الفرع الحادي عشر
( ولاية عهد – المتسلط عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي )
إنّ الروم النصارى و اليهود في ( الشام فلسطين ) كانوا يلقبون الأمة الإسلامية ( الأمة المرحومة ) و هذا كان بداية عهد الإسلام – فمن هو الذي دفعهم و فتح لهم المجال بهذه التسمية – و إنّ الشخص الميت – المرحوم – هو الذي – تنزع – روحه – من جسده – فما هي – الروح – التي نزعت من – جسد – الأمة الإسلامية – و في بداية حكم الإسلام و بعد وفاة رسول الله الحبيب – و قد فتشنا و بحثنا فلم نجد سوى ( الشورى و البيعة ) فهذه هي الروح التي نزعت من جسم الأمة الإسلامية .
و هنا لنا وقفة ( وقفة بحث سياسية و تشريعية – حكمية – مع – الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي ) لأنّ بعض كتب الفقه و التفسير و التاريخ تصفه ( الحاكم العادل ) في حين – إنّ في ديننا الإسلامي ( معايير ومقاييس و أسس ) لكل أمر من أمور الحياة – و إنّ ديننا الإسلامي قد علمنا ( أنْ لا عدالة و لا حق إلاّ بما يرضي الله تعالى – الذي – خلق السماوات و الأرض – بالحق و العدل ) وإنّ ( الحسن هو ما حسنه شرع الله - و القبيح هو ما قبحه الشرع ) – و إنّ ( الحق و العدالة ) لا تتحقق إلاّ ( بتطبيق أحكام الله في أرضه و سماواته – و هذا هو ما يرضي الله و رسوله ) ( و من لم يطع الله و رسوله و لم يطبق أحكام الله – فهو الفاسد و الظالم و الفاسق – ومن الآثمين ) .
و إنّ للأحكام الشرعية ( سلم درجات ) { أ جعلتم سقاية الحاج و عمارة المسجد الحرام كمنْ آمن بالله و اليوم الآخر و جاهد في سبيل الله لا يستَوون عند الله } ( التوبة 20 ) - و هذا معناه – إنّ الإنسان المسلم – الذي - لا يملك المال – لبناء المسجد الحرام أو لسقي الحاج – و لكنه - يملك الإيمان – بالله و اليوم الآخر ويجاهد في سبيل الله – قطعاً يكون – أعلى درجة – من إنسان مسلم – يملك المال و السلطة – و يقلص إيمانه ويحدده فقط – ببناء المسجد الحرام و سقاية الحاج – و لا يجاهد في سبيل الله – و مثال واقعي آخر – هو – إنّ – الصحابي الحسين – عنده – القضية العقائدية – الإيمان والجهاد في الله و في سبيله – فلا يمكن أنْ يقارن معه – يزيد – بأي حال من الأحوال – حتى لو قام يزيد ببناء المسجد الحرام و بسقاية الحاج و بنفسه و بيده ليلاً و نهاراً – وهذا ينطبق اليوم كذلك على – خادم الحرمين – الذي يقوم ببناء المسجد الحرام و سقاية الحاج – و لكنه – يتقصد في عدم تطبيق الإسلام – فلا يعلن – الخلافة – و يعلن الملكية – و يحارب كل من يريد إقامة الدولة الإسلامية الواحدة – و لا يجاهد في سبيل الله و يعقد المعاهدات مع الكفار و التحالفات في بناء قواعدهم العسكرية في الحجاز للسيطرة الكافرة على المسلمين – و من كل ذلك يظهر – إنّ هناك – سلم درجات – للأحكام الشرعية – تتقدم بعضها على بعض – و في أوقاتها { من أنفق من قبل الفتح و قاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعدُ و قاتلوا } ( الحديد 10 ) - و هذا يعني – وجود فرق كبير و عظيم في – سلم الدرجات – بين الإنفاق و القتال في سبيل الله – حتى – قبل فتح مكة – و بعد فتحها .
و مما تقدم – فإنّ – الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي - لم يصل إليه - الحكم - عن طريق شرعي إسلامي – و هو طريق تطبيق – حكم الشورى – و هو : البيعة من قبل عموم الناس بالاختيار و الرضا – و كذلك لم – يصل إليه الحكم عن طريق ( الثورة – و إنّ الثورة : هي الجهاد الأكبر – لاستلام الحكم بالطرق الشرعية منها – النصرة وهي اليد النظيفة التقية التي بإمكانها تسليم الحكم إلى الثوار كما حصل مع رسول الله في المدينة المنورة – لإعادة - الأمر - إلى - أصله – الإسلام – الذي فيه حكم الشورى و حكم البيعة ) - في حين إنّ – الحاكم عمر عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي - قد – وصله الحكم - عن طريق ( الوصية – من قبل من تسلط على المسلمين – بولاية العهد و الوراثة و الوصية – الحاكم الذي سبقه – و هو بن عمه و أخ زوجة عمر بن عبد العزيز – و هو - سليمان عبد الملك بن مروان الأموي – لتبقى السلطة بهذه الوصية – أموية – و ليس إعادة الأمر إلى – الإسلام ) – و بعد كل هذه المخالفات الشرعية التي اشترك في - أعمالها و تصرفاتها و أقوالها – عمر بن عبد العزيز – فلماذا يلقبه – الجهلة بهذه المخالفات و أعداء إقامة الدولة الإسلامية دولة الشورى البيعة و الخلافة – بالحاكم ( العادل ) – هل ليغطوا عليه هذه ( المخالفة الشرعية – بتعطيل أهم حكم شرعي في نظام الحكم – الشورى و البيعة ) – أم ليجعلوا المخالفة – شرعية – بخلط الأوراق – و إنّ خلط الأوراق قد دمرت البشرية من أول يوم وجودها إلى يومنا الحاضر { أنْ تقولوا ما لا تفعلون } و { أفتؤمنون ببعض الكتاب } .
( ما هو – رأي آخر صحابي ممن بقي من صحابة رسول الله الحبيب )
( في المدينة المنورة - و هو - الصحابي أبو حازم )
و إن - الحاكم سليمان بن عبد الملك بن مروان الأموي - الذي أوصى بولاية العهد إلى ابن عمه – عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي - قد وصل – المدينة المنورة في إحدى سفراته - فسأل – سليمان – أهل المدينة ( هل بقي أحد من صحابة رسول الله ) فأجابوه ( نعم و اسمه – أبو حازم ) فاستدعاه الحاكم المتسلط – سليمان - و عندما وصل – الصحابي أبو حازم – سأله سليمان ( ما هو رأيك في حكمنا – نحنُ بني أمية ) فأجابه الصحابي أبو حازم ( إنكم تسلطتم خلاف الشورى و دون رضا عموم الناس ) فسأله سليمان ثانية (( كيف نصلح أمرنا )) فأجابه الصحابي أبو حازم (( أنْ تبتعدوا عن الكبرياء – و تطيعوا الله و رسوله )) - و لينظر الناس ما هو – الموجود - في ( طاعة الله و رسوله ) – و إنّ – المتلسط سليمان – قد سمع رأي الصحابي أبي حازم – و نقله قطعاً – إلى ابن عمه – عمر عبد العزيز – و هذا عرف حكم الله – حتى إذا لم يكن حاضراً المجلس في حين إنه كان يعيش في المدينة المنورة – و بعد كل هذه – المعرفة – بأمور الدين – فقد - أوصى سليمان – وصيته – إلى ابن عمه عمر – و قد حال بوصيته – دون تطبيق أوامر الله و نواهيه و دون طاعة الله و رسوله ( أنْ تكون – ولاية العهد – و ليس الخلافة – إلى ابن عمه – عمر - و من بعده تكون إلى أخيه – هشام عبد الملك بن مروان الأموي – ملك عضوض ) و قد اطلع عمر بن عبد العزيز على هذه – الوصية – و قام بتنفيذها – و هو يعرف وصية الله و رسوله و يعرف كيف تكون طاعة الله و رسوله – و عندما استلم الحكم على أساس ( وصية بني أمية و مجلسها العائلي الأموي ) يكون قد قبل بالوصية (وسنعرف بأنه قد نفذها حتى بعد مماته بالنسبة لابني عمه - يزيد و هشام – لما بعده ) وإنّ الادعاء – بأنه قاطع استلام الحكم لمدة ثلاثة أيام ادعاء ساقط شرعاً – لأنّ المقاطعة – لا تحلل الحرام و لا تجيز المكروه .
و حيث إنّ – الحق و العدل – في الإسلام هو ( حكم الله في شرعه ) و هو ( حكم الشورى – و أمرهم شورى بينهم – بين المسلمين و الرعية – و ليس فقط بين بني أمية ) و (حكم الشورى – هو – حكم الله في أرضه – الأرض التي خلقها الله بالحق و العدل ) و إنّ (الإمرة – السلطة – هي – الحق – الذي منحه الله تعالى إلى – الناس ) – و لا صحة لما يقال (إن - الخلافة – هي التي قد وصلت إلى – عمر بن عبد العزيز الأموي – بطريق – ولاية العهد و الوراثة و الوصية – لأنّ هذه هي ليست طريق – الخلافة – و إنما هي طريق نظام حكم و تسلط لم ينزله الله و لا يريده الله و رسوله فلا طاعة لهما فيه ) – فيكون – وجوباً و فرضاً – على – عمر بن عبد العزيز – إذا كان عادلاً – أنْ يعيد الأمر الذي وصله – السلطان – إلى الله و رسوله – إلى ما أنزل الله – و يرد – معالم دينه – فيعيد تطبيق – أحكام الله المعطلة – فيعلن تطبيق - الشورى – لاختيار – خليفة للمسلمين – و لا يمنع من أنْ يكون هو – أحد المرشحين – للخلافة – و إنّ الذي يقع عليه – الاختيار بالرضا – من قبل عموم الناس – يبايع خليفة للمسلمين – بعقد بيعة الإنعقاد – و بذلك يكون – عقد البيعة – عقداً صحيحاً – لأنه قد توفر فيه - ركن أساسي – هو - ركن الاختيار و الرضا – و هذه هي ( العدالة ) – و إنّ الذي يكره الطريق الذي أنزله الله فينطبق عليه قوله تعالى { ذلك بأنهم كَرِهوا ما أنزلَ اللهُ فأحبط أعمالهم } و { ذلك بأنهم قالوا للذين كَرِهوا ما نَزّلَ اللهُ سنطيعكم في بعض ِ الأمر و اللهُ يعلمُ أسرارَهم . فكيف إذا توفتهم الملائكةُ يَضْرِبون وجوههم و أدبارَهم . ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخطَ اللهُ و كرهوا رضوانَهُ فأحبطَ أعمالهم } ( محمد 9 و 26 و28 ) - و لكن دولتهم تبقى – دولة إسلامية - مادامت – عقيدتها المعلنة – هي - العقيدة الإسلامية .
في حين إنّ بعض علماء الدين – وعاظ السلاطين – و كل من يعمل على تشويه الإسلام – سواء عن دراية أو بدون دراية – يقصرون ( العدالة ) على بعض أحكام الشرع - دون البعض الآخر خاصة التي هي في أعلى درجات السلم – و مثال ما يطبقونه ( حسن توزيع الأموال – و لو جزئياً ) أو ( قول قد قاله و كان صحيحاً ) أو ( رفع السب و الشتم عن أهل البيت) و هذه كلها ( أجزاء في العمل الصالح – فمن يعمل مثقال ذرة خيراً أو شراً يره ) و من خلال – المقاييس الشرعية – نعرف و نفهم – مثاقيل الذرات من الخير و الشر – و إنّ ( التسلط على الحكم – حكم الناس ) هو من – أعلى المثاقيل – و أعلى درجات الأحكام – و لو حصل – تصحيح لهذا الطريق – من قبل الحاكم عمر بن عبد العزيز – لما جاء بعده – حاكم ظالم أو فاسق – و هذا سوف يعتبر – عمل صالح – ومن أعظم الأعمال – و الله تعالى يقول { كِدْتّ تركنَ إليهم شيئاً قليلاً } ( الإسراء 74 ) فالله تعالى لم يرض الشيء القليل من رسولنا الحبيب – فكيف و إنّ – عمر بن عبد العزيز – قد ركن إلى – المجلس العائلي الأموي – الشيء الكبير الذي كانت عاقبته و خيمة على الأمة الإسلامية .
و يجب أنْ تكون نظرتنا لمثل هذه الأمور عميقة و دقيقة – فنقول ( لو إنّ – الحاكم عمر بن عبد العزيز – طبق – حكم الشورى – و بقيت مطبقة إلى – يوم القيامة – فيكون عمله هذا بمثابة – الثورة – التي تعيد الأمر إلى أصله الشرعي – الإسلام ) – و إنّ الأكثر بُعداً عن كل ما تقدم نقول ( لعلّ الله تعالى يجعل من عمله – الثورة – رحمة و شفاء و خير للعالمين و منهم المسلمين ) – و بهذا العمل كان سيتم القضاء على التجزئة في العالم الإسلامي – و القضاء على - الفرقة و الخلاف – داخل الأمة الإسلامية الواحدة - - و لتم القضاء على – الانقلابات و التناحر و التنافس الفاسد على المناصب – لأننا كمسلمين نكون قد رجعنا إلى – إسلامنا – الحق و العدل – و طاعة الله و رسوله .
و بذلك يكون من السهولة – أنْ تكشف الأمة الإسلامية – المؤامرات و الأحزاب و الحركات المصلحية و النفعية و التبعية مثل – حركات بني العباس – و حركات بني أمية في الأندلس – و بعض المسلمين ضد البعض و عدو للآخر – و الإسلام و المسلمين – هم الضحية – و الغدر يكون قد وقع عليهم – و لما كنا سمعنا – ببني عثمان – و لا بالملعون أتاتورك – و لا دول أو حركات على أساس – فارسي أو تركماني أو عربي أو كردي – و لا الخروف الأسود أو الخروف الأبيض – و لا القرامطة في البحرين الذين سرقوا الحجر الأسود من الكعبة – و لما فاتت الفرصة على المسلمين في ( الصين ) نتيجة ضحالة و شعوذة عقلية قائد الجيش – المكلف بنشر الدعوة الإسلامية في – الصين – في حين تمكنت – العقيدة الإلحادية – الشيوعية – من الانتشار في – الصين – بملايينها أو المليارات من سكانها .
و هذا هو ما أوصلنا إليه – بنو أمية – من الهبوط و الانحطاط و التأخر – لأنه كما قلنا ( إنّ القادة و الجنود في الجيوش الإسلامية قد تم تغييرهم – من حملة دعوة و مفكرين – إلى آلة للقتل و كسب الغنائم و السيطرة و التسلط بالعنف و بأعمال لا تتفق و قيمة الإنسان الذي هو – أخ لك في الدين أو مثيل لك في الخلق – و لم يضعوا – الكلمة السواء – التوحيد – الأساس بين المسلمين و غير المسلمين من أهل الكتاب – أهل الذمة – أو غيرهم – فأفرطوا في موارد الجزية و الخراج و الضرائب و بشكل تعسفي ) فولد هبوط فكري فظيع – أي أصبحوا - أمثال ( الجنود الذين تركوا جبل أحد في معركة أحد و نزلوا إلى – الغنائم – فحصل التردي و الكارثة ) و ليس كما كانوا ( على عهد رسول الله الحبيب – مجاهدين و مناضلين و مضحين و صابرين على الأذى والتعذيب و القتل – و حملة فكر و دعوة و رسالة و إيمان و تقوى للعالمين و الناس كافة – مثلما خطط الرسول في – غزوة تبوك – و جيش أسامة ) و لكن – الفتنة و البلوى – بني أمية – التي وجدت طريقها إلى الحكم و التسلط بعد وفاة رسول الله الحبيب مباشرة – فمسخوا الكثير من القيم و الأحكام و حولوها إلى – عوجٍ .
و اليوم أصبحنا – نسمع و نرى ( شيشان الإسلام و فلسطين و أمثالها في العالم الإسلامي ) تصرخ و تصيح ( وا إسلاماه ) فلا مجيب لها – رغم إنّ المسلمين يشاهدون الصواريخ بأنواعها – خاصة – أرض أرض – وعابرة القارات و الدبابات و الطائرات و مختلف الأسلحة المدمرة و الفتاكة – و لا يحركون ساكناً في بقية أجزاء العالم الإسلامي – و كأنما نفوسهم و عقولهم قد ماتت نهائياً – و هم كذلك يسمعون رئيس روسيا – الخنزير يالسن – يصرح ( بأنه يريد تسوية القضية الشيشانية إلى الأبد بإبادة ما فيها من مسلمين حتى لو كانوا بالملايين لأنها مبعث خطر و قلق إلى روسيا منذ عشرات السنين ) هذا هو الحقد و الكراهية – التي أصبحت تحيط بنا من كل جانب .
( لو طبق – الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي - الشورى )
( يكون قد سقى الأمة الإسلامية– بجرعة الحياة - و أنقذها من أنْ يلقبها )
( الروم و اليهود - بالأمة المرحومة )
نرجع و نقول و بشكل محكم و صدق ( لو إنّ – الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي – قد طبق جميع أحكام القرآن المجيد – و طبق جميع أحكام السنة الشريفة – و بعدالة – لكان – عادلاً – و لكنه كَرِهَ و امتنع عن تطبيق – حكم الشورى و البيعة – و بقي مستمراً في تطبيق – نظام ولاية العهد و الوراثة و الوصية – حتى وفاته – بصفة السلطان الجائر ) و لا يجرأ أي مسلم مخلص و صادق و تقي يعمل لإقامة الدولة الإسلامية أنْ يقول غير ذلك - إلاّ الذين لا يهتمون بأمر المسلمين و لا يدعون إلى إقامة الدولة الإسلامية الواحدة - وليس الأموية أو العباسية { وَ أنْ لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غَدَقاً } ( الجن 16 ) .
< إذا تركت أمتي العمل بحكم الأمر بالمعروف و إنكار المنكر >
< فبشرها بغضب الله و عذابه >
و لو إنّ –الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي قد طبق ( حكم الشورى – و حكم الخلافة بالبيعة ) و جعل الأمة تسير في طريق النهوض و التقدم لانطبقت عليه الآية الكريمة { لا تجدُ قوماً يؤمنون باللهِ و اليوم الآخر ِ يوادون من حاد الله و رسوله و لو كانوا آباءَهم و أبناءهم و إخوانَهم و عشيرتهم أولئك كَتَبَ في قلوبهم الإيمان و أيدهم بروح ٍ منه و يدخلهم جناتٍ تجري من تحتها الأنهارُ خالدين فيها رضيّ اللهُ عنهم و رضوا عنه أولئك حزبُ اللهِ ألاّ إنّ حزبَ اللهِ هم المفلحون } ( المجادلة 22 ) – الله أكبر – و إنّ الذي يقرأ هذه الآية المباركة – و يفهمها – ففهمناها سليمان – هل يمكن أنْ تبقى في نفسه أي تأثير أو قيمة ( للعشيرة – و للمجلس العائلي المرواني الأموي – خاصة بالنسبة لما ينقل و يقال عن الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي ) و لكن الذي ظهر لنا هو ( إنّ لهذا المجلس العائلي المرواني كل التأثير عليه ) لذلك – ترك السلطة – إلى من بعده – حسب الوصية – وصية المجلس المرواني – و ليس وصية الله و رسوله – إلى ابن عمه ( يزيد بن عبد الملك الأموي ) فأين هي – العدالة - و ما هو - مفهوم العدالة - عند المدافعين عنها – و إنّ رسول الله الحبيب يقول < إذا تركت أمتي العمل بحكم الأمر بالمعروف و إنكار المنكر فبشرها بغضب الله و عذابه > و هل لا علاقة لحكم إنكار المنكر و الأمر بالمعروف – بحكم تعطيل الشورى و بيعة الخلافة .
و إنّ الله تعالى عنده - حكم و موقف – من ( المجلس العائلي المرواني – صلة الرحم ) إلى أبعد من قوله الكريم في الآية السابقة حيث يقول على لسان نبينا – نوح – عليه السلام { إنّ أبني هذا من أهلي . قال يا نوح إنّه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح } ( هود 46 ) فإنّ الله في هذه الآية الكريمة قد بتر و قطع – صلة الرحم - إنه ليس من أهلك – بسبب – إنه عمل غير صالح - و عندما قرر المجلس العائلي المرواني ( مصير حكم المسلمين – بعمل ولاية العهد – وهو عمل غير صالح ) فكان على الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي – عدم الاستجابة لقرار المجلس العائلي – لأنه عمل غير صالح – في حين إنه ( فضل الاستجابة إلى المجلس العائلي الأموي ) و فضل – حزب بني أمية – على - حزب الله – و سنرى إلى من تنتقل – ولاية العهد – بعده - و لو إنه طبق ما يريده الله سبحانه – لأصبح ممن عناهم ربنا الرحيم في قوله الكريم { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين للهِ شهداء بالقسط و لا يجرمنكم شنآن قوم ٍ على أنْ لا تعدلوا اعدلوا هو أقربُ للتقوى و اتقوا اللهَ إنّ اللهَ خبيرٌ بما تعملون } ( المائدة 9 ) – فماذا يريد – الحاكم عمر بن عبد العزيز – من الله جلت قدرته أكثر من هذا التوضيح و التفصيل ( أمره بالعدل – و بالتقوى – و نبههُ بأنه خبير بما يعمل الإنسان ) و مع كل ذلك فإنه ( لم يعدل بين – حكم الله – و بين وصية بن عمه و وصية جده مروان ) و قد فضل ( وصية مجلس بني أمية العشائري و العائلي ) على ( أحكام الله الشرعية – الشورى - و البيعة و الخلافة ) و لم يلتفت إلى الآيات العظيمة التي تدعو إلى ( عدم توادد من يحادد و يحارب الله و رسوله – في حدود الله – ولو كانوا الآباء و الأبناء - في حين بسبب أولئك - رفض تطبيق العدالة - و هي – الشورى ) .
و إنّ الذي - التفت - إلى هذه الآيات الكريمة – و طبقها – منذ لحظة – نزولها – هو صاحب الرسالة الإنسانية و رسول الله العظيم عندما قرأ على عمه قول الله الكريم { تبت يدا أبي لهب ) و قرأ على زوجة عمه { و امرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد ) هذا هو إسلامنا – الذي فيه النور و الشمس الساطعة < و الله لو إنّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها > و هل لم يعلم – الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي - إنّ رسول الله الحبيب – رفض أنْ يستخلف بعده – و إذا جاز له – الاستخلاف – فمن هو الذي يستخلفه غير أحد أعضاء عترته أو أحد أصحابه المقربين الذين لا يدانيهم – بنو أمية من بني مروان أو من بني سفيان – فهل - مروان و عبد الملك و الوليد و سليمان و عمر عبد العزيز – لا علم لهم بكل هذه السيرة النبوية و بالمعارف التي نقلها الصحابة و السلف – و لا علم لهم – بإنّ الخليفة الرابع علي رفض أنْ يستخلف ولده – الحسن – و قال - أتركها شورى بينكم – و الأمة الإسلامية العظيمة هي التي اختارت بالرضا – الصحابي الحسن – خليفة خامس لها .
و هناك قول - بسند ضعيف – و هو ( إنّ السلفي عمر بن عبد العزيز – قد تردد عن استلام – الحكم والسلطة – لمدة ثلاثة أيام ) و هنا نقول من الناحية السياسية ( لماذا كان تردده لو لم تكن هناك مخالفة شرعية ) و نسأل ( من الذي قهره و من الذي أجبره على قبول – الوصية و ولاية العهد – بعد انتهاء مدة الثلاثة أيام – هل - حدود الله – أم – حدود بني أمية – و لماذا لم يعلن هو – العدالة – و يقول للناس : عليكم بالشورى – اتباعاً لقول الله و أسوة ً برسول الله و اقتداء ً بالخليفة الرابع علي ) و لو قالها لكان – قوله – اليوم – يدوي – بيننا مثل أقوال الصحابة – عبد الرحمن بن أبي بكر في قوله المشهور لمروان ( هذه سنة هرقل و كسرى ) و عمار و أبي ذر و بلال و سلمان الفارسي و عبد الله بن الزبير و سعيد بن جبير – فيكون قدوة و عبرة لغيره من المسلمين – و إنّ الذي يُجبر في موضوع الحكم و السلطة – فهو الذي يُجبر على – التنازل عن الحكم – مثل الخليفة الخامس الحسن – و لكن لا يُجبر على – استلام الحكم - وإذا صح ذلك – فلماذا قام بنو أمية بإجباره – على استلام الحكم – هل لأنّ – حكمهم و تسلطهم كان مهدد فيحتاجون إلى – شخص يبعد الفتنة و التهديد عنهم – و إذا صح ذلك – ففي هذا العمل – الإثم الأكبر من الذي لو استلمها بالرضا و بدون إجبار و لا قهر – وبالنتيجة – فإن حكم بني أمية لم يبق إلاّ عقوداً فليلة بعده .
< من لم تنهه صلاته عن الفحشاء و المنكر فلا صلاة له >
و إنّ رسول الله الحبيب – عندما قرأ الآية الكريمة { أ ُتلُ ما أ ُحِيَ إليك منَ الكتابِ و أقمْ الصلاة إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر و لذكرُ اللهِ أكبرُ وَ اللهُ يعلمُ ما تصنعونَ } ( العنكبوت 45 ) فقد قال حديثه الشريف < من لم تنهه صلاته عن الفحشاء و المنكر فلا صلاة له > - و هل يوجد منكر و فحشاء أكثر من – تبديل حكم الله – الشورى – إلى – ولاية العهد و الوراثة و الوصية – و معها – مجلس وصايا عائلي – فهل المنكر و الفحشاء هو فقط في – الزنا و السرقة و عدم الصلاة و عدم قراءة القرآن و غيرها من الأوامر و النواهي و المحرمات – فإذا قام المسلم ( بقراءة القرآن و الصلاة و امتنع عن الزنا و الربا و السرقة – فهل تقبل – صلاته – إذا عطل أحكام الله الأخرى – خاصة – أهم حكم في نظام الحكم – الشورى و البيعة و الخلافة – و امتنع أو احجم عن – التغيير على السلطان الجائر – أو لم يعمل على أنْ تكون – في عنقه بيعة ) فهل ( تقبل صلاته ) ( كلا و ألف كلا - و إلى ما لا نهاية ) لأنّ – قتل الشورى – بتعطيلها و تعطيل حدود الله المتعلقة – بنظام الحكم – لهي ( أعلى درجات المنكر ) لأنها ( تقرر و قررت مصير الأمة الإسلامية ) فلا يمكن أنْ تقبل منه ( الصلاة ) و لا توجد عنده ( عدالة ) و صدق رسول الله .
و إنّ هناك قول ضعيف كذلك و هو ( إنّ الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي – قد مات – مسموماً ) و نقول ( إنّ من شروط التوبة – أنْ تقع – و تحصل التوبة قبل خروج الروح من غرغرة البلعوم ) في حين – إنّ عمر بن عبد العزيز قد اطلع على – الوصية – و تقبلها ابتداءً و انتهاءً و لم يقم بعمل شيء – لتطبيق وصية الله ولم ينوه عنها أو يشير إليها – و نفذ وصية آل مروان – و لعلنا نكون أكثر دقة في هذا الموضوع – إذا ما رجعنا إلى قوله تعالى { الذين إنْ مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة و أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر و للهِ عاقبة ُ الأمور ِ } ( الحج 41 ) فعلى الذين يمكنهم الله تعالى في الأرض – عليهم جميعاً – تطبيق جميع أحكام الله في ( دينه الذي ارتضاه ) جميع العبادات و في مقدمتها وقد ذكرتها الآية الكريمة – الصلاة – و جميع المعاملات الاقتصادية و المالية و في مقدمتها – الزكاة - و إما – المعروف – فيشمل كل ما يحبه و يريده الله تعالى و قد ثبته في القرآن و السنة – و أما المنكر فيشمل كل ما حرمه الله تعالى و ما كرهه – و ولاية العهد و الوراثة و الوصية في الحكم – ظلم و فسق – و على الذي مكنه الله سبحانه في الأرض – أنْ يحارب الظلم و الفسق و يقضي عليه .
و أخيراً و ليس آخراً – نذكر من يصر على وصفه ( بالحاكم العادل ) بقول الله الرحمن الرحيم { و أصبرْ نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العَشِيّ يريدون وجهَه و لا تَعْدُ عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا و لا تُطِعْ من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبعَ هواهُ و كان أمرُهُ فُرُطاً . و قل الحقُّ من ربكم فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر إنّا أعتدنا للظالمين ناراً } ( الكهف 29 ) الله تعالى يأمر المسلمين – بعدم إطاعة من - أغفل – قلبه عن الأحكام فأغفل تطبيقها – و أمر – فثبت نفسك و اصطف مع الذين يدعون إلى الله و أحكامه – ليلا و نهاراً – و يريدون مبايعة خليفة في الأرض – بإقامة الدولة الإسلامية الواحدة – و ليس ولاية عهد و وصية و لا ملكية و لا وراثة – وإلا فالنار أعدت للظالمين .
و يقال – عندما توفي – سليمان عبد الملك - و فتح بنوا أمية ( كتاب الوصية ) فإذا فيه ( العهد ) إلى ( عمر بن عبد العزيز الأموي ) فتغيرت وجوه بني عبد الملك و لكن لما سمعوا ( و بعده يزيد بن عبد الملك ) تراجعوا و جاؤا إلى عمر عبد العزيز و أجلسوه – كرسي ولاية العهد – كرسي الكنز – و كذلك وضع إسلامنا الأحكام الشرعية للكنز و لمن يعثر عليه .
لقد طال حكم الحاكم عمر بن عبد العزيز الأموي – ثلاث سنوات – و بانتهائها – و بعهدٍ منه و موافقة هشام بن عبد الملك – استلم الحكم و تسلط ( يزيد بن عبد الملك ) و سرعان ما خلفه أخوه ( هشام بن عبد الملك) بعهدٍ من يزيد و الوصية المروانية .
( من مآثر الحاكم المتسلط - عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي )
و يقال إنّ من ( عدالة ) عمر بن عبد العزيز ( كحاكم أموي ) هو إنّ ( الإرث ) الذي طالبت به ( الصحابية فاطمة الزهراء ) في ( عهد الخليفة الأول الصديق - و رفض توريثها ) و هي ( أراضي – فدك – في خيبر اليهودية ) فقد أصبحت هذه ( الأراضي ) بعد ذلك من ( أملاك بني أمية – طيلة حكمهم ) و في – عهد عمر بن عبد العزيز الأموي – قام بإعادة هذه الأراضي إلى ( بيت المال – خزينة الدولة – ليصرف نماؤها على أبواب منها – باب أهل بيت رسول الله الحبيب ) و نقول ( إذا كان هذا - التصرف – فيه – عدالة – فهل رفض الخليفة الأول الصديق كان – غير عادل ) .
و كذلك من مآثره كان هو يُلقبْ ( علي بن الحسين – زين العابدين – السجاد ) بلقب ثالث – و هو لقب ( نور الإسلام ) و ذلك لكثرة ما كان ( علي بن الحسين ) يمد الناس و المسلمين – بالأحكام الشرعية و علوم الدين الإسلامي – و كثرة ما كان يجيب على أسئلة الناس الذين كانوا يحضرون مجلسه في المسجد النبوي في المدينة المنورة - و زين العابدين نور الإسلام هو صاحب دعاء - أهل الثغور – ( اللهم نسألك في دولة كريمة تعز بها الإسلام و أهله و تذل بها الكفر و أهله ) و يقال لذلك كان العلامة جعفر الصدق فقيه المذهب الجعفري يلقب الحاكم عمر بن عبد العزيز ( العبد الصالح ) .
و قال رسول الله صلى الله عليه و آله < يعمل بن آدم بأعمال أهل الجنة فلم يبق بينه و بينها غير ذراع فيعمل بأعمال أهل النار فيدخل النار – و يعمل بأعمال أهل النار فلم يبق بينه و بينها غير ذراع فيعمل بأعمال أهل الجنة فيدخل الجنة > صدق الله العظيم - و هذا الحديث الشريف ( غيبي ) و الله تعالى هو الذي يقرر مصير أعمال الناس و ما علينا إلاّ تثبيت الواقع و تثبيت الأحكام .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق