............رقم الإيداع (337) (دار الكتب والوثائق - المكتبة الوطنية) (بالموصل 4677 في 7/12/2005) (وقبض الرسم بالرقم1513في 7/12/2005)..........

مؤلف كتاب الشورى

الفهرست

الخميس، 18 يونيو 2009

الفصل الثاني

محمد رسول الله و رسول الإنسانية الحبيب

كان أول سياسي ترأس أول حزب سياسي حضاري

وأقام أول دولة ( مجتمع حضاري ) و ليس ( مجتمع مدني ) في العالم

وأول من أوجد القاعدة الأبدية لمفهوم ( السياسة ) إنسانيا و عالمياً

< كلكم راعي وكلٌ مسؤول عن رعيته >

{ فما رعوها حق رعايتها }

(  النصرة – الشورى  )

            قال الله رب العالمين { يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً و مبشراً و نذيراً وداعياً بإذنهِ و سراجاً منيراَ }    و { لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ لمن كان يرجو اللهَ واليومَ الآخرَ و ذكرَ اللهَ كثيراً 0 ولما رأى المؤمنونَ الأحزابَ قالوا هذا ما وعدنا اللهُ و رسولهُ و صدقَ اللهُ و رسولهُ و ما زادهم إلاّ  إيماناً و تسليماً  }        ( الأحزاب 21 و 46 )  و إنّ سورة الأحزابسورة سياسية – و سورة دولة و دعوة0 وقال الله سبحانه     { ما كانَ محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم و لكنْ رسولَ اللهِ وخاتم النبيين و كان اللهُ بكلِ شيءٍ عليماً } ( الأحزاب 41 )0

 

            و إنّ كل مسلم عندما يستذكر ( الحزب الذي أسسه رسولنا الحبيب ) وكذلك يستذكر ( الدعوة الإسلامية) من أول يوم انطلاقها بقيادة رسول الله الحبيب إلى يوم  (إقامة الدولة الإسلامية ) في المدينة المنورة في السنة الأولى من الهجرة النبوية  - يجب انْ تكون – طريقة – المسلم وأي إنسان في هذا – الاستذكار- أنْ يكون – مخلصا – أولا وثانيا - أنْ  يبغي وجه الله تعالى وابتغاء مرضاته – وثالثا – التحري عن العدالة و الدفاع عن الحق – و ليس – الدفاع عن الأشخاص سواء كانوا من الصحابة أو السلف و التابعين – نقول كذلك علينا أنْ نستذكر – الدولة الإسلامية – التي هي روح الأمة و حياتها- والتي أقامها الرسول – بالنصرة – نصرة رجال من أهل المدينة المنورة آمنوا برسالته عن يقين و بايعوه في العقبتين الأولى و الثانية على أنْ ينصروه  ويمنعون الأذى عنه مثلما يمنعونه عن أنفسهم و الذين كان لهم نفوذ في عشائرهم و قبائلهم التي كانت متصارعة ومتناحرة و تتقاتل مع بعضها فألف بين قلوبهم وكانوا تحت هيمنة واستغلال اليهود فكريا و ماليا وحررهم من تلك القيود – و إنّ -  النصرة  - ليست هي الطريق الشرعي الوحيد لإقامة الدولة الإسلامية – و إنما هي – الطريق الاستثنائي لإقامتها وكذلك يجب - عدم خلط الأوراق – بين إقامة الدولة الإسلامية و بين اختيار رئيس الدولة -  الخليفة – لأنّ اختيار الرئيس – طريقته الشورى – و هي الواجب و الفرض – و في الشورى كذلك  توجد – النصرة – عندما يطلب المرشح من الناخبين نصرته في انتخابه -  وعلينا أنْ نستذكر ونستعرض – الدولة الإسلامية  -  في جميع مراحلها خاصة بعد وفاة رسول الله الحبيب إلى يوم إلغاء – اسم الخلافة - الدولة التي تحولت بعد الخلفاء الخمسة إلى – اسم واصطلاح فقط – وليس – حكم شرعي – أي – ليس تطبيق للأحكام الشرعية – و إنما – ملك عضوض – ولاية عهد و وراثة – عند الأمويين وعند العباسيين و غيرهم  وعند العثمانيين الأتراك – إلا إذا اضطررنا الأخذ بمفهوم – إنّ كل بيعة للحكم بالإسلام ولو اسما و شكلا – تأخذ حكم الخلافة – سواء كانت – البيعة – بطريق – الشورى – أو – الاستخلاف أو بولاية العهد و الوراثة – وهذا لا يجوز شرعاً و يجب أن يكون  مرفوضاً عند كل من يدعو  إلى إقامة الدولة الإسلامية الواحدة و إلاّ سوف تكون – الدولة – التي يقيمها هذا الداعية – فرداً أو حزباً أو حركة - خارج نهج النبوة و ليس فيها – طاعة الله و رسوله – و سوف تكون عملية استلام حكم فقط – مثل دولة الأمويين و العباسيين و العثمانيين و الأيوبيين و الفاطميين و غيرهم في الأندلس و في إيران و كافة العالم الإسلامي و هذا هو البلاء و الفتنة و الكارثة للإسلام و المسلمين و التي هي نفسها التي أوصلتنا إلى واقعنا و نكبتنا اليوم0

            وعلينا كذلك أنّ نتحرى عن الأحكام الشرعية الخاصة – بالدعوة و الحزب – وان العمل فيهما يقتصر على العمل الفكري فقط – وأما في -  الدولة الإسلامية –فالعمل  فيها يكون -  عمل مادي وعمل فكري – عقوبات و اقتصاد و اجتماع و حكم و قتال و نشر الإسلام – أي – دولة أساسها العقيدة الإسلامية – و تطبق ما أنزل الله    و تكون فيها السيادة للشرع  و السلطان للأمة 0

 

            و نستعرض و نستذكر – أعمال و أقوال – الأشخاص الذين لهم علاقة ومساس بتلك المراحل – من – أول خليفة – إلى – آخر حاكم كان يحكم باسم الخلافة – سواء كان من الصحابة أو السلف والتابعين – نستعرض – تفكير – رجال الحكم – أعمالهم و أقوالهم – بالدراسة و المناقشة و التحليل – بالحكمة – والحكمة هي العلم      و إتقان العمل و الاعتدال – والموعظة الحسنة – والمجادلة بالتي هي أحسن – من أجل – معرفة الأحكام الشرعية و فهمها – المتعلقة – بنظام الحكم – من أجل العبرة والاعتبار – واختيار المواقف الصحيحة الصادرة منهم ورفض الأعمال و الأقوال الخاطئة و محاربة – البدع – المقصودة { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله 0 وقولوا قولاً سديداً 0 و كونوا مع الصادقين } ( الأحزاب 70 و التوبة 120 ) – أي إنّ - تقوى الله – يجب أنْ تكون قبل – القول السديد – وقبل – الاصطفاف مع الصادقين – وكذلك حتى قبل الاعتصام بحبل الله – لانّ الله تعالى عندما قال { واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا } ( آل عمران 103 ) قالها بعد قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حقَّ تقاته ولا تموتُنَّ إلاّ وانتم مسلمون } وهنا قد أكد التقوى ووصفها بعبارة – حق تقاته  – ومع الدعاء من الله تعالى – ليرضى عن الصحابة و يغفر لهم مثلما غفر جلت قدرته – {  ما تقدم من ذنب الرسول      و ما تأخر } (الفتح 3 ) وكما قال الله تعالى كذلك { فاصبر إنّ وعد الله حق واستغفر لذنبك و سبح بحمد ربك بالعشي  و الأبكار} ( غافر 56 ) – و ندعوا الله كذلك أنْ يغفر لكافة المسلمين خاصة الذين كان لهم أثر و تأثير في مراحل الحكم الإسلامي – مراحل الدولة الإسلامية – من – واحدة – إلى – تجزئة -   وهذه وتلك -  أدت إلى تأخر وانحطاط المسلمين – إذا كانت أعمالهم عن غفلة و خطأ غير متعمد – و نسأله تعالى انْ يكون – خطأهم – بقلبٍ سليم – وليس بسوء قصد – و نقول عنهم كما علمنا ربنا بقوله الكريم { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان } ( الحشر 11 ) – لانه ليس من حق أي مسلم أو أي إنسان -  أنْ يحكم على – الأشخاص – على – الباطن – أ شققت عن قلبه – و انّ – الحكم – عليهم يجب أنْ يكون على – الظاهر – أعمالهم وأقوالهم و أفكارهم – وهذا كذلك ما علمنا به ربنا بقوله الكريم { يمنون عليك أنْ أسلموا قل لا تمّنوا عليّ إسلامكم بل الله يمنُّ عليكم أنْ هداكم للإيمان إنْ كنتم صادقين } ( الحجرات 17 ) – وانّ المنّة هنا بالإسلام – وانّ الإسلام هو – مجموع الأحكام والمفاهيم والأفكار والعمل بها – وليس الأشخاص – وانّ الله تعالى هو الذي يمنُّ ويقول – إنْ كنتم صادقين – بأعمالكم و أفكاركم – فيما إذا كانت هذه الأعمال والأفكار صادرة عن – إيمان و تقوى – أو لم تكن كذلك – وهذا – خطاب – رباني إلى المسلمين – صحابة و غير صحابة – وانّ مسألة كونهم صادقين أو غير صادقين – مسألة غيبية – متروك أمرها إلى الله سبحانه فلا يجوز للشخص البتُّ فيها 0

 

            إنَّ محمد بن عبد الله – رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( صناعة تقنية- تكنولوجية – إلهية ربانية -  فريدة – إنسانية ودولية وعالمية – عصرية – عبرة و أسوة و قدوة – لجميع الأجيال -  و إنّ – أول لبنة في أساس هذه – الصناعة – و أول خطوة فيها – هي قاعدة – إقرأ القراءة – وان - ّ القراءة – كانت و يجب انْ تكون – باسم الرب – الخالق الكريم – و ليس باسم الهوى و المنفعة والمصالح الشخصية – فإذا كانت – القراءة باسم الرب – فانّ كل شيء سيكون -  مستقيما و صالحا – في هذه الحياة الدنيا { إقْراْ بِاْسمِ رَبِكَ الذي خَلَقَ 0 خَلَق َالإنسانَ منْ عَلَقٍ 0 إقْراْ و رَبكَ الأكرم 0 الذي علَّمَ بالقلمِ 0 علمَ الإنسانَ مالا يَعْلَمْ } ( العلق  1 ) 0

            وبعد أنْ ( قرأ – وتعلم – بالقلم ) – هل تركه جلت قدرته دون رعاية ودون اهتمام – كلا  { ما ودعك ربك وما قَلى } ( الضحى 3 ) أي – شملك برعايته و حمايته – فلم يتركك بعد أنْ صنعك و سواك بإتقان – منذ الفجر وحتى سجى الليل – وحتى يوم القيامة 0

 

            و إن أحسن مثل على – الصناعة و التقنية الإلهية لرسول الله الحبيب هو – إنّ الله جلت قدرته – قد أتقن عند رسوله الحبيب – عمل – و كان لهذا العمل خطورته في الحياة الدنيا – وهو- انّ الله سبحانه قد مكن رسوله من – إعطاء الإذن – للصحابة – بالتخلف عن الجهاد في سبيل الله – ولكن كيف يتمكن الرسول الحبيب من معرفة – انّ الصحابة الذين أذِنَ لهم بالتخلف عن الجهاد كانوا – يكذبون – في حجتهم التي قدموها إلى الرسول – وهي مسالة غيبية تتطلب الشق عن قلوبهم – وانهم كانوا منافقون في حجتهم عن التخلف – خاصة وانهم كانوا يحلفون بالله – كذب – لو استطاعوا لخرجوا إلى الجهاد -  وبهذه – الصناعة و التقنية الربانية – في عمل الإذن عند رسوله – قد مكن أمته من أنْ تفهم – النفاق – و تفهم – التخلف – و تفهم – انّ هذه الأعمال الخطرة قد تصدر من أقرب المقربين ومن أعلم الناس – فعلى الأمة الحذر كل الحذر وكشف – الخطط و الأساليب – لذلك قال الله تعالى { عفا الله عنك لما أذنتَ لهم حتى يتبينَ لك الذين صدقوا و تعلم الكاذبين 0 لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله و اليوم الآخر أنْ يجاهدوا بأموالهم و أنفسهم والله عليم بالمتقين 0 إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله و اليوم الآخر واْرتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون  } ( التوبة 45 ) فهل هؤلاء لم يكونوا صحابة – وهذا العمل – الإذن قد صنعه الله تعالى في رسوله الحبيب – من أجل إعطاء الأهمية وخطورة – تطبيق حكم الجهاد – من عدم تطبيقه – وفيه – يتقرر مصير الأمة و الإنسانية و العالمين و ليس فقط مصير الإسلام والمسلمين  0

 

            انّ الله ورسوله قد ( أكملوا و أتموا – نعمة الله – عملاً وتطبيقاً وفكراً ) للأمة الإسلامية الواحدة – وللعالمين – بجميع الأحكام الشرعية – الخاصة – بالحزب و الدعوة و الدولة – في -  القرآن – والسنة قولاً وعملاً  - وانّ الرسول الحبيب قد ترك للمسلمين  بعده – حكم وجوب تشكيل الحزب وتعدد الأحزاب – بنفس – نقاوة ووضوح – حكم وجوب الشورى – وحكم وجوب التعبير – وليس فقط حق التعبير – وان -ّ وجوب التعبير -  يتأتى من وجوب إنكار المنكر و الأمر بالمعروف – ولكن المسلمين قد أهملوا ونسوا وعطلوا – هذه الأحكام بالتدريج من أول يوم وفاة رسولهم الحبيب – فكان هذا التعطيل والإهمال – الخطأ- هو – الفتنة والبلاء عند المسلمين – وليس بنقصٍ في الإسلام الكامل والتمام – فقد دخلت حلاوة الدنيا إلى نفوس بعض الصحابة –         و غوتهم تطلعاتهم إلى كرسي الحكم – مثلما – غوت – ثمرة الشجرة – نبينا آدم عليه السلام و دفعته اغراءات الشيطان للحصول على – ملك لا يبلى – رغم تحذير الرب له – في حين كان – حكم وجوب تشكيل الأحزاب – المنظمة و المعلنة – ووجوب تعددها – سواء كان – وجوب كفائي أو عيني – في إسلامنا – واضحا – ومفصلا    و مؤكدا – في الآيات القرآنية الكريمة و في سنة رسولنا الحبيب – الذي فاجأ العالم بتأسيس و تشكيل – أول حزب – وكتل الناس معه – ممن استجاب لدعوته ورسالته الإنسانية – وإنّ الناس على الكرة الأرضية لم تكن تعرف أو تفهم – معنى ومفهوم الحزب – التكتل الحزبي المنظم – وانّ قائد المسلمين و رسولهم هو الذي – أبدع في تأسيس الحزب – وفي تدريب الناس و العالمين وعرفهم بهذا الجهاز المنظم – ورغم كل ذلك – فانّ – العلمانية – الرأسمالية – الكافرة – اليوم تتبجح بها – وقد سرقوها من إسلام المسلمين 0

            و كان ( تكتله الحزبي ) نموذج في التنظيم و الانضباط – مدنيا و حضاريا – حتى يومنا الحاضر – ولم يقدر المفكرون على استيعاب كل جوانب وأحكام – التنظيم الحزبي – وحتى الفرس و الروم و أوربا و أمريكا      و مناطق أخرى أخذت و اقتدت بهذه التجربة الحزبية المحمدية – فأنها حتى اليوم لم تصل الذروة و الصفوة التي وصلها رسولنا و رسول الإنسانية – لانّ أخذهم و إقتداءهم كان على أساس فكرهم النفعي و الشعوبي               و الرأسمالي وليس على أساس إيمانهم بالعقيدة الإسلامية 0

( يحرم قيام الاحزاب والمنظمات والحركات بأعمال المقاومة والعنف مهما كان نوعها وإلا كانت عميلة ومجرمة – لبنان واليمن وفلسطين و و و )

            و إنّ تنظيمه الحزبي كان على أساس – دعوة علنية – وتكتل سري – حيث كانت اجتماعاته و قراراته سرية – فكانت أكثر اجتماعاته و الدراسات تعقد في – دار الأرقم بن أبي الأرقم – وهناك تتخذ القرارات التنظيمية و الإدارية – وقد قاد رسول الله الحبيب حزبه المنظم و قام بالنضال الفكري و الصراع العقائدي – الصدع – ولم يقم بأي عمل مادي غير فكري – أي لم يستعمل القوة المادية أو المال – لكسب وتكتيل الناس حوله وحول حزبه – أو لاضعاف الفئات المعادية أو التغلب عليها – بغير النشاط الفكري و السياسي – وذلك لانّ – القوة مهما كان نوعها – الضرب أو الزجر أو القتل أو العنف أو الاختطاف أو الغدر أو شراء الذمم و تأليف القلوب أثناء الدعوة وليس في الدولة – وأما ما فعله – حمزة – بضرب أبي جهل انتفاضة منه لحماية ابن أخيه الرسول فانّ فعله كان قبل إعلان إسلامه فلا يحسب على الإسلام – وبذلك فانّ جميع الأعمال المادية – مرفوضة حزبيا أثناء الدعوة – عند – إسلام رسولنا الحبيب – لانّ – الحزب – عنده هو – جهاز فكري فقط – ففي مكة المكرمة بداية الدعوة      و الحزب – قال تعالى { ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة } ( الأنعام 92 ) وانّ مصيبة الناس اليوم هو موضوع الأيمان بالآخرة – وكذلك قال تعالى { ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن } ( النحل 125 ) وهذه آية مكية – نزلت أثناء الدعوة الحزبية – وكذلك قوله تعالى { ومن أحسنُ قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين 0  ولا تستوي الحسنةُ ولا السيئةُ ادفع بالتي هي أحسنُ فإذا الذي بينك و بينه عداوةٌ كأنه وليٌ حميمٌ } ( فصلت 34 مكية ) و هل هناك أكثر وضوحا لما يجب أنْ يكون عليه الدعاة من أعضاء الحزب – بهذه البلاغة و الفصاحة – الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم – لذا فانّ – الحزب – أي حزب و أي حركة سياسية – يجب أنْ تبقى دائما وأبدا – جهاز فكري – حتى إذا استلم الحكم فلا يجوز أنْ يستعمل الأعمال المادية كحزب مهما كان نوعها لانه هو – حزب – وهو غير – الدولة 0

            و إنّ – الحركة أو الحزب – أي حركة وأي حزب – الذين يستعملون – الأعمال المادية – في عملهم السياسي – هم لا يريدون إقامة الدولة الإسلامية المحمدية – و بأعمالهم المادية سوف يخدمون أعداء الإسلام     و الكفار – الذين قاموا بإلغاء الدولة الإسلامية – بإلغاء اسم الخلافة – ولا يريدون – إعادتها – وبأعمالهم المادية – منها الغدر والعنف – يصرون على عدم اتباع طريق الرسول الحبيب وعدم الاقتداء به و عدم استئناف الحياة الإسلامية  - و بالتالي هم عملاء شاءوا  أم  أبوا لأنهم لا يريدون اتباع السيرة النبوية و سبيل المؤمنين .

            وفي حالة – وجود الدولة الإسلامية الواحدة – فانّ – الحزب و الحركة وأي منظمة – الذين يقومون بالأعمال المادية بحجة نصرة الإسلام  فسوف يُعتبرون – دولة داخل دولة – وهذا ما يرفضه الإسلام – وانّ أحسن دليل على ذلك فانّ جميع الحركات السياسية من بعد وفاة رسولنا الحبيب و التي استعملت الأعمال المادية – لم تحقق الصحيح و السليم – ولم تؤسس الدولة الإسلامية التي أرادها الله و رسوله – وإنما أسست – الدولة الأموية أو الدولة العباسية و الدولة العثمانية و الدولة الأيوبية في الشام أو الدولة الفاطمية في مصر- الجميع ظلم و فسق لأنها غير سبيل المؤمنين الخلفاء الخمسة الصديق وعمر وعثمان و علي و الحسن – و أما في وقتنا المعاصر فانّ – حزب الله في لبنان و حركة أبي سياف في الفليبين و ملالي طالبان و القاعدة في أفغانستان         و أمثالهم و منظمة التحرير الفلسطينية و فصائلها حماس والجهاد وأخرى – ماذا حققوا بأعمالهم المادية أصغرها الحجارة – غير دمار البلاد و قتل العباد المسلمين وتشويه سمعة الإسلام والأهم من كل ذلك هو– تأخير إقامة الدولة الإسلامية الواحدة – خدمة للأعداء وتنفيذ مشاريعهم و أهدافهم 0 في حين – انّ حركة العترة         و التابعين لهم وكل من اتبع طريقة الرسول بالاقتصار على العمل الفكري – هؤلاء جميعا قد لازموا الفكر في أعمالهم دون استعمال الماديات – الغدر و العنف – فهم إذا لم يستلموا الحكم لكنهم لم يدمروا البلاد ولا العباد ولم يمكنوا أعداء الإسلام أو الاستعمار الاستفادة من عملهم السياسي الذي بقى – فخرا – للمسلمين – والأهم من كل ذلك هو كسب رضا الله سبحانه و حسن العاقبة في الآخرة – ولو إن حزب الله لبنان وغيرهُ – طبق – نظام لشورى لانتخاب رئيس الدولة والاجهزة وليس المقاومة والسلاح لما وجدنا مشكلة في لبنان – والدولة الايمانية هي التي تجابه الدويلة الصهيونية والدول المعادية – و بنظام الشورى و ابتعاد الأحزاب عن السلاح و العنف المحرم تحل المشاكل في – اليمن – و فلسطين و و و .

 

            و إنّ ( الأعمال المادية – هي من – اختصاص – الدولة ) و انّ الدولة – هي جهاز فكري و مادي معا – وانّ – الدولة – جهاز فيها – مختلف السلطات والمؤسسات – فهي المختصة بتطبيق العقوبات و تنفيذها           و بتجهيز الجيوش و الجهاد و البناء المدني و الاجتماعي و الصناعي و العسكري و نشر الإسلام عالميا            و المحافظة على بيضة الإسلام ووحدتهم – و أما الحزب أو الأحزاب إذا قامت -  بالأعمال المادية – للإقناع الفكري أو لاثبات – خطأ و فساد – الفكر الآخر المضاد الصادر من الأحزاب الأخرى فانه سوف يعتبر – حزب فاشل و فاسد – ويخرج عن كونه – جهاز فكري – و سوف يسمى بالضرورة – عصابة أو حزب عدواني أو حزب الشيطان – وقطعا سيكون بالضرورة -  حزب مرتبط و تبعي و مرتزق – ليحصل على الماديات مهما كان نوعها – من الجهة التابع و المرتبط بها – و إلا فمن أين  يأتي بالماديات – الأموال و المتفجرات وأدوات القوة – و أما – الأموال – التي يحتاجها – الحزب – لتمشية – إدارياته – وليس الأعمال المادية – فهي مصاريف لإدارة الحزب فيمكن جمعها من داخل الحزب لأنها ليست مبالغ ضخمة – لذلك قال رسولنا الحبيب < خير المال صرف في سبيل الله مال خديجة >  أثناء الدعوة الإسلامية -  ولو إنّ الرسول استعمل الأعمال المادية أثناء دعوته لأصبح بالضرورة – عميلاً – للروم أو الفرس أو الغساسنة العرب الكفار أو مشركي مكة – وهذا ما تفعله أمريكا اليوم – فإنها تقوم بتشريع القوانين لتخصيص الأموال للمعارضين في البلاد الإسلامية و العربية منها عشرة ملايين دولار لتجمع المعارضة في السودان و سبعة و تسعين مليون دولار لإسناد المعارضة الخارجية و الداخلية في العراق  0

            لذلك نجد انّ الآيات القرآنية المتعلقة – بالدعوة والفكر و العبادات – هي آيات مكية – قبل إقامة الدولة – وأما الآيات القرآنية المتعلقة – بالدولة – بالأعمال المادية  – فهي كلها آيات مدنية – أي انها نزلت في المدينة المنورة – بعد الهجرة وعند إقامة الدولة في المدينة – وهنا فقد أذن الله لرسوله باستعمال الأعمال المادية حيث قال تعالى { أُذِنَ للذين يقاتلون بأنهم ظلموا و انّ الله على نصرهم لقدير } ( الحج 39 ) وكذلك قوله تعالى { ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أنْ يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم من نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأٌ ولا نصبٌ ولا مخمصةٌ في سبيل الله ولا يطؤون موطئاً يغيظُ الكفار ولا ينالون من عدوٍ نيلاً  إلاّ  كُتبَ لهم به عملٌ صالحٌ } ( التوبة 121 ) وهنا قد أذن الله تعالى لرسوله الحبيب – رئيس الدولة الإسلامية الأول – بالقتال و تجهيز الجيوش و العقوبات التي تطبق على مرتكبي الجرائم والمخالفات – في القضاء – وكذلك في جباية الأموال – مصادر توريد الأموال -  و توزيعها و صرفها في مختلف أبوابها – حتى تأليف القلوب والبناء المدني و الاجتماعي و نشر الإسلام إلى العالمين – و بقي الرسول الحبيب – قائدا للحزب و رئيسا له و رئيسا للدولة – حتى وفاته – وانّ هذا الإنفراد من خصوصيات الرسالة و النبوة المحمدية و لا يجوز القياس عليها في الإنفراد أو عدم توزيع مسؤوليات السلطة 0

 

            هذا من الناحية العملية – لتأسيس الحزب و الأحزاب – عمل رسول الله الحبيب – سنته – وأما من ناحية النصوص الشرعية فهي كثيرة – والتي توجب تشكيل الحزب وتعدد الأحزاب و كيفية تنظيمها وانضباط الأعضاء المتكتلين فيها – ولكننا سوف نأتي على أهمها و أوضحها – حيث قال الله تعالى في سورة – المجادلة – وانّ هذه السورة المباركة اسمها – المجادلة – النقاش - الذي هو أهم ما في العمل الحزبي – وانّ الآية الكريمة التالية – تبحث في النظام الحزبي و انضباطه { لا تجدُ قوماً يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباؤهم وإخوانهم وعشيرتُهم أولئك كتبَ في قلوبهم الإيمان و أيدهم بروحٍ منه و يدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم و رضوا عنه أولئك  حزبُ الله  ألا  إنّ  حزبَ الله هم  المفلحونَ } ( المجادلة 22 ) هل نجد في العالمين كله وفي المبادئ و المناهج الحزبية وأدبياتها في الغرب         و الشرق منذ أنْ خلق الله سبحانه البشرية و حتى هذا اليوم – وصف – للتنظيم والعمل الحزبي وما يجب أنْ تكون عليه عقيدة و سلوك العضو الحزبي وفي انضباطه وفي تعدد الأحزاب مثل هذا الوصف الكريم والجليل       و الدقة المتناهية فيه – وهذا كله على ظاهر الآية الكريمة فكيف إذا دققنا و تفقهنا في معانيها ومقاصدها -  وأما في سورة ( المائدة 57 ) فقد قال تعالى { ومن يتولى اللهَ و رسولَه و الذين آمنوا  فإنّ  حزبَ الله  هم الغالبون } وانّ هذه الآية الكريمة تعطي ما يفيد تعدد الأحزاب ومعها وجوب انْ يكون تشكيل الحزب على أساس الإسلام       و عقيدته وليس غير الإسلام -  وإلا أصبح  من – حزب الشيطان – لانّ النص صريح – ومن يتولى الله و رسوله و الذين آمنوا – أي الذين آمنوا بالإسلام وهذه لها قصد معين في حياة الرسول وقصد آخر بعد وفاته – وكذلك هناك مفهوم جاء خصيصا في – تعدد الأحزاب – في قوله تعالى { ولتكن منكم أمةٌ يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك همُ المفلحونَ } ( آل عمران 104 ) و انّ – الخير – هو – الإسلام – وهنا قد أجاز العمل الفردي أو الجماعي ولكن الوجوب هو للعمل السياسي – ولتكن -  أمر – ومنكم – ليس كلكم – وأمة – جماعة منظمة ومنضبطة – الجميع يدعون إلى الخير– عمل سياسي صالح ونافع 0

 

            انّ ( الدولة الإسلامية ) برئاسة سيد الكون و الناس محمد رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم – كانت تنفرد من أول يوم دخولها إلى – المعترك السياسي الدولي – بالمفاهيم السياسية الدولية و الداخلية الصحيحة      و الصالحة – الحالية و المستقبلية -  وذلك لانّ – الحزب – الذي أسسه رسول الله الحبيب كان ينفرد بعقيدته وتنظيمه و أنظمته وأفكاره و مفاهيمه – لانّ رسول الله كان يريد – وهي إرادة الله – تغيير العالمين – فكان فاهما لمسيرته كحزب و مسيرته كدولة – فهو قد – ترك – تطبيق الأحكام على الرعية – إلى – الدولة – التي سيقيمها - وليس للأفراد يقومون بجباية  الخمس والزكاة  ولو صح ذلك فمن هو الذي يقوم بتطبيق العقوبات و جباية الخراج و العشر و الجزية  ولو جوز الإسلام ذلك لأدى إلى عدم إقامة الدولة وهذا ما هو حاصل اليوم فماذا سيقولون لربهم الذين يقومون بجباية  الزكاة والخمس اليوم وأصبحوا السبب في تعطيل بقية الأحكام وفي مقدمتها الدولة ومبايعة خليفة – وأما مسيرته كحزب فلم يطبق إلا الأحكام الخاصة – بأخلاق الأشخاص وعباداتهم  – حملة الدعوة وأعضاء الحزب - الجهاز الفكري الذي يريد بناء المجتمع الإسلامي و إقامة الدولة الإسلامية الواحدة 0

            لذلك فانّ رسول الله الحبيب – قد – فاجأ العالم -  بأول تصريح – على مستوى السياسة الدولية { غُلِبَتِ الرومُ في أدنى الأرض وهم من بعدِ غَلَبِهم سيَغْلِبُونَ في بِضعِ سِنينَ لله الأمرُ منْ قَبْلُ و مِنْ بَعْدُ و يومئذٍ يفرحُ المؤمنونَ بِنَصرِ اللهِ ينصرُ مَنْ يشاءُ وهو العزيزُ الرحيمُ } ( الروم 1 ) – هذا التنبؤ الغيبي وهذه القراءة السياسية – في يومها تعتبر من – معجزات – الدولة الإسلامية و قائدها – الذي – تنبأ – بانّ الروم أهل الكتاب – الذين تغلبَ عليهم – الفرس المشركون -  سيتغلب الروم – على الفرس – في معركة وقتها قريب- خلال بضع سنين – أي لا تتعدى عشر سنين – وهذه معركة يتوقع حدوثها ويشير إلى – مكان وقوعها في أدنى الأرض – ولكن في نفس التصريح هناك – معركة غيبية – قد تنبأ بها- بشكل خفي و غامض – والتي استعمل لها عبارة – يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله – ولم يستعمل فيها كلمة – الغلبة – و إنما استعمل كلمة – النصر – وقد تنبأ – بفرح المؤمنين – وهذا الفرح يتزامن – مع – التغلب – الخاص بالروم أهل الكتاب – ولكن لابد من حصول – حادث – يومئذ – يُفرح المؤمنون – وقد أخفى الله ورسوله – الحادث – وراء كلمة – النصر- المحقق0

            و فعلاً بعد أقل من عشر سنين من تصريحه – فقد – تغلب الروم أهل الكتاب – على – الفرس المشركين – وفي نفس هذه السنة – وقعت – معركة بدر الكبرى – التي انتصر بها المسلمون – على – قريش المشركين – وقد فرح المؤمنون بهذا النصر فرحا شديدا وعظيما – وقد أصبح هذا – التغلب – وهذا – النصر -  معجزة سياسية – في يومها- وعلى مر السنين و الأعوام – أي إنها معجزة آنية – وفي نفس الوقت أصبحت كذلك – معجزة مستقبلية – لوجود إشارة غيبية – وهي انّ الله تعالى قد استعمل عبارة – في أدنى الأرض – وهذه العبارة تعني – انّ واقعة معركة الروم والفرس – سوف تقع على أرض – منخفضة – أدنى الانخفاض – تحت مستوى البحر – وحيث انّ المعركة المذكورة قد وقعت في -  منطقة فلسطين قرب القدس – فلابد وحسب تصريح رسولنا الحبيب أنْ تكون هذه المنطقة من الأرض هي – أدنى وأخفض – أرض على الكرة الأرضية – ولكن – علم الغرب الصليبي – كان يقول – إنّ أرض البرازيل – في أمريكا الجنوبية – هي أخفض منطقة في الكرة الأرضية – لذلك لم يجرأ المسلمون على التحدي وعلى اعتبارها – معجزة ربانية محمدية – ولكن الآن و بعد مرور ألف و أربع مائة سنة فقد ثبت حديثا و في – نفس علم الغرب الصليبي – إنّ الأرض الواقعة في فلسطين قرب القدس على البحر الميت  هي أخفض من أرض البرازيل – فكانت المعجزة الإسلامية – إنّ الدين عند الله الإسلام- وصدق الله ورسوله 0

 

{ وإنْ خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله }  و < اللهم أعوذُ بك من جهد البلاء >

          ( و واقع - الأديان التي سبقت – دين الإسلام -  و حلف الفضول )

           

            وأما ( المفاهيم السياسية ) عن – الأمم و الأقوام – التي – سبقت الأمة الإسلامية الواحدة – ومنذ أنْ خلق الله تعالى البشر - تلك المفاهيم التي كانت موجودة في - مجتمع الجزيرةالمجتمع المنعزل و الأمي  فلم يكن ذلك المجتمع  يتعامل ولا يتعاطى بمعلومات تلك المفاهيم الدولية والعالمية –  و لكن المفاهيم و المعلومات التي جاء رسول الله الحبيب قد أبهرت العقول وصححت الكثير من المفاهيم المتوارثة – وانّ الهدف من تلك المفاهيم هو – إنشاء الشخصية الإسلامية للإنسان والعالمين – عقيدة و مبدأ – قرآن و سنة – و يعجز أي مؤلف وكاتب و حكيم و فيلسوف – انْ يأتي بمثلها أو احتواء جزء منها – سابقا ولاحقا- صدر أو يصدر على مدى الحياة الدنيا حتى لو اجتمعت الإنس و الجن و معها جميع الأجهزة المعلوماتية –  و الانترنيت – المصنعة -  وليس الإلهية -  ولكن رسولنا الحبيب - قد أقرَّ الأديان السماوية- لأنها جزء من الإسلام – و إنّ الإسلام جامعها – و لأن الجميع مرجعها – التوحيد – الواحد الأحد -  وأقر كل القيم الإنسانية الصحيح  منها ( حلف الفضول ) و هو الحلف الذي حصل بين أربعة أشخاص من أعيان الجاهلية و كانت أسماؤهم من لفظ – فاضل و فضل – و اتفقوا على – ثوابت و قيم – ( مناصرة الحق و إعانة الفقير و دفع الظلم عن المظلومين ) و تحالفوا عليها- و لما جاء رسول الله الحبيب - وجدها  قيم و حقوق إنسانية و حضارية – تخدم الإنسان في حاضره و مستقبله فقد أقرها    و أيدها لأنها جزء من دعوته رحمة و شفاء للعالمين  0

                                (   التحريك السياسي   )

            وقد استمر محمد رسول الله الحبيب السياسي المبدع في – قيادة حزبه العظيم – واستمر – الصراع السياسي – مع الخصوم أعداء الإسلام – كفار اليهود والروم و مشركي قريش و منافقيهم – وأخذ رسولنا الحبيب يُبدع في – التحريك السياسي  منه فقد طلب حبيبنا من مجتمعه  إلغاء جميع الأحلاف و المعاهدات مع الكفار     و المشركين و البراءة منها و أنهم نجس فلا يقربوا المسجد الحرام – و لم يكتف بهذا الطلب – وإنما قال لهم      { و إنْ خفتم عيلة فسوف يغنيكم اللهُ من فضله } و هذا ما حصل فعلاً – فإنّ العالم الإسلامي من أغنى مناطق العالم -  و كذلك كان الحبيب دائماً يدعو الله تعالى < اللهم أعوذُ بك من جهد البلاء >  إلى درجة قد دفع الصحابة عملياً إلى أنْ يسألوه ( و ما جهد البلاء يا رسول الله ) فأجابهم < قلة المال و كثرة العيال > فكان يتخوف من هذا الواقع و هو رسول الله و قد أغناه الله جلت قدرته و بذلك فقد نبه أمته إلى العمل اقتصادياً على – عدم وجود مثل هذا الواقع المخيف الذي يستغله الكفار و الأعداء لاصطياد المسلمين و تحويلهم إلى الكفر –  و  بأمثال هذا التحريك السياسي كان يجابه الكفار و الأعداء و جميع إمكانياتهم بما توارثوه من فكر وحنكة سياسية التي كانت في غاية الحبكة والدهاء السياسي ولكنها كانت باطلة و فاسدة  – تماما مثل – سحرة فرعون وأفاعيهم فقد تلقفتها حية موسى رسول الله عليه السلام التي هي – عصاه – وهناك أفاعي – وعند رسولنا الحبيب فكر          و مفاهيم و سياسة وحلول – وهذا ما وضحه الله سبحانه { إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً }( المزمل 16 ) وان هذه الشهادة فيها أحكام و فكر ومفاهيم وحلول عن – حياة الإنسان - و فبها رعاية سياسية – وانّ- التحريك السياسي – عند رسولنا الحبيب – هو – الكلمة الصادقة و المفهوم الصادق والهادف  و البناء في الوقائع  و المواقف من الأحداث وفي المعاملات و تجسيده في سلوك المجتمع – وانّ التحريك السياسي – هو غير – الإشاعات و الإفتراءات و الاغتيابات و الأخبار الكاذبة كلها إفْكٌ مبين وقد حرمها جميعا الإسلام – واعتبر فاعلها و مروجها فاسقا و كمن يأكل لحم أخيه ميتاً – وقال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إنْ جاءَكم فاسق بنباءٍ فتبينوا أنْ تُصيبوا قوماً بجهالةٍ فتُصبحوا على ما فعلتُمْ نادمين } ( الحجرات 6 ) 0

            وكانت قريش واليهود و الروم تقوم بالتحريك السياسي – فتقول لرسولنا الحبيب – إذا كنت يا محمد نبياً حقاً – فاذهب إلى- بلاد الشام وفلسطين فإنها أرض الأنبياء و مهبطهم – وهناك سوف تلاقي منهم الاستجابة التامة – وكذلك قالوا  له – نعطيك الأموال و النساء والرئاسة والزعامة بمجرد أنْ تترك آلهتنا و تُبقي لنا فكرنا   و معتقداتنا – كلها – تحريك سياسي من الكفار و الأعداء لإفشال دعوة رسولنا الحبيب – ولكن هيهات أنْ يكون لهذا التحريك السياسي أي أثر عند رسول الله الحبيب { ودّوا لو تدهنُ فيدهنون } ( القلم 9 ) و قوله تعالى         { فلعلك تاركٌ بعضَ ما يوحى إليك و ضائقٌ به صدرك أنْ يقولوا لولا أُنزل عليه كنزٌ أو جاء معه مَلَكٌ إنما أنت نذيرٌ واللهُ على كلِ شيءٍ وكيلٌ }     (هود 12 ) – وقد أجابهم بأعظم من تحديهم و تحريكهم السياسي < و الله لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في شمالي ما تركت – عقيدتي و الفكر الإسلامي وأرض مكة المكرمة > لذلك قال تعالى { ولولا انْ ثبتناك لقد كدت أنْ تركن إليهم شيئا قليلاً } ( الإسراء 74 ) – شيئا قليلا – هي الحلول الجزئية أو أنصاف الحلول أو التوافق – عند السياسيين اليوم – وكانت مرفوضة سياسيا عند رسولنا الحبيب – ولكنها موجودة اليوم في أهم قضايانا المصيرية – وهذا يوضح شدة احتيال أعداء الإسلام و إلحاحهم على المخادعة والمناورة والمراوغة و رد فعلهم وتحريكهم السياسي – وكان هدفهم من كل هذا الصراع السياسي هو- إخراج رسول الإنسانية من – مكة المكرمة – لابعاد الخطر المصيري الذي يهددهم وهو – إنهاءهم سياسياً – لذلك قال تعالى { و انْ كادوا ليستفزوك من الأرض ليخرجوك منها و اذنْ لا يلبثون خلافك إلا قليلا } ( الإسراء 76 ) لذلك قل لهم رسولنا الحبيب – يا كفار قريش ويا كفار العالم إنكم في عمى سياسي وسوف تبقون في هذا العمى حتى الآخرة    { ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى و أضل سبيلا  } ( الإسراء 72 ) – وقال رسول الله الحبيب لخصومه – إنكم قد تقدرون على إخراجي من مكة المكرمة و تفرحون بعملكم هذا ولكن سوف أنتصر عليكم عندما ينصرني الله ربي بإقامة الدولة الإسلامية و حينها سوف أقاتلكم وأجابهكم و أجاهدكم – بالنفس والمال -  حتى تَسْلموا و تطبقوا كتاب الله تعالى – وهذه هي –  خطورة إقامة الدولة الإسلامية الواحدة – فلا يلبثون خلافك إلا قليلا – و القليل هو الذي لا يزيد على عشر سنوات بأي حال – وهذا ما حصل – فقد – فتحت مكة المكرمة في السنة الثامنة هجرية – اذن لم يلبثوا إلا قليلا  0

            ولأهمية (  الفتح – فتح مكة ) قال تعالى { مَنْ أنفق مِنْ قبل الفتح و قاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا مِنْ بعدُ وقاتلوا } ( الحديد 10 ) لأنهم حققوا ما كان يقال عنه – المستحيل- فتح مكة – وانهم جعلوا من التحدي السياسي الإلهي المحمدي – واقع و حقيقة – فقد تغير المجتمع المكي من -  مجتمع كان يتعبد أمام آلهته المتعددة – رجال و نساء وهم عراة – إلى – مجتمع إنساني متحضر ومتمدن وعقائدي مسلم – وهذه أول خطوة على الطريق المستقيم و أول نقطة مضيئة في حبل الله جلت قدرته -  ولكن اليوم وفي وقتنا المعاصر كيف يمكن تحويل مجتمع جعله أعداء الإسلام خاصة العلمانيين والملحدين بتخطيط و أساليب استغرقت عقود أو قرون – مجتمع مجزأ وكيانات يتسلط عليه عملاء وغارق في الجهل و التخلف والفقر و العيلة وحلاوة الدنيا وفي الجنس و الشهوات و الأفلام والحلقات و السيديات في التلفاز و النوادي والدمار الاقتصادي المسروق – والأهم من كل هذا وذاك – عدم وجود – الدولة الإسلامية الواحدة – لذلك نقول لكل مخلص شريف ولجميع السياسيين في العالمين وخاصة الذين يسمون أنفسهم ويدعون انهم – سياسيون وحكام و مفكرون وفقهاء وعلماء وأكاديميون – و الذين أصبحت لديهم مراكز قوة في هذا المجتمع سواء بالتولي و التسلط أو بالارتزاق والعدوان بأمان الكافر المستعمر العلماني وحمايته بوسائل إعلامه و أساليب جبروته – مثل جبروت أبي جهل وأبي لهب و أبي سفيان      و عتبة في حينه – فعلى الجميع ترك الغرور والمكابرة والاستجابة إلى الله سبحانه والى العقيدة والفكر والمفاهيم الإسلامية والى الخطوة والنقطة الأولى و المضيأة – الدولة الإسلامية الواحدة – المنقذ الوحيد إقتداءاً برسول الله الحبيب – و إلا فعليكم جميعا عالما وجاهلا  - انتظار جهنم – وسترون معجزة الله القدير آجلاً أم عاجلاً  وهي {فسوف يأتي اللهُ  بقومٍ يُحبُّهم و يُحبُّونَه أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين يُجاهدون في سبيل الله ولا يَخافونَ لومةَ لائمٍ ذلك فضلُ الله يُؤتيه من يشاء واللهُ واسِعٌ عليمٌ } ( المائدة 54 ) وعند ذلك سوف نقرأ سورة النصر { إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا } كما قرأها المسلمون بعد فتح مكة المكرمة – وتحول الناس من واقعهم الفاسد إلى الدخول إلى دين الله – أفرادا – وأفواجا – وفي سورتي ( محمد 38 ) و ( التوبة 40 ) قوله تعالى { يستبدل قوما غيركم } 0

 

            إنّ الإسلام قد – شرح – واقع قوم – نوح – وهود – ولوط – وصالح – وعاد وثمود وهامان وسليمان و سبأ وبلقيس وداود و يوسف – و إبراهيم و إسماعيل و اسحق و موسى وهارون و عيسى ومريم – عليهم جميعا أنبياءنا و رسلنا السلام – وان القرآن المجيد قد فصل و ركز على قوم – موسى – عليه السلام – الذي خاصم عدو الله – فرعون – وكان تفصيله بشكل تعجيزي لوجود اليهود في الجزيرة حول المدينة ومكة -  والذين يدعون اليوم انهم – إسرائيليون و صهاينة – وهم اليوم – فئة صغيرة – بعد انْ كانت كبيرة بإذن الله تعالى 0

            وقد أسهب – القرآن المجيد – في حياة مجتمع تسلط عليه – طاغية وجبروت – فاق من سبقه ومن سيأتي بعده – بالطغيان و الاستبداد و الاستعلاء و الفساد – وهو – فرعون – الذي { علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم و يستحيي نساءهم انه كان من المفسدين } ( القصص 4 ) حتى قال فرعون { ما علمت لكم من إله غيري } ( القصص 48 ) هكذا كانت – الفتنة و البلاء – في الأرض- ولكن الله تعالى وجلت قدرته علمنا – كيف صنع لهذه – الفتنة العاتية وهذا البلاء الخبيث – الإنسان – و أتخذه رسولا – موسى عليه السلام – ومعه – أخوه هارون عليه السلام – من – أهله – يشدد به أزره – وانّ الله تعالى – صنع موسى – في نفس – بيت الطاغية فرعون – وفي هذا البيت علم الله تعالى – موسى و أخاه – حتى أسلوب مخاطبة فرعون وكيفية محاججته و مقارعته بحيث تمكن موسى و أخاه من إقناع فئة من – أتباع فرعون – فنجوا من طغيانه – وأما الذين بقوا مع فرعون فكان مصيرهم – الهلاك و الغرق مع طاغيتهم – و رغم عظمة رسالة وعمل النبي موسى عليه السلام فانّ الإنسانية لم تتمكن من فهم – هل انّ النبي موسى – قام بتأسيس حزب منظم – عمل فكري فقط – ومن ثم – أقام دولة – قامت – بالعمل المادي و الفكري معا – مثل سيرة رسولنا الحبيب – أم انّ عمله اقتصر على القضاء على الطغيان و تغيير الفساد إلى صلاح – ولكن الله تعالى قد أعلمنا بان النبي موسى  قام بقتل إنسان أثناء دعوته و مسيرته الرسالية 0

            و إنّ الله تعالى يقول { ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثلٍ } ( الروم 58 ) وانّ الله تعالى يبغي من سرد جميع قصص الأمم والأقوام السابقة – تعليم و تفهيم – المستضعفين – فكرة { كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين } ( البقرة 249 ) وانّ الله تعالى مع الصابرين على الصمود وعدم التبديل و الإصرار على المطاولة بوجه – الطغاة – وليس مع القاعدين المتخاذلين ولا مع المبدلين  – وهذا هو ما فهمه المسلمون في حينه من رسولهم الحبيب – وهم كانوا – فئة قليلة – فتمكنوا بقيادة رئيس حزبهم – ومن ثم – رئيس دولتهم – من تحقيق النصر و النهوض و التقدم – فأصبحوا – فئة كثيرة و أمة عظيمة و خير أمة و أمة وسطاً 0

            ولكن اليوم – إسرائيل – الفتنة – و البلاء – والسرطان في جسم الأمة الإسلامية – فئة صغيرة – إلى درجة – لا يمكن مقارنتها – أو لا يمكن حتى إعطائها أي نسبة مهما صغرت من – حجم وتعداد المسلمين – ولكن – إسرائيل اليوم تتحكم بالمسلمين – و إنها – تحتل وتقتل وتعتقل و تغدر وتهين وتدمر البيوت والعمارات على رؤوس أهلها و تقلع مزارعهم بمنتهى الغل و الكراهية – كما تريد ومتى تشاء – لماذا - لان الفراعنة الكبار – أمريكا و بريطانيا و فرنسا وغيرهم من العلمانيين الصليبيين – اليوم قد جعلوا من المسلمين – شيعا و أجزاء      و كيانات و فئات – متصارعة و متطاحنة- فيستضعف طائفة و أخرى و يذبح أبناءهم – بواسطة – الفراعنة الصغار العملاء – الذين – باعوا للفرعون الكبير – أنفسهم و ذممهم و كرامتهم و عزتهم – فسلطهم – أكابر مجرميها -  على كل جزء من أجزاء العالم الإسلامي – خاصة الأجزاء المحيطة بإسرائيل و الأجزاء التي تليها مثل – مصر و سوريا و لبنان و الأردن و الحجاز و العراق  و دول الجزيرة وليبيا وتركيا وإيران وغيرها – وان الذي ساعد و يساعد على بقاء المسلمين على ما هم عليه من رضوخ و انحطاط و تأخر و تدهور هو بالإضافة إلى الحكام هناك – الأحزاب العلمانية و علماء الفقه والتفسير والأمراء و الشيوخ – الجميع مشغولون بلعبة – التفرقة و التجزئة و الخلافات و التأويل ابتغاء الفتنة و افتعال الأحداث و الحوادث و تعميقها بتنسيق بينهم و بين الفرعون الكبير وأجهزة معلوماته و إعلامه وباسم الجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي وهيئة الأمم ومجلس الأمن و الجمعية العامة و الاتفاقات و الأحلاف و القرارات – و الجميع يتسابقون على الخدمة – لانّ الدنيا حليت بأعينهم خاصة ما يسمون العلماء و الفقهاء ورجال الدين – شهادات و قصور وشركات و سيارات و ثريات        و ستلايتات 0

            وانّ ( الفراعنة الكبار- العلمانيين الصليبيين ) أصبحوا اليوم أكثر لؤماً وغدراً بالمسلمين من السابق فأخذوا يضعون الأساليب الخبيثة لمخططهم – الصليبي والصهيوني – وتحول القتل الفردي إلى قتل و مقابر جماعية – و يختارون لتنفيذه العملاء بحيث وصل اختيارهم للعملاء إلى -  درجة السفاف – رغم ادعائهم الديمقراطية – حيث أخذوا يختارون المتسلطين من أوساط متدنية جدا بالأخلاق ومن الجياع والمحرومين من حلاوة الدنيا فيمكنونهم من ملأ البطون و حلاوة الدنيا و زينتها ليأخذون على عاتقهم – ذبح الأبرياء و قتل المفكرين والثلة الواعية و دس السم و الإذابة في التيزاب و تدمير البلاد وتخريب كل ما يؤدي إلى النهوض والتقدم – والعجيب في الأمر انه قد غاب عن ذهن هؤلاء – مصير – من سبقهم من عملاء – مصير الملك فاروق في مصر وشاه إيران وعبد الله الأول ملك الأردن وأبي رقيبة تونس والمتسلطين الذين سحلهم الناس في العراق – وانّ الحياة مهما طالت فإنها قصيرة مثل رمشة العين – ولكن مع ذلك – فقد أبقى الاستعمار العلماني لعوائل بعض  أولئك الطغاة الأموال الطائلة ليتمتع بها أحفادهم بالفساد والمؤامرات و البذخ الناعم في أوربا وأمريكا وأقطار كافرة أخرى – وانّ اكثر هذه العوائل قد سلمت من انتقام شعوبهم بسبب هو ان هذه العوائل العميلة لم تباشر الغدر و القتل والتدمير لشعبها بنفسها و بيدها وإنما باشرته بواسطة الجلاوزة و الموظفين – ولكن ما بال الحكام و المسؤولين الذين زاولوا بأنفسهم و أفراد عوائلهم تلك الأعمال التدميرية لكرامة وعزة الشعوب وأصبح في كل بيت و كل عائلة اللوعة والمعاناة التي تدفعهم للانتقام فهل سيبقى للطغاة حفيد و إذا فلت أحدهم من الانتقام فهل سوف يبقى له مال – لا أظن ذلك – وانّ الواقع يقول – إنّ مثلهم سيكون مثل – بني أمية الذين ملكوا الدنيا في الشام والأندلس وأنحاء العالم الإسلامي – فأين هي قصورهم وأين أموالهم ولا حتى صدقة جارية لهم ولا علم ينتفع به ولا ولد صالح يدعو إليهم فهل بفهم المفكرون هذه الحالات الثلاث التي يتركها بن آدم الصالح بعد موته – فلم يبق لهم سوى الذكرى الحقيرة و الشنيعة – وأما الوجه الآخر الثلة الواعية المشرقة – فانّ بيوتهم في الدنيا مزينة و ذكراهم في القلوب عامرة بالإيمان وعلومهم تزخر بها العقول – وهذه قاعدة ربانية في قوله تعالى { وقال الشيطانُ لما قُضِيَ الأمرُ إنّ اللهَ وعدكُم وعدَ الحقِ و وعدْتُكم فأخلفتُكُم وما كانَ لي عليكم منْ سلطانٍ إلا أنْ دعوتكُم فَاستجبتم لي فلا تلوموني و لوموا أنفُسَكم ما أنا بِمُصرخكم وما أنتم بمُصرخيَّ إني كفرتُ بما أشركتموني من قبلُ إنّ الظالمين لهم عذابٌ أليمٌ } ( إبراهيم 22 ) وكذلك قال تعالى { ألمْ ترَ كيفَ ضربَ اللهُ مثلاً كلمةً طيبةً كشجرةٍ طيبةٍ أصلُها ثابتٌ و فرعُها في السماء 0 تُؤتي أكلَها كلَّ حين بإذنِ ربِّها ويضربُ اللهُ الأمثال للناس لعلهم يَتَذَكرونَ } و { ومثلُ كلمةٍ خبيثةٍ كشجرةٍ خبيثةٍ أجْتُثَتْ من فوقِِ الأرضِ مالها منْ قرارٍ } ( إبراهيم 25 ) هذا في الدنيا وأما في الآخرة { كلما نضجَتْ جلودَهم بدلناهم جلوداً غيرها ليَذوُقوا العذابَ } ( النساء 56 ) – وان -ّ السياسة – هي – الرعاية – وليست – الفسوق و الفجور و النصب و الاحتيال والمراوغة والتهلكة 0

 

            ونقولها بصراحة و بتقوى الله سبحانه ونحن ننشد وجهه ونطمع في رضاه – إن النجاح الدنيوي لمخطط أعداء الإسلام الذي بدأ من أول يوم – إقامة الدولة الإسلامية – وهو - الفتنة والبلاء - التي خلقها الله ولكنه حرمها على الناس ولم يميتها لأنه يريد من وجودها معرفة الخبيث من الطيب ومن هم أحسن عملا – وكذلك – نجاح مخطط الأعداء ونجاح أساليبهم في يومنا الحاضر – هو – لسبب واحد لا غيره – هو – تعطيل     و إساءة أو تبديل الأحكام الشرعية – و إنّ أول حكم شرعي تعطل هو – حكم الشورى – وتبعه – تعيين ولاة ليس أهلا للمسؤولية وغير ملتزمين عقائديا ومن الموتورين والحاقدين على دين الله و صحابة رسول الله – و بذلك فقد حصل سرقة – الحق – الذي منحه الله تعالى إلى أمته في – السلطان – تمنحه لمن تشاء و لمن تريد ممن يعرضوا عليها أنفسهم لتحمل الأمانة و مسؤولية هذا الحق – بالتنافس و التسابق – وليس بغلق الأفواه              و بالترهيب و الترغيب – و هكذا فقد حصل الابتعاد التدريجي عن الأحكام الشرعية – وقد بدأ بتعطيل الشورى      و بتبديل الخلافة بولاية العهد و الوراثة وهكذا – لأنه بعد أنْ ترسخ و تركز دين الإسلام في نفوس المسلمين نتيجة نضال و تفاعل الحزب الذي أسسه رسولنا الحبيب فقد أصبح من المستحيل القضاء عليه مرة واحدة         و إنهائه إلى الأبد مادام الله سبحانه حافظه – ولكن – الفتنة و البلاء – هي في – الأسلوب التدريجي منها التعطيل أو الإساءة أو التبديل – أو إقناع السياسيين القبول – بالحلول الجزئية أو التوافق أو الحل الوسط – ومع ذلك – نقولها بصراحة أعمق – هيهات و هيهات أنْ يحققوا مأربهم لانّ الإسلام هو الدين الذي ارتضاه ربنا الخالق للبشرية و الذي فطر الناس عليه – وانّ رسول الله الحبيب قد صبغ بإرادة الله جلت قدرته أصحابه و حملة دعوته بصبغته فكريا و عمليا و تصنيعيا – وانّ الأعمال الفاسدة تلك سوف تؤدي فقط إلى معاناة الناس و دمارهم 0

 

 

  ( رسولنا الحبيب – استخدم – الأساليب العملية و التصنيعية – لتقريب )

( الأحكام و المفاهيم و الأفكار الإسلامية    و ترسيخها في عقول الناس )

 

            وانّ من – الأساليب العملية و التصنيعية – التي استخدمها رسول الله الحبيب – والتي أبدع فيها إبداعا عظيما بتقريب الفكر الإسلامي و أحكامه من عقول الناس و إدخال الأيمان إلى قلوبهم – والتي استخدم الرسول جميع الصحابة المؤمنين المجاهدين حملة دعوته لهذه الصناعة و البناء – التفاعل مع المجتمع – في حين أخذ المسلمون والناس يرجعون تدريجيا إلى ما كانوا عليه في الجاهلية بفعل أعداء الإسلام – فأخذوا يمدحون الصحابة الذين استلموا الحكم و يكبرونهم و يقدسونهم اكثر من الله ورسوله أحيانا ويحددون أعمالهم على أساسهم – و إنّ  التكايا و التصوف و ذكر الدرباشة  و مجالس الفاتحة والسبايا و اللطم أصبحت تجعل من الصحابة  و السلف وحتى من بعض الفقهاء المتقدمين – أولياء من دون الله و جعلوهم هم الأساس في إسلامهم – وقد منحوهم – القدسية – لانهم كانوا من ذوي الأصل و الفصل و يمتلكون عروق قومية راقية – وأهملوا        و عطلوا تطبيق الأحكام الشرعية – في حين – إنّ الحسن و القبيح هو ما حسنه وقبحه الشرع وليس الصحابة – وانّ واقع الناس في اليوم الآخر سوف يقول { يا ويلتي لم أتخذ فلاناً خليلاً 0 انّ قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً} ( الفرقان 30 ) وانّ الهجر ليس بالقراءة و إنما بالتطبيق 0

            و أهملوا وتركوا صحابة و فقهاء آخرين فلا يعظمون – أعمالهم – ولا يعطون لهم أهميتهم و مكانتهم     و تأثيرهم في الدعوة الإسلامية وفي تطبيق أحكام الله تعالى خاصة المتعلقة – بالدولة الإسلامية الواحدة و الأمة الإسلامية الواحدة وفي نظام الحكم – وعلى سبيل المثال – ماذا يعرف أهل التكايا و مجالس العزاء عن عمل الصحابي مصعب بن عمير أو عكاشة بن محصن – كانوا سيوفا قاطعة بين حدي الأيمان و الكفر ولا تأخذهم في الله لومة لائم – و كذلك من هم الأجدر بالتقدير و التعظيم و التكريم و الاهتمام هل – سمية و بلال الحبشي           و صهيب الرومي والمقداد وسلمان الفارسي – الذي قال عنه الرسول الحبيب سلمان منّا أهل البيت وانّ أهل البيت عرب وقريش وبني هاشم – أم إنّ الأجدر بالتقدير – رابعة العدوية وأبو حنيفة و الشيخ عبد القادر           و الرفاعي و حمد الله وغيرهم الكثير – ونحن نقول بما قرره الله ورسوله – بانّ – الصحابية سمية – هي أول من قُتِلَ واستشهد ووعدت بالجنةفي الإسلام – وقد عملت ما لم يعمله حتى الكثير من الصحابة المتقدمين في الإسلام فهي الأجدر – ومع ذلك نقول – إنّ الله ورسوله لا يطلبون المدح أو الاهتمام بالأشخاص مثل الاهتمام بالأحكام و الأفكاروانّ رسول الله الحبيب كان يتألم عندما يدخل المجالس فيقف الجالسون لاستقباله – ومرة دخل إلى المجلس فوقف الجالسون فغضب ورجع ولم يدخله إلا بعد انْ جلس الحضور – هذا هو التطبيق العملي للفكر الإسلامي – فما هو الذي يقوله المسلمون اليوم – بذلك التفهيم و التصنيع العملي للمسلمين – ولا ندري أين ذهبت الكرامة و العزة و القيم السامية للإنسان و الإنسانية و الإسلامية- - وانّ - التفهيم العملي – للفكر       و الأحكام – يكون أكثر ترسيخا في العقول واطمئنانا للقلوب من الشرح و الجدال باللسان { وإذ قال إبراهيم ربي أرني كيف تُحيي الموتى قال أوَ لم تؤمن قال  بَلآ  ولكنْ ليطمئنّ قلبي قال فخُذْ أربعة ً من الطير } ( البقرة 261 ) علمه – عمليا – للاطمئنان و الترسيخ 0

            لقد قام رسول الله الحبيب – عمليابتكسير و تحطيم الأفكار والقيم الفاسدة – فقد قام بتزويج بنت أعمامه و أخواله العربية القرشية إلى – مملوكه الأسود بعد أنْ أعتقه – الصحابي زيد بن الحارث – لقتل الأفكار القومية و العصبية و العشائرية – مثلما قام بتكسير و تحطيم الأصنام و البراءة منها ومن الكفار و المشركين وما عاهدوا – كلها – تحريك سياسي – و التفاعل مع المجتمع – وتبني مصالح الناس 0

 

            ولكننا سنشرح هنا – حادث عملي – تقصده الرسول الحبيب في كيفية تفهيم الناس بالأحكام و القيم       و الأفكار الإسلامية وكيفية التفاعل معها و تطبيقها و الإيمان بها – وذلك هو ما فعله رسول الله الحبيب مع – الصحابي جويبر اليماني – الذي اختار الرسول واقع جويبر – وهو – فقير الحال – معدم – اسود اللون – لكسر وتحطيم القيود الاجتماعية الفاسدة التي تلقاها الناس من الجاهلية الاستكبارية – عمليا – والتي كانت تحول دون تكوين – المجتمع الإسلامي – الصحيح 0

            وانّ ( جويبر اليماني ) العبد الأسود كان يجلس في الركن الخاص – بالفقراء – في الكعبة المكرمة ليتلقى ما يجود عليه الناس من المال – ولكنه أسلم و آمن وأخذ يتقيد بأحكام الإسلام و الدراسة والبحث – وقد جاءت الأحكام الاجتماعية الإلهية – فكان على الرسول الحبيب أنْ يجد الواقع الاجتماعي ليتمكن – عملياً- من تطبيقها للقضاء على الفوارق و الموانع الاجتماعية و إنهاء الطبقية و القيود و السدود التي تحول دون دمج      و صهر الطبقات و القوميات و العنصريات في بودقة الصهر الإسلامي – تماماً حسبما جاء في قوله تعالى          { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ و أنثى وجعلناكم شعوباً و قبائلَ لتعارفوا انّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ الله عليمٌ خبيرٌ } ( الحجرات 14 ) و كما قال رسولنا الحبيب < لا فرق بين عربي و أعجمي ولا بين أسود و أبيض ولا بين فقيرٍ و غني إلاّ بالتقوى > وانّ الآية الكريمة تصدق الحديث الشريف وانّ الحديث الشريف يوضح الآية الكريمة   و يفصلها في تحطيم الموانع و القيود القومية و العشائرية و المالية و اللون – ولكن الناس حليت الدنيا في أعينهم – و كذلك قال رسول الله < التمس الزواج ولو بخاتم من حديد > 0

            و إنّ سلوك و تصرفات و سيرة محمد رسول الله الحبيب في – الزواج والنكاح – هي توجيه و تذكير للإنسانية و العالمين ولكل إنسان في هذه الحياة الدنيا – وانّ الله تعالى كان قادراً على تمكين النبي – محمد – من الزواج المبكر و بمجرد البلوغ ليصبح محصناً- ولكن الله تعالى يعلم بانّ الإنسانية تحتاج إلى حالة غير حالة الزواج المبكر – لذا فانّ الله سبحانه قد أدخل – محمد – في حالة – استعفاف – لمدة عشر سنوات تقريبا حتى الخامسة و العشرين من عمره لأنه لم يجد في هذه المدة زواجا – نكاحا – { وَ لْيَستعفِفِ الذين لا يَجِدونَ نكاحاً حتى يُغْنِيَهُم اللهُ منْ فضلِهِ } ( النور 34 ) ليكون مثلاً للإنسانية في – الاستعفاف – { لكم في رسول الله أسوة حسنة } ( الأحزاب 21 ) وليُفهم الله سبحانه الإنسانية و العالمين – عمليا- بانّ لكل فرد – واقعه – في – التفكير و الفهم و تحيطه ظروف مختلفة – اقتصاد و اجتماع و حكم – و أمور لا يدركها أيُ إنسان مهما كان عالماً – إذاً فالرسول – الأسوة – قد دخل في – واقع الاستعفاف – و- واقع المحصن – حالات و حالات أخرى – فقد تزوج امرأة عمرها أربعين سنة وكان عمره خمسة وعشرين سنة – و تزوج فتاة بعمر الثاني عشر سنة وكان عمره في الخمسين سنة – وتزوج البنت الباكر و الأرملة و المطلقة و من عندها ذرية و من ليس عندها ذرية وكذلك تزوج العربية و القبطية – كلها وقائع و حالات بإمكان الناس الاستناد إليها في حياتهم ويستهدون بها لا من باب الوجوب و الإكراه و إنما من باب التفكير و المصالح و الوقائع الخاضعة و المنظمة بالأحكام الشرعية – في حين هناك أشخاص يأخذهم الغرور و البطر لبحث مثل هذه الأمور فيتخبطون في التفكير دون الرجوع إلى القدوة الحسنة – فيحللون هذا التوجه و يحرمون ذاك – يؤيدون أو يعارضون الزواج المبكر أو الزواج المتأخر – حسب الهوى و رجماً بالغيب لانهم – يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا – في حين – إنّ حياة رسول الله الحبيب كلها أعمال و أقوال و توجيه و أسوة حسنة لابد لها من انْ تتحول إلى مفاهيم وانْ يكون لها واقع في حياة الإنسان والمجتمع المسلم 0

            وانّ – الدعوة - عند الرسول الحبيب كانت تكليف عظيم و مهمة صعبة و تحتاج إلى جهود جبارة بقدر ضخامة تلك السدود و القيود و الموانع المراد تكسيرها و تحطيمها- ومن تلك الجهود الجبارة هو – قيام رسول الله الحبيب بمفاتحة – الصحابي جويبر اليماني – بالزواج – وقد سأله الرسول الحبيب – لماذا لا تتزوج يا جويبر – فأجابه الصحابي جويبر – يا رسول الله من هو الذي لا يريد الزواج و من أين يأتيني الزواج و هذا واقعي من انعدام المال – فقال له رسولنا الحبيب – يا جويبر نفذ ما سأقوله لك – فأجابه جويبر – وكيف لا أنفذ طلب رسول الله – فقال له الرسول ( اذهب إلى عشيرة بني البياض المعروفة بالحسب و النسب و تجلس في ديوان رئيس العشيرة – زياد بن لبيب – في الجهة المقابلة له وتقول له يسلم عليك رسول الله ويطلب منك تزويج ابنتك – الدلفاء – إلى نفسي ) 0

            و ذهب الصحابي جويبر و نفذ ما خطط له الرسول الحبيب – وعندما سمع أبو الدلفاء كلام جويبر قام من مجلسه و كأنّ صاعقة من السماء قد نزلت عليه ولكنه تمالك نفسه و سأل الصحابي أبو الدلفاء الصحابي جويبر – كيف أصدق قولك وانك مرسل من رسول الله – فأجابه جويبر – أرسل إليه و أنا هنا جليسك – فقال له أبو الدلفاء – بل ارجع أنت و إني سوف أقابل رسول الله – فقام جويبر وغادر الديوان – و لكن – الدلفاء – التي وصفها الرسول – بصدق إيمانها – قد نادت أبيها و قالت له – يا أبتي كيف تصرفت مع هذا الرجل و هو مرسل إليك من رسول الله أجلسه و أرسل رسولا إلى رسول الله للتثبت من أقواله – فأعاد أبو الدلفاء جويبر إلى مجلسه وأرسل بن أخيه الذي جاء بتصديق رسول الله لأقوال الصحابي جويبر – فأخذ أبو الدلفاء رأي ابنته الدلفاء – التي كانت لها مسحة من الجمال – فقالت لأبيها – يا أبتي إذا كان هذا هو طلب رسولنا الحبيب فلا خيرة لي فيه          و سمعاً وطاعةً له – لأنها تؤمن بقوله تعالى { وما كان لمؤمنٍ ولا لمؤمنةٍ إذا قضى الله ورسوله أمراً أنْ يكون لهم الخيرة من أمرهم } ( الأحزاب 37 ) – فتزوج الصحابي جويبر من الصحابية الدلفاء – إيماناً بالحديث الشريف <ولو بخاتمٍ من فضة > وقد فتح الله تعالى لهما بعد زواجهما بالإيمان و المال و الفقه فأصبحا من خيرة الصحابة الفقهاء والدعاة إلى الإسلام 0

            وبمثل هذه الجهود – العملية – و النضال و الكفاح التي بذلها رسول الله الحبيب وصحابته – فقد مكن الله سبحانه من أنْ يصبح المجتمع – مجتمعاً إسلامياً – في حينه فعلاً – لا فرق بين عربي و أعجمي و بين أسود وأبيض و بين فقير و غني إلاّ بالتقوى – وهذا ما دفع و جرأ – الصحابي عمر بن الخطاب – عندما كان – خليفة  للمسلمين – أنْ يقول أمام الناس من على منبر المسجد النبوي – عندي ابنتي أخاف عليها الكبر و أريد تزويجها هل منكم من يتزوجها – فقام أحد المسلمين و قال – أنا يا خليفة المسلمين – فأخذه معه و بعد أنْ تراضيا بالرؤيا تزوجا – وهكذا فقد صهر الرسول الحبيب عمليا المجتمع الإسلامي بالأفكار و المفاهيم الإسلامية فلا قومية ولا عشائرية تتحكم بالمجتمع – ولكنها – أمة إسلامية واحدة – فلم يكن أبونا آدم عليه السلام قومياً عربياً أو كردياً أو فارسياً أو تركمانياً أو صربياً وغيرها – وعلى هذا الأساس استخرج فقيه المذهب العلامة – موسى بن جعفر – الحديث (ثلاثة يستظلهم الله تعالى بظله يوم لا ظلّ إلاّ ظله : رجل زوج أخاه المؤمن – ولم يقل أخاه العربي أو الفارسي أو الكردي – ورجل خدم أخاه المؤمن و قضى حاجاته – و رجل كتم سر أخاه المؤمن ) 0

               ( حديث رسول الله الشريف – بالسواك – هو من الأساليب العملية )

            في الحديث الشريف < لولا أنْ أشقّ عليكم لأمرتكم بالسواك > فلم يجعل السواك واجب و لكن عملياً أفهم المسلمين الهدف من السواك وهو عدم ترك الفضلات و التكلسات بين و على الأسنان و تدليك اللثة لتقويتها و اليوم كثرت الفرشاة و المعاجين - و كذلك موضوع – الحجامة – التي تؤدي إلى تجديد الدم عند الإنسان .          

            ومن كل ذلك – يخطأ – من يقول – انّ الله فضل العرب على العالمين أو على قومية أخرى – كيف يكون ذلك والله تعالى قال – الحمد لله رب العالمين – وجعل جميع القوميات من أصل واحد هو – آدم و حواء – إذن فانّ – الدعوة إلى القومية دعوة فاسدة و بدعة و فتنة و القصد منها هو – محاربة من حاربها – ومن قال عنها         < إنها نتنة – جيفة – لقد صدقت يا محمد رسول الله الحبيب > نعم القصد من القومية محاربة الله و رسوله           و إسلامهم – تماما مثل – مسجد ضرار – بناه الأعداء لمحاربة الإسلام – وكيف لا يكون ذلك و الله تعالى يقول      { أكرمكم أتقاكم } و الحديث الشريف يقول < لا فرق بين عربي و أعجمي إلا بالتقوى > خاصة و انّ جميع القوميات كما قلنا أصلها من – آدم – فهل – آدم عربي أم أعجمي – فإذا كان – آدم عربي فجميع البشر عرب – وإذا كان – آدم أعجمي : فارسي أو كردي أو تركي فجميع البشر أعاجم – و لكن نقول – إنّ جميع البشر هم – إنسان و ناس – وانّ الله تعالى يقول في أول آية كريمة من ( سورة النساء ) { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم منْ نفسٍ واحدةٍ و خلق منها زوجها وبثَّ منهما رجالاً كثيراً و نساءً و اتقوا الله الذي تساءَلُونَ به            و الأرحامَ إنّ الله كان عليكم رقيباً } و قوله تعالى { ولا  تتبدلوا الخبيث بالطيب } ( النساء 2 ) وبعد كل ذلك التوضيح و التفصيل من الله سبحانه فهل هناك من يأتي ويقول – العرب أفضل الناس أو العنصر الجرماني وغيره أفضل الناس – وهو قول جاهلي و متخلف - - فلم يبق أمام أعداء الله و أعداء الإسلام إلا – إنكار خلق آدم         و إنكار وجوده – وهذا هو فعلاً ما يخطِط له الكفار الرأسماليون العلمانيون لإثبات -  إنّ آدم قد تطور من القرد – وهذا معناه مسخ لعقل الإنسان و إهانة للإنسان – وانّ الله تعالى يقول نقيض تلك النظرية و خلاف ما يدعون إليه بقوله الكريم { قل هل أُنبئكم بشَرِ من ذلك مثوبة عند الله مَنْ لعنهُ الله و غضبَ عليه و جعل منهم القردة             و الخنازير وعَبَدَ الطاغوت أولئك شرٌ مكاناً و أضلُ عن سواء السبيل } ( المائدة 61 ) – فالصحيح هو – جعل الناس قردة وخنازير – بسبب غضب الله عليهم – وليس جعل القرد إنسان – وانّ الذي يقول ذلك فانه قد ضلَّ ضلالا مبيناً و أضل عن سواء السبيل 0

 

            و بهذه المناسبة نقول – لقد آنَ الأوان للمسيحيين و اليهود والصابئة ولجميع معتنقي الأديان السماوية التي سبقت الدين الإسلامي – أنْ يؤمنوا بالإسلام ديناً و أنْ يبتعدوا عن سلاح الكفر و يتسلحوا بسلاح الإيمان الصحيح و التقوى الصادقة – لانّ الأديان السابقة هي أجزاء من الإسلام و إنّ الإسلام هو – كمال الأديان           و تمامها – وانّ الله تعالى قد علم ووجه المسلمين في قرآنه الكريم – كيف يعاملون غير المسلمين وكيف يُجادلوهم – وانّ الله تعالى قد فهم المسلمين كذلك – موقف كل طائفة وكل ملّة – من الإسلام و المسلمين – ومن تلك التوجيهات و المفاهيم قوله تعالى { وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشرٍ منْ شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً و هدىً للناس تجعلونه قراطيسَ تُبدونَها و تُخفونَ كثيرا } ( الأنعام 91 )     و كذلك قال سبحانه { لَتَجِدَنّ أشَدّ الناس عَداوةً الذين آمنوا اليهودَ و الذين أشْرَكوا و لَتَجدَنّ أقربهم مودةً للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأنّ مِنهُم قسيسين وَ رُهباناً و أنهم لا يستكبرون } ( المائدة 83 ) 0

            و لذلك فانّ مصطلح – الأمة العربية – مصطلح وفكرة و تسمية غير شرعية و غير واقعية و فاسدة – فالأمة – كل أمة – أساسها العقيدة – فما هي عقيدة العرب – وانّ العقائد هي ثلاث في الحياة اليوم – الإسلامية – والعلمانية الرأسمالية والشيوعية – فإذا تبنى العرب إحدى هذه العقائد – فلا يكونون أمة العرب و إنما أمة تلك العقيدة – ولكن أعداء الإسلام و العلمانيين قد صنعوا – الأمة العربية – لمحاربة – الفكر الإسلامي – وخلط الأوراق – فمنهم قال – نجعل – الأرض – هي – أساس القومية العربية وغيرها من القوميات لنجعل منها أمم مثل – الأمة العربية – وانّ الجواب على بدعة – الأرض – هو – لا توجد بقعة أرض في الكرة الأرضية تختص بقومية واحدة ولا بشعب واحد ولا بعشيرة واحدة دون أنْ تعيش معهم عشائر أو شعوب و قوميات اخرى – فإننا نجد – أرض الشعب العربي – فيها ومعه يعيش الأكراد و التركمان و فرس و بربر و ججان – شيشان و داغستان والكثير من الملل والنحل – وعلى سبيل المثال – فلسطين عربية – ولكن الصحيح و الواقع إنها غير عربية لانّ الكثير منهم – شيشان و روم و كرد و داغستان و بربر وقوميات أخرى متعددة جاء الإسلام و صهرهم في بودقة واحدة سماها – عقيدةً – الأمة الإسلامية الواحدة – و انّ قوله تعالى { إنّ هذه أمتكم أمةٌ واحدةٌ وأنا ربكم } ورد في – سورتين -الأنبياء و المؤمنون -  وانّ وحدة الأمة في وحدة عقيدتها قد وردت في آيات متعددة من القرآن المجيد – و إننا لو دققنا واقع الشعوب لوجدنا – بني هاشم – عشيرة محمد رسول الله الحبيب – هي انظف دماءً وعرقاً في قريش – العرب -  وانه – خيار من خيار – وأكبر دليل على ذلك – هو استجابة رب العالمين لدعاء رئس القبيلة عبد المطلب بن عبد مناف بإرسال – طير الأبابيل -  لحمايتهم من جيش عدو جرار وفتاك فجعلهم كعصفٍ مأكول – وانّ هذا الحادث و واقعه قد حصل و وقع في عام الفيل – عام ولادة محمد رسول الإسلام الحبيب – وانّ الخطاب موجه – ألمْ تَرَ – إلى نفس رسول الإسلام – ليكون هذا الحادث و واقعه وهو عدوان كافر و ظالم جرى مع ناس مسالمين  أبرياء و شرفاء وغير معتدين فما هو الحل وان القوتين هنا غير متكافئتين وان قوة العدوان هائلة و عنيفة وانّ الدخول معها في حرب تكون محسومة لصالح المعتدين – فالحل هو ما فعله الرجل المؤمن و الشريف بما يعتقد في حينه فقال – لهذا البيت ربٌ يحميه – فلابد هنا أنْ يتدخل رب البيت رب الحق والعدل ورب الإنسانية والعالمين فكان تدخله لصالح السلام المتمثل في هذا الخيار خيار رب العالمين  – ومع ذلك فقد جاء الإسلام – عقيدة و مبدأ – رحمة و شفاء وسعادة للعالمين – فخلط خيار دماء و عرق بني هاشم و قريش مع دماء و عروق أخرى – فرس و روم و أتراك و بربر و أكراد و أقباط وغيرها – بأمر و توجيه رباني منبثق من – العقيد الإسلامية – حتى يصار – الناس كافة و العالمين – أمة واحدة –  وأحسن دليل هو زواج رسول الله الحبيب من امرأة قبطية – و زواج ابن أبي بكر وابن عمر و ابن علي من نساء فارسيات -  لذلك عندما أوجد الكفار العلمانيين و أعداء الإسلام فكرة – الأمة العربية الواحدة – و كذلك أمم القوميات الأخرى – فانّ أول ما يستهدفونه هو محاربة الإسلام و المسلمين في – العقيدة – ومن ثم – فكرة الأمة الإسلامية الواحدة – بتقطيعها   و تحطيمها – وتدمير الفكر الإسلامي و مفاهيمه – لدفع المسلمين إلى الانحطاط و التأخر والمعاناة – كما كان في الجاهلية قبل الإسلام 0      

            و لو دققنا في الحلول التي وضعها الإسلام في موضوع – الزواج من الجاريات – لوجدنا فوائد عديدة     و مهمة جدا – بصرف النظر عن إساءات تطبيق تلك الحلول – وأول تلك الفوائد هو – كسر التعصب للعنصر القومي داخل الإسلام – ليكون عاملا مهما في نشر الإسلام – لذلك قال رسول الله الحبيب < انّ الذي يدعو إلى القومية العنصرية كالذي يلحس في عهن أمه – و من الفوائد هو – امتصاص – العدد الكبير و الهائل من الجاريات – أسيرات الحروب – ولا يوجد غير الزواج حل شرعي و صحيح – و إلاّ لدبّ وانتشر الفساد داخل المجتمع الإسلامي 0

            و من الحلول التي لا يدركها الناس و إنما الذي يعلمها هو الله سبحانه وحده وهي - انّ التنوع بالدماء شفاء للعالمين – كما قال رب العالمين في آيات كثيرة – وكما قال رسول الله الحبيب < اغتربوا  تصحوا > أي يجب انْ لا يقتصر زواجكم على صلة الرحم لأنه يؤدي إلى – الأمراض و العوق و التخلف – و كذلك من الفوائد فانّ الزواج من الجاريات ومن القوميات الأخرى يؤدي إلى تقليل الجرائم في المجتمع خاصة – جرائم القتل         و السلب و النهب – وكذلك امتصاص العداوات من بين الناس و الشعوب – مثال ذلك لو انغلقت كل قبيلة أو عشيرة على نفسها فإنّ العداوات تكثر و تشاع الفتن بين القبائل وهذا يؤدي إلى تفشي الجريمة و انتشارها و لكن عند الاغتراب بالزواج – يحصل انفتاح القبائل على بعضها – وعندها سوف لا نرى سوى شعاع واحد هو – نور الإنسانية و انتشار الإسلام في العالمين 0

            لذلك اندمج المسلمون الفاتحون مع مختلف القوميات في أي بلد ومنطقة يفتحونها بالزواج – لذلك قال الله تعالى { ثم من مضغة مخلقة و غير مخلقة } ( الحج 5 ) و هذا هو ما يهدف إليه الإسلام وهو – إعادة الناس و العالمين إلى – أصلها آدم – بعد انْ فرعها الله تعالى حسب الألوان و الأحجام و الألسن { ومن آياته خلق السموات و الأرض و اختلاف ألسنتكم و ألوانكم إنّ في ذلك لآيات للعالمين } ( الروم 23 ) لذلك فانّ الله سبحانه – بالمضغة غير المخلقة – يجعل الناس يرجعون بالوراثة إلى السلالات التي تفرعوا منها وصولا إلى – أصلها آدم – عليه السلام – وهذا هو الدواء الذي فيه – الشفاء – والرحمة للعالمين – ولكن دعاة القومية و العشائرية و الشعوبية تنطبق عليهم الآية الكريمة { يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون }                ( الروم 7 )0

            و نكرر بانّ من العجيب الذي نلاحظه هو انّ بعض دعاة فكرة – العرب أفضل البشر – هم من المسلمين – ولو كان الدعاة يقتصرون على غير المسلمين لكان هناك ما يبرر وجودهم لانهم لم يطلعوا على الإسلام و آياته القرآنية المباركة – وانّ أولئك الدعاة يعللون و يسببون قولهم كما قلنا – بالأرض – من دون الله – وقولهم – ان الله ا-قد اختار ارض العرب للأنبياء – هذه المنطقة التي يسمونها اليوم – الشرق الأوسط -  و بالتحديد – فلسطين و الشام و العراق و الجزيرة و جزء من شمال أفريقيا و إيران – فيقولون – إنّ هذه الأرض مادامت هي مهبط الأنبياء و الرسل فإنها – والعرب عليها – فهي مفضلة و ما عليها – ولكنهم نسوا أم إنّ الله تعالى هو الذي قد أنساهم حتى أنفسهم – فنقول – انهم نسوا بأنها – أرض لله – قبل أنْ تكون – أرض مهبط الأنبياء و الرسل     و أرض أي قومية و أي شعب – فهي – أرض الله الواسعة – وانّ – إرادة الله – وقضاءه – وتقديره – الخاصة بهذه الأرض كلها – مسائل غيبية – وهي من – المتشابهات – فلا يجوز التأويل بها – وانّ التأويل بها يجب انْ يكون قاصرا على الله تعالى فقط – ولو إنّ الله سبحانه أرادها مثلما يقولون لقال - إنها أرض عربية – كما قال – لسانٌ عربي – وحكماً عربياً و فرآناً عربياً – في حين قال تعالى { وَ لَنُسْكِنَنّكُمُ الأرضَ منْ بعدِهم }            (إبراهيم 14 ) و بذلك فلا يجوز انْ نقول – ما كانت هذه الأرض لتكون مهبط الأنبياء و الرسل إلا لأنها أرض العرب – في حين – انّ الواقع هي – أرض الله سبحانه – وقد سكنها – العرب و الروم و الأقباط و الفرس          و الأكراد و الاتراك و البربر و الهنود و الشيشان وغيرهم من الأقوام 0

            و إنّ – الحقيقة الثانية – هي إنّ – واقع هذه الأرض – فيها – القدس – القبلة الأولى – للمسلمين – وليس العرب – و فيها – المطار – الذي تتوسطه – منصة انطلاق – محمد رسول الله و حبيبه – معراجه إلى السماء – { فكان قاب قوسين أو أدنى } ( النجم 9 ) – و محمد للمسلمين – لماذا يا ناس  و يا عرب و غير العرب – انّ هذا – المطار – هو – مركز الكرة الأرضية – الأوسط – و الأدنى – أدنى الأرض – وفتحة السماء – إذن هي – أم المناطق و وسط المناطق – وهذا كله قد فَهمنا به - الإسلام -  وليس العرب -  ويقال – انّ في السماء التي فوق هذه الأرض – الفتحة – التي تنعدم عندها – الجاذبية – و التي ينطلق منها الإنسان إلى – السموات السبع – وفعلا منها – انطلق رسول الإسلام – عرج – من هذه الفتحة إلى السموات السبع – من فوق – القدس الشريف – المهم جدا هو – إنّ هذه المعلومات قد قيلت قبل ألف وأربعمائة سنة – وقبل الأقمار            و الصواريخ الصناعية – و بعد أنْ – أسرى – الله جلت قدرته برسوله محمد- من - المسجد الحرام – إلى – المسجد الأقصى – { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله }     (الإسراء 1) وهذا هو ما أنعم الله تعالى على عباده – الناس أجمعين والعالمين – منذ انْ خلق الخلق – وبعد كل ما أوردناه فهناك كذلك قول الله الكريم وجلت قدرته وهو { ولو فتحنا عليهم باباً من السماء  فظلوا فيه يعرجون } (الحجر 14 ) و بعد ذلك فهل هناك أوضح من – فتحة باب السماء – أول من عرج منها رسول الله و الإسلام محمد صلى الله عليه و آله وسلم 0

            و إننا إذا أخذنا بتسبيب – الأرض – لتفضيل قومية – على قومية أو على قوميات أخرى – فسوف يأتي اليهود – بني إسرائيل وغيرهم – ليقولوا – إنّ الله فضلنا على العالمين لانّ هذه منطقتنا وهي ارض اليهود قبل المسيحية و قبل الإسلام – وانّ رسالة موسى هي أول رسالة فيها – في حين إنّ الله تعالى قال { قولوا آمنا بالله وما انزل علينا وما انزل على إبراهيم و إسماعيل و اسحق و يعقوب و الأسباط وما أوتي موسى و عيسى          و النبيون من ربهم لا نفرق بين أحدٍ منهم و نحن له مسلمون 0  ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } ( البقرة 136 و آل عمران 85 ) فهل هذا ليس واضح – لا نفرق بين أحدٍ منهم – وانّ الذي يفعل هذا – التفريق – سوف يكون – في الآخرة من الخاسرين – ويجب انْ يكون الإسلام دين محمد رسول الله الحبيب و الأديان الأخرى هي أساس التفكير و البحث و النقاش كما كانت هي سيرة محمد رسولنا الحبيب – حزبا و دعوة و دولة – وليس الأرض و القوميات – وانّ الذي يجعل القومية أساس التفكير فهو جاهل و شرير و منقلب على عقبيه ويخدم أعداء الإسلام 0

            لذلك قال الله تعالى تكملة للآية الكريمة { و منْ ينقلبْ على عقبيه فلنْ يَضرّ اللهَ شيئا و سيجزي الله الشاكرين } ( آل عمران 144 ) سيجزي الشاكرين للنعمة و هي الإسلام الذي أنعمه الله عليهم فآمنوا به و عملوا على تطبيقه و دون تعطيله – وانّ هذا -  التطبيق – هو - الشكر – مقابل النعمة – وليس مجرد أشكرك يا رب – وهل انّ عبارة – من ينقلب – هي مخاطبة – لغير الصحابة – و لغير من يصبح مسلما ومن ثم يغير – كلا – فإنها - مخاطبة – واضحة – للصحابة و غير الصحابة من المسلمين – فكيف يكون – جميع الصحابة عدول – وفيهم من ينقلب على عقبيه – ولكن أين هم الذين يحرصون على الإسلام وأين هم – المتقون – سابقا و حاضرا الله أعلم و أنّا لله و أنا إليه راجعون – و كذلك قال تعالى { قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سؤاتكم و ريشاً و لباس التقوى ذلك خيرٌ ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون } ( الأعراف 27 ) اذن – لباس التقوى – وهو خير لباس – ومن آيات الله – يواري الإنسان سوءاته و خطأه بل و بهذا اللباس يقي نفسه من كل سوء و من كل خطأ وهو أبقى إذا ما فكر و تذكر – يوم القيامة – و أما إذا نسى هذا اللباس { إنه من يأتِ ربه مُجرماً فإنّ له جهنمَ لا يَموتُ فيها و لا يَحْيى } ( طه 74 ) 0

            و نقول ونؤكد اليوم في عصرنا الحاضر – أين هي – التقوى – و نرى الناس – وكأنهم – لا إيمان عندهم بالخالق ولا باليوم الآخر – ولا اكتراث عندهم بجنته -  ولا بناره التي تريد المزيد من العاصين والمصير فيها لا يموت ولا يحيى – ونقول – إنّ الناس – خاصة – أدعياء الإسلام – الذين هم على استعداد – لخدمة أعداء الإسلام – باسم الإسلام – وتسمع و كأنها ما أنزل الله بها من سلطان – ولكن الشخص العادي عندما –  يسمع كلامهم ويشاهد أجسامهم و لحاهم و شراويلهم الطويلة – يقول عنهم – هؤلاء هم أهل الإسلام – وهؤلاء هم الفقهاء الذين لا يخطأون وهم المفسرون الذين حملوا أسفارا من العلم خاصة وانّ من بينهم – ما يسمون بالملالي و الحجج وآيات الله و الدكاترة و الماجستير – و نأتي بمثال بسيط و يكاد انْ يكون تافها و لكنه قد يؤدي إلى تدمير المسلمين و تشويه و تهديم الإسلام وقد يقرب من أسلوب – مسجد ضرار – في خطورته على الإسلام        و المسلمين وانّ المثال هو – إعلان الفئة الحاكمة اليوم في أفغانستان – طالبان – عن تهديم تماثيل بوذا – فانك ترى محطات الإذاعات و القنوات التلفزيونية و الأجهزة الإعلامية الدولية و العالمية و الفقهاء و العلماء            و المجالس و المؤتمرات قد انشغلت جميعها بهذا الحدث التافه – ولم نسمع أو نشاهد – صوت مسلم واحد يضع اصبعه على – الحق و العدل – الدولة الإسلامية الواحدة – دولة محمد -  التي تعيد مجد الإسلام و المسلمين – وانّ الجميع يسيرون في طريق واحد هو خدمة أعداء الإسلام العلمانيين الكفار - في حين ومن الحق و العدل تعريف الناس – من هم هؤلاء الفئة الحاكمة طالبان في أفغانستان و من الذين جاءوا بهم في ليلة و ضحاها – ومن هو رئيسهم وعلاقته مع بن لادن السعودي من عائلة مليارديرية – ولكننا نعرف الجهة التي جاؤا منها وهي – باكستان – وهي كيان تابع لأمريكا – وقد ترأس فيها عملاء أمريكا – أيوب خان و بناضير بوتو و نوار شريف – واليوم – القائد العسكري برويز مشرف – الذي أعلن عن عمالته من أول يوم عندما صرح بمدحه أتاتورك التركي الملعون الذي ألغى اسم الخلافة الإسلامية وحولها إلى جمهورية افلآطون العلمانية 0

            نعم بين ليلة وضحاها احتل – طالبان لادن – أفغانستان – و محمد رسول الله الحبيب – استغرقت دعوته السنين الطويلة قبل إقامة الدولة الإسلامية – وكان محمد الصادق الأمين معروفا ولم يهاجر بجيش مدعوم من دولة أو كيان مشبوه ومتعاون مع الكفار – ولكنه أقام دولته بنصرة أنصار المدينة المنورة – فمن الذي نصر – طالبان لادن – فإذا كانت هناك نصرة فلماذا جاء بجيش من باكستان وما هو مصدر تمويله – والتمويل من أهم عناصر الكشف والتفريق بين الإخلاص و العمالة – و محمد رسول الله الحبيب – كان تمويله تمويلا شريفا          و مخلصا < خير مال صرف في سبيل الله مال خديجه > فهل يوجد أشرف من خديجة و مالها { و لسوف يعطيك ربك فترضى 0 ووجدك عائلا فأغنى } بمال الله الذي جمعه عند خديجة أكبر تاجرة في مكة المكرمة – و أما من ناحية – الأمان – فكان – أمان محمد رسولنا الحبيب بشعب أنصار المدينة والمهاجرين من أهل بيته و الصحابة –ولكن ما هو – أمان طالبان لادن – أي من وفر لهم الأمان والحماية – وكانت للمعارضة جيوش و مرتزقة من المقاتلين في أفغانستان التي تمكنت بعد  ذلك من دحرهم بنفس طريقتهم – ومع هذا وذاك – فلم نعرف ما هو اسم الدولة والحكومة التي شكلوها هل هي – دولة إسلامية – أم هي جمهورية أو ملكية – وهل لم يسمع – طالبان لادن – باسم – الدولة الإسلامية الواحدة – وانّ  وجودها واجب وفرض عين اليوم على كل مسلم – وليس دولة أفغانية أو أموية أو وهابية أو جزائرية أو إيرانية أو سنية أو شيعية – و هناك حزب اسمه – حزب التحرير – تأسس منذ سنة 1953 ومنهاجه -  إقامة الدولة الإسلامية الواحدة – وطريقته طريقة الرسول الحبيب ولهذا اليوم – خمسين سنة – لم يتمكن من تحقيق هدفه وهو غير ما حققته – طالبان لادن – في ليلة وضحاها 0

 

            يا ناس كفاكم المتاجرة بالإسلام وكفاكم التزين بمظاهر الإسلام من لحى  وقراءة القرآن  وصلاة وحج ولا نقول بالزكاة لان في هذه الشعيرة دخلت العديد من التلاعب و الحيل – وكفاكم الادعاء بالإسلام وكفاكم الخوض و النقاش في ما يريده أعداء الإسلام و عليكم أنْ ترحموا أنفسكم و أهليكم و أمتكم ولو قليلا – وان جميع الأعمال و النيات مستنسخة من قبل رب العالمين – وانتم ترون إنّ – الأمة الإسلامية الواحدة – التي يأمر بها الله جلت قدرته – مجزأة – إلى مئات الأجزاء وعلى كل جزء شخص متسلط عليه – حاكم يحكمه – فرعون صغير مع بطانته الشريرة – وهناك عشرات الحكام منهم من – يدعي الشعارات الإسلامية وأهمها قراءة القرآن  أو يدعي التقدمية ويدعو ويطبق المفاهيم العلمانية – روح العصر و الديمقراطية و الجمهورية والملكية و المجتمع المدني – ويقولون – انّ الديمقراطية هي روح العصر بينما هي فلسفة الفلاسفة اليونانيين أيام العصر الحجري – ومنهم من يدعي انه يطبق أحكام الإسلام – ولكنه في الحقيقة هو – فرعون صغير يخدم أعداء الإسلام – وقبل كل شيء هو – جاهل بالإسلام – ويحيط نفسه بوعاظ سلاطين جهلة لا يفهمون الإسلام ويفهمون فقط – مدحه و الدعاء له مهما قال و مهما فعل وهو يعرف وهم يعرفون – بانّ الجميع يكذبون و يطبلون و منافقون وهم في الحقيقة – مسجد ضرار – يحاربون الإسلام ولا يريدون أنْ يفهموا بانّ الإسلام – أحكام و أسماء و مصطلحات و مفاهيم وفكر – يتميز بها و بعقيدته – و إذا أحرجتهم – قالوا – إنها أسماء ومصطلحات قديمة – وان الإسلام متطور – وانّ جوابنا على هؤلاء – لماذا لم تتطور الصلاة و الصوم و الحج و الزكاة – ولكنكم تريدون تطوير – الشورى    و البيعة و الخلافة و دولة الإسلام الواحدة – و الأمة الإسلامية الواحدة – ونحن نعرف – إنكم تريدون تطوير كل ما يريده أعداء الإسلام – نفاقا – لارضائهم – وان الله تعالى قد علمنا – بان النفاقّ كثير ومتعدد و متلون كالحرباء – حتى ان رسولنا الحبيب لا يعلم بعض المنافقين – { وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مَردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نَعلمَهُم سنُعذِبُهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم } ( التوبة 102 ) فهل يعرف المنافقون عظمة عذابهم في جهنم و بئس المصير 0

            وانّ هؤلاء الحكام الذين يدعون الإسلام – يسمون دويلاتهم – جمهورية – جمهورية افلاطون اليوناني – أو يسمونها – ملكية أو إمارة أو دويلة تحمل اسم المنطقة التي يحكمها أو اسم القبيلة أو القبائل وهكذا – فهم يخافون من أسيادهم فلا يسمون دويلتهم بمصطلح أو مفهوم إسلامي كما يريدها الله و رسوله – الدولة الإسلامية – أو -  الخلافة – دولة عموم الناس – اسم جامع مانع – ولا تشم منه – ريحة العنصرية المقيتة ولا الطبقية المتفرقة ولا الأرض – فمن من هؤلاء الحكام قادر على تسمية دويلته باسم – دولة الإسلام – أبسط اسم وأما الأعلى فهو – الخلافة الإسلامية – إني جاعل في الأرض خليفة – خلافة الصديق وعمر و عثمان و علي            و الحسن -  ولكن حتى الاسم البسيط يخافه الكفار و أعداء الإسلام و السبب هو انّ المصطلحات و المفاهيم الإسلامية سوف تثير عندهم فكرة – الدولة الواحدة – و الأمة الواحدة – وهم يعرفون – إن الدولة الإسلامية لا يمكن أنْ تقف مكتوفة الأيدي أو تقعد وترى إسرائيل تدمر العباد والبلاد الإسلامية وتهدم المسكن على رؤوس مالكيها و تقلع مساجدهم و مستشفياتهم و تقصف سيارات إسعافهم بما تحمل من قتلى و جرحى  وهي محملة بالجرحى و تزيل معالم الاماكن المقدسة – وروسيا تدمر شيشان الإسلام – وصرب البوسنة يبيدون المسلمين بمقابر جماعية في البوسنة و الهرسك و كوسوفو و الجبل الأسود و مقدونيا – ويهجرونهم من ديارهم 0

            و إنّ للاثنين – الأول دعاة الديمقراطية و روح العصر و المجتمع المدني والوطنية و القومية – والثاني أدعياء الشعارات الإسلامية – من حكام الأجزاء المجزأة من العالم الإسلامي – الحاليين جميعا – عندهم هدف واحد مشترك بينهم هو – التسلط على هذه الأمة الإسلامية الواحدة و المحافظة على التجزئة و الانقسامات         و التفرقة وربطها بالعلمانيين حسب تبعيتهم و الحيلولة دون نهوض الأمة و دون تقدمها – وحتى إذا ادعى هؤلاء الحكام – الوحدة – ورفعوا شعارها فهو للاستهلاك و خداع الشعب خدمة لأسيادهم الذين أوصلوهم إلى كرسي الحكم وهم حراس للأسياد على هذه الكيانات و الأجزاء التي يحكمونها – فيمنعون السفر ويحولون دون خروج المسلم أو المسلمين للدفاع عن أي جزء إسلامي آخر يتعرض للاعتداء أو الأذى و الإبادة ولكنهم يسمحون للعملاء و الفاسقين و المفسدين خاصة إذا كانوا من العصابات والمرتزقة  السفر و التنقل إلى أي منطقة للاشتراك في تنفيذ مخططات الاستعمار والكفر كما هو حاصل مع أفغانستان وغيرها من البلاد الإسلامية 0

            ونورد دليل بسيط على ما نقول – وهو – عندما ارتفعت أسعار النفط بحيث أصبحت ثقيلة على الفرد الأمريكي و هددت مستقبله بنفاد احتياطي النفط الأمريكي فقد طلبت أمريكا من العملاء الحكام زيادة إنتاج النفط لتخفيض الأسعار – خاصة من خادمها متسلط الحرمين السعودي – فقد اجتمعت – منظمة أوبك – وقررت زيادة الإنتاج فباركت أمريكا هذه الزيادة وبكل وقاحة و صلافة في حين إنّ السعودية هي ليست بحاجة إلى هذه الزيادة – فأين هو إخلاص هذه المنظمات و أين استقلالها 0

            وانّ جميع – حكام - هذه الأجزاء يعرفون – عين اليقين – إنّ للإسلام – دولة – و – دولة واحدة – وانّ الإسلام يأمر – بقتل الحكام المتعددين – إذا رفضوا الرضوخ لابقاء – الحاكم الواحد – الذي وصل إلى الحكم عن طريق شرعي صحيح وهو طريق – الشورى – وهو الأساس أو طريق – النصرة – إذا وجد ما يمنع اجراء – الشورى – وانّ الأسبقية لمن نصب أولا – وانّ قتل الحكام هنا هو حكم شرعي لا يحتاج إلى الأذن من جهة معينة وحتى لا يحتاج إلى إذن أمير – وهذا الحكم يعرفه حتى الباغي معاوية لذلك لم يعلن نفسه – خليفة – عندما خرج باغيا على الخليفة الرابع علي و كذلك مع الخليفة الخامس الحسن – و إنما كانت عنده حجج أخرى باطلة غير الادعاء بالخلافة – و انّ طريق – النصرة – ثابت بالسنة – وهو طريق رسول الله الحبيب في – إقامة دولته الإسلامية الواحدة – في المدينة المنورة – لذلك سُميّ أهل المدينة – الأنصار – لانّ المسلمين – أمة واحدة – وللأمة الواحدة – دولة واحدة – وقد كان المسلمون – عرب وغير عرب مثل الروم و الفرس والأتراك والأكراد والأقباط والهنود والمجوس والقفقاس و الصينيين وغيرهم – شعوبا و قبائل و عشائر – جاء الإسلام برحمته وشفائه      و سعادته و إيمانه – فوحدهم – جميعا و{ ألّفَ بين قلوبهم } ( الأنفال 63 ) و حتى تأليف القلوب هو من عند الله تعالى { ما ألّفتَ بين قلوبهم ولكن الله ألّفَ بينهم } ومع كل هذا الوضوح فانّ هؤلاء – الحكام – يصرون على تنفيذ كل ما يخدم أسيادهم أعداء الإسلام 0

            و إنّ الله تعالى قد ألغى  - الشعوبية و القومية و القبلية و العشائرية – لأنها دعوات متخلفة و جاهلية – وجعل الدعوة إلى هذه المسميات – حرام – لأنها تخالف – الدعوة الإسلامية – ومناقضة لها – وضد توجهات الدين الإسلامي و تخدم الشياطين أعداء الإسلام – و إنّ جميع – الحكام  ومن والاهم وتوافق معهم – من – الفئتين – الفئة التي تطبق العلمانية وتعود إلى المجتمع المدني – أو الفئة التي تدعي الإسلام ولكنها تدخل عليه تلك الأفكار و المفاهيم و الشعارات الشيطانية العلمانية الفاسدة – الفئتين متفقون بشكل أو آخر على خدمة الكافر المستعمر – وهذا ما وضحه الله جلت قدرته و شرحه لنا { انّ الذين كفروا سواءٌ عليهم ءَأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 0 ختم اللهُ على قلوبهم و على سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذابٌ عظيمٌ 0 و من الناس منْ يقولُ آمنا بالله و اليوم الآخر و ما هم بمؤمنين 0 وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون 0 في قلوبهم مرضٌ 0 وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحنُ مصلحون 0 انهم السفهاء ولكن لا يعلمون 0 وإذا لَقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزِؤن 0 اللهُ يستهزيءُ بهم و يُمدهم في طغيانهم يعمهون 0 أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما رَبحت تجارتهم و ما كانوا مهتدبن } ( البقرة 7 ) و هؤلاء هم الذين يبغونها – عوجا – بالتوافق – وليس مصلحون 0

            و انّ – مصالح- حكام -  كيانات العالم الإسلامي  و – مناصبهم – ترغمهم على – محاربة الإسلام         و المسلمين – و التمسك بكل أمر يؤدي إلى إبعاد الإسلام عن التطبيق في الحياة الدنيا – لانهم لم يتسلطوا عن طريق الشعب – وحتى يبقى – تسلطهم و توليهم – الذي يحرمه الله تعلى على الناس – وبالنتيجة فهم خدم لأسيادهم الفرعون الكبير – الكفار العلمانيون و أعداء الإسلام – الذين اختاروهم و انتقوهم من بين ملايين الناس و جاءوا بهم إلى السلطة و استلام الحكم – وانّ بقاءهم مرهون – برضا و أمان – الفرعون الكبير – الذي اختارهم من بين – المحرومين و الجياع و التفاهة و الجهالة وفي أصلهم شك و تساؤل – لذلك لابد لهؤلاء انْ يؤمنوا بفكرة – تسلط الحزب الواحد – إذا كانت لديهم خلفية حزبية – ولا يؤمنون بفكرة – تعدد الأحزاب 0

            في حين إنّ الذين يأتون إلى – الحكم و السلطة – بضمان ورضا و أمان – أهله و أصله و شعبه و أمته – ونصرتهم – مثلما حصل مع رسولنا الحبيب – فهؤلاء – مخلصون و مصلحون – ولا خوف منهم ولا خوف عليهم – و يديرون شؤون الحكم حسب إرادتهم و حسب مصلحة أمتهم – و يؤمنون بفكرة – تعدد الأحزاب – ويرفضون فكرة – الحزب الواحد – و إنّ الذين يأتون إلى الحكم – بضمان و أمان و نصرة الكفار و أعداء الإسلام – فهؤلاء – خونة – وينفذون ما اشترط عليهم – ولي كرسي حكمهم – و من ضمن هذه الشروط – عدم إقامة الدولة الإسلامية الواحدة – وعدم – إعلان الخلافة الإسلامية – خلافة محمد رسول الله الحبيب – بل ومن الشروط – محاربة الإسلام في أحكامه الشرعية – وهل نسينا قيام حاكم انقلاب 14 تموز – بتغيير – حكم الله للذكر مثل حظ الأنثتين – وجعله بقانون – للذكر مثل حظ الأنثى الواحدة – ومن أبرز شروط الكفار – محاربة – التعددية الحزبية – على خلاف ما يدعون – ومحاربة كل من يدعو  إلى الله تعالى و إلى أحكامه بمختلف أساليب المحاربة و أقساها و أفظعها هو منع السفر و التنقلات بمختلف الموانع – القانونية و المالية و المخابراتية        و الأمنية – ولكن الجواسيس و الفاسقين هم أحرار من هذه الموانع – وانّ الموانع حتى في – سفر حج بيت الله الحرام – و العجيب إنّ بعض الفئات السياسية المعارضة والمشبوهة والتي كانت تدعي الإخلاص – تشترك في مظاهرة لرفض واستنكار زيادة رسم السفر من قبل الحكومة في حينها و الذي كان تافها مثلا – ديناران – والزيادة كانت إلى – عشرين دينار – و قامت المظاهرة بحرق السيارات و تخريب بعض عقارات البلد – ولكن تلك الفئات عندما اشتركت في الحكم أو انفردت به قد زادت رسم السفر إلى – أربعمائة دينار – وليس إلى – عشرين دينار – فكيف تكون العمالة و الخيانة – ومن ذلك يظهر إنّ سياسة منع السفر ترتبط  بأعداء الإسلام وانّ الحكومات المحلية لكيانات العالم الإسلامي ما هي إلا منفذ وعبد مطيع 0

            و أحسن مثال على ما ذهبنا إليه في موضوع – أمان – و ديمقراطية – الحكومات المحلية لكيانات العالم الإسلامي هو – إنّ الحاكم في مصر اليوم – وفيها الأزهر الشريف – هو من – أصدقاء – أمريكا – الدولة الأولى والقطب الواحد في العالم و راعية الاستعمار و الكفر والعلمانية – وزعيمة الديمقراطية – و لكنها – تؤيد الوضع الفرعوني الاستبدادي في مصر – بالرغم من – انعدام الديمقراطية فيها – وانّ أمريكا – تهنيء – حاكم مصر هذا لترشيح نفسه – المنفرد – ودون منافسة له – لرئاسة الدولة – لدورة رابعة – وانتهت ثلاث دورات مدتها ثمان عشر سنة – ولم يبق إلا أنْ يصبح – ملكا – وهذا يخالف ما تدعو إليه أمريكا في الديمقراطية و حقوق الإنسان – بالإضافة إلى الملايين أو المليارات الدولارات تقدمها له دعما لحكمه وليس لإعمار البلد و تقدمه – ولو لم يكن هذا الحاكم مرتبط عمالة بأمريكا لاعتبرته – طاغية و دكتاتور و ممن يحمي الغدر – الذي  يسمونه – الإرهاب – و بعكس ذلك فانّ أمريكا تعتبر هذا – التسلط و الاستبداد في مصر – ديمقراطية وبلد متقدم – وهي تعرف – عين اليقين – إن النظام في مصر من الأنظمة المتخلفة و غير ديمقراطية ولكن مادام حاكمها والمسؤولون فيها من الموالين لها و يقفون حراسا لمصالحها و مصالح الدول الضالعة معها – إسرائيل – ويحولون دون استئناف الحياة الإسلامية فهم ديمقراطيون في الدنيا – ولكن في الآخرة سوف تتولاهم نار جهنم ويا ويلهم منها 0

            و قبل الاجتماع و اللقاء المرتقب بين الرئيسين – الأمريكي و المصري – فانّ الرئيس الأمريكي يصرح وهو في طريقه إلى الاجتماع واصفا حاكم مصر – الحليف و الشريك و الصديق الحميم – وأما الرئيس المصري فقد صرح – انّ العلاقات الأمريكية المصرية بالغة الأهمية و نحافظ عليها بأحسن حال – هذه هي العلاقة بين القطب الواحد وبين كيان قطعه الاستعمار من جسم الأمة الإسلامية 0

            و كشفا لجزء من مخطط الكفر علينا أنْ نوضح بانّ هذا – الحاكم – في مصر اليوم – هو – مخاض – وامتداد لانقلاب عام 1953 – الانقلاب الذي أطاحَ فيه بعض الضباط بالنظام الملكي – الملك فاروق – العميل لبريطانيا التي كانت تسيطر على – قناة السويس – دوليا – لذلك فانّ بريطانيا قد أبقت القناة – ضيقة – و كافية لمرور بواخرها التجارية الصغيرة فكانت هي المحتكرة و المسيطرة على تجارة الشرق لانّ بواخرها تصل قبل بواخر أمريكا – فاستبدلت أمريكا – النظام الملكي بالنظام الجمهوري – جمهورية أفلاطون العلمانية - أولا و ثانيا – وسعت – قناة السويس – فأصبحت تستوعب بواخر أمريكا العملاقة – التي كانت تسلك طريق – رأس الرجاء الصالح – جنوب أفريقيا – وبذلك أصبحت أمريكا هي المسيطرة على تجارة الشرق بوصول بواخرها العملاقة وهي محملة بالبضائع الضخمة – وهذه جزء من – العولمة الاقتصادية – بعد العولمة الثقافية والفكرية – و انّ - الحاكم – في مصر اليوم هو رئيس الجمهورية الرابع في هذا الانقلاب و سبقه ثلاث رؤساء جمهورية الأول اللواء محمد نجيب و الثاني المقدم – البكباشي – جمال عبد الناصر والثالث المقدم  أنور السادات الذي عقد الصلح مع – رابين – رئيس وزراء إسرائيل – برعاية أمريكا في – كامبديفد – وقد تم قتل السادات و رابين 0

            وفي صباح يوم الانقلاب المصري – قام – فاروق ملك مصر – الاتصال هاتفيا مع – السفير الأمريكي – و طلب منه إخراجه سالما من مصر – ولم يتصل بسيده – السفير البريطاني – رغم عراقة ارتباطه مع بريطانيا – وفعلا قد أعطاه السفير الأمريكي – عهد السلامة – في باخرة أقلعت من الإسكندرية و وُدعت بإطلاقات المدافع الرسمية – و إنّ سبب نجاح الانقلاب هو – إتقان تخطيطه – واعتماد المخططين على – المشاعر الإسلامية        و سذاجة المسلمين – الذين خدعتهم أمريكا باستعمالها لقيادة الانقلاب – الرجل الساذج الطيب اللواء محمد نجيب – المعروف في الوسط الشعبي المصري – بإسلامه و صلاته و صومه ولم يدرك ما خبأ له المخططون أعداء الإسلام – والذي بقيّ عائشا معتقل داره إلى ما بعد قتل عبد الناصر و السادات وشاهد مصيرهم و هو معتكف ومواضب على صلاته إلى إنْ وافاه الأجل قريبا و هل إنّ الله تعالى سوف يحاسبه على السذاجة أم سيقول له المفروض بالمسلم واعيا و عميق التفكير وشخصية يملك العقلية الإسلامية و النفسية الإسلامية وانْ لا يقتصر سلوكه على العبادات فقط – وانّ الحاكم الثالث في هذا الانقلاب – أنور السادات – قد أصدر كتابا في بداية الانقلاب بعنوان – يا ولدي هذا عمك جمال – كتاب إعلامي لتعريف هوية الانقلاب ورئيسه الفعلي جمال – وقد ورد في هذا الكتاب النص التالي – نحن ضباط الانقلاب الضباط الأحرار كنا جالسين في أحد النوادي مع السفير الأمريكي لوضع المخطط و مناقشته - ولكن السفير البريطاني كان يتحسس وجودنا و يفتش عنا فلا يجدنا -  ولم يذكر اللواء محمد نجيب من بين الضباط المجتمعين – ومع ذلك فإننا نُذَكر وننبه الحاكم الحالي في مصر و الحاكم التالي له – إذا تحقق ما قاله الله تعالى { ما ظننتم أنْ يخرجوا  و ظنوا انهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم اللهُ من حيث لم يحتسبوا و قذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتَهم بأيديهم و أيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الألباب} (الحشر 2 ) فلا تنفع حصون أمريكا – مثلما لم تنفع حصون بريطانيا – ولم تنفع حصون أمريكا مع خراب بيت أنور السادات عندما قتل في الاستعراض العسكري – وانّ أمريكا و بريطانيا و أي دولة كافرة وكذلك العملاء يخربون بيوتهم بأيديهم و أيدي المؤمنين فاعتبرو يا أولي الأبصار 0

 

            و إنّ أمريكا تدرك كل الإدراك – لا يمكن تطبيق الديمقراطية الغربية العلمانية – في المجتمع الإسلامي  إلا إذا – تغير- المجتمع الإسلامي إلى - مجتمع غير إسلامي – و هذا ما تسعى إليه أمريكا و حليفاتها – و مثلما فعلوا في – مجتمع تيمور الشرقية – الأندنوسية المسلمة – في حين إذا بقي المجتمع – مجتمع مسلم – فانّ نتيجة أي انتخابات حرة سوف لا تأتي إلا – بنتائج إسلامية – وهذا ما حصل في – الجزائر – فالانتخابات رغم التدخل فإنها جاءت بفوز أشخاص مع الإسلام – حتى ولو مشاعريا أو شكليا أو حقيقة – وهذا هو ما يخاف الغرب الكافر منه – ومثل ما حصل في الجزائر فقد حصل في - تركيا – ولو – جزئيا – وفي هاتين الدولتين العلمانيتين – الجزائر و تركيا – قد وضع أعداء الإسلام – جهاز – يسمونه – الضباط أو العسكريين- و يحافظ هذا الجهاز على – العلمانية الكافرة – ولا ندري من أي العوائل ومن أي أصل هؤلاء الضباط و العسكريين هل هم من عوائل غير إسلامية أو من عوائل – لا أصل لها – وهذا هو واقع معظم الفراعنة الصغار – وإننا لو تحرينا عنهم لوجدناهم من عوائل غامضة { يا نوح انه ليس من أهلك انه عملٌ غيرُ صالح } ( هود 46 ) – أم أنهم أشخاص لا دين لهم – فهم – كالبهيمة همها علفها- وهذا هو – حال و واقع – البهائيين و الماسونيين –           و أمثالهم – وكالتي – تحمل أسفارا – وتحمل – مهمة الحفاظ على مصالح الكفار بإلغاء النتائج الإسلامية في أي انتخابات يتورط بها الكفار – ولا مانع لأمريكا و حلفائها الكفار من – تطبيق -  نظام الوراثة – الابن يرث أبيه في الحكم – في الأجزاء الموالية لهم – عندما لا يقدرون على مجيء فئات بالانتخابات لخدمة مصالحهم وهذا ما حصل في سوريا الجمهورية مؤخرا 0

 

            و إنّ رسولنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي – نظف الحجاز و الجزيرة من الكفر و هجر اليهود منها – من أرض ومهبط – الوحي – وحشرهم ابتداءا في – الشام – في حين اليوم – توجد قواعد عسكرية للكفار وأعداء الإسلام في – الحجاز والجزيرة – وهذه القواعد العسكرية هي اليوم ليست أقوى و أفتك من – قلاع خيبر – التي أنهى وجودها رسول الله الحبيب و أهل بيته وصحابته الكرام – وقد نسوا حكام الجزيرة حديث ووصية رسولنا العظيم و العزيز بوجوب إنْ ينفرد – دين الإسلام – بالحجاز و الجزيرة – لا يجوز أنْ يكون فيها دينان –  و بفضل السعوديين أصبح يوجد فيها اكثر من – دينين – واكثر من – لا دينيين – واكثر من – الحاد و كفر – مع قواعدهم و قواتهم العسكرية لحماية أنفسهم – الكفر – وحماية السعوديين معهم – ومثل هذا     و أكثر منه ما فعله – حكام الأجزاء الأخرى من الجزيرة – اليمن و الإمارات و عمان و قطر و البحرين و الكويت – ومؤخرا صرح حاكم اليمن الذي يزور أمريكا – إنّ اليمن لا مانع لديها من مجيء اليهود – يهود خيبر أو يهود بني نضير وبشرط لا يحملون جواز سفر إسرائيلي – ومع دويلة قطر يوجد تمثيل دبلوماسي مع إسرائيل علنا      و أما في السر فحدث ولا عجب 0

 

            بعد أنْ انتهينا سياسيا من مناقشة و بحث سيرة رسولنا الحبيب و العظيم في – ترأسه – أول حزب سياسي عالمي حضاري – وحمله أول دعوة سياسية إلى العالمين – وقد  ترأس – أول دولة إسلامية حضارية في العالم بعد انْ أقامها – وكان – حزبا واحدا – في – الدعوة و الدولة – وانّ الواقع الرسالي لرسولنا الحبيب لم يسمح في – المجتمع الإسلامي – الذي أوجده وأسسه – حديثا – و كذلك – الشخصية الإسلامية – عقلية ونفسية إسلامية - التي انشأها في الفرد المسلم – الصحابة – حديثا – لم تكن تسمح بوجود أكثر من - حزب واحد –  في حياته لعصمته  -  وهذه من خصوصيات الرسالة كما قلنا ولا يجوز القياس عليها – ولكن وجود – فكرة ومفهوم و حكم شرعي – بوجوب تشكيل الحزب – و وجوب تعدد الأحزاب – في – العقيدة الإسلامية و مبدأها –التي تركها لنا رسولنا الحبيب – هو الذي يحتم على كل مسلم العمل السياسي سواء الفردي أو المنظم في الحزب حسب الغاية التي يتحتم تحقيقها – من لم يهتم بأمر المسلمين ليس منهم – حب لأخيك كما تحب لنفسك- وهذا واضح عند كل ذي بصيرة وهذا ما سنناقشه وبتلخيص و تركيز في الأسطر التالية :

 

            إنّ كل رسول و نبي هو – معصوم-  وانّ رسولنا محمد الحبيب كان معصوما وهو جاء – بعقيدة ومبدأ – رسالة – أنظمة – إلهية -  لبناء المجتمع – والعالم الإسلامي – على أساس هذه – العقيدة  و المبدأ وهو – وحده – الذي يعرفها ويعلم بها و يفهمها – ولا غيره عنده أي إلمام بها – لأنها لم تكن موجودة – في الحياة الدنيا – قبل مجيئه – لمرور قرون على آخر رسول – عيسى عليه السلام – وانّ كل من سبقه من رسل و أنبياء – جاءوا – بأوليات – الرسالة المحمدية الإسلامية – تلك الأوليات التي تشوشت و تعكرت و تشوهت نتيجة مصالح الحياة الدنيا و زينتها – وانّ الذي يريد أنْ يصنع أو يكتشف و يخترع – آلة – إذا جاز لنا هذا التعبير – لا يمكن أنْ يسمح لغيره التدخل في هذا العمل – خاصة وانّ – العقول – تختلف و تتباين بالعمق و البعد – قطعا –     و هذا بالنسبة لتصنيع – آلة – فكيف بالنسبة لتصنيع – إنسان – عقلية و نفسية – وتصنيع -  مجتمع – وهذا هو الذي تسبب في – جمع وتوحيد – أعمال التصنيع الرباني و الرسالي في – العصمة – لكي لا تقع – الفتنة و الزيغ – عند المسلمين – من هو سالم ومن هو مريض في قلبه – في حياة الرسول الكريم و وجوده بين الناس – ولكي يكون البناء سليما و صحيحا 0

            هذا من ناحية ومن ناحية أخرى – وهي مهمة جدا – المدة – التي استغرقها – عمل المعصوم – في – خلق وبناء – الشخصية الإسلامية للفرد – والمجتمع الإسلامي  والتي استغرقت – ثلاث و عشرين – سنة – ثلاث وعشرين سنة – دعوة و دولة – و إنسان جديد – ومجتمع جديد – مجتمع إيماني – وإنسان يبيع نفسه و ماله في سبيل الله سبحانه- يصنعهم من بين – الكفر و الشرك و القوميات و العشائر و الفساد بكافة أنواعه و أبعاده     و العداوات – منها – نادي العراة في الكعبة المكرمة و وأد البنات – دفنهن أحياء 0

            و إنّ مدة – ثلاث وعشرين سنة- مدة خارقة و معجزة – لا يمكن أنْ تحصل و تتحقق - لولا إنها -  إلهية و معصومة -  وحتى نقرب الفكرة من أذهان الناس –  نضرب مثلاً – في يومنا الحاضر – يوم المكننة       و الانترنيت و التقنية – فان حاكم مصر وغيره من حكام الكيانات الأخرى – قد استغرق – حكمه – بيننا مثل هذه المدة – ثلاث و عشرين سنة – وأكثر – وكذلك – منظمة فلسطينية – قد استغرق عملها – ضعف هذه المدة واكثر – خمسون سنة – ماذا عمل – الحكام و المسؤولون والمنظمات – وماذا صنعوا غير الفساد و الدمار – رغم انهم قد استلموا المسؤولية – مباشرة و بدون دعوة – ولكن بدعم أسيادهم – انهم عاشوا عشرات السنين ولم يزرعوا غير الفناء و القتل و تهديم القيم و الأفكار و المفاهيم و الأخلاق وتخريب الاقتصاد و نشر الفساد حتى في أنفسهم و أهليهم وعوائلهم و مؤيديهم و تابعيهم لا لشيء إلا لخدمة الأسياد و البقاء لاستمرار هذه الخدمة – وهناك – عمل و تصنيع – كان على مستوى – دولي – التجربة الشيوعية – استغرقت – مدة خمس و سبعين سنة – بإقامة – دولة الاتحاد السوفيت – انتهت بالفشل و الدمار – دمار الاقتصاد ودمار المجتمع و الإنسان ودمار الحكم من وحدة إلى تجزئة ولم ينفع حتى الاتحاد الفدرالي الفاسد 0

            إذاً فإنّ رسولنا الحبيب يجب أنْ ينفرد – بالحكم – لأنه – معصوم – لإنجاز مهمته – بفترة زمنية قياسية – و معجزة – وبناء – إنسان و مجتمع – حضاري – ودون أنْ تحصل – الفتنة – رغم وجود – النفاق و الكفرة – وان – الانفراد – يعتبر خصوصية من خصوصيات – النبوة و الرسالة الإسلامية المحمدية – عقيدة ومبدأ في وجوب تعدد الأحزاب بعد النبوة و الرسالة 0

            وأما بعده – بعد وفاة رسولنا الحبيب – فنحن ملزمون بأحكام و قواعد – تنبثق من هذه – المعجزة – العقيدة و المبدأ – وانّ من بين هذه - الأحكام و القواعد – أولاً – أمرنا شورى بيننا – وليس تسلط و تولي وطغاة وليس استخلاف أو ولاية عهد أو وراثة أو ملكية أو مشيخة أو جمهورية و كلها حرام – و إنما  أمرنا – اجتماعي وحضاري – فيه عقول و أدمغة – تفكر و تبدع – وتختلف وتتعدد وفيه -  نفوس – لها ميول وغرائز     و جوعات – تسعى لإشباعها – بالتنافس و التسابق – ولكن – قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها – والواجب الشرعي هو للخير و بالعمل الصالح – وثانيا – إننا مأمورون- بالتعددية الحزبية { ولتكن منكم أمةٌ يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون } ( آل عمران 104 ) – ولتكن – أمر – عيني أو كفائي – حسب الواقع و الوقت – ومنكم – للتبعيض و التعددية و ليس الانفراد – وكذلك قوله جلت قدرته          { فسوف يأتي اللهُ بقومٍ يُحبُهم و يُحبُونَه أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يُؤتيه من يشاء } ( المائدة 54 ) فالله تعالى قد أخذ على نفسه أن يأتي – بقوم – جماعة – وليس – فرد و بوصف أراده هو جلت قدرته وبدأ هو بنفسه – يُحبُهم – ومن ثم – يُحبونَه – وهذا فضل الله عليهم بأقوى صلة وهي صلة الحب – وهناك الكثير ممن – يحبون الله – وليس فرد واحد – أو جماعة معينة { أولئك حزب الله ألا إنّ حزب الله هم المفلحون } ( المجادلة 22 ) فلا يوجد ناسخ لهذه الآية          و كذلك لا يوجد – حكم شرعي – يقول – إذا وجدت جماعة تعمل إلى الله و تجاهد في سبيل الله فعلى المسلمين – عدم تشكيل جماعة أخرى أو حزب آخر – وهذا مجرد ادعاء القاعدين و أعداء الإسلام – ولم نجد مثل هذا – الحكم – وإنما الموجود هو – تحريم الوقوف بوجه – التنافس و التسابق – وانّ الله تعالى قد أخبرنا بأخباره العظيم { و اللهُ و رسولُهُ  أحقُّ  أنْ يرضوه إنْ كانوا مؤمنين 0 ألم  يعلموا أنّهُ من يحادد اللهَ و رسولَهُ فأنّ له نارَ جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم } ( التوبة 63 ) 0

 

شعائر الله العظيمة  و التاريخ  :    

 

            ونحن في بحث ( محمد رسول الله و رسول الإنسانية ) و السياسي العظيم لابد لنا انْ ننظر إلى – أمر مهم وخطير جدا – في حياة المسلمين و الإنسانية – يحاول أعداء الإسلام خاصة – الصليبيون و العلمانيون – استغلاله في -  محاربة الإسلام وتفريق المسلمين – وانّ هذا الأمر قد تعرض له ربنا الجليل في قوله الكريم { ذلكَ و منْ يُعظمُ شعائرَ الله فإنها منْ تقوى القلوب }   ( الحج 32 ) و إنّ كلمة – ذلكَ – إشارة إلى – الكفر- و – شعائر الله – هي الإسلام -  ومن الواضح لدى كل مسلم – هو أنّ – الشعائر – هي – غير الأشخاص – و إنّ الشعائر هي كل – ما يُعمل به و يُطبق – في التعامل الإنساني ليكون -  رحمة و نعمة و سعادة و شفاء للعالمين – وهي كذلك – وحدة العبادة وتوحيد ما يُعبد – ومن أولياتها – وحدة الحكم – ووحدة الأمة –         و نكرر هي – ليس تعظيم الأشخاص – ولكن نعظمهم من خلال التزامهم بالأعمال الشرعية خاصة أعمال العبادة – وانّ الذي يعظم هو -  الأعمال الشرعية والالتزام بها وليس الأشخاص – وانّ -  رسول الله – عظيم – من خلال – رسالته عقيدة ومبدأ – ومن خلال -  تبليغه لها- و إنّ أي – صحابي هو – عظيم - أساساً – من خلال – التزامه و تطبيقه لشعائر الله العظيمة  – وليس من خلال الصحبة – لانّ الله تعالى قد نبهنا إلى عظمة الشعائر و ليس إلى عظمة الأشخاص – لذلك نرى – إنّ أي ابتعاد من قبل أي شخص – صحابي أو تابعي – عن شعائر الله سواء بتعطيلها أو سوء تطبيقها – تقل درجة عظمته عند الله و الناس – { وانْ كادوا ليفتنونك 0 وأحذرهم أنْ      يفتنونك } ( الإسراء و المائدة ) – لذلك فانّ الرسول الحبيب في – قمة العظمة – ليس بتاريخ  ولادته أو بتاريخ وفاته -  وإنما وكما قلنا – بمكانته و واقعه في شعائر الله العظيمة – وهي القمة -  ولو كان عظيما بتاريخ ولادته أو وفاته – لما اختلف المسلمون في تاريخها – ولكن الله و رسوله قد تقصدا في عدم تحديد وعدم تثبيت تاريخ الولادة – ولكنهما قد تقصدا في – تحديد الأعياد للمسلمين و هما – عيد الفطر المبارك و عيد الأضحى المبارك – و هذه هي شعائر الله تعالى – مثلما – ثبتا بعض الوقائع في القرآن المجيد { فلما قضى زيد منها وطرا } لتكون – شعائر لبناء الإنسان الصحيح و المجتمع الصحيح – وليس لأنها تاريخ – وإننا لا ندعو إلى إهمال التاريخ وإنما نقول يجب الرجوع إلى التاريخ و دراسته ولكن التاريخ ليس هو الأحكام الشرعية ولا هو شعائر الله الدينية – وان أعداء الإسلام يريدون جعل – شعائر الله – مجرد تاريخ ولا يهم انْ نحن نسينا التاريخ أو تذكرناه – ويريدون تثقيف المسلمين – بان إسلامهم هو تاريخ وليس شعائر و أحكام – { يريدونَ  ليُطفئوا نورَ الله بأفواههم واللهُ مُتمُّ نورِهِ ولو كَرِهَ الكافرون } ( الصف 8 )   – ومن ضمن أساليب محاربتهم للإسلام – وضع برامج في الإذاعة       و التلفزيون وبشكل مكثف تكون المعلومات التاريخية و حوادث التاريخ خاصة المتعلقة بالإسلام والمسلمين هي الأساس في تلك البرامج – وليس الشعائر العظيمة – العقيدة و المبدأ – مثل – برنامج وزنك ذهب- وجميع برامج المسابقات و الأسئلة – مثلا – لا يضعون سؤال : من هو الذي يطبق عليه قوله تعالى من لم يحكم بما أنزل الله – وسؤال : لماذا لا يوجد خليفة اليوم – وسؤال :  ما هو الصحيح و المفيد للإنسانية هل حكم الخلافة أم حكم الجمهورية أو الملكية – وسؤال :  هل هناك اختلاف بين الشورى و الديمقراطية وما هو – في حين يضعون أسئلة : ما هو عدد زوجات الرسول – ومن هي التي تزوجها الرسول بعد خديجة هل هي سودة أم عائشة – وما هو تاريخ ولادة الرسول – ومن ذلك يظهر لنا إنّ الشيطان الكافر و أعداء الإسلام – خبثاء – لانهم – يكادوا – أنْ يتمكنوا من – تحويل عمل و معركة الصحابي الحسين في كربلاء  إلى مجرد تاريخ باليوم و مجرد ذكرى – في حين – إنّ الصحابي الحسين – عظيم – من عظمة عمله العقائدي و هو إحياء و تعظيم أهم شعيرة و حكم شرعي في الإسلام وهو – حكم إنكار المنكر – وحكم من رأى سلطانا جائراً – وانّ عظمته – هي من عظمة هذه الشعائر التي توجع مضاجع الكفار و المنافقين و أدعياء الدين المنحرفين الذين لا يدعون إلى – إقامة الدولة الإسلامية الواحدة – وإنما يدعون إلى محاربة الشعائر و الأحكام الإسلامية بحجة محاربة تعظيم الأشخاص وتكفير المسلمين وقتلهم وهذا ما يخططه و يغذيه اليوم الكفار دوليا ويمدوهم بالأموال الطائلة و الأسلحة الفتاكة ليقتل المسلم أخاه المسلم و إظهار الإسلام بمظهر الوحشية و ما يسمونه الإرهاب في حين إنّ رسولنا الحبيب علمنا وفهمنا أهم شعيرة  وأهم حكم –وهو – لا يجوز للأحزاب والحركات أنْ تزاول الأعمال المادية و العنف و المقاومة المسلحة لأنها أعمال من صميم اختصاص الدولة و ليس من اختصاص الأحزاب و الحركات فما على الأحزاب والحركات إلا الدعوة و العمل الفكري لإقامة الدولة الإسلامية الواحدة – و كذلك يبقى المسلم ملتزماً بالحكم الشرعي ( يموت و يستشهد من أجل  دينه و ماله و عرضه -  و الجهاد من أجل الدفاع عنها )  ( فردياً  وليس جماعيا – لأن العمل الجماعي يجب أنْ يكون منظم و يحتاج إلى أمير و مرجع – و هذا متوفر في  – الدولة – فإذا كانت موجودة فهي التي تقرر وتأمر و تنظم الجهاد – للدفاع و الدعوة –  و إذا كان سلطان الدولة جائراً فيجب على كل مسلم تغييره -  و إذا كانت الدولة  غير موجودة – فيجب العمل لإقامتها فردياً  و جماعياً -  و العمل الجماعي يجب أنْ يكون منظم و يجب أنْ يكون فكرياً و ليس مادياً ) .   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق