الفرع الثاني عشر
نهاية حكم ( بني أمية ) بآخر حاكم لهم ( مروان الحمار )
المهم هو إنّ ( الخليفة الرابع علي ) و هو ( ولي الله - و عضو العترة ) قد ( أقسم بالله العظيم ) على - إنّ فترة حكم بني أمية ستكون قصيرة – حيث قال (( فأقسم بالله يا بني أمية عما قليل لتعرفنها في أيدي غيركم و في دار عدوكم )) و هذا ما حصل فعلاً و هي مسألة ( غيبية ) لابد و أنْ تلقاها من رسول الله صلى الله عليه و آله – و لم يقل ( في أيدينا ) و لا ( في دارنا ) و إنما قال ( غيركم - و عدوكم ) لأنّ رسول الله و آل بيته – لا يعادون المسلمين – لذلك صارت عند – بني العباس – و بالقوة و العنف و هي أعمال كذلك لا يزاولها حزب أهل البيت المتمسك بالعقيدة و الأعمال الفكرية - و إنّ المدة القصيرة أقلّ من - القرن – المائة سنة .
و مع ذلك نقول إذا كان هناك عذراً و حجة – و هذا مستحيل – عند – الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي – في عدم مقدرته من جعلها – شورى - مباشرة عند – استلامه الحكم – لخوفه من أنْ يؤدي ذلك إلى نقمة ( بني أمية و المجلس العائلي المرواني ) عليه أو غضبهم منه – و لكن ما عذره و ما هي حجته في عدم تطبيق – حكم الشورى – بعد السنة أو السنتين أو الثلاث من حكمه و نفوذه أو الأيام و الساعات الأخيرة من قرب انتهاء الأجل و مفارقة – الحكم – و ملاقاة ربه – في حين بدلاً من أنْ ينفذ ( وصية الله و أمره بتطبيق أحكامه ) نجده نفذ ( وصية ابن عمه – سليمان ) الذي ولاه العهد و وصاه بأنْ يعهد – الحكم – من بعده إلى ابن عمه – يزيد عبد الملك - و من ثم إلى – هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي ) - و غفل عن اليوم الآخر .
و هكذا استمرت ( دولة الأمويين – الملك العضوض ) في الشام – و هي ليست ( الدولة الإسلامية – المحمدية - و لا الخلافة الإسلامية – في جميع أحكامها الإسلامية – كما أرادها الله و رسوله ) و إنما ( شُبهت بها ) وإنّ سبب هذا – الشبه – هو لأنها ( بقيت العقيدة الإسلامية هي - المعلنة – و تعلن تطبيق الأحكام الشرعية – و تدعي الخلافة الإسلامية ) – و قد استمرت – دولة الأمويين – في تسلسلها – للحكام – الأمويين (بالوراثة – و ولاية العهد - و بالوصية ) و إنّ اسمها – الدولة الأموية و ليس الدولة الإسلامية أو دولة الخلفاء – هو أحسن دليل على كل ما ذهبنا إليه .
و مهما كان يسمى – الحاكم - ( العادل أو الظالم ) فالمخالفات الشرعية و إساءة التطبيق و تعطيل الأحكام – حاصلة – خاصة قتل الأبرياء و النفوس المحرمة و تصفية الصحابة و السلف و التابعين – مستمر – و قد لاحقوا الناس أينما هاجروا و أينما رحلوا – و لم يسلم منهم إلاّ الصحابة و السلف الذين – أغلقوا أفواههم و ابتعدوا عن السياسة و أعطوا الولاء إلى – بني أمية - مثل الصحابي سعد بن أبي وقاص و ولده الصحابي سعد الذي قاد جيش يزيد إلى – كربلاء .
و إنّ من أسس – عقد البيعة – و ركنها المهم ( الرضا و الاختيار ) و لكن عند بني أمية قد تبدل هذا الركن فأصبح ( القوة و العنف و الترهيب و التخويف و الترغيب و شراء الذمم بالمال و المناصب و جاه الدنيا وزينتها ) و هذا أدى إلى مجيىء المنافقين و أجهل و أضعف و أتفه و أميع الأشخاص – و المعقدين و الحاقدين – لاستلام الحكم و السلطة و المناصب في الدولة الأموية - بفضل الأجهزة القمعية التي أسسوها – في حين شرعاً – إنّ أحق الناس – بالحكم – وبعقد الخلافة – هو – أقواهم – جسماً و عقلاً – و أعدلهم – و أعلمهم بأمر الله – و أقواهم هو الذي يكون عنده – الظالم ضعيف – ليأخذ منه حق المظلوم و عنده – المظلوم قوي – ليأخذ له حقه ممن ظلمه .
و كذلك قال – الصحابي علي – قولاً دقيقاً و محدداً و فيه شيء من – الغيبية – و هو (( إنّ الله تعالى سيجمع بني أمية لشر ِ يوم ٍ كما تجمع قزع الخريف يؤلف بينهم – ثم يجعلهم ركاماً كركام السحاب و يُزعزعهم الله في بطون أوديته ثم يسلكهم ينابيع في الأرض يأخذ بهم من قوم ٍ و يُمكن لقوم ٍ في ديار ِ قوم ٍ و أيمُ الله ليذوبن ما في أيديهم بعد العلوِ و التمكين كما تذوب الألية على النار )) و هذا هو الذي – حصل .
( كيف انتهى – المتسلط مروان الحمار – آخر الحكام الأمويين في الشام )
لقد ثار على بني أمية – عموم الناس – في جميع – مراحل حكمهم من أول يوم تسلطهم على الحكم – كما تفور الينابيع من عيونها – و قد نجحت إحدى تلك الحركات من – الانقلاب – و استلام الحكم – تلك الحركة التي كانت مبطنة – بالعباسيين – و مغلفة باسم – العلويين – و كان ذلك في عهد آخر حاكم أموي هو ( مروان بن محمد بن مروان بن الحكم الأموي – الملقب – بالحمار ) و الذي ولد سنة اثنين و سبعين هجرية في ( الجزيرة – الحجاز – و أبوه محمد بن مروان كان – والياً - على المدينة المنورة ) و عندما أصبح – مروان الحمار – شاباً فقد اشتهر بالفروسية و العنف و الدهاء و قد تسلط على – الحكم - سنة مائة و سبع و عشرين هجرية – عندما كان في – أرمينية في القفقاس – و قد قتل من قبل - بني العباس – بعد أنْ التقوا معه في معركة قرب – الموصل – في العراق – فانكسر جيشه و هرب إلى – الشام – و لحقوا به – فهرب من الشام إلى – مصر – فقتلوه في قرية – بو صير – سنة مائة و اثنين و ثلاثين هجرية – و جيئ برأسه إلى – عبد الله العباسي - و قد وضع عبد الله العباسي – رأس مروان الحمار – أمامه في طشت – و لكنه غفل عن الرأس – فجاءت – قطة وأكلت لسان ( مروان الحمار ) آخر حاكم أموي – فسكتت دولتهم في الشام .
{ أ وَ ليسَ الذي خلق السماوات و الأرض بقادر على أنْ يخلق مثلهم }
{ بلى و هو الخلاق العليم }
و هنا لنا وقفة – فقد تلقف و اغتصب ( مروان بن الحكم الأموي ) الحكم – من ( آل سفيان الأموي ) وتسلط على الناس - و قد انتهى – حكم الأمويين – بقضاء الله وقدره - بحاكم – يحمل نفس اسم زعيمهم (مروان ) - ولزعيمهم ( مروان ) قصة - وإنّ قصته هي أنه – عندما تسلط والياً على المدينة المنورة في أيام معاوية - فقد أخذ يقوم - ظلماً – بشتم و سب ( الصحابي علي ) من على – منبر رسول الله - ووصفه (بالحمار ) عدواناً و تعدياً – عندما سأل الصحابي الحسن بقوله – أنت مثل البغل يسألونك من أبوك فتقول أمي الفرس - و إنّ الله تعالى – يسمع و يرى – و إنّ الناس و المسلمين سمعت و رأت ولم تقدر أنْ تحرك ساكناً – والجميع قد سلموا أمورهم إلى الله الواحد القهار و شديد العقاب - و بمرور السنين و الأيام – فقد نسي الناس هذا – الحادث – وصف الحمار – لأنه صدر من شخص معتد ٍ – و تافه و جبان – و الناس لا تعير اهتمامها للتافه و الجبان – خاصة و إنّ اعتداءه كان ضد إنسان هو ( ولي الله ) { ألا إنّ أولياء الله لا خوفٌ عليهم و لا هم يحزنون } و هو ( بطل – فقد أخضع ببطولته بني أمية للإسلام ) - ولكن الله جلت قدرته لم ينساه فأعطى (مروان و أمثاله ) درساً و عبرة ً – فشاء قضاؤه – تعالى – أنْ يلقب في - الحياة الدنيا – آخر حاكم أموي في – الشام – و هو من أحفاد مروان المعتدي بلقب ( مروان الحمار ) ( بالاسم و الوصف ) وقد اشتهر هذا الحاكم بهذا اللقب – و في كتب التاريخ لا يعرفه الناس إلا بهذا الأسم و اللقب – و هذا هو الفرق بين ( إرادة الله – قضاءه ) و بين إرادة البشر – فأصبح ( الحمار – لصيق – مروان ) و على مر الأيام وإلى يوم القيامة – و كذلك ( قطع رأس الحفيد – مروان الحمار ) مثلما ( قطعت رؤوس المسلمين – منهم – رأس عضو العترة – الصحابي الحسين ) و قد تنقل – رأس مروان الحمار _ بين المدن – مثلما نقلوا رأس الحسين – مع الفارق – و الفارق هو أينما نقل رأس الحسين – أصبح له ذكرى طيبة و مباركة في ذلك المكان – فهناك – مسجد الحسين في مصر – وإنّ هذه الأعمال قام بها – بعض المسلمين – في الوقت الذي فيه ( دينهم الإسلام ) يتضمن الحديث الشريف <المثلة حرام ولو بالكلب العقور > و لكن هناك من علماء الدين – و الدين منهم براء – و منهم – ابن حزم الأندلسي يقول ( إنّ المتسلط يزيد – هو فقيه و مجتهد و المجتهد إذا أخطأ فله أجر واحد – فهو يستحق الأجر في قتل الحسين و التمثيل به بقطع رأسه و التنقل به ) – و إنّ الذين يطلعون بعقل على تاريخ بني أمية و أعمالهم يستنكرون أن يكون هذا الحكم باسم ( الدين الإسلامي ) و لكن الذي يخفف على المسلمين – ما أصابهم من ألم وضيم – هو عندما يتذكرون – إنّ الفتنة و البلوى – كذلك خلقها الله تعالى – و هي بالاختيار عند المسلمين و الناس وليس جبراً عليهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق