعقيدة الإسلامية – سواء كان – الراعي أ و الرعية يعلنون – ظاهراً و باطناً – أو – باطناً فقط – و إنّ الجواب على أولئك القائلين السائلين – فنقول – انّ هذا – الإسلام – هو – إسلام الله – الخالق الجبار – عقيدة و مبدأ – و لا يمكن انْ - يصنعه البشر – مهما كانوا – رسل أو أنبياء أو أولياء أو حواريون أو أسباط – نعم انه – إسلام الله جلت قدرته – وهو إلى – البشر الذين خلقهم الله – الناس كافة – و إنّ القاعدة الفطرية التي فطر الناس عليها هي { قال اْهْبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فأما يأتينكم مني هُدى فمن اتبع هُدايَ فلا يضلُّ و لا يشقى } ( طه 123 ) و انّ – كل الناس في العالمين – صحابة و غير صحابة – هم من صناعة الخالق القدير – ومن ضمنها – نفوسهم – فقد ألهمها الله تعالى {فجورها و تقواها } و يخطأ من يقول – إنّ فلان في نفسه فقط – تقوى – أو فقط – فجور- و حتى الرسل هم – بشر – وانّ نفوسهم نفس بشرية – و لكن الله تعالى قد – منَّ – عليهم – لذلك فإنه { قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها } – و إنّ – المنَّة – هي انّ الله سبحانه – يجتثُّ من نفوس عباده – الفجور – و يبقي – التقوى – تشتغل و تعمل – حتى يتمكنوا من استجابة ربهم في تبليغ رسالاته و إنقاذ عباده في – حمل الدعوة – إليهم – و أداء مهمتهم في – الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر- و إنّ الأساس من كل ذلك هو – إبعاد – الفتنة و البلوى – عن الناس و العالمين – و هل النبي يوسف عليه السلام – لا توجد في نفسه – الفجور و التقوى – نعم توجد – وهذا ما قد فهمنا به ربنا بقوله الكريم { و لقد هَمتْ به و هَمَّ بها لولا أنْ رأى برهانَ ربه } ( يوسف 25 ) لذلك قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا إهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون } ( المائدة 106 ) 0
هذا هو ما خططه الله جلت قدرته و رسمه للبشر – فالدنيا كلها – فتنة و بلوى – ليرى الله سبحانه – من هو أحسنُ عملا – ومن هو الطيب – و من هو الخبيث – هذه هي – فلسفة الحياة الدنيا – فالذي يسوء منهم – صحابة و غير صحابة – فلا يضر إلاّ نفسه و لا يضر الله بشيْ و لو انّ هذا الضرر سوف يكون له تأثيره على الناس الآخرين – و بذلك سوف يظهر للناس – حاضرا أو مستقبلا – بانّ هذا العمل هو – عمل ضار – خطأ – أو – عمل صالح – صحيح – و لكن كيف يظهره و كيف يُفهمهُ الله سبحانه للناس – بالإضافة إلى التبليغ بالتشريع و الأحكام – بانّ هذا عمل ضار وخطأ وغير صالح - وهذا عمل صالح و صحيح – يُفهمهم واقعاً و عمليا بخلق – الفتنة والبلوى – لهم – وهذا ما وضحه الله تعالى بقوله الكريم { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدتِ الأرضُ } (البقرة 251 ) و { ونبلوكم بالشرِ والخيرِ فتنةً وإلينا ترجعون } ( الأنبياء 35) 0
أمريكا والعلمانية – سوف (تدمر وتخرب بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين)
من خلال – صراعهم – بين ( نظرية النشوء والارتقاء )
و( نظرية الخلق الإلهي )
منذ – نبينا آدم عليه السلام – وحتى يومنا الحاضر – فالبشر هو البشر – الرجال كالرجال و الأيام واحدة – شروق وغروب – مهما تطور و تغير العلم – فلا تغيير معه سوى الأشكال المادية و المدنية – فالقاتل يقتل بالحجر و يقتل بالسيف و يقتل بالصاروخ أو بالإشعاع أو بالجراثيم – و لكن سلوك الإنسان – و المجتمعات – و الأزمان – هي لا تغيرها إلاّ – الحضارات – التي هي مجموعة المفاهيم و الأفكار عن الحياة الدنيا – حسب العقيدة و المبدأ – لذلك قال – الصحابي علي ( إذا تغير السلطان تغير الزمان ) و هناك قول – كيفما تكونوا يولى عليكم – و اليوم – أمريكا – هي الدولة الأولى في العالم – و القطب الواحد – و انّ مجتمعها – يملك كل – قوى المال – و قوى العلم – و قوى السلاح – و لكن رئيسها – كلنتن – المسؤول الأول فيها – يزني و يفسق ويظلم – علناً – و يكذب محلفا وعلناً – وانّ الذي يؤيده في – جريمة الزنى – زوجته السيدة الأولى في أمريكا – التي دافعت عنه و برأته – و برأه المجتمع الأمريكي – لا – لأنه لم يرتكب – جريمة الزنى و جريمة الكذب محلفا – و إنما هي – زوجته – كذلك حققت مصالحها في هذا النوع من السلوك بحيث أنتخبت بعد هذه الأفعال عضواً في مجلس الشعب – الكونكرس – لماذا لأنّ – حضارتهم ومفاهيمهم عن الحياة تسمح لهم بذلك – و إلاّ لا توجد امرأة متزوجة في العالم منذ آدم و حتى يوم القيامة إذا كانت – صالحة و تحترم نفسها – تؤيد زوجها بارتكاب – جريمة الزنى- وهي الخيانة الزوجية بمفاهيم حضارة أخرى – لأنها جريمة شخصية تمس كرامة و عزة الزوجة بالذات – وكذلك أصبح الشعب الأمريكي – بالحضارة التي يطبقها – كل منهم يحقق نفس ما حققه رئيسهم من الفسوق و الفجور – وهناك الأكثر و الأتعس و هو زواج الشخص من نفس نوع جنسه – لذلك فقد بُرأتْ ساحة رئيسهم من – جريمة الزنى و الكذب محلفا و برأته مجالس الشعب – أعلى المستويات – لأنها لا تضم عضو واحد يختلف سلوكيا عن الرئيس – وهذه هي – حضارتهم و هي مفاهيمهم عن الحياة – و قد ظهر لنا إلى أيِ مدى تلعب – القوى و المصالح المادية و المالية و النفعية و العيلة – أدوارها في الحياة الدنيا – عندما تبتعد الحضارة الإسلامية و عقيدتها عن الحياة و تحل محلها العقائد الأخرى لتلعب دورها في الحياة – و نحن في عصر المكننة و الأجهزة المعلوماتية – و إنّ كشف الحقائق يكون فيها سريع و دقيق – فكيف إذنْ في العصور السابقة – لذلك – أخذ الكفار العلمانيون يدعون إلى فكرة – المجتمع المدني – وليس الحضاري – المجتمع المدني الذي يتعامل مع الأشكال المادية المدنية التي تؤثر به حتى في الزواج و السلوك و الأخلاق 0
و إنّ الجرائم في العالم المعاصر – المتقدم تقنياً – مدنيا – لا تعد و لا تحصى – وبأساليب و بفنون يعجز القلم عن حصرها و وصفها – ولكن – القوة بأنواعها – التي يملكها – المجتمع الغربي – العلماني الرأسمالي – لا تمكنه بل و يكون عاجزاً عن – تحقيق العدالة – و عن نشر الرحمة و الشفاء في العالمين – وهو يعجز و يكره حتى – الدفاع عن حقوق الإنسان – بالرغم من ادعائه بها – و انّ السبب هو – لأنه – لا يملك – الحضارة الصحيحة – و المفاهيم والأفكار الصحيحة عن الحياة – و يفتقر إلى – العقيدة الصحيحة في الحياة – وانّ مجتمعهم تسوده – النفعية – و طغت عليه المادة فلا يقدر حتى على محاسبة حكامه الذين بيدهم كل الإمكانيات المادية و المصالح الفاسدة – اللوبيات – التي تولد الضغوطات على أفراده – ضغوطات عقلية و نفسية – و ما الجرائم التي ترتكب في الكليات و المدارس و من قبل نفس طلابها الشباب و التي تؤدي إلى القتل الجماعي و الأفعال الجنسية – هي أكبر دليل لاثبات تلك الضغوطات 0
و إنّ – أمريكا في احتفالات استقبال عام 2000 ألفين الميلادية قد اتخذت إجراءات وقائية صارمة حتى إنها قد ألغت الكثير من احتفالات مدنها – بحجة – إنّ أمريكا مستهدفة بالانتقام من قبل – المظلومين و المستضعفين – في حين كان المفروض بها – وهي تملك القدرات المالية و التقنية و التسليحية و هي القطب الواحد في العالم – أنْ تكون ساحة يأمها و يحتمي بها المظلومون و المستضعفون و الذين ينشدون الحق و العدالة و حقوق الإنسان – وليس اللهو و الشهوة و الترف و العربدة و الفساد 0
لذلك فإنّ – أمريكا – سوف تبقى بحاجة إلى – أحكام الله تعالى – لتوجيه و تنظيم كل ما تملك من قدرات – لتتوجه إلى – نصرة الخير و السعادة و الرحمة و الشفاء – في مجتمعها و للمظلومين و المستضعفين و الجياع في العالمين - ولا يمكنها – أمريكا ذلك إلا بالقضاء على ما لديها من – مفاهيم – العلمانية و العولمة و الديمقراطية و حرية الإباحة و روح العصر وأخيرا المجتمع المدني – التي تشكل الحضارة العلمانية الرأسمالية الغربية – و التي تناقض – روح الوجود و الفطرة الإنسانية و القيم و الحقوق الإلهية 0
بينما نرى – أمريكا – تعقد الاجتماعات و المؤتمرات – و تصرف عليها الأموال الطائلة و الجهود المهلكة من أجل – إلغاء (نظرية الخلق الإلهي) وهو مفهوم رباني – ملخصهُ – إنّ أصل البشرية آدم و حواء وإنّ آدم أول نبي للبشرية – أي إلغاء قصة بداية الخلق – التي أعلمنا بها الله سبحانه في أديانه و ختمها في إسلامه الحنيف – لذلك فإنّ أمريكا و الغرب قد استبدلوا القصة الإلهية بقصتهم الجديدة التي سموها ( نظرية النشوء والأرتقاء ) وهي نشوء الإنسان من القرد وارتقائهِ إلى ما هو عليه الان – وأول ما استهدفوه في قصتهم هو – محاربة الإسلام و محاربة الله – بخلط الأوراق – لانّ الله تعالى في إسلامه يقول { قُلْ هل أُنبئكم بشر من ذلك مَثُوبةً عند الله مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وغضب عليه و جعل منهم القردة والخنازير و عَبَدَ الطاغوت أولئك شرٌ مكاناً و أضلُ عن سواء السبيل } ( المائدة 61 ) و يقول الله سبحانه كذلك {و لقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين } ( البقرة 65 ) و من هذه الآيات الكريمة – فانّ الله تعالى يؤكد – بانّ – الخلق في أرضنا – قد بدأ بأبينا و نبينا آدم و أمنا حواء عليهما السلام – وانّ الله تعالى قد عاقب بعض الناس الذين ارتكبوا الحرام بأبسط الحيل فقال لهم – كونوا قردة و خنازير- إذن هو تعالى الذي جعل – الإنسان – قرد – و ليس العكس كما يقول الكفار – إنّ القرد تحول وتطور إلى إنسان – وهي نظرية تهين و تحتقر الإنسان بالذات – و إذا تمكن – اليهود – و معهم أمريكا و أوربا و من لف لفهم و تمرغل بقذارتهم اليوم من – إلغاء الفكر الإسلامي – بتخطيئه – و ثقفوا العالمين بالفكر الذي يدعون إليه و هو – إنّ الإنسان هو الذي تطور من القرد – فيكونوا قد جعلوا من – اليهود – قوما صالحين – بدلا من قوم في يوم من الأيام أجرموا بحق الإنسانية فعاقبهم الله تعالى فجعلهم – قردة و خنازير – و قوم غُلتْ أيديهم و أشدُّ عداوة للذين آمنوا و انهم أراذل و قردة وخنازير- ويتحدون بذلك جميع الأديان التي تؤمن بفكرة – آدم – و ترفض فكرة – القرد و تطوره إلى إنسان - و بالنتيجة فانهم – العلمانية و الصهاينة – يريدون بالإنسان الرجوع إلى – الجهل و الجاهلية و التخلف و المادية البحتة و المقيتة – عصر الحجر – و يشارك أمريكا في هذا الهدف الكافر – حاكم مصر – العميل و المرتبط بها فكريا و ماديا و يعمل معها – لاثبات – انّ الإنسان – لم يكن آدم مخلوق للخالق العظيم و إنما هو حيوان تطور من قرد – لذا فانّ – حاكم مصر – قد أقام احتفالا ضخما بمناسبة حلول الألفية الثالثة في الأهرامات و أعطى قيادة الاحتفالات – فنيا وتقنيا – إلى أحد الفرنسيين الصليبيين الذي – بَرَّزَ – أهم فقرة في فنه وهي رسم – قرد – على الهرم ليرمز إلى – نظرية تطور الإنسان – لانّ فكرة القرد هذه يراد بها – نفي خلق آدم – و تؤكد انّ – آدم – هو نتيجة – تطور القرد – إلى – إنسان – وهذه – فكرة إلحادية – كريهة و فاسدة و فيها تحقير للإنسان 0 وقد – نسوا – بانّ – حتى القرد هو -مخلوق للخالق – جلت قدرته و عظمته – و المهم هو انّ هدفهم من ذلك هو – الإسلام – بإثبات – عدم صحة ما جاء في القرآن الكريم منْ انّ آدم عليه السلام مخلوق لخالق و أول نبي و أبو البشر و أبو الأنبياء والرسل عليم السلام – و إلغاء نظرية تحقير اليهود للأعمال غير الصالحة التي ارتكبوها 0
نرجع إلى موضوعنا – التفرقة – و نقول – إنّ – الصحابة – هم – بشر – وليس – ملائكة – و انّ للصحابة – مصالحهم – مثلما كانت عند الرسول مصلحة في حادث عبس و تولى رغم انه معصوم – و في نفوس الصحابة – الفجور و التقوى – فلا يجوز القول – إنّ الصحابة لا يخطأون – و إنّ الله تعالى يقول { فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى } ( النجم 32 ) فالناس لا يقدرون على تزكية أنفسهم فكيف يقدرون على – تزكية غيرهم من البشر وقد مضت عليهم السنون – و إنّ الله و رسوله هو الذي يزكيهم في حينه و لكن نحتاج إلى نص – لذا فإنّ منْ يقول – انّ الصحابة لا يخطأون – فانّ قولهم هذا هو – الخطأ و بدعة و زيغ – و إنّ رسول الله الحبيب يقول < خير الخطاءِين التوابون > و يقول < إياكم و التمادح فانه الذبح > - وانّ البدع و المدح زيغ و قتل و ذبح للإنسانية – و إذا استفحلت هذه البدع و رسخت عند الناس فسوف تؤدي ليس فقط إلى ذبح و قتل المسلمين و الإنسانية – و إنما إلى – فتح باب الطعن بالإسلام نفسه – عقيدة و مبدأ – وهذا ما يستهدفه أعداء الإسلام فعلاً – و هذا ما نرى واقعه و آثاره اليوم في انحسار الإسلام و تقلصه سابقاً في – الأندلس إسبانيا والبرتغال – و اليوم في اندنوسيا و غدا ماذا يحصل في نيجيريا و أماكن أخرى الله تعالى أعلم 0
و هناك آية كريمة في ( سورة الفتح ) كثيرا ما يستشهد بها الذين يدافعون عن الصحابة و يضعون - القدسية – عليهم و يمنعون الناس من مناقشة – أعمال و تصرفات و أقوال الصحابة – حتى لا نلتفت إلى نقطة مهمة في حياة المسلمين و هي – انّ التفرقة و الخلاف قد أوصلها إلينا الصحابة و ليس رسولنا الحبيب – خاصة – الصحابة الذين استلموا الحكم بعد رسولنا الحبيب مباشرة – و وضعوا القدسية عليهم و لا شغل ولا اهتمام لهم – بالصحابة الذين لم يستلموا الحكم و لكنهم ناضلوا و ضحوا و منهم من استشهد في بداية الدعوة و الدولة الإسلامية – أمثال – سمية و ياسر و مصعب و عكاشة و بلال و جويبر و سلمان و أبي ذر و صهيب و الخباب و شهداء معركة بدر أربعة عشر شهيد و غيرهم الكثير – فهؤلاء هم الأوْلى و الأقدم بالأفضلية – إذا سَمح لنا ربنا بالتفاضل – و بالمكانة و الدرجة العالية التي منحها الله تعالى – في حين إنّ دعاة المفاضلة و القدسية يجعلون – مثلا – الصحابي أبا عبيدة الجراح من العشرة المبشرين بالجنة في خطبهم – ويهملون – سمية و ياسر و هم أول من بشروا بالجنة بقوله الشريف < صبرا يا آل ياسر فإنّ موعدكم الجنة > و هذا الحديث الشريف ثابت ثبوت قطعي و مشهور عند كافة المسلمين – و يتقدم – القول – العشرة المبشرة بالجنة – إلا إذا كان القول الأخير هو – حديث و قد نسخ حديث آل ياسر – فلماذا يا وعاظ السلاطين مثل هذه القساوة على الصحابة و على الإسلام – فأنتم تصرون و بقساوة على – إنّ الخلفاء الراشدين هم أربعة – في حين انهم – خمسة – أبو بكر وعمر وعثمان و علي و الحسن – فمن مصلحة مَنْ تصرون على هذا الخطأ و التحريف وعلى حذف الخليفة الخامس الحسن من بين الخلفاء أم هو عدم الإيمان بالإسلام و أحكامه 0
و نرجع إلى الآية الكريمة الأخيرة من ( سورة الفتح ) التي تقول { محمدٌ رسولُ اللهِ و الذين معه أشداءُ على الكفارِ رُحماءُ بينهم تَراهُمْ رُكعاً سُجداً يَبتغونَ فضلاً منَ اللهِ و رِضواناً سِيماهُمْ في وجوهِهم منْ أثرِ السجودِ ذلك مَثَلهُمُ في التوراة و مثلهم في الإنجيل كزرعٍ أخرج شطأه فآزَرَهُ فاْستغلظََ فاْستوى على سُوقِهِ يُعجبُ الزُّراع ليَغيظَ بهم الكُفارَ وَعَدَ اللهُ الذين آمنوا و عملوا الصالحاتِ منهم مَغفرةً و أجراً عظيماً } ( الفتح 29 ) و من الطبيعي و الواقع و شرعا فإنّ – الذين مع محمد رسول الله الحبيب – قد بدأوا قلة و رغم ذلك فقد أبدوا و أظهروا شدة مع الكفار لإيمانهم بدعوة محمد رسول الله الحبيب – و هل هناك أكثر شدة من – بصق – الشهيدة الصحابية سمية – في وجه زعيم قريش و الكفر – أبي جهل – و قالت له – يا عدو الله – فأي صحابي عمل ذلك مع – القلة – لذلك فقد قتلها بأبشع طريقة و هي تقول – أحد أحد - ورحماء بينهم – و لكن الصحابي الخليفة عثمان لم يرحم الصحابي أبا ذر و نفاه إلى أرض العقارب القاحلة مع زوجته و ابنته و توفى هناك – وعثمان صحابي وأبو ذر صحابي فأين هي الرحمة بينهم – الرحمة عند رسولنا الحبيب عندما قبل شفاعة الصحابي عثمان بالعفو عن إهدار دم أخ عثمان بالرضاعة الصحابي بن أبي سرح الأموي الذي إرتدَّ عن الإسلام ثم رجع – فهل ارتد أبو ذر عن الإسلام و العياذ بالله 0
و إنّ الصحابة الذين جزعوا و لم يصبروا و ساعدوا في – قتل الصحابي و الخليفة الثالث عثمان ولم يرحموه – و هو كذلك لم يرحم الكثير من الصحابة و آثرَ عليهم الصحابة من عشيرته بني أمية – الإثنين سوف يحاسبون – ولكن بعد أنْ ترعرعت و نمت الدعوة الإسلامية و كثر المؤمنون الأمر الذي - أغاظَ – بهم الكفار لذلك فانّ الله تعالى قال { وعد الله الذين آمنوا و عملوا الصالحات – منهم – مغفرةً و أجرا عظيما } فالله لم يجعلها – مطلقة لجميع الصحابة – و إنما قيدها – بالذين آمنوا – و بالذين عملوا الصالحات – و منهم – وليس جميعهم – أي الصحابة الذين بقوا ثابتون و مصرون على - عمل الصالحات – ولم يغيروا أو يبدلوا – و أما الذين غيروا و بدلوا فتشملهم الآية الكريمة { إنّ الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يَدُ الله فوق أيديهم فمن نكثَ فإنما ينكثُ على نفسه ومن أوفى بما عاهد الله فَسَيُؤتيهِ أجراً عظيماً } ( الفتح 11 ) – وانّ الصحابي عثمان لم يكن في حينه مع المبايعين- و إنّ بعض الصحابة ممن ارتد منهم – من هؤلاء ومن أولئك – لا تشملهم الآية الكريمة ( الفتح 29 ) { محمدٌ رسول الله و الذين معه } إلا إذا استمروا على – عمل الصالحات 0
و نكرر و نقول – لماذا يفضلون الصحابة الذين استلموا الحكم بعد وفاة رسول الله – و يعتبرونهم أفضل من جميع الصحابة الآخرين – حتى الصحابية سمية و الصحابي مصعب و الصحابي عكاشة – هل بموجب القاعدة الظالمة - الناس على دين ملوكهم – ولو درسنا واقع حياة و شخصية الصحابي مصعب بن عمير الإسلامية – لتملكنا العجب بما ملك من شخصية – عقلية و نفسية إسلامية عظيمة و نادرة و جليلة و تكاد تكون ملائكية و فريدة و انه صديق حقا – في حين لو سألنا المسلمين فردا فردا لوجدنا عندهم – الجهل به – و المعرفة كل المعرفة بالصحابة أبي بكر و عمر وعثمان و علي و الحسن – و بالأمويين أبي سفيان و معاوية و مروان و عبد الملك – وبشكل يدخل الحيرة في النفوس – و إنّ السبب في كل ذلك هو انحراف الثقافة الإسلامية باتجاه الحكم أكثر من اتجاهها إلى الفكر و المفاهيم العقائدية - في حين إنّ – مصعب و عكاشة و سعيد بن جبير و أمثالهم – كانوا مشاريع عقيدة و مبدأ و فكر و جهاد و تقوى – ولم يستلموا الحكم و السلطة و لم يسعوا إليها0
و إنّ الصحابي مصعب عندما كان مشركا و قبل حمله الدعوة الإسلامية – كان من أغنياء مكة و مترفيها – و مدلل أمه – و يعيش بالحرير و الإستبرق و العطور و الأساور و الخدم و الحشم – و لما اختار – طريق الإيمان و الإسلام – فقد طلق كل ذلك الواقع – و سار في طريق النضال و الكفاح و التقشف و خشونة العيش و ضحى بغناه وبترفه و بدلال أمه و صبر على تهديدها له – وقد اختار رسول الله بصدقٍ فاختاره رسول الله الحبيب من دون الصحابة – وأرسله إلى المدينة المنورة قبل الهجرة و بعد بيعة العقبة – يحمل الدعوة فيها و يدعو أهلها إلى الإسلام – و فعلا كان نعم الاختيار و الاختيار الصحيح – فكان ناجحا نجاحا كبيرا في أساليب حمل الدعوة و بشكل يلفت النظر – حتى كان يراهن – على حياته – مع الذين يتحدونه و يطلبون منه إقناعهم و إلا قتلوه بالسيف الذي يضربون الأرض به و يضعونه حداً بينهم و بينه ويقتلونه به إنْ هو فشل في إقناعهم – فيقبل التحدي و الرهان – ولا يخرج معهم إلا منتصرا بإقناعهم بالإسلام فيرجعوا السيف إلى غمده و يسلم هو من القتل – هذه هي الصناعة الإلهية – و بقيّ مجاهدا و مناضلا و صادقا – بلا منّة – على الله و لا على المسلمين – وقد أستشهد في - معركة أحد – و هذا الصحابي هو فعلا من ضمن الذين تنطبق عليهم الآية الكريمة { محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم } – والله أعلم – فلماذا يكون الصحابي عثمان أفضل منه و أفضل من العشرة المبشرين بالجنة و لا يكون مصعب هو الأفضل – أو أولئك العشرة - إذا أجزنا المفاضلة – وهو من المبشرين بالجنة – هل لانّ الصحابي عثمان قد استلم الحكم – و لكن الله تعالى قال في مصعب آية كريمة و قد قرأها رسولنا الحبيب وهو واقفا على جثته عند استشهاده { من المؤمنين َ رجالٌ صدقوا ما عاهدوا اللهَ عليه فمنهم منْ قضى نحبَهُ و منهم منْ ينتظرُ و ما بدلوا تبديلاً } ( الأحزاب 23 ) – و كذلك هناك الصحابي الخباب بن الارت الذي تحمل التعذيب بالنار و الحديد أثناء حمله الدعوة الإسلامية و دخل الحروب مجاهدا الكفار أيام رسول الله الحبيب و بعده في حروب الردة و مع الخليفة الرابع علي في معركة الجمل و استشهد في معركة النهروان و دفن في مدينة الكوفة في العراق 0 ولم يبدل تبديلا 0
و نقول إلى الذين يضعون – القدسية – على بعض الصحابة – دون صحابة آخرين – و يمنعون الناس من النقاش في – أعمال وتصرفات و أقوال الصحابة - خاصة التي لها علاقة بتفسير و تطبيق الأحكام الشرعية و الآيات الكريمة و الأحاديث الشريفة ليتمكن الناس من معرفتها و فهمها و رفع – التفرقة و الخلاف – التي أدت إلى تأخر المسلمين و لا علاقة لها بالأفضلية أو الطعن بأشخاصهم – و نقول للذين تمكنوا من تعلم بعض العلوم و حصلوا على حضوة لدى الحكام المعاصرين اليوم – عليكم بتقوى الله و كفى مكابرة و حب الدنيا و التنافس على حلاوتها و العيش مع الظالمين لقاء ما تحصلون عليه من متاع رخيص – هذا المتاع الذي لو قارناه بمتاع الآخرة لوجدناه لا قيمة له – و إذا أردتم متاع الآخرة عليكم الخوض في مناقشة الناس – حكام و محكومين – و تفهيمهم بحقيقة الإسلام – عقيدة و مبدأ – و لماذا أنزله الله تعالى إلى العالمين – و ما هي – طريقة تطبيقه – هل في – المسجد فقط – أم في – البيت – أم في – المدرسة – أم في – المذياع و التلفاز – أم في الخطب و الاحتفالات و الذكريات – أم انّ طريقة تطبيقه هي – الدولة الإسلامية الواحدة – وفي مجتمع – الأمة الإسلامية الواحدة – تطبق عمليا جميع ما تضمنه المبدأ من أنظمة في- الحكم و الاقتصاد و الاجتماع و العبادات و الأخلاق – ويحكم هذه الأمور كلها – حكم شرعي – هو سر انتظامها وهو – إنكار المنكر و الأمر بالمعروف – وهو من أوجب الواجبات الشرعية – ليكون هذا التطبيق المرآة العاكسة لنشر الإسلام في العالمين – وانّ بؤرة هذه المرآة هي في الآية الكريمة { إنّ اللهَ أشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأنّ لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فَيَقتلون و يُقتلون وعدا عليه حقا في التوراة و الإنجيل و القرآن و منْ أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتُم به و ذلك هو الفوز العظيم } ( التوبة 112 ) – فهل هذه الآية المباركة يمكن تطبيقها فردياً ولا حتى جماعياً بدون جهاز إلهي منظم حضاريا – الدولة - وفي هذه الآية يكون الله تعالى قد هيأ للإنسان و بإطمئنان كيف سيكون سيره في الحياة الدنيا وكيف يبيع و يشتري مع الله سبحانه و مع الناس – فإذا حصل البيع و الشراء بقلب سليم و بنيّةٍ حسنة فسوف نرى مردود هذه المعاملات وهذه التجارة على الإنسان و العالمين – لذلك فانّ الله تعالى قد وصف لنا هذا السلوك الصحيح ونتيجته في الآية الكريمة التي تلي الآية السابقة{ التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف و الناهون عن المنكر و الحافظون لحدود الله و بشر المؤمنين } ومن تلك الصفات – الحافظون بالتطبيق لحدود الله – ولغرض حماية تطبيق حدود الله تعالى قال رسوله الحبيب حديثه الشريف < من رأى منكم سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله عاملا بعباد الله بالإثم و العدوان و لم يغير عليه لا بعملٍ ولا بقولٍ كان على الله أنْ يدخله مدخله > مدخل السلطان الجائر 0
و هناك الكثير من الناس – خاصة من المسلمين البسطاء – يسألون و يتساءلون وهم حيارى – لماذا الله ربنا الحكيم لا يقضي على هذه – التفرقة و الخلافات – و كذلك على – الظلم والشر – وينهي الظالمين و الأشرار – سواء التي مصدرها – المسلمون – أو الكفار أعداء الإسلام وأعوانهم من المسلمين المنافقين و العملاء – خاصة – وانّ الله تعالى يرى القتل و الفتك بمختلف الأساليب و الوسائل و بمختلف الأسلحة الخفيفة و أسلحة الدمار الشامل و يرى الشر و الظلم ينزل بعباده من المسلمين و غير المسلمين – خاصة بالمؤمنين الأتقياء و العلماء و الفقهاء – و يسألون – لماذا لا ينصر الله سبحانه عباده الخيرين الصالحين المخلصين – هذه أسئلة كثيرا ما نسمعها و نحسها في كل لحظة من حياتنا لشدة ما يعيشه العالم اليوم من - ظلم و نفاق – في حين جواب السؤال و الأسئلة موجود – وانّ الله تعالى قد – خلق الجواب – منذ أنْ خَلقَ الإنسان – وعلمه البيان و فيه الجواب – حيث قال الله تعالى { الرحمن 0 علم القرآن 0 خلق الإنسان 0 علمه البيان } ( الرحمن 1 ) و من هذا البيان فانّ الإنسان عنده الجواب من بداية الخلق و في – الأسماء التي علم النبي آدم عليه السلام بها كذلك – و في - التوراة و الزبور و الإنجيل – وفي جميع الكتب السماوية التي جمعها الله تعالى في – القرآن المجيد – البيان – الذي تعهد الله تعالى – بحفظه { إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون } ( الحجر 9 ) – وانّ الذي جاء به رسولنا الحبيب – محفوظ – نصاً بدون زيادة أو نقصان أو تحريف أو تغيير – وقد جمعت فيه جميع الأديان السماوية التي سبقته و التي لم يحفظها سبحانه عند البشر مثلما حفظ – القرآن المجيد – عند البشر بإرادته – وهذه معجزة – و لأنّ إرادته هي أنْ يكون – القرآن و الإسلام – الدين الوحيد للبشرية – { إنّ الدينَ عند الله الإسلام } { ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلنْ يُقْبَلَ منهُو هو في الآخرةِ منَ الخاسرينَ} ( آل عمران 19 و 85 ) 0
و هنا نسأل – لماذا لا يعاقب الله الأشخاص الذين يحرقون نسخ أو أوراق من القرآن المجيد أو الذين يمزقونه - يعاقبهم في لحظة حرقه أو تمزيقه ما دام هو حافظه – و إنّ الجواب هو – إنّ الله تعالى حافظ القرآن – من التبديل أو التغيير نصا و بقاءه خالدا – وليس الحفظ من – الحرق أو التمزيق – و إنما هذه أعمال يحاسب الله عليها الإنسان الذي يقوم بها مثلما يحاسبه عندما يبتغي غير الإسلام ديناً في اليوم الآخر0
ونرجع و نقول - إنّ جواب السؤال لماذا لا ينتقم الله من الظلمة و الأشرار في الدنيا و لا ينصر الصالحين و الخيريين – هو موجود في الإسلام – و لكن هؤلاء الناس البسطاء لا يسمعون الجواب من وعاظ السلاطين الذين أخذوا يسمون أنفسهم – أساتذة و فقهاء و رجال دين – خاصة – حملة الشهادات – الدكتور و الماجستير و الدبلوم – الذين هم يقدرون و يتمكنون على شرح و تفسير ما يشوه الأحكام الشرعية أو شرح نقاط التفرقة و الخلاف و تأجيجها بين الفئات الإسلامية و يعمقونها أو شرح الأحكام الشرعية الخاصة بالعبادات و التي لا تمس الظلمة و الفسقة من الحكام لا من قريب ولا من بعيد و التي ينقلونها من كتب الفقه و التفسير البسيطة و الضخمة و يقذفون بها من الإذاعة و التلفزيون و في خطب الجمع و الاحتفالات و المناسبات الدينية 0
و مرة سمعت – أحد وعاظ السلاطين – في خطبة الجمعة – يفسر كيف انّ رسول الله قد أخذ - عهدا – من الله تعالى بأنْ لا يحاسب و لا يعذب الظلمة من أمة محمد الحبيب – ويغفر للظلمة من أمة محمد حتى إذا مسَّ ظلمهم حقوق الناس الآخرين – و تعهد الله تعالى بتسديد تعويضات حقوق الآخرين من عنده و لحساب الظلمة من أمة محمد – و كان بإمكان هذا الخطيب تسمية – الأمة الإسلامية – بأمة الظلمة – بدلاً من – أمة محمد – و انّ هذا الخطيب قد – نسف فلسفة الوجود – الفتنة و البلوى – و التمييز بين الخير و الشر و بين الصالح و الفاسد و الظالم و بين الطيب و الخبيث – فقد أعطى هذا الخطيب لنفسه حق منح صلاحية – الظلم – لكل الحكام و الرعية – بأنْ يظلم بعضهم بعضا – لأنّ – مصير الظالمين من أمة محمد – الجنة – و هذا يناقض الجواب على سؤال الناس – و يناقض الحديث الشريف < إنّ الله تعالى يقول إني حرمتُ الظلم على نفسي و جعلته بينكم محرماً فلا تَظالموا يا عبادي > 0
نعم انّ هؤلاء وعاظ السلاطين يقدرون على شرح ما يشوه الإسلام و يدمر المسلمين – و لكن لا يريدون ولا يقدرون على شرح و تفهيم الناس – الجواب الموجود في الإسلام و الذي يسأله الناس – وانّ هؤلاء المحدثين يعطون – حكم الله – في – قاطع صلة الرحم و عقوبة شارب الخمر و مفطر شهر رمضان و نصاب الزكاة – ويمتنعون عن شرح – حكم الله – في عقوبة – السلطان الجائر – و من هو السلطان الجائر اليوم – و في عقوبة من لم يغير على الحاكم الجائر – والعقوبة هي – انّ الله قد تعهد و أخذ على نفسه انْ هذا الآثم العاصي الذي لم يغير على السلطان الجائر أنْ يدخله مدخل الحاكم الجائر في جهنم – يدخل الحاكم الجائر جهنم و يدور به دوراناً شديداً و كما يقول المثل حائط يصده وحائط يرده و أخيرا يقذف به في قعر جهنم خالداً فيها – وهذا يفسره الحديث الشريف < انّ كل من أطاعني يدخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ومن أبى يدخل النار > و هذا كله مع السلطان الجائر – الذي يأتي إلى الحكم عن طريق الإسلام – شورى و بيعة - ولكنه بعد ذلك يصبح جائراً – وأما الذي يتولى و يتسلط على المسلمين على أساس غير الإسلام فإنّ عذابه أشد و أتعس لأنه كذلك يكون باغياً 0
و عندما تسأل هؤلاء المحدثين ورجال الدين – لماذا لا تشرحون- الجواب في الإذاعة و التلفزيون و من على المنابر – سوف يقولون – هذه أمور سياسية – ونحن نقول – انهم على يقين – يعرفون – إنّ الإسلام هو دين السياسة الصحيحة – ولكن – حليت الدنيا في أعينهم – وهم كذلك – يعرفون و يعلمون علم اليقين – الجواب – وهو أساس – فلسفة – الحياة الدنيا – وانّ الله تعالى قد خلق – الإنسان فيه قابلية الخير و الشر و التقوى و الفجور – وخلق – الفتنة و البلوى – في الدنيا – و خلق وعلم الإنسان البيان وهو مجموعة الأفكار و المفاهيم و الأحكام التي تفرق بين الصالح و غير الصالح و الصحيح و الخطأ – لكي يعرف الله جلت قدرته الخبيث من الطيب – و لمعرفة من هم أحسنُ عملاً – و هذا هو الجواب الشرعي – على سؤال الناس – لماذا الله لا يقضي على التفرقة و الخلاف وعلى الظلم و الشر و على الأشرار و الظالمين وعلى الفسقة و الفجرة – وعلى الكفار والمشركين – فإذا قضي على كل ذلك – معناه أصبحنا نعيش في الجنة و ليس في الدنيا – إذن عندما جاء رسولنا محمد الحبيب برسالته لم يكتف بتعليم الناس بها – و إنما كافح و ناضل ليجد لها الواقع و التطبيق العملي لها – وهو إقامة الدولة الإسلامية الواحدة – فكان أول رئيس لها – ومن بعده – ترك كل تلك الأمور – الفرض والواجب والحلال والحرام و المستحب و المكروه و الجواز – كلها فتنة و بلوى – لمن يخلفه في دولته – دولة محمد رسول الله الحبيب – بالشورى – الاختيار بالرضا من قبل عموم الناس – الخليفة أو الإمام أو أمير المؤمنين أو السلطان أو حتى ولي الفقيه – كلها أسماء و مصطلحات شرعية للحاكم الذي يحكم الدولة و الأمة – و حتى – أهل الحل و العقد ينتخبون من قبل عموم الناس – فالحكومة و أجهزة محاسبتها و جهاز أهل الحل و العقد إذا ما أُريد تأسيسها – جميعا ينتخبون – بطريق الشورى – الاختيار بالرضا من قبل عموم الناس – لأنّ السلطة و السلطان – حق – قد منحه اللهُ جلت قدرته إلى – الأمة – توكل به من تراه أهلاً و فيه الشروط و المتطلبات الشرعية المطلوبة - و إنَ أيّ تعطيل أو إساءة في التطبيق أو تبديل أو تغيير الأحكام – يشكل فتنة و بلوى – لذلك يكون – الاستخلاف أو الوصية أو ولاية العهد أو الوراثة أو الملكية أو الجمهورية أو أمير الأمراء أو الشيخ أو خادم الحرمين – كلها فتنة وبلوى – لأنها تشكل – إما تعطيل للأحكام الشرعية أو إساءة أو تغيير وتبديل لها – و ينعدم فيها – ركن الاختيار بالرضا – حق الله تعالى – ويحل محلها – التولي و التسلط و الطغيان – فتتجزأ الأمة وتتحول إلى كيانات متعددة – فيتولد – الخلاف و التفرقة – داخل الأمة – ويصبح أفرادها آثمون و عاصون إلى أنْ يقرر الله جلت قدرته { فسوف يأتي الله بقومٍ يُحِبُّهُمْ و يُحِبُّونَهُ } ( المائدة 54 ) أو يأتي – ظهور المهدي المنتظر – حسبما بلغ رسول الله الحبيب أمته الواحدة 0
و مما تقدم فقد عرفنا – إنّ – الصحابة – فيهم من – يخطأ و يغفل أو ينسى – و هل ننسى الواقعة – الحادثة – وهي – إنّ أحد الصحابة الأوائل في الإسلام و كثير الصحبة لرسول الله الحبيب وهو – الصحابي عمر بن الخطاب – عندما توفى رسول الله الحبيب – أخذ – عمر – يقول للناس – إنّ من يقول بأنّ محمد رسول الله قد ماتَ سوف أقتله بحد هذا السيف لأنّ الرسول لا يموت بل ذهب بمهمة و سوف يرجع – فهل هذا التصرف لا يشكل فتنة لو حصل الإصرار عليه ووجد من يؤيده – و لكن الناس ذهبوا إلى – الصحابي أبي بكر الصديق – وطلبوا منه مخاطبة الصحابي عمر بن الخطاب – في هذا الأمر – و فعلاً ذهب أبو بكر إلى عمر و قال له – ألمْ تقرأ القرآن الكريم و فيه الآية الكريمة { و ما محمد إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل أ فإنْ مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } ( آل عمران 144 ) – فقال عمر- لقد فاتتني هذه الآية الكريمة – و قد تراجع عمر عن موقفه – فهل هذا الصحابي الكبير الذي فاتته أو غفل عن – آية كريمة واضحة – وقد ذكره بها صحابي آخر فاعترف – بغفلته و خطأه – وفي أهم موقف و أوضح حادث – فهل لا يمكن أنْ يخطأ هو أو غيره من الصحابة في مواقع وحوادث أخرى مثلها أو أكثر أهمية منها في حياة الأمة الإسلامية – في حين هناك آيات أخرى لها علاقة بموت ووفاة رسولنا الحبيب منها قوله تعالى { إنك ميتٌ و إنهم ميتونَ } ( الزمر 30 ) و { و إنْ ما نُريَنَّك بعضَ الذي نَعِدُهُم أو نتوَفينَّكَ فإنما عليك البلاغ و علينا الحسابُ } ( الرعد 41 ) و في هذه الآية الكريمة الأخيرة يخبر الله تعالى رسوله الحبيب – و إنّ ما رأيت و شاهدت من أخطاء الصحابة و الناس و العذاب الذي كنا نعدهم به هو قليل - و ما ستشاهده بعد وفاتك هو الكثير - و لكن ما عليك إلاّ التبليغ و عليّ الحساب – وما سيشاهده وسنشاهده بعد وفاة الرسول – هو الكثير – وبعد ذلك يأتي من يقول – إنّ الصحابة جميعهم – عدول – فيكون هذا الإخبار الإلهي كاذب و العياذ بالله 0
إنّ من – الأخطاء – التي صدرت عن – بعض الصحابة – و التي رآها و شاهدها الرسول الحبيب في حياته – خطأ حاطب بن أبي بلتعة – بإرسال رسالة إلى – قريش مكة – يُعلمهم فيها خبر – إنّ محمد رسول الله ينوي فتح مكة هذا العام – وقد استخدم – امرأة – كلفها بحمل و توصيل رسالته إلى قريش مكة – و لكن الله جلت قدرته قد أخبر الرسول بما قام به – الصحابي حاطب بن أبي بلتعة – و بالمرأة التي تحمل الرسالة – مثلما كشف للرسول مخطط مسجد ضرار- فأرسل رسول الله الحبيب الصحابي علي في أثر المرأة – وأنّ الشيء الملفت للنظر هو أنّ الرسول دائما يستعين في القضايا المصيرية بالصحابي علي - مثل نومه في فراش الرسول ليلة الهجرة وفي معركة خيبر وفي البراءة و في تحطيم الأصنام وغيرها الكثير – وفعلاً إنّ الصحابي علي تمكن من الوصول و الإمساك بالمرأة – ولكنها أنكرت وجود الرسالة لديها – فقال الصحابي علي للمرأة – يا إمرأة إنّ رسولنا لا يخطأ في الوحي و هو صادق لما أرسلني إليه و ما كلفني به و إني سوف أُقطعكِ تقطيعا حتى أجد الرسالة – ولما رأت المرأة إصرار الصحابي علي فقد أخرجت الرسالة من بين – جدائلها في شعر رأسها و أعطتها إلى الصحابي علي – و أوصلها بدوره إلى رسول الله الحبيب – فهل يوجد أفظع من هذا العمل – و قد قام به صحابي – و فيه خيانة أمانة و إفشاء أسرار للعدو الكافر- و لكن الله تعالى قد غفر وعفى عن معاقبة الصحابي حاطب في الدنيا – فقال رسول الله الحبيب < لعل الله قد نظر إلى آل بدر فقال لهم اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ما تقدم وما تأخر > و اإنّ الصحابي حاطب كان ممن حضر معركة بدر – و إنّ الله تعالى يخاطب الصحابة في معركة أُحد والتابعين بعدهم بقوله الكريم { و منكم منْ يريد الدنيا و منكم منْ يريد الآخرة } ( آل عمران 152 ) 0
و كذلك شاهد رسول الله الحبيب و رأى تخلف المتخلفين الثلاث من الصحابة في – غزوة تبوك – و كيف إنّ الله تعالى قد عاقبهم في الدنيا وعذبهم بمقاطعتهم و من ثم تاب عنهم وفكَّ المقاطعة 0
و منْ أخطاء الصحابة التي شاهدها الرسول و رآها – خطأ الصحابي عمر بن الخطاب في معركة بدر – وبعد انتهاء المعركة أخذ رسول الله الحبيب ينادي بأسماء قتلى رؤساء الكفر القريشيين و يقول < يا أبا جهل بن هشام و يا عتبة بن ربيعة و يا شيبة بن ربيعة 000 هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً فإني وجدتُ ما وعدني ربي حقاً > وكما جاء في قوله تعالى { و نادى أصحابُ الجنةِ أصحابَ النارِ أنْ قد وجدنا ما وعدَنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعدَ ربكم حقاً قالوا نعمْ } ( الأعراف 45 ) – وعندما نادى الرسول الحبيب قتلى رؤساء الشرك كان الصحابي عمر موجوداً وواقفاً بجواره فسأل الرسول – يا رسول الله أتخاطب قوما قتلى و أصبحوا جيفا - فأجابه الرسول الحبيب مصححاً قول عمر < و الذي نفسي بيده ما أنتم بأسمعٍِ منهم لما أقول و لكنهم لا يستطيعون الجواب > فاْعترف عمر بالخطأ و صدق رسول الله الحبيب 0
و هناك تصحيح للصحابي أبي بكر الصديق – حيث قال رسول الله الحبيب < يا ليتني لقيتُ إخواني > فأجابه أبو بكر – نحن إخوانك يا رسول الله – فأجابه الرسول مصححاً له < لا أنتم أصحابي و لكن إخواني هم الذين آمنوا بي و أحبوني ولم يشاهدوني > أي لم يحظوا بصحبته – و كذلك من التصحيح للصحابي أبي بكر حيث قال له رسول الله الحبيب { لا تحزن إنّ الله معنا } وهل إنّ أبا بكر ليس له العلم بأنه مع رسول الله في الغار- ولكن الرسول قد أكد لأبي بكر – إنّ الله معنا 0
و من الأخطاء التي شاهدها رسول الله الحبيب – إرتداد الصحابي بن أبي سرح الأموي – أخ الصحابي عثمان بن عفان بالرضاعة – و هذا الارتداد رآه الرسول وكذلك رأى إرتداد غيره من الصحابة – وقد رجع بن أبي سرح إلى الإسلام بشفاعة الصحابي عثمان 0
وإنّ رسول الله الحبيب قد رأى و شاهد – المنافقين – الذين كانوا يدعون الإسلام و لكنهم يعادون الإسلام و يحاربونه بالخفاء و ينتهزون الفرص للقضاء عليه و إنهائه – و على رأس المنافقين عبد الله بن أُبي – و إنّ - مسجد ضرار – من ضمن أعمالهم بالتعاون مع الكفار – و هل هؤلاء لم يصاحبوا رسول الله الحبيب – بل صاحبوه و جالسوه و شاهدهم و رآهم – وإنّ مسألة – النفاق – أخذت الاهتمام الكبير من الله ورسوله - بحيث إنّ رسول الله قد أسس – صندوق – يأتمن فيه أسماء المنافقين من الصحابة – لمراقبة أعمالهم و تصرفاتهم و تنقلاتهم لإحباط و إفشال مخططاتهم و الأساليب التي يستهدفون بها تدمير الإسلام و المسلمين – منها – تهديمه مسجد ضرار- و كان الصندوق من مسؤولية و أمانة – الصحابي أبي حذيفة اليماني – المدفون في المدائن قرب بغداد و بجوار الصحابي سلمان الفارسي – وقد جاء للصحابي أبي حذيفة يوماً الصحابي عمر بن الخطاب و طلب منه تعريفه بأسماء المنافقين من الصحابة فرفض – و هناك رواية بأنّ الصحابي أبا حذيفة قد أخبر عمر بأنّ اسمه ليس من بين أسماء المنافقين – و نحن نستبعد صحة هذه الرواية لأنها تجعل من الصحابي أبي حذيفة قد قام بعمل – خيانة الأمانة – في حين انّ رسول الله الحبيب لا يمكن أنْ يأتمن شخصاً إلا وهو أهلاً للأمانة و مصنوع لها لانّ الرسول لا يتصرف عن الهوى خاصة في أمر مهم و هو الشغل الشاغل له و كيف لا و هو الذي ترك – الصحابي علي – في – غزوة تبوك – في المدينة المنورة – معقل المنافقين و لم يشركه في الغزوة التي كانت بقيادته تحسبا لما يحصل من قيل المنافقين في غيابه و عند قتله أو موته – و هذا ما تؤيده الآية الكريمة {أ فإنْ مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } ( آل عمران 144 ) فمن هم الذين ينقلبون على أعقابهم وقت وفاته – غير الصحابة – والصحيح هو انّ ما جاء في الآية الكريمة يشمل الصحابة و غير الصحابة – وإنّ المهم هو انّ هذا التغيير الذي يحصل عند المسلمين – انقلبتم – على – أعقابكم - معناه رجوع الكثير إلى ما كان عليه الصحابة قبل الإسلام – مثل – الكفر و الشرك و المسيحية و اليهودية و القبلية و العشائرية و القومية و المصلحية و حب التسلط و الظلم و الفسق و الفجور – والتي جاء الإسلام وأنهى كل تلك المعتقدات و العصبيات المقيتة و كسر كل تلك القيود و الموانع الاجتماعية التي تحول دون دخول – الإيمان إلى قلوب الناس و منهم المسلمين – واليوم تؤدي بهم إلى – التفرقة و الخلاف – وقد أنهاها وحطمها الإسلام مع الأصنام بمجرد تطبيق الأحكام الشرعية بعد التذكير و التفهيم باللسان و العمل بها – وإنّ الله تعالى قال { و الله يعلم متقلبكم و مثواكم} ( محمد 20 ) 0
و بعد كل ما شرحناه و وضحناه فهل هناك من يقول – إنّ الصحابة لم يوصلوا لنا – التفرقة و الخلافات – و هل الصحابة هم فوق البشر – في حين إنّ ما رأيناه في أعمالهم و تصرفاتهم و أقوالهم هو – أنهم بشر و منهم بشر دون العادي – وإنّ من يرى غير ذلك – خاصة الذين يقولون – الصحابة كلهم عدول – فإنهم سيلحقون الطعن بالإسلام- لأنّ أعداء الإسلام عندما يرون – المساويْ و الأخطاء وإنّ الصحابة - عدول - ولا يمكن أنْ تصدر عنهم الإساءة و الخطأ فيقولون – إذاً هذه الأخطاء و الإساءات سببها العقيدة و المبدأ و ما ينبثق عنها من أفكار و مفاهيم و العياذ بالله – وهذه هي من العقبات المهمة التي تحول دون إقامة الدولة الإسلامية الواحدة 0
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق