............رقم الإيداع (337) (دار الكتب والوثائق - المكتبة الوطنية) (بالموصل 4677 في 7/12/2005) (وقبض الرسم بالرقم1513في 7/12/2005)..........

مؤلف كتاب الشورى

الفهرست

الأربعاء، 17 يونيو 2009

الفرع الحادي عشر  

 

(  ولاية عهد – المتسلط عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي )

 

             إنّ الروم النصارى و اليهود  في  ( الشام فلسطين )  كانوا يلقبون الأمة الإسلامية ( الأمة المرحومة ) و هذا كان بداية عهد الإسلام – فمن هو الذي دفعهم و فتح لهم المجال بهذه التسمية – و إنّ الشخص الميت – المرحوم – هو الذي – تنزع – روحه – من جسده – فما هي – الروح – التي نزعت من – جسد – الأمة الإسلامية – و في بداية حكم الإسلام و بعد وفاة رسول الله الحبيب – و قد فتشنا و بحثنا فلم نجد سوى ( الشورى و البيعة ) فهذه هي الروح التي نزعت من جسم الأمة الإسلامية .

 

            و هنا لنا وقفة ( وقفة بحث سياسية و تشريعية – حكمية – مع – الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي )  لأنّ بعض كتب الفقه و التفسير و التاريخ تصفه ( الحاكم العادل ) في حين – إنّ في ديننا الإسلامي ( معايير ومقاييس و أسس )  لكل أمر من أمور الحياة – و إنّ ديننا الإسلامي قد علمنا ( أنْ لا عدالة و لا حق إلاّ بما يرضي الله تعالى – الذي – خلق السماوات و الأرض – بالحق و العدل )  وإنّ ( الحسن هو ما حسنه شرع الله -  و القبيح هو ما قبحه الشرع ) – و إنّ ( الحق و العدالة )  لا تتحقق  إلاّ ( بتطبيق أحكام الله في أرضه و سماواته – و هذا هو ما يرضي الله و رسوله )  ( و من لم يطع الله و رسوله و لم يطبق أحكام الله – فهو الفاسد و الظالم و الفاسق – ومن الآثمين )  .

            و إنّ للأحكام الشرعية ( سلم درجات )  { أ جعلتم سقاية الحاج و عمارة المسجد الحرام كمنْ آمن بالله  و اليوم الآخر  و جاهد في سبيل الله لا يستَوون عند الله } ( التوبة 20 )  - و هذا معناه – إنّ الإنسان المسلم – الذي -  لا يملك المال – لبناء المسجد الحرام أو لسقي الحاج – و لكنه -  يملك الإيمان – بالله و اليوم الآخر ويجاهد في سبيل الله – قطعاً يكون – أعلى درجة – من إنسان مسلم – يملك المال و السلطة – و يقلص إيمانه ويحدده فقط – ببناء المسجد الحرام و سقاية الحاج – و لا يجاهد في سبيل الله – و مثال واقعي آخر – هو – إنّ – الصحابي الحسين – عنده – القضية العقائدية  – الإيمان  والجهاد في الله و في سبيله – فلا يمكن أنْ يقارن معه – يزيد – بأي حال من الأحوال – حتى لو قام يزيد ببناء المسجد الحرام و بسقاية الحاج و بنفسه و بيده ليلاً       و نهاراً – وهذا ينطبق اليوم كذلك على – خادم الحرمين – الذي يقوم ببناء المسجد الحرام و سقاية الحاج –       و لكنه – يتقصد في عدم تطبيق الإسلام – فلا يعلن – الخلافة – و يعلن الملكية – و يحارب كل من يريد إقامة الدولة الإسلامية الواحدة – و لا يجاهد في سبيل الله و يعقد المعاهدات مع الكفار و التحالفات في بناء قواعدهم العسكرية في الحجاز للسيطرة الكافرة على المسلمين – و من كل ذلك يظهر – إنّ هناك – سلم درجات – للأحكام الشرعية – تتقدم بعضها على بعض – و في أوقاتها { من أنفق من قبل الفتح و قاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعدُ و قاتلوا } ( الحديد 10 )  -  و هذا يعني – وجود فرق كبير و عظيم في – سلم الدرجات – بين الإنفاق و القتال في سبيل الله – حتى – قبل فتح مكة – و بعد فتحها .

 

            و مما تقدم – فإنّ – الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي -  لم يصل إليه - الحكم -  عن طريق شرعي إسلامي – و هو طريق تطبيق – حكم الشورى – و هو :  البيعة من قبل عموم الناس بالاختيار و الرضا – و كذلك لم – يصل إليه الحكم عن طريق ( الثورة – و إنّ الثورة  : هي الجهاد الأكبر – لاستلام الحكم بالطرق الشرعية  منها – النصرة وهي اليد النظيفة التقية التي بإمكانها تسليم الحكم إلى الثوار كما حصل مع رسول الله في المدينة المنورة  – لإعادة -  الأمر -  إلى  - أصله – الإسلام – الذي فيه حكم الشورى و حكم البيعة )  -  في حين إنّ – الحاكم عمر عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي -  قد – وصله الحكم -  عن طريق ( الوصية – من قبل من تسلط على المسلمين – بولاية العهد و الوراثة و الوصية – الحاكم الذي سبقه – و هو بن عمه و أخ زوجة عمر بن عبد العزيز – و هو -  سليمان عبد الملك بن مروان الأموي – لتبقى السلطة بهذه الوصية – أموية – و ليس إعادة الأمر إلى – الإسلام ) – و بعد كل هذه المخالفات الشرعية التي اشترك في -  أعمالها و تصرفاتها و أقوالها – عمر بن عبد العزيز –   فلماذا يلقبه – الجهلة بهذه المخالفات و أعداء إقامة الدولة الإسلامية دولة الشورى البيعة و الخلافة – بالحاكم ( العادل ) – هل ليغطوا عليه هذه ( المخالفة الشرعية – بتعطيل أهم حكم شرعي في نظام الحكم – الشورى و البيعة ) – أم ليجعلوا المخالفة – شرعية – بخلط الأوراق – و إنّ خلط الأوراق قد دمرت البشرية من أول يوم وجودها إلى يومنا الحاضر { أنْ تقولوا ما لا تفعلون } و { أفتؤمنون ببعض الكتاب } . 

 

 

(  ما هو – رأي آخر صحابي  ممن بقي من صحابة رسول الله الحبيب  )

          (  في المدينة المنورة -  و هو -  الصحابي أبو حازم  ) 

 

            و إن -  الحاكم سليمان بن عبد الملك بن مروان الأموي  -  الذي أوصى بولاية العهد إلى ابن عمه – عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي -  قد وصل – المدينة المنورة في إحدى سفراته -  فسأل – سليمان – أهل المدينة ( هل بقي أحد من صحابة رسول الله )  فأجابوه ( نعم    و اسمه – أبو حازم )  فاستدعاه الحاكم المتسلط – سليمان -  و عندما وصل – الصحابي أبو حازم – سأله سليمان ( ما هو رأيك في حكمنا – نحنُ بني أمية )  فأجابه الصحابي أبو حازم       ( إنكم تسلطتم خلاف الشورى و دون رضا عموم الناس )  فسأله سليمان ثانية  (( كيف نصلح أمرنا ))  فأجابه الصحابي أبو حازم ((  أنْ تبتعدوا عن الكبرياء – و تطيعوا الله و رسوله )) -     و لينظر الناس ما هو – الموجود -  في ( طاعة الله و رسوله ) – و إنّ – المتلسط سليمان – قد سمع رأي الصحابي أبي حازم – و نقله قطعاً – إلى ابن عمه – عمر عبد العزيز – و هذا عرف حكم الله – حتى إذا لم يكن حاضراً المجلس في حين إنه كان يعيش في المدينة المنورة – و بعد كل هذه – المعرفة – بأمور الدين – فقد -  أوصى  سليمان – وصيته – إلى ابن عمه عمر – و قد حال بوصيته – دون تطبيق أوامر الله و نواهيه و دون طاعة الله و رسوله ( أنْ تكون – ولاية العهد – و ليس الخلافة – إلى ابن عمه – عمر -  و من بعده تكون إلى أخيه – هشام عبد الملك بن مروان الأموي – ملك عضوض )  و قد اطلع عمر بن عبد العزيز على هذه – الوصية – و قام بتنفيذها – و هو يعرف وصية الله و رسوله و يعرف كيف تكون طاعة الله و رسوله – و عندما استلم الحكم على أساس ( وصية بني أمية  و مجلسها العائلي الأموي ) يكون قد قبل بالوصية (وسنعرف بأنه قد نفذها حتى بعد مماته بالنسبة لابني عمه -  يزيد و هشام – لما بعده )  وإنّ الادعاء – بأنه قاطع استلام الحكم لمدة ثلاثة أيام ادعاء ساقط شرعاً – لأنّ المقاطعة – لا تحلل الحرام و لا تجيز المكروه .

 

            و حيث إنّ – الحق و العدل – في الإسلام هو ( حكم الله في شرعه ) و هو ( حكم الشورى – و أمرهم شورى بينهم – بين المسلمين و الرعية – و ليس فقط بين بني أمية )         و (حكم الشورى – هو – حكم الله في أرضه – الأرض التي خلقها الله بالحق و العدل )  و إنّ  (الإمرة – السلطة – هي – الحق – الذي منحه الله تعالى إلى – الناس ) – و لا صحة لما يقال  (إن -  الخلافة – هي التي  قد وصلت إلى – عمر بن عبد العزيز الأموي – بطريق – ولاية العهد و الوراثة و الوصية – لأنّ هذه هي ليست طريق – الخلافة – و إنما هي طريق نظام حكم و تسلط لم ينزله الله و لا يريده الله و رسوله فلا طاعة لهما فيه ) – فيكون – وجوباً و فرضاً – على – عمر بن عبد العزيز – إذا كان عادلاً – أنْ يعيد الأمر الذي وصله – السلطان – إلى الله و رسوله – إلى ما أنزل الله – و يرد – معالم دينه – فيعيد تطبيق – أحكام الله المعطلة – فيعلن تطبيق - الشورى – لاختيار – خليفة للمسلمين – و لا يمنع من أنْ يكون هو – أحد المرشحين – للخلافة – و إنّ الذي يقع عليه – الاختيار بالرضا – من قبل عموم الناس – يبايع خليفة للمسلمين – بعقد بيعة الإنعقاد – و بذلك يكون – عقد البيعة – عقداً صحيحاً – لأنه قد توفر فيه -  ركن أساسي – هو - ركن الاختيار و الرضا – و هذه هي ( العدالة ) – و إنّ الذي يكره الطريق الذي أنزله الله فينطبق عليه قوله تعالى { ذلك بأنهم كَرِهوا ما أنزلَ اللهُ فأحبط أعمالهم }  و { ذلك بأنهم قالوا للذين كَرِهوا ما  نَزّلَ اللهُ سنطيعكم في بعض ِ الأمر و اللهُ يعلمُ أسرارَهم  .  فكيف إذا توفتهم الملائكةُ يَضْرِبون وجوههم و أدبارَهم  .  ذلك بأنهم اتبعوا  ما أسخطَ اللهُ و كرهوا رضوانَهُ فأحبطَ أعمالهم } ( محمد 9 و 26 و28 )  - و لكن دولتهم تبقى – دولة إسلامية -  مادامت – عقيدتها المعلنة – هي -  العقيدة الإسلامية  .

            في حين إنّ بعض علماء الدين – وعاظ السلاطين – و كل من يعمل على  تشويه الإسلام – سواء عن دراية أو بدون دراية – يقصرون ( العدالة ) على بعض أحكام الشرع -  دون البعض الآخر خاصة التي هي في أعلى  درجات السلم – و مثال ما يطبقونه ( حسن توزيع الأموال – و لو جزئياً ) أو ( قول قد قاله و كان صحيحاً ) أو ( رفع السب و الشتم عن أهل البيت) و هذه كلها ( أجزاء في العمل الصالح – فمن يعمل مثقال ذرة خيراً أو شراً يره ) و من خلال – المقاييس الشرعية – نعرف و نفهم – مثاقيل الذرات من الخير و الشر – و إنّ ( التسلط على الحكم – حكم الناس ) هو من – أعلى المثاقيل – و أعلى درجات الأحكام – و لو حصل – تصحيح لهذا الطريق  – من قبل الحاكم عمر بن عبد العزيز – لما جاء بعده – حاكم ظالم أو فاسق –       و هذا سوف يعتبر – عمل صالح – ومن أعظم الأعمال – و الله تعالى يقول { كِدْتّ  تركنَ إليهم شيئاً قليلاً } ( الإسراء 74 ) فالله تعالى لم يرض الشيء القليل من رسولنا الحبيب – فكيف و إنّ – عمر بن عبد العزيز – قد ركن إلى – المجلس العائلي الأموي – الشيء الكبير الذي كانت عاقبته و خيمة على الأمة الإسلامية .

            و يجب أنْ تكون نظرتنا لمثل هذه الأمور عميقة و دقيقة – فنقول ( لو إنّ – الحاكم عمر بن عبد العزيز – طبق – حكم الشورى – و بقيت مطبقة إلى – يوم القيامة – فيكون عمله هذا بمثابة – الثورة – التي تعيد الأمر إلى أصله الشرعي – الإسلام ) – و إنّ الأكثر بُعداً عن كل ما تقدم نقول ( لعلّ الله تعالى يجعل من عمله – الثورة – رحمة و شفاء و خير للعالمين و منهم المسلمين ) – و بهذا العمل كان سيتم القضاء على التجزئة في العالم الإسلامي – و القضاء على -  الفرقة و الخلاف – داخل الأمة الإسلامية الواحدة - - و لتم القضاء على – الانقلابات و التناحر و التنافس الفاسد على المناصب – لأننا كمسلمين نكون قد رجعنا إلى – إسلامنا – الحق        و العدل – و طاعة الله و رسوله .

 

            و بذلك يكون من السهولة  – أنْ تكشف الأمة الإسلامية – المؤامرات و الأحزاب و الحركات المصلحية و النفعية و التبعية مثل – حركات بني العباس – و حركات بني أمية في الأندلس – و بعض المسلمين ضد البعض و عدو للآخر – و الإسلام و المسلمين – هم الضحية – و الغدر يكون قد وقع عليهم – و لما كنا سمعنا – ببني عثمان – و لا بالملعون أتاتورك – و لا دول أو حركات على أساس – فارسي أو تركماني أو عربي أو كردي –      و لا الخروف الأسود أو الخروف الأبيض – و لا القرامطة في البحرين الذين سرقوا الحجر الأسود من الكعبة –    و لما فاتت الفرصة على المسلمين في ( الصين ) نتيجة ضحالة و شعوذة عقلية قائد الجيش – المكلف بنشر الدعوة الإسلامية في – الصين – في حين تمكنت – العقيدة الإلحادية – الشيوعية – من الانتشار في – الصين – بملايينها أو المليارات من سكانها .

            و هذا هو ما أوصلنا إليه – بنو أمية – من الهبوط و الانحطاط  و التأخر – لأنه كما قلنا ( إنّ القادة        و الجنود في الجيوش الإسلامية قد تم تغييرهم – من حملة دعوة و مفكرين – إلى  آلة للقتل و كسب الغنائم        و السيطرة  و التسلط  بالعنف و بأعمال لا تتفق و قيمة الإنسان الذي هو – أخ لك في الدين  أو مثيل لك في الخلق – و لم يضعوا – الكلمة السواء – التوحيد – الأساس بين المسلمين و غير المسلمين من أهل الكتاب – أهل الذمة – أو غيرهم – فأفرطوا في موارد الجزية و الخراج و الضرائب و بشكل تعسفي ) فولد هبوط فكري فظيع – أي أصبحوا - أمثال ( الجنود الذين تركوا جبل أحد في معركة أحد و نزلوا إلى – الغنائم – فحصل التردي            و الكارثة )   و ليس كما كانوا ( على عهد رسول الله الحبيب – مجاهدين و مناضلين و مضحين و صابرين على  الأذى والتعذيب و القتل  – و حملة فكر و دعوة و رسالة و إيمان و تقوى للعالمين و الناس كافة – مثلما خطط الرسول في – غزوة تبوك – و جيش أسامة ) و لكن – الفتنة و البلوى – بني أمية – التي وجدت طريقها إلى الحكم و التسلط  بعد وفاة رسول الله الحبيب مباشرة – فمسخوا الكثير من القيم و الأحكام و حولوها إلى – عوجٍ .

            و اليوم أصبحنا – نسمع و نرى ( شيشان الإسلام و فلسطين و أمثالها في العالم الإسلامي ) تصرخ      و تصيح ( وا  إسلاماه )  فلا مجيب لها – رغم إنّ المسلمين يشاهدون الصواريخ بأنواعها – خاصة – أرض أرض – وعابرة القارات و الدبابات و الطائرات و مختلف الأسلحة المدمرة و الفتاكة – و لا يحركون ساكناً في بقية أجزاء العالم الإسلامي – و كأنما نفوسهم و عقولهم قد ماتت نهائياً – و هم كذلك يسمعون رئيس روسيا – الخنزير يالسن – يصرح ( بأنه يريد تسوية القضية الشيشانية إلى الأبد بإبادة ما فيها من مسلمين حتى لو كانوا بالملايين لأنها مبعث خطر و قلق إلى روسيا منذ عشرات السنين ) هذا هو الحقد و الكراهية – التي أصبحت تحيط بنا من كل جانب .

 

 

(  لو طبق – الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي -  الشورى  )

( يكون قد سقى الأمة الإسلامية– بجرعة الحياة - و أنقذها من أنْ يلقبها )

(  الروم و اليهود  -  بالأمة المرحومة  )

 

            نرجع و نقول و بشكل محكم و صدق ( لو إنّ – الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي – قد طبق جميع أحكام القرآن المجيد – و طبق جميع أحكام السنة الشريفة – و بعدالة – لكان – عادلاً – و لكنه كَرِهَ و امتنع عن تطبيق – حكم الشورى و البيعة – و بقي مستمراً في تطبيق – نظام ولاية العهد و الوراثة و الوصية – حتى وفاته – بصفة السلطان الجائر )  و لا يجرأ  أي مسلم مخلص و صادق و تقي يعمل لإقامة الدولة الإسلامية أنْ يقول غير ذلك -  إلاّ الذين لا يهتمون بأمر المسلمين و لا يدعون إلى إقامة الدولة الإسلامية الواحدة -  وليس الأموية أو العباسية  { وَ أنْ لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غَدَقاً } ( الجن 16 ) . 

 

<  إذا تركت أمتي العمل بحكم الأمر بالمعروف و إنكار المنكر  >

<  فبشرها  بغضب  الله  و عذابه  >

            و لو إنّ –الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي قد طبق ( حكم الشورى – و حكم الخلافة بالبيعة )     و جعل الأمة تسير في طريق النهوض و التقدم لانطبقت عليه الآية الكريمة { لا تجدُ قوماً يؤمنون باللهِ و اليوم الآخر ِ يوادون من حاد الله و رسوله و لو كانوا  آباءَهم و أبناءهم و إخوانَهم و عشيرتهم أولئك كَتَبَ في قلوبهم الإيمان و أيدهم بروح ٍ منه و يدخلهم جناتٍ تجري من تحتها الأنهارُ خالدين فيها رضيّ اللهُ عنهم و رضوا عنه أولئك حزبُ اللهِ ألاّ إنّ حزبَ اللهِ هم المفلحون } ( المجادلة 22 ) – الله أكبر – و إنّ الذي يقرأ هذه الآية المباركة – و يفهمها – ففهمناها سليمان – هل يمكن أنْ تبقى في نفسه أي تأثير أو قيمة ( للعشيرة – و للمجلس العائلي المرواني الأموي – خاصة بالنسبة لما ينقل و يقال عن الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي )  و لكن الذي ظهر لنا هو ( إنّ لهذا المجلس العائلي المرواني كل  التأثير عليه ) لذلك – ترك السلطة – إلى من بعده – حسب الوصية – وصية المجلس المرواني – و ليس وصية الله و رسوله – إلى ابن عمه ( يزيد  بن عبد الملك الأموي )  فأين هي – العدالة -  و ما هو -  مفهوم  العدالة -  عند المدافعين عنها – و إنّ رسول الله الحبيب يقول <  إذا تركت أمتي العمل بحكم الأمر بالمعروف و إنكار المنكر فبشرها بغضب الله و عذابه  > و هل لا علاقة لحكم إنكار المنكر       و الأمر بالمعروف – بحكم تعطيل الشورى و بيعة الخلافة . 

           و إنّ الله تعالى عنده -   حكم  و موقف – من ( المجلس العائلي المرواني – صلة الرحم ) إلى أبعد من قوله الكريم في الآية السابقة حيث يقول على لسان نبينا – نوح – عليه السلام { إنّ أبني هذا من أهلي  .  قال يا نوح إنّه ليس من أهلك  إنه عمل غير صالح } ( هود 46 )  فإنّ الله في هذه الآية الكريمة قد بتر و قطع – صلة الرحم -  إنه ليس من أهلك – بسبب – إنه عمل غير صالح -  و عندما قرر المجلس العائلي المرواني ( مصير حكم المسلمين – بعمل  ولاية العهد – وهو عمل غير صالح ) فكان على الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي – عدم الاستجابة لقرار المجلس العائلي –  لأنه عمل غير صالح – في حين إنه ( فضل الاستجابة إلى المجلس العائلي الأموي )  و فضل – حزب بني أمية – على  - حزب الله – و سنرى إلى من تنتقل – ولاية العهد – بعده -  و لو  إنه طبق ما يريده الله سبحانه – لأصبح ممن عناهم ربنا الرحيم في قوله الكريم { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين للهِ شهداء بالقسط و لا يجرمنكم شنآن قوم ٍ على أنْ  لا تعدلوا اعدلوا  هو أقربُ للتقوى و اتقوا اللهَ إنّ اللهَ خبيرٌ بما  تعملون } ( المائدة 9 ) – فماذا يريد – الحاكم عمر بن عبد العزيز – من الله جلت قدرته أكثر من هذا التوضيح و التفصيل  ( أمره بالعدل – و بالتقوى – و نبههُ بأنه خبير بما يعمل الإنسان ) و مع كل ذلك فإنه ( لم يعدل بين – حكم الله – و بين وصية بن عمه و وصية جده مروان )  و قد فضل ( وصية  مجلس  بني أمية  العشائري و العائلي  )  على  ( أحكام الله الشرعية – الشورى  -  و البيعة و الخلافة )  و لم يلتفت إلى الآيات العظيمة  التي تدعو إلى  ( عدم توادد من يحادد و يحارب الله و رسوله – في حدود الله – ولو كانوا الآباء          و الأبناء -  في حين بسبب أولئك - رفض تطبيق العدالة -  و هي – الشورى  ) .

            و إنّ الذي  - التفت -  إلى هذه الآيات الكريمة – و طبقها – منذ لحظة – نزولها – هو صاحب الرسالة الإنسانية و رسول الله العظيم عندما  قرأ على  عمه قول الله الكريم { تبت يدا أبي لهب ) و قرأ على زوجة عمه  { و امرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد ) هذا هو إسلامنا – الذي فيه النور و الشمس الساطعة           <  و الله لو  إنّ فاطمة بنت محمد سرقت  لقطعتُ يدها >   و هل لم يعلم – الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي -  إنّ رسول الله الحبيب – رفض أنْ يستخلف بعده – و إذا جاز له – الاستخلاف – فمن هو الذي يستخلفه  غير أحد أعضاء عترته أو أحد أصحابه المقربين الذين لا يدانيهم – بنو أمية من بني مروان أو من بني سفيان – فهل -  مروان  و عبد الملك و الوليد و سليمان و عمر عبد العزيز – لا علم لهم بكل هذه السيرة النبوية و بالمعارف التي نقلها الصحابة و السلف – و لا علم لهم – بإنّ الخليفة الرابع علي رفض أنْ يستخلف ولده – الحسن – و قال - أتركها شورى بينكم – و الأمة الإسلامية العظيمة هي التي اختارت بالرضا – الصحابي الحسن – خليفة خامس لها .

            و هناك قول -  بسند ضعيف – و هو ( إنّ السلفي عمر بن عبد العزيز – قد تردد عن استلام – الحكم والسلطة – لمدة ثلاثة أيام ) و هنا نقول من الناحية السياسية ( لماذا كان تردده لو لم تكن هناك مخالفة شرعية ) و نسأل ( من الذي قهره و من الذي أجبره على قبول – الوصية و ولاية العهد – بعد انتهاء مدة الثلاثة أيام – هل -  حدود الله – أم – حدود بني أمية – و لماذا لم يعلن هو – العدالة – و يقول للناس  : عليكم بالشورى – اتباعاً لقول الله و أسوة ً برسول الله و اقتداء ً بالخليفة الرابع علي )  و لو قالها لكان – قوله – اليوم – يدوي – بيننا مثل أقوال الصحابة –  عبد الرحمن بن أبي بكر في قوله المشهور لمروان ( هذه سنة هرقل و كسرى )  و عمار و أبي ذر و بلال و سلمان الفارسي  و عبد الله بن الزبير و سعيد بن جبير – فيكون قدوة و عبرة لغيره من المسلمين – و إنّ الذي يُجبر في موضوع الحكم و السلطة  – فهو الذي يُجبر على – التنازل عن الحكم – مثل الخليفة الخامس الحسن – و لكن لا يُجبر على – استلام الحكم -  وإذا صح ذلك – فلماذا قام بنو أمية بإجباره – على استلام الحكم – هل لأنّ –  حكمهم و تسلطهم كان مهدد فيحتاجون إلى – شخص يبعد الفتنة و التهديد عنهم – و إذا صح ذلك – ففي هذا العمل – الإثم الأكبر من الذي لو استلمها بالرضا و بدون إجبار و لا قهر – وبالنتيجة – فإن حكم بني أمية لم يبق إلاّ عقوداً فليلة بعده .

          

<   من  لم  تنهه  صلاته عن الفحشاء و المنكر فلا  صلاة  له  >

 

            و إنّ رسول الله الحبيب – عندما قرأ الآية الكريمة { أ ُتلُ ما  أ ُحِيَ  إليك منَ الكتابِ و أقمْ الصلاة  إنّ الصلاة  تنهى عن الفحشاء و المنكر و لذكرُ اللهِ  أكبرُ  وَ اللهُ يعلمُ ما تصنعونَ } ( العنكبوت 45 ) فقد قال حديثه الشريف < من لم تنهه صلاته عن الفحشاء و المنكر فلا صلاة له >  - و هل يوجد منكر و فحشاء أكثر من – تبديل حكم الله – الشورى – إلى – ولاية العهد و الوراثة و الوصية – و معها – مجلس وصايا عائلي – فهل المنكر و الفحشاء هو فقط في – الزنا و السرقة و عدم الصلاة و عدم قراءة القرآن و غيرها من الأوامر             و النواهي و المحرمات – فإذا قام المسلم ( بقراءة القرآن و الصلاة و امتنع عن الزنا و الربا و السرقة – فهل تقبل – صلاته – إذا عطل أحكام الله الأخرى – خاصة – أهم حكم في نظام الحكم – الشورى و البيعة و الخلافة – و امتنع أو احجم عن – التغيير على السلطان الجائر – أو لم يعمل على أنْ تكون – في عنقه بيعة )  فهل (  تقبل صلاته ) ( كلا و ألف كلا  - و إلى ما لا نهاية ) لأنّ – قتل الشورى – بتعطيلها و تعطيل حدود الله المتعلقة – بنظام الحكم – لهي ( أعلى درجات المنكر )  لأنها ( تقرر و قررت مصير الأمة الإسلامية )  فلا يمكن أنْ تقبل منه ( الصلاة ) و لا توجد عنده ( عدالة ) و صدق رسول الله .

            و إنّ  هناك قول ضعيف كذلك و هو ( إنّ الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي – قد مات – مسموماً )      و نقول ( إنّ من شروط  التوبة – أنْ تقع – و تحصل التوبة قبل خروج الروح من غرغرة البلعوم ) في حين – إنّ عمر بن عبد العزيز قد اطلع على – الوصية – و تقبلها ابتداءً و انتهاءً  و لم يقم بعمل شيء – لتطبيق وصية الله ولم ينوه عنها أو يشير إليها – و نفذ وصية آل مروان –  و لعلنا نكون أكثر دقة في هذا الموضوع – إذا ما رجعنا إلى قوله تعالى  { الذين إنْ مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة و أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر و للهِ عاقبة ُ الأمور ِ } ( الحج 41 )  فعلى الذين يمكنهم الله تعالى في الأرض – عليهم جميعاً – تطبيق جميع أحكام الله في ( دينه الذي ارتضاه ) جميع العبادات و في مقدمتها وقد ذكرتها الآية الكريمة  – الصلاة – و جميع المعاملات الاقتصادية و المالية و في مقدمتها – الزكاة -  و إما – المعروف – فيشمل كل ما يحبه و يريده الله تعالى و قد ثبته في القرآن و السنة – و أما المنكر فيشمل كل ما حرمه الله تعالى و ما كرهه – و ولاية العهد        و الوراثة و الوصية في الحكم – ظلم و فسق – و على الذي مكنه الله سبحانه في الأرض – أنْ يحارب الظلم       و الفسق و يقضي عليه .

 

            و أخيراً و ليس آخراً – نذكر من يصر على وصفه ( بالحاكم العادل )  بقول الله الرحمن الرحيم            { و أصبرْ نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العَشِيّ  يريدون وجهَه و لا تَعْدُ عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا و لا تُطِعْ من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبعَ هواهُ  و كان أمرُهُ فُرُطاً  .  و قل الحقُّ من ربكم فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر إنّا أعتدنا  للظالمين  ناراً } ( الكهف 29 )  الله تعالى  يأمر المسلمين – بعدم إطاعة من -  أغفل – قلبه عن الأحكام فأغفل تطبيقها – و أمر – فثبت نفسك و اصطف مع الذين يدعون  إلى الله و أحكامه – ليلا و نهاراً – و يريدون مبايعة خليفة في الأرض – بإقامة الدولة الإسلامية الواحدة – و ليس ولاية عهد          و وصية و لا ملكية و لا وراثة – وإلا فالنار أعدت للظالمين .

           و يقال – عندما توفي – سليمان عبد الملك -  و فتح بنوا أمية ( كتاب الوصية )  فإذا فيه ( العهد )  إلى  ( عمر بن عبد العزيز الأموي ) فتغيرت وجوه بني عبد الملك و لكن لما سمعوا ( و بعده يزيد بن عبد الملك ) تراجعوا  و جاؤا إلى عمر عبد العزيز و أجلسوه – كرسي ولاية العهد – كرسي الكنز – و كذلك وضع إسلامنا الأحكام الشرعية للكنز و لمن يعثر عليه .

            لقد طال حكم الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي – ثلاث سنوات – و بانتهائها – و بعهدٍ منه و موافقة هشام بن عبد الملك – استلم الحكم و تسلط ( يزيد بن عبد الملك )  و سرعان ما خلفه أخوه ( هشام بن عبد الملك) بعهدٍ من  يزيد و الوصية المروانية .   

 

( من  مآثر الحاكم المتسلط  -  عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي )

 

            و يقال إنّ من ( عدالة ) عمر بن عبد العزيز ( كحاكم أموي ) هو إنّ ( الإرث ) الذي طالبت به ( الصحابية فاطمة الزهراء ) في ( عهد الخليفة الأول الصديق -  و رفض توريثها )      و هي ( أراضي – فدك – في خيبر اليهودية ) فقد أصبحت هذه ( الأراضي ) بعد ذلك من ( أملاك بني أمية – طيلة حكمهم ) و في – عهد عمر بن عبد العزيز الأموي – قام  بإعادة هذه الأراضي إلى ( بيت المال – خزينة الدولة – ليصرف نماؤها على أبواب  منها –  باب أهل بيت رسول الله الحبيب  )  و نقول  ( إذا كان هذا -  التصرف – فيه – عدالة – فهل رفض الخليفة الأول الصديق كان – غير عادل ) .

            و كذلك من مآثره كان هو يُلقبْ ( علي بن الحسين – زين العابدين – السجاد ) بلقب ثالث – و هو لقب ( نور الإسلام ) و ذلك لكثرة ما كان ( علي بن الحسين )  يمد الناس              و المسلمين – بالأحكام الشرعية و علوم الدين الإسلامي – و كثرة ما كان يجيب على أسئلة الناس الذين كانوا يحضرون مجلسه في المسجد النبوي في المدينة المنورة -  و زين العابدين نور الإسلام  هو صاحب دعاء -  أهل الثغور – ( اللهم نسألك في دولة كريمة تعز بها الإسلام      و أهله و تذل بها الكفر       و أهله ) و يقال لذلك كان العلامة جعفر الصدق فقيه المذهب الجعفري يلقب الحاكم عمر بن عبد العزيز ( العبد الصالح )  .  

             و قال رسول الله صلى الله عليه و آله <  يعمل بن آدم بأعمال أهل الجنة فلم يبق بينه و بينها غير ذراع فيعمل بأعمال أهل النار فيدخل النار – و يعمل بأعمال أهل النار فلم يبق بينه و بينها غير ذراع فيعمل بأعمال أهل الجنة فيدخل الجنة  > صدق الله العظيم -  و هذا الحديث الشريف ( غيبي ) و الله تعالى هو الذي يقرر مصير أعمال الناس و ما علينا إلاّ  تثبيت الواقع و تثبيت الأحكام . 

 

 

                    

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق