............رقم الإيداع (337) (دار الكتب والوثائق - المكتبة الوطنية) (بالموصل 4677 في 7/12/2005) (وقبض الرسم بالرقم1513في 7/12/2005)..........

مؤلف كتاب الشورى

الفهرست

الأربعاء، 17 يونيو 2009

الفرع التاسع عشر

و سر العدد (  تسعة عشر )

 

و ما هو السر  و  السحر  الرباني  في  الآية المباركة

 

{  وَ أمْرُهُمْ  شُورى  بَينَهُمْ  }

(  الشورى   38  )

 

            و نحن أمام  أعمال و أقوال ( بني أمية و بني العباس ) و أمام أقوال المدافعين عن دولتيهم – فنقول ( إنّ الله جلت قدرته قد – استنسخ – كل ما جري و ما حصل ) و عنده ( الحق والعدل و الصلاح ) – الذي استنسخه هذا – الجهاز الرباني الهائل – و ليس جهاز ( المؤرخين ووعاظ السلاطين ) { هذا كتابٌ ينطق عليكم بالحق إنّا كُنا نستنسخُ ما كنتم تعملون } 45 / 30 .

            و إنّ وجود ( البلوى و الفتنة ) المخلوقة في – الحياة الدنيا – مع – خلق الإنسان – وهي – سنة الله – و كذلك وجود ( الرحمة و الشفاء – و التوبة و المغفرة ) كلها ( حلول –  تضمنها قوله تعالى – ومن لم يحكم بما أنزل الله )  وهي كذلك ( سنة الله و تتفق مع فطرة الإنسان ) – و إنّ – حكام بني أمية و بني العباس و بني عثمان – لم يفهموا ( سنة الله ولا الوسيلة و لا الصراط و لا سبيل المؤمنين ) – و لم يريدوا أنْ يفهموا قول الله تعالى {  الر . كتابٌ أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى  صراط العزيز الحميد }   (إبراهيم2)  و بسبب عدم فهمهم هذا المفهوم – هذه المفاهيم الإلهية – فقد أصبح ينطبق عليهم قوله تعالى { الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة  و يصدون عن سبيل الله و يبغونها عوجاً أولئك في ضلال مبين } ( إبراهيم 3 ) و جعلهم الله تعالى في – واقع مذموم – بقوله تعالى     {قُلْ  لِمن ما في السماوات و الأرض قلْ للهِ كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريبَ فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون } (الأنعام 12 ) و قوله سبحانه { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و لتنظر نفسٌ ما قدمت لغدٍ و اتقوا الله إنّ الله خبير بما تعملون . و لا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسَهم أولئك هم الفاسقون } ( الحشر 18 ) و قوله أحكم الحاكمين      { و ما هذه الحياةُ الدنيا إلاّ لهوٌ و لعبٌ و إنّ الدار الآخرة لهيَ الحيوانُ لو كانوا يعلمون }   .

 

            و حتى إذا كانت هذه الدول التي هي إسلامية بإعلان – العقيدة الإسلامية فقط – و لم تعلن غير هذه العقيدة – و على فرض - قد أعطى حكامها بعض الحقوق للأمة و الناس – أو  تظاهروا  بتأييد أحكام الدين الشرعية ( كالصلاة و الصوم و قراءة القرآن ) – و لكن أعمالهم      و تصرفاتهم و أقوالهم المتعلقة بهذه الأحكام لم تصدر عنهم عن إيمان بالله أو عن  تقوى –       و إنما عن -  التظاهر و النفاق  – وعرض الحياة الدنيا – و إنما الأعمال بالنيات – و حتى النيات مستنسخة عند رب العالمين – و إنّ هؤلاء الحكام – أصلاً – قد أضاعوا المعالم و الأحكام           و الأسس المهمة للدين – عندما حولوا الخلافة إلى ملك عضوض – و هذا أهم ما يتعلق ( بنظام الحكم ) ( السلطة و السلطان – الحق الذي ملكه الله تعالى للناس و أعطاهم صلاحية التوكيل      فيه )  وإن - أهم حكم في السلطان هو ( حكم الشورى – و أمرهم شورى بينهم )  - فإنهم قد أضاعوا هذا الحكم – فأضاعوا أنفسهم – لأنّ ( حكم الشورى ) هو ( الحكم ) الذي يجعل المسلمين و الناس ( يصطفون – مع الصالحين – عندما يصطفون لاختيار من يحكمهم أو من يمثلهم في السلطة و السلطان و أجهزة محاسبة السلطة – بالرضا – فيكون الفائز – هو من وقع عليه الاختيار من قبل عموم الناس ) – و إذا ( لم يصطفوا مع – الصالحين المخلصين المتقدمين – فسوف يكون مصيرهم – مع الفاسقين و الظالمين و الباطلين و الضائعين و المتأخرين ) .

 

       ولو  تتبعنا مصادر و مشتقات (الشورى )  لوجدناها جميعاً – تأخذ معاني ( العسل المصفى و خلية النحل  و اللباس الحسن  وحسن الهيئة  و جمال الصورة و المنظر و الزينة – و كل ما هو مستحسن وجوده في البيت من أثاث و متاع )  . 

 

(  السر الإلهي في  الشورى  )

                 هو لكشف  فساد – الديمقراطية - و إظهار  كفرها

          إنّ الله تعالى قد وضع ( أسرار ) كثيرة – غيبية – تطلبتها فلسفة الحياة الدنيا – و تنظيم السلوك الإنساني -  و تكون عامل فعال لهدايتهم إلى الطريق المستقيم الصحيح – ليكون مصيرهم الجنة و ليس النار – ومن هذه الأسرار – السر الذي وضعه الله جلت قدرته في العدد ( تسعة عشر ) في قوله تعالى { عليها تسعة عشر } ( المدثر 30 )  فجعل في حينه الجميع ( كفار         و مؤمنين ) يتساءلون (  لماذا هذا العدد و لماذا لا يكون أقل أو أكثر )  المهم هو – أنه تعالى قد لفت نظرهم في هذا – السر -  إلى ( جهنم  و الملائكة الذين عليها )  واليوم – عصرنا -  وجد الناس ( إنّ عدد سور القرآن المجيد –  مائة و أربعة عشر – سورة -  يقبل القسمة على العدد – تسعة عشر – فيكون ناتج القسمة العدد -  ستة  - و لدى رجوعنا إلى خلق السموات و الأرض وجدنا إنها خلقت في -  ستة أيام -  وإنّ الله تعالى قد ذكر و كرر – خلق السموات و الأرض في ستة أيام -  سبع مرات  في سبع سور : الأعراف و يونس و هود و الفرقان والسجدة و  ق         و الحديد )  و هنا كذلك يوجد -  سر – في تعدد ذكرها ( سبع مرات )  و ليس ( ست مرات ) فهل لعلاقة هذا – السر -  بعدد ( أيام الأسبوع – السبعة  :  الجمعة و السبت و الأحد و الاثنين          و الثلاثاء و الأربعاء و الخميس )  و هنا كذلك يوجد -  سر -  آخر و هو ( ما هو اليوم الذي تعطل فيه العمل في – خلق السموات و الأرض -  من الأيام السبعة – و نحن نميل إلى يوم – الجمعة -  هو يوم العطلة – ليكون تهديد إلى الذين يدعون الإسلام و جعلوا عطلتهم في أيام السبت أو الأحد مثل تركيا تمشياً مع العقيدة العلمانية النصرانية – و إنّ سبب ميلنا إلى يوم – الجمعة – هو – لأنّ الله سبحانه قد كرم يوم – الجمعة - بالعبادة و بتسمية سورة في القرآن المجيد بسورة - الجمعة  ) {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله  و ذروا البيعَ  ذلكم خيرٌ  لكم إنْ  كنتم تعلمون } ربطها تعالى بعلم الأسرار – و الله تعالى ذكر – يوم الجمعة – مرة واحدة في قرآنه المجيد – و من كل ما تقدم – نفهم – إنّ الله جلت قدرته – قد وضع (  أجهزة للحياة  )  و وضع ( مفاتيح و أزرار ) لفتح تلك الأجهزة – ليشتغل عليها الإنسان – بالعمل الصالح -  وبالتسابق و التنافس  { فاستبقوا الخيرات }                             { و السابقون  السابقون  }  { ختامُهُ مسكٌ و في ذلك فليتنافس المتنافسون }  . 

 

                      و أنّ الله تعالى و جلت قدرته قد أدخل في ( حكم الشورى ) ( سر  – من أسرار الحياة الدنيا ) و لا يعرف و لا يفهم هذا ( السر )  إلا  ( السياسي المؤمن و التقي – الذي عنده – الدهاء السياسي الصحيح ) -  و إنّ هذا ( السر ) الذي أدخله الله تعالى في ( حكم الشورى ) هو أنه قد  جعل بقضائه أنْ يكون هذا الحكم ( أول حكم شرعي يعطل بعد وفاة رسول الله مباشرة ) فلماذا قضى الله جلت قدرته بهذا ( التعطيل ) و لماذا قضى أنْ  يقتصر تعريف و توضيح هذا الحكم على ( ولي الله علي ) و لماذا قضى أنْ يكون ( أول تطبيق لهذا الحكم ) في خلافة الخليفة الرابع علي و الخليفة الخامس الحسن – و من ثم ( تغيب الشورى و يتعطل حكمها إلى يومنا المعاصر )  و لماذا قضى تعالى  أنْ تبرز ( الديمقراطية ) فكراً و آلية – طريقة – لاختيار            ( الرئاسة و السلطة )  و تسود العالم اليوم و هي ( كفر و فساد ) -  هل لكي يلفت الله تعالى بقضائه المسلمين إلى ما عندهم من إيمان ( الشورى ) الفكر الصحيح و الصالح للعالمين -  و إنّ قوة هذا – السر – تكمن في (  ربط الشورى بعموم الناس – في اختيارهم و رضاهم  ) – و إنّ الحاكم الذي ( يعطل حكم الشورى ) يكون قد ( عطل – السر - جهاز عموم الناس ) و يكون قد     ( غدرهم و دمرهم و دفعهم إلى التأخر و الانحطاط و الهبوط و الهلاك ) .

 

            و إنّ هذا ( السر ) واضح في قوله تعالى { و أمرهم شورى بينهم }  عندما نريد معرفة من هم ( المقصودين ) في كلمتي ( أمرهم – و بينهم )  هل المقصودون هم ( بني أمية ) فيكون من حقهم تسمية - الدولة الإسلامية - ( الدولة الأموية ) – أم هم ( بني العباس ) فهؤلاء كذلك من حقهم تسمية – الدولة الإسلامية - ( الدولة العباسية )  -  في حين – إنّ ( الدولة )  التي -  ناضل وجاهد و ضحى – من أجل ( إقامتها ) ( رسول الله الحبيب و أهل بيته و أصحابه )  هي (دولة جهاز عموم الناس – الحمد لله رب العالمين ) و إنّ الدولة لا تكون ( دولة عموم الناس )  إلاّ إذا سُميت ( الدولة الإسلامية ) صافية كالزلال ( و لعل الجهلة من الحكام و وعاظهم – يفهمون هذا – السر و المفتاح  – فحاربوه و عطلوه – من أجل التسلط على الناس  و البطر       و الغرور و التعالي لأيام معدودة بزينة الحياة الدنيا و حلاوتها ) و من خلال ذلك سوف نرى ما هي ( الأخطاء و الآثام ) التي أرتكبت – بحق الله – و بحق عموم الناس – و بحق الدولة الإسلامية الواحدة – و من أجل ذلك قال السياسي و الداهية و بطل الأبطال ( ولي الله الصحابي علي ) قوله المشهور (( إنّ الإمامة و الخلافة لا تنعقد – إلاّ إذا حضرها – عموم الناس ))  و إنّ – حضور عموم الناس للاختيار بالرضا – هي – الشورى – و إنّ هذا ( السر و المفتاح ) مادام - معطلاً – فإنّ الأمة الإسلامية تبقى في قلق و اضطراب و تمزق و تشتت و كيانات و تجزئة حتى بدون فدرالية  - في حين – إنّ الكفار العلمانيين قد اكتشفوا و توصلوا اليوم و بعد مرور أكثر من ألف و أربعمائة سنة  إلى ما يشبه – الشورى – و سموها - ديمقراطية – تيمناً بسقراط اليوناني  -  و هم اليوم ( بالرغم من فسادها و قصورها ) يتفاخرون بها حتى على من يملك – السر الحقيقي  و المفتاح  الصحيح لفكرة ( عموم الناس ) .

              و إنّ الله تعالى قد شخص و وضح ( السر ) في ( أمرهم – و بينهم ) و جسده في الآية الكريمة / 36 من سورة الأحزاب { و ما كان لمؤمنٍ و لا  مؤمنةٍ إذا  قضى اللهُ و رسولهُ  أمرً  أنْ يكونَ لهم  الخيرةُ  من  أمرهم  و من يعصِ الله و رسوله فقد ضلّ ضلالاً مبيناً } و إنّ – أمر الله – هو – الشورى – و – أمرهم – هو  -  مصير حياتهم – و أهم مصير للحياة – فرديا ً-  هو – الزواج -  و -  مجتمعاً حضارياً -  هو (  الحكم – الدولة – و السيادة و السلطة ) قد جعل مصيرها في ( الشورى )  .      

 

(  السحر الإلهي  في الشورى  )

 

               بهذه المناسبة علينا أنْ نستشهد بقوله تعالى {  ثم  أنتم  هؤلاء تقتلون أنفسَكم وتخرجون  فريقاً منكم  من ديارهم  تَظاهَرون عليهم  بالإثم و العدوان  و إنْ يأتوكم أسارى  تُفادُوهم و هو  محرمٌ عليكم إخراجُهم  أ فتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعضٍ  فما جزاء  من يفعل  ذلك منكم إلاّ  خزيٌ في الحياة الدنيا و يومَ القيامة يُردونَ إلى أشد العذاب و ما الله بغافل عما تعملون } ( البقرة 85 )  - و إنّ قول الله تعالى كان واضحاً كل الوضوح بقوله الكريم             { أ فتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلاّ خزيٌ في الحياة الدنيا } – و هل عرف - الطغاة – الفراعنة الصغار – و وعاظ السلاطين  بعمائمهم و لحاهم        و الأكاديميون العملاء الذين يقولون : نأخذ بالمحتوى الذي يتفق مع الإسلام مهما كان الاسم –    و كأنهم لم يقرأوا قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعِنا و قولوا انظُرنا و اسمعوا        و للكافرين عذابٌ أليمٌ } - و لماذا  هذا ( الخزي – في الحياة )  لأنهم (  كفروا بهذا البعض -  حق السلطة و الساطان و طريقة تنفيذه – و لم يطبقوه و عطلوه ) و سرقوه من الأمة الإسلامية التي منحه الله تعالى لها بعد وفاة رسول الله مباشرة – و اليوم كذلك ( بسرقتهم – السر و السحر – عصا موسى – الشورى ) بكذبهم  و بنفاقهم ( الديمقراطية و العلمانية و الحرية و العولمة          و الجمهورية  و الملكية – فصل الدين عن الحياة ) يدمرون الأمة بكفرهم بهذا البعض بل          و بالعقيدة التي يستند إليها  - و مع ذلك  فالأمة الإسلامية لا تزال ( تمتلك العصا – و لا تزال الأمة مأمورة – بإلقاء العصا – لتتلقف نفاقهم و كذبهم – و الأمة مأمورة بأنْ  تضرب بالعصا الحجر لتتفجر منه اثنتا عشرة عيناً  - و لا تعثوا في الأرض فساداً – و مأمورة بأنْ تضرب بالعصا البحر لينفلق اثنتا عشر طود عظيم – لتنجوا الأمة و معها العالمين ) هذه هي ( الشورى – العصا – الخير العظيم ) و لا يمكن أنْ نستبدل الفساد الأدنى ( الديمقراطية ) بالأعلى الخير       ( الشورى )  فيغضب الله تعالى علينا { أ تستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير }                   ( البقرة 61 ) .           

 

 

         (  ابنْ خلدون – من – المدائن - عرف  -  حقيقة : الشورى )

  ( و تشرشل – رئيس وزراء بريطانيا الأسبق – من – لندن – يجهل - الحقيقة )

 ( والكفار العلمانيون يحاربون إسلامنا – رغم علمهم بسوء ديمقراطيتهم )  

 

       لقد ورد في ( مقدمة ابنْ خلدون ) الحضرمي المفكر الإسلامي من العراق ( المدائن – سلمان باك – الفارسي – سلمان منا أهل البيت ) و رغم المآخذ عليه في تطرفه القومي و تقلبه  السلطوي – فقد قرأ الواقع – و الواقع هو الكاشف القوي للدليل - فقال (( العرب أهل غلظة        و أنفة لا يوالون أحداً و لا شيخاً  و لم يشهد التاريخ  أنْ كانوا – حكومة -  فلم يوالوا إلاّ – النبي -  و من كان من – جنس النبوةو لو اُسندتْ الخلافة منذ أول يوم من وفاة النبي – حسب نهج النبوة -  لما حدث  ما حدثَ  في    تأريخ  المسلمين  )) و برأينا إنه يقصد  ( لو طُبِقَ  حكم الله  :  الاختيار بالرضا -  الشورى )  لما حدث ما حدث من كوارث و نكبات  .

            و إنّ تشرشل يقول ( الديمقراطية نظام سيء و لكن لا يوجد بديله ) أيْ ( يجهل البديل الصحيح )  و هو كان من  أكابر سياسي بريطانيا الرأسمالية الاستعمارية الكافرة أبانَ الحرب العالمية الثانية و من ( أكابر مجرميها )  و لعب دوراً بارزاً فيها – فهو الذي - أقنع – ستالين رئيس الاتحاد السوفيتي للدخول مع الحلفاء في الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا الهتلرية النازية – لأنّ ستالين كان يخاف هتلر و يهاب قوته فلا يوجد ما يبرر الدخول في الحرب – ولكن تشرشل و أثناء الحرب طلب من مجلس وزرائه و مخابراته جمع كل الوثائق                و المراسلات المتعلقة بالحرب في غرفة واحدة و في بناية انفرد فيها و انقطع عن العالم و لكنه لم ينقطع عن القصف الجوي الألماني الذي كان يمطر بريطانيا بالقنابل – حسبما ورد في – مذكرات تشرشل -  و قد تمكن من العثور على – برقية – أرسلها أحد المراسلين البريطانيين المتواجدين في منطقة البلقان يخبر حكومته ( إنّ القطارات الألمانية  التي كانت تنقل القوة العسكرية إلى جنوب البلقان تبدل اتجاهها فأخذت تنقل القوة العسكرية إلى الشمال -  فأخذ تشرشل – البرقية – و ذهب بها إلى ستالين و قال  له ( هذا معناه إنّ هتلر ينوي احتلالكم         و بامكانك التأكد من صحة البرقية ) و فعلاً فقد تحقق ستالين و ثبت عنده صحة ما يدعيه تشرشل  فأعلن الحرب على ألمانيا مع الحلفاء – و نحن نقول (( إنّ تشرشل عندما قال – إنّ الديمقراطية نظام سيء و لكن لا يوجد بديله – لأنه علماني رأسمالي كافر -  ولأنه ليس لديه اطلاع دقيق على الأحكام الشرعية الإسلامية – خاصة - حكم الشورى – لذلك هو و أمثاله يحاربون الإسلام مثلما حاربه هولاكو بجهله و يحاربه أبناء المسلمين أدعياء الإسلام اليوم لجهلهم او لعمالتهم – بالديمقراطية العلمانية الفاسدة – و لو اطلع تشرشل و أي محارب للإسلام – على الأحكام الشرعية في نظام الشورى – من خلال التطبيقات التي حصلت في – رئاستين للدولة الإسلامية – رئاسة الخليفة الرابع علي – و رئاسة الخليفة الخامس الحسن – و الأحكام و المفاهيم التي شَرحت الشورى في حينها – منها تعريف و لي الله علي : الشورى هي الاختيار بالرضا من قبل عموم الناس و ليس للشاهد – الذي حضرها و أدلى بصوته - أنْ يرجع عن اختياره بعد أن اشترك في الانتخاب و إلا اعتبر باغياً إذا رفض طاعة الرئيس - و ليس للغائب أنْ يختار سواء الذي كان مقاطعاً وقت الانتخاب أو كان خارج الدولة الإسلامية فليس للذي هو في الخارج الاختيار لأنه قد يصبح تحت ضغط أعداء الإسلام و إغراءاتهم – نقول لو اطلع تشرشل على الإسلام    لفهم – إنّ الشورى هي – ليست استطلاع رأي أهل الحل و العقد – و لا هي – مجلس الشورى كجهاز محاسبة للحكومة – و هي ليست – التشاور و شاورهم – و إنما هي – نظام شورى في -  الأمر  – و أمر المسلمين هو –  اختيار أمير – رئيس - عليهم في دولتهم الإسلامية – و في الشورى  – تنافس و تسابق – على أساس أخلاقي – و كما قالها ولي الله علي : غدا تبابعونني في المسجد – غداً تجري الانتخابات  )) و هذا هو ما وجده و فهمه ابنْ خلدون .

        

           و عندما فهم الكفار و العلمانيون – و دول أقطابه الكبرى -  إنّ – الإسلام – هو دين الفطرة التي فطر الله الناس عليها – و إنه رحمة و شفاء للفرد و المجتمع – في الدولة و الموقف الدولي والسياسة العالمية  و{ لم يترك صغيرة و لا كبيرة }  و هم  { و يقولون يا ويلتنا  ما  لهذا الكتاب لا يغادرُ صغيرةً و لا كبيرةً إلاّ أحصاها و وجدوا ما عملوا حاضراً و لا يظلمُ ربُك  أحداً }    ( الكهف 49 )  -  و عندما وجد  أعداء الإسلام – هذا هو واقع الإسلام – و إنه يهدد كياناتهم      و غطرستهم و ظلمهم – فقاموا بمحاربته – لتدميره بأخبث و أحدث – التقنية                         و المخططات و الأساليب – في حين ( إنّ الإنسان السوي و العاقل يجب أنْ يحارب  - الخطأ        و الفساد ولا يحارب الإيمان و الصلاح )  -  و لكنهم  يتبعون شهواتهم و ملذاتهم و غطرستهم – على حساب ظلم الناس و تعاستهم -  ويظهر أنهم مثل الحيوانات – يستعملون – التمييز الغريزي – و ليس – العقل – لذلك فإنهم يتصورون – بأنهم يحاربون المسلمين و يخدعونهم -  في حين – إنهم يحاربون – الإسلام – الله و رسوله – و يخدعون أنفسهم -  لذلك سوف يكونوا من الخاسرين و الفاشلين في  -  الدنيا و الآخرة – لأنّ الله جلت قدرته قد أخذ عهداً على نفسه         ( أنه تعالى مُظهر الإسلام  وحافظه و ناصره – ديناً ) حتى إذا ( ارتد المسلمون و تبدلوا و تولوا – أو أصبحوا دون المسؤولية ) و هذا واضح في قوله تعالى و رسوله  في آيات  كريمة            و أحاديث شريفة { يَستبدل قوماً غيركم و لا تضروه شيئا } و { فسوف يأتي الله بقوم يحبهم      و يحبونه } و { و أوذوا حتى آتاهم نصرنا }  و { ليظهره على الدين كله }  و { أنا                   له لحافظون }  و <  لا يزال هذا الدين ظاهراً  و أهله ظاهرون >  -  و لكن كيف يكون ذلك – فلا يكون إلاّ بالرجوع إلى – الله و رسوله – في عقيدته الإسلامية و دولته و خلافته                     و بأشخاص لا يكونوا أمثال  ( العاصين  و الآثمين ) و هذا واضح في قوله سبحانه { و إنْ تتولوا يستبدل قوماً غيركم  ثم لا يكونوا  أمثالكم } ( التوبة  و المائدة والأنعام و محمد   و يوسف )  -    و ما بقيت أرحام النساء تلد الرجال و النساء .

 

 

 

(  نهاية البحث  -  نستودعكم الله المجيب ) 

 

            و إنّ كل ما وفقني الله تعالى و مكنني  من ( المعرفة و الشرح ) في ( بحثي السياسي ) هذا – كان نتيجة ( نضالي و كفاحي في عملي السياسي و حمل الدعوة الإسلامية لإقامة الدولة الإسلامية الواحدة – لوجه الله تعالى و كسب رضوانه –  و ليس لكسب المصالح الدنيوية –       و بثبات و دون تغيير أو تقلب – خلال خمسين سنة – بين مختلف الطبقات و التيارات السياسية -  و مع مختلف المذاهب و الأحزاب و الحركات الإسلامية وغير الإسلامية و الطوائف بمختلف توجهاتها و مصالحها الدنيوية و الأخروية – فوجدتُ – إنّ معظمهم عن الآخرة  هم غافلون -     و بعضهم لا يعلمون حتى ظاهر الحياة الدنيا ) و هناك الكثير و الهائل جداً لم أتمكن من معرفته والعلم به -  لأنّ الإنسان مهما تعلم و علم فإنه يعلم ظاهراً من الحياة الدنيا ( و سوف نصبر على ما يقولون )  وندعو الله تعالى أنْ يوفق من أراد الآخرة و سعى لها سعيها و هو مؤمن و تقي لاستباق الخيرات و استباق الصراط لكي يكملوا إلى الله و رسوله مسارنا و مسار من سبقنا -     و على ذلك فليتسابق المتسابقون و ليتنافس المتنافسون – و أنْ لا يجعل في قلوبهم الغل و الغدر على من سبقهم .

 

            و نحن نودع القاريء الكريم نسأل الله سبحانه أنْ ينصر الإسلام و أهله -  و أنْ يَهديَ أهل الكفر والشرك و المعصية – و أنْ يُخلص المسلمين و يُبعد عنهم  المتسلطين و المتولين بالإكراه و العنف و الغدر والتصفية الجسدية – بالقتل و السم و التعذيب – و هم العملاء            و الجواسيس و المنافقين و من ورائهم الفراعنة الكبار من الكفرة و المشركين و العلمانيين -  أو  يهدي صغيرهم و كبيرهم – و أنْ يوفق العالمين للإيمان بالإسلام و أنْ يلبسهم لباس التقوى حتى يتمكنوا من رفع راية (  الله أكبر محمد رسول الله ) عالياً و عالمياً – بإقامة – الدولة الإسلامية الواحدة – التي عقيدتها  - العقيدة الإسلامية – السيادة للشرع – أي تطبيق ما أنزل الله –          و السلطان للأمة – تختار بالرضا – الشورى – من يحكمها -  لينال الناس – الشفاء و الرحمة     و السعادة والرفاه و الطمأنينة – و يعمهم الحق و العدالة و المحبة ( بعد أنْ يعتصموا بحبل الله جميعاً ) – و أنْ لا يعاد تعطيل الأحكام الشرعية خاصة ( حكم الشورى ) و أنْ لا يساء تطبيق        ( حكم البيعة ) و أنْ لا تحارب ( حق التعددية الحزبية – و حق التعبير – و حق العمل        السياسي  ) .     

 

            و نختم بحثنا السياسي بالآية الكريمة التي ختم بها ربنا الجليل سورة البقرة المباركة    { لا يُكلفُ  الله  نفساً  إلاّ  وُسعَها لها ما كسبتْ و عليها ما اكتسبتْ ربنا لا  تؤاخذنا إنْ نسينا أو أخطأنا ربنا و لا  تَحْمِلْ علينا  إصراً كما حملتَهُ على الذين منْ قبلنا  ربنا و لا  تحملنا  ما  لا  طاقة لنا به و اعفُ عنا و اغفر لنا  أنت مولانا  فانصرنا على القوم الكافرين } .

                و آخر دعوانا أنْ الحمد لله رب العالمين  .

المؤلف

المحامي محمد سليم فرج الكواز

                                                     النعيمي

                                أبو ذر              و أبو أحمد         و أبو نور الإسلام    

 


                                                                                    

 

           

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق