بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الأول
{ وأمرهم شورى بينهم }
و لكن
{ يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرةِ هم غافلون }
وإنّ قولهُ تعالى
{ يدعون إلى الخيرِ و يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر }
هذه الفروض يتقدم وجوبها على كل الواجبات الشرعية
حتى الصلاة والصوم والحج والزكاة
لذلك قال الله تعالى
{ يوم نقولُ لجهنمَ هلْ امتلأتِ وتقول هل من مزيد }
إنّ المشكلة السياسية و الشرعية الكبرى هي ( الجهل – الجاهلية ) – عدم العلم – أو قلته – وعدم فهم – الخطة العمياء – العقدة المستديمة – البلوى و الفتنة – التي – جلبت أفضع – المتاعب و المآسي للأمة الإسلامية - وهي – في ذروة نهوضها – وقد بدأت سابقا منذ – وفاة رسولنا الحبيب و بعد أن ترك أمته مباشرة – واستمرت – المشكلة الكبرى – تزداد وتتوسع و تتفاقم قرن بعد قرن – وبعد تولي و تسلط عشائر وقبائل وقوميات وحكام ظلمة و فسقة- إلى إنْ – أصبحنا – أجزاء وكيانات- وبدون دولة إسلامية – وهذا هو البلاء وما بعده من بلاء لأننا فقدنا بفقدانها كل مقومات الحياة - فأصبحنا بدون تطبيق للإسلام في يومنا المعاصر – و إنها سوف تستمر بالتضخم إلى المستقبل – الغامض – مهما طال أو قصر – و إنّ تلك المشكلة الكبرى – أدت إلى – تعطيل – الأحكام الشرعية – أو إساءة تطبيقها – أو تبديل الفكر الإسلامي و مفاهيمه – بمختلف البدع و التضليل – وهذه هي – البلوى والفتنة - لأنّ المسلمين أصبحوا مهددون بعقيدتهم – ولا ينقذهم غير الدولة الإسلامية الواحدة 0
وانّ خير دليل على ما ذهبنا إليه هو- دليل غيبي – أخبرنا به رسولنا الحبيب وهو الصادق الأمين - عندما رأى رسول الإنسانية – يوم القيامة – يوم الحساب و العذاب – أصحابه يعذبون عذاباً شديداً- فقد أخذ يخاطب ربه < يا رب أصحابي أصحابي – فأجابه ربه رب العالمين – انك لا تدري ما أحدثوا وما بدلوا و غيروا بعدك > ( وان التبديل والتغيير و الأحداث المقصود هو في التطبيق - في العمل الصالح والعمل غير الصالح ) لانّ في التطبيق الأثر القوي و الأساس في – حياة الأمة – أكثر منه في الاجتهاد و الفقه و التفسير التي تنتج الأحكام الشرعية و الفكر الإسلامي – بدليل – إنّ الذي يخطأ في الاجتهاد له أجر واحد – في حين – انّ الذي يخطأ في التطبيق بتعطيل الأحكام أو الإساءة فيها فانه يحاسب و يعذب فلا يكون له أي أجر 0
وانّ الله تعالى قد علمنا و وجهنا بانّ لكل – بناء – أساس و أسس – و إنّ للبناء الاقتصادي – أساس – وللبناء الاجتماعي – أساس – ولبناء العبادات – أساس – وعلى المسلمين و الناس – عدم إهمال أو نسيان أساس كل بناء { أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوانٍ خيرٌ أم أسس بنيانه على جُرفٍ هارٍ فانهارَ به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين } ( التوبة 11 ) ولكن يأتي وعاظ السلاطين فيقولن - ان الله تعالى قد غفر للظالمين من أمة محمد - ولا ندري ما أساس قولهم – وان الله سبحانه يقول بصراحة – فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين – فهل لا يعتبر ظالما أو فاسقا – من يترك الدعوة إلى إقامة الدولة الإسلامية الواحدة – الخلافة – أو من يعطل حكما شرعيا – أو من يترك إنكار المنكر و الأمر بالمعروف – لتقويم الدولة – الخلافة – أو تقويم أي فرد في الأمة – خاصة إذا كانت تلك الأعمال و السلبيات – عن علم و دراية ومعرفة و بسبب حلاوة الدنيا والمحافظة على المكانة المالية والجاه والمناصب والشهادات التي حصل أو سيحصل عليها – ويعتبر ظالما وفاسقا حتى الذين يقومون بتقويم الحاكم الجائر ولكن بطريقة خاطئة وفاسدة مثل – جماعة الاتحاد و الترقي في أواخر أيام الدولة العثمانية 0
ومما تقدم نقول و نسأل من هم المخاطبون بهذه الآية الكريمة { يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا } (الروم 7 ) ونحن نجيب – هم جميع الناس ومنهم المسلمون- صحابة وسلف و تابعون إلى يوم الدين – وكذلك نسأل ما هو – عدد أو نسبة – الذين – يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا – من مجموع البشرية من بدايتها إلى نهايتها – وانّ الجواب واضح إذا ما علمنا – بانّ الله جلت قدرته تخاطبه الملائكة وليس البشر بقولها { قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم } فقال لهم { ألم أقل لكم اني أعلم غيب السموات و الأرض و أعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون } ( البقرة 34 ) – ومن ذلك فان – عدد الذين يعلمون – ظاهرا – من الحياة الدنيا – عدد هائل – لا يعلمه إلا الله سبحانه – إذن فلا قدسية لأي إنسان – صحابة وغير صحابة – إلا بما قد – مَنّ – الله عليهم – وهناك كذلك فرق كبير بين – العلم و الفكر- و بين – الفهم – وانّ الفهم هو العلم و الفكر المصحوب بهمة العمل به – أو العمل بها فعلا – لذلك قال الله تعالى { ففهمناها سليمان و كلا آتينا حكما وعلما} (الأنبياء 79 ) و هنا – قد قدم الله سبحانه – الحكم – وهو العمل والتطبيق – على – العلم – من باب جعل – الحكم – هو الأصل والأساس – في العلم – و يظهر إنّ الله تعالى قد استعمل كلمة – الفهم – مرة واحدة ولم يكررها في جميع قرأنه المجيد لأهمية – الفهم – والحكم – والتطبيق - وانّ بإمكان – الخطيب – أي خطيب – حسب مهنته ومصلحته – أنْ يقول ويشرح في جميع العلوم والأحكام الشرعية – وقد يكون شرحه بشكل يبهر عقول الناس ويدخل العجب في نفوس السامعين – ولكن هل هذا – الخطيب – عنده – الفهم – لما يقول ويشرح – وفي يومنا الحاضر نقول – كلا – وفي عهد الدعوة الإسلامية أيام رسولنا الحبيب نقول - نعم – لانّ الصحابي مصعب بن عمير تحداه مشركا مشترطا عليه انْ لم يقنعه يقتله بالسيف الذي غمره في الأرض – فقبل مصعب هذا التحدي – وفعلا تمكن من إقناع المشرك – لماذا - لأنّ الصحابي مصعب – كانت الأفكار و الأحكام عنده – مفاهيم وليس مجرد كلام يحفظه – وانّ الله تعالى يقول { كَبُرَ مَقْتاً عند الله أنْ تقولوا ما لا تفعلون } ( الصف 4 ) ومن ذلك نفهم – إنّ الخطيب يقول العلم و الفكر والحكم دون حصول الفهم عنده أي دون العمل به – وانّ الله تعالى يقول { هو الذي أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا و جعل لكم السمع و الأبصار و الأفئدة لعلكم تشكرون } ( النحل 79 ) أي أخرجكم – أميون حضاريا – علما – وليس القراءة والكتابة فقط – لذلك قال تعالى { و منهم أميّونَ لا يعلمون الكتاب إلا أمانيَّ و إنْ هم إلاّ يظنون } و { فويلٌ للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويلٌ لهم مما كتبت أيديهم و ويلٌ لهم مما يكسبون } ( البقرة 79 ) صحيح إنّ الآية الكريمة تبحث واقع اليهود ولكن ما جاء فيها لا يقتصر عليهم و إنما ما جاء فيها من مفاهيم تنطبق على الأفراد والمجتمعات مهما تعددت و تنوعت – فالأمية و العلم و الفهم و التمني و الظن – كلها صفات وحالات تخص الإنسان – أي إنسان مهما كانت حضارته ودينه – و في أي زمان ومكان عاش و يعيش 0
ولكن هناك – أفراد – يجعلهم الله تعالى متمكنين من استيعاب معظم – علوم الحياة الدنيا – ونحن في هذه الحال نحتاج إلى دليل يثبت حصول العلم لديهم سواء كان دليل نقلي أو دليل واقعي ملموس ومحسوس يدركه العقل – لانّ الله سبحانه بالأساس قد ثَبَتَ وجوده عندنا بالعقل – بحيث لا يتعارض الدليل مع نص قرآني أو سنة نبوية قطعيتي الثبوت و الدلالة – وهذا ما وضحه لنا ربنا بقوله { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هُنّ أم الكتاب و أخرٌ متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغٌ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله و الراسخون في العلم يقولون آمنا كلٌ من عند ربنا وما يَذّكرُ إلا أولوا الألباب } ( آل عمران 7) وان هذه الآية هي نفسها توضح لنا و تؤكد – الفتنة – المشكلة الكبرى – و الزيغ - و التأويل و البدع – وتوضح بانّ في هذه الآية الكريمة نفسها – معاني محكمات – لا يمكن فيها التأويل – مثلا – إذا ورد سؤال – هل الآيات القرآنية كلها محكمات أم كلها متشابهات – فالآية تجيب وبشكل حاسم و محكم – إنّ في القرآن الكريم نوعان من الآيات محكمات و متشابهات - ولكن إذا ورد سؤال – من هم الراسخون في العلم وهل هؤلاء لهم القدرة على التأويل أم إنّ وجودهم هو فقط الأيمان بكل الكتاب و انه كله من عند الله و إنّ تأويله قاصر على الله وحده – فانّ جواب هذا السؤال يكون – متشابه – ويحتاج إلى – تأويل – وانّ تأويله حصرا بالله – ومنه إلى رسوله الحبيب ومنه إلى وليه – و بعدها على العلماء و الفقهاء – الاجتهاد – إذا ألموا بأصوله و متطلباته – ومهما كان الاجتهاد فمرجعه إلى الله تعالى الذي يقول { فاْسألوا أهل الذكر إنْ كنتم لا تعلمون } ( النحل 43 ) و لكن من هم أهل الذكر0
المهم هو انه مهما أوتيَ العلماء من العلم ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } ( الإسراء 85 ) و يبقى الناس { فوق كل ذي علم عليم } ( يوسف 76 ) ويبقى العلماء والناس جميعا تحكمهم هذه القاعدة السابقة {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا و هم عن الآخرة هم غافلون } وانّ هذه القاعدة هي تحدي من الله تعالى إلى الناس – باستثناء الرسل والأنبياء والأسباط و الأحبار و الحوارين و الأولياء - ومن هم في منزلتهم – الراسخون – لأنّ علم هؤلاء هو من عند الله سبحانه – و باستثناء الأشخاص الذين خصهم اللهُ عن طريق رسله بأحاديث و إشارات بأنهم – يملكون العلم – سواء – علم الحياة الدنيا – أو – علم الغيب- أو علم أي منحى من مناحي الكون والإنسان و الحياة - مثل - المهدي المنتظر عليه السلام 0
وعلى سبيل المثال قال رسولنا الحبيب < أنا مدينة العلم و علي بابها> و < خرج الإيمان كله > و إنّ الإيمان هو الإسلام عند من دخل قلبه - فإذا صحت هذه الأحاديث – والرسول لا ينطق عن الهوى – فيكون هذا الإنسان – الصحابي علي – قطعا أعلم الناس بعد الرسول الحبيب – وإلا ما فائدة هذه الأحاديث إذا لم نؤمن بها و إذا لم يكن – الصحابي علي – عند المسلمين أعلم الناس بعد رسولنا الحبيب و انه يمثل الإسلام كله – وهنا كلام للصحابي علي نفسه يقول فيه – بل اندمجت على مكنون علم لو بحتُ به لاضطربتم اضطراب الحبل في البئر العميقة – فمن الذي جعله يندمج على مكنون العلم – غير الله ورسوله 0 وكذلك قال الرسول الحبيب < إنّ الصحابي عكاشة بن محصن يدخل الجنة بلا حساب ولا عذاب > وهناك من يدخل الجنة بعد الحساب ولكن بدون عذاب- أو من يدخلها – بعد الحساب و بعد العذاب – وفي هذا الحديث الشريف تزكية لأعمال و أقوال و علم الصحابي عكاشة - وكذلك قال الرسول الحبيب < إنّ الصحابي أبي ذر الغفاري – صادق اللهجة > و هذه – تزكية لصدق لهجة وكلام أبي ذر – أي تجعل من أبي ذر مالكا – لعلم القول بطريقة – إنكار المنكر و الأمر بالمعروف – فكان على المسلمين و يكون عليهم انْ يتحروا ويتتبعوا – قول ولهجة أبي ذر- إذا كان المسلمون يحبون الله و رسوله ويطيعون الله ورسوله ويؤمنون بنبوة رسولهم ويتأسون به وكانوا يتقون الله تعالى – ولا يتقون حب الدنيا وحلاوتها – وإلا ما فائدة الحديث الشريف عن أبي ذر – إذا لم يحصل – الاهتمام به – من قبل المسلمين فأين هي تقوى الله – و إنّ الله تعالى يقول { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا و اتقوا الله } ( الحشر 7 ) وانّ هذا الأمر وجوبي – وكذلك قوله سبحانه { قل إنْ كنتم تحبون الله فاْتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم و الله غفور رحيم } ( آل عمران 31 ) وهذا كذلك أمر وجوبي من الله تعالى وليس استحبابي أو جوازي 0
( الوقوف و الثبات – أمام – البلاء و الفتنة والمنكر- واجب – صبراً يا آل ياسر )
إذاً يجب الاهتمام بجميع أحاديث الرسول الحبيب وعمله – وإلا ما فائدة حديثه < يا عمار تقتلك الفئة الباغية > وفعلا قتل واستشهد عمار بن ياسر ولم يمت موتا طبيعيا – فما الذي بناه المسلمون على التنبؤ الغيبي النبوي في حينه وحتى اليوم – و كان عليهم استنباط الأحكام الشرعية على أساس هذا الحديث وانْ يكون له الأثر الكبير في سلوك المسلمين وفي تقرير مصيرهم ومنه نفهم – فتنة وبلاء بني أمية – أم هي – فتنة وبلاء الولي والخليفة الصحابي علي – أم فتنة الشخص الثالث الملائكة - وانّ الله تعالى يأمرنا بالوقوف في – وجه الفتنة و البلاء و البغي والتصدي لها – ورسولنا الحبيب قال < صبرا يا آل ياسر فإنّ موعدكم الجنة – وانّ عمار كله إيمان من رأسه إلى قدمه > وان الله تعالى قد صَدّقَ رسوله في إيمان عمار بن ياسر – بقوله الكريم { من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أُكرهَ و قلبه مطمئن بالإيمان } ( النحل 106 ) وكذلك قال رسولنا الحبيب < جميع شهداء بدر في الجنة – وهم أربعة عشر شهيد > إذاً لماذا يحدد بعضُ المسلمين – التبشير بالجنة بالعشرة المبشرة بالجنة – وشهداء بدر ليس من هؤلاء الشهداء العشرة – وكذلك ليس منهم – سمية الشهيدة الأولى في الإسلام ولا زوجها الشهيد ياسر ولا الشهيد عكاشة بن محصن ولا الشهيد المصدق مصعب بن عمير- ولا ندري من هو الذي غيّر القيم في الإسلام ومن الذي قام بخلط الأوراق – فهل هناك ناسخ ومنسوخ في موضوع – التبشير و الدخول إلى الجنة و جعلهم عشرة – في حين إنّ الصحابية خديجة قد طلبت من رسول الله إنْ يوقيها من ضغطة القبر – وكلنا نعرف من هي الصحابية خديجة الكبرى – فلماذا نهمل الأحاديث الشريفة لرسولنا الحبيب و نضع موازين أخرى غير التي وضعها الله ورسوله – و إذا صحت هذه الأحاديث الشريفة فمن هو المسؤول عن مثل هذه الأعمال و الأقوال سواء كان مصدرها – الصحابة أو من بعدهم السلف أو التابعين – وهل هذه الأعمال لا تعتبر من الأخطاء والتغيير و التبديل – و أي أخطاء هذه - وهي التي شاركت في غرز – المشكلة الكبرى – الخطة العمياء – العقدة المستديمة – البلوى والفتنة – في جسم الأمة الإسلامية – ولا تزال مستمرة حتى يومنا هذا ولم نجد سببا سوى – دافع حلاوة الدنيا – والجهل – والغفلة عن اليوم الآخر – وهم عن الآخرة هم غافلون – ونحن نقول ذلك ولكن ماذا يقول – وعاظ السلاطين – أو ما يسمونهم برجال الدين – ومهما كانت شهاداتهم الماجستير أو الدكتوراه – فما هي حجتهم وسبب تحديد الخلفاء الذين يسمونهم بالراشدين بأربعة خلفاء - في حين إنّ الحقيقة والواقع هم خمسة الصديق وعمر وعثمان وعلي والحسن – وان عملهم هذا سوف يؤدي إلى التشكيك في حديث رسول الله الحبيب الشريف < الخلافة بعدي ثلاثون سنة ومن ثم ملكا عضوضا > فإذا حذفنا مدة خلافة الحسن وهي – ستة أشهر – فستكون مدة خلافة الخلفاء الأربعة – أقل من ثلاثين سنة - صحيح إنّ من مصلحة – معاوية وبني أمية – حذف خلافة الخليفة الخامس الحسن - لانّ ذكراها يجرهم إلى ذكر – البغي – والعمل المنكر الآثم و المشين و القبيح – وبعمل معاوية وبني أمية – بالقوة والجيوش و الأموال و الغدر – قد أجبروا الخليفة الخامس الحسن – على التنازل عن خلافته – فماذا يقول وعاظ السلاطين – هل كان ذلك – عمل فقهي واجتهادي من الظالم و الفاسق والباغي معاوية وعشيرته – و أي اجتهاد هذا من شخص يخرج على خليفة زمانه - وخليفة مبشر بالجنة وليس جائر – وانّ المسلمين في حينه إما كانوا من الذين ساندوا الباغي وإما من الذين وقفوا على – الحياد – وفضلوا الراحة – وان مصير هؤلاء ليس بأقل من مصير معاوية – و القليل من دافع عن الحق والعدالة والتزم بالحكم الشرعي – ومن كل ذلك يظهر لنا انه ليس فقط من مصلحة بني أمية حذف خلافة الخليفة الخامس الحسن – وإنما كذلك من مصلحة من عين معاوية واليا على الشام و مكن بني أمية من استعادة نفوذهم الذي كان قبل الإسلام – و بعد كل ذلك يأتي من يقول – لا مشكلة ولا فتنة و لا بلاء - وإذا كان هناك من يقر بوجود الفتنة و البلاء ولكنه يبدي – حيرته – ويقول – كيف وقع ذلك والإسلام في بدايته – و ينسى إرادة الله في – الفتنة والبلاء لمعرفة الخبيث من الطيب و آيكم أحسن عملا – والله تعالى يقول {والله يُريدُ أنْ يتوبَ عليكم و يريد الذين يتبعون الشهوات أنْ تميلوا ميلاً عظيماً } ( النساء 27 ) و يقول كذلك {سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا و أهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يَملكُ من الله شيئًا إنْ أرادَ بكم ضرا أو أرادَ بكم نفعاً بل كان الله بما تعملون خبيرا } ( الفتح 11 ) - فالإنسان بالأساس هو – ظلوما و جهولا – ولكنه عندما يتقصد – الخطأ والانحراف للابتعاد عن الصواب – فهو – العمى عن الحق و العدل – و لا يرى في هذا – الخطأ – إلا – الفتنة – القاتلة لنفسه و للإنسانية - وإن جهنم تستقبلهم { وتقول هل من مزيد } ( ق 3 ) وأما – التعذيب { كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب } (النساء 56 ) بعدد ما أزهقوا من أنفس وما دمروا وما ظلموا و فسقوا 0
الحضارة و ( المجتمع الحضاري ) و المدنية و ( المجتمع المدني )
فالحضارة : هي ( مجموع المفاهيم و الأفكار – ومشاعر العقيدة – عن الحياة – التي يحيا فيها الإنسان - وبمجموعها و بتفاعلها – يتكون – المجتمع – و ليس تجمع أفراد فقط - و بنوع المفاهيم - تتنوع المجتمعات: مجتمع إسلامي – أو - مجتمع رأسمالي علماني - أو – مجتمع إلحادي و شيوعي و مجوسي و بوذي .
و أما – المدنية - فهي – ( الأشكال المادية ) التي ( صنعها الله و الإنسان ) وعندهم هذه ( الأشكال المادية المدنية ) هي التي ( تحدد - مفاهيم و أفكار و مشاعر - حياة الإنسان – بقاعدة - الشعب هو مصدر السلطات – والسلطات متعددة عنده – فهو الذي يشرع الدستور و القوانين – و هو الذي ينفذها – و هو الذي يقاضي الناس على المخالفات ) فيكون عندهم المجتمع – مجتمع مدني – و الشعب يحكم نفسه بنفسه – و لكن في الحقيقة سوف نجد – إنّ – الرأسمالية العلمانية - و الطغاة و ذووا القوة و الجبروت و المالكين للأموال خاصة الخونة و المنافقون - هم الذين يحكمون الشعب - تماماً مثلما ( إنّ الذي صنع - الأصنام – وهي أشكال مادية – في الجاهلية - وجعل منها أرباب تعبد – و على أساسها صنعت و حددت - المفاهيم – وجعلت المجتمع – مجتمع مدني – جاهلي – فيه الطغاة أبو جهل و أبو لهب و عتبة و أبو سفيان – و فيه الكعبة نادي للعراة و الأرباب ) – بينما عندنا نحن المسلمين : فقد جعل الله تعالى ( السيادة للشرع – و حق السلطان – أمرهم - للأمة بالشورى ).
و في القرن الماضي – و بعد أنْ – تقدمت أوربا صناعياً – و يقال نهضت - أخذ مفكرونهم العلمانيون ومثقفوهم - يستعملون مصطلح ( الحضارة ) بشكل واسع – فيقولون – الشعب المتحضر و المجتمع الحضاري – و عندما أرادوا السيطرة على العالم بثقافتهم العلمانية الرأسمالية – و أخذوا يناقشون و يتصارعون مع – الفكر الإسلامي و مفاهيمه – و بمرور الأيام خاصة العقود الأخيرة – وجد العلمانيون – إنهم أخذوا يخسرون الصراع الحضاري و يتراجعون - للمرة الثانية - بعد أنْ خسروا في - المرة الأولى بداية الإسلام – وقت نزول آية المباهلة الكريمة ( آل عمران 62 و64 ) { فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندعُ أبناءَنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسَنا و أنفسكم ثم نبتهلُ و نجعلُ لعنة الله على الكاذبين ... فإنْ تولوا فإنّ الله عليم بالمفسدين .. فإنْ تولوا فقولوا اشهدوا بأننا مسلمون } – و بعد أنْ – تولوا – انفض الاجتماع – و تمّ الحسم – بأنهم مفسدون – فانتصر الإسلام - بالأبناء و النساء و الأنفس – الرسول و فاطمة و علي و الحسن و الحسين – فانتشر – الإسلام الحضاري - و لكن في هذه الخسارة الثانية اليوم – قد وضع الديمقراطيون الرأسماليون- مخطط و أساليب جديدة – هي : ( المجتمع المدني ) و ( مؤسسات المجتمع المدني ) و وجدوا في ( العملاء و المنافقين – خاصة الذين هاجروا إليهم بفعل طاغيتهم العميل المقصود لهذا الغرض كأسلوب من أساليب المخطط - أرض خصبة و ببغاوات لأساليبهم – و لكن متى ينتبه المراجع و أحزابهم لكشف المخطط – وعلى قمة العملاء – سليمان رشدي و الأخضر الإبراهيمي و زلماي خليل زادة و محمود رمضان مستشار المحكمة العليا الأمريكية الذي يشترك في صياغة الدساتير والقوانين – و غيرهم بالآلاف إذا لم يصلوا الملايين ) و بخلطهم الأوراق { خلطوا عملاً صالحاً و آخر سيئاً } فأصبحوا أمام ( مايوه – يهتك العورة – كشكل مادي – تنبثق عنه مفاهيم – تصنع – المجتمع المدني – و لباس التقوى – الجلاليب و الخمور – صنعتها المفاهيم الإسلامية – لستر العورة ) أي أصبحوا أمام ( مجتمع غير متجانس – فيه متفجرات و ألغام تتفجر كل لحظة لتدمير البيوت – و مجتمع – لا هو – حضاري – و لا هو – مدني – و حتى داخل أوربا – فأخذوا يشرعون الدساتير و القوانين- التي – تقيد حريتهم لإبعاد خطر الإيمان عنهم – فأخذ زعماؤهم البابا و القساوسة – يحذرون شعوبهم من الانزلاق في صراع الحضارات – لأنّ به سوف يخربون بيوتهم بأيديهم و أيدي المؤمنين) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق