الفرع التاسع عشر
و سر العدد ( تسعة عشر )
و ما هو السر و السحر الرباني في الآية المباركة
{ وَ أمْرُهُمْ شُورى بَينَهُمْ }
( الشورى 38 )
و نحن أمام أعمال و أقوال ( بني أمية و بني العباس ) و أمام أقوال المدافعين عن دولتيهم – فنقول ( إنّ الله جلت قدرته قد – استنسخ – كل ما جري و ما حصل ) و عنده ( الحق والعدل و الصلاح ) – الذي استنسخه هذا – الجهاز الرباني الهائل – و ليس جهاز ( المؤرخين ووعاظ السلاطين ) { هذا كتابٌ ينطق عليكم بالحق إنّا كُنا نستنسخُ ما كنتم تعملون } 45 / 30 .
و إنّ وجود ( البلوى و الفتنة ) المخلوقة في – الحياة الدنيا – مع – خلق الإنسان – وهي – سنة الله – و كذلك وجود ( الرحمة و الشفاء – و التوبة و المغفرة ) كلها ( حلول – تضمنها قوله تعالى – ومن لم يحكم بما أنزل الله ) وهي كذلك ( سنة الله و تتفق مع فطرة الإنسان ) – و إنّ – حكام بني أمية و بني العباس و بني عثمان – لم يفهموا ( سنة الله ولا الوسيلة و لا الصراط و لا سبيل المؤمنين ) – و لم يريدوا أنْ يفهموا قول الله تعالى { الر . كتابٌ أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد } (إبراهيم2) و بسبب عدم فهمهم هذا المفهوم – هذه المفاهيم الإلهية – فقد أصبح ينطبق عليهم قوله تعالى { الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة و يصدون عن سبيل الله و يبغونها عوجاً أولئك في ضلال مبين } ( إبراهيم 3 ) و جعلهم الله تعالى في – واقع مذموم – بقوله تعالى {قُلْ لِمن ما في السماوات و الأرض قلْ للهِ كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريبَ فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون } (الأنعام 12 ) و قوله سبحانه { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و لتنظر نفسٌ ما قدمت لغدٍ و اتقوا الله إنّ الله خبير بما تعملون . و لا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسَهم أولئك هم الفاسقون } ( الحشر 18 ) و قوله أحكم الحاكمين { و ما هذه الحياةُ الدنيا إلاّ لهوٌ و لعبٌ و إنّ الدار الآخرة لهيَ الحيوانُ لو كانوا يعلمون } .
و حتى إذا كانت هذه الدول التي هي إسلامية بإعلان – العقيدة الإسلامية فقط – و لم تعلن غير هذه العقيدة – و على فرض - قد أعطى حكامها بعض الحقوق للأمة و الناس – أو تظاهروا بتأييد أحكام الدين الشرعية ( كالصلاة و الصوم و قراءة القرآن ) – و لكن أعمالهم و تصرفاتهم و أقوالهم المتعلقة بهذه الأحكام لم تصدر عنهم عن إيمان بالله أو عن تقوى – و إنما عن - التظاهر و النفاق – وعرض الحياة الدنيا – و إنما الأعمال بالنيات – و حتى النيات مستنسخة عند رب العالمين – و إنّ هؤلاء الحكام – أصلاً – قد أضاعوا المعالم و الأحكام و الأسس المهمة للدين – عندما حولوا الخلافة إلى ملك عضوض – و هذا أهم ما يتعلق ( بنظام الحكم ) ( السلطة و السلطان – الحق الذي ملكه الله تعالى للناس و أعطاهم صلاحية التوكيل فيه ) وإن - أهم حكم في السلطان هو ( حكم الشورى – و أمرهم شورى بينهم ) - فإنهم قد أضاعوا هذا الحكم – فأضاعوا أنفسهم – لأنّ ( حكم الشورى ) هو ( الحكم ) الذي يجعل المسلمين و الناس ( يصطفون – مع الصالحين – عندما يصطفون لاختيار من يحكمهم أو من يمثلهم في السلطة و السلطان و أجهزة محاسبة السلطة – بالرضا – فيكون الفائز – هو من وقع عليه الاختيار من قبل عموم الناس ) – و إذا ( لم يصطفوا مع – الصالحين المخلصين المتقدمين – فسوف يكون مصيرهم – مع الفاسقين و الظالمين و الباطلين و الضائعين و المتأخرين ) .
ولو تتبعنا مصادر و مشتقات (الشورى ) لوجدناها جميعاً – تأخذ معاني ( العسل المصفى و خلية النحل و اللباس الحسن وحسن الهيئة و جمال الصورة و المنظر و الزينة – و كل ما هو مستحسن وجوده في البيت من أثاث و متاع ) .
( السر الإلهي في الشورى )
هو لكشف فساد – الديمقراطية - و إظهار كفرها
إنّ الله تعالى قد وضع ( أسرار ) كثيرة – غيبية – تطلبتها فلسفة الحياة الدنيا – و تنظيم السلوك الإنساني - و تكون عامل فعال لهدايتهم إلى الطريق المستقيم الصحيح – ليكون مصيرهم الجنة و ليس النار – ومن هذه الأسرار – السر الذي وضعه الله جلت قدرته في العدد ( تسعة عشر ) في قوله تعالى { عليها تسعة عشر } ( المدثر 30 ) فجعل في حينه الجميع ( كفار و مؤمنين ) يتساءلون ( لماذا هذا العدد و لماذا لا يكون أقل أو أكثر ) المهم هو – أنه تعالى قد لفت نظرهم في هذا – السر - إلى ( جهنم و الملائكة الذين عليها ) واليوم – عصرنا - وجد الناس ( إنّ عدد سور القرآن المجيد – مائة و أربعة عشر – سورة - يقبل القسمة على العدد – تسعة عشر – فيكون ناتج القسمة العدد - ستة - و لدى رجوعنا إلى خلق السموات و الأرض وجدنا إنها خلقت في - ستة أيام - وإنّ الله تعالى قد ذكر و كرر – خلق السموات و الأرض في ستة أيام - سبع مرات في سبع سور : الأعراف و يونس و هود و الفرقان والسجدة و ق و الحديد ) و هنا كذلك يوجد - سر – في تعدد ذكرها ( سبع مرات ) و ليس ( ست مرات ) فهل لعلاقة هذا – السر - بعدد ( أيام الأسبوع – السبعة : الجمعة و السبت و الأحد و الاثنين و الثلاثاء و الأربعاء و الخميس ) و هنا كذلك يوجد - سر - آخر و هو ( ما هو اليوم الذي تعطل فيه العمل في – خلق السموات و الأرض - من الأيام السبعة – و نحن نميل إلى يوم – الجمعة - هو يوم العطلة – ليكون تهديد إلى الذين يدعون الإسلام و جعلوا عطلتهم في أيام السبت أو الأحد مثل تركيا تمشياً مع العقيدة العلمانية النصرانية – و إنّ سبب ميلنا إلى يوم – الجمعة – هو – لأنّ الله سبحانه قد كرم يوم – الجمعة - بالعبادة و بتسمية سورة في القرآن المجيد بسورة - الجمعة ) {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله و ذروا البيعَ ذلكم خيرٌ لكم إنْ كنتم تعلمون } ربطها تعالى بعلم الأسرار – و الله تعالى ذكر – يوم الجمعة – مرة واحدة في قرآنه المجيد – و من كل ما تقدم – نفهم – إنّ الله جلت قدرته – قد وضع ( أجهزة للحياة ) و وضع ( مفاتيح و أزرار ) لفتح تلك الأجهزة – ليشتغل عليها الإنسان – بالعمل الصالح - وبالتسابق و التنافس { فاستبقوا الخيرات } { و السابقون السابقون } { ختامُهُ مسكٌ و في ذلك فليتنافس المتنافسون } .
و أنّ الله تعالى و جلت قدرته قد أدخل في ( حكم الشورى ) ( سر – من أسرار الحياة الدنيا ) و لا يعرف و لا يفهم هذا ( السر ) إلا ( السياسي المؤمن و التقي – الذي عنده – الدهاء السياسي الصحيح ) - و إنّ هذا ( السر ) الذي أدخله الله تعالى في ( حكم الشورى ) هو أنه قد جعل بقضائه أنْ يكون هذا الحكم ( أول حكم شرعي يعطل بعد وفاة رسول الله مباشرة ) فلماذا قضى الله جلت قدرته بهذا ( التعطيل ) و لماذا قضى أنْ يقتصر تعريف و توضيح هذا الحكم على ( ولي الله علي ) و لماذا قضى أنْ يكون ( أول تطبيق لهذا الحكم ) في خلافة الخليفة الرابع علي و الخليفة الخامس الحسن – و من ثم ( تغيب الشورى و يتعطل حكمها إلى يومنا المعاصر ) و لماذا قضى تعالى أنْ تبرز ( الديمقراطية ) فكراً و آلية – طريقة – لاختيار ( الرئاسة و السلطة ) و تسود العالم اليوم و هي ( كفر و فساد ) - هل لكي يلفت الله تعالى بقضائه المسلمين إلى ما عندهم من إيمان ( الشورى ) الفكر الصحيح و الصالح للعالمين - و إنّ قوة هذا – السر – تكمن في ( ربط الشورى بعموم الناس – في اختيارهم و رضاهم ) – و إنّ الحاكم الذي ( يعطل حكم الشورى ) يكون قد ( عطل – السر - جهاز عموم الناس ) و يكون قد ( غدرهم و دمرهم و دفعهم إلى التأخر و الانحطاط و الهبوط و الهلاك ) .
و إنّ هذا ( السر ) واضح في قوله تعالى { و أمرهم شورى بينهم } عندما نريد معرفة من هم ( المقصودين ) في كلمتي ( أمرهم – و بينهم ) هل المقصودون هم ( بني أمية ) فيكون من حقهم تسمية - الدولة الإسلامية - ( الدولة الأموية ) – أم هم ( بني العباس ) فهؤلاء كذلك من حقهم تسمية – الدولة الإسلامية - ( الدولة العباسية ) - في حين – إنّ ( الدولة ) التي - ناضل وجاهد و ضحى – من أجل ( إقامتها ) ( رسول الله الحبيب و أهل بيته و أصحابه ) هي (دولة جهاز عموم الناس – الحمد لله رب العالمين ) و إنّ الدولة لا تكون ( دولة عموم الناس ) إلاّ إذا سُميت ( الدولة الإسلامية ) صافية كالزلال ( و لعل الجهلة من الحكام و وعاظهم – يفهمون هذا – السر و المفتاح – فحاربوه و عطلوه – من أجل التسلط على الناس و البطر و الغرور و التعالي لأيام معدودة بزينة الحياة الدنيا و حلاوتها ) و من خلال ذلك سوف نرى ما هي ( الأخطاء و الآثام ) التي أرتكبت – بحق الله – و بحق عموم الناس – و بحق الدولة الإسلامية الواحدة – و من أجل ذلك قال السياسي و الداهية و بطل الأبطال ( ولي الله الصحابي علي ) قوله المشهور (( إنّ الإمامة و الخلافة لا تنعقد – إلاّ إذا حضرها – عموم الناس )) و إنّ – حضور عموم الناس للاختيار بالرضا – هي – الشورى – و إنّ هذا ( السر و المفتاح ) مادام - معطلاً – فإنّ الأمة الإسلامية تبقى في قلق و اضطراب و تمزق و تشتت و كيانات و تجزئة حتى بدون فدرالية - في حين – إنّ الكفار العلمانيين قد اكتشفوا و توصلوا اليوم و بعد مرور أكثر من ألف و أربعمائة سنة إلى ما يشبه – الشورى – و سموها - ديمقراطية – تيمناً بسقراط اليوناني - و هم اليوم ( بالرغم من فسادها و قصورها ) يتفاخرون بها حتى على من يملك – السر الحقيقي و المفتاح الصحيح لفكرة ( عموم الناس ) .
و إنّ الله تعالى قد شخص و وضح ( السر ) في ( أمرهم – و بينهم ) و جسده في الآية الكريمة / 36 من سورة الأحزاب { و ما كان لمؤمنٍ و لا مؤمنةٍ إذا قضى اللهُ و رسولهُ أمرً أنْ يكونَ لهم الخيرةُ من أمرهم و من يعصِ الله و رسوله فقد ضلّ ضلالاً مبيناً } و إنّ – أمر الله – هو – الشورى – و – أمرهم – هو - مصير حياتهم – و أهم مصير للحياة – فرديا ً- هو – الزواج - و - مجتمعاً حضارياً - هو ( الحكم – الدولة – و السيادة و السلطة ) قد جعل مصيرها في ( الشورى ) .
( السحر الإلهي في الشورى )
بهذه المناسبة علينا أنْ نستشهد بقوله تعالى { ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسَكم وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم تَظاهَرون عليهم بالإثم و العدوان و إنْ يأتوكم أسارى تُفادُوهم و هو محرمٌ عليكم إخراجُهم أ فتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعضٍ فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلاّ خزيٌ في الحياة الدنيا و يومَ القيامة يُردونَ إلى أشد العذاب و ما الله بغافل عما تعملون } ( البقرة 85 ) - و إنّ قول الله تعالى كان واضحاً كل الوضوح بقوله الكريم { أ فتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلاّ خزيٌ في الحياة الدنيا } – و هل عرف - الطغاة – الفراعنة الصغار – و وعاظ السلاطين بعمائمهم و لحاهم و الأكاديميون العملاء الذين يقولون : نأخذ بالمحتوى الذي يتفق مع الإسلام مهما كان الاسم – و كأنهم لم يقرأوا قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعِنا و قولوا انظُرنا و اسمعوا و للكافرين عذابٌ أليمٌ } - و لماذا هذا ( الخزي – في الحياة ) لأنهم ( كفروا بهذا البعض - حق السلطة و الساطان و طريقة تنفيذه – و لم يطبقوه و عطلوه ) و سرقوه من الأمة الإسلامية التي منحه الله تعالى لها بعد وفاة رسول الله مباشرة – و اليوم كذلك ( بسرقتهم – السر و السحر – عصا موسى – الشورى ) بكذبهم و بنفاقهم ( الديمقراطية و العلمانية و الحرية و العولمة و الجمهورية و الملكية – فصل الدين عن الحياة ) يدمرون الأمة بكفرهم بهذا البعض بل و بالعقيدة التي يستند إليها - و مع ذلك فالأمة الإسلامية لا تزال ( تمتلك العصا – و لا تزال الأمة مأمورة – بإلقاء العصا – لتتلقف نفاقهم و كذبهم – و الأمة مأمورة بأنْ تضرب بالعصا الحجر لتتفجر منه اثنتا عشرة عيناً - و لا تعثوا في الأرض فساداً – و مأمورة بأنْ تضرب بالعصا البحر لينفلق اثنتا عشر طود عظيم – لتنجوا الأمة و معها العالمين ) هذه هي ( الشورى – العصا – الخير العظيم ) و لا يمكن أنْ نستبدل الفساد الأدنى ( الديمقراطية ) بالأعلى الخير ( الشورى ) فيغضب الله تعالى علينا { أ تستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير } ( البقرة 61 ) .
( ابنْ خلدون – من – المدائن - عرف - حقيقة : الشورى )
( و تشرشل – رئيس وزراء بريطانيا الأسبق – من – لندن – يجهل - الحقيقة )
( والكفار العلمانيون يحاربون إسلامنا – رغم علمهم بسوء ديمقراطيتهم )
لقد ورد في ( مقدمة ابنْ خلدون ) الحضرمي المفكر الإسلامي من العراق ( المدائن – سلمان باك – الفارسي – سلمان منا أهل البيت ) و رغم المآخذ عليه في تطرفه القومي و تقلبه السلطوي – فقد قرأ الواقع – و الواقع هو الكاشف القوي للدليل - فقال (( العرب أهل غلظة و أنفة لا يوالون أحداً و لا شيخاً و لم يشهد التاريخ أنْ كانوا – حكومة - فلم يوالوا إلاّ – النبي - و من كان من – جنس النبوة – و لو اُسندتْ الخلافة منذ أول يوم من وفاة النبي – حسب نهج النبوة - لما حدث ما حدثَ في تأريخ المسلمين )) و برأينا إنه يقصد ( لو طُبِقَ حكم الله : الاختيار بالرضا - الشورى ) لما حدث ما حدث من كوارث و نكبات .
و إنّ تشرشل يقول ( الديمقراطية نظام سيء و لكن لا يوجد بديله ) أيْ ( يجهل البديل الصحيح ) و هو كان من أكابر سياسي بريطانيا الرأسمالية الاستعمارية الكافرة أبانَ الحرب العالمية الثانية و من ( أكابر مجرميها ) و لعب دوراً بارزاً فيها – فهو الذي - أقنع – ستالين رئيس الاتحاد السوفيتي للدخول مع الحلفاء في الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا الهتلرية النازية – لأنّ ستالين كان يخاف هتلر و يهاب قوته فلا يوجد ما يبرر الدخول في الحرب – ولكن تشرشل و أثناء الحرب طلب من مجلس وزرائه و مخابراته جمع كل الوثائق و المراسلات المتعلقة بالحرب في غرفة واحدة و في بناية انفرد فيها و انقطع عن العالم و لكنه لم ينقطع عن القصف الجوي الألماني الذي كان يمطر بريطانيا بالقنابل – حسبما ورد في – مذكرات تشرشل - و قد تمكن من العثور على – برقية – أرسلها أحد المراسلين البريطانيين المتواجدين في منطقة البلقان يخبر حكومته ( إنّ القطارات الألمانية التي كانت تنقل القوة العسكرية إلى جنوب البلقان تبدل اتجاهها فأخذت تنقل القوة العسكرية إلى الشمال - فأخذ تشرشل – البرقية – و ذهب بها إلى ستالين و قال له ( هذا معناه إنّ هتلر ينوي احتلالكم و بامكانك التأكد من صحة البرقية ) و فعلاً فقد تحقق ستالين و ثبت عنده صحة ما يدعيه تشرشل فأعلن الحرب على ألمانيا مع الحلفاء – و نحن نقول (( إنّ تشرشل عندما قال – إنّ الديمقراطية نظام سيء و لكن لا يوجد بديله – لأنه علماني رأسمالي كافر - ولأنه ليس لديه اطلاع دقيق على الأحكام الشرعية الإسلامية – خاصة - حكم الشورى – لذلك هو و أمثاله يحاربون الإسلام مثلما حاربه هولاكو بجهله و يحاربه أبناء المسلمين أدعياء الإسلام اليوم لجهلهم او لعمالتهم – بالديمقراطية العلمانية الفاسدة – و لو اطلع تشرشل و أي محارب للإسلام – على الأحكام الشرعية في نظام الشورى – من خلال التطبيقات التي حصلت في – رئاستين للدولة الإسلامية – رئاسة الخليفة الرابع علي – و رئاسة الخليفة الخامس الحسن – و الأحكام و المفاهيم التي شَرحت الشورى في حينها – منها تعريف و لي الله علي : الشورى هي الاختيار بالرضا من قبل عموم الناس و ليس للشاهد – الذي حضرها و أدلى بصوته - أنْ يرجع عن اختياره بعد أن اشترك في الانتخاب و إلا اعتبر باغياً إذا رفض طاعة الرئيس - و ليس للغائب أنْ يختار سواء الذي كان مقاطعاً وقت الانتخاب أو كان خارج الدولة الإسلامية فليس للذي هو في الخارج الاختيار لأنه قد يصبح تحت ضغط أعداء الإسلام و إغراءاتهم – نقول لو اطلع تشرشل على الإسلام – لفهم – إنّ الشورى هي – ليست استطلاع رأي أهل الحل و العقد – و لا هي – مجلس الشورى كجهاز محاسبة للحكومة – و هي ليست – التشاور و شاورهم – و إنما هي – نظام شورى في - الأمر – و أمر المسلمين هو – اختيار أمير – رئيس - عليهم في دولتهم الإسلامية – و في الشورى – تنافس و تسابق – على أساس أخلاقي – و كما قالها ولي الله علي : غدا تبابعونني في المسجد – غداً تجري الانتخابات )) و هذا هو ما وجده و فهمه ابنْ خلدون .
و عندما فهم الكفار و العلمانيون – و دول أقطابه الكبرى - إنّ – الإسلام – هو دين الفطرة التي فطر الله الناس عليها – و إنه رحمة و شفاء للفرد و المجتمع – في الدولة و الموقف الدولي والسياسة العالمية و{ لم يترك صغيرة و لا كبيرة } و هم { و يقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادرُ صغيرةً و لا كبيرةً إلاّ أحصاها و وجدوا ما عملوا حاضراً و لا يظلمُ ربُك أحداً } ( الكهف 49 ) - و عندما وجد أعداء الإسلام – هذا هو واقع الإسلام – و إنه يهدد كياناتهم و غطرستهم و ظلمهم – فقاموا بمحاربته – لتدميره بأخبث و أحدث – التقنية و المخططات و الأساليب – في حين ( إنّ الإنسان السوي و العاقل يجب أنْ يحارب - الخطأ و الفساد ولا يحارب الإيمان و الصلاح ) - و لكنهم يتبعون شهواتهم و ملذاتهم و غطرستهم – على حساب ظلم الناس و تعاستهم - ويظهر أنهم مثل الحيوانات – يستعملون – التمييز الغريزي – و ليس – العقل – لذلك فإنهم يتصورون – بأنهم يحاربون المسلمين و يخدعونهم - في حين – إنهم يحاربون – الإسلام – الله و رسوله – و يخدعون أنفسهم - لذلك سوف يكونوا من الخاسرين و الفاشلين في - الدنيا و الآخرة – لأنّ الله جلت قدرته قد أخذ عهداً على نفسه ( أنه تعالى مُظهر الإسلام وحافظه و ناصره – ديناً ) حتى إذا ( ارتد المسلمون و تبدلوا و تولوا – أو أصبحوا دون المسؤولية ) و هذا واضح في قوله تعالى و رسوله في آيات كريمة و أحاديث شريفة { يَستبدل قوماً غيركم و لا تضروه شيئا } و { فسوف يأتي الله بقوم يحبهم و يحبونه } و { و أوذوا حتى آتاهم نصرنا } و { ليظهره على الدين كله } و { أنا له لحافظون } و < لا يزال هذا الدين ظاهراً و أهله ظاهرون > - و لكن كيف يكون ذلك – فلا يكون إلاّ بالرجوع إلى – الله و رسوله – في عقيدته الإسلامية و دولته و خلافته و بأشخاص لا يكونوا أمثال ( العاصين و الآثمين ) و هذا واضح في قوله سبحانه { و إنْ تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم } ( التوبة و المائدة والأنعام و محمد و يوسف ) - و ما بقيت أرحام النساء تلد الرجال و النساء .
( نهاية البحث - نستودعكم الله المجيب )
و إنّ كل ما وفقني الله تعالى و مكنني من ( المعرفة و الشرح ) في ( بحثي السياسي ) هذا – كان نتيجة ( نضالي و كفاحي في عملي السياسي و حمل الدعوة الإسلامية لإقامة الدولة الإسلامية الواحدة – لوجه الله تعالى و كسب رضوانه – و ليس لكسب المصالح الدنيوية – و بثبات و دون تغيير أو تقلب – خلال خمسين سنة – بين مختلف الطبقات و التيارات السياسية - و مع مختلف المذاهب و الأحزاب و الحركات الإسلامية وغير الإسلامية و الطوائف بمختلف توجهاتها و مصالحها الدنيوية و الأخروية – فوجدتُ – إنّ معظمهم عن الآخرة هم غافلون - و بعضهم لا يعلمون حتى ظاهر الحياة الدنيا ) و هناك الكثير و الهائل جداً لم أتمكن من معرفته والعلم به - لأنّ الإنسان مهما تعلم و علم فإنه يعلم ظاهراً من الحياة الدنيا ( و سوف نصبر على ما يقولون ) وندعو الله تعالى أنْ يوفق من أراد الآخرة و سعى لها سعيها و هو مؤمن و تقي لاستباق الخيرات و استباق الصراط لكي يكملوا إلى الله و رسوله مسارنا و مسار من سبقنا - و على ذلك فليتسابق المتسابقون و ليتنافس المتنافسون – و أنْ لا يجعل في قلوبهم الغل و الغدر على من سبقهم .
و نحن نودع القاريء الكريم نسأل الله سبحانه أنْ ينصر الإسلام و أهله - و أنْ يَهديَ أهل الكفر والشرك و المعصية – و أنْ يُخلص المسلمين و يُبعد عنهم المتسلطين و المتولين بالإكراه و العنف و الغدر والتصفية الجسدية – بالقتل و السم و التعذيب – و هم العملاء و الجواسيس و المنافقين و من ورائهم الفراعنة الكبار من الكفرة و المشركين و العلمانيين - أو يهدي صغيرهم و كبيرهم – و أنْ يوفق العالمين للإيمان بالإسلام و أنْ يلبسهم لباس التقوى حتى يتمكنوا من رفع راية ( الله أكبر محمد رسول الله ) عالياً و عالمياً – بإقامة – الدولة الإسلامية الواحدة – التي عقيدتها - العقيدة الإسلامية – السيادة للشرع – أي تطبيق ما أنزل الله – و السلطان للأمة – تختار بالرضا – الشورى – من يحكمها - لينال الناس – الشفاء و الرحمة و السعادة والرفاه و الطمأنينة – و يعمهم الحق و العدالة و المحبة ( بعد أنْ يعتصموا بحبل الله جميعاً ) – و أنْ لا يعاد تعطيل الأحكام الشرعية خاصة ( حكم الشورى ) و أنْ لا يساء تطبيق ( حكم البيعة ) و أنْ لا تحارب ( حق التعددية الحزبية – و حق التعبير – و حق العمل السياسي ) .
و نختم بحثنا السياسي بالآية الكريمة التي ختم بها ربنا الجليل سورة البقرة المباركة { لا يُكلفُ الله نفساً إلاّ وُسعَها لها ما كسبتْ و عليها ما اكتسبتْ ربنا لا تؤاخذنا إنْ نسينا أو أخطأنا ربنا و لا تَحْمِلْ علينا إصراً كما حملتَهُ على الذين منْ قبلنا ربنا و لا تحملنا ما لا طاقة لنا به و اعفُ عنا و اغفر لنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين } .
و آخر دعوانا أنْ الحمد لله رب العالمين .
المؤلف المحامي محمد سليم فرج الكواز
النعيمي
أبو ذر و أبو أحمد و أبو نور الإسلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق