الفرع الرابع
وليد الكعبة – الفدائي – البطل – الأخ – ولي الله – عضو العترة - الوزير الإسلام كله – يُحبهُ اللهُ – أمير المؤمنين – الإمام – شهيد القبلة ُالمحراب
( الخليفة الرابع الصحابي علي بن أبي طالب )
{ كشجرةٍ طيبةٍ أصلُها ثابتٌ و فرعُها في السماء تُؤتي أُكُلَها كلِ حينٍ }
لقد ورد في صحيح البخاري (( إنّ الصحابي حذيفة بن اليمان – سأل رسول الله – هل بعد هذا الخير من شر – قال < نعم و سيكون هناك دعاة من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا و يقفون على أبواب جهنم فمن أجاب دعوتهم قذفوه إلى جهنم > قلتُ - ما تأمرني إنْ أدركني ذلك – قال < فاعتزل تلك الفرق كلها و لو تعضُ بأصل الشجرة حتى يدركك الموت > - و إنّ أصل الشجرة - الإسلام )) .
إنّ ( الصحابي علي بن أبي طالب ) قد ( أُنتخب ) ( خليفة للمسلمين ) في الخامس و العشرين من ذي الحجة سنة خمس و ثلاثين هجرية – و هو ( الخليفة الرابع ) بعد وفاة رسول الله الحبيب – و لكن هو ( أول خليفة ) بعد النبي قد ( بويع ) للخلافة وفق ( الحكم الشرعي – الشورى – و أمرهم شورى بينهم ) و با ( الاختيار و الرضا ) بكل وضوح وبدون غشاوة – و أول مرة تطبق الآية الكريمة { و أمرهم شورى بينهم } ( الشورى 38 ) بإرادة و قضاء الله { و يأبى الله إلاّ أنْ يتمّ نوره } ( التوبة 33 ) و باستجابة و عمل ولي الله الصحابي علي – و بالرغم من محاولة البشر و ( بتقصد ) أو عن غفلة ( الالتفاف ) على هذا النور (حكم الشورى ) و التعمد في تعطيله – فإنّ الله جلت قدرته لابدّ من أنْ يطبقه في الحياة الدنيا – لأنه نزل للتطبيق و يتم نوره لأنّ هذا الحكم الشرعي ( قاعدة إنسانية و عالمية – شفاء و رحمة وسعادة للعالمين – الحمد لله رب العالمين ) و إلاّ ( ما فائدة نزول هذه الآية الكريمة و حكمها و قاعدتها الشرعية – ولماذا نحولها إلى مجرد – تشاور و مشاورة أو مجلس ) .
و أما الخلفاء الثلاثة الذين سبقوا – الخليفة الرابع علي – فقد أصبحوا خلفاء (ببيعة الطاعة ) و لكن بدون تطبيق ( حكم الشورى – الاختيار بالرضا من عموم الناس ) – و إنّ ولي الله الخليفة الرابع الصحابي علي – كثيرا ما تطرق في ( فقهه و خطبه و رسائله ) إلى شرح و بحث و مناقشة ( حكم الشورى و حكم بيعة الانعقاد ) كأحكام شرعية – و قد فصل شروطها و مدلولاتها – في حين – لم نجد – في ( فقه و خطب و رسائل الخلفاء الذين سبقوه و لا الصحابة – أي إشارة إلى – حكم الشورى و حكم بيعة الانعقاد و الأحكام المتعلقة بها ) و إنّ انفراده في هذا الموضوع يدخل في باب مهمته ( ولي الله ) - وحيث إنّ الشورى هي أساس بحثنا السياسي هذا – لذلك فإنّ دراستنا و بحثنا في أعمال و تصرفات و أقوال ( الخليفة علي و أي خليفة آخر) ستكون على أساس سياسي - فيه - رعاية شؤون الأمة .
( صناعة الصحابي علي - صناعة متخصصة )
{ صنع الله الذي أتقنَ كل شيء } ( النمل 88 )
إنّ الصحابي علي – صناعة و تقنية – إلهية ربانية ( متخصصة ) فهو ( سياسي إسلامي – عقائدي – إنساني – عالمي ) منذ ( طفولته – و حتى وفاته ) - و هو سياسي منذ أنْ كان صغيرا عندما نزلت الآية الكريمة { و انذر عشيرتك الأقربين } ( الشعراء 214 ) – فقد جمع رسول الله الحبيب – كبار السياسيين من بني هاشم و عبد المطلب ( بعد أنْ عمل لهم وليمة بإشراف ابن عمه الصبي علي بن أبي طالب ) والذي كان في سن الرابعة عشر من عمره و من أبرز السياسيين في هذا الاجتماع – و قد انفض اجتماع العشيرة دون أنْ يكسب أي شخص من عشيرته سوى الصحابي علي فقال له رسول الله < أنت خليفتي من بعدي > .
و إنّ الصحابي علي لم يذق ولم يصدر عنه ( الحرام و الكفر و الشرك و الظلم و الفسوق و الفجور و العصيان و الباطل و الشر و الفساد و الكذب و اللمم و كل ما يكرهه الله تعالى و يبغضه - وهذا ثابت بإجماع المسلمين – و لم نجد فئة تخالف ذلك – لذلك جاء عقله – صافياً – بالإسلام – و قلبه – مخلصاً و صادقاً – و هذا هو ( ما نُقل عنه حتى من الأعداء والمبغضين أو من الذين يدعون بأنهم من أهل البيت أو آل البيت في حينها مثل – العباسيين – واليوم ما أكثرهم و هو منهم براء – و إنّ الصحابي علي و هو يحمل مثل هذه الشخصية – عقلية و نفسية إسلامية – كانت بفضل من رباه و وجهه الذي وصفه الله تعالى { إنك لعلى خلقٍ عظيم } ( القلم 4 ) تولاه رسول الله الحبيب منذ أنْ كان صغيراً و عاش في بيت النبوة – و إنّ الرسول الحبيب هو الذي تكفله و احتضنه فأسلم على – يد الصادق الأمين و الرحمة و الشفاء للعالمين – و كان يرافق رسول الله و هو طفلاً – و يأخذه و يصطحبه إلى – غار حراء – و هو في عمر السنة العاشرة – و كان ينتظره خارج الغار مفكراً في السماء و الأرض – وهو أول من يصدّ عنه الأذى و الحجارة و يحميه بنفسه .
و إنّ الصحابي علي هو ( ثمرة الفلاح العظيم ) و صناعة التقني و الفني الأكبر – الله أكبر – ومن ثم رسوله الحبيب ( جسماً و عقلاً و قلباً و نفساً ) فهو ( خير ثمرة لخير شجرة) – و إنّ الصحابي علي أول المسلمين إسلاماً من الذكور بعد إسلام – الصحابية خديجة الكبرى زوجة الرسول و أم المؤمنين { و انذر عشيرتك الأقربين } و هو أول من صلى خلف رسول الله و كان عمره ثلاث عشر سنة – و هو أول مولود و آخر مولود يولد في الكعبة .
و إنّ رسول الله الحبيب قد زوجه ابنته ( فاطمة الزهراء البتول ) بأمر من الله جلت قدرته – و في هذا الموضوع قد وجدنا – تطابقاً و تماثلاً – في عدد من الوقائع و الحوادث و الصفات – قد قضاها الله تعالى – منها - اسم ( فاطمة ) كان فيه تطابق بين – أمه و زوجته الأولى فاطمة الزهراء - و زوجته الثانية – فاطمة - التي تمناها و طلبها من الله سبحانه ( أم ولده العباس ) – و إنّ التطابق الآخر هو أنّ – أمه فاطمة بنت أسد زوجة أبي طالب الذي أنجبها ( أربعة أولاد ) كلهم سخرهم الله تعالى و بطلب و رضا أبي طالب لخدمة رسول الله و حمايته و الاستشهاد في سبيل تثبيت الإسلام و إبعاد الأذى عن رسول الله – وفاطمة البتول أنجبت له أربعة – و إنّ المرأة التي تمناها ( فاطمة – كذلك أنجبت منه أربعة أولاد منهم العباس ) و الأولاد الأربعة قد سخرهم الله تعالى لخدمة و حماية أخيهم (الصحابي الحسين – أول صحابي أنكر منكر- السلطان الجائر - بعد الرسول الحبيب ) و قد استشهدوا في كربلاء في سبيل تثبيت الإسلام و رد معالمه التي حرفها و عطلها و أساء تطبيقها بنو أمية .
و إنّ الصحابي علي – هو المسلم الوحيد الذي ( لم يجرأ ) الكفار و المشركون و خصومه على إيذائه وجهاً لوجه أو يمسونه بسوء في حياته ( خوفاً ) من شخصه ( المصنوع تقنيا من خالقه العظيم ) و خوفا من شرف أبيه و أعمامه و أخواله ( بني هاشم ) – و إنّ دليلنا على ذلك هو إنّ النبي قد كلفه – بأعمال انفرادية– منها ( النوم في فراشه – للفداء – ليلة الهجرة ) و ( أبقاه بعد الهجرة في مكة لحماية الهاشميات وعوائلهن و قيادة موكب الهاشميات و الفواطم و زوجات الصحابة المهاجرين و عوائلهم – و الهجرة بهم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة ) – و أما قولنا – بأنه أول من أسلم ( مع أو ) بعد ( الصحابية خديجة ) فهو الذي يتفق مع قوله تعالى { و أنذر عشيرتك الأقربين } و هو في بيته و مرافقه إلى غار حراء - و بعده أسلم (الصحابي زيد بن الحارثة ) مولى الرسول ( لأنه يعتبر من مكملات العشيرة ) و الذي وهبته له زوجته الصحابية خديجة بعد أنْ اشتراه لها ابن أخيها ( حكيم بن حازم ) من سوق عكاظ فأصبح ( زيد بن محمد ) بالتبني – و بعد تحريم التبني و نزول الآية الكريمة { أُدعوهم لآبائهم هو أقسطُ عند اللهِ فإنْ لم تعلموا آباءَهم فإخوانُكم في الدين } ( الأحزاب 5 ) أصبح اسمه ( زيد بن الحارثة ) فزوجه الرسول من ابنة عمته القرشية (الصحابية زينب بنت جحش ) بعد أنْ أعتقه – و بعد طلاقهما – فقد تزوج الصحابي زيد من ( الصحابية بركة أم أيمن ) و هي من حاضنات آل البيت و من ( المبشرات بالجنة ) فجاءهما ولد سمياه ( أسامة بن زيد ) الذي عينه النبي قائداً لآخر جيش شكله في مرضه – و قد تزوج رسول الله الحبيب – ابنة عمته ( زينب بنت جحش) – التي طلقها زيد بأمر من الله تعالى { فلما قضى زيدٌ منها وطراً زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرجٌ في أزواج أدعيائهم } ( الأحزاب 37 ) و بها فقد ( أُلغي و حرم التبني في الإسلام ) على المسلمين .
( أهم صفات و مميزات و خصوصيات و أفضلية الصحابي علي )
( التي مكنته من فهم و تفهيم حكم الشورى للمسلمين و الناس أجمعين)
و إننا سنوجز أهم مميزات و خصوصيات و صفات و أفضلية الصناعة و التقنية الإلهية للصحابي علي و في مقدمتها ( انفراده باسمه – علي – بين الصحابة ) و هي :
ولادته المتميزة ( اول و آخر ولادة في الكعبة المكرمة )
إنّ الصحابي علي هو أول مولود ولد في ( المسجد الحرام ) و قتل في المسجد (مسجد الكوفة – شهيد القبلة و المحراب ) و توفى شهيداً في ( شهر رمضان ) المبارك {شهرُ رمضانَ الذي أُنزلَ فيه القرآنُ هدىً للناس و بيناتٍ من الهدى و الفرقان } ( البقرة 185 ) و في شهر رمضان المبارك وقعت أول معركة بين الإيمان و الشرك ( معركة بدر الكبرى ) و حصل ( الفتح ) فتح ( مكة المكرمة ) و هو شارك رسول الله الحبيب بتهديم الأصنام التي كانت تحول دون ( توحيد الله الواحد الأحد ) و هو الذي قام بإعلان البراءة في الكعبة .
و قد بدأت الصناعة و التقنية الربانية سنة الخامس و العشرين قبل الهجرة – حيث ذهبت أمه – فاطمة بنت أسد بن هاشم – و هي - حامل – إلى الكعبة المكرمة لتدعو الله تعالى في المسجد الحرام ( أنْ يسهل لها وضع حملها و أنْ يرزقها طيباً ) و إذا بها قد التصقت بجدار الكعبة و هي تقول هذا الدعاء – و بانتهائها من الدعاء ( فأجاءها المخاض إلى جدار الكعبة ) و وضعت المولود و سمته ( حيدرة ) على اسم أبيها ( أسد ) لأن اسم – حيدرة – من – أسماء الأسد – و لكن والده ( أبا طالب – عمران بن عبد المطلب ) قد بدل اسمه و سماه ( علي ) ليكون اسماً فريداً فأصبح من أسماء الله الحسنى ( العلي العظيم ) و ( علياً ) و ( العلي الكبير ) و حصل هذا قبل الإسلام فكان له علاقة بالإسلام – فمن هو الذي جعل الحامل (تفكر ) بالذهاب و الدعاء – ومن هو الذي ( أسرع المخاض ) عندها – و من هو الذي جعل (الأب يفكر ) بتغيير اسم ولده إلى ( علي ) ليصبح ( علي ) أول مولود يولد في منبع الإيمان – وليس غريباً أنْ يختلط ( منبع الإيمان ) مع ( منبع القوة – أسمته أمه – حيدرة – و أسماه أبوه – علي – كلها قوة و علو و سمو ) – و إنّ ( مريم ) عليها السلام { فأجاءها المخاض إلى جذع النخلةِ } ( مريم 23 ) و إنها حملت بنفخة من روحه تعالى – و لكن ( فاطمة بنت أسد ) حملها كان من – أبي طالب – الذي كفل محمد رسول الله و حامى رسالته الإسلامية بنفسه وبأولاده الأربعة – و إنّ اختلاط - الإيمان بالقوة – ليكون – بمنزلة هارون من موسى - ووزيره – يحمي رسول الله بنفسه – باعتباره أقوى سلاح و من – أسلحة الدعم الشامل – للرسول و لرسالته بعد وفاته ( ولياً و ثقلاً - فيه عدم الضلال - و عدم التبديل و عدم التغيير و عدم التعطيل و عدم الإساءة – و خليفة ) – و كذلك كانت زوجته ( فاطمة الزهراء ) ولادتها متميزة – و أمها في عمر الخمسة و الخمسين سنة – سن اليأس - ولدتها بمعزلٍ عن النساء و دون حضور امرأة لمساعدتها .
أول فدائي في الإسلام ( معجزة خارقة )
و إنّ الصحابي علي – قد تميز بأنْ كان – أول فدائي في الإسلام – فهو أول من – فدى – رسول الله الحبيب – و آثره على نفسه ليلة الهجرة – وقد خافه الكفار عندما عرفوا إنه – علي – و قد قفز من فراش رسول الله و شهر السيف بوجههم فتراجعوا و هو ( أول من شهر سيف الدفاع عن النفس و ليس المقاومة في الإسلام أثناء الدعوة ) – و إنّ سبب نومه في فراش الرسول هو – أسلوب – قد رسمه رسول الله ضمن – مخطط الهجرة – مقابل – الأسلوب الذي رسمه كفار قريش بزعامة بني أمية ضمن خطتهم بإنهاء رسول الله و إنهاء إسلامه – { و إذ يمكرُ بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك و يمكرون و يمكرُ اللهُ و اللهُ خيرُ الماكرين } ( الأنفال 31 ) – و هنا – أسلوب مقابل أسلوب – من حيث – الأهمية و الخطورة – لذا كان على كل مسلم و كل إنسان إذا أراد أنْ يفهم – أسلوب – النبي محمد – كان لزاماً عليه أنْ يفهم – أسلوب كفار قريش – أهمية و خطورة – و هو الأسلوب الذي رسموه و خططوه في ( دار الندوة ) و خلاصته ( إنّ قريش قررت – قتل محمد – و إنهاءَهُ رسولاً و رسالة – و ليس هذا فقط – و إنما – ضياع دمه – دم بني هاشم – بين قبائل قريش ) بعد أن عجزوا عن - إقناعه – بترك دعوته و لكنه تحداهم < و الله لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في شمالي على أنْ أترك هذا الأمر ما تركت > و من الذي يقدر على وضع الشمس و القمر في يديه – و هل هناك تجسيد آخر لأسلوب قريش الله أعلم – و أما – أسلوب الرسول محمد الحبيب المقابل لأسلوب قريش هو (قتل قبائل قريش بقتل ممثليهم – أبطالهم الذين اختاروهم من كل قبيلة شخص لمهمة قتل النبي محمد - وضياع دم أبطالهم و الحفاظ على – دم بني هاشم ) – و إننا نرى بأنّ تحليلنا السياسي و القانوني هذا واضح ولا يحتاج إلى المزيد من الشرح – لأنّ – الصحابي علي – صناعة و تقنية إلهية – و هناك أمثال يتداولها الناس و تقول ( هذا يُعدّ بمائة فارس أو بطل و هذا بألف رجل ) و أمام – بطلنا علي – ليس بأكثر من ( عشرة أو أكثر أو أقل من ممثلي العشائر ) و الله تعالى يقول { ألاّ إنّ أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون } (يونس 62 ) و قد ثبت في جميع الحروب التي خاضها الصحابي علي حتى بعد رسول الله – بأنه ليس البطل الذي يقهر و لا تدانيه الأبطال – و أما – ضياع الدم – فإنّ – عمل الصحابي علي بقتل ممثلي العشائر – سوف يعتبر – الدفاع عن النفس – لأنهم كانوا يقصدون رسول الله و ليس الصحابي علي – و نعطي المزيد من التوضيح – حيث قال الله تعالى عن هاذين الأسلوبين { و إذ يمكرُ بك الذين كفروا ليُثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك و يمكرون و يمكرُ اللهُ و اللهُ خيرُ الماكرين } و من هذه الآية الكريمة قد فهمنا – بأنّ الله و رسوله – قد عملا بالأسلوب العظيم و الدقيق و هو – مبيت الصحابي علي – في فراش النبي في – ليلة الهجرة – للتمويه – و لأنّ البطل علي – أهلاً لقتل جميع ممثلي قبائل قريش – و بذلك سوف يضيع دم ممثلي القبائل – لأنهم متهمون – بجريمة الشروع بالقتل العمد – و لأنّ الصحابي علي غير مقصود بهذا القتل فهو بريء يدافع عن نفسه – و قد نجح أسلوب الله و رسوله و انتصر بفداء الصحابي علي له و هو الفداء الذي كان ( بدون خوف أو حزن و بقلب مطمئن بالإيمان و القوة ) رغم أنه كان يُنفذ – عمل الفداء – بنفسه وحيداً و بدون إسناد سوى الله الحافظ – و بدون صحبة – لا من رسول الله – و لا من أي شخص آخر – ورغم ذلك فقد - جبن – أبطال قبائل قريش و خافوه و تراجعوا و انهزموا بعد أنْ شهر سيفه أمام سيوفهم جميعاً – وإنّ هذا الأسلوب الذي رسمه الله و رسوله – هو للتمويه و لتمكين رسول الله من الهجرة إلى المدينة المنورة – بأمان – لأنّ قريش قد وصلت إلى – النقطة الحرجة – التي يتقرر بها المصير – فاضطرت إلى التآمر و العنف و مقاومة الفكر بالسلاح وهذا - طريق الفاشلين – و طريق تشويه القيم الصحيحة - و { إنّا لما طَغا الماءُ حَملْناكم في الجاريةِ . لنَجعلها لكم تذكرةً َ و تَعيها أُذُنٌ واعيةٌ } ( الحاقة 12 ) افهموها يا مسلمون .
الصحابي علي – أول – من قَبِلَ الإنابة و الأمانة
و إنّ الصحابي علي – أول من قبل – الإنابة و الأمانة في الإسلام – من رسول الله – في رد الأمانات و الودائع التي كانت مؤمنة و مودعة عند النبي من قبل الناس في مكة المكرمة – و الإنابة – في حماية بني هاشم بعد الهجرة – و حماية الهاشميات في هجرتهن من مكة إلى المدينة و معهم نساء الصحابة – بكل شجاعة و بطولة و تحدي اعتماداً على رب العالمين .
( بطل - معارك – الدولة الإسلامية – مع مشركي قريش و كفار اليهود )
{ سيُهزَمُ الجَمع ُ و يُوَلونَ الدُبُرَ } ( القمر 45 )
الصحابي علي بطل ( معركة بدر الكبرى )
و إنّ الصحابي علي – هو صناعة و تقنية ربانية للمعارك و القتال – فهو - بطل الإسلام المنفرد – في معظم - معارك الدولة الإسلامية – مع المشركين و الكفار و اليهود – و هو من – قادة معركة بدر الكبرى – و أحد أبطالها الثلاث و هم من آل بيت رسول الله ( علي و حمزة و عبيد الله ) – و قد قال الله تعالى {و قد نصركم الله ببدرٍ و أنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون } ( آل عمران 123 ) – و قد قام الصحابي علي بقتل قادة الشرك من قريش – و على رأسهم بني أمية و هم –( عتبة بن ربيعة – جد معاوية بن أبي سفيان لأمه هند بنت عتبة – و الوليد بن عتبة – خال معاوية – و حنظلة بن أبي سفيان – شقيق معاوية ) بسيف عمه حمزة و بسيفه – ذي الفقار – الذي احتفظ به حتى أصبح خليفة فاستعمله في ( معركة صفين ) مع ( معاوية ) الذي خرج عن طاعة خليفة زمانه – الخليفة الرابع علي – فأصبح معاوية ( باغياً فوجب قتاله ) – و إنّ الخليفة علي أول من طبق حكم البغاة – و البغاة ليس بمرتدين – و إنّ الصحابي علي قد ( قتل نصف قتلى المشركين في معركة بدر ) – و قد نزلت الآية الكريمة { تفسحوا في المجالس } ( المجادلة 11 ) تكريماً لأبطال معركة بدر و رفع مكانتهم درجات – وفي نفس الآية الكريمة { يرفع اللهُ الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات } و هناك فرق بين ( الذين آمنوا ) و بين ( الذين أسلموا ) – و قد أشار الله تعالى إلى ( قادة بدر ) بقوله الكريم { هذان خصمان اختصموا في ربهم } ( الحج 19 ) و قد أخرج الشيخان عن ( الصحابي أبي ذر ) و الحاكم عن ( الصحابي علي ) ( إنّ هذه الآية الكريمة قد نزلت في الذين – بارزوا – و اختصموا – يوم بدر و هم الخصم الذي يمثل المؤمنين – حمزة و عبيدة و علي – و الخصم الذي قتل و يمثل الكفر – عتبة و الوليد بن عتبة و شيبة أو حنظلة ) – و إنّ الخصم المؤمن { و هُدُوا إلى الطيب و هُدُوا إلى صراط الحميد } الله أكبر على هذا الوصف و هذا التقييم – و أما تقييم الخصم الكافر { و لهم مقامِعُ من حديد } و { ذوقوا عذاب الحريق} ( الحج) .
( أول ) من استجاب لنداء ( معركة أحد )
و قد استجاب – الصحابي علي ( لنداء ) رسول الله الحبيب في ( معركة أحد ) التي ( لم يشترك فيها ابتداءاً ) ( بتوجيه و تخطيط ) من رسول الله – و لكن عندما – حصل الانكسار – في جيش المسلمين في المعركة و كاد جيش الكفار أنْ ينتصر بقيادة كفار قريش – بني أمية – أبي سفيان – الذين حاصروا الرسول و أرادوا قتله – فقد لبى الصحابي علي ( نداء النبي ) فأجاءه ( مسرعاً ) بجسمه التقني الرباني ( بسلاح الاستجابة و الدفاع الشامل ) و قد دافع عن رسوله و أخيه و حبيبه دفاع الأبطال و فك الحصار العسكري المضروب حول النبي و قام بنقله إلى داره ( مثخن بالجراح ) وكسرت رباعية أسنان الرسول الحبيب و شج وجهه الشريف فقال الصحابة للنبي ( لو دعوت عليهم ) فأجابهم الرسول الحبيب < إني لم أُبعث لعاناً و لكن بعثتُ داعياً و رحمةً > - و هناك رواية بأنّ الصحابي علي كان أحد جنود جيش معركة أحد من البداية و كان مكلف بحمل اللواء – و نحن لا نتفق مع هذه الرواية .
و قد وصف الله تعالى – معركة أحد – و وصف – محنتها و بلواها - بوصف رباني دقيق و شرح عظيم فقد قال تعالى { و لا تهنوا و لا تحزنوا و أنتم الأعلون إنْ كنتم مؤمنين } ( آل عمران 139 ) لا تحزنوا على ما أصابكم في المعركة و لا تهنوا – و كذلك قال سبحانه {{ و لقد صدقكم اللهُ وعدَهُ إذْ تَحُسُونهم بإذنه حتى إذا فشلتم و تنازعتم في الأمر وعصيتُم من بعد ما أراكم ما تُحبونَ منكم من يُريدُ الدنيا و منكم من يُريدُ الآخرة ثم صرفكم عنهم ليَبتليكم و لقد عفا عنكم و اللهُ ذو فضلٍ على المؤمنين }} ( آل عمران 152 ) – وإنّ الوقائع و الأحداث التي بحثتها هذه الآية المباركة واضحة – و لكن و حتى – نقربها – بشكل أعمق إلى ذهن الباحث السياسي نقوم بربطها مع بعضها – و هي – إنّ رسول الله قد – وضع الخطة العسكرية – و أمر بعض الصحابة بملازمة – قمة و سفح – جبل أحد – من الجهة الثانية لجيش المسلمين مقابل جيش الكفار ليكون حصناً للحيلولة دون تمكين جيش العدو مشركي قريش من الالتفاف و احتلال القمة و السفح المقابل للجيش الإسلامي – فأصبح بهذه الخطة العسكرية – جبل أحد – سد منيع للمسلمين أمام الكفار – و فعلاً فإنّ الله تعالى ( صدق وعده ) و كاد المسلمون ينتصرون على قريش الذين تقهقروا و تراجعوا و هموا بالهزيمة – و لكن لما رأى الصحابة الجنود المرابطون على السفح الثاني للجبل – انتصار المسلمين و هذا هو المقصود بعبارة ( ما تحبون ) بانهزام العدو و ترك – الغنائم – وراءه ( الدنيا ) – فإنّ بعض المرابطين من جنود المسلمين قد تركوا مواضعهم في الجبل لأنهم أرادوا ( الغنائم – الدنيا ) و عصوا أمر الله و رسوله ( رغم إنهم صحابة – و عصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون) أي عندما رأوا النصر بهروب العدو و ترك الغنائم و هذا هو الذي يحبونه – الدنيا – فانقسم الجنود المسلمون المرابطون على سفح الجبل – و هم صحابة - منهم من عصى الأمر و نزل إلى ( الغنائم – الدنيا ) و القسم الآخر بقى مرابطاً مطبقاً للأمر ( يريد الآخرة ) لذلك قال تعالى (ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ) و هذه هي ( البلوى ) و إنّ ( الجميع صحابة – فكيف يكون جميع الصحابة عدول و منهم من عصى و يريد طمع الدنيا و منهم من أطاع و يريد الآخرة – فإذا كان الجميع عدول – إذاً – لا عصيان و لا آخرة ) – و بسبب العصيان تمكنت قريش من الالتفاف على جيش المسلمين ( و ليس ببطولة خالد بن الوليد ) و إنما بسبب العصيان حصلت النكبة ( البلوى ) – و إنّ الذين صبروا على الجبل و صمدوا ( قتلوا لقلة العدد ) منهم (الصحابي عبد الله بن جبير ) و أصحابه الذين أرادوا الجنة في الآخرة – ومن ذلك يتضح بأنّ جنود الكفار ومنهم ( خالد بن الوليد ) ( ليسوا أبطال ) لولا انقسام جنود المسلمين و عصيان الأوامر – و لو إنّ الكفار اخترقوا السفح و تمكنوا من الجنود المسلمين – قبل الانقسام والعصيان – لقلنا هناك فعلاً – بطولة – لدى الكفار و منهم خالد بن الوليد .
حامل لواء المجابهة في ( موقع أسد الحمراء )
و فيها نزلت الآية الكريمة ( بقاعدة النصر الحربية )
و عندما رجع المسلمون من ( معركة أحد ) إلى ( بيوتهم و كلهم جراح و قرح وألم) – فقد جاء ليلاً من يخبر رسول الله الحبيب – بأنّ – قريش قد تجمعوا و قد ندموا على وقف القتال و ترك المعركة و رجعوا يريدون الهجوم على المسلمين صباحا مرة ثانية ) – فأصدر رسول الله الأوامر في نفس تلك الليلة وطلب من مؤذن الرسول الصحابي بلال الحبشي أنْ يؤذن بالناس و يطلب من المسلمين التجمع و الاستعداد – للخروج – صباحاً – لملاقاة العدو كفار قريش – و قد فعل ذلك ( بلال في أذان الصبح ) – و كان مجموع منْ بقى منَ المسلمين بعد معركة أحد ( ستمائة و ثلاثون مقاتل ) بعد أنْ قُتِلَ منهم ( سبعون شهيد ) – و قد أعطى رسول الله الراية إلى – الصحابي علي – و فعلاً خرج المسلمون إلى موقع يسمى ( أسد الحمراء ) و لذلك سميت هذه الغزوة أو المجابهة ( أسد الحمراء ) – و إنّ الله تعالى قد أنزل فيها ( قاعدة النصر الحربية ) و بها قد حث الله تعالى المسلمين على هذا اللقاء و المجابهة بقوله الكريم {{ و لا تهنوا في ابتغاءِ القومِ إنْ تكونوا تَألمونَ فإنّهم يألمونَ كما تَألمونَ و ترجونَ منَ اللهِ ما لا يرجونَ و كان اللهُ عليماً حكيماً }} ( النساء 104 ) – إذاً فإنّ الله سبحانه قال للصحابة و المسلمين – إذا كنتم تتألمون من جراح و قرح معركة أحد ( أمس ) أو من أي معركة – فإنّ الكفار كذلك يتألمون مثلكم – و لكن – الفرق – هو – وجود قاعدة النصر الحربية – بينهم و بينكم – وهي – إنكم أيها المسلمون (تدعون الله و ترجونه – أنْ ينصركم ) في حين – إنّ كفار قريش – و أي كفار – ليس عندهم – من يرجوه – لأنهم كفار و أصنامهم لا تلبي دعوتهم و رجاءهم – و بذلك فإنّ ( الفرق ) كبير جداً بين من هو ( قلبه مطمئن بالإيمان و يرجو الله ) و بين آخر – ليس لديه أي قيمة روحية أو معنوية – ليحارب بها أو يتقدم من أجلها – أي ليس لديه ( قاعدة حربية للنصر ) – و فعلاً قد خاف – كفار قريش عندما شاهدوا جحافل المسلمين صباحاً قي موقع ( أسد الحمراء – مسلحين – بقاعدة النصر الحربية – و بفكرة و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) – فانصرفوا و ولوا إلى مكة و رجع المسلمون إلى المدينة مع راية لواء المجابهة التي يحملها ( الصحابي علي ) بالنصر المبين .
معركة الخندق المعجزة – الصحابي علي – هو – الإسلام كله
و إنّ - ضربته - في الخندق - تعدل عبادة الثقلين
و إنّ – الصحابي علي - كذلك هو ( بطل معركة الخندق ) التي قام فيها بقتل أحد صناديد الكفر ( عمرو بن عبد ود العامري ) – حيث كان المسلمون في حالة خوف و رعب و مأساة بسبب - معركة أحد – و هذا ما وصفه الله تعالى في قوله الكريم {{ إذْ جاءوكم منْ فوقكم و منْ أَسفَلَ منكم و إذ زاغتْ الأبصارُ و بلغتْ القلوبُ الحناجرَ و تظنونَ باللهِ الظنونَا }} ( الأحزاب 11 ) – و ذلك عندما رأوا مجيء الكفار - و لما رأى المؤمنون الأحزاب – و هم – المشركين و اليهود و المنافقين – جميعاً قد – تجمعوا في هذه المعركة – و إنّ الله و رسوله قد وعدهم – بالابتلاء و النصر – و ما زادهم إلا إيماناً و تسليماً لأمر الله – و إذا ببطل الكفر – عمرو بن عبد ود العامري – قد فاجأ المسلمين بعبور الخندق و أخذ يصيح ( يا محمد – أنت تقول إنّ الجنة لكم و إنّ النار لنا و أنا قد اشتقتُ إلى النار – فهل بينكم منْ اشتاق إلى الجنة ) فقام - الصحابي علي – و كان عمره خمسة وعشرين عام و قال ( أنا له يا رسول الله ) فأجابه الرسول < إنك صغير يا علي > و أخذ بطل الكفر يكرر نداءه و يصيح و يتحدى - و الصحابة سكوت - و أخذ الصحابي علي يكرر استئذانه من رسول الله الحبيب لمنازلة هذا الكافر اللعين ( و هنا نسأل أين هم بقية الصحابة خاصة الذين استلموا الحكم بعد رسول الله وجعلوها استخلاف – بدل الشورى و البيعة – و عينوا خمسين رجلاً لقتل المعارض و المخالف حرصاً على الإسلام و المسلمين – في حين – اليوم يوم الخندق – يتقرر فيه – الحرص – ومصير الإسلام ) وتتقرر ( المعجزة ) ( الربانية الخارقة ) معجزة رسول الله أو معجزة ولي الله .
و قد استجاب رسول الله الحبيب لإلحاح الصحابي علي بالمنازلة – فقام النبي – و ألبس الصحابي علي – عمامته النبوية – و أعطاه سيفه – و رفع الرسول رأسه إلى السماء و قال < يا رب - قد أخذتَ مني عمي الحمزة يوم أحد – فأحفظ لي اليوم – علي > - فخرج - التقنية الربانية الصحابي علي – و هنا قال رسول الله حديثه الشريف < برز الإيمان كله إلى الشرك كله > و عندما وصل قبالة بطل الكفر – فقد استصغره و سأله ( من أنتَ ) فأجابه ( أنا علي بن أبي طالب بن عم رسول الله ) فأجابه بطل الكفر ( استصغروك فأرسلوك لتكون طعمًا لسيفي ) فأجابه الصحابي علي ( بل أرسلوني لأني أقلهم شأناً و مثلك لا يستحق واحداً منهم ) بهذه القيم العالية و المتواضعة التي رباه عليها الخلق العظيم كان جوابه للكافر – فأجابه بطل الكفر ( يا علي ارجع لأنّ أباك كان صديقي و لا أريد أنْ أفجع أباك بقتلك ) فأجابه علي ( يا عمر إني أريد أنْ أقتلك لأفجع أباك بك – و لكن بعد أنْ أعرض عليك ثلاث أمور : الأولى – أنْ تقول أشهد أنْ لا إله إلاّ الله و محمد رسول الله – فأجابه الكافر- لا أقلها حتى لو صرتُ في قعر جهنم - و الثانية - أنْ ترجع و لا تقاتل رسول الله – فأجابه الكافر – إذا رجعت ُ سيقولون أفتنك صغير - و الثالثة - تقاتلني و أنت راكب على فرسك و أنا و اقف على الأرض ) .
و عند المنازلة فقد ملأ الغبار الجو و تعكرتْ الرؤية – و بعد أنْ صفت الرؤيا و إذا بالمسلمين يشاهدون الصحابي علي قد جاءهم ماشياً و بيده ( رأس الكافر البطل ) فصاح جميع الصحابة ( الله أكبر لا إله إلاّ الله محمد رسول الله ) – و من أجل ذلك كان رسول الله الحبيب قد قال عندما خرج الصحابي علي لمبارزة بطل الكفر < برز الإسلام كله > برزت (المعجزة) وهل (الإسلام ليس بمعجزة خارقة) ولكن هل ليكون قوله هذا مجرد لقب و كنية أم لمقاصد شرعية أخرى و هل قال مثله لبقية الصحابة – و ماذا يقولون القائلين – إنّ الصحابة الحكام هم الذين أوصلوا إسلامنا إلينا و ليس الله الذي نصر الإسلام بضربة علي التي تعدل الثقلين – و فعلا قد تم كسر جيش كفار قريش وانهزموا بقيادة بني أمية و بطلهم عمرو العامري بعد أنْ قتله بطل الإيمان و التقوى الصحابي علي – وهنا قال رسول الله حديثه الشريف < إنّ ضربة علي لعمرو بن عبد ود العامري يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين > و الثقلان هما الكتاب و السنة – (خارقة) و مع هذا القتل فقد أرسل الله جلت قدرته – الريح و الملائكة – و حسبما شرحه الله تعالى لنا بقوله الكريم { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمةَ اللهِ عليكم إذ جاءتكم جُنودٌ فأرسلنا عليهم ريحاً و جنوداً لم تَرَوها و كان الله بما تعملون بصيرا } ( الأحزاب 9 ) و كذلك قوله الكريم { وَ رَدّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً و كفى الله المؤمنين القتال و كان اللهُ قوياً عزيزاً } ( الأحزاب 25 ) – وإنّ - قوة - الصحابي علي – هي من قوة الله القوي العزيز .
و قد بقي – غيظ – كفار قريش بني أمية – كامناً في قلوبهم يؤجج حقدهم على – أهل بيت رسول الله الحبيب – و على – البطل علي – لأنّ كفار قريش بزعامة بني أمية – لم ينالوا خيراً – في جميع معاركهم – و كفى الله المؤمنين القتال – فأخذوا ينتقمون من الإسلام بانتقامهم من ( أهل البيت و العترة ) كلما سنحت لهم ( الفرصة الجبانة ) الفرصة التي أساسها – البلوى و الفتنة – و التي امتحن الله سبحانه الإنسانية بها – و بذلك فإنّ الله تعالى قد - أوصل قريش و بني أمية – إلى الحالة التي انتهى الصراع و القتال معهم باستسلامهم و إعلان إسلامهم مضطرين مثلما قالها زعيمهم أبو سفيان ( نقولها – أشهد أنّ محمد رسول الله - و نسلم ) – و يتبعهم الغاوون – و لم يقولوها عن إيمان و تقوى – و هذا ما توارثوه أباً عن جد – و لكن العتب لا يكون مع هؤلاء الذين كلهم ( غيظ و لم ينالوا خيراً ) و إنما العتب يكون مع منْ قاموا بتعيينهم – ولاة – و بالوظائف القيادية – فأعادوا سيطرتهم و جبروتهم و فرعنتهم – و كذلك بإعطائهم أكياس من ( أموال الزكاة ) – و قد استمر ذلك الجبروت و الطغيان إلى يومنا الحاضر تعاني منه الإنسانية ما تعاني خاصة المسلمون الذين سرقت منهم الشورى و البيعة و الخلافة و العمل الحزبي و تعددية الأحزاب – و أخيرا – قد تم إلغاء ( اسم الخلافة فانتهى تطبيق ما أنزل الله – الإسلام ) – و تركونا نعيش و نغرق في فساد ولاية العهد والوراثة و الوصية و الملكية و الجمهورية و الأمراء و خادم الحرمين كلها فساد في فساد .
غزوة بني سليم ( قد أبى الله تعالى إلا أنْ ينصر المسلمين بالبطل علي )
و إنّ ( الصحابي علي ) هو ( بطل متميز ) في ( غزوة بني سليم ) و قد تكرر هذا التمييز في ( معركة خيبر ) – و إنّ المهم هنا هو إنّ رسول الله الحبيب – قد جهز سرية بقيادة ( الصحابي أبي بكر الصديق )لإنجاز المهمة التي رسمها لهم في هذه الغزوة – و لكن ( السرية و قائدها الصديق ) قد رجعوا و فشلوا في إنجاز المهمة – و كررها رسولنا الحبيب بقيادة (الصحابي عمر بن العاص الأموي ) و كذلك رجعت فاشلة – و يقال إنّ رسول الله قد نسخ عمله ( باستعمال الصحابي عمر بن العاص الأموي في قيادة السرايا و قد صدرت عنه أحاديث بعد هذه السرية – مفادها – إنّ عمر بن العاص الأموي لا يصلح لقيادة الجيوش المسلمة – مثلما قرر موقفه من الصحابي خالد بن الوليد – فهل جميع الصحابة عدول ) و قد ثبت صدق رسولنا الحبيب مع هاذين الصحابيين – وإنّ الخليفة الثالث عثمان الأموي قد اضطر إلى عزل الصحابي عمر بن العاص من قيادة الجيش و ولاية مصر بسبب عمله في أهل الاسكندرية فيها – و أخيراً كرر رسول الله السرية إلى بني سليم بقيادة الصحابي علي فانتصر و أنجز المهمة بنجاح و نصر رباني باهر .
غزوة حُنين
كانت هذه الغزوة بقيادة رسول الله الحبيب ضد ( هوازن ) و كان عدد المسلمين في حينها كثير - فأخذ بعضهم يتفاخر بهذه ( الكثرة ) إلى درجة ( الغرور ) مما أزعج رسول الله – و إنّ رسول الله لا يركن إلى ( الكثرة ) بقدر ما يركن إلى ( العدة و التنظيم و الإعداد ) – و هذا ما أشار إليه الله تعالى { لقد نصركم الله في مواطن كثيرة و يوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغنِ عنكم شيئا و ضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين . ثم أنزل الله سكينته على رسوله و على المؤمنين و أنزل جنوداّ لم تروها } ( التوبة 26 ) – و بعد فرار المسلمين من أمام ( هوازن ) و لم يثبت مع رسول الله إلاّ ( عشرة ) من أصل ( اثنى عشر ألف مقاتل ) – و بعد حصول الفرار فقد برز أحد أبطال الكفر إلى – النبي – و أصبح وجهاً لوجه معه – و لكن – الصحابي علي - أسرع و جابه بطل الكفر وجهاً لوجه و بارزه و قتله – فلما رأت ( هوازن ) قتل بطلهم فقد دخل الإرباك إلى صفوفهم فأغتنم رسول الله الحبيب ذلك و طلب من ( عمه العباس ) النداء على الصحابة فناداهم بصوته الجهوري – فرجع المسلمون و انتصروا و قد استشهد في هذه المعركة ( الصحابي أيمن بن أم أيمن ) فحزن النبي لمقتله .
معركة خيبر - و البطل المتميز بحب الله – الصحابي علي
و إنّ – الصحابي علي – قد ( أحبهُ اللهُ و رسولهُ و أحبّ اللهَ و رسولهُ ) هذا الإعلان الذي أعلنه – الله و رسوله - يوم دُعيّ لقلع باب لأضخم قلاع اليهود ( خيبر ) و جعل نفسه تحتها في الماء لتمكين المسلمين من – عبور النهر – الذي كان مانعا قوياً – للدخول إلى – حصن خيبر اليهودي – و احتلاله – و من ذلك نرى رؤية سياسية يقينية بإنّ ( جهاد و بطولة – الصحابي علي – متميز ) حيث إنّ – جهاده و بطولته العسكرية – يكاد ينفرد هو بها عن معظم الصحابة – و إنّ الله تعالى قد أشار إلى هذا الجهاد – المميز - في آخر آية من سورة العنكبوت { و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبُلنا و إنّ الله مع المحسنين } لأنّ الله قال (فينا) أي ( تحت راية الله و معرفة سبُله و حبه له ) في جميع مناحي علوم الشريعة الإسلامية ( فينا – معرفة و حب ) و لم يكسب هذه الصفات عملياً غير – الصحابي علي – لذلك فإنّ الله تعالى قد ( هداه جميع سبله ) هذه السبل التي عجز أعداء الإسلام الوقوف بوجهها لأنها ( سبل الله – فينا – و سبلنا ) .
و إنّ هؤلاء اليهود في خيبر كانوا آخر اليهود في الجزيرة التي نظفها رسولنا الحبيب منهم – وبذلك أصبحت مقاطعة – فتك – ملك رسول الله الحبيب – و هي عبارة عن بساتين يوزع نماؤها على أهل بيته لتكون – قوة – لهم – مع – تطهيرهم و ذهاب الرجس عنهم .
و قبل تكليف – الصحابي علي - بقيادة جيش هذه الغزوة – فقد كلف رسول الله عدد من الصحابة لقيادة هذا الجيش لاحتلال – حصن خيبر – و من الصحابة الذين كلفهم (الصحابيين أبي بكر الصديق و عمر بن الخطاب ) و غيرهم – و لكن الجميع رجعوا خائبين و لم يقدروا على فتح الحصن – و قد تمكن الصحابي علي من – فتحه – بأحد سبُل الله تعالى – بعد أنْ قال فيه رسول الله حديثه الشريف < غداً لأعطين الراية لرجلٍ يُحبّ اللهَ و رسولَه و يُحبهُ اللهُ و رسولُه كرار غير فرار > ( حب – قطعي الثبوت و الدلالة – من الله و رسوله ) – و قد طالبت السيدة ( الصحابية فاطمة الزهراء ) بإرثها من هذا الملك – فتك خيبر - أيام الخليفة الأول الصديق – و لكنه رفض توريثها – و إنّ قصة هذه الواقعة قد تم شرحها سياسياً في ( الفرع الأول من الفصل الثالث عشر ) – و لكن نقول و نسأل ( هل توجد علاقة بين جهتين أقوى و أمتن من علاقة الحب و المحبة ) و إنّ هذه ( المحبة ) قد ذكرها الله تعالى بحق الرسول موسى عليه السلام بقوله الجليل { و ألقيتُ عليك محبة مني } ( طه 39 ) و لكن الله سبحانه قد رفض ( المحبة التي ادعاها اليهود و النصارى ) حين قالوا { نحنُ أبناء الله و أحباؤه } فكان جواب الله تعالى عليهم { قل فَلِمَ يعذبكم بذنوبكم } ( المائدة 20 ) لأنّ الأب و الحبيب لا يعذب الأبناء و الأحباب إذاً ( المحبوب علي لا يعذب ) – و هل يقدر إنسان أنْ يكسب محبة الله ( قولاً و نصاً ) إذا لم يقررها الله تعالى و قد قررها في معركة خيبر .
غزوة تبوك – و الصحابي علي - فيها ( السلاح الدفاعي الشامل )
و المدمر لمنافقي أهل المدينة
و إنّ الغزوة الكبيرة الوحيدة التي لم يشترك فيها – الصحابي علي – هي – غزوة تبوك – التي خرج الجيش فيها بقيادة رسول الله الحبيب و معه جُلْ الصحابة إلى (الشام) التي فيها ( هرقل الروم و اليهود و عرب الغساسنة الكفار ) و قد سُمي هذا الجيش (جيش العسرة والتخلف ) – و إنّ عدم إشراك – الصحابي علي – في هذا الجيش – بل و عدم نصبه أميراً على المدينة و تنصيب صحابي آخر لإمارتها – و تأميره على الأهل و العيال - كانَ ( بأمرٍ ) من (الله و رسوله – لأنّ جميع المعارك و الغزوات و الأعمال فيها هي – سنة نبوية – و جزء من الرسالة الإسلامية – و جزء من الأحكام الشرعية التي جاءت بها الشريعة السمحاء ) – ويظهر إنّ ( بقاء ) الصحابي علي – في ( العاصمة – المدينة المنورة ) التي فيها ( المنافقون ) من الأهمية ( تعادل ) أهمية ( إشراكه في جيش تبوك – العسرة - أو – أكثر من إشراكه – و ذلك – لمجابهة المنافقين – في حالة انكسار المسلمين في هذه الغزوة – فيما إذا وصل خبر هذا الانكسار أو وفاة و قتل رسول الله الحبيب إلى – الرتل الخامس – منافقي المدينة المنورة – ويقال إنّ ( بطولة و جهاد ) الصحابي علي ( تمثل جيش كامل – جميع سبل الله ) يكون قد تركه رسول الله في المدينة المنورة عاصمة الدولة و هو يخرج لقيادة جيش غزوة تبوك – و لا يقدر أي إنسان أنْ يفهم هذه الحقيقة و هذا التحليل إلاّ إذا ( انتبه إلى – عمل – قام به الرسول الحبيب أثناء الغزوة و هو : لماذا ترك النبي جيش تبوك يسير إلى غزوته و هو رجع إلى المدينة ليرتب الخطة العسكرية فيها و بعدها لحق بجيش تبوك ) كلها أمور تدخل في – الحرب خدعة – لإخفاء بطولة و عقلية ولي الله علي – وإنّ الله تعالى قد وصف هذه الغزوة – تبوك – بالآية الكريمة { فرح المخلفون بمقعدهم خلافَ رسولِ اللهِ و كرهوا أنْ يجاهدوا بأموالهم و أنفسهم في سبيل الله قالوا لا تنفروا في الحر قُلْ ُ نارُ جهنم أشدّ حراً لو كانوا يفقهون } ( التوبة 81 ) و كذلك وصف المنافقين و المرجفين من أهل المدينة و هددهم بقوله الكريم { لئن لم ينته المنافقون و الذين في قلوبهم مرضٌ و المُرجفونَ في المدينة } ( الأحزاب 61 ) . لذلك ترك الله و رسوله لهم العقل الجبار و السلاح الشامل المدمر .
( خصوصيات الصحابي علي – الشرعية و أعماله فيها – و الأفضلية )
آية المباهلة - و حديث نزولها الشريف
إنّ الصحابي علي - هو أحد الذين عناهم و خصهم و دعاهم الله تعالى في آية ( المباهلة ) الكريمة { فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندعُ أبناءَنا و أبناءَكم و نساءَنا و نساءَكم و أنفسَنا و أنفسَكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين } ( آل عمران 61 ) و هذه آية كريمة تشريعية يجب على المسلمين ( الاهتمام بها ) لأنها ( حجة ) في الصراع بين ( الإيمان ) و ( الكفر ) وكانت السبب و الأسلوب في انتصار الإيمان و دحر الكفر – و إنّ الرسول الحبيب قد عمل بها و أعطاها زخم كبير في ( الدعوة الإسلامية ) لعلاقتها ( بصراع الحضارات ) فانتصرت الحضارة الإسلامية يوم نزول الآية الكريمة و تراجع الكاذبون فانتشر الإسلام – و إنّ الله تعالى لم يضعها في القرآن المجيد – إلاّ لتكون أساساً في ( تكوين المجتمع الإسلامي الحضاري – وليس المدني – و إنما المجتمع العقائدي الإيماني – و لجعل الأمة الإسلامية أمة حضارية وخير أمة و أمة وسطاً – و إنّ قدوة المجتمع و الأمة الإيمانية – هي – العائلة المثالية النموذجية – عائلة و أهل و عترة رسول الله الحبيب – الأبناء و النساء و الأنفس ) .
و هنا في هذا ( العمل العظيم ) أين هي مكانة – الصحابي علي – و أين موقعه – موقعه قد دخل في باب ( و أنفسنا ) فهو نفس رسول الله ( مجازاً ) – و هنا و بعد نزول هذه الآية الكريمة فقد ( جمع ) رسول الله معه ( علي و فاطمة و الحسن و الحسين ) و قال حديثه الشريف < اللهم هؤلاء أهلي > و ذهب بهم إلى الكفار ( للتباهل ) بهم – و إنّ هذا الحديث الشريف ( بإجماع المسلمين ) مفسريهم و فقهائهم و رواتهم – فلماذا نهمل هذه الآية التشريعية الجليلة و نهمل حديث و عمل الرسول بعد نزولها و لا نجعل لها ( قرآن و سنة ) أي أثر و تأثير و عمل في حياتنا و وجودنا ( و صراع الحضارات مستمر إلى يوم القيامة ) وهي من التشريع و جزء من – القرآن المجيد – الذي أمرنا الله تعالى أنْ نقرأه و نتعبد به وننصت و نستمع إليه – من ضمنه هذه الآية الكريمة – و هي جزء من - السنة النبوية الشريفة – التي يجب العمل بها – أم نجعل منها مثلما أراده – بنو أمية – فرض كفاية – و ليس فرض عين – لوضعها في الشبهات – تماماً مثل ( الصلاة على آله ) حتى يتعمد المسلمون على عدم العمل بها و إهمالها أو يضيفوا إليها ( و الصلاة على أصحابه ) و كأنما الله تعالى لا يتقبل ( الصلاة على آله إلاّ إذا ذكرت الصلاة على أصحابه ) – يا أيها المسلمون رفقاً ( بأنفسكم من إدخالها في دائرة العصيان و الإثم ) و رفقاً ( بإسلامكم ) الذي ( أساسه ) ( رسولكم الحبيب و عائلته أهل بيته و عترته – الذين برزوا إلى قتل الكفر في بدر و أحد و الخندق و خيبر إنفراداً و قيادةً و إنّ الصحابة برزوا جمعاً و ليس انفراداً – و هذه هي – الخصوصية في المبارزة و البروز الفردي التي قال فيها رسول الله الحبيب حديثه الشريف < يا رب – قد أخذت مني عمي الحمزة في أحد - فاحفظ لي اليوم – علي ) – يا أيها المسلمون – لماذا يتقصد رسول الله بحفظ – الصحابي علي – هل لشتمه و سبه من قبل بني أمية – و في محاربته في – الولاية و في الصلاة على آله و غيرها الكثير - أم ليكون - نموذجاً – يتباهل و يتفاخر به المسلمون و يتمسكون به بعد رحيل رسول الله – مثلما تباهل النبي به – و إذا قيل ما لنا و هذه – الحوادث المؤلمة – فنقول ( إنّ هذا القول مثل فيه إهمال لأحكام التشريع و إهمال لآية المباهلة التي هي فخرنا الحضاري اليوم و إلى يوم القيامة ) خاصة إذا أقمنا – الدولة الإسلامية الواحدة – و انتهينا بتنظيف الجزيرة من اليهود و الكفار العلمانيين و الأمراء صنائعهم و عملاء الصهاينة و إسرائيل – و نقر عين رسولنا الحبيب و الصحابي علي عندما نظفوها بأمر الله و إرادته من الأصنام و بآخر ضربة في خيبر .
آية ( تطهير أهل البيت ) و حديث نزولها الشريف
و إن – الصحابي علي – هو كذلك – أحد أهل البيت الخمسة – في حديث و عمل رسول الله الشريف ( أهل الكساء ) بعد نزول الآية الكريمة { إنما يُريدُ اللهُ ليُذهبَ عنكم الرجسَ أهلَ لبيت و يُطهركم تطهيراً } ( الأحزاب 33 ) و هي ( سورة سياسية – الأحزاب ) – و إنّ الأعضاء الخمسة هم ( محمد رسول الله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين ) فقد (تجمعوا ) بأمر من رسول الله ( تحت الكساء ) و فيه قال رسول الله حديثه الشريف < اللهم هؤلاء أهلي > - و قد ورد عن أم المؤمنين زوجة النبي ( الصحابية أم سلمة ) قالت ( إنّ رسول الله كان في بيتي إذ جاءت ابنته فاطمة – و الرسول كان تحت الكساء و أمامه – وليمة – يأكل منها – فقال لفاطمة ادعي زوجك – علي – و ابنيك – الحسن و الحسين – فدعتهم – فأدخلهم جميعاً تحت الكساء – و أنا كنتُ في الحجرة أصلي – فأنزل الله عز و جل هذه الآية – إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيراً – فأخذ الرسول فضل الكساء و غشاهم به ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ثم قال – اللهم هؤلاء أهل بيتي – و أردتُ إدخال رأسي و قلتُ - أنا معكم يا رسول الله – فقال – إنك إلى خير إنك إلى خير – و منعني من الدخول ) و رواه كذلك الإمام أحمد – و السيدة أم سلمة – أم البنين – كانت قد أمرت ابنها – عمر – أن يحارب في جبهة – الخليفة الرابع علي - وهي آخر من توفى من زوجات الرسول في عهد حكم يزيد بن معاوية الأموي و بعد أنْ استلمت خبر مقتل الصحابي الحسين بن علي .
آية ( منزلة هارون من موسى ) و حديثه الشريف
و قال رسول الله عن – خصوصية – الصحابي علي – حديثه الشريف < علي مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ إنه لا نبي بعدي > - و إنّ ( المنزلة ) عامة تشمل (الوزارة و الأهل و الإخوة و العضد و السلطان – باستثناء واحد هو - النبوة ) – و إنّ هذا الحديث الشريف ( ثابت بإجماع المسلمين ) حيث من ضمن من رواه ( الصحابي سعد بن أبي وقاص ) عندما أمره في حينه الحاكم المتسلط معاوية بن أبي سفيان – بشتم و سب – الصحابي علي – في خطبة الصلاة – و لكن سعد انتهى من الخطبة و الصلاة و لم يشتم و يسب الصحابي علي – فاستفسر منه معاوية عن السبب فقد أجابه ( و أنا عندما هممتُ بشتمه تذكرتُ حديث رسول الله – علي مني بمنزلة هارون من موسى – فأحجمتُ عن شتمه ) – و هنا لدينا ملاحظة مهمة و هي ( إنّ مجرد أنْ يطلب معاوية من صحابي كبير سناً و هو من الصحابة السابقين – شتم – علي – و هو يجمع صفات و خصوصيات – وليد الكعبة والبطل و الأخ و الولي و عضو العترة و أنفسنا و المحبة و الوزير و أمير المؤمنين و الإمام و الخليفة و الصحابي و شهيد القبلة والمحراب – و المشمول بالصلاة على – آله – فإنّ هذا الطلب يعتبر مخالفة شرعية كبيرة – وكان على الصحابي سعد إنكار منكرها و باغيها ) .
و لكن المهم هنا هو – كيف تجرأ معاوية على هذا التحدي و هو يعيش في (مجتمع إسلامي – حديث التكوين ) فإنه يدل على – عدم وجود إيمان بالإسلام لدى معاوية – وعنده إيمان ظاهري – و يدل على – إنّ المجتمع الإسلامي قد بدأ بالهبوط و الانحطاط و وصل مرحلة يتقبل فيها تعطيل الأحكام و بتحدي - باستثناء العقيدة – المرحلة التي نفهم منها – من هم قادة الجيوش الإسلامية الذين تغيروا و تبدلوا – فأصبح منهم الصحابي سعد بن أبي وقاص قائد جيش القادسية أيام الخليفة الثاني – هذا القائد الذي يعتذر من معاوية عن عمل لا يُعتذر منه و إنما يجب إنكاره – ومِن ْ مَنْ يعتذر – منْ معاوية الذي أهله في مقدمة من حارب الله و رسوله و من الطلقاء و المؤلفة قلوبهم .
و إنّ ( المنزلة ) هي ( منزلة إلهية و تشريعية ) قضاها و أرادها و قدرها و خطط لها الله جلت قدرته - و إنّ ( منزلة هارون من موسى ) قد ثبتها الله تعالى بقوله الكريم { و لقد آتينا موسى الكتاب و جعلنا معه أخاه هارون وزيراً } ( الفرقان 36 ) و محمد رسول الله كذلك آتاه اللهُ ( الكتاب – القرآن المجيد ) فيحتاج إلى وزير – و قال الله سبحانه { و أجعل لي وزيراً من أهلي . هارون أخي . أشدد به أزري . و أشركه في أمري } ( طه 32 ) و في هذه الآيات الكريمة – صفات و خصوصيات – واقعها مجتمعة في – شخصية الصحابي علي – و قال تعالى { سنشدُّ عضدك بأخيك و نجعل لكما سلطاناً فلا يَصلونَ إليكما بآياتنا أنتما و من اتبعكما الغالبون } ( القصص 36 ) فلم يصل الكفار و المنافقون و الأعداء بسوء إلى رسول الله في – معركة أحد و معركة حنين و المعارك الأخرى – بعضد أخيه و وزيره و بالسلطان و شراكة النبي و الصحابي علي – أنتما و من اتبعكما من الصحابة الغالبون - بمنّة – الله وحده – وليس غير الله – و إنّ الذي يؤيد قولنا هذا و بشكل أدق هو قوله تعالى { ما كان محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم و لكنْ رسولَ الله و خاتم النبيين و كان الله بكل شيء عليم } ( الأحزاب 41 ) وإنّ نص القرآن المجيد { خاتم النبيين } و نص الحديث الشريف < إلاّ إنه لا نبي بعدي > فهذه الآية الكريمة و الحديث الشريف قد جاءت و المسلمين في دولة و حكم و سلطان و عقيدة و أحكام و أفكار و رسول الله فيها بأشد الحاجة إلى من يشد أزره من أهله و عترته .
لهذا السبب قد أصبح رسول الله الحبيب – بقدرة الخالق العليم بكل شيء و القدير – في – واقع – لا يوجد عنده - ولد - و هو بين الصحابة – رغم زواجه من عشر زوجات – و لو بقي له ( ولد ) لَما نزلتْ هذه الآية الكريمة – أبا أحدٍ – و لنزلتْ آية غيرها و لتغيرت (منزلة الصحابي علي ) و لأصبح الحديث الشريف منسوخاً أو لَما قاله رسول الله و لكن – الحديث الشريف أصبح مؤيد بهذه الآية الكريمة من حيث الواقع و النتيجة – لا نبي بعدي – وخاتم النبيين - فلماذا – نهمل الحديث الشريف و لا نجعل له أثر في حياتنا و الله تعالى محاسبنا و سائلنا عنه و القاعدة ( إعمال الكلام أولى من إهماله ) – و قد أخذ به الصحابي سعد بن أبي وقاص فأمتنع عن شتم الصحابي علي – و الله تعالى يقول { فجعلَهُ نسباً وصهراً } (الفرقان 55 ) .
حديث ( العترة - الثقلين ) الشريف
و إن – الصحابي علي - هو كذلك ( أحد الأعضاء الأربعة – من أهل العترة ) الذين قصدهم الحديث الشريف المشهور ( حديث العترة – الثقلين ) – و إنّ ( العترة – معناها _ الأصل أو أصلي – أو بمعنى – ذرية – و ذريتي – أو – القوة و الشدة ) و إن الأعضاء الأربعة هم ( علي و فاطمة و الحسن و الحسين ) وإنّ نص الحديث الشريف هو < إني تاركٌ فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ما أنْ تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً > و إنّ هذا الحديث الشريف ( قطعي الثبوت لدى كافة المسلمين ) - في حين هناك حديث آخر ( ينافسه و يماثله ) و لكنه ( ليس قطعي الثبوت ) وإنما هو ( حديث مرسل – لم ينقل عن صحابي و إنما ورد عند فقيه المذهب المالكي ) وإنّ نصه ( إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و سنتي ) – و لو دققنا في هذا الحديث لنجده ( جاء ليؤكد شيء مؤكد و تحصيل حاصل – وعلى فرض إنّ الرسول لم يقله و لم يتحدث به فلا يتغير الواقع الموجود الثابت في القرآن الكريم و هو – إنّ القرآن و السنة – قد جاء رسول الله بها ليتركها إلى المسامين – و اتباعهما وجوبي و يؤدي إلى – عدم الضلال – و لا يوجد ما يسوغ لمثل هذا الحديث – لأنّ الذي يريده رسول الله إلى ما بعده – وهذه هي العلة والسبب المهم و المقصود- هو – ترك جهاز عمل و حركة لما بعده – و العترة هي ذلك الجهاز الفاعل المتحرك ) – و مع ذلك نقول ( إنّ وجود مثل هذا الحديث الثاني المرسل لا يضر بالإسلام لا بالكتاب ولا بالسنة – و يظهر إنّه قد و ضع بذكاء لمحاربة - حديث الثقلين الأول الثابت قطعياً – وهذا هو الذي حصل فعلاً – فهناك فئة كبيرة من المسلمين – يأخذون بالحديث المرسل – و يهملون الحديث قطعي الثبوت – و لا أدري ماذا سيقولون لربهم يوم الحساب ) – و المهم كذلك هو إننا نقول ( فليكن الحديث المرسل – ثابت – و بدرجة الحديث الأول – و لكن ما دام الحديثان – لا يتعارضان بالنتيجة – و بالدلالة – و أحدهما يكمل و يتمم الآخر – فالسنة النبوية تكمل القرآن في الأحكام الشرعية و تفسره – و العترة – الثابتة قطعياً - تفسر القرآن و السنة – و تحافظ عليهما و تحرسهما و تصونهما و تحميهما من البدع و الافتراءات و التأويلات بعد رسول الله – بالعمل و الحركة – و ليس بنصوص ثابتة و غير ناطقة ) – و إنّ الأعمال المضادة و المحاربة لله في قرآنه و لرسوله في سنته – هي أعمال و حركة يقوم بها – بشر – فلابد من وجود وقاية بأعمال متحركة يقوم بها – بشر – فلا بد من أنْ يكون هناك جهاز مكلف و له مهمة يعيش من أجلها – و هذا لا يعتبر تخريج ما دام الحديث الشريف موجود و ثابت ثبوت قطعي – لذلك قال رسول الله حديثه الشريف < إني حرمتُ و حللتُ مثل هذا القرآن و أكثر > أو كما قال .
و إنّ - العترة – قد عاشت مع رسول الله في - بيته – و في - منامه – و في – مأكله و ملبسه – وفي – عباداته – و معاملاته – و للعترة اطلاع على جميع مجرى حياة رسول الله و أعماله و حركاته و رغباته و تصرفاته – في السلم و الحرب – فهل – لغير العترة – من الصحابة عنده مثل هذا الواقع – قطعاً كلا – و ما حديث – الطير - الشريف إلا دليل على ذلك و على – المحبة - بين الله تعالى و الصحابي علي – فقد عملت السيدة فاطمة الزهراء – وليمة طعام – طير – لأبيها في بيتها - و جلس رسول الله يأكل و لكنه رفع رأسه إلى السماء و قال < اللهم ابعث أحبّ خلقك ليشاركني الطعام > و ما أنْ انتهى من دعائه و إذا بطارقٍ على الباب – فقال رسول الله لخادمه الذهاب لمعرفة من الطارق و إذا هو – الصحابي علي – فأجلسه النبي لمشاركته الطعام - و إنّ هذه المعايشة و الاطلاع للعترة على سنة رسول الله – عملاً و قولاً و سلباً و إيجاباً و سلماً و حرباً – هي لا تدخل في باب – الوراثة - و إنما هي – صناعة تقنية واقعية ربانية – مهنة و تكليف و مهمة متخصصة – شئنا أم أبينا – لذلك فقد طلب الله تعالى من رسوله الحبيب – التبليغ – عن العترة – و إنّ رسول الله – لا ينطق عن الهوى – و قد عاشت - العترة – وهم صحابة لرسول الله – بعد مماته لمدة خمسين سنة – نصف قرن – تؤدي عملها – و انتهت بقتل و استشهاد آخر أعضاءها و هو الصحابي الحسين – و هذا ما قلناه و نكرره و هو – إنّ إرادة الله شاءت أنْ لا يكون لرسول الله ( ولد ) يعيش بعد وفاته و لو كان عنده ولد لأخذت مسيرة الرسالة الإنسانية الإلهية غير – طريق الشورى – و لكانت – الوراثة هي الطريقة للحكم – و لِما كان لحكم الشورى من وجود و هذا ما لا يريده الخالق - و إنّ الذي يريده هو – الشورى – لذلك فهو تعالى أمر به في نظام الحكم و حببه – و كره – الوراثة و الملكية و الأمراء – وحرمها .
و إنّ من - متطلبات - عمل أهل العترة هي – المعرفة و الدراية و التيقن و الرسوخ – في علم الفقه و التفسير – و إنّ هذه – المتطلبات – متوفرة و موجودة عند العترة – وإنّ وجودها عند – عميد العترة الصحابي علي – بالمنة – التي - منّ – الله تعالى عليه بجعله – ولي الله – و كذلك قد دخلت هذه المتطلبات إلى – عقل و قلب الصحابي علي – من خلال – ضربة – من يد رسول الله الشريفة على – صدر الصحابي علي – عندما أرسله بمهمة – القضاء – إلى – اليمن – و هو شاب و قد تهيب من مهمة القضاء ابتداءاً – و لكن هذه – الضربة الرسالية المباركة – هي التي ثبتته و مكنته أكثر من هذه العلوم و المعرفة – و هذا – بإجماع المسلمين – وحتى بإجماع الصحابة الذين خاصموه – و إنّ الصحابية عائشة قالت ( إنه أعلم من بقى في سنة رسول الله ) و هذا يتفق كذلك مع حديث رسول الله الشريف < أنا مدينة العلم و علي بابها > فهذا الحديث الشريف كذلك مترابط مع حديث – الثقلين العترة – و أحدهما يكمل و يدعم الآخر – لذا فقد تركهم الرسول لحماية و صيانة و تفسير – الكتاب و السنة – و كانوا يقومون بعملهم هذا – للمسلمين و لأعداء الإسلام و لخصومهم .
في حين إنّ العلامة – القرطبي – قد أورد في كتابه – حكم تورث الخنثى – و قد أورده عن طريق – الصحابي علي – كذلك – و لكنه رواه برواية تختلف عن الرواية التي أوردناها من مصادر أخرى – و ليس فقط إنها تختلف مع الروايات الأخرى – و إنما تتناقض مع – نصوص القرآن – و تتناقض مع معتقدات الصحابي علي – حيث أورد – القرطبي ( إنّ علي قد أجاب على هذه المسألة - عليكم بتعداد عدد أضلاع الخنثى – فإذا كان عدد الأضلاع ناقصة ضلع واحد فالخنثى هي – رجل – و ترث مثل حظ الانثيين – و إذا كانت كاملة و غير ناقصة فهي امرأة و نصيبها نصيب الانثى – و إن السبب ( حسب تفسير القرطبي ) هو لأنّ ( حواء ) قد صورها و خلقها الله تعالى من ( أحد أضلاع آدم ) فأصبح آدم كرجل ( ناقص ضلع واحد ) من أضلاعه – و إنّ ( حواء كاملة الأضلاع ) – وفي هذا التفسير يوجد تشكيك في قدرة الله سبحانه الذي يقول { هو الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ و جعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حَملتْ حملاً خفيفاً فمرتْ به فلما أثقلت دَعَوَا الله ربهما لئن آتيتنا صالحاً لنكوننَ من الشاكرين } ( الأعراف 188 ) و هذه الآية توضح لنا كيف خُلقت ( حواء ) من ( نفسٍ واحدةٍ ) وليس ( من ضلع ) و كيف حملت فلا أضلاع – و يظهر إنّ العلامة القرطبي - قد أخذ الرواية عن الشام – لأنّ الشام هي التي سألت الخليفة علي عن – توريث الخنثى – وبعد أنْ استفادت من جوابه الصحيح – قامت بتشويه الجواب و تفسيره بالتحريف لأتها ( سلطة و حكومة ) و السلطة تفعل ما تريد ( خاصة و إنّ بني أمية موجودون في الاثنين – الأندلس و قرطبة ) و إلا فكيف نعلل موقف العلامة القرطبي من هذا التغيير و التحريف في – جواب ولي الله و عميد أهل العترة – و هذا يدل على ( إنّ الله و رسوله كانا على حق عندما صنعا جهاز العترة لمهمة و تكليف إلى ما بعد وفاة رسول الله – و رغم ذلك فإنّ المنافقين و أعداء الإسلام مصرون على التحريف و التغيير و التبديل و البدع و الافتراءات و على محاربة أهل البيت و كم هي المبالغ و حلاوة الدنيا التي يتمكن العلامة القرطبي الحصول عليها لمجرد الاستجابة لمثل هذه البدع – و في يومنا الحاضر صرفتْ ملايين الدنانير لمجرد – حذف عبارة – وخليفتي من بعدي – من أحد كتب الحديث المهم – والتي قالها رسول الله في الوليمة التي عملها للمجتمعين بعد نزول آية – و أنْذِر عشيرتك الأقربين - الشعراء 214 ) .
و بهذه المناسبة – مناسبة التحريف و البدع و التغيير – لابد من أنْ يعاد النظر في كتب – الحديث و التفسير و الفقه – خاصة الأوائل التي كتبت و وضعت في العهد الأموي و العباسي و العثماني و التي توضع اليوم – لأنها كانت عهود ولاية عهد و وراثة و سلطات منحازة و جائرة و وصلت إلى السلطة على أساس من تلك التحريفات و البدع – مثل تعطيل الشورى و البيعة و الخلافة و وضع ولاية العهد و الوراثة و الوصية بدلاً عنها – و إنّ هذه – العملية الضخمة تحتاج إلى – مخلصين و أتقياء أكثر من كونهم فقهاء و مفسرين و علماء اللغة – و فوق كل هذا وذاك – يجب أنْ تكون – العملية الضخمة – في عهد – خلافة – دولة إسلامية واحدة – في الأمة الإسلامية الواحدة – تقام على أساس – العقيدة الإسلامية – و المفاهيم الصحيحة – الخلافة و البيعة و الشورى و ولي الله و العترة - وهذه ثوابت و مفاهيم ثابتة ثبوت قطعي لدى – كافة المسلمين – و التمسك بها عدم الضلال - و الابتعاد عن المكابرة – و الرجوع إلى – طاعة الله و رسوله { و قل ربي زدني علماً } ( طه 114 ) و { قوا أنفسكم و أهليكم ناراً وقودها الناسُ و الحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله } ( التحريم 6 ) .
و بمناسبة ( التقوى ) فإنّ – ولي الله و عميد العترة الصحابي علي – قد عرف لنا ( التقوى ) وإننا نوجز التعريف للاستفادة منه في بحثنا السياسي هذا – فقال (( إنّ التقوى – هي التي يندمج فيها المسلم المؤمن بالصفات الأربعة : أولاً – الإيمان بالرب الجليل – و ثانياً – العمل بالتنزيل – و ثالثاً – الرضا بالقليل – و رابعاً – الاستعداد للرحيل إلى الدار الآخرة )) – و بذلك يكون المسلم المؤمن التقي – قد هيأ حقائب السفر استعدادً – للرحيل – إلى – اليوم الآخر – بلباس التقوى – و لباس التقوى خيرٌ – و الآخرة خيرٌ و أبقى - وليس بلباس - التكايا و الكهنوتية و التصوف المتطرف و طرق الدروشة – و اللطم و البكاء الصاخب والزناجيل و الطبيخ و المسيرات - و الألبسة الحديثة – جيش الصحابة و جيش المهدي و السلف و الوهابية – و المقاومة المسلحة و العنف و القوة بدون دولة إسلامية أو بمعزل عنها – كلها أعمال و أساليب – محرمة و باطلة – من أعمال الشيطان و العلمانية الاستعمارية تغذيها و تنميها بأموالها الطائلة و بحلاوة الدنيا و بالعملاء و العوائل المرتزقة – لتشويه الإسلام – و إبعاد المسلمين عن ما ينقذهم – الدولة الإسلامية المحمدية الواحدة – لذلك فإننا – الأمة الإسلامية – بأشد الحاجة – إلى – الثلة الواعية – بلباس التقوى – لنكون { خيرُ أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر } .
و إنّ ما يؤكد – مهمة و وظيفة ( العترة – أهل البيت المطهرين – عدم الضلال ) – هو قول ولي الله و عميد العترة الصحابي علي (( اسألوني قبل أنْ تفقدوني )) و هذا الكلام ماذا يعني – و هل هناك من قال له - من أنت حتى تقول لنا ذلك و نحن صحابة رسول الله – فأين هم أولي الألباب و الذين يعقلون - و قال كذلك و بقسم (( و الله لأبن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه – و أني أندمج على مكنون علم لو بحتُ به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطويِّ البعيدة )) وهل لم يسمع الصحابة عبارة – أندمج على مكنون علم – وهل قالوا له من أنت حتى – تملك أسرار العلوم ومعلومات الحياة الدنيا – فلم يبق أمام المغرضين و الحاقدين على هذا الجهاز غير القول – إنّ الصحابي علي أصلاً لم يقل مثل هذه الأقوال حتى يتخلصوا من تحليل أقواله – و لكن هناك له قول قد قاله في حادثة ثابتة – وهي – عندما خرج عليه الصحابة طلحة و الزبير و عائشة لأسباب – منها – عدم مشاورتهم و الرجوع إليهم عندما أصبح خليفة – فقال لهم ((إني لم أحتج إلى رأيكما و لا رأي غيركما فأستشيركم و لو حصلت الحاجة لم أرغب عنكم )) فلماذا قال ذلك لأنه هو بالإضافة إلى كونه – خليفة – فهو – ولي الله و عميد العترة – و هو قطعاً المرجع و أعلم الصحابة و لا يوجد ما لا يعلمه و الناس بحاجة إليه – و لو فعل و رجع إليهما لانتفت عنه صفة الولاية و العترة – التي منحها لهم الله و رسوله – و سوف يتضح كل ذلك يوم الآخرة و سوف يحاسب كل إنسان على ( إثمه ) في عدم الإيمان و عدم الاهتمام بحديث العترة الشريف و لا بمهمة العترة و بتكليف الله و رسوله لهم أو يؤمن بالحديث الشريف و لكن يُظهر و يعمل بغير دلالته عن مصلحة غير شرعية – لأنّ الله تعالى علام الغيوب و القلوب - و أما موضوع ( عصمة العترة ) فهي ( معصومة ) في أعمالها بأداء وظيفتها و مهمتها و التكليف الإلهي و الرسالي – لأنّ رسول الله قد قيد إتباعها بعدم الضلال فكيف يجوز لها الخطأ تماماً مثل ثقلي القرآن و السنة و هي الثقل الثالث – قطعاً – الأثقال الثلاث معصومة – و مثل الإخبار الغيبي النبوي عن المهدي المنتظر قد ورد و مقيد بمفهوم العصمة – يملأ الأرض قسطاً و عدلاً – و ليست العصمة في جميع أعمال و أقوال عيش العترة في الحياة الدنيا التي هم كذلك فيها مطهرون و منزهون فيها من الرجس .
من هو ( ولي الله ) في الإسلام – في الحديث الشريف في حجة الوداع
< من كنت مولاه فهذا علي مولاه >
و يعني ( من كنتُ أنا محمد رسول الله – مولاه – فهذا علي – مولاه )
فالرسالة و الولاية من ( أسس بناء المجتمع الحضاري )
و إنّ – الصحابي علي – هو مدار الحديث الشريف في ( الخطبة السادسة ) من (خطب حجة الوداع الستة ) – و إنّ الخطبة السادسة كان قد ألقاها رسول الله الحبيب بعد رجوعه في موقع ( غدير خم ) الذي يبعد بميلين عن المدينة المنورة و نصه < من كنتُ مولاه فهذا عليٌ مولاه اللهم والي من والاه وعادي من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله > إلى بقية الخطبة – و إنّ بقية الخطب الخمس – فالأولى كانت في ( مكة ) عند وصوله لها – و الثانية في ( منى ) قبل صعوده عرفة – و الثالثة في ( عرفة ) – و الرابعة في ( منى ) بعد نزوله من عرفة – و الخامسة في ( مكة ) بعد رجوعه إليها .
و إنّ رسول الله الحبيب كان يوضح في خطبه الستة في ( حجة الوداع ) قد بدأها بقوله < لَعليَّ لا ألقاكم بعد يوميّ هذا > و يؤكد على ( أهم الأسس ) التي وردت في ( القرآن و السنة ) و يثبتها لعلآقتها ( بمصير المجتمع الإسلامي الحضاري و الشخصية الإسلامية و بمصير الإنسانية و العالمين – الحمد لله رب العالمين ) و لكلٍ من الرسالة و الولاية وقت خاص للعمل بها .
و إنه صلى الله عليه و آله و سلم قد أكد في خطبه على ( مهمة العترة ) عدة مرات – و إنه حذر ( من التعرض لقريش بالأذى ) – و إنه حذر من ( التهاون و التساهل حتى بالأعمال و الأقوال – الصغيرة و البسيطة – فإنّ التهاون و التساهل بها هو – بيت داء المجتمع – فالأعداء يبدأون بالحرب بالصغيرة للوصول إلى الكبيرة ) و حذر من (الصراع على السلطة ) و حذر من الداخل إلى النسب و الخارج منه - و الدعاء على كل من ( يدعي غير أبيه و يتولى غير مواليه – أي من يتولى أعداء الإسلام و يكون عميل لهم و قال – لعنة الله عليهم إلى يوم القيامة ) و كذلك ( ألغى ربا الجاهلية و أوله ربا عمه العباس ) و ( ألغى ثأر الجاهلية و أوله – دم ابن عشيرته بني هاشم – ربيعة بن الحارث ) .
و أما ( أسس العنصرية و التفرقة بين أفراد الإنسانية ) فقد أكد على (( المساواة بين الناس – و عدم التمييز بين الرجل و المرأة و عدم الإساءة إلى النساء – و وحدة الأمة – و وحدة الدولة – و إلغاء موازين الجاهلية و قيمها – و التفاخر بموازين الله و إسلامه و تطبيقها و الدعوة لها – و التكافؤ بين المسلمين – و كل المسلم على المسلم حرام دمه و عرضه و ماله – و احترام الملكية الخاصة و العامة و حرم الاعتداء عليها و غصبها – ولكل شخص ذمة بريئة – و أكد وحدة عقيدة الشريعة الإسلامية و وحدة الأنظمة و الأحكام المنبثقة عنها – و أكد ختام الأمة و ختام أمم الأنبياء و الرسل وإنه خاتم النبيين – و أكد إنه سيكون شاهد على الخلق )) و غيرها من التأكيدات و التحذيرات و الألغاءات و الأسس التي أوصى بتطبيقها بعد فراقه لأمته .
و إنّ حديث الولاية الشريف < من كنت مولاه فهذا علي مولاه > هو ( قطعي الثبوت لدى كافة المسلمين ) و بعد الانتهاء من الخطبة السادسة ومن حديثه الشريف فقد (طلب نصب خيمة لولي الله علي و طلب من المسلمين السلام على مولاهم بأمرة المؤمنين – ومن ضمن منْ قام بالسلام و التهنئة الصحابي عمر بن الخطاب قائلاً : بخٍ بخٍ يا أبا الحسن أصبحت مولاي و مولى كل مؤمنٍ و مؤمنة - و بالرغم من قطعية ثبوت حديث الولاية الشريف – فإنّ العلماء قد اختلفوا في ( دلالته ) و لكن ( لمصلحة من – الله وحده أعلم ) – حيث إنّ بعض العلماء و الفقهاء – قد فهموا ( دلالة الولاية ) في هذا النص إنها تعني ( ولاء الإسلام ) و من ضمن هذا الرأي فقيه المذهب ( العلامة الإمام الشافعي ) – و لا ندري ( هل إنّ – ولاء الصحابي علي للإسلام – كان فيه شك لدى المسلمين – فجاء رسول الله ليقوم بتأكيد هذا الولاء – أو قام بتزكية ولاء الصحابي علي للإسلام – و لأنّ أعماله خاصة في حروب الدولة الإسلامية مع كفار قريش و هو أول من قام بالفداء - لم تكن كافية و لا تشكل الولاء ) .
إنّ الله تعالى قال { إنما وليكم اللهُ و رسولُه و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة و هم راكعون . و من يتولَّ اللهَ و رسولَه و الذين آمنوا فإنّ حزب اللهِ هم الغالبون } ( المائدة 57 ) – إنها آية كريمة عظيمة سياسية فيها رعاية - وبنفس الوقت فيها توضيح لواقع ( الولاية ) و من هو ( الولي ) الله و رسوله و الذين آمنوا – و قد عرف الذين آمنوا الذين أصبح منهم ( ولياً ) بإعطاء الزكاة وهم راكعون – و قد ربطها الله تعالى بواقع عمل الزكاة و ليس بمفهومها و كذلك ربطها بالعمل السياسي و الحزبي – وإنّ كافة المسلمين ( مجمعون ) على – إنّ ولي الله الصحابي علي كان سياسياً من الطراز الأول – و إنه قد وقف بوجه كل من كان يطالبه – أنْ يقوم بالصراع على السلطان أو التنافس على السلطان لأنه أحق بها من غيره – رغم إنّ التنافس و التسابق حلال و حق شرعي لكل مسلم و لكل إنسان من – أجل الحقوق و الواجبات – و ليس من أجل حلاوة الدنيا و أطماعها – لذلك فإنّ ولي الله الصحابي علي قال (( ما كانت لي في الخلافة رغبة و لا في الولاية اربة )) و لكن لا مانع شرعي من أنْ يستلم ( ولي الله ) منصب ( الخلافة ) – رغم وجود تشابه و تداخل بين ( أعمال ) الوظيفتين و المفهومين من حيث ( إنّ عمل – الاثنين – يبدأ – بعد وفاة رسول الله الحبيب مباشرة ) و قد تجسد ذلك في ( عمل و أقوال و سلوك و سيرة ولي الله الصحابي علي) حيث ( إنّ جميع أحاديثه و خطبه و فقهه و مواقفه السلبية و الإيجابية – خاصة – خطبته الشقشقية – التي كانت تبحث في موضوع الخلافة والشورى و البيعة – و في التنافس والتسابق – و إعادة معالم الدين التي ضاعت و إنّ الحدود قد عُطلت و إنّ المظلومين قد فقدوا الأمان - فهو يسعى لإصلاح كل ما تخرب و تعطل – و قد شهد له بذلك حتى الخليفتين الأول والثاني ( لولا علي لهلك عمر ) – و لكن الظلمة ينقلون بأنّ ولده الصحابي الحسن لم يكن راضي عن والده في ثلاث أمور – و إنّ الغرض من هذا الافتراء واضح فأولاً جاءوا عن طريق ابنه و ليس غريب و ثانياً – إذا كان ولده يخطأه فكيف يكون ولي الله .
( تحطيم الأصنام و تماثيل رموز الشرك و الكفر )
من أساسيات - العقيدة الإسلامية
إنّ الإسلام ( دين الفطرة الإنسانية ) و ( دين- التوحيد - والهداية و الإيمان والتقوى - و العصر ) لذلك فإنّ من أساسيات ( عقيدته ) ( التوحيد و إنهاء الكفر و الشرك والنفاق – و التمادح ) و ( تحطيم ) كل ما يرمز إليها و أولها ( الأصنام ) – و إنّ رسول الله الحبيب قد ( استعمل الصحابي علي و أشركه عملياً ) في هذا ( التحطيم و الإنهاء ) – و قد رفعه على كتفيه للقيام بعملية و مهمة التهديم – لأن الأصنام كانت تشكل خطورة كبيرة على المجتمع المتحضر الجديد – و ليس المجتمع المدني - حتى عند الذين أسلموا – لأنهم كانوا يؤمنون بها و يعبدونها قبل إسلامهم و إيمانهم – فلابد من تحطيمها و إنهائها .
و إنّ الله تعالى يقول { و تا الله لأكيدَنّ أصنامكم بَعْدَ أنْ تُوَلّوأ مُدْبرينَ } (الأنبياء 57 ) لأنّ الأصنام كانت سد منيع و تحول دون ( توحيد الله ) – و إنّ كل مسلم وصحابي - يفكر و يتمنى لو كان هو قد قام بتحطيم الأصنام أو اشترك في تحطيمها – و نسأل المسلمين ( هل لا يوجد صحابي آخر للقيام بهذه المهمة و وضع أقدامه على كتفي رسولنا الحبيب ) و إنّ الجواب قطعاً ( كلا ) و يوجد شخص واحد هو أحبّ خلق الله إلى الله تعالى .
فمن ( خلال التشريع الإلهي و واقع حال السنة النبوية ) لا يوجد غير – الصحابي علي – أنْ يتشرف بهذا التكليف و هذه المهمة الربانية – و إنّ غايتنا من بحث هذه الأمور (سياسياً ) هو ليس لبيان ( أحقية ) أحد الصحابة تجاه حقوق الصحابة الآخرين أو أفضليته عليهم و إنما – لأنّ هذا الإنسان – الصحابي علي – هو – الوحيد – الذي بإمكانه ( القيام بتحطيم الأصنام عن يقين و تقوى – لأنه قد ولد في الكعبة - و لم يسجد للأصنام و لم يعبدها - و هو من الطاهرين – طهر بيتي للطائفين و العاكفين و الركع السجود ) مثلما هو الوحيد الذي تمكن من ( توضيح و تفهيم – حكم الشورى – في الإسلام – هذا الحكم الخطير و العظيم في حياة الإسلام و المسلمين و الإنسانية ) و غيره يعجز عن ( تفهمه و تفهيمه ) و غيره (عجز عن تطبيقه – فهو أول من طبقه – و اشترط أنْ تكون البيعة غدا في المسجد و من قبل جميع صحابة بدر و من الأنصار و المهاجرين ) – مثلما أثبت اللهُ و رسوله- بانفراد الصحابي علي ببطولة ( معركة الخندق ) و ( معركة خيبر ) و ( غزوة بني سليم ) لأنه مهيأ ليكون (ولي الله ) و من ( أهل العترة – التمسك بهم عدم الضلال ) – و هذا هو ما أراده الله و رسوله في (عمل تهديم الأصنام – و الكيد بها – بعدَ أنْ يولوا الأدبار ) لكي يفهم المسلمون و الناس (عملياً ) لماذا تكون – العترة – لعلهم يتدبرون .
( البراءة ) من المشركين و الكفار ( يوم الحج الأكبر )
شعائر و أعمال دينية و عقائدية يجب أنْ يستمر العمل بها في كل حجة
إلى يوم القيامة
إنّ ( البراءة ) قد ( بدأت ) بها ( سورة التوبة ) ( السورة السياسية في العلاقات الدولية و العالمية – للعقيدة و المبدأ الإسلامي – و بدأت بدون البسملة ) { براءةٌ من اللهِ ورسولهِ إلى الذين عاهدتم منَ المشركين } – صحيح – إنّ البراءة – مسألة الأساس فيها عقائدي – إنهاء و إلغاء و فسخ – علاقة – بين الإيمان و الكفر – على مستوى – الأشخاص والدول و العالم – و تحديد موقف عقائدي في المعاملات الاجتماعية و الحكم و الاقتصاد والعبادات { يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نَجسٌ فلا يقربوا المسجدَ الحرام بعد عامِهم هذا و إنْ خِفتم عَيْلَةً فسوف يغنيكم اللهُ من فضله إنْ شاءَ إنّ اللهَ عليم حكيم – 29 } و < الدين المعاملة > - و قد أغنى الله جلت قدرته الأمة الإسلامية من فضله فلا خوف من – العيلة – وجعل بلاد المسلمين غنية بالثروات بمختلف أنواعها و صنوفها و متكاملة – فأخذت تتكالب عليها الأمم – و التكالب شيء – و التعامل الحلال شيء آخر – ففي التكالب – استعمار واحتلال و قوة و عنف و دمار و سرقة و نهب و احتيال و غصب – بدون عقل و بجنون – بعد شراء المرتزقة و العملاء – أشخاص و عوائل - وهذا كله هو غير معاملات الحلال – الدين المعاملة.
( و أبرز ما في - البراءة - الإعلان و الإعلام )
( شعائر الله ) ( و منْ يُعظِمْ شعائرَ اللهِ فإنها منْ تقوى القلوب )
( أذانٌ ) ( إعلان و إعلام ) { وَ أذانٌ من اللهِ و رسولهِ إلى الناسِ يومَ الحجِ الأكبر إنّ اللهَ بريء من المشركين وَ رسولُهُ فإنْ تُبتُمْ فهو خيرٌ لكم وَإنْ تَوليتُمْ فاْعلموا أنكم غيرُ معجزي اللهِ و بشرِ الذين كفروا بعذابٍ أليمٍ } - والبراءة – الشرط فيها – الإعلان و الإعلام – لأنها قيدت بالنص الذي تلاها – أذانٌ – حسبما أرادها الله و رسوله أنْ تكون – فأمر الله تعالى – المسلمين – أنْ يعلنوا براءتهم من الكفار و المشركين و من ( عهودهم و اتفاقياتهم التحالفية – المخالفة
للإسلام ) إلى يوم القيامة .
( الإنابة بعمل البراءة – و القواعد الأربعة )
لذلك و لأهمية ( البراءة ) – فإنّ الله و رسوله – قد ( أناب و استعمل – الصحابي علي ) في هذه – المهمة العظيمة – و الجبارة –إعلامياً - و لم ينب أو يستعمل غيره من الصحابة – و ذلك لكي يكون ( الإعلان و الإعلام – دقيقاً و صريحاً و واضحاً و صارماً - و مستقبلياً كذلك ) – و فعلاً ذهب الصحابي علي و أعلنها ( أربع قواعد ) و هي ( أولاً – أنْ لا يطوف بالبيت عرياناً – لأنّ العرب المشركين قد جعلوا من البيت الحرام نادي للعراة – رجال و نساء – و ثانياً – لا يقرب من المسجد الحرام مشركاً – و ثالثاً – لا عهود و معاهدات تحالفية مع المشركين – و العهود السابقة نهايتها مدتها – و رابعاً – لا يدخل الجنة إلاّ نفسٌ مؤمنة – و ليس مسلمة فقط – و إنما لابد للنفس المسلمة أنْ تكون مؤمنة حتى تدخل الجنة ) .
و من عمل السنة النبوية هذه التي دعمت الآيات القرآنية الكريمة – نفهم بأنّ (أذان البراءة يوم الحج ) في كل سنة و في كل عصر ( من شعائر الله – و من إعلامه ) و(يجب و فرض على كل مسلم القيام بها يوم الحج و ببنودها الأربعة ) فهل يقوم بها الحجاج في عصرنا الحاضر - في حين – إنّ المتسلط في السعودية – خادم الحرمين – اليوم – قد منع و حرم هذه الشعيرة الدينية – البراءة – و حرم الإعلان و الإعلام بها ) و قد حال دون أداءها – و لم يكتف بذلك – إكراماً و إجلالاً لأسياده الكفار المشركين – و إنما قام بقتل و ذبح مئات المسلمين و المؤمنين من أجل وقف العمل بها ) و فعلاً قد تركها من كان يعمل بها و يدعو إليها – لضعف الإيمان و حلاوة الدنيا و المناصب – بل و إنّ المتسلط في السعودية و بقية المتسلطين قد جعلوا – الكفار و المشركين – يتقربون من – المسجد الحرام بمعاهدات و أحلاف و عهود – و قواعد عسكرية – يستخدمونها – لتخويف المسلمين و ترهيبهم و تهديدهم إذا ما فكرموا بالرجوع و العمل بإسلامهم - و في احتلال البلاد الإسلامية و قتل المسلمين و دمار بلادهم و نهب أموالهم و معادنهم و خيراتهم – وإنّ رسول الله قال < الناس شركاء في ثلاث النار و الماء و الكلأ > فهذه أموال المسلمين جميعاً – و لكن العملاء قد وهبوها لأعدائهم الكفار العلمانيين - و تركوا المسلمين لخطر – العيلة – و الفاقة و الحرمان .
( من الذي تشرف بغسل و تكفين و دفن رسول الله الحبيب )
و إنّ الصحابي علي – قد شرفه الله تعالى و خصه و مكنه من ( عمل ) ( يتمناه كل مسلم مؤمن و تقي ) و هو ( غسل و تكفين و دفن رسول الله – و رسول الإنسانية والعالمين – محمد بن عبد الله صلى الله عليه و آله و سلم ) – و إنّ سبب انفراده بهذا العمل الإلهي هو – وحسب قوله (( لقد نبأني رسول الله عن هذا اليوم و هذا الأمر )) و لأنّ (الصحابة – خاصة البارزين منهم ) قد ( قضى الله تعالى أمراً و قدره لهم – و لكن بمحض إرادتهم و باختيارهم – و ليس جبراً عليهم – أنْ ينشغلوا في تقرير مصير السلطة و السلطان في السقيفة) – فقام الصحابي علي – بكل هدوء و راحة بال – الإنشغال بضم رسول الله عند مرضه إلى حضنه و صدره – وقد سالت روح نفس الرسول الشريفة في – كف الصحابي علي – فأمررها على وجهه تبركاً بها – فمن هو الذي تبرك بروح رسول الله غيره – و هنا قال الصحابي علي (( قد وليتُ – غسل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم - و الملائكة أعواني – و ضجت الدار و الأفنية – ملأٌ يعرج – و ملأٌ يهبط – و ما فارقت أسماعي هيمنةٌ منهم – أصواتهم الخفية – يصلون عليه – حتى – واريناه – في ضريحه – فمن ذا أحقُّ به مني حياً و ميتاً – و لقد آسيته بنفسي في المواطن التي تنكص فيها الأبطال – و تتأخر فيها الأقدامُ نجدةً أكرمني الله بها – و لقد عَلِمَ المستحفظون من أصحاب محمد - إني لم أرّد على الله و لا على رسوله ساعةً قط )) – فمن الذي يقدر أنْ يقول مثل هذا الكلام غيره من الصحابة – و هذا هو قضاء الله و قدره و كرمه و نعمته على – الصحابي علي – و عندما وصل في قوله إلى ( عمل الدفن ) قال ( حتى واريناه في ضريحه ) و لم يقل ( واريته ) و إنما قال (واريناه ) هو و الصحابة - و يقال إنّ يوم القيامة تبرز – ثلاث قوائم - قائمة بالسيئات – وقائمة بالالتزام و عمل الخير - و قائمة بما أنعم الله تعالى عليه - وهنا تحصل المقاصة بينها.
تداخل ( المميزات ) مع ( الخصوصيات ) في شخص ( الصحابي علي )
و بالرغم من إننا قلنا في مواضيع أخرى عن وقائع و أعمال إنها من ( مميزات ) الصحابي علي – فهي في نفس الوقت تكون من ( خصوصياته ) دون غيره - منها عندما قال رسول الله < برز الايمان كله إلى الشرك كله > حين برز الصحابي علي لمقاتلة بطل الكفر في واقعة 0 معركة الخندق – و عندما لم يجرأ الصحابة و حجموا عن إعلان استعدادهم – و إنّ حديث الرسول الشريف هذا هو من مميزات الصحابي علي كونه ( بطلاً ) و في نفس الوقت فإنّ هذه - الصفة – التي وصفه بها رسولنا الحبيب هي تشكل _ خصوصية – من خصوصياته لأنه ينفرد بها دون الصحابة – و كذلك قال رسول الله < لأعطين الراية غداً لرجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله .... > في معركة خيبر – و هذه أقوال ثابتة ثبوتاً قطعياً لدى كافة المسلمين – و في نفس الوقت مدعومة بعمل و واقع ( سنة نبوية ) - و كذلك من خصوصيات إنه ( ولي الله ) و هذا كله بإجماع المسلمين ( دون غيره من الصحابة)
( المهدي المنتظر عليه السلام – من صلب الصحابي علي )
و إنّ – الصحابي علي – شاءت إرادة الله تعالى أنْ يكون ( المهدي المنتظر ) الذي ينتهي العالم في الدنيا ( بظهوره – و خلافته ) من ( صلب ولي الله و صلب رسول الله ) و هذا ( بإجماع المسلمين ) ولكن ( ما هي خصوصيات المهدي ) ففي هذا قد اختلف المسلمون – وإننا قد خصصنا فصل خاص بالمهدي المنتظر – في بحثنا السياسي هذا في ( الفصل الثاني عشر ) .
صفات الصحابي علي ( الجسمية و العقلية )
و أما صفات الصحابي علي – الجسمية و العقلية – فإنّ جسمه هو – جسم الأبطال – و بذلك أصبح ( المنفذ و المطيع و البطل ) في ( معظم المعارك الكبيرة ) مع كفار قريش – بلا منازع – و إنّ – جسمه و عقله – صناعة و تقنية إلهية – و من مميزاتها هي إنّ – جسمه و عقله – يخترق كل – قوة جسمية و عقلية أمامه – و لا تخترقه أي قوة – و هذا ما ( أثبته الواقع ) – و لهذا السبب أصبحت منزلته < منزلة هارون من موسى > لأنه حارس و حامي رسول الله الإنساني الدنيوي و ليس الملائكي و ولي الله من بعده – و نورد هنا حكمة من حكمه بقوله (( الجزعُ في المصيبة أشدُّ من المصيبة نفسها )) كيف يكون ذلك – و إنّ الذي عنده هذا – الفهم – لا يمكن أنْ يخسر و يندحر – لذلك عندما نزل السيف الجبان على رأسه قال (( فزتُ و رب الكعبة )) – و إنّ حكمة ( الجزع عند المصيبة ) هي عند ( أهل العلم الحديث ) المعاصر تسمى ( الفزع و الهلع ) – و إنّ الذي يُعطي حمته و تعريفه في ( الجزع و المصيبة ) و رأيه في ( البلايا و المصائب ) لا يمكن أنْ ( يجزع ) أو يصيبه ( الفزع و الهلع ) – و يظهر لنا إنه قد استمد حكمته هذه و استنبطها من القاعدة الربانية ( قاعدة النصر الربانية – و لا تهنوا في ابتغاء القوم إنْ تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون – النساء 104 ) لذلك كان الصحابي علي ( خير مأمور و خير آمر ) – و كذلك عنده الكثير من الأخبار العلمية و التي كانت في وقتها من – الغيبيات – فإنه قد وصف ( الخفاش ) وصفاً دقيقاً خاصة الرادار الذي يملكه – و كذلك قال (( عجبتُ لإبن آدم – ينطق بلحمٍ و ينظرُ بشحمٍ و يسمعُ بعظمٍ ويتنفس من خرم )) و في وقتنا الحاضر و المعاصر قد أثبت – علم التشريح – الحديث صحة إخباره ( يسمع بعظمٍ ) .
و أما صفاته ( الأخلاقية ) فهو الذي رباه رسول الله محمد الصادق الأمين – و هو نفس رسولنا الحبيب في قوله تعالى { أنفسنا و أنفسكم } ( آل عمران 61 ) يوم المباهلة – الصراع الحضاري – مع الكفار – و المهم هو إنّ الله تعالى قال لرسوله الحبيب { و إنكَ لعلى خُلُقٍ عظيم } ( القلم 4 ) و إنّ حرف اللام في كلمة ( لعلى ) جعلت الرسول ( أعلى من الخلق العظيم ) و الصحابي علي هو نفس رسول الله بهذا الوصف .
الصحابي علي ( أستاذ ) علم اللغة و النحو
و أما في علم اللغة و البلاغة و النحو – فهو الأستاذ في هذا العلم و الذي كان يمليه على – عالم النحو – أبو الأسود الدؤلي – و نورد حادثاً واحداً يكفي لمعرفة علم الصحابي علي اللغوي و النحوي و مقدرته فيه – و إنّ الكثير من الناس يعرفون من هو – أبو الأسود الدؤلي – أحد فطاحل اللغة العربية – فقد كان يذهب إلى الصحابي علي – ليأخذ منه – أوليات مباديء اللغة العربية – و مما أخذه – تعريف الكلمة و تكوينها من – اسم و فعل وحرف – و تعريف كل جزء منها و هو – أنّ الاسم – هو ما نبأ عن المسمى – و الفعل – هو ما نبأ عن حركة المسمى – و الحرف – هو ما أنبأ عن معنى ليس باسم و لا بفعل – و كذلك قال الصحابي علي – إنّ الأشياء ثلاثة – ظاهر و مضمر و شيء ليس بظاهر و لا مضمر – و قال – إنما العلماء يتفاضلون في مقدار معرفة ما ليس بظاهر و لا مضمر – فهو يعرف – كيف يكون التفاضل – أي كيف يكون هذا العالم أفضل من ذلك العالم – أي عنده – علم المقاييس – إذاً هو ماذا يكون - و إذا وصفناه قد نقلل من درجة علمه و مكانته .
و قال أبو الأسود الدؤلي ( إني مرة صحبتُ معي أبحاث عديدة و كنتُ أعرضها عليه – للتأكد من صحتها – و مما عرضته – حروف النصب – و ذكرتها له ( إنّ و أنّ و ليتَ و لعلّ و كأنّ ) فقال لي – لماذا نسيت ( لكنّ ) فأجبته – إني كنت أحسبها ليس منها – فأجابني – بل هي منها فزدها لها – و قد زدتها .
اختبار ( الذكاء ) و ( قياس ) قوة الإدراك – و تسلية علم الحساب
و حسب رأينا السياسي – إنّ الإنسان لا يمكن أنْ يلم بجميع صفات شخصية ( ولي الله – والخليفة – الصحابي علي ) العقلية و العقائدية لأنها قد دخلت عنده ( بإذن الله جلت قدرته – قد جَعَلَ اللهُ لكلِ شيءٍ قَدْراً – الطلاق 4 ) و في كل منحى من مناحي الحياة – حتى التي قد يتصورها الإنسان العادي – إنها مناحي صغيرة و بسيطة و وجودها للتسلية و اختبار الذكاء و قياس قوة الإدراك و علم الحساب – و إننا هنا نورد حادثة واحدة من تلك المسائل و هي منقولة عن ( زرِّ بن حبيش ) حيث قال ( لقد جلس رجلان يتغذيان و كان لأحدهما – خمسة أرغفة خبز – و للآخر – ثلاثة أرغفة خبز – فلما وضعا الغذاء بين أيديهما فقد مرّ بهما رجل فسلم عليهما فقالا له أجلس و تغذّ معنا فجلس و أكل معهما و استووا في أكلهم – الأرغفة الثمانية – ثلاثتهم بالتساوي – و عند الانتهاء قام الرجل الضيف و طرح إليهما – ثمانية دراهم – و قال لهما – خذاها عوضاً لما أكلتُ منكما و نلته من طعامكما – و قد تنازع الرجلان على – الدراهم الثمانية – فقال صاحب الأرغفة الخمسة – لي خمسة دراهم و لك ثلاثة دراهم – و قال صاحب الأرغفة الثلاثة – لا أرضى إلا مناصفة بيننا – فرفعا نزاعهما إلى الصحابي علي و قصا عليه قصتهما – فقال الصحابي علي لصاحب الأرغفة الثلاثة – قد عرض عليك صاحبك ما عرض و خبزه أكثر من خبزك فارضَ بالثلاثة دراهم – فأجابه – و الله لا رضيت إلا بمر الحق – فقال الصحابي علي له – ليس لك في مر الحق إلا درهم واحد و لصاحبك سبعة دراهم – فقال صاحب الأرغفة الثلاثة – سبحان الله و كيف يكون ذلك – فأجابه الصحابي علي – مفسراً - أنتم أكلتم بالتساوي و إنّ ثمانية أرغفة إذا قسمت على ثلاثة أشخاص تصبح – أربعة و عشرين ثلثاً – و قد أكلتموها و أنتم ثلاث أنفس و لا يعلم من أكل أكثر أو أقل من الآخر – لذا فتحملون على الأكل بالتساوي – فأكلت أنت يا صاحب الأرغفة الثلاثة – ثمانية أثلاث – من مجموع أربعة و عشرين ثلثاً – في حين إنّ خبزك هو – تسعة أثلاث – و قد أكل صاحبك – ثمانية أثلاث – في حين إنّ خبزه – خمسة عشر ثلثاً – و بقيت منه – سبعة أثلاث – و منك بقي – ثلث واحد – فتصبح ثمانية أثلاث أكلها الضيف صاحب الدراهم الثمانية – فلك درهم واحد لقاء ثلثك و لصاحبك سبعة دراهم لقاء سبعة أثلاث خبزه ) فقال الرجل الآن قد رضيتُ بمر الحق .
إننا لا نؤيد الخوض في موضوع ( الأفضلية بين الصحابة )
و لكن فرضها علينا ( واقع كتب العلماء المسلمين ) سابقاً وحاضراً
كثيراً ما قرأنا كتب و مؤلفات ( معتبرة ) تخوض في موضوع ( من هو الأفضل من الصحابة ) – و إنّ جميعها قد كتبت و ألفت في عهود الأمويين و العباسيين و العثمانيين أو كانت مصادرها من تلك العهود – رغم إنها كتبت في العهود الحالية المعاصرة – فكان لزاماً علينا و نحن نثبت- بحثنا السياسي – أنْ ندلي برأينا السياسي في موضوع ( الأفضلية ) فنقول:
إنّ ( أهل بيت رسول الله – و علي – منهم ) فإنّ ( وجودهم – من ناحية الصراع و النضال و الدفاع ) في الحياة هو ( ليس للدفاع عن أنفسهم فقط وإنما للدفاع عن الصحابة و الناس و العالمين – و حمايتهم – جسماً و فكراً ) و إنّ ( الذي وجوده هو الدفاع عن غيره كيف لا يكون هو – أفضل من غيره ) – و إنّ رسول الله الحبيب يقول < يموت المسلم من أجل دينه و عرضه و ماله > فكيف هو ( إذا مات من أجل غيره ) – و قد قال الصحابي علي في هذا الخصوص (( و كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم – إذا أحمرّ البأسُ و أحجمَ الناس قدم أهل بيته فوقى بهم أصحابه – و قد قتل – عبيد الله بن الحارث – يوم معركة بدر – و قتل – حمزة بن عبد المطلب – يوم معركة أحد – و قتل – جعفر الطيار – يوم معركة مؤتة - قرب بيت المقدس )) و إنّ الدليل على صحة كلام – علي – هذا هو – عندما أراد الصحابي أبو بكر الصديق النزال في – معركة بدر الكبرى – فقد منعه رسول الله الحبيب و قال له < متعنا بنفسك يا أبا بكر > في حين نزل إلى المجابهة في معركة بدر – أهل الرسول – حمزة و علي و عبيد الله – هذا من ناحية و من ناحية أخرى فإنّ السيدة عائشة – هي أم المؤمنين – و النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم و أزواجه أمهاتهم و من ضمنهم أبيها الصديق فهي أمه – و أم عمر وعثمان بعد وفاة النبي – و لكن لا يمكن أنْ تكون ( أم المؤمن – علي – و لا أم المؤمنة – فاطمة الزهراء ) لأنّ – المؤمن علي – هو نفس رسول الله في آية المباهلة – وهو زوج فاطمة سيدة نساء العالمين أي إنّ فاطمة سيدة السيدة عائشة – و إنّ – علي – هو زوج فاطمة – و فاطمة أم أبيها رسول الله – بينما السيدة عائشة ليست أم النبي و إنما زوجته – و إنّ علي هو نفس النبي – و لا يعقل أنْ تخرج الأم لمحاربة ابنها لو كان عندها شعور الأم – و بالتالي يكون من المستحيل أنْ يكون – الصحابة - أفضل من – ولي الله الصحابي علي - و هو المصهور مع النبي { نسبًا و صهراً } ( الفرقان 55 ) .
( المناصب و الوظائف و التكاليف التي تقلدها و تحمل مسؤولياتها )
( ولي الله الصحابي علي - بعد وفاة رسولنا الحبيب )
بعد هذا الاستعراض السياسي المختصر لشخصية – الصحابي علي – من حيث واقعها و أدلتها – فإنّ ( المناصب أو الوظائف أو التكاليف ) التي تحمل مسؤولياتها في ( الدنيا – الأرض ) بعد وفاة رسول الله الحبيب - هي ( ثلاث مناصب ) و لا يجوز جعلها ( واحدة ) – و كذلك لا يجوز القول بأنّ ( إحداها – تعني – الأخرى ) – و لكن قد تتداخل بأعمالها – عمل كل واحدة منها مع أعمال الأخرى – و لكن يبقى لكل ( منصب ) تكليفه و أعماله الخاصة به - و إنّ المناصب هي :
الأول - منصب و تكليف – ولي الله – و هذا المنصب هو ( إلهي – تشريعي ) – و إنّ الصحابي علي ينفرد بهذا المنصب ( دون الصحابة – و دون أعضاء أهل العترة الآخرين – وإنّ دليله العام قد ورد في الآية الكريمة { إنما وليكم اللهُ و رسولهُ و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون } ( المائدة 57 ) و إنّ ( واقعة ) و أسباب نزولها متفق عليها لدى إجماع المسلمين في حينه - و أما الدليل الخاص – بالاسم – الذي قيد العام – هو حديث رسول الله الشريف < من كنت مولاه فهذا علي مولاه > و كذلك فإنّ هذا الحديث قد ثبت بإجماع المسلمين – و لكن ما هي ( دلالة ) هذا الحديث و ما هي ( أعمال و مهمة – هذا المنصب ) فهنا قد وقع الخلاف و أمره إلى الفقهاء و تقوى الله – و لا علاقة لبحثنا السياسي هذا - بفقه الدلالة و تفسيرها - و لكننا نعطي نموذج من أعمال هذا المنصب و هو عندما (ذهبت ) ( الأمة – الناس و منهم الصحابة ) إلى ( ولي الله الصحابي علي ) عند ثورتها على ( الخليفة الثالث عثمان الأموي ) ( فلم يُنقلْ لنا إنها ذهبت إلى غيره من الصحابة ) – و قد صدرت منه و عنه ( أعمال و أقوال ) تدخل في ( باب الولاية ) – و كذلك كان – يستشار – من قبل الخلفاء الذين سبقوه – و لم ينقل لنا إنه قد احتاج إلى استشارتهم أو إلى آراء غيره من الصحابة .
الثاني - منصب و تكليف – أهل العترة – و هذا كذلك ( منصب رباني – تشريعي ) و لكن لا ينفرد هو به و إنما اشترك معه فيه ( الصحابة – فاطمة و الحسن و الحسين ) و هذ التكليف ثابت بإجماع المسلمين – و إنّ الخلاف فقط على – الدلالة - كذلك .
الثالث - منصب وظيفة – الخلافة – رئاسة الدولة الإسلامية – فكان هو – الخليفة الرابع – و إنّ هذا المنصب هو الذي له و لأعماله علاقة ببحثنا السياسي هذا – بل هو من ( صميم بحثنا – عموماً و خصوصاً و تفصيلاً ) و هو ( حق السلطان ) الذي منحه الله و رسوله إلى (الأمة الإسلامية – عموم الناس – بالشورى – و البيعة ) .
ماذا عمل – الخليفة علي – في خلافته
و ماذا أنجز من أعمال
فرضها الشرع وفيها مصلحة الإسلام و المسلمين
(( و يعجز غيره عن إنجازها ))
و نرجع الآن إلى ( الأعمال السياسية – رعاية شؤون الأمة ) أيام حكم و خلافة ( الخليفة الرابع علي ) – و إنّ الواقع و الحق و العدل و الإنصاف – و صلاح المسلمين و الإنسانية – جميعها تقول :
إنّ التركة ( تركة الواقع السياسي ) التي ( استلمها الخليفة الرابع – و التي كان لابدّ من أنْ يستلمها هو – ولي الله علي – و ليس غيره – حسب قضاء الله تعالى – فكانت باختياره لعدم إصراره على الرفض و الممانعة – رغم أنه قد أبدى الممانعة و لكنه بُويع كرهاً – و إنّ التركة – كانت ( تركة حكم الخلفاء الذين سبقوه و معهم حكم – الولاة – المعينين من قبل أولئك الخلفاء - مثل – والي مصر عبد الله بن أبي سرح الأموي – أخ الخليفة الثالث عثمان الأموي بالرضاعة - كان يبيع – الفتوحات – التي تحققها الجيوش الإسلامية في العمق الأفريقي و إعادتها إلى الكفار لقاء غنائم – و أعمال غيره من الولاة الكثير – التركة التي كانت هي البلاء و بيت الداء – و لو رضي ولي الله علي قبول البيعة بعد الخليفة الثاني عمر مع – شرط اتباع سيرة الشيخين الصديق و عمر – لما تمكن من إصلاح التركة – المهم هو – إنّ ( تركة الإيمان و التقوى و الخلق العظيم أيام النبي ) قد ضعفت و دبّ و تسرب إليها التعطيل و التغيير – فرجعت نقيضاتها من أوكارها القديمة ( القومية و العشائرية و العصبية – و هنا في مقدمتهم بني أمية – و المصلحية و سوء توزيع الأموال و الغنائم – فحصل كما وعدنا رسول الله – التنافس على حلاوة الدنيا و زينتها ) – فكان لابد من أنْ يستلم ولي الله الصحابي علي – الحكم – لإعادة معالم الدين – التي ضاعت بين الشبهات – لأنّ الأحكام التي تعطلت هي أساس الحياة و أساس جلب المصالح للناس و درأ المفاسد عنهم – مثل حكم الشورى - أو على الأقل الإشارة و التنبيه إليها – لتسير – بطريق موازي أو مضاد – مع الفتنة و البلاء – مثلما – إنّ ولي الله قد أصرّ على أنّ معاوية و أقاربه – هم من المؤلفة قلوبهم – ويجب التعامل معهم على أساس هذا الحكم الشرعي ومن تبعات معاملة هذا الحكم الشرعي هو عدم تنصيب معاوية والياً – لأنه حكم شرعي باقي إلى يوم القيامة – فلا يجوز تغييره أو وقف العمل به مثلما قرر الخليفة الثاني عمر بن الخطاب – و لأنّ – القوة و المنعة و الضعف و التردي – صفات قابلة للتغيير – حسب الزمان و المكان – فلا يجوز أنْ تكون – علة – لتغيير الأحكام الشرعية – و مثلها الكثير – منها كذلك – الطلاق بالثلاث – عند النطق بها في زمان و مكان واحد تكون طلقة واحدة فلا يتطلب التجحيش - و ليس ثلاث طلقات تجعل الطلاق بينونة كبرى و يتطلب التجحيش – بينما كذلك الخليفة الثاني عمر جعلها ثلاث طلقات و قد علل التغيير ليكون عقوبة لمن يتسرع و ينطق بها – في حين لا يجوز تعليل تغيير الأحكام بجعل التغيير عقوبة لأعمال يقوم بها المسلم خلافا للشرع – و لولا استلام ولي الله علي للحكم لضاعت الكثير من الأحكام و لاختفت و غابت عن الأنظار بغبار و غيوم المتشابهات .
هذه ( التركة الضالة و العمياء ) هي التي حددت و حجمت ( أعمال و إنجازات ) الخليفة الرابع علي – و التي حقق بها ( مصالح عظيمة للإسلام و المسلمين ) و دفع عنهم ( مفاسد خطرة و مدمرة بل و مهلكة ) ( لو هي بقيت و استمرت ) – و لعل الله تعالى سيوفقنا لتوضيح جزء و جزء يسير من ( أعمال الخليفة علي – و مشقاته و معاناته و تضحياته و جهاده في الله و في سبيل الله جلت قدرته – أعماله التي بدأت مباشرة بعد وفاة رسول الله باعتباره ولي الله و أحد أعضاء العترة – بتوضيح و تفسير أحكام – القرآن و السنة – و انتهت بانتهاء خلافته .
في حين هناك ( مَنْ في نفوسهم مرضٌ و مِنْ ضعاف الإيمان و التقوى و مِنَ الذين أعجبتهم حلاوة الدنيا و زينتها ) مَنْ يتجنى على ( خلافة الخليفة علي ) يتجنى و كله جهل و حقد مثل جهل و حقد ( ابن ملجم – الذي ضرب الخليفة علي – بسيفه المسموم ) فيقول المتجني ( إنّ الخلفاء الذين سبقوا الخليفة علي – و ولاتهم و الحكام الذين تسلطوا بعده من الأمويين – قد قاموا بالفتوحات و المنجزات الجبارة في عهودهم – ولكن الخليفة علي طيلة سنين حكمه الأربعة ماذا عمل من فتوحات و ماذا أنجز غير المعارك مع المسلمين ) – و إنّ جوابنا على هؤلاء ( لو يعلمون عظيم ) – و هو ( إنّ الخليفة علي كان جبارا و خارقا في أعماله ومنجزاته – سواء قبل خلافته أو في عهد خلافته ) مثلما ( كان في حياة رسول الله الحبيب ) فهل يتمكن المتجنون الجواب على السؤال التالي ( كيف كان الصحابي علي في مسيرة رسول الله ) ( هو كذلك كان في خلافته ) ( باسم الله تعالى يقف ليتحدى بطل الكفر عمر بن ود العامري في معركة الخندق بينما أحجم جميع الصحابة عن هذا التحدي بينما قال هو لبطل الكفر – أرسلوني إليك لأني أقلهم شأناً و مثلك لا يستحق واحداً منهم – وإنّ أعماله في خلافته يجسده – فهمه - لقوله تعالى { إنا نحنُ نزلنا الذكرَ و إنا له لحافظون } (الحجر 9) – و أخيرا فإن جواب السؤال ( ماذا عمل الخليفة الرابع في خلافته ) نسمعه منه هو بقوله (( لنرد المعالم من دينك – و نظهر الصلاح في بلادك – فيأمن المظلومون من عبادك - و تقام المعطلة من حدودك - اللهم إني أول من أناب و سمع و أجاب )) – و هذا ما سنراه في الصفحات التالية من هذا البحث السياسي .
( العمل الأول )
الخليفة علي - أحيى - حكم الشورى – { و أمرهم شورى بينهم }
و هو ( أول ) من عرفه و طبقه بعد وفاة رسول الله الحبيب
و لو إنه لم يعمل سوى هذا العمل ( الشورى ) و توفى
لملأ العالم كله ( رحمة و شفاء )
و قوة و منعة للمسلمين أمام الكفار العلمانيين
الذين نزلوا اليوم إلى ساحة الحرب بسيف الديمقراطية
و الشورى هي الصلاح و الديمقراطية هي الفساد
إنّ أهم عمل و أول عمل من أعمال خلافته – هو أنه قد ( أحيى ) حكم الشورى { و أمرهم شورى بينهم } – بعد أنْ ( تعطل ) من ( أول يوم وقت تطبيقه ) بعد وفاة رسول الله مباشرة – و قد طُبقَ هذا الحكم في ( انتخاب الصحابي علي و اختياره بالرضا من عموم الناس – خليفة – للمسلمين – في الدولة الإسلامية الواحدة – و بسبب ذلك التعطيل و تبديل وتغيير الخلافة و البيعة إلى ولاية العهد و الوراثة و الوصية – في نظام الحكم – أخذ الروم و اليهود في الشام و فلسطين في حينه يسمون – الأمة الإسلامية الواحدة – بالأمة المرحومة – فالذي يقوم بإحياء - أمة مرحومة – نسأل عنه و نقول – ماذا عمل .
و لغرض توضيح هذا ( العمل الأول – الشورى ) نقول ( إنّ الناس – مسلمين و صحابة و تابعين – جميعهم قد ثاروا على – الخليفة الثالث عثمان الأموي – و قد انتهت الثورة بقتل الخليفة ) و حيث إنّ ( الثورة ) هي غير ( الانقلاب - الذي يحصل فيه إحلال حاكم محل حاكم آخر ) بينما ( الثورة – هي قيام الناس و الأمة بتغيير جذري في حكم الدولة والمجتمع – و إعادة الأمر إلى أصله – أحكام الإسلام التي تعطلت ) – لذلك فقد توجه الناس إلى ( الصحابي علي – و هو معتكف في بيته ) – و بعد الممانعة و الرفض و سحب يده فقد أكرهوه على الموافقة على بيعته خليفة للمسلمين - لذلك قال للحاضرين (( إنّ الأمر لأهل الشورى فمن قبلوا به فهو الخليفة – و طلب منهم الحضور غداً في المسجد – صحابة أهل بدر من المهاجرين و الأنصار للقيام بالبيعة ) و هذا قول واضح في تعريف الشورى و تعريف آلياتها – و في المسجد – بايعه صحابة أهل بدر وفي مقدمتهم – طلحة و الزبير – و ممثلي أهل ولاية مصر الثوار- فلينظر المسلمون إلى – قضاء الله سبحانه – أول خليفة تبايعه الولايات البعيدة مصر بنفس يوم بيعة ولاية الجزيرة و عاصمة الدولة – و بعد البيعة قال (( قد بايعني الناس غير مستكرهين و لا مجبرين بل طائعين مخيرين )) و الله أكبر على هذا الكلام .
( عرف الشورى – و شرح من هو الحاكم الذي يسمى – خليفة )
( و شرح مؤيداً بأن -ّ بيعة الطاعة - قد تمت مع الخلفاء الذين سبقوه )
و تطبيقاً لقول الله تعالى { إني جاعلٌ في الأرض خليفة } – و لقول رسول الله الحبيب < إذا كان أمراؤكم خياركم و أغنياؤكم سمحاؤكم – و أمركم شورى بينكم - فظهر الأرض خير لكم من بطنها - و إذا كان أمراؤكم شراركم و أغنياؤكم بخلاؤكم – و لم يكن أمركم شورى بينكم – فبطن الأرض خير لكم من ظهرها > و في رواية أخرى – مضاف إلى ما بعد (شراركم ) عبارة < و أموركم إلى نسائكم > .
فقد لخص الخليفة علي ( اختياره بالرضا و بيعته خليفة ) بكتاب أرسله إلى – الباغي معاوية – موضحاً – عقد البيعة و حكم الشورى و عرف الإمام وشرح حكم من يرجع عن البيعة أو الخروج على من بايع – و قد جاء بكتابه (( لقد بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر و عمر و عثمان – على ما بايعوهم عليه – فلم يكن للشاهد أنْ يرجع و لا للغائب أنْ يَرُدّ – و إنما الشورى للمهاجرين و الأنصار – فإنْ اجتمعوا على رجل و سموه إماماً كان ذلك لله رضا – فإنْ خرج من أمرهم خارجٌ بطعنٍ أو بدعةٍ ردوه إلى ما خرج – فإنْ أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين و ولاه الله إلى ما تولى )) هذه أحكام شرعية لم نسمعها أو مثلها من أي صحابي غيره – و كذلك قد شرح ( إن البيعة قد تمت مع الخلفاء الذين سبقوه ) و هذا رد على كل من يدعي بعدم حصول البيعة مع الخلفاء الأول و الثاني و الثالث - ورد على دعاة الديمقراطية العلمانيين – الكفرة إذا يدعون إليها عن اعتقاد و إيمان – فهل في الديمقراطية – أحكام كالتي وضحها ولي الله – و أحكام أخرى نحن لسنا بصددها – بالإضافة إلى - قاعدة قانونية إنسانية عقائدية مبدأية – يتضمنها و يفهمها الإسلام - ولا تتضمنها العلمانية و لا تفهمها – و هي القاعدة الربانية في قوله تعالى { اليوم أكملتُ لكم دينكم و أتممتُ عليكم نعمتي و رضيتُ لكم الإسلام ديناً } ( المائدة 4 ) - ومنها نفهم – القاعدة – وهي – إنّ الإسلام - متكامل مع بعضه و أكثر من متكامل - و تمام – و إنّ – الشورى – تكملها الأحكام الأخرى - أحكام الأخلاق – و أحكام المعاملات – و أحكام نظام الحكم – وأحكام النظام الاجتماعي وأحكام النظام الاقتصادي – مثلاً – الإسلام - يفرض الوحدة – و يحرم التجزئة – حتى في الحلول - بينما روح العلمانية و الديمقراطية هي التجزئة في الكيانات و في أنصاف الحلول و بعيدة عن الوحدة - لذلك هي فاسدة – بالإضافة إلى – تبنيهم – الحرية - مفهوم فاسد وضع للخداع - بينما هي – غير عملية و غير واقعية لأنه لابد من تقييدها و لا توجد حرية مطلقة فإذا قيدت فقدت معناها – في حين عندنا في الإسلام المفهوم الأعلى و الصحيح – وهو – حق التعبير – وإنّ كل – حق – لابد من أنْ تنظمه أحكام – ومن ما ينظمه – وجوب التعبير – فيكون التعبير واجبا – عندما يحصل واقع - إنكار المنكر و الأمر بالمعروف – و هذه هي – الشورى – الإسلامية التي فهمنا بها ولي الله علي و طبقها في قاعات الانتخابات منها – المسجد و المدرسة و المعهد و الجامعات .
لقد كان ( تطبيق عقد البيعة ) مع الخليفة علي – تطبيقاً واضحاً و صريحاً – و بموجب ( حكم الشورى ) – و إنّ ( حكم الشورى و حكم عقد البيعة ) ( مظهر حضاري إسلامي ) و إنّ العمل بهما ( واجب شرعي ) ( فهل عدم تطبيق حكم الشورى من قبل الخليفتين أبي بكر و عمر - هو الذي لم يجعل سعد بن عبادة – باغياً - و قد مكنه عملهما بتعطيل الشورى من عدم مبايعتهما ) و لكن ( لو عمل سعد بن عبادة أو غيره – نفس العمل مع الخليفة علي – لما سكت الخليفة و لما تركه لا يبايع و لطبق عليه حكم البغاة ) و لكن كذلك ( إنّ سكوت الشيخين و عدم تطبيق حكم البغاة على الصحابي سعد – تدخل في باب < لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق > فهما قد عصيا في عدم تطبيق الشورى – و هو عصي في عدم البيعة – و لكن لماذا اعتبرنا عقد البيعة مع الخلفاء الصديق و عمر و عثمان ( عقد بيعة صحيح ) رغم عدم تطبيق حكم الشورى في بيعتهم – لأنه كما قلنا – الإجازة اللاحقة كالإجازة السابقة ( و الإجازة اللاحقة – هي بيعة الطاعة التي حصلت بعد ذلك ) – و لأنّ – رسول الله هو الذي جعل من عقود الخلفاء الثلاث – عقود شرعية – بحديثه الشريف < الخلافة بعدي ثلاثون سنة ومن ثم ملك عضوض > وبهذا الحديث الشريف قد أقر رسول الله - سلفاً – بإنّ الحكام الذين حكموا بعده لمدة ثلاثين سنة هم ( خلفاء ) و الرسول لا ينطق عن الهوى – و قد تنبأ بغيبيات و قد حصلت و صحت .
و إنّ بيعة الخليفة الرابع علي – بيعة واضحة وناصعة و بيضاء وصافية – يثبتها – الواقع العملي – و قوله :
(( و قد بسطتم يدي فكففتها و مددتموها فقبضتها – ثم تداككتم عليّ تداكك الإبل الهِيمِ على حياضها يوم وُرُودها – حتى انقطعت النعل و سقطتْ الرداءُ – و وطيءَ الضعيف – و ينثالونَ عليّ من كل جانب حتى وطيءَ الحسنان – و بلغ سرور الناس ببيعتهم إيايّ أنْ ابتهج بها الصغير و هَدَجَ إليها الكبير و تحامل نحوها العليل – و حَسَرَتْ الكعاب )) .
الأحكام ( الثوابت و القواعد ) التي تنبثق من ( حكم الشورى – و نظامه ) أهمها :
1 - قاعدة ( الاختيار بالرضا من قبل عموم الناس – و ليس للمسلمين فقط ) ( للسلطة و أجهزتها التنفيذية - و أجهزة رقابة و محاسبة السلطة ) – فالسلطة في المفهوم الإسلامي ( وحدة واحدة ) و ( غير متعددة ) و ( غير مجزأة ) و لكن ( أجهزتها هي التي تتعدد ) لذا فهي ( مركزية في الحكم و لا مركزية في الإدارة ) بخلاف ( تعددية السلطة – الليبرالية ) في مفهوم النظام الديمقراطي الافلاطوني الأغريقي – العلماني المعاصر – لأنّ الديمقراطية عندهم ( حكم – الشعب = ديمو – قراط ) و في هذا المفهوم ( جهل ) بالقاعدتين ( قاعدة السيادة ) و ( قاعدة السلطة و السلطان ) ( و الخلط بينهما ) - فالديمقراطية – تعطي – هذين ( الحقين ) (السيادة و السلطان ) إلى ( الشعب ) ( ليحكم نفسه بنفسه ) ( يريد تحريم الزنى و الإعدام أو تحليله حسب هواه ) فتكون هناك ( سلطة تشريعية – و سلطة تنفيذية – و سلطة قضائية ) في حين – إنّ نظام الحكم في الإسلام - عنده – علم و دراية – في – التفريق – بين ( قاعدة السيادة ) فهيّ ( للشرع – المخلوق من قبل الخالق ) و بين ( قاعدة السلطان ) و هي ( الحق ) الذي – منحه – الله تعالى إلى ( الأمة – بشعوبها – المخلوقة – من قبل الخالق ) - فالخالق هو الذي خلق ( السيادة – الشرع - القوانين ) لتحكم الأمة بها نفسها ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون – الفاسقون – الظالمون ) - و الخالق هو خلق الناس لحمل – الأمانة – و تطبيقها ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) و { لمن شاء منكم أنْ يتقدم أو يتأخر } و التقدم في الجنة و التأخر في جهنم .
2 - ( المشاركة – الحضور ) في ( الاختيار – الانتخابات ) هيّ ( حكم شرعي – فرض كفاية ) في – نظام الشورى الإسلامي – تفرضها قاعدة شرعية ( وجوب انكار المنكر و الأمر بالمعروف ) و هذه القاعدة ( من أوجب الواجبات الشرعية – أوجب من الصلاة و الحج و الزكاة – و قبول الصلاة يتوقف على قبول ما سواها – المنكر و المعروف ) و ليس كما هو في ( النظام العلماني الرأسمالي أو الإلحادي ) تكون ( المشاركة ) مجرد ( مصلحة مادية ) و بقدر ما يقدمه و يحققه المرشحون من وعود و لا علاقة لها بالقيم ( الروحية ) و ( عقاب الآخرة و ثواب الجنة ) بدليل أنها ( محكومة ) ( بالحرية ) و ليس ( بالحق ) و إنّ ( الحق منظم ) و ( الحرية غير منظمة – ومطلقة و إذا قيدت و نظمت فقدت معناها – الحرية – و تصبح – حقوق و واجبات ) .
3 - ( الحضور و الغياب ) في نظام الشورى ( الاختيار - الانتخاب ) ينظمها و يحكمها الشرع بقواعد شرعية منها ( ليس للحاضر – الذي أدلى بصوته – أنْ يرجع عن عمله – و إلاّ أصبح – باغياً – و ليس للغائب – الذي غاب عن الانتخابات – أنْ يختار بعد انتهاء وقت الفرض – و هذا التنظيم تجهله الديمقراطية – لذلك قال قادتها و مفكروها ( إنّ الديمقراطية نظام سيء و لكن لا بديل له ) .
4 - قاعدة ( التنافس و التسابق ) قاعدة شرعية و حكم شرعي أساسها ( حق التعبير ) < و الساكت عن الحق شيطان أخرس > و مرتبطة بالقيم الروحية و بالحساب الأخروي – يقوم بها الإنسان المسلم ذاتياً سواء - امتلك المال – أو – لم يمتلكه – و لا يستهدف تحقيق منفعة مالية من خلال الالتزام بها – بينما - التنافس و التسابق – لا يتحقق عند ( العلمانيين الرأسماليين ) إلاّ إذا تحققت عندهم ( قوتان ) ( الأولى – امتلاك المال – و من لا يمتلك المال – لا يقدر على القيام بها لا واقعاً و لا قانونا – لوجود رسم باهض يجب أنْ يدفعه المرشحً ) و ( الثانية – وجود منفعة و كسب مادي يسعى لتحقيقها – و إذا شعر أو أدرك بعدم وجود الكسب المادي فإنه يحجم عن القيام بها ) .
5 - قاعدة ( أهل الحل و العقد ) تعني ( الناس القادرين على – حل أمور الناس – و تنظيم العقود خاصة المصيرية بينهم ) و لدى الرجوع إلى ( الشرع ) لم نجد ( واقع عملي لهذه القاعدة كجهاز ) و إنما هي ( مصطلح ) ( لأشخاص عندهم – القدرة – على فهم الشرع و إعطاء الحلول و الأحكام و العقود – التي تنظم العلاقات بين الناس ) و قد يكون ( المجتهد و المجتهدون ) هم الثلة في هذا المصطلح إذا كان المجتهد – شخصية إسلامية – عقلياً و نفسياً – و بذلك يصعب - إحصاء – عددهم من بين الأمة – لعدم وجود الجهة التي تقوم بمثل هذا الإحصاء – و إذا وجدت فهذا معناه وجود ( أشخاص ) أكثر كفاءة و مقدرة من ( أهل الحل و العقد ) لتحديدهم بشكل لا يحصل فيه – التشابه و المحسوبية – لذا فإنّ – حكم الشورى – الاختيار بالرضا من قبل عموم الناس - يبقى هو - القاعدة الوحيدة – لمعرفة – من هم – أهل الحل و العقد – و ليس الحكام و لا المجتهدين – و تحصل الدراية عند عموم الناس بهم من خلال تعاملهم معهم < الدين المعاملة > - فلا يجوز إعطاء هذا الحق لأي إنسان لعلاقة هؤلاء ( أهل الحل و العقد ) بالسلطة و – السلطان – و إنّ إعطاء هذا الحق لغير الأمة المتمثلة بعموم الناس – يؤدي إلى فتح باب ( التسلط و الطغيان لأفراد في الأمة ليتحكموا فيها كما يشاءون و يريدون ) و بالتالي يؤدي إلى ( تعطيل الأحكام و أول حكم يتعطل هو حكم الشورى ) و هذا ما يحصل عند العلمانيين – في أمريكا بالذات – تجد الصراع قائم على قدم و ساق بين الحزبين المتنافسين على ( تعيين أعضاء المحكمة العليا الأمريكية ) التي هي تمثل أهل الحل و العقد – لأنّ أعضائها يختارهم رئيس الدولة من بين القضاة الذين عاشوا القضاء بمختلف دوائره – فلا يعرف هؤلاء إلا الناس الذين تعاملوا معهم خلال سنين مراحلهم – بينما رئيس الدولة يختارهم حسب مصالحه و بالتأثيرات و الضغوطات لأنّ أعضاء المحكمة العليا هم الذين يقررون مصير أعمال الدولة و الحكومة – الدستورية - في قوانينها و سياستها الداخلية و الخارجية .
( الفتنة و البلوى ) تشمل الناس جميعاً – صحابة و تابعين
( و صبر أولي العزم فيها )
إنّ الله تعالى يقول { أحَسِبَ الناسُ أنْ يُتركوا أنْ يقولوا آمنا و هم لا يفتنون . ولقد فَتَنّا الذين من قبلهم فليَعْلمَنّ اللهُ الذين صدقوا و ليعلمنَ الكاذبين } ( العنكبوت 2 ) فبالفتنة و البلوى يعلم الله من يصدق ومن يكذب - و إنّ – تعطيل حكم الشورى – كان هو الفتنة والبلوى – التي خصّ الله تعالى بها – أمته الإسلامية – مباشرة بعد رحيل رسولها الحبيب عنها – مثلما خص – نبينا آدم عليه السلام و البشر – بفتنة ثمرة الشجرة { و عصى آدم ربه فغوى } في الجنة – و أما في الأرض { بعضكم لبعض عدو } و غرور و طغيان و جهل وتخلف و غي و بطر و نكوث و مرق و نكوص و بغي و ظلم و فسق وغدر و غل و فتنة { يفتننكم الشيطان } و { ولأقعدنّ لهم صراطك المستقيم } و المتشابهات و التأويل بالباطل و ضلال وفواحش و مؤامرات – و أعداء الإسلام و المنافقين – و مخططات الكفر من أجل كسب وعرض و طمع الحياة الدنيا – حلاوتها و زينتها { زُين للناس حب الشهوات } و هذه الصفات كلها أمور شيطانية و أبليسية تعيش مع الناس و بين الناس – و بصورة أدق و أوفى نقرأ قوله تعالى { ونفسٍ و ما سواها فألهما فجورها و تقواها } ( الشمس 7 ) و من ضمن ما حذرنا رسولنا الحبيب في حجة الوداع (( الصراع على السلطان )) - و مثلما برز – الكفر والشرك كله – لرسول الله فكان ( تحديه ) بقوله < و الله لو وضعوا الشمس في يميني > - مثلها برز – الظلم و الفسق و الفجور و البغي – فكان صبره على التحدي صبر أولي العزم .
و هذا هو ( الفتنة و البلوى ) ما فعله ( بنو أمية – في الشام و فلسطين ) في يوم أنْ ( تولى أمرها ) و سيطر عليها (معاوية الأموي – و أبوه أبو سفيان – واعظ جيوش الفتح ) أيام ( الخليفة الأول أبي بكر الصديق ) و استمر عمل بني أمية في الشام و فلسطين أيام (الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ) و تركز أكثر و أعمق أيام ( الخليفة الثالث عثمان بن عفان الأموي ) ( بحيث سحب – الصحابي أبا ذر الغفاري – من مقاطعتهم الشام بعد أنْ نفاه إليها – و كذلك تركزت أعمال بني أمية في ( مصر و الشمال الأفريقي ) بتعيين الولاة و القادة الأمويين أو الموالين لهم أمثال ( الصحابيين عمر بن العاص و عبد الله بن أبي سرح ) و غيرهم و الذين قاموا بأعمال مخالفة للأحكام الشرعية – و بذلك أصبحت ( الشام فلسطين و مصر الشمال الأفريقي ) منطقة مقفلة لهم حتى أيام العباسيين و العثمانيين – بالجهل و التأخر و حلاوة الدنيا – رغم كل الفتوحات ( التي جعلت – الأندلس – جزء من منطقة التسلط الأموي – حتى على مستوى الأمراء ) .
و لغرض أنْ يفهم القاريء ( واقع الجهل و التخلف الأموي ) واعتمادهم على (سياسة الترهيب و الترغيب ) في تثبيت حكمهم – نضرب القصة التالية : ( إنّ رجلاً مسلماً مؤمناً قد صادف جماعة من الناس يضربون رجلاً ضرباً مبرحاً و بشكل مأساوي فتقدم هذا المسلم المؤمن من الناس و سأل أحد الذين يقومون بضرب الرجل المسكين – ما هي جريمة هذا الذي تضربونه و ما هو العمل الذي اقترفه فاستحق كل هذا الضرب المؤلم – فأجابه – و الله لا أدري ما هي جريمته أو ما هو العمل الذي اقترفه و لكني وجدتُ الناس يضربونه فاشتركت معهم بالضرب كسبًا للأجر و الثواب ) ( جهل بالواقع و جهل بالأعمال و جهل بالشرع ) – و مثل هذه القصة و هذا المثال – قد حصل فعلاً – و صدر من قائد له شهرته في ذلك العهد و هو ( القائد عُقبة بن نافع ) الذي كان يشترك في ( معارك الفتوحات في الشمال الأفريقي ) و عندما ( بويع الصحابي علي للخلافة ) قال هذا القائد – عقبة بن نافع ( لا ندري إلى منْ نبعثُ بأموال الخراج و الزكاة و الغنائم – هل نبعثها إلى – الخليفة علي – الذي هو في صراع و على خلاف مع – والي الشام معاوية – لذلك علينا التصرف بها و الانتظار إلى أنْ تتكشف لنا الأمور في هذا الصراع بين – علي و معاوية ) فهل هذا القول و الرأي يختلف سياسياً و شرعياً مع قول ( الرجل الذي اشترك في الضرب كسباً للأجر و الثواب و هو يجهل العمل الذي اقترفه الرجل الذي يُضرب ) – و إنّ القائد عقبة بن نافع – لو رجع إلى – الشرع و حكمه على الواقع – لوجدَ : إنّ هناك – خليفة للمسلمين – خليفة شرعي بصدق – و هناك كذلك – والي باغي - و إنّ المسلم المؤمن المثقف و القائد – هل لا يجب أنْ يعرف الشرع – حتى يعرف مع من يكون و ضد من يقف في هذا الصراع و لمن يرسل الأموال العامة – و كان المفروض عليه أنْ يجهز جيشه و يسير به و معه الأموال لمقاتلة – الباغي - و إخضاعه للشرع – و توصيل الأموال إلى – خليفة زمانه .
و كذلك هذا هو ( واقع ) المسلمين اليوم – يضربون و يقتلون كل مسلم مؤمن تقي كسباً للأجر و الثواب – بدافع كسب المال و المناصب و الارتزاق بحلاوة الدنيا لخدمة العدو الكافر و حسب أوامر الفراعنة الصغار حكام كيانات العالم الإسلامي – من أجل العيش الحرام و التمتع بملذات الدنيا و مظاهر الحياة – و أما أخوهم المسلم الطيب الصالح فإلى مصيره الذي يقرره الظلمة الطغاة – و حتى إنهم لا يسألون ماذا عمل هذا المسلم الصالح و ما اقترف – لأنهم قد ماتت في نفوسهم الأحكام الشرعية و أقلها < حب لأخيك ما تحب لنفسك > و < من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم > و < انصر أخاك ظالماً و مظلوماً > و حتى إذا كان المظلوم غير مسلم فهو إنسان ( نظيرك في الخلق ) .
( مصير الصحابة – الذين غيروا و بدلوا )
فأوجدوا الفتنة و البلوى
و يقال إنّ رسول الله الحبيب قد خطب في الصحابة قائلاً << ألا و إنه سيجاءُ برجالٍ مِنْ أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقولُ يا رب أصحابي وأصحابي – فيقولُ اللهُ لي : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك - فأقول كما قال العبد الصالح – و كنتُ معهم شهيداً ما دمتُ فيهم – فلما توفيتني كنتَ أنتَ الرقيب عليهم و أنتَ على كل شيءٍ شهيد – إنْ تعذِبهم فإنهم عبادك و إنْ تَغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم >> و من هذا الحديث هناك صحابة قد ارتدوا و صحابة قد أحدثوا و غيروا و بدلوا – وهذه كلها شكلت تركة من ( الفتنة و البلوى ) يجب على الخليفة الرابع علي معالجتها – فعالج ما سمح القضاء بمعالجتها مثل – تطبيق الشورى – و لكن الله تعالى أراد - الفتنة و البلاء - من أجل أهداف منها { ليبلوكم أيكم أحسن عملاً } ( الملك 2 ) و { إنا جعلنا ما على الأرض زينةً لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً } ( الكهف 7 ) و{ما كان اللهُ ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب و ما كان ليطلعكم على الغيب } (آل عمران 129 ) و { ليميز الله الخبيث من الطيب و يجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعاً } (الأنفال 38 ) و { لنبلوكم حتى نعلم المجاهدين منكم و الصابرين و نبلوَ أخباركم } ( محمد 8 ) و نحن بانتظار معرفة هذه الأهداف يوم القيامة يوم الحساب و الأشهاد و التلاقي .
( العمل الثاني )
الخليفة علي هو ( أول ) من حدد من هو ( الباغي - الخارج )
و ما ( حدود الباغي ) شرعاً وفي الواقع العملي
و هنا قال – الخليفة علي – في ( الباغي ) ما نصه :
(( فلما نهضتُ بالأمر - نكثتْ طائفة و مرقت أُخرى و قسط آخرون و كأنهم لم يسمعوا كلام الله : تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض و لا فسادا و العاقبة للمتقين - بلى سمعوها و وعوها – ولكن حُليتْ الدنيا في أعينهم )) - وقال في مواضع أخرى – نأتي عليها بالتتابع :
(( فإنْ خرج من أمرهم خارجٌ بطعنٍ أو بدعةٍ ردوه إلى ما خرج - فإنْ أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين و ولاه الله إلى ما تولى )) - و نورد هنا جزء من قول جاء بالتخصيص بحق الصحابيين ( طلحة و الزبير ) :
(( إنكما الفئة – الباغية - و لكل ضلةًٍ علةٍ ... و إنكم الآنَ في العار – فارجعا عن رأيكما من قبل أنْ يجتمع – العار و النار – و السلام ... ))
هذه أقوال بأحكام شرعية لم نسمعها من أي صحابي آخر وهو ينفرد بها فلابد و إنَ شخصيته الإسلامية تنفرد – بصفات و مميزات – لا يمكن لصحابة آخرين أنْ يمتلكوها – لذلك فنحن نعتبر - من باب التجني و العصيان – أنْ يقال ( إنَ الخليفة الثاني عمر قد أمر بقتل كبار الصحابة – علي و عثمان و عبد الرحمن و سعد و طلحة و الزبير إنْ لم يتفقوا على بيعة خليفة من بينهم خلال ثلاثة أيام لا تزيد ) و هذا القول قد كتبه و نشره أشخاص يحملون الإسلام عقيدة و مبدأ فما عذرهم اليوم في إصرارهم على البقاء في الجهل و هم يعيشون في ( عالم الأنترنيت – عالم يعطيهم المعلومات السابقة باللحظات ليتكون عندهم العقل ) يستشهدون بعمل باطل و خلاف الإسلام بل و كان حرب على الإسلام – هل لم يكن في القرآن المجيد – حكم الشورى و آليات اختيار الخليفة بالرضا – حتى نبدل إسلامنا و نغيره – إلى حكم القتلة و العنف – و هذا الأسلوب - لو كان للصحابي صلاحية إدخاله في القرآن لأدخله بدل – الشورى - ولأصبح لدينا – أم لكم كتاب فيه تدرسون – القلم 37 – الله أكبر من الانحياز إلى الأشخاص آفة الحق و العدل و فتنة كل زمان و مكان – هل يجوز قتل – ولي الله – فمن هو بعد ذلك الذي يمدنا بالأحكام الربانية – و لكن قتل الولي يبقى مجرد كلام آثم أمام قوله تعالى - لا خوف عليهم – إلاّ بانتهاء الأجل – و إنّ ولي الله علي يقول (( لا يُقاسُ بآل محمد صلى الله عليه و آله من هذه الأمة أحدٌ ... هم أساس الدين و عماد اليقين ... ولهم خصائص الولاية ... صبرتُ على طول المدة و شدة المحنة ... حتى صرتُ أُقرنُ إلى هذه النظائر ... ولكني أسففتُ إذ أسفوا و طرتُ إذ طاروا ... الآنَ إذ رجع الحق إلى أهله ... )) فعليك بنتائج الأمور - فما هي نتيجة – كبار الصحابة الستة و لكن– علي بن أبي طالب – قل عنه ما تشاء – ولكن أتحداك و أتحدى العالم – إلصاق الانحراف أو الباطل أو التغيير أو التعطيل أو البغي في أعمال تجدها عنده – و الآن – عندك الأجهزة المعلوماتية - و لكن كتب الفقه و التفسير فيها الكثير يتحدث عن تلك الصفات في الصحابة الذين اعتبرتموهم نظائر بجانبه – أنا و أنت – نقدر الجزم – أنّ علي من أهل الجنة – فهل نقدر الجزم و نتحمل التبعة يوم الحساب – بالنسبة إلى عثمان و عبد الرحمن و سعد و طلحة و الزبير – بأنهم من أهل الجنة – وإذا أجبتني – إن الخطباء يدعون لهم في كل خطبة بأنهم من أهل الجنة- استنادا إلى حديث لم يرتق حتى إلى مستوى الآحاد أو المرسل و إنما هو حديث قد وضع على حساب القطاع الخاص – و بشرط أنْ لا تقول – و الله أعلم – و لكني لا أقول الله أعلم بحب الله إلى علي – و إنما أقول الله يحب علي بالجزم – لأنّ الله تعالى هو الذي وصل لي هذا القول عن يقين مثلما وصل لي إسلامي .
و – فعلا – قد خرج على – خليفة زمانهم – بعض ( الصحابة ) و قد تجمع معهم – أعداء الإسلام من المنافقين – لئن لم ينته المنافقون ... في المدينة – و المصلحيين ممن حليت الدنيا في أعينهم و ممن يريدون علواً في الأرض و فساداً و يسعون لتدمير الدولة الإسلامية و بعدها إنهاء الإسلام - وفق - مخطط مدروس و كتاب فيه يدرسون – من قبل الكفار – روم و يهود و عرب الغساسنة المشركين – و إنّ – مثل أولئك و مخططهم – هم متواجدون بيننا حتى يومنا الحاضر – و هل حكم الطاغية في العراق لم يكن وفق مخطط تغيير المسلمين إلى علمانيين – وهل بعد احتلال العراق توقف المخطط أم هو مكمل لما بدأ به الطاغية من عنف و غدر و إبادة العباد و دمار البلاد و بقي مستمراً - و هل عرب الغساسنة لم يُستبدلوا بالعلويين الدروز في سوريا و لبنان اليوم - و اليوم نسمع صياح و صخب – حتى ممن يدعون الإسلام - حكام و عملاء - يا أيها المسلمون – عليكم ترك ما وقع بين الصحابة لأنّ الذي وقع شيء مؤلم و صفحة في حياة المسلمين آنذاك – و هذا الطلب هو سلاح شامل للقضاء على الإسلام و إنهاء المسلمين بتغييرهم إلى العلمانية الكافرة - صحيح علينا ترك الانحياز إلى أي من الصحابة – و لكن علينا الالتصاق بأعمالهم و أقوالهم و بالأحكام التي طبقوها و التزموا بها و الأحكام التي عارضوها و عطلوها - لأنّ هذه الأحكام هي إسلامنا – إذا أردنا إقامة الدولة الإسلامية الكريمة بتطبيق ما أنزل الله - لذلك كان من ضمن مهمة الخليفة الرابع علي – العمل على كشف المخططات المعادية – و افشال أهدافها – واحداً بعد واحد – إيماناً بقوله تعالى { إنّ الذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى مَعادٍ قل ربي أعلمُ من جاء بالهدى و من هو في ضلالٍ مبينٍ } ( القصص 85 ) .
( العمل الثالث )
الخليفة علي – استلم ( قيادة الجيش ) مثلما كان يعمل رسول الله الحبيب
في المعارك المصيرية و كان له النصر
قال الله تعالى { ألا إنّ أولياءَ اللهِ لا خوفٌ عليهم و لا هم يَحزنونَ . الذين آمنوا و كانوا يتقونَ . لهم البشرى في الحياة الدنيا و في الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوزُ العظيمُ } ( يونس 65 )
إنّ الخليفة علي – قبل أنْ يصبح خليفة – كان ينصح الخلفاء الذين سبقوه و يطلب منهم ( عدم قيادة الجيش بأنفسهم ) – فقد نصح أولاً ( الخليفة الأول الصديق – في حروب الردة ) فاستجاب لنصيحته – و نصح ثانيةً ( الخليفة الثاني عمر – في فتح العراق ) و قد استجاب لنصيحته – و كانت حجة الصحابي علي في حينه – وقت النصيحة – هي ( إنّ الخليفة و كل حاكم يمثل - هيبة المسلمين – و إنّ قتله في الحرب مع الكفار هو قتل لتلك – الهيبة – فيكون له الأثر القوي في نفوس المسلمين – مثلما حصل مع – قتل مسيلمة الكذاب – و قتل كسرى ) – في حين إنّ محمد رسول الله الحبيب هو ( رسول و نبي و ولي المسلمين و رئيس الدولة الإسلامية ) و لكنه قد ( قاد الحروب الكبرى بنفسه ) لماذا لأنّ ( هو مأمور من الله بالقيادة ) و لأنّ ( الحروب التي كان يقودها – فيها تقرير المصير – بين الإيمان و الكفر ) و قطعاً إنّ موضوع ( تقرير المصير ) يتقدم ويطغي و يسود موضع ( الهيبة ) في الفتوحات التي ليس فيها تقرير المصير – فإذا فشلت اليوم تنصر غداً – و إنّ ( تقرير المصير ) يتطلب ( حرص و اهتمام و تدريب و توجيه و إبداع ( في القمة ) و إنّ قمة الموجودين في حينه هو ( رسول الله الحبيب ) .
و هنا فإنّ ( الواقع ) قد تكرر مع ( الخليفة علي ) – لأنه عرف و أدرك و فهم ( خطورة المخطط – و خطورة تقرير المصير – كيف لا و هو يرى – زوجة رسول الله على قيادة الجيش الذي يحاربه – و إنّ الله سبحانه يقول – و قَرْنَ في بيوتكنّ ) مخطط أعمى - كان قد وضعه الكفار و أعداء الإسلام – يستهدفون الإسلام في عقيدته – و ليس لها إلا ولي الله الخليفة الرابع – ليبدد الغيوم التي تجمعت – فينور الأحكام الشرعية التي ضاعت - بعيداً عن الأشخاص و مصالحهم الشخصية – بنفس بطولة معارك الدولة الإسلامية – و هو قرر لابد من أنْ ( ينهض بالأمر بنفسه ) و يستلم ( قيادة الجيش – مع الباغين ) اقتداءً واسوةً برسول لله الحبيب – ليفوت الفرصة على الكفار و أعداء الإسلام و إفشال مخططهم – لذلك ذهب إلى – عقر دارهم – إلى – البيت الذي تتواجد فيه السيدة عائشة في البصرة – و قد منعه الحرس المدججون بالسلاح من الدخول إلى البيت – فهجم عليهم وفرقهم و دخل البيت – و قام بمناقشة السيدة عائشة و ذكرها بأقوال الله و رسوله – فلا فائدة و يظهر إنّ الفتنه قد استقرت في عقولهم – فتركهم و رجع إلى مقره في جيش الدولة الإسلامية الوحدة .
( العمل الرابع )
الخليفة علي ( أول ) من أفهم المسلمين – إنه ( لا يواجه مرتدين )
و إنما ( يواجه مسلمين )
إنّ الخليفة علي هو ( أول ) من وصف المعارك التي تحصل و تقع بين طائفتين من المسلمين ( إنها معارك بين المسلمين ) و لو كان غيره من الصحابة لوصف خصومه (بالزندقة و الكفر و الارتداد و المرتدين و الإلحاد و غيرها من النعوت التي تستعمل مع المسلمين حتى وقتنا الحاضر – و ما تهمة – الروافض – إلا خير دليل على ما نقول . بينما هو قال القول الطيب :
(( كنا مع رسول الله صلى الله عليه و آله – و إنّ القتل ليدورُ على الآباء و الأبناء و الأخوان و القرابات – فما نزداد على كل مصيبةٍ و شدةٍ إلاّ إيماناً لأنهم كانوا – كفاراً - و مضينا على الحق و تسليماً للأمر و صبراً على مضض الجراح – و لكننا أصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام على ما – دخل – فيه – من – الزيغ و الاعوجاج و الشبهة و التأويل ... ))
و إنّ قوله هذا مصداق لمهمته المكلف بها من قبل رسولنا الحبيب < تاركٌ فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ما إنْ تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبداً > صدق رسول الله – و لكن هناك من لا يريد أنْ يكون رسول الله الحبيب صادقا فيستعملون – سلاح التأويل - بوضع زوجات النبي من ضمن مفهوم – أهل بيته – فسوف نكون أمام – حيرة – في معركة الجمل بين عضوي الأهل – خليفة رسول الله و زوجة رسول الله – و لكن ولي الله قد فوت الفرصة على الأعداء و المنافقين – بتوضيح الأحكام و المفاهيم – و كم كان بنو أمية يتمنون – أنْ ينعتهم الخليفة علي ( بالكفار أو المشركين أو الزنادقة أو المرتدين ) حتى يتمكنوا من (إعلان الحرب على الإسلام ) – ولكن هيهات – و مثل ذلك فعل مع – الخوارج – كان يصفهم بالمسلمين العابدين – ولكن أعداء الإسلام قد دخلوا فيهم و أبعدوهم عن سبيل المؤمنين و ليس عن الإسلام .
لذلك كانت هناك معركتان كبيرتان لمقاتلة ( الخارجين على خليفة زمانهم – الباغين ) ( معركة الجمل ) و ( معركة صفين ) .
و معركة أخرى ( بلوى و فتنة ) صغيرة ( النهروان ) مع ( الخوارج ) و كانت ( قيادة المسلمين المؤمنين – بيد الصحابي المحدث عبد الله بن عباس ) و كان من جنود هذا الجيش ( الصحابي الخباب بن الأرت ) من الصحابة الأوائل الأجلاء – فانتصروا على الخوارج – و بعد انتهاء المعركة توفى الصحابي الجليل الخباب و دفن في الكوفة و قبره مزار حتى وقتنا الحاضر .
( معركة الجمل )
بين جيش الدولة الإسلامية بقيادة الخليفة الرابع علي بن أبي طالب
وبين جيش ( الباغين ) الخارجين على خليفة زمانهم بقيادة الصحابة
( طلحة و الزبير و أم المؤمنين السيدة عائشة )
قال رسول الله الحبيب < إنّ الله تبارك و تعالى أخبرني بأنّ من يعادي لي ولياً فقد آذنته بالحرب > صدق رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم
في هذه المعركة قد تكشفت الكثير من ( معالم الدين و أحكامه ) وذلك لسبب واحد و هو وجود ( ولي الله ) في كل ما يقع من ( معاملات و تعامل و أمور ) قد وقعت في هذه ( المعركة ) فهو وحده الذي يضع الأحكام و ليس الطرف المقابل ( وهذا ما أثبته الواقع و ما أخبرنا به رسول الله الحبيب ) – لأنّ الطرف المقابل هم الذين نكصوا البيعة برجوعهم عن بيعة الخليفة بعد أنْ بايعوه ( و ليس للشاهد – الناخب – أنْ يختار).
لقد سافر الصحابة ( طلحة و الزبير و زوجته أسماء بنت أبي بكر و أولادهم و السيدة عائشة التي لم تستجب لقوله تعالى – و قَرْنَ في بيوتكنّ ) و الذين خرجوا على الخليفة إلى ( البصرة ) في العراق – وقد تجمعوا فيها و قاموا ( باعتقال والي البصرة و عذبوه و قتلوا سبعين حارس من حراس – بيت المال – واستحوذوا على الأموال ) الأمر الذي اضطر الخليفة إلى تجهيز الجيش ( المتكون من الصحابة المهاجرين والأنصار ) و ( بقيادته ) و التوجه إلى البصرة - و نحن هنا لسنا بصدد شرح و وصف أعمال و أحداث المعركة و ما قاله وعمله – فلان و فلان – و إنما نأتي فقط على كل ( ما يعطينا الأحكام الشرعية و المفاهيم والأفكار الإسلامية ) و أوله فعل ( بغي ) الصحابة و خروجهم على خليفة زمانهم بعد بيعتهم له – و إنّ عملهم هذا و ( المعركة ) قد وقعت و حصلت ( بإجماع المسلمين ) و لا يكذبه أحد – و هذا هو ما يهم بحثنا السياسي و أحكام إسلامنا الشرعية .
و كان تجمع الصحابة الخارجين على خليفة المسلمين – هناك في البصرة - و قد سميت المعركة – معركة الجمل – لأنّ – أم المؤمنين الصحابية السيدة عائشة – كانت راكبة – جمل – في سفرها و معركتها – و هنا علينا بحكم شرعي مهم – و هو – إنّ الله تعالى يحرم – بعض الظن – إنّ بعض الظن إثم – إنْ يتبعون إلا الظن – و إنّ الظن لا يغني من الحق شيئاً – و كذلك يحرم التأويل و الشبهة – و إنّ البحث و التحقيق يجب أنْ يكون على – أساس العمل الصالح - وليس العمل غير الصالح - و لا على – أساس خلط الأوراق التي تؤدي إلى – الضياع - و هذا هو الذي يعمل به رجال الدين وعاظ السلاطين اليوم – فهم يخلطون الأوراق لتكون لهم حجة يبعدون بها الناس عن ( فهم الدين الإسلامي و أحكامه الشرعية الفهم الصحيح والفهم الحق – في حين – إنّ الإسلام بالحق نزل ) – ومن أمثال خلط الأوراق – هذا صحابي و هذا سلفي و السلف الصالح – و هذا تولت تربيته الصحابية خديجة – كالصحابي علي و الصحابي الزبير – و هذا تزوج من بنات الرسول – وهذا تزوج من بنات الصحابي علي – و هذا تزوج ابنته رسول الله – و هذا قد سمى أولاده على اسم الصحابة و غيرها من خلط الأوراق و الحجج - في حين – إنّ هذه الأسباب و المبررات لا علاقة لها باستنباط الأحكام – الحكم الشرعي – و لم يتضمنها الإسلام لتكون قياس لتقييم الأعمال و الأقوال - و لو كانت لها أهمية شرعية لتقبلها الله تعالى من النبي نوح عليه السلام { و نادى نوحٌ ربه فقال ربي إنّ ابني من أهلي ... يا نوحُ هذا ليس من أهلك إنه عمل غير صالح } ( هود 45 ) فهل يحتاج المسلمون أكثر من هذا التوضيح – و يروى عن رسول الله قال < يا آدمُ ابعث أهل النار إلى النار – فأجابه – و من هم أهل النار – فقال الرسول – من كل ألف إنسان تسعمائة و تسعة و تسعين إلى النار و واحد إلى الجنة > وإنّ برأينا – الواحد من الألف كثير و ليس بقليل بالنسبة إلى الجرائم و المعاصي التي ترتكب – لذلك قال الله تعالى { يومَ نقولُ لجهنمَ هل امتلأتِ و تقولُ هل من مزيد } ( ق 31 ) - و وصل الخليفة علي البصرة فذهب مباشرة إلى - التجمع في دار تواجد السيدة عائشة – و كان على الباب الجنود المسلحون و من المعادين للخليفة و الحاقدين عليه – فمنعوه مما اضطر إلى إشهار السلاح بوجههم ففرقهم و دخل الدار - و أخذ يناقش السيدة عائشة و يذكرها بأحكام القرآن و السنة فلم يجد الإقناع طريقاً إلى نفسها الأمر الذي اضطره إلى تركها والرجوع إلى جيشه .
(الأسباب والحجج التي تذرع بها الصحابة لخروجهم على خليفة زمانهم )
و إننا نلخص الأسباب و الحجج بأربع نقاط مهمة بالنسبة لهم :
أولاً - إنّ الصحابيين طلحة و الزبير قد طلبا تعيينهم ولاة – و إنّ طلحة قد طلب ولاية – اليمن – بالذات – و لكن الخليفة لم يلبِ طلبهما أو تأخر عليهما .
ثانياً - إنّ الخليفة قد أنقص – قلل - عطاء الدولة المالي لهم بالنسبة إلى ما كان عليه عهد الخلفاء الثلاث الذين سبقوه – وجعل نصابهما نصاب شرعي - تأسياً برسول الله الحبيب.
ثالثا - قد طلبوا الاقتصاص من قتلة الخليفة الثالث عثمان الأموي – حالاً – فأجابهم – بالتريث لحين زوال الفتنة و استقرار الأمور .
رابعاً - قد طلبوا من الخليفة مشاركتهم بالرأي و المشاورة فلم يستجب و قد علل موقفه .
و إنّ هذه الأسباب و الحجج هي التي ستكون موضع بحثنا السياسي – و مدى علاقتها بموضوع الشورى - في الصفحات التالية :
قاعدة ( عموم الناس ) السياسية
هي التي تقرر صفة المجتمع( مجتمع متقدم صالح أم مجتمع متأخر فاسد)
و إنّ أول سياسي في العالم قد فهم هذه القاعدة بعد النبي ( ولي الله علي)
المهم هو أنهم قد خرجوا بلافتة ( المطالبة بدم الخليفة عثمان )
و قد أجابهم الخليفة علي (( إنّ هناك في المدينة المنورة – و الكلام كان في البصرة - صحابة ليسوا معي و لا معكم – علينا و عليكم – أنْ نحكمهم في هذا الأمر – و قرارهم يلزم الجميع – و بعد الالتزام نقوم بتطبيق الشرع )) و إنّ الموجودين في المدينة المنورة هم ( عموم الناس ) .
إنّ جوابه و قوله هذا هو – قول سياسي عظيم – لأنه قد جاء على أساس - قاعدة سياسية إنسانية عالمية - لها كل العلاقة – بنظام الشورى – و ليس للإحراج أو التندر و المزاح - و ما علينا إلا الوقوف معه – و لو قليلاً - لأنه فهم عميق و عميق جداً – لواقع المجتمعات الحضارية – و إنّ الخليفة علي في جوابه ينطلق من فهمه للمجتمع ( كل مجتمع – تتحكم في توجهاته السياسية – الأكثرية – و إنّ – الأكثرية هي ليست الذين يقومون بالمظاهرات أو الانتفاضات أو الذين يؤيدون الحاكم أو الذين يعارضونه – و إنما هم (( عامة الناس )) و يتنوع المجتمع بنوع هذه ( العامة ) ( صالحة أم فاسدة – متقدمة أم متأخرة ) – و إنّ الخليفة علي يدعو ( الخصوم ) الرجوع إلى هذه ( العامة ) و يظهر لنا عنده ( علم قوي و معرفة تامة ) ( إنّ هذه - العامة - في مجتمع المدينة المنورة الإسلامي – لا تزال صالحة – رغم إنها قد تحولت من النفسية النضالية و الكفاحية و حتى الجهادية – إلى نفسية الراحة و الدعة و السلامة بعد أنْ أنهكتهم التضحيات – و دخول المجتمع و السياسة في طرق مظلمة من تعطيل الأحكام - و تغيير معالم الدين - و ترك الأمور إلى الله تعالى - فاختلطت عندهم الأوراق بشكل مخيف ) و قد ظهر في المجتمع – أفراد – من الصحابة و غير الصحابة - و ليس العموم – يخاطبون – الجمادات كما كانوا يفعلون مع الأصنام – ليفهموا من هذه الجمادات – الأحكام الشرعية و أمورهم السياسية – و من أمثال هؤلاء الأفراد – الصحابي سعد بن أبي وقاص – عندما قال ( أنا لا أحارب المؤمن حتى تأتوني بسيف له عينان و شفتان يعرف من هو المؤمن و من هو الكافر لأنّ الجهاد محصور في محاربة الكافر ) فمن هو الذي يقدر أنْ يأتيه بسيف جماد له عينان و شفتان – غير – الأحكام الشرعية – و لكنه لا يريد تحكيمها – لتغير نفسيته الجهادية و النضالية ) – و كذلك يظهر – إنّ الصحابة الخارجين على الخليفة يعرفون ( إنّ هذه – العامة – الموجودة في المدينة المنورة – لا تزال صالحة – و سوف لا يكون قرارهم بالتحكيم لصالحهم – لذلك قد رفضوا اقتراح الخليفة علي ) .
( واقع أم المؤمنين الصحابية السيدة عائشة السياسي )
و أما عن خصوصية ( السيدة عائشة ) فقد كان في نفسها شيء من الغضب على – الخليفة علي – أيام رسول الله الحبيب – عندما استشاره في شأنها - فأشار عليه ( بطلاقها ) – و مع ذلك فإننا سوف نرجع إلى الخليفة علي ليشخص و يحدد ( العلاقة الشخصية و السياسية ) بينهما – لذا فهو قال (( و كان من عائشة فلتةُ غضب )) – وأما عن ( حجة ) السيدة عائشة في خروجها و هو ( المطالبة بدم عثمان ) فقال لها بعض الصحابة المحايدون ( أنت التي كنتِ تقولين – اقتلوا نعثلاً فقد فجر ) و كانت تسمي عثمان ( نعثلاً) – فأجابتهم ( كنتُ أقولُ ذلك و لكني قد رجعتُ الآن عن رأيي ) – و عندما سمع الخليفة علي جوابها قال ((الحمد لله إني لم أقلها و لم أرجع عنها )) - علماً بأنّ من اشترك بالثورة على – الخليفة الثالث عثمان - أخوها – محمد بن أبي بكر – الذي أراد قتل – عثمان – بنفسه و لكنه تراجع و أحجم عندما ذكره عثمان بعلاقته و صداقته مع والده – الصديق - - فتقدم أحد المرافقين لأخيها و قتله - وإنّ أحسن مرجع للأحكام وخيرها هو كتاب الله تعالى الذي يقول فيه { يا نساءَ النبي لستُنّ كأحدٍ من النساء ... و قَرْنّ في بيوتكنّ ... ما كانَ محمدٌ أبا أحدٍ منْ رجالكم ... } ( الأحزاب 33 و 41 ) و هذا كلام للمسلمين و العالمين – و لا أدري كيف يتركه أحد الصحابة و يرجع إلى الأصنام – السيف و يطلب أنْ يكون للسيف عينان و شفتان ليكلمه في حين – هبل - لم يكن يقدر على الكلام – و إنّ الله تعالى قد جرد النبي نوح من ولده ( حكماً ) و لكنه تعالى قد جرد السيدة عائشة من الإنجاب ( خلقةً – بفطرتها الطبيعية ) فلم يكن لها ( ولد أو بنت ) من رسول الله الحبيب – لذلك كانت تبدي غيرتها من السيدة خديجة الكبرى – و هي ميتة – عندما قالت لرسول الله ( إنّ الله قد استبدلك بخيرٍ منها ) فأجابها النبي < و الله إنه لم يستبدلني بخيرٍ منها > و إنّ رسول الله يقول < كل ابن آدم خطاء و خير الخطائين التوابون > .
( واقع الصحابيين طلحة و الزبير السياسي )
( على المسلمين وصف أعمال الصحابة وأقوالهم دون الحكم على أشخاصهم )
فبالإضافة إلى ما ثبتناه سابقاً – فهناك المزيد من التشخيص الدقيق لأعمالهما و الوصف الشرعي لها حسب موقف الخليفة علي منهما في أقواله التالية :
(( إنكما الفئة – الباغية – و لكل ضلةٍ علةٍ – و لكل ناكثٍ شبهةٌٍ - و كل واحد منكما يرجو الأمرَ لنفسه و ليس حبلٌ أو سببٌ إلى الله – و أحدكما يحقد على الآخر – و عما قريب سوف يكشف القناع – و الله ما كانت لي في الخلافة رغبة و لا في الولاية اربة – و لكنكما دعوتموني إليها و حملتموني عليها – فلما أفضتْ إليّ - أردتُ تطبيق كتاب الله و سنة رسوله - فلم أحتج في ذلك إلى رأيكما – و لا وقعَ حكمٌ جهلتُهُ فأستشيركما أو أستشير أخواني المسلمين – و لو كان ذلك موجوداً لم أرغب عنكما و لا عن غيركما - و أما ما ذكرتما من أمر الأسوة في القسمة فوجدتُ أنا و أنتما ما جاء به رسول الله صلى الله عليه و آله – فليس لكما و لا لغيركما و الله عندي حقٌ أُعاتب عليه - أخذ الله بقلوبنا و قلوبكم إلى الحق و ألهمنا و أياكم الصبر - رحم الله أمرءاً رأى حقاً فأعانَ عليه و رأى جوراً فرده و كان عوناً بالحق على صاحبه )) .
وحسب تصورنا – هو إنّ كلام الخليفة الرابع علي كافي و شافي و لا يحتاج إلى العناء لفهمه – سواء في طلبهما للمناصب – أو لمشاركتهما في الرأي فهو ليس بحاجة إلى الرأي و لو احتاج إليهما أو غيرهما لانتفت عنه صفة الولاية و العترة – و أما قسمة الأموال فأرجعها إلى سنة الله سبحانه وليس كما كان يعمل به الخلفاء الثلاث الذين سبقوه – و أما موضوع القصاص من قتلة الخليفة عثمان فقد طلب التريث - و كذلك - قد طلب الرجوع إلى قاعدة ( عموم الناس ) – و إنّ هذا الذي ( وقع ) ( من قبل الصحابة ) أثناء حياة الرسول الحبيب أو أثناء خلافة نهج النبوة الخمسة و ( الغيبيات ) التي أخبرنا الرسول الحبيب بها - كلها – إرادة ربانية - لإفهام الناس – عمليا ( ما هي الأحكام و ما هي النفس البشرية ) و على أساسها تكون معالجة أمور الحياة الدنيا – و ما علينا إلاّ وصف ( الأعمال و الأقوال التي وقعت من الصحابة ) دون الحكم عليها و مرجعها الله تعالى .
( تريث الخليفة في القتال و مصير الصحابي الزبير )
و من ضمن ما تريث في قتالهم و ما عمله في إرجاعهم إلى التحكم بكتاب الله و سنة رسوله و تذكيرهم بالماضي مثل هو قوله (( أيها الشيخان إنكم الآن في – العار – فأرجعا عن رأيكما من قبل أنْ يجتمع – العار و النار – و السلام )) .
و قد التقى الجمعان و في بداية المعركة تقدم الخليفة علي صفوف جيشه و أخذ يصيح مخاطباً ( الزبير ) قائلاً (( يا زبير هل نسيت عندما سألك رسول الله في – معركة أحد - هل تُحبُّ علياً فأجبته - نعم يا رسول الله أحبه و كيف لا أحبه – فأجابك الرسول - إذاً كيف سوف تقاتله و أنتَ ظالماً له )) فتذكر الزبير و أحنى رأسه و رجع متألماً – و يقال إنّ أحدا ً قتل الزبير و هو نائم في ساحة المعركة – قتله غدراً و غيلة – و جاء بسيف الزبير إلى الخليفة علي الذي قال (( بشروا قاتل ابن صفية بالنار )) وإنّ ابن صفية هو الصحابي الزبير - لأنّ قتله كان ( غدراً ) و ليس ( مبارزة ) – و مثلها حصلت مع رسول الله – عندما – اشترك بطل الكفر قزمان في معركة أحد للدفاع عن عرض و شرف أقاربه من نساء المدينة وقاتل قتال الأبطال و قتل قزمان و عندما رجع النبي من المعركة فقد بشره النساء بعمل قزمان فقال < قزمان في جهنم > لأنه لم يخرج في سبيل الله و إنما دفاعاً عن الشرف و عن القومية – لأنّ الله و رسوله لا يريدون و لا يؤيدون الحلول الجزئية .
( مصير الصحابي طلحة و مروان بن الحكم الأموي )
و أما عن مصير الصحابي طلحة – فيقال – إنّ مروان بن الحكم الأموي كان من جيشه وقد قام بقتله غدراً بتوجيه سهم من خلفه إلى ظهره من أجل إحداث الفتنة و البلبلة - وإنّ مروان الأموي قد تم أسره في هذه المعركة – و لكنه قد استشفع لدى ( الحسن والحسين) و توسل بهما بأنْ يكلما أبيهما الخليفة علي – فاستجابا لتوسله و قالا لأبيهما ( إنه يريد مبايعتك ) فقال لهما أبوهما الخليفة (( ألم يبايعني بعد قتل عثمان – فلا حاجة لي في بيعته – إنّ يده كفٌ يهودية و لو بايعني بكفهِ لغدَرَ بسبتهِ – و سيتأمر على الناس – كلعقة الكلب أنفه – و هو أبو الأكبش الأربعة – و ستلقي الأمة منه ومن أولاده يوماً أحمر )) – و هذا إخبار – غيبي – وهو – معجزة نبوية – و فعلاً مثلما قال الخليفة علي – فإنّ الأكبش الأربعة – منهم عبد الملك بن مروان الأموي – الذي يوصي ولده – الوليد – ما نصه ( أوصيك خيراً بالحجاج الثقفي فهو السبب في تثبيت ملكنا ) وهذا يعني إنّ بني أمية قد جعلوا من الدولة الإسلامية – و الحكم على الناس – ملك – لهم – و ليس سياسة و رعاية – وليس خلافة – و صدق رسول الله بوصفه ( ملك عضوض ) – فهو يوصي خيراً بالذي ارتكب كبائر الجرائم و الإثم – سفك دماء و إزهاق الأرواح و الأنفس البريئة و المؤمنة و التمثيل بالصالحين حتى أصبح يومهم (يوم أحمر ) .
( رأي الخليفة علي في نهاية معركة الجمل )
و انتهت معركة الجمل بانتصار – ولي الله الخليفة علي { ألا إنّ أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون } - فقام الخليفة ( إكراماً لرسول الله الحبيب – بتسليم – الصحابية السيدة عائشة – إلى أخيها محمد بن أبي بكر الصديق – و بموكب مهيب يليق بها أعادها إلى المدينة المنورة .
و عند تحرك الجيش للرجوع إلى الكوفة - فقد - حضن الخليفة علي - أبنه الحسن - و قال (( يا بني ليتني متُّ قبل عشرين سنة حتى لا أرى هؤلاء الصحابة قد تورطوا بهذه - الفتنة - و أنْ لا أراهم قتلى على الأرض )) - و هذا هو - صبر أولي العزم - و إنّ واقع الخليفة علي هذا هو ( الجهاد الأكبر ) و أما واقعه في ساحة المعركة هو ( الجهاد الأصغر ) .
( معركة صفين )
بين - جيش الدولة الإسلامية - بقيادة الخليفة الرابع علي بن أبي طالب
و بين - جيش الباغين – الخارجين على خليفة زمانهم بقيادة الصحابيين
( الأمويين – معاوية بن أبي سفيان – و عمر بن العاص )
و في هذه المعركة الثانية الكبيرة – التي تتعدد فيها ( أعمال – الفتنة و البلوى ) ( أعمال شيطانية خبيثة – تقابل و تعالج بأحكام شرعية إلهية ) – و التي وقعت سنة سبع و ثلاثين هجرية – و برأينا – ليس صدفة – أنْ يحارب جيش الباغين الخارجين بقيادة غير موحدة و لكنها أموية ( الصحابيين معاوية بن أبي سفيان و عمر بن العاص و مروان بن الحكم ) جيش توحيد ( الدولة الإسلامية - بقيادة خليفتها ولي الله الصحابي علي ) – تماما كما كانوا يحاربون ( الدولة الإسلامية الموحدة – بقيادة رئيسها محمد بن عبد الله صلى الله عليه و آله وسلم ) مع وجود فارقين اثنين و هما :
الأول – هو إنّ الأمويين كانوا كفاراً عند حربهم لرسول الله – و أصبحوا يدعون الإسلام لتحقيق مصالحهم وتسلطهم و يخدعون الناس حديثي الإسلام و يموهون عليهم نواياهم الخبيثة خاصة في ( الشام فلسطين – ومصر و الشمال الأفريقي ) .
الثاني – كان بنو أمية في حربهم لرسول الله لا مجال لهم بين صفوف المسلمين فلم يجدوا من يساعدهم أو يحميهم – بحيث كان عقد صلح الحديبية في ظاهره يفتح المجال للكفار في كسب الناس في حين حصل العكس فأصبح الكسب للمسلمين لأنّ بنودها كانت تعتمد على شدة إيمان المجتمع الإسلامي – و بدليل إنّ الله تعالى قد كشف للرسول مسجد ضرار و هدد المنافقين في المدينة بسهولة وراحة بال – و كل ذلك حصل بسبب سلامة و نظافة الحكم < إذا أنا لا أعدل فمن يعدل بعدي > ولكن بعد الرسول مباشرة قد وجد الأمويون كل العون والمساعدة من قبل الخلفاء الثلاث الذين سبقوا الخليفة الرابع علي ( بالمال و المناصب – بالقوتين معاً ) وكذلك وجدوا متنفسًا بين قاعدة عموم الناس بسبب إنّ ولاء الخلفاء أصبح للأمويين واضحاً – فماذا ننتظر عندما يدافع الخليفة الثاني عمر عن - معاوية - فيقول للناس ( من منكم مثله إذا غضب بمجرد اغتساله يرجع له حلمه) .
و كذلك نرجع إلى الخليفة علي في وصف الواقع و وصف الطرف المخاصم (( إخواننا قد بغوا علينا و وجب علينا قتالهم – و نسأل الله تعالى أنّ ينزع من قلوبهم الغل كما قال في كتابه المجيد – و نزعنا ما في صدورهم من غلٍ )) و قد دعا لهم بالصلاح فهو يريدهم للإسلام و لا يريد إخراجهم منه – و لكن هل هم دعوا أو استجابوا له .
و إنّ - بني أمية - قد عملوا ( و بتخطيط واعي و منظم ) على تحقيق أهدافهم و مصالحهم العشائرية و القومية و الدعوة لها في – الشام فلسطين – لمدة تزيد – على ( المدة التي استغرقتها دعوة رسول الله و إقامة دولته الإسلامية و مغادرة أمته – مدة ثلاث و عشرين سنة ) – ولكن بني أمية خلال (ثُلاثين سنة ) و ( بدعم ) دولة الخلفاء الثلاثة بالمناصب و الأموال – قد تمكنوا من ( إعادة الملك العضوض ) فهل لم يكن رسول الله الحبيب صادقاً في حديثه – خاصة – وإنّ – أهل فلسطين و الشام – قد عاشوا هذه المدة – ثلاثين سنة – و يرون إنّ حكامهم و ولاتهم و موجهيهم و وعاظهم و القائمين بتثقيفهم والمتسلطين على أرزاقهم - هم ( أمويون ) – و إن الطفل الذي ولدته أمه في بداية تسلطهم قد أصبح عمره يوم – معركة صفين – أكثر من خمس و عشرين سنة – أي أصبح في عنفوان شبابه في حمل السلاح – و الناس على دين ملوكهم – عند الجهل و التخلف – و مع ذلك لم يتمكنوا على اختراق جيش الدولة الإسلامية بقيادة الخليفة علي – رغم دعم الروم و اليهود المهجرين من الجزيرة إلى الشام فلسطين و المنافقين من عرب الغساسنة – فكان مخطط الأمويين مخطط هائل و مدروس قد تمكنوا من ( تمريره ) على الخلفاء الصديق وعمر و عثمان – عن غفلة و خطأ – ليكون الفتنة و البلوى – في تدمير الدولة الإسلامية بقيادة ولي الله و الخليفة علي و لكن فاتهم – أنه لا خوف عليهم و لا هم يحزنون – و من هو – معاوية و جلاوزته – ليقف بوجه الإسلام كله – الذي أخضع قريش و بني أمية للإسلام – و جاء أبو سفيان زعيم قريش و الأمويين بجبروته صاغراً إلى الصحابي علي ( يطلب منه قبول مبايعته خليفة للمسلمين قبل مبايعة أبي بكر الصديق ) و لكن الصحابي علي قد رده و قال لأبي سفيان (( لا زلت تبغي ما كنت تبغيه في الجاهلية)) .
و علينا أنْ لا نعجب من ( تصرف أهل الشام – فلسطين – يوم معركة صفين ) عندما نشاهدهم اليوم ( نصارى لبنان – الروم – و منافقي المسلمين و العملاء ) يشكلون ( جيش لبنان الجنوبي ) يقطعون به ( جنوب لبنان ) و يضمونه إلى ( اليهود – إسرائيل صهيون ) و يندفعون لقتل أنفسهم و قتل أهلهم من أجل حماية – يهود إسرائيل – رغم إنّ هذا الجيش يرى الطائرات الإسرائيلية تقصف لبنان و سوريا و فلسطين و العاصمة بيروت و تدمر مراكز طاقاتهم و مصانعهم و تبيد العباد من اللبنانيين الأبرياء و الفلسطينيين المهجرين – وهل جيش لبنان الجنوبي ليس من أهل الشام – و هل لا يوجد فلسطينيون مسلمون في ( الكنيست الإسرائيلي - البرلمان ) لخدمة اليهود – و إنّ يوم معاوية – هو الذي قد مكن اليوم ( عرفات من أنْ يصف رابين رئيس وزراء إسرائيل بالأخ و الصديق الحميم و يأخذه بالحضن و القبلات – و أنْ يحصل عرفات على جائزة نوبل للسلام مشاركة مع بيريز رئيس وزراء إسرائيل و وزير خارجيتها – وأي سلام غير الإبادة و الدمار للعباد و البلاد سلام الشجعان – ويشارك عرفات في منظمته حركات تسمى الجهاد و حماس و جبهات – الجميع في خدمة اليهود و العلمانية .
عزل ( بني أمية ) من ( منصب الحكم – في الشام و مصر )
لا يقدر عليه أي صحابي إلاّ ( ولي الله و الخليفة الصحابي علي )
إنّ ( العتاب ) و النقاش لا يكون مع هؤلاء ( أبي سفيان و معاوية و يزيد ومروان و ابن أبي سرح – وما بعدهم – بني أمية – و تلك هي أقوالهم و تصرفاتهم وأعمالهم) و إنما ( العتاب كل العتاب ) و النقاش يكون مع ( الخلفاء و الصحابة ) الذين ( مكنوهم ) في الشام و فلسطين و ( ثبتوهم ) فيها حتى ( تمكنوا ) من وضع المخطط الفظيع مع الروم واليهود – ضد الإسلام و المسلمين – أو تمكن الكفار و أعداء الإسلام – من جعل بني أمية (الثغرة ) التي ينفذون منها لمحاربة الإسلام و المسلمين – فمن هو الذي يقدر على وقف الهجمة الشرسة ( لا خبرٌ جاء و لا وحيٌ نزل ) و رد معالم الدين .
كتابان وجههما الخليفة الرابع علي – إلى الباغي معاوية و والي مكة
يكشف فيهما – مخطط بني أمية و مؤامرتهم
الكتاب الأول (( يا معاوية قد أرديتَ جيلاً من الناس كثيرا خدعتهم بغيك وألقيتهم في موج بحرك تغشاهم الظلمات و تتلاطم بهم الشبهات – فجازوا عن وجهتهم و نكصوا على أعقابهم و تولوا أدبارهم و عولوا على أحسابهم إلاّ من فاءَ من أهل الأبصار فإنهم فارقوك بعد معرفتك و هربوا إلى الله من مؤازرتك – فاتقِ الله يا معاوية في نفسك فإنّ الدنيا منقطعة عنك والآخرة قريبة منك )) وهل إنّ معاوية عرف الآخرة في يوم من الأيام .
و الكتاب الثاني (( إلى عاملي قثم بن عباس في مكة – السلام عليكم - فإنّ عيني – بالمغرب قد كتب إليّ يُعلمني بأنّ – معاوية قد وجه على الموسم أناسٌ – من أهل الشام العُميَ القلوب الصُمَّ الأسماع الكُمة الأبصار الذين يلتمسون الحق بالباطل و يطيعون المخلوق في معصية الخالق و يحتلبون الدنيا دَرّها بالدين و يشترون عاجلها بأجل الأبرار و المتقيين – ولن يفز بالخير إلاّ فاعله و لا يُجزى جزاء الشر إلاّ مرتكبه - فأقم على ما في يديك قيام الجازم و الناصح اللبيب و التابع لسلطانه المطيع لإمامه – و إياك و ما يعتذرُ منه و لا تكن عند النعماء بطراً و لا عند البأساء فشلاً – و السلام )) بهذا الإبداع و الروعة و بوصف دقيق و كشف عميق للصراع الذي حصل بين الحق و الباطل و بين من يطلب الدنيا و من يطلب الآخرة داخل الدولة الإسلامية و خارجها – و في عصرنا الحاضر – فإنّ موسم الحج هو أصلاً تحت سيطرة عملاء الكفار خادم الحرمين – فلا تفيد رسالة المؤمنين الأتقياء معهم لأنهم عمي الأبصار .
( مشكلة الماء يوم - معركة بدر – و يوم معركة صفين )
( و مشكلة الرايات السوداء )
و كيف لا يكون ( الماء ) ( مشكلة ) بين الجيوش المتحاربة – ففي معركة بدر الكبرى – قد تدارك رسول الله الحبيب - مشكلة الماء – ووضع آبار الماء خلف جيش الدولة الإسلامية – و لكن هنا في – معركة صفين - قد صار الماء خلف جيش الباغين الخارجين فحرم جيش الدولة الإسلامية من الماء - و كاد العطش ينزل بجيش الخليفة – البلاء - و أثناء ما كان الخليفة علي - يتجول و يتفحص جيشه ليلاً - فقد سمع صوت أحد جنوده يقول شعراً و ملخصه ( كيف نموت من العطش و قائدنا هو الخليفة علي ) - و في الصباح قام الخليفة بوضع - خطة عسكرية – و جعل فيها نفسه ( قلباً ) و أعطى الميمنة و الميسرة لاثنين من أبطال جيشه – فهجموا و تمكنوا من إزاحة جيش الباغين عن الماء و أبعدوهم و شرب جيش الدولة الإسلامية الماء - و عند ذلك قرر – معاوية ( ترك المعركة و الرجوع بجيشه إلى مأمنه الشام و فلسطين ) – و لكن (الصحابي عمر بن العاص ) قد سأل ( الصحابي معاوية ) ( و هناك من يقول – لماذا رسول الله - قد احتفظ بأسماء المنافقين من الصحابة عند خزينة الصحابي حذيفة اليماني – في حين كان بالإمكان تصفيتهم – و الجواب هو - إنّ رسول الله الحبيب لا يمكن أنْ يقف بوجه إرادة الله في الفتنة و البلوى - لمعرفة أيكم أحسن عملا و الخبيث من الطيب – فلسفة الحياة الدنيا و ما فيها من حلاوة و زينة ) - قد سأل بن العاص معاوية ( لماذا قررت ترك المعركة و الرجوع إلى الشام ) فأجابه معاوية ( لأنّ جيشنا لا يقدر الصمود و الصبر و تحمل العطش – مثل جيش الخليفة – فتكون نهايتنا ) فأجابه عمر بن العاص ( إنّ – علي بن أبي طالب – ليس من شرعه و لا من أخلاقه – منع الماء عن العطاشا بصورة عامة – كما نحن فعلنا بهم – خاصة و إنّ خصمهم يدعي الإسلام ) فلينظر الناس إلى مثل هؤلاء الفسقة و الظلمة ( هم يعرفون مدى إيمان و تقوى خصومهم ) ولكنهم يمنعون الماء عن خصمهم و يعرفون حق المعرفة ( إنّ الشرع لا يجوز منع الماء عن العطاشا – ولكنهم قتلوا الحسين بن علي و أهله و أطفاله و أصحابه عطاشا في كربلاء ) - و بعد أنْ انتهى جيش الدولة الإسلامية من شرب الماء و الاكتفاء – فقد طلب الخليفة علي من المنادي – دعوة جيش البغاة و الخارجين لشرب الماء – و هذا هو الإسلام و هذا وحده يكون كافياً لفهم جيش المنافقين الحق والعدل و ترك بني أمية و الانضمام إلى جيش الدولة الإسلامية و الخلافة – الذي عمله يطابق قوله – بخلاف بني أمية الذين أعمالهم لا تطابق أقوالهم { كَبُرَ مَقْتاً عند الله أنْ تقولوا ما لا تفعلون } ( الصف 3 ) .
و بمناسبة - الماء – فقد جاء – أحد جنود الدولة الإسلامية – إلى الخليفة علي – و سأله ( يا خليفة المسلمين – إنّ جيشنا يُكبر الله و يصلي و إنّ جيش أهل الشام يُكبر الله و يصلي و قد أصبحنا في شك من أمرنا ) فأجابه الخليفة ( أذهب و فتش في جيشنا عن الصحابي عمار بن ياسر و اسأله سؤالك هذا ) فذهب الجندي و وجد – الصحابي عمار – فسأله السؤال – فطلب عمار من الجندي الجلوس – فأخذ يشرح للجندي الأحكام الشرعية و المفاهيم الإسلامية و بعدها قال للجندي ( أنظر إلى معسكر أهل الشام الخارجين - هل ترى الرايات السوداء تلك ) فأجابه الجندي ( نعم أراها ) فقال عمار للجندي ( عندما كنتُ أنا أُحارب مع رسول الله الحبيب - ضد كفار قريش بني أمية – فقد رأيت هذه الرايات السوداء لمرتين في معركتين – و هي – رايات ابن العاص الأموي والد عمر بن العاص - و اليوم أراها للمرة الثالثة – و بقوة الله سوف تدحر هذه الرايات السوداء للمرة الثالثة ) فتيقن الجندي المجاهد .
( استشهاد الصحابي عمار بن ياسر – و أحاديث رسول الله – المعجزة ) ( و الإسلام – هو ليس – الصحابة - إلاّ باستثناء رباني )
قال رسول الله الحبيب < يا عمار - إذا سلك الناس وادياً - وسلك علي وادياً آخر - فاسلك وادي علي - و يا عمار تقتلك الفئة الباغية – و يا عمار إنّ آخر شرابك شربة لبن > صدق رسول الله و صدقت – معجزته - وقد استشهد – الصحابي عمار بن ياسر – في هذه المعركة – صفين - بطعنة في بطنه و كان عطشاً فجاءوا له بإناء و شرب منه – فخرج السائل من موضع طعنته في بطنه و نظر عمار إلى السائل الذي يخرج فوجده – اللبن - ففرح عمار و قال ( لقد صدقت يا رسول الله ) – و إنّ الصحابي عمار – مصيره و مصير أمه وأبيه الجنة < صبراً يا آل ياسر فإنّ مصيركم الجنة > و كذلك قال رسول الله < عمار كله إيمان من رأسه إلى قدمه> و إنّ الله تعالى قال – مصدقاً رسوله الحبيب في هذه العائلة الشريفة الجليلة و ابنها البار - { إلاّ منْ أُكْرِهَ و قلبُهُ مُطمئنٌ بالإيمان } ( النحل 106 ) - و إنّ الإسلام - ليس هو – الأشخاص - فهو ليس الصحابة (عمار و ياسر و سمية و أبو بكر و عمر و عثمان و علي و طلحة و الزبير و عائشة و أبو سفيان ومعاوية وخالد و المغيرة و فاطمة و الحسن و الحسين ) و غيرهم – إلاّ باستثناء رباني ففي الخندق < خرج الإيمان كله > - لذا فإنّ – الإسلام – هو ( عقيدة و مبدأ وفكر ومفاهيم و أحكام ) و هو ( ما آتانا به الرسول ) فإذا تطابق الشرع مع ( أقوال و أفعال ) الصحابة وتصرفاتهم فهو - الأساس- وهو الذي نأخذه منهم وهو الذي يُتبع – لذلك لا يجوز ترك أقوالهم و أفعالهم التي منها نفهم أحكامنا الشرعية ( الأمانة التي أنزلها و حملها الإنسان ) - و إن الذين يدافعون عن - الصحابة كأشخاص - هم الذين لا يريدون الدعوة إلى – إقامة الدولة الإسلامية – و حتى الداعين إلى – إقامة الدولة – إذا خلطوا الأشخاص بالأحكام – مثل قولهم - الصحابة كلهم عدول – فإنهم لا يقيمون – الدولة الإسلامية – حتى إذا استلموا الحكم – لأنّ حكمهم سوف يكون – حكم عضوض – كالحكم الأموي و العباسي و العثماني و الأيوبي و الفاطمي و جمهورية إيران الإسلامية – و ليس – الدولة الإسلامية الواحدة الكريمة التي تعز الإسلام ( وأهله ) و تذل الكفر ( و أهله ) .
( الباغي معاوية يريد المراوغة – و الخليفة علي يريد المنازلة )
و في أثناء – معركة صفين – فقد أرسل – الباغي الوالي المعزول معاوية – إلى – الخليفة علي – حسماً للمعركة - ( يسترضيه – بأنْ يبقى والياً على الشام – و كذلك يعقد البيعة مع الخليفة ) فأجابه الخليفة علي (( يا معاوية إني في البداية عزلتك عنها و لم أرضها لك - فكيف أرضاها لك اليوم - فما عليك إلاّ الانصياع لأمر الله و طاعة خليفته )) هذه هي الأحكام الشرعية – يحكم بما أنزل الله – التي أصر عليها ولي الله الخليفة علي – و لكن الباغي معاوية أراد - بقاء الخطة العمياء قيد التنفيذ – لمحاربة الإسلام – و إنّ استجابة الخليفة الرابع - على ما عرضه معاوية – يؤدي إلى – تعطيل الأحكام و تركها و ضياعها – مثلما حصل – مع الخلفاء الثلاث الذين سبقوه – و إنّ رسول الله في حديثه قطعي الثبوت و الدلالة الشريف إلى الصحابي عمار < يا عمار تقتلك الفئة الباغية > و بالاستجابة – فمن تكون هي – الفئة الباغية – لأنّ الأوراق تكون قد اختلطت – و أما اليوم فإننا نرى – الفئة الباغية – كما نرى الظلام و النور - و إنّ النور هو – الذي جاء إلى الحكم بطريق – حكم الشورى و البيعة .
و بعد طول انتظار و منازلات و حرص الخليفة علي بقدر الإمكان على تجنيب المسلمين من إراقة الدماء – فقد أرسل إلى الباغي معاوية ( يطلب منه – حقناً لدماء المسلمين – و حسماً للأمر – المنازلة - و حصرها بين قائدي الجيشين – علي كبير السن – و معاوية الشاب ) و هذه هي الرحمة و العطف الإسلامي الإنساني – و بعدها الله تعالى هو الذي يتولى السرائر - وقد استشار معاوية شريكه عمر بن العاص مثلما أخذ رأيه في موضوع الماء - فأجابه بن العاص ( إنه اقتراح سليم ) فقال معاوية ( إنك يا ابن العاص تريد قتلي – لأنك تعرف و تعلم لا قِبَلَ لي عليه و أقترح أنْ تخرج أنت لمقاتلته ) – فخرج عمر بن العاص – و قام بمنازلة الخليفة علي – و إنّ الاثنين كانا راكبان – فرفع الخليفة علي سيفه ليضربه الضربة القاضية – و لكن الصحابي بن العاص – رفع ثوبه و كشف عن عورته – فاستدار الخليفة علي لإبعاد نظره ( لأنه يحرم على المسلم النظر إلى عورة الآخرين ) و يقال ماذا عمل الخليفة علي – أكثر من هذه الأعمال و الأحكام – و بذلك تمكن الصحابي عمر بن العاص - من الهروب و الفرار من المنازلة و الموت – و لكن الصحابي عمر بن العاص يقول ( الصحابي علي لا يصلح للخلافة – لأنّ فيه دعابة ) إنّ الخليفة علي ( كله إلتزام عقائدي و رحمة و شفاء و شفقة و عواطف إسلامية عالية – و بطل حرب - و لا تسقط من وجهه الابتسامة ) .
(( التحكيم ))
( طلبه الباغي بوضع القرآن على الرماح – و الخليفة قال نحن أحق بالقرآن منهم )
و أخيراً ( رفع – جيش الباغين بني أمية – الخارجين من الشام فلسطين – المصاحف – على أسنة الرماح – بإشارة الصحابي عمر بن العاص على قائد الجيش الباغي معاوية – و طلبوا - التحكيم – إلى كتاب الله ) – و عن هذا العمل قال ( العلامة حسن البصري) ( لقد أفسد أمر المسلمين الصحابي عمر بن العاص عندما أشار على الصحابي معاوية – برفع المصاحف على أسنة الرماح في – معركة صفين – و إنّ مردود ذلك الفعل إلى يوم القيامة و عندها سوف يكون الحساب ) - و نحن نضيف إلى قول ( العلامة حسن البصري) قولنا ( إنّ مشورة الصحابي عمر بن العاص في رفع المصاحف يوم صفين تتفق وتتماشى مع – ترأسه وفد كفار قريش إلى الحبشة للتأثير و الضغط على نجاشي الحبشة ليطرد المسلمين الذين هاجروا – أيام النبي – إلى الحبشة تخلصاً من اضطهاد و تعذيب قريش لهم – و كانت الهجرة – برئاسة الصحابي جعفر الطيار – و لكن عمر بن العاص في حينه قد فشل و انتصر جعفر و أصحابه – و أما في – التحكيم – كذلك انتصر الخليفة علي و فشل و بمذلة بنو أمية الباغون ) و يظهر إنّ بني أمية لا يؤمنون بيوم القيامة و لا بيوم الحساب .
و كلما كشف الخليفة علي أسلوباً من أساليب مخطط الباغين تحولوا إلى أسلوب جديد – و عن هذا الأسلوب قال (( و لما دعانا القوم أنْ نُحكم بيننا – القرآن - لم نكن الفريق المتولي عن كتاب الله تعالى و قد قال الله سبحانه – فإنْ تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول – فعلينا أنْ نَحكم بكتاب الله و نحن أحقُ الناس به و أنْ نأخذ بسنته فنحن أولاهم بها – و قد فعلتُ معهم أجلاً في التحكيم – ليتبين الجاهل و يتثبت العالم و لعل الله أنْ يصلح في هذه الهدنة أمر هذه الأمة )) فهل يحتاج الإنسان إلى أكثر من هذا التوضيح – و مع ذلك فإننا ندون الآية الكريمة التي استند إليها الخليفة و ثبت جزء منها وهي { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم فإنْ تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول إنْ كنتم تؤمنون باللهِ و اليوم الآخر ذلك خيرٌ و أحسنُ تأويلاً } ( النساء 59 ) .
( عقد المصالحة في تحكيم صفين - وعقد صلح الحديبية )
لذلك فقد تم ( عقد المصالحة و التحكيم ) – و حسبما وضحه الخليفة علي بقوله (( إنما اجتمع رأي عموم الناس على اختيار رجلين أخذنا عليهما أنْ لا يتعديان القرآن – فإنْ جرنا القرآن إليهم اتبعناهم و إنْ جرهم القرآن إلينا اتبعونا )) و هذا يعني أنه أخذ بقاعدة – عموم الناس – التي هي جزء من الحكم الشرعي - الشورى - و الشيء بالشيء يذكر- فقد حدثت واقعة في – عقد صلح التحكيم – مع الخليفة علي في رئاسته للدولة الإسلامية - مثل ما حدث مع رسول الله في رئاسة دولته الإسلامية – في – عقد صلح الحديبية – حيث تحققت فيه ( معجزة نبوية غيبية ) كان رسول الله قد ( تنبأ ) بها في صلح الحديبية - و ذلك عندما كان رسولنا الحبيب يملي ( عقد صلح الحديبية ) على ( الصحابي علي بن أبي طالب ) فقال أكتب يا علي ( هذا ما صالح عليه محمد رسول الله - سهيل بن عمر ) و كان سهيل بن عمر ممثل كفار قريش الذي اعترض قائلاً (لو شهدنا إنك رسول الله لم نقاتلك – و لكن اسمك و اسم أبيك يا محمد ) فقال النبي ( يا علي أمحِ كلمة – رسول الله – و أكتب – هذا ما صالح محمد بن عبد الله – سهيل بن عمر ) ثم التفت النبي إلى – الصحابي علي و قال له < فإنّ لك مثلها يا علي > – و فعلاً قد تحققت ( المعجزة ) عندما كان – الخليفة علي – يملي على الكاتب صيغة ( عقد التحكيم ) بحضور ممثل الخصم – الصحابي عمرو بن العاص – فقال الخليفة إلى الكاتب ( هذا ما صالح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – معاوية بن أبي سفيان ) فاعترض عمرو بن العاص و قال للخليفة علي ( لا تكتب – أمير المؤمنين – و لو علمنا إنك – أمير المؤمنين ما قاتلناك ) فطلب الخليفة علي من الكاتب ( أمحِ عبارة – أمير المؤمنين ) و صاح الخليفة علي و قال (( الله أكبر هذا ما وعدني به رسول الله – عندما قال لي في صلح الحديبية - لك مثلها يا علي )) و هذا يثبت و يؤكد ما ورد في القرآن المجيد من ( إنّ – علي – هو - نفس – رسول الله ) في الآية الكريمة { أنفسنا و أنفسكم } ( آل عمران 61 ) حتى في الحوادث و الوقائع – و لكن الفرق – هو ( إنّ رسول الله الحبيب كان يواجه في الدولة الإسلامية برئاسته – كفار و مشركين – في حين – إنّ الدولة الإسلامية برئاسة الخليفة علي – كان يواجه – مسلمين – و لكن باغين – و ما دام – إنّ رسول الله قد أخبر الصحابي علي – لك مثلها – فمن الخير أنْ يخبره ( بكيفية التعامل و بمخطط الوقائع و بالهدف و الأهداف و الغاية – التي يراد تحقيقها من ذلك التعامل و تلك الوقائع – وهو - بقاء الإسلام عقيدة و مبدأ – و بقاء الناس مسلمين – و لا يجوز إخراجهم أو إبعادهم عن الإسلام – وهذا هو ما كان يسعى إليه الخليفة علي و يطبقه ) بينما الكفار و أعداء الإسلام يريدون إرجاع المسلمين إلى الروافد التي جاءوا منها إلى الإسلام – الروم و المسيحيين و اليهود و المشركين المجوس و البوذيين و الهندوس والبربر و القومية الكردية و التركمانية و الأفغان و الصرب و القفقاس و غيرها .
(( نهاية التحكيم ))
لقد أراد الخليفة الرابع علي أن يمثله في هذا التحكيم ( الفقيه و المتحدث و حبر الأمة عبد الله بن عباس ) الذي له الدراية ما في القرآن و السنة – و لكن تطبيقاً لقاعدة (عموم الناس ) و لجواز الأخذ بهذه القاعدة فهو قد – عمل بها – و لم يعمل بالإكراه - خاصة و إنه تحكيم و خاصة – أنْ لا يتعديان القرآن – و خاصة إنه التزم بإتباع ما يجره القرآن إليه – فقد وافق على اختيار عموم الناس ( الصحابي أبي موسى الأشعري ) و إنّ الذي مثل الباغي معاوية – الصحابي عمرو بن العاص - و كان على الحكمين أنْ يطبقا القرآن على الوقائع (هل إنّ عزل معاوية من قبل الخليفة له مقتضى من الشرع – و هل إنّ الوالي معاوية أصبح باغياً – و ماهو الحكم الشرعي في هذه الحرب ) – و لكن مثل هذا لم يحصل – و إنما الذي حصل هو إنهما قد تاها عن القرآن و انتهوا بخدعة رسمها الصحابي عمر بن العاص ممثل الباغي – حيث تمكن من - المراوغة و المناورة - من تمرير الخدعة – على الصحابي الأشعري – وبانتهاء المهزلة – قام الصحابي أبو موسى الأشعري بالبصق باتجاه الصحابي عمرو بن العاص وشتمه - وهنا قال الخليفة علي (( و لكنهما تاها عن القرآن و تركا الحق و هما يبصرانه – وكان الجور هواهما – فمضينا إلى سوء رأيهما و جور حكمهما )) .
( انتهى - حكم الخليفة الرابع علي – بالغدر و القتل السياسي الجبان )
( و لكن هيهات – أنْ – يقتل الفقه و الفكر و الأحكام الإسلامية )
( المدعومة – بوقائع و حوادث – عاشها المسلمون )
( أيام رسول الله الحبيب و أيام الولي و الخليفة علي )
إنّ الكلام هنا يطول – وإنّ الكشف عن الحقائق و العبر لمن يعتبر لا ينتهي – ولكن موضوعنا و بحثنا السياسي – يتطلب الرجوع إلى ( الشورى ) – و نقول – إنّ أساليب مخطط – الكفر – و مطيتهم مسلمي بني أمية - جميعها قد فشلت - مع الخليفة الرابع علي – مهما تنوعت المناورات – وإنّ – سبب – فشل الظلمة و أعداء الإسلام – و سبب انتصار – الدولة الإسلامية و خليفتها علي – هو - شيء واحد - وهو – تطبيق حكم الشورى – في اختيار رئيس الدولة – و لولا ذلك – لخسرت الدولة الإسلامية من أول أسلوب من أساليب المخطط الخبيث الذي تمت صناعته خلال ثلاثين سنة – ثلاث أجيال – و لكن القضاء الرباني – بانتهاء الأجل – هو الذي سوف ينهي الموضوع و الصراع – لذلك – اضطر أعداء الإسلام و المرتزقة ( مرغمون ) إلى وضع – أسلوب جديد – هو أسلوب الغدر و العنف و الجبن و الافلاس – وعدم مواجهة الأبطال و الثلة الواعية و أولى العزم – الخليفة علي و الصحابة الأجلاء - و عدم مواجهة العقول الجبارة - و إنما أسلوب التصفية الجسدية – بكل خسة و انحطاط – باستعمال – ثلاثة من الخونة و الفسقة و الجهلة – و قد ضبطوا الأمر مع أحدهم و هو ابن ملجم من الخوارج – دون الاثنين الآخرين – و قد استعملوا مع ابن ملجم العنصر النسائي ليفقد عقله و كل شيء إلا شهوته و أطماع الدنيا و ملذاتها – و بذلك فقد ضبط – ابن ملجم – فعله الدنيء و قام بضرب – الخليفة علي و هو ساجد في المحراب في صلاة الصبح في مسجد الكوفة – بسيفه المسموم – و قد فشل العمل أو لم ينفذ مع معاوية بن أبي سفيان و عمر بن العاص .
( استشهد الخليفة الرابع علي – في شهر رمضان – وفيه – ليلة القدر )
( و ما أدراك ما ليلةُ القدر – و فيه – أنزل القرآن – وتَنزّلُ الملائكةُ )
( و الروح فيها – بإذن رَبهم مِنْ كل أمرٍ – سلامٌ هي حتى مطلع الفجر )
لقد استشهد – الخليفة الرابع علي – و هو في حالة حرب – في فجر شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن – ووقعت فيه أول معركة بين الإيمان و الكفر – بدر الكبرى – و حصل فيه – فتح مكة المكرمة – و وقائع أخرى – هل كانت هذه العظائم و التجليات مجرد صدفة – و ذلك سنة أربعين هجرية – بعد ثلاث أيام من ضربه في محراب مسجد الكوفة – بالسيف المسموم على رأسه – و إنّ بطولته قد تجسدت حتى في قتله و استشهاده – حيث - صاح (( فزتُ و رب الكعبة )) و ما عظمة هذا البطل – الذي كان حراً طليقاً ينتظر – ساعة انتهاء الأجل – في تلك الليلة التي كان هو فيها كثير النظر إلى ( السماء ) يفتش فيها و يتفحصها و يطيل و كله تفكير و تحسس لمعرفة ( الإخبار الغيبي النبوي ) – و عندما هم بالخروج من بيته لأداء صلاة الصبح – و إذا بالوز تصرخ في وجهه – فقام بعض أهله بطرد تلك الوزات و اسكاتها – و لكنه أمرهن بترك الوز وقال لهن (( إنها صوائح تتبعها نوائح )) لأنّ صراخ الأوز كانت الأولى من ضمن ( العلامتين الغيبيتين التي أخبره بها رسول الله الحبيب ) و الثانية < سيقتلك أشقى الناس > فسأله ( أوَ في سلامة من ديني يارسول الله ) فأجابه < في سلامة من دينك > و لا ندري كيف نعبر و نصف دهاء و بطولة و عظمة إنسان ( يعلم – بإنتهاء الساعة – و كله صبر و عزيمة و اطمئنان – و بنفس الوقت يعلم بأنه سوف يترك الناس و العالمين بعده يعيشون في – البلوى و الفتنة – التي هي إرادة الله تعالى لمعرفة الخبيث من الطيب – لذلك فإنه ( يحمد الله خالقه – بفوزه – فزت و رب الكعبة – بقسم ) لأنه قد أنجز مهمته بأمانة و بسلامة من دينه و بإخلاص في مهمته ( ولي الله ) و في تكليفه كأحد أعضاء ( أهل العترة ) و في مسؤوليته ( خليفة المسلمين بالشورى – وبسلامة الشورى تعريفاً و تطبيقاً ) – و لأنه - لم يخطأ و لم يعتدِ على حقوق الله و الناس و لم يعطل أحكام الله ( ولا يجرأ أي مسلم مهما كان من الراسخين في العلم أنْ يُخطأ الخليفة علي – و لكن يقدرون فقط على مدح خصومه أو الذين أخطأوا معه و أمامه - و يمجدون بأخطائهم و يدافعون عنها رغم إنها خاطئة دون إيراد ذكره ) – و قد فارق الحياة عزيزاً و كريمًا ( تاركاً ) لبقية – أعضاء العترة – تكملة المشوار و التكليف الرباني في مهمتهم – بعد أنْ أنجز الشيء الكبير من تثبيت معالم الدين و أحكام الإسلام و صيانتها .
( أعمال ) الخليفة علي - تتفق مع ( أقواله )
في تطبيق - حدود الله - و نصرة الخلفاء - و حكم الشورى
و يرفض ويحارب تعطيلها أو تغييرها أو إساءة تطبيقها
لقد ( رفض ) الخليفة علي أنْ ( يستخلف ) أحدا بعده و رفض التدخل رغم ( طلب و إلحاح المسلمين – منهم الصحابة – من يراه صالحاً بعده – وقد أخصوا ولده – الحسن ) و قد ( تركها بإصرار للمسلمين – كما تركها رسول الله الحبيب – إلى – حكم الشورى – و هل لم نصدق عندما قلنا – هو نفس الرسول ) – و يأتي بعد ذلك المنافقون و يقولون ( ماذا عمل الخليفة علي في خلافته ) و نجيبهم و نقول (( لو أنه لم يعمل أي عمل سوى – رفضه الاستخلاف – لأحد بعده )) يكون قد ( خدم الإسلام و المسلمين ) و لو كان عمله بتطبيق الشورى متواصلاً مع الخلفاء السابقينن - لما وصلنا إلى حالنا اليوم - و لما شاهدنا أو سمعنا – الدولة الأموية أو العباسية – أو الرشيد أو الوليد أو الأيوبي أو الفاطمي – و لبقيت راية – لا إله إلا الله محمد رسول الله – ترفرف حتى اليوم فوق ساريات – الدولة الإسلامية الواحدة – و لغمر نورها وإشعاعها الكرة الأرضية جميعاً – و لكن ماذا نعمل لمن سبقه – غير الدعاء لهم بالمغفرة – و الدعاء لأمتنا اليوم بانْ ترى – سبيل المؤمنين – لتقيم – دولة محمد رسول الله الإسلامية الواحدة .
و في خلافة ( الخليفة الثاني عمر ) وقعت - جريمة زنى – من قبل – امرأة وهي حامل - و إنّ جريمتها قد ثبتت في حقها – فقرر الخليفة عمر تنفيذ العقوبة رجمها حتى الموت لأنها محصنة – و كان الخبر قد وصل إلى – الصحابي علي – فجاء راكضاً و يقال إنه كان حافي القدمين - و هو يصيح – يا عمر أوقف الرجم - فسمعه الخليفة عمر – و طلب من الجلاد و قف الرجم – و عند وصول الصحابي علي سأله الخليفة عمر – ما وراءك يا علي – فأجابه ( يا خليفة المسلمين – إنّ المرأة تستحق عقوبة الرجم – و لكن ما ذنب الذي تحمله في أحشائها – اتركها تلد و بعد ذلك أرجمها ) فصاح الخليفة عمر أمام الحضور ( لولا علي لهلك عمر ) و قرر ( تأجيل رجم الزانية لحين وضع حملها ) – هذه هي أعماله و نصرته بصفته ( ولي الله و أحد أعضاء العترة ) للخلفاء الذين سبقوه – و أما أعماله في خلافته فقد أشغله إصلاح تركتهم و ما أفسده الدهر .
( قمة أعماله )
( و قمة جواب السؤال ماذا عمل الخليفة الرابع علي )
هو :
( نقل – عاصمة الدولة الإسلامية – من المدينة المنورة – إلى الكوفة )
( أول عمل سياسي و فقهي بعد رسول الله لا يقدر القيام به أي صحابي )
( أدى – النقل – إلى دفع الخطر عن الإسلام و يؤدي إلى جلب مصلحة للإسلام )
و نكرر و نقول : و إنّ ما قلناه و ما سنقوله – ليس من باب المدح أو الانحياز إلى الأشخاص – لا و الله – و إنما من باب الحرص على الإسلام – أمة و دولة – و طاعة الله و رسوله في قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللهَ و كونوا مع الصادقين . . . و قولوا قولاً سديداً – التوبة و الأحزاب ) - لأنّ كثيراً ما يُطبلُ ( أعداء الإسلام ) و الذين حُليت الدنيا بأعينهم من المسلمين الجهلة و من المنافقين و من علماء الدين وعاظ السلاطين ( الذين لا يريدون – إقامة الدولة الإسلامية الواحدة – و لا يدعون لها – لأنهم لا يريدون تطبيق الإسلام – ما أنزل الله – و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون 45 الظالمون 46 الفاسقون 48 – المائدة ) – و إنهم يخلطون الأوراق – بتحويل النقاش و البحث من العقيدة و الفكر إلى ( الأشخاص – صحابة و سلف وتابعين – و البيت الشيعي و البيت السني – و الخيمة – و المجلس – و الرابطة – و الهيئة – و جيش الإسلام و الصحابة و المهدي – و حركة و منظمة و فصائل ) جميعاً وصفهم الله تعالى { و إذا فعلوا فاحشةً قالوا وجدنا عليها آباءنا و الله أمرنا بها قل إنّ الله لا يأمر بالفحشاء أ تقولونَ على الله ما لا تعلمون } ( الأعراف 28 ) وإنّ الله تعالى قال أسماء طيبة و مباركة – حزب الله – المفلحون – الغالبون – و لما رأى المؤمنون الأحزاب ... و لتكن منكم أمة ... كلها أسماء تشتم منها الرحمة و الشفاء و الخير – أنزلها الله سبحانه { و إذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله و إلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أ ولو كان آباءهم لا يعلمون شيئا و لا يهتدون } ( المائدة 103 ) و هؤلاء جميعاً و رغم ما وصفهم الله في حينه بهذا الوصف المقيت - فهم حتى في وقتنا الحاضر كثيراً ما يروجون الأقوال و الإشاعات و التحريك السياسي لمحاربة الإسلام و تجزئة المسلمين إلى كيانات وقوميات و مذهبيات و طائفيات و خلط الأوراق و تحويل المفاهيم و الأفكار إلى صراع أشخاص – و المدح و استكبار أشخاص واقعهم و حقيقتهم لا يمثلون الإسلام و لكنهم بأقوالهم و عمائمهم و لحاهم يحسبهم الناس هم أهل الإسلام و الإسلام منهم براء - وإن أعداء الإسلام أول ما يحاربون و يشككون بالأشخاص الذين هم قدوة و أسوة المسلمين و هم ( أهل البيت العترة ) الأجهزة و ليس كأشخاص و التي تركها الله و رسوله لعدم ضلال الناس – ولكن القضاء على العترة سواء في أشخاصهم أو في أفكارهم و مفاهيمهم و أحكامهم يؤدي حتماً إلى الضلال – و هذا أهم أمر فهمه أعداء الإسلام منذ البداية و عملوا على أساسه – و لكن الله تعالى متم نوره و لو كره الأعداء الكفرة و المنافقون – و سوف لا يفيدهم ترويج الأقوال (ماذا فعل ولي الله و خليفته الرابع الصحابي علي – هل فتح البلدان – مثل الوليد و الرشيد والأيوبي) و إنّ جوابنا عليهم – إنّ من أعمال الصحابي علي الجبارة – إنه كشف للمسلمين – من هو الخليفة و الإمام و رئيس الدولة – و من هذا الكشف فهمنا – إنّ الوليد و الرشيد والأيوبي – ظلمة و فسقة – لأنهم طبقوا ولاية العهد و الوراثة و أصروا عليها – و لم يطبقوا أحكام الله – الشورى و البيعة – و لم يحققوا للمسلمين ما يحييهم – مثلما حققه ولي الله و الخليفة الصحابي علي .
إنّ الله تعالى هو الذي وصل الإسلام إلى العالمين – و لكن فتوحات الظلمة والفسقة قد أدت إلى التجزئة و الكيانات و الإمارات و الأمراء – لأنّ الفتوحات قد ( طبقت – التبديل و التغيير – و أهمها ولاية العهد و الوراثة و الوصية – و لم تطبق الأصول و الأحكام الثابتة التي أنزلها الله ) ( و هذه هي السبب في إلغاء اسم الخلافة وإنهاء الدولة الإسلامية التي أساسها العقيدة الإسلامية – فكانت تطبيقات أولئك للتبديل والتعديل و التغيير هي العقبة الكأداء اليوم في عدم استئناف الحياة الإسلامية و عدم إقامة الدولة الإسلامية ) – لأنّ بولاية العهد و الوراثة – قد أبعدت ( الأمة و الناس ) عن تقرير مصيرها – في حين – إنّ الخليفة علي – كشف لنا – حكم الشورى – و عرفه – الاختيار بالرضا من قبل عموم الناس – وطبقه في خلافته – ففرحت الأمة عندما اشتركت في تقرير مصيرها و في أعمال بنائها و تقدمها – فهل الفتوحات حققت مثل هذا الإنجاز العظيم – و لكنها حققت معمم و ذي لحية و شهادة حديثة – دكتور و أكاديمي تدريسي – يصرح من وسائل الإعلام بكل وقاحة و عدم حياء – إنّ الدولة الإسلامية و الخلافة لا تصلح اليوم للتطبيق و إنّ الذي يصلح هو – الملكية – هذا هو أحد العلمانيين الذي يعرف حق المعرفة – إنّ بالدولة الإسلامية لا مجال للعلمانية و لكن لها كل المجال في الملكية و الأمراء – و بعد ذلك يوجد هناك من يقول لماذا تصفون مثل هؤلاء بالنفاق و بالعمالة و بابن العلقمي و جوابنا لهم هو – لأننا لا نريد اخراجهم من الإسلام فنفتح باب التوبة لهم .
و كذلك قد مكن - الخليفة علي - الأمة و الناس من الوقوف بوجه الباطل و الجور و البغي – وذلك بكشفه حكم البغي – و قام بتطبيقه على – أول باغي و جائر و أقواهم في حياة المسلمين – الباغي معاوية - بينما الفتوحات التي تمت في عهده و ما بعده – نشرت هذا الحكم – البغي - في العالم – واليوم فإن البغي و الجور و الباطل – هي السد المنيع بوجه تطبيق الإسلام و إقامة الدولة الإسلامية – و أكثرهم للحق كارهون – لذلك فلا يحاربون البغاة و الجائرين و الخارجين عن طاعة الله و رسوله – في حين أول من حاربهم هو الخليفة الرابع علي و الثاني هو عضو العترة الصحابي الحسين – فهل اقتدينا بهما .
ولم يبق لدينا إلاّ ( عمل القمة ) و إنّ السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو (( الدولة الإسلامية – لو خرج عليها من كان امتداد لقريش المشركة المعادية و المحاربة للإسلام و نجح في استلام السلطة و هو في مكان بعيد عن العاصمة المدينة المنورة – مثل الشام و بغداد و الأندلس – لحصل نقاش و خلط أوراق و لاتخذهاالخارجون حجة و مبرر لتغيير – واقع الدولة الإسلامية - و جعلها دولة مدنية بالأشكال المادية – و ليست دولة حضارية بالعقيدة الإسلامية - أو عندما تنتهي الدولة الإسلامية أو تلغى و تصبح غير موجودة – مثلما حصل مع الدولة العثمانية – فما هو الحل و ما هي الأحكام الشرعية – التي تعلج تلك النكبات – و من الذي يقدر على استنباطها – غير ولي الله )) و بعمل الخليفة علي ( القمة - في أعماله ) و هو قيامه بنقل الخلافة من أول عاصمة ( المدينة المنورة ) إلى ( الكوفة ) قد أعطانا الجواب ( الجواب الشرعي ) عند المسلمين عملياً – و لو قام بهذا العمل غيره لقالوا عنه ( بدعة ) – و لخلطت الأوراق خلطاً عظيماً - لكن بعمل ولي الله و الخليفة علي - لم يقل عنه أحد أنه ( بدعة ) و أصبح ( حكم شرعي) و لكن أين الدليل الشرعي لهذا الحكم هل – القياس – فأين علة الأصل – و هل – الإجماع – و الصحابة في يومه بعضهم يحارب البعض الآخر – و هذا ما قلناه – وهو – إنّ القياس وإجماع الصحابة ليست أدلة شرعية – و إن الدليل الشرعي بعد – القرآن و السنة – هو – العترة و إجماعها – الثقل الثالث من الأثقال الثلاث – القرآن و السنة و العترة – و الواقع قد أصبح كاشفاً للدليل - و لكن السؤال هنا هو من أين استوحاه الخليفة علي – و إنّ الواقع و ظاهر الحال يقول - استوحاه من سيرة رسول الله الحبيب – و هو – لو نجحت دعوة رسول في – مكة المكرمة – و أقام دولته فيها لكانت مكة هي ( العاصمة ) و كذلك عندما ذهب رسول الله الحبيب إلى ( الطائف ) لأخذ ( النصرة ) منهم – و لو أعطوه النصرة مثل أنصار أهل المدينة المنورة و أقام دولته فيها لكانت الطائف هي ( العاصمة ) .
ولو بقيت عاصمة الدولة الإسلامية في ( المدينة المنورة ) و لم ينقلها الخليفة علي – و بقيت حتى يومنا الحاضر – عدم وجود دولة إسلامية - وتمكنت ثلة واعية من إعلانها – مثلما حصل مرة في الأردن و مرة في داغستان القفقاس و مرة في الكعبة المكرمة و فشلت و لم يكتب لها النصر و النجاح – و على فرض إنها نجحت حتى في جزيرة من جزر أندنوسيا أو الفلبين أو ماليزيا – لرأينا أول من يحاربها رجال الدين وعاظ السلاطين بحجة ( لا يجوز إقامة الدولة الإسلامية إلا في المدينة المنورة حسب سنة رسول الله – و اتهام القائمين بها بالبدعة – خاصة إذا كانت عمامة المفتي كبيرة و لحيته طويلة و ما أكثرهم اليوم في إشباع البطون و من عُمي العيون عن أحكام الله و أولها الخلافة الإسلامية ) خاصة و إنّ المدينة المنورة اليوم محاطة بالقواعد العسكرية الكافرة – و هل نسينا في يومنا الحاضر كيف استنجد خادم الحرمين ملك السعودية بالجنود الفرنسيين و سمح لهم بالإنزال في الكعبة لإنهاء الاعتصام الذي حصل فيها و استنجد بقوات مخابرات الدول المجاورة لقتل المسلمين في موسم الحج لمنعهم من القيام بشعائر ( البراءة من الكفار ) .
( موقف ولي الله و الخليفة علي – من مؤيديه و أتباعه و شيعته )
( و من الحاقدين عليه )
و من الجدير بنا و قبل الانتهاء من سيرة الخليفة الرابع علي – أنْ نكرر قوله و رأيه في الناس و في نفسه حيث قال :
(( سيهلك فيّ صنفان : مُحِبٌ مفرطٌ يذهب به الحب إلى غير الحق – و مبغضٌ مفرطٌ يذهب به البغض إلى غير الحق – و خير الناس فيّ حالاً – النمط الأوسط - فألزموه و ألزموا السواد الأعظم – فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة - وإياكم و الفرقة – فإنّ الشاذ من الناس للشيطان – كما إنّ الشاذ من الغنم للذئب - ألا من دعا إلى هذا الشعار فاقتلوه و لو كان تحت عمامتي هذه )) - فهو كان يطبق الحق و العدل – ولا يبالي بالنتائج – لذلك قال ( ما ترك لي الحق من صديق ) – و عندما عيّرَ الباغي الصحابي معاوية الخليفة علي و وصفه ( كان يقاد كالجمل المخشوش ليبايع الخليفة الأول ) فأجابه الخليفة علي (( يا معاوية أردتَ أنْ تذم فمدحتَ و أنْ تفضح فاْنفضحتَ – و ما على المسلم من غضاضة في أنْ يكونَ مظلوماً ما لم يكن شاكاً في دينه و لا مرتاباً بيقينه و هذه حجتي إلى غيرك قصدها و لكني أطلقتُ لك منها بقدرٍ ما سنح من ذكرها )) – و الخليفة علي قد قام بقتل الذين ألهوه و جعلوه رباً فعبدوه بدخان النيران بعد أنْ استتابهم – و هو قد عين – شريح بن الحارث – قاضياً على الكوفة و وصل علمه خبر – إنّ القاضي شريح قد اشترى دارا بثمانين دينار – فاستدعاه و قال له – يا شريح بلغني إنك اشتريت داراً و كتبت عقداً و شهدت شهوداً – فأجابه – هو كذلك يا أمير المؤمنين فنظر إليه الخليفة نظرة تعجب ثم قال له ( أما إنه يا شريح سيأتيك من لا ينظر إلى عقد شرائك و لا يسألك عن شهودك فيه حتى يخرجك منها شاخصاً و يسلمك إلى قبرك خالصاً فانظر يا شريح لا تكون قد اشتريت هذه الدار من غير مالك أو نقدتَ الثمن من غير حلالك فتكون إذاً أنت قد خسرت دار الدنيا و دار الآخرة ) و هذه هي المساءلة و المحاسبة مع العاملين و الموظفين – و بقي شريح محباً للخليفة علي .
( أول مسلم في الإسلام – يترك أعمال في الدنيا – تنتج الثمار للآخرة )
إنّ - الصحابي علي – قد عمل كل ما تقدم شرحه و بحثه في حياته – و لكنه قد أضاف إلى تلك الأعمال – عمل يكاد أنْ ينفرد هو به من دون الصحابة – و إنّ العمل هو (التطبيق الكامل و التمام ) ( لإحدى آيات القرآن المجيد و لأحد أحاديث السنة الشريفة – آية و حديث ) كل الناس تعرفها و تفهمها و كل مسلم يتمنى و يأمل أنْ يكون له نصيب و تطبيق فيهما في – الحياة الدنيا - و قد حقق الصحابي علي فيهما نتائج عظيمة و قد فاز بها ( الفوز العظيم ) .
وإنّ الآية الكريمة هي { المالُ و البنون زينةُ الحياة الدنيا و الباقياتُ الصالحاتُ خيرٌ عند ربك ثواباً و خيرٌ أملاً } ( الكهف 47 ) – فالصحابي علي قد زيّنَ حياته الدنيا بكل ما كان يأمل ( من خير ) ( ببنين – منهم – الحسن و الحسين و العباس و محمد بن الحنفية و بقية أولاده و أحفاده ) و أما ( الباقيات الصالحات ) فقد دعا الله تعالى و تحدث بها كثيراً - و هنّ كثيرات و جميعهنّ تتقدمهنّ ابنته ( زينب ) بطلة كربلاء .
و أما ( الحديث الشريف ) فهو < إذا مات بن أدم انقطع عمله إلا في ثلاث صدقة جارية وعلمٌ ينتفع به و ولد صالح يدعو لهُ > و إنّ كل ولد من أولاد الصحابي علي هو ( ولد صالح ) و قد كان الصحابي الحسين شهيد كربلاء ( المسك الختام ) للأولاد إلى يوم القيامة – و أما ( العلم ) فهو الذي يعرفه كل مسلم و غير مسلم و أقله ( نهج البلاغة ) و أوسعه ( باب مدينة علم رسول الله الحبيب ) - وأما ( المال و الصدقات الجارية ) فحدث و لا حرج و كأنما هو و أهل بيته قد خلقهم الله تعالى من أجلها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق