............رقم الإيداع (337) (دار الكتب والوثائق - المكتبة الوطنية) (بالموصل 4677 في 7/12/2005) (وقبض الرسم بالرقم1513في 7/12/2005)..........

مؤلف كتاب الشورى

الفهرست

الأربعاء، 17 يونيو 2009

الفصل الثامن

 

وجوب دراسة و مناقشة و تحليل أعمال و أقوال الصحابة و السلف والتابعين

للعبرة و الاعتبار و لمعرفة أحكامنا الشرعية

و لا يجوز وضع القدسية عليهم 

(لأنّ – الإنسانَ مخلوق لخالق – و يحتاج إلى نظام – تحتمه فلسفة الخلق)

{ ومنْ كل شيٍْ خلقنا زوجين }

 

            إنّ دراسة و تحليل و مناقشة ( أعمال و أقوال ) ( ا لصحابة و السلف و التابعين – حكام و غير حكام من الفقهاء و السياسيين ) ( بموضوعية و واقعية – دون التعرض لأشخاصهم بالمدح أو الذم ) من أجل ( العبرة و الاعتبار – ولفهم أحكام ديننا ) – وبرأينا السياسي – تكون هذه الدراسة و المناقشة من باب – الوجوب – على المسلمين – وليس من باب – الاستحباب أو المندوب – ما دام وضع المسلمين قد وصل إلى درجة يرثى لها        و تكالبت عليهم الشعوب و الأمم – ولأنّ رسول الله الحبيب يقول < من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم >      و يقول < الدين النصيحة – والدين المعاملة >  و يقول  < من أراد العلم عليه أنْ يُثَوِّر آيات القرآن الكريم >  وإنّ الله تعالى يقول { من كان يُريدُ العزةَ فللهِ العزةُ جميعاً إليه يصعد الكَلِمُ الطيبُ و العملُ الصالحُ  يَرفَعُهُ }         ( فاطر 10 ) و قال سبحانه { أقرأ بإسم ربك الذي خلق } 0{  الذي علم الإنسان ما لم يعلم } ( العلق 4) 0

            و بعد ذلك نسأل سؤالاً مهماً و لا يوجد سؤال أهم منه سوى (  وجود الله و توحيده – والإيمان برسله ) و السؤال هو ( هل هناك درجة أعلى من درجة تطبيق الإسلام و الحكم به – الحكم بما أنزل الله ) حتى يكون اهتمامنا به – من باب الاهتمام بأمر المسلمين – وتكون به النصيحة – و نحصل به على العزة و الكرامة –       و العمل الصالح – و نقرأ به باسم ربنا – حتى نتعلم ما لم نعلم – و نقولها بصراحة ( إنّ الذين يقولون بأنّ هناك درجة أعلى من درجة – تطبيق – الإسلام و الحكم به – ما هم إلاّ منافقون و أعداء للإسلام و يريدون محاربة الله و رسوله و الإسلام ) يبليل 0

( إنّ منْ يقول : إجماع الصحابة دليل شرعي – هم أولى بمناقشة أعمالهم وأقوالهم )

            إنّ هناك حكم فقهي يتبعَهُ الكثير من المسلمين وهو ( إنّ – إجماع الصحابة – من الأدلة الشرعية )  وبذلك يكون – واجب – على المسلمين دراسة و مناقشة – أعمال و أقوال الصحابة -  لعلاقتها بالدليل الشرعي – الإجماع – لإثبات أحكام ديننا – و هذه الدراسة تمكننا من – معرفة – ما هو – إجماع الصحابة – و كيف يكون – الإجماع – وهل حصل – الإجماع – و متى حصل – و بالتالي تؤدي هذه الدراسة إلى – معرفة و فهم الأحكام الشرعية – و على ذلك يتوقف نهوض و تقدم المسلمين أو تأخرهم و انحطاطهم 0

            و إنّ من يقول – يجب علينا ترك الاستذكار و النقاش و التحليل لأعمال و أقوال الصحابة – فإنه يريد بقوله هذا – ترك الإسلام – و ترك إقامة دولته – و ترك الخلافة – و هذا خلاف كل الأحكام الشرعية في الإسلام – خاصة عند الذين يقولون – إنّ إجماع الصحابة من الأدلة الشرعية -_و لا يوجد في قول – من ينادي بترك أعمال و أقوال الصحابة أدنى تقوى – لأنّ قولهم هذا سوف يؤدي إلى منع المسلمين من معرفة و فهم إسلامهم – خاصة الأحكام الشرعية الخاصة بالحكم و الاقتصاد و الاجتماع  - وهذا بدوره يؤدي إلى تأخر المسلمين             و انحطاطهم و تخلفهم بغلق عقولهم و إنهاء التفكير عندهم و إبقائهم في دياجير الظلمة  و الضلال و الجهل       و الفساد و يبقى همهم في -  العلف و الجنس – وهذا معناه ابتعادهم عن أسس النهضة مثلما أدى ذلك إلى إنهاء دولتهم و إلغاء اسم الخلافة 0

            و كذلك هناك – موضوع – في بحث أصول الفقه عن الأحاديث الشريفة المنقولة عن رسول الله الحبيب – قسم منها يسمونها – أحاديث آحاد  الأخبار – أي إنها الأحاديث التي تنقل للفقه عن طريق – صحابي واحد – والمهم هنا هو إنّ هذا – الحديث و قائله و ناقله – يخضع إلى علم يسمى – علم التجريح – و إنّ الصحابي الذي يخضع إلى علم التجريح يتعارض مع قاعدة – الصحابة عدول – هذا من ناحية – وأما من ناحية موضوعنا  فإنّ الصحابة هم الذين نقلوا لنا -  أحاديث آحاد الأخبار – و هم كثرة – فلا يجوز ترك أعمالهم و أقوالهم لأنّ نقلهم في أحاديث الآحاد إذا ثَبُتت تصح أنْ تكون حجة على المسلمين و إذا جرحت فإنها تسقط – فكيف يمكننا ترك أعمال  و أقوال الصحابة 0

            و قد يتمكن القائلون – بوجوب ترك دراسة و مناقشة أعمال وأقوال الصحابة – من إقناع بعض المسلمين السذج وغير السذج بوجهة نظرهم هذه و بالغاية التي يقصدونها من- الترك – في هذه الحياة الدنيا – ولكن هل يقدرون على إقناع رب العالمين و رب الحساب بوجهة نظرهم في اليوم الآخر – و هل يتمكنون من كسب رضا الله تعالى على إنّ عملهم بإقناع الناس بهذا الترك لم يكن على أساس – ربط مصالح الناس بهم نتيجة – الترغيب و الترهيب- و إنما كان على أساس – الإيمان و اليقين و التقوى – لأنّ القائم بالإقناع سوف يكون – إمام – للذين أقنعهم و إنّ الله سبحانه يقول { يومَ ندعوا كلَّ أُناسٍ بإمامهم } ( الإسراء 71 )  أي يوم الحساب يكون الإمام الشخص القائم بالتوجيه والإقناع ومن صدقه وأقتنع به حاضرون للحساب .

            و نقول إنّ التحقيق و التحليل في – أعمال و أقوال الصحابة هو – لفهم أحكامنا الشرعية -  وليكن -  للعبرة و الاعتبار كما يحلو للبعض – و مهما يكون فهو – واجب شرعي – لما نشاهده في واقع المسلمين اليوم من تفرقة و تناحر و قتال تصدر من فئات و جماعات تدعي – تمسكها بالصحابة و السلف – و لا يتمسكون بأمر الله سبحانه – بوجوب وجود الدولة الإسلامية الواحدة – فأصبحنا – كالمثل – الذي ضربه الله تعالى في قوله الكريم { و كالذي مَرَّ على قريةٍ و هي خاويةٌ على عروشها قال أنّى يُحيي هذه  اللهُ بعدَ موتها } ( البقرة 259 ) ولكن بنظرة إسلامية ثاقبة يكون الجواب سريع و حاسم وهو – إنّ الله يحييها بتطبيق الإسلام – { قل  يُحييها الذي أنشأها أولَ مَرةٍ و هو بكلِ خلقٍ عليمٌ } ( ياسين 79 ) كما أنشأ رسول الله الحبيب – الدولة الإسلامية – أول مرة – فأنشأ و أحيا – الأمة الإسلامية الواحدة – و بتحدي و ثبات بقوله < و الله لو وضعوا الشمس في يميني > و بهذا الإصرار الرباني و كذلك إصرار رسوله قد أوجد و أحيا الأمة الإسلامية – و لكنها – ماتت بترك و تعطيل أحكام الإسلام -  القانون الرباني – وبهذا التوجه العقائدي المبدئي – قال رسولنا < ولو وضعوا القمر في شمالي على أنْ  أترك ما تركتُ الإسلام > أي ما أمتنع عن تطبيق أو أقوم  بتعطيل أو ترك أي حكم من أحكام الإسلام – لذلك فقد ماتت الأمة الإسلامية  بترك و تعطيل أو تغيير الأحكام و الابتعاد عن الإسلام تدريجيا سواء في أحكام الاقتصاد أو الحكم أو الاجتماع أ و في العبادة  و الأخلاق 0

            و مهما استكثرنا من التحقيق و التدقيق و التنقيب و التثور في بطون الكتب و في مقدمتها – القرآن والسنة – و مع ذلك نبقى كما قال الله تعالى { يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا و هم عن  الآخرة هم غافلون } (الروم 7) و كذلك نبقى { فوق كل ذي علم عليم } ( يوسف 76 ) و حتى لا نغفل عن – اليوم الآخر – فلابد من تحسين حالنا و تصحيح وضعنا – علينا أخذ الصحيح من – الصحابة و السلف – و ترك الخطأ { لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } و ماذا موجود في أنفسهم { و نفسٍ و ما سواها فألهمها فجورها و تقواها قد أفلح من زكاها و قد خاب من دساها} ( الشمس 7) و هذه الآية العظيمة تشمل – الصحابة و السلف و جميع الناس – إذن – فالتغيير هو – بجعل التقوى الموجودة في النفس البشرية – لباس التقوى – هي التي تسيطر و توجه فجور النفس الإنسانية  و تسودها و تقود الإنسان في – أعماله و أقواله و في علمه و فقهه و تفسيره و تاريخه– إلى الصحيح و الحق و العدل – أو العكس – و هذا هو التغيير في النفس – وهذا هو ما قصده رب العالمين- لانّّ البشر جميعا يوم الآخرة – محاسب و معذب – حسب قوله تعالى { و كل إنسان ألزمناهُ طائره في عنقه و نخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً أقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً } ( الإسراء 13 ) إلا من استثناه ربنا و رسولنا من الحساب أو العذاب { و ما يلقاها إلاّ ذو حظٍ عظيمٍ } ( فصلت 35 ) 0

            إذاًْ كل إنسان محاسب و معذب إلاّ باستثناء حسب قول الله ورسوله و إرادته تعالى و كل الإدانات          و الأعمال و الأقوال مثبتة و مستنسخة { هذا كِتابُنا يَنطقُ  عليكم  بالحقِّ  إنا  كنّا  نَستنسخُ  ما كنتم  تَعملونَ } (الجاثية 29 ) فالكتاب الذي ألفه رب العالمين و طبعه و استنسخه فهو ينطقُ بالحق علينا و سوف نقرأه يوم الحساب – وإنّ أساس هذا الكتاب هو الأجهزة المعلوماتية و أشرطة الأفلام و الاستنساخ لجميع قصة حياتنا الدنيا من مثقال عملٍ وقولٍ نعمله و عملناه إلى عظائم الأمور و من جرائم كبائرها و صغائرها – و إنّ الاستنساخ الرباني قد شمل كل شيء حي أو جماد – فأين المفر من الحساب و العذاب – و إنّ الله تعالى قال { نستنسخ } يوم لم يكن يعرف الإنسان ما هو هذا الجهاز الذي كان مجهولاً بالنسبة لنا و لا نعلم كم هي عدد الأجهزة التي لا تزال مجهولة حتى اليوم 0

            إذ اً فإنّ الجميع – محاسب و معذب إلا باستثناء – و أولها – ضغطة القبر – التي سوف لا ينجو منها أيُّ – صحابي أو إنسان – عن كل – عمل أو قول – سلباً أو إيجاباً – و { ما ظهر منها و ما بطن } ( الأنعام152)    و حتى – النيات – مستنسخة – بأحدث و أضخم و أدق الأجهزة التقنية الربانية – كمبيوترات و مايكروفات         و ليزرات و مخفيات  و{ لَهُ  مُعَقباتٌ منْ بين يديهِ و منْ  خلفهِ } ( الرعد 12) – و إنّ البشرية سوف يصيبها الذهول و العجب العجاب من الأجهزة و الظواهر الكونية و الحياتية و الإنسانية – و ليس علم و تجارب – و إنما-  حقائق  و تقنية – و هل هناك تقنية تماثل – تقنية خلق الإنسان – مثلاً – إنّ الإنسان إذا نوى القيام بعمل حسن قد أوجبه الله تعالى و لكن القضاء و القدر حال دون قيامه بالعمل – فإنّ الله سبحانه سوف – يُكتب – له الأجر على نيته هذه – و لكن كيف يتمكن الإنسان أنْ يثبت – أنه كان قد – نوى – و لكنها كُتبت – فلابد من وجود الجهاز الرباني لتسجيل و استنساخ – النيات – في الكتاب الذي ينطق بالحق – و هذا الجهاز لم يدركه الإنسان اليوم        و لكن قد يدركه مستقبلاً – و هناك خبر إعلامي من اليابان عن العلم الذي يبحث في تطوير جهاز – كمبيوتر – يسجل انفعالات الحيوانات النفسية – بوضع  أشرطة تسجيلية في أعناق أو أطراف الحيوان ـ المهم هو أن الله تعالى قد أخبرنا بعمل هذا الجهاز قبل العلم من قبل الإنسان بقوله تعالى (ماظهر منها وما بطن) وأن(البطن)هي المقصودة في هذا العلم وهذا الجهاز المراد اكتشافه.

     ( تطور الأجهزة المعلوماتية – كالكمبيوتر و الانترنيت –  ستكون في النهاية )

             ( في خدمة – الإسلام  و المسلمين -  عبادك منهم المخلصين )

            ونحن نجزم ـ بيقين إسلامي ـ بان مراحل التطور الكمبيوترية منها ـ الانترنيت ـ سوف تكون في النهاية في ـ خدمة الإسلام والمسلمين ـ وتكون وبالاً ومأساة وتدمير للشرك والكفرـ وهذا ما سيتضح للناس كلما أقترب ـ قيام الساعة ـ لان الإسلام هو دين الخالق وأن الخالق أعلم وأعرف بما يحتاجه المخلوق ولا يمكن أن يكون الإسلام من صنع البشر لو تدبر ما فيه من ـ علم ومعلومات عن الإنسان والكون والحياة ـ يعجز أن يأتي بها بشر ويعجز أن يرتبها وينسقها إنسان  مثل ما هو موجود في ـ القرآن والسنة ـ . فقد ورد في القرآن المجيد  ـ أن الإنسان عند الولادة ـ يسمع ولا يبصر ـ و عند خروجه من القبر – يبصر قبل أنْ يسمع – و لهذه – التقنية – القاعدة – الربانية العلمية – علاقة بالأجهزة المعلوماتية التكوينية – { و إنا له لحافظون } و { و كتابٍ مسطور .  في  رَقٍ منشور } فما هذه – الرقائق – هل هي الأوراق فقط أم هي – الأشرطة و الذبذبات  .

            و على سبيل المثال كذلك – في الجنة – أصحاب الجنة يأكلون و يشربون – رغداً – و لكن – كيف يتغوطون – وهل في الجنة جيف و روائح كريهة و نتنة و خياسات – كلا و ألف كلا – و إنّ رسول الله الحبيب قال < يأكل أهل الجنة و يشربون و لا يتمخطون و لا يتبولون > - بل و حتى { لا يسمعون فيها لغواً و لا تأثيماً } ( الواقعة 26 )  نعم كل شيء مخلوق بدقة و تقنية متناهية – و بقدر و بنظام تعجز جميع العقول البشرية حتى لو اجتمعت على إدراكه { الرحمن علم القرآن . خلق الإنسان . علمه البيان } ( الرحمن 1 ) – و هناك واقع قد أخبرنا به ربنا و هو ( إنّ – آدم و حواء – عندما كانا في الجنة و بدون – ملابس – فلا يرى هو و لا هي - سوءة – عورة الآخر ) و لكن بعد أنْ عصوا ربهم { فبدتْ لهما سوءاتهما } ( طه 122 ) .

            و لو فكرنا بهدوء في يومنا الحاضر و نحن نرى – الأسلاك و الشبكات الكهربائية – المكتشفة حديثاً      و إنها اليوم تملأ الكرة الأرضية – و إنّ أي إنسان يقترب منها و يلمسها يصعق و يؤدي إلى موته و إنهائه في لحظات – و لكن الله جلت قدرته قد خلق – الطيور – و بعض الحيوانات ابتداءاً منذ خلق الخلق فجعلها في منجى و في أمان مهما حصل معها مساس بالأسلاك الكهربائية فهي تقف عليها و تستعملها لراحتها و طمأنينتها ليلا     و نهارا – و هذا هو خلق الله بتخطيط و تنسيق رباني بالرحمة و ضمان الحياة الحرة و السعيدة من بداية خلق الخلق و إلى يوم الساعة – فالطيور و الكهرباء و الأسلاك – مخطط لها قبل خلق الخلق و قبل الاكتشافات – فسلجياً و فيزيائيا و جيولوجياً – مهما كانت الأسماء و المصطلحات – فهي تقف بمخالب أرجلها و بتوازن         و بالهواء الطلق أو العاصف فلا تسقط – و من ضمن صناعة الطيور التقنية من أول يوم خلقها – و حسبما يُنقل لنا – هو إنّ – الطيور و الجراد – يتواجدون في الجزيرة و الحجاز وفي مدينة – مكة المكرمة – بكثرة – و إنها تطير و تطوف حول ( الكعبة – بيت الله الحرام  الشريف ) و لكنها لا تجرأ على المرور من فوق الكعبة و إنما تطوف حولها فقط احتراماً منها للبيت و الكعبة الشريفة .

            و إنّ الله جلت قدرته قال الكثير عن – الطير و الطيور – و منها { أ وَ لَمْ يروا إلى الطير فوقهم صافاتٍ وَ يَقْبِضْنَّ ما يُمسكُهُنَّ إلا الرحمنُ إنّه بكل شيءٍ بصير } ( الملك 19 )  - و إنّ – الطير الزاجل – قد حير العقول – كيف يتمكن الاهتداء إلى مقر ولادته أو عيشته من مسافة مئات أو آلاف الأميال – و إنّ أحدث ما قيل عن هذه الظاهرة هو – إنّ دماغ الطير و رأسه الصغير تنطبع فيه الذبذبات المغناطيسية عن مكانه الأصلي فعندما يُبعد عنه تضعف عنده الذبذبات و كلما سار باتجاهه و  اقترب منه قويت فبطل القول السابق – إنّ الاهتداء يكون بواسطة الشمس أو القمر و النجوم – وفي كلتا الظاهرتين فإنّ الأمر يتطلب – خبرة و تقنية – و إنّ – الإنسان – خاصة المسلم - اليوم – هو بأشد الحاجة إلى مثل هذه -  الخبرة و التقنية – لكي يرجع إلى إسلامه من خلال الصحابة – فهم الذبذبات الحقيقية لتمكين المسلم من الاهتداء إلى أحكام الإسلام الصحيحة و أي منع له يؤدي إلى ضياعه .

            و من نعم الله و آلائه و فضله على الإنسان – أنْ جعل السماء و الأرض مسخرة و نعمة له – ومن أوائل هذه النعم – أنْ جعلها – حساباً لحياته – و خلق فيها – أدوات القياس – الطبيعية – بل وجعل – أدوات القياس – مخلوقة في نفس جسم الإنسان – بدائية – فمثلاً – قد ظهر إنّ ظهر الإصبع الصغير في يد الإنسان يكون – درجة واحدة – و إنّ الله تعالى – يضاعفها – في عرض الأصابع الثلاث الوسطى و هي مجتمعة – و هكذا في المسافة بين نهايتي الأصابع الخمس و هي مضمومة و مغلقة و بين نهاية الإصبع الصغير و هي مفتوحة – مفروشة –     و بذلك فقد تمكن الإنسان أنْ يضبط قياساته التي يريد التعامل بها إلى حد ما – فقال الله تعالى { أ يَحسبُ الإنسان أنْ يُتركَ سُدىً } ( القيامة 36 ) مهملاً بلا حساب و لا تكليف و لا بيان و لا جزاء و لا عذاب – كلا و كلا –          و كذلك فإنّ قياسات المسلم في فهم إسلامه تتجسد في أعمال و أقوال الصحابة فلابد من معرفتها و فهمها .

            و إنّ – قدم -  الإنسان و – ذراعه – هي كذلك في جسمه تصلح أنْ تكون مقاييس في الحياة الدنيا -  هذا الجسم العجيب في نشأته و  تكوينه و تقديره – و أهم و أعجب ما فيه هو – الجلد – الذي يحيط بجسم الإنسان – و نحن غير مكترثين به – فهو طبقة و غشاء رقيق و دقيق التكوين و فيه – شعيرات سلكية لها علاقة مع كل جسم الإنسان و أجهزته – و فيه قابلية و قدرة المقاومة لجميع التأثيرات الجوية المحيطة به و بالأرض – و هو سريع التجديد و النمو عند التلف – و فيه خاصية – ربط الحواس الخمس مع الجسم و مع بعضها – خاصة – البصر و النظر و السمع و الشم و اللمس – و مع هذا كله فإنّ الإنسان في غفلة عن – جلده – وحتى لا نطيل عليكم – فإننا نذكر الآيات القرآنية الكريمة التي توضح – علاقة الجلد ببحثنا السياسي هذا و هو موضوع – يوم الحساب – الذي سيشمل جميع البشر – صحابة و سلف و تابعين – إلا ما استثناه الله و رسوله – و إنّ الله سبحانه يقول { إنّ الذين كفروا بآياتنا سوفَ نُصليهِمْ ناراً كلما أنضجتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلناها غيرها ليَذوقوا العذابَ إنّ اللهَ كان  عزيزا حكيماً } ( النساء 56 ) – إذاً فإنّ – الإحساس بالألم و العذاب و – تذوقه – يكون عن طريق – الجلد – و ليس عن طريق – اللحم و العظم أو الفم – لذلك فإنّ الله تعالى يبدل – الجلد – ليستمر الإحساس بالعذاب – و كذلك قوله سبحان { و نَجينا الذين آمنوا و كانوا يتقون  .  و يوَم يُحشرُ  أعداءُ اللهِ  إلى النارِ فَهُم يُوزَعون.  حَتى إذا جاؤها شَهِدَ عليهم سَمعُهُم و أبصارُهُم و جُلُودُهُم بما كانوا  يعملون.  وَ قالوا  لجُلودِهِم لِمَ شَهِدْتُم علينا قالوا أنطقنا اللهُ الذي أنطقَ كُلَّ شيءٍ و هو  خلقكم أولَ مرةٍ و إليهِ تُرجَعونَ  .  و ما كنتُم  تَستَتِرُونَ  أنْ يَشهدَ  عليكم سَمعُكُم و لا أبصارُكُم و لا  جُلودُكم وَ لكن ظَنَنْتم أنَّ اللهَ لا يعلمُ  كثيراً مما تََعملونَ } ( فصلت أو السجدة 19 )  و هنا ابتداءاً قال تعالى { و نجينا الذي آمنوا و كانوا يتقون }  - من الصحابة و السلف و أي إنسان – و لكن الذين يحاسبون و يعذبون سوف – يعاتبون – جلودهم – لِمَ شهدتم علينا – و لا يكون العتاب مع -  السمع و الأبصار – و هذا دليل على أنّ – الجلود – هي – الأساس في الإنسان و في الحساب – و الشهادة – والعذاب – و الألم – لأنها في موقع مجابهة مع جميع -الأحداث – و مشاهدتها هي و ليس الأبصار – من كافة الاتجاهات – الستة – و لا يمكن أنْ تصيبها – الغفلة – بالإضافة إلى – مهمة الشعيرات العصبية و الحسية – السلكية – مع جميع أجهزة الجسم الداخلية – القلب – و الدماغ – التي لها علاقة مع  – النيات و الظنون – ولمن يريد المزيد عليه أنْ يسأل – علم الطب و علم فسلجة الأنسجة – ليعرف و يفهم ما هو – الجلد – و ما هو واقعه في – الحساب و العذاب .                                            

           لذلك فإنّ المسلمين و الناس -  الذين ينحازون و يتمادحون مع أيِ صحابي أو سلفي أو تابعي ضد آخرين – فإنّ – الجلود – سوف تعرف و تشهد بل و تنطق بأمر الله الذي – أنطق كل شيء - تنطق – هل هذا -  الانحياز و التمادح  - كان عن – إيمان و تقوى – أساسها – طاعة الله و رسوله – و تطبيق للأحكام الشرعية – أم  - أساسها ما وجدنا عليه الآباء { حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا } ( المائدة 27 )  و الخلان و العشيرة و منفعة دنيوية و كراهية و حقد جاهلي – و ليس -  إيماني يقيني – و إنّ قوله تعالى – المتحدي – { بلى قادرين على أنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ } ( القيامة 4 ) و إنّ -  البنان – هو – جلد – في بطن الإبهام الأيسر – الذي يختلف تكوينه بالخطوط  من إنسان إلى إنسان آخر- إذاً ما هي عدد نماذج الأبهمة البشرية – ومن هذا – البنان – نتمكن من تشخيص – من يكون جسم هذا الإنسان إذا تشوهت خلقته في الحياة الدنيا – فكيف يكون التشخيص و المعرفة – يوم الحساب و العذاب – من الله جلت قدرته و هو الذي { يُصْهَرُ  به  ما في بُطونِهم و الجُلُودُ } ( الحج 21 ) ولمن يريد المزيد من المعرفة عن هذا - الصهر – بسبب – الخصمان – و مؤيديهم الذين تواجهوا في معركة بدر الكبرى عليه الرجوع تفسير هذه الآيات الكريمة .

            و نكرر و نقول { يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا و هم عن الآخرة هم غافلون } في حين إنّ الله عَلمَ الإنسان – البيان – منذ أن خلق الإنسان و { علمنا آدم الأسماء كلها } ( البقرة 31 ) أي علمنا آدم كل معرفة      و كل علم و كل فكر عن – الكون و الإنسان و الحياة – فكل شيء مُهيأ و مخلوق من قبل الخالق و قد تعلم أبونا     و نبينا آدم عليه السلام – المعلومات السابقة – و تعلم – البيان – و تعلم { و هو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا  بها في ظلمات البر و البحر و قد فصلنا الآيات لقومٍ يعلمون } ( الأنعام 97 ) و لكن و مع الأسف هم عن الآخرة هم غافلون – في حين إنّ رسولنا الحبيب قد نبهنا عن – قاعدة عظيمة – عن خلق الإنسان و تكوين جسمه بقوله الشريف < العرق دساس > و قوله < إياكم وخضراء الدمن > و قوله < اغتربوا لا تضووا -  تصحوا >  .

( جميع الصحابة و السلف – الناس – محاسبون أو معذبون إلا ما استثناه الله ورسوله)

            لذلك فإنّ – الجميع – محاسب أو معذب – إلا ما استثناه الله و رسوله – إذن لماذا  نجلس بعد أنْ نشبع بطوننا – و نكتفي بوضع – القدسية – على – بعض الصحابة و السلف – و نزكيهم و نمدح البعض – دون البعض الآخر – في حين – إنّ بلوانا و فتنتنا اليوم – هي في – عدم وجود دولة الإسلام – الدولة الإسلامية الواحدة – التي أنشأها و أسسها رسول الإنسانية الحبيب – و بدونها لا يطبق إسلامنا الذي هو إسلام دولة و حكم – وليس فقط أحكام عبادة و أخلاق – و لا هو  إسلام لطم و بكاء و طبيخ و لا ذكر الدرباشة و الدفوف أو الاعتكاف في المساجد باسم التصوف .

            إنّ الله تعالى – ينهانا – عن – تزكية أنفسنا – التي نحن أعرف و أعلم بها من غيرنا لأننا نعرف – ظاهرها و باطنها – { إذْ  أنشأكم مِنَ الأرضِ  و إذْ  أنتم أجنةٌ في بُطُونِِ أُمهاتِكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلمُ بمن إتقى } ( النجم 32 ) – إذن كيف  نزكي غيرنا – كان من كان – و إنّ تزكية غيرنا فيه تحدي للهِ سبحانه عندما نزكي أي صحابي أو سلفي و ننسى صحابة آخرين – أو نعظم بعض الصحابة و نهمل صحابة آخرين في حين إنّ الصحابة الآخرين حسبما نقله الواقع إلينا قد قدموا أكبر التضحيات و لاقوا أفظع العذاب من مشركي قريش لعدم وجود  عشائر لهم في مكة أو هم لا يلجأون لعشائرهم إذا وجدت لتقواهم لأنهم يرون عملهم في الدعوة عمل عقيدة و مبدأ و ليس عمل عشائري أو قبائلي – لذلك على المسلم المؤمن التقي الرجوع إلى – القرآن و السنة – و إلى – طاعة الله و رسوله – هي التي فيها المقاييس و صفات الأفضلية و التعظيم إذا ما أُضطررنا إلى التزكية أو المفاضلة أو التعظيم .

            إنّ  - الصحابية سمية – في دعوتها للإسلام قد – تحدت – قريش وبني أمية – وفي بداية الدعوة – وبصقت في وجه زعيم الجهل أبي جهل وهي تدافع عن نفسها عندما كانت مقيدة و مطروحة على الأرض            و السياط تنهال عليه – و قالت له – يا عدو الله – و تردد – أحدٌ أحد – و قال لها رسول الله الحبيب – صبرا على العذاب و إنّ موعدكِ الجنة – و الصحابة في حينها موجودون كبارهم و صغارهم – ولكن من نعظم منهم أو نزكيهم – و إنّ الأيمان و التقوى -  تقول – الصحابية سمية عظيمة و بطلة و صديقة لأنها من أهل الجنة – و لا يمكن أنْ أُزكي غيرها من الصحابة أو أُعظمه إلا إذا نقل إلينا مثل ما نقل عن الصحابية سمية أو أكثر منها – أم إننا – نعظمه و نزكيه لمجرد استلامه الحكم أو منصب في الدولة فهذا ما لا يرضاه الله و رسوله – خاصة وإنّ الله تعالى يقول { و من يطع الله و رسوله فأولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء           و الصالحين و حسن أولئك رفيقا } ( النساء 70 ) وقليلاً من التدقيق في هذه الصفات نجدها قطعا تنطبق على – الصحابة سمية و زوجها ياسر و ابنها عمار و مصعب و عكاشة و بلال – ومن كان في مستواهم من التزكية والتعظيم – أو اكثر أو أقل -  وإنّ بعض هؤلاء الصحابة و غيرهم قد لاقوا الأذى و العذاب و المطاردة و هم بهذه الصفات الربانية  من صحابة آخرين  لم يكونوا بمستواهم من النضال و الكفاح في إقامة الدولة الإسلامية و في المحافظة عليها حتى بعد وفاة رسول الله الحبيب – و اليوم فإنّ معظم المسلمين مشغولون في تزكية أشخاص الصحابة و السلف و في مدحهم و تعظيمهم و تاركون الفرض و الواجب الرباني بتطبيق الإسلام و لا يعملون لإقامة الدولة الإسلامية التي بدونها لا يطبق الإسلام  .

            إن رسول الله الحبيب يقول < إياكم و التمادح فإنه الذبح > و قد صدق رسولنا الحبيب – فطالما ذبحت أمتنا الإسلامية  و مفكروها و مخلصوها و مصلحيها – بسبب هذا – التمادح – هذا يمدح هذا و ذاك يمدح ذاك – خاصة مدح الحكام و المسيطرين و المسؤولين – بالشعر و الأغاني و الرقص و الألعاب الرياضية و القصص       و التمثيليات و المسرحيات و تفتعل لهم الأقوال و البدع  هذا شاهده في القمر و ذاك رآه في المنام  و يُعمل لهم التصعيد و المدُّ الجماهيري من أجل – تمرير – مخطط جرائم قتل و ذبح الأمة و أشرافها و مخلصيها و ثلتها الواعية و تسليط الكفار و أعداء الإسلام عليهم .

            هناك – واقعة و فاجعة – قد نزلت بالأمة – ومررها عليها – المدح و الذبح – الترغيب و الترهيب – وقد حصلت قريب من بداية الحكم بالإسلام – قد حصلت أيام – حكم بني العباس – وهذا الاسم هو بحد ذاته مخالفة شرعية لأنه كان يجب تسميته – بحكم الإسلام – و لكن الوراثة و الوصية و ولاية العهد التي يحرمها الإسلام هي التي أوجبت هذا الاسم الحرام – فكان يحتاج إلى مخطط لتمريره و قهر الأمة عليه – و من ضمن هذا القهر و الضغط الذي حصل على – الفقيه العلامة موسى بن جعفر الصادق – وغيره – ليقوم بموالاة و تأييد       و مدح – حكم بني العباس – و لكن دون جدوى – مما اضطر الحاكم المتسلط الرشيد إلى – حبس ابن جعفر الصادق – وأمثاله – و بعد مدة من – الحبس – تصور المتسلط – لعل اليأس و الإحباط – قد عرف طريقه إلى – نفسية ابن جعفر – فأرسل بمبعوثه إلى السجن ليفاوض بن جعفر فقال (  يا بن جعفر إنّ أمير المؤمنين لا يطلب منك سوى – عدم إنكار أعماله في حكم الرعية ) فقال بن جعفر إلى مبعوث المتسلط (  أذهب و قل لأميرك – إنّ  دهر البلاء سوف يزول عني يوماً بعد يوم – و إنّ  دهر الرخاء و الترف سوف يزول عن المتسلط يوماً بعد يوم – إلى أنْ نصل أنا و هو إلى يوم : يومَ يَعضُّ الظالمُ على يديهِ يقول ياليتني اْتّخَذتُ مع الرسولِ سبيلاً – الفرقان 27)      و لما وصل الجواب إلى -  المتسلط – شعر و كأنما الصاعقة قد نزلت من السماء عليه – ولم يبق عنده إلا – دس السم – إليه – و قتله مسموما – فمن هو البطل و التقي – ومن هو الجبان و الفاجر – عند الله تعالى   و عند المخلصين – و إنّ هذه الآية التي استند إليها بن جعفر – تليها آية كريمة { و يا ويلتي لم أتخذ فلاناً خليلاً} وإنّ موسى بن جعفر – فضل الموت بالسم أو القتل من أجل أنْ يتخذ مع الرسول سبيلاً – بدلاً من تأييد ومدح من يذبح الناس ويدمر العباد و يتخذه خليلاً – فيقتل و يذبح الأمة و يبعد الإسلام عن التطبيق – و لكن كيف مرر هذا المتسلط أعماله الظالمة و الفاسقة هذه – مررها بشراء ذمم المادحين و المرتزقة – أو بعمل غزوة للحصول على غنائم و بنفس الوقت يجعل منها طبول    و أبواق لمدحه و تعظيمه – في حين – إنّ الله تعالى هو الذي تكفل بنشر دينه الإسلام – وقد وضع الأحكام الخاصة بالدعوة الإسلامية و بالحروب و القتال و الدفاع – لذلك فإنّ كل الفتوحات التي حصلت بعد رسولنا الحبيب لا تعادل ضربة الصحابي علي في حياة الرسول في معركة الخندق – وإنّ الذي يؤيد القول بأنّ الله تعالى هو الذي يتكفل الفتوحات و ليس الحاكم الذي يظلم و يفسق في تطبيق ما أنزل الله   – هو قول الصحابي علي إلى الخليفة الأول الصديق ( يا خليفة  لو خرجت إلى الكفار في الشام بنفسك        و بدون جيوش لنصرك الله و انتشر الإسلام – لأنّ الإسلام ظاهر على كل من عاداه )  المهم هو أنْ يكون هناك عمل من قبل  البشر سواء الخليفة وحده أو معه جيوش و النصر من عند الله جلت قدرته .

            و نقول – أين هم الفقهاء و العلماء الذين عاصروا – زيد بن علي بن الحسين – و  جعفر الصادق        و ابنه موسى بن جعفر – وسعيد بن جبير – و بن حنبل و غيرهم من المخلصين و الثلة الواعية في زمانهم – فلماذا سكت الفقهاء و العلماء و رضوا على – تمرير – قتل هؤلاء  و سمهم و تعذيبهم و تقطيعهم – و ماذا كان يريد أولئك المخلصون غير – تطبيق الإسلام و عدم تعطيل أو تبديل أحكامه – خاصة الأحكام التي تتعلق – بإعادة الدولة الإسلامية الواحدة – و ليس الدولة الأموية أو العباسية أو العثمانية أو الخروف الأبيض أو الأسود –        و يريدون تطبيق – حكم الشورى    و البيعة – وليس ولاية العهد و الوراثة – و ما فائدة وجود الفقهاء و العلماء – أصحاب المذاهب – أبو حنيفة أو المالكي و الطوسي و الشيخ البخاري و الشيخ الكيلاني و الصدوق و المرجع الخوئي أو السستاني أو القيسي أو الواعظ – مادام الحكام قد  ذبحوا أولئك  وعذبوهم - و يذبح و يعذب اليوم – العلامة الشيخ عبد العزيز البدري السامرائي و المرجع العلامة محمد باقر الصدر و شقيقته بنت الهدى – ما فائدة المراجع و الفقهاء إذا لم ينكروا المنكر وهم يرون القتل و عدم تطبيق الأحكام و تطبيق الكفر و الفساد – فهل هم لم يقرأوا قول الشهيد الحسين – إذا كان دين محمد لا يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني – و فعلاً أخذته السيوف – و لكن سيوف منْ – سيوف من يدعي الإسلام و منْ كان خلفه أعداء الإسلام و أدعياؤه و الكفار .

      ( الدعوة و النقاش و المجادلة – هي غير – التمادح بالأشخاص و تعظيمهم ) 

            و من كل ما تقدم نقول -  إنّ النقاش و المجادلة التي قصدها الله سبحانه -  هي – غير التمادح و تعظيم الأشخاص – و إنّ – الصحابي علي – يُوصي المسلمين – أنْ يقتصر النقاش – على – ذكر و وصف – الأعمال     و التصرفات و الأقوال – دون التعرض – بالمدح أو الذم للأشخاص – مثلا  - إنّ – قتل الصحابي سعيد بن جبير – من قبل – السلفي الأمير الحجاج بن يوسف الثقفي – و كذلك – إعدام الصحابي عبد الله بن الزبير في الكعبة – من قبل نفس الأمير الحجاج – أيام حكم الوليد بن عبد الملك الأموي – ماذا نسمي هذه – الأعمال – هل نسميها – قتل و تقطيع و إعدام – أم نسميها – عقوبة قتل و إعدام أو تقطيع و تمثيل – و بموجب أي حكم شرعي نصفها     و على أي أساس نفذت – أم يجب علينا ترك هذه الأعمال و عدم مناقشتها من أجل مكانة و شخصية – فاعلها -  وبهذا الترك نكون قد تركنا أحكام الله تعالى الشرعية – ومنها وأوجبها – إنكار المنكر و الأمر بالمعروف – وبذلك نكون قد سمحنا للمتسلطين الظلمة بقتل إخواننا و أبناء و رعايا أمتنا و تركناهم  يُذبحون و يُعذبون و يُنفون – بينما أعداء الإسلام اليوم يصرخون و يولولون من أجل تعذيب كلب أو أي  حيوان و ليس فقط رعاياهم – وإن الطلب بالسكوت و ترك الماضي يؤدي إلى الضرر بالإسلام و المسلمين و تدميرهم و ليس لصالح الإسلام كما يدعي البعض السذج – لأنّ أعداء الإسلام عندما يقرأون التاريخ و يطلعون عليه يتصورون و يفهمون بأنّ هذه الأعمال الإجرامية و اللاإنسانية قد وقعت وفق قوانين و أحكام الإسلام و إنّ الإسلام لا يحرمها و لا ينكرها – إذن لابد من مناقشتها و بيان الأحكام الصحيحة بحقها .

            و ما هو الفرق بين – الصحابي عثمان بن عفان – و الصحابي عكاشة بن محصن – و الصحابي أبي ذر – و الصحابي مصعب بن عمير – من حيث كونهم – صحابة – و من حيث – تطبيقهم للأحكام – و ليس من حيث كونهم – أشخاص -  طبعا هناك فروقات كثيرة علينا دراستها و بحثها و تحليلها من خلال – الأعمال و الأقوال – بشرط وضعها على – طاولة الأحكام و الأدلة الشرعية في الكتاب و السنة – وليس حسبما يرتأيه العقل و العاطفة و المصلحة النفعية – فمثلاً – لقد ثبت بشكل قطعي لدى كافة المسلمين – إنّ رسول الله الحبيب قال <  عكاشة يدخل الجنة بلا حساب و لا عذاب > و قال < لا يوجد أصدق لهجة  من أبي ذر – في إنكار المنكر و الأمر بالمعروف > و قال عن مصعب < صدق في إسلامه و لم يبدل تبديلاً > - و بعد ذلك نرجع إلى – القرآن و السنة – هل نجد فيها ما قيل بحق الصحابي عثمان -  ما يماثل ما قيل بحقهم أو أكثر أو أقل -  الدخول إلى الجنة بلا حساب ولا عذاب و أصدق لهجة  و صدق الإسلام ولم يبدل تبديلا – و فعلاً عندما رجعنا إلى – القرآن و السنة – لم نجد بحق الصحابي عثمان – مثلها و لا أكثر منها –  فإذن هؤلاء الصحابة يسبقون الصحابي عثمان – درجة -  في مجالاتهم التي وصفوا بها من قبل رسولنا الحبيب – و لا علاقة للأعمال الدنيوية بتلك الصفات و الدرجات التشريعية – و إنّ أعمال الدنيا هي مثل - استلام منصب الخلافة أو الزواج بواحدة أو أكثر من واحدة من بنات الرسول الحبيب – ولو أنّ الصحابي عثمان – قد تزوج إحدى بنات الرسول اللاتي لهن علاقة بالتشريع – مثل – الصحابية فاطمة – لرجعنا إلى التسابق بالدرجات – لأنّ الحَسِن هو ما يحسنه الشرع – و أما علاقة الصحابية فاطمة بالتشريع – فالشرع قال فيها إنها – من أهل العترة -  و و و – ومرة سألت الصحابية فاطمة أبيها رسول الله ( يا أبتي لماذا أنت تلقبني سيدة نساء العالمين – إذن السيدة مريم ماذا تكون – فأجابها – إنّ السيدة مريم سيدة نساء زمانها ) و كذلك سماها – يا  أم أبيها – وهذه كلها أمور تشريعية – مثل- { و أزواجُهُ أمهاتُهم          و أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب الله } ( الأحزاب 6 ) و سنة رسول الله الحبيب جزء من كتاب الله المجيد . 

( إنّ الذين يقولون – علينا ترك الصحابة و السلف – يقولون – هم أوصلوا لنا ديننا)

             و إنّ العجيب هو إنّ الذين يقولون – علينا ترك الصحابة و شأنهم – هم أنفسهم الذين يقولون – إنّ الصحابة فضلهم علينا هو أنهم أوصلوا إلينا ديننا – فنقول لهم – ما دام الصحابة هم الذين أوصلوا لنا  إسلامنا – فيجب علينا – عدم تركهم سواء في – إجماعهم أو في اختلافهم – حتى نبقى نأخذ أحكام إسلامنا الشرعية المتفق أو المختلف عليها منهم – و نرتوي منهم المزيد من خلال أعمالهم و أقوالهم – و كذلك نقول لهم – هل            إنّ : عكاشة و أبا ذر و مصعب و بلال و عمار و صهيب و سلمان – كل واحد من هؤلاء الصحابة – لم يشترك في توصيل إسلامنا إلينا – و إنّ أمر التوصيل يقتصر على : عثمان و معاوية و عبد الملك بن مروان و الوليد          و هارون الرشيد و المعتصم  و صلاح الدين الأيوبي و العثمانيين – فنقول لهم – أي إسلام أوصلوه إلينا – هل هو إسلام الشورى و البيعة و الخلافة – أم – إسلام ولاية العهد  و الاستخلاف و الوصية و الوراثة – فليجيب على هذا السؤال كل مسلم مؤمن و تقي و مخلص و شريف – و نحن نكرر و نقول – إنّ الله جلت قدرته هو الذي قد أوصل إلينا إسلامنا { و لقد وَصَّلنا لهُمً القولَ لعلهم يتذكرون } فقد أوصل الله تعالى لنا  – الحق و العدل – الشورى – ومن الذي يقدر أنْ يلغي – وأمرهم شورى بينهم – ولكن يقدرون وقد قدروا على تعطيلها – وأوصل إلينا الخلافة و البيعة – ومن الذي يقدر أنْ يلغي – إني جاعل في الأرض خليفة – و لكنهم قدروا على تعطيلها      و طبقوا بدلها – ولاية العهد لحقبة من الزمن و الجمهورية و الملكية  لحقبة لاحقة – ومن الذي يقدر أنْ يلغي – وأحكم بينهم بما أنزل الله – و لكنهم يقدرون على الحكم بغير ما أنزل الله – مثل  – الحكم بالقومية و العشائرية      و الشيوعية و العلمانية – و قد عرفنا هذه الإساءات و المخالفات مثلما عرفنا عنهم – هذا الخليفة الأول الصديق وهذا الخليفة الخامس الحسن و هذا عثمان ذو النورين و هذا العادل و هؤلاء العشرة المبشرة  بالجنة – و هذه كلها – أعمال و أقوال -  علينا أنْ نعرف ما صدر عنهم من – صواب و خطأ – و إنّ وضع القدسية عليهم سوف يؤدي إلى إبعادنا عن معرفة – أحكام إسلامنا الشرعية – خاصة – التي تتعلق – بالدولة الإسلامية – الشورى     و الخلافة -  و إلاّ بقي إسلامنا غامضا و متناقضا و هذا ما يريده أعداء الإسلام .

 

            إذن لماذا لا يجوز أنْ نناقش أو نتحرى عن – سبب تعذيب صحابة و سلف أو شتمهم و سبهم و قتلهم من قبل صحابة و سلف أو تابعين آخرين – في حين إنّ النقاش و التحري  يؤدي إلى فهم – أحكام الشرع في – السب و الشتم – و في – هل إنّ معاوية قد وصل إلى منصب  والي الشام وفق الشرع – وما هي الأحكام الشرعية و أدلتها المتعلقة في تنصيب الولاة – لأنّ توصيل معاوية إلى منصب الوالي أدى إلى – سب وشتم – أهل بيت رسول الله الحبيب المرفوع عنهم الرجس و المطهرين تطهيرا -  ومن ثم قتلهم – وما علاقة تحذير رسول الله الحبيب بقوله < إذا رأيتم معاوية على منبري هذا فإبقروا بطنه > و لماذا لم يؤخذ بهذا التحذير – وهل يعقل بعد أنْ نظف رسول الله الحبيب دار الإسلام من – تسلط -  المشركين – بني أمية  - ليرجعوا ثانية بمجرد – اضطرارهم -  للخضوع للإسلام –  و بسرعة – إلى نفس تسلطهم و توليهم و سطوتهم – و معها – الثأر للأجداد و الأخوال و الأعمام – فحصلت – فتنة الثأر – وهذا هو ما كان يقصده رسولنا الحبيب من تحذيره  - وإنّ كل ما حصل كان باختيار الصحابة و ليس جبرا عليهم   في أعمالهم و أقوالهم تجاه – الفتنة و البلاء – و هذه هي سنة الحياة – لمعرفة موقف الإنسانية منها و هي فلسفة الحياة الربانية – فعلى المسلمين و الإنسانية إلا الدراسة       و المناقشة لكي لا تتكرر عندهم الأعمال و المواقف إذا ما تكررت ظروف الفتنة و البلاء عند نهوضهم و تقدمهم بعد إقامة دولتهم الإسلامية الواحدة .

            و إنّ الحق والقول الصحيح و العادل هو – إنّ بني أمية و بني العباس و العثمانيين – في حكمهم الظالم و الفاسق للمسلمين – هم الذين أوقفوا نشر الإسلام إلى العالمين و منعوا  وصول الشفاء و الرحمة إلى  كافة البشر – لأنّ الله سبحانه هو الذي – يريد – وصول – الإسلام إلى كافة الناس – و لكن أولئك الحكام الذين تسلطوا و تولوا حكم المسلمين – بولاية العهد و الوراثة و الوصية – و بالإساءات و بتعطيل أحكام الله تعالى – الشورى و البيعة و منع الأحزاب و منع تعددها و غيرها الكثير و الهائل – ظلم و فسق إذا لم نقل كفر – كانوا السبب في تراجع الفتوحات الإسلامية – بل و تحولت الكثير من بلدان العالم الإسلامي إلى الكفر و الابتعاد عن تطبيق الإسلام و إنّ التطبيق الصحيح في دولة صحيحة هو بحد ذاته من عوامل نشر الإسلام  ولكن المسلمين قد أصبحوا في جهل منه و أصبح القرآن المجيد مهجورا و أخذ يتجرأ حتى أبناءه على الجهر و المناداة بأفكار فاسدة و كافرة – و هذا ما حصل في إسبانيا – الأندلس – بسبب – جبان قريش – و ليس صقر قريش – و أمثاله من الأمراء – الذي أقام حكم منشق في الأندلس  و الدولة الإسلامية موجودة في بغداد و هذا هو الحرام و الظلم – لأنّ هذا الجبان و غيره لم يفهم – الشورى – و قد فهم فقط – التسلط و ولاية العهد – و مثل ذلك حصل في الدولة العثمانية فبدلا من أنْ يرجعوا إلى تطبيق ما تعطل و ما تبدل من الأحكام الشرعية ذهبوا إلى – الاتحاد و الترقي     و القومية و العلمانية فالغي اسم الدولة الإسلامية – وكذلك حصل في  القفقاس و أفريقيا و تيمور الشرقية التي استقلت عن اندنوسيا بالكفر – بعكس اندنوسيا الأم التي أصبحت كلها أكبر بلد إسلامي بدون حرب و بدون فتوحات و إنما بالمسلمين الذين أوصلهم الله تعالى إليها. 

    ( بنو أمية هم – أساس التبديل و أساس الفكر القومي و العشائري – الفاسد )

            و إنّ تحويل و تبديل – الفكر الإسلامي – من ( أكرمكم عند الله أتقاكم – و لا فرق بين عربي و أعجمي إلا بالتقوى ) إلى ( فكر الفساد و الكفر – القومية و العشائرية و العصبية و الشيوعية و العلمانية ) – رغم إنّ رسولنا الحبيب قال عن القومية < دعوها فإنها نتنة >  أي – جيفة – و قال < إنّ الذي يدعو إليها هو كالذي يلحس في عهن أمه > أي – في فرج أمه – و ماذا نريد أكثر من ذلك – و لكن - بني أمية -  هم الذين  حولوا الفكر الإسلامي الإيماني – إلى – الفكر القومي العشائري – فأحجمت الكثير من القوميات غير العربية  عن الدخول في الإسلام و ابتعدت أخرى عنهو هذا ما نلاحظه اليوم عند – الأكراد – و بسبب هذا الفكر الفاسد تمكن أعداء الإسلام من إدخال الشكوك و الريبة إلى قلوب المسلمين من القوميات غير العربية – مثل من هم الأفضل – العرب أم الأكراد أم الفرس أم الصرب و الأقباط .

            إنّ الله جلت قدرته قادر على – أنْ لا يحصل كل ذلك من – تعطيل أو إساءة أو تبديل الأحكام – و كذلك قادر على – إبعاد التفرقة و الخلاف بين الصحابة و السلف – وإنهاء وجود ظلمة و فسقة و فجرة بين المسلمين و الناس  – و لكن الله تعالى لم يفعل ذلك  - رغم إنّ ما حصل هو كان بإرادته و قضائه و قدره – و لكن – ليس – جبراً – على الصحابة و السلف و التابعين – و إنما الذي حصل و يحصل هو – باختيارهم – و سوف يحاسبون عنها – و إنّ ما يبغيه الله سبحانه من  فلسفة الحياة هذه – ومن كل ما وقع و ما حدث – هو – الفتنة و البلوى – ومن هو أحسنُ عملاً – هل الذي يقول – الصحابي معاوية سيدنا و كان مجتهد وإنّ أخطاءه سوف يُأجر عليها مرة واحدة – أم الذي يقول الصحابي علي هو سيدنا و مولانا و ولينا و من أهل عترتنا- و أيُّ القولين – يؤدي إلى – التفرقة و الخلاف – أو إلى – التقدم و الصلاح .

            لذلك فإنّ من الواجب علينا أنْ – ندرس – هذه – التفرقة – و هذا – الخلاف – و هذه – الفتنة و البلوى – و نناقشها و نحللها – في حين إنّ أعداء الإسلام و الذين لا يريدون و لا يدعون إلى إقامة الدولة الإسلامية – يُغلفونها بحجج و ادعاءات يعطونها طابع – الفقه – و هي بعيدة كل البعد عن الفقه و أصوله – و كذلك يجب أنْ تكون دراستنا لهذه – الفتنة – أساسها – التقوى – نلبس لباس التقوى – و ليس على – أساس المصالح الشخصية و المنافع و المناصب و حلاوة الدنيا و زينتها أو الخوف و التقية { إنما ذلكم الشيطان يخوفُ أولياءه فلا تخافوهم و خافوني إنْ كنتم مؤمنين } ( آل عمران 175 ) – لنعيد للإسلام هيبته و مكانته و حسبما يريده الله رب البرية و حسبما طبقه و بناه الرسول الحبيب – لنكسب رضا الله و برضاه نكسب سعادة الدنيا و عُقبَ الدار .

            إنّ الله تعالى يقول { وَلَوْ شاءَ ربُكَ لَجَعَلَ الناسَ أُمةً واحدةً وَ لا يَزالونَ مُختلفينَ  .  إلاّ منْ رَحَمَ رَبُّك       و لذلكَ خَلقَهُم وَ تَمَّتْ كلمةُ ربِك  لأَملأَنَّ جهنمَ مِنَ الجِنّةِ و الناسِ أجمعينَ } ( هود 119 ) – إنّ هذه الآية الكريمة عظيمة المقاصد و المعاني و العبر – و لكن الظاهر منها هو – لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة – فالله تعالى يطلب من الناس أنْ يفهموا بأنّ – الأمة الواحدة – هي – العمل الصالح و خير العمل – و ما على الناس إلا أنْ يسعوا لتحقيقها – و لكنه تعالى يريدها أنْ تكون – باختيارهم و قناعتهم و ليس جبراً عليهم – رغم إنه جلت قدرته قادر على أنْ يجعلها أمة واحدة – وكذلك يريد أنْ يُفهم الناس بأنّ – الاختلاف – بين الناس هو – سنة أزلية – و لكنه سبحانه – يرحم الناس الذين لا يجعلون من هذا – الاختلاف فتنة و بلوى و تفرقة – و أما الذين حليت الدنيا في أعينهم و يتخذون من هذا – الاختلاف – فتنة و بلوى و تفرقة – فهو تعالى – قادر على – ملأ  جهنم من الجن و الإنس أجمعين – بعد أنْ يعرف من هو أحسن عملاً و من هو الخبيث من الطيب في واقع الحياة الدنيا .

            و بمناسبة – نزول هذه الآية الكريمة المتقدمة – قال رسول الله الحبيب – بشأن أمته <  إنّ أمتي من بعدي سوف تفترق إلى ثلاث و سبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة  > قالوا و من هذه الفرقة الواحدة يا رسول الله – قال <  ما  أنا  عليه و أصحابي  >  و نحن نعرف و نفهم – ما لذي هو عليه – هو الإسلام – و لكن الذي نريد معرفته و فهمه هو -  من هم الصحابة الذين هم عليه – و نحن نعرف – إنّ من ضمن الصحابة هم – طلحة و الزبير – الذين خرجوا على خليفة زمانهم الخليفة الرابع علي – و حاربوه – و كان مع الخليفة علي – صحابة آخرون و تحت قيادته – منهم عمار بن ياسر و حبر الأمة عبد الله بن عباس و الخباب بن الأرت و غيرهم الكثير – و هناك فريق ثالث – محايد من الصحابة – بقوا في المدينة المنورة – وهناك الخوارج – وفرق أخرى كثيرة –  فأيُّ  فريق من هذه الفرق من الصحابة هم على ما هو عليه رسول الله الحبيب – فإذا قلنا لا نتدخل       و نترك الأمور إلى الله تعالى – نكون قد – أضعنا الإسلام – خاصة و أنها – حرب و أعمال و أحداث و أقوال – قد هزت الأمة الإسلامية و هددتها بالهبوط و الانحطاط بتعطيل و تبديل أحكام الله سبحانه – فلا يجوز أنْ يقال – إنّ جميع الفرق كانوا على ما كان عليه رسولنا الحبيب – و هناك صحابي محايد – سعد بن أبي وقاص -  و قد سبب هو  حياده  قائلاً (  أ أتوني بسيفٍ له عينان و شفتان يعرف المؤمن من الكافر حتى أعرف أنْ أقاتل مع أي الفريقين )  فهل هذا رأي  فقيه و مجتهد – أم هو – رأي سيف جماد ليس له عينان و لا شفتان –  و بذلك سوف لا نحصل على أي حكم شرعي – و لذلك أصبح أبنه – عمر بن سعد – مع – يزيد بن معاوية – وضد – الصحابي الحسين بن علي – فقتله – لأنّ السيف أخبره من هو الكافر و الظالم – و لكن جميع الصحابة المحايدون ومنهم سعد بن أبي وقاص – لهم عينان وشفتان – فكانوا يرون و يتكلمون – وجود خليفة – اختير بالرضا – الشورى – وهم من ضمن من اختاروه و بايعوه و ليس للشاهد أن يرجع – و كذلك – يرون و يسمعون – وجود الخارجين على خليفة زمانهم – و عندهم – عينان و شفتان – و إنّ الله تعالى سوف لا يقبل – حيادهم – و سوف يقول لهم يوم الحساب – ألم يقول لكم رسول الله < من لم يهتم بأمر المسلمين ليس منهم > فلا – حياد – في الإسلام – وإنّ – الحياد – يعتبر – نفاق – و المنافق في الطبقة السفلى ومن الخالدين في جهنم حتى ولو كان عم الرسول – فلابد و أنْ يكون للإنسان رأي إسلامي في المسألة العقائدية و المبدئية لأنها ليست – قضية أشخاص – و إنّ الإنسان يحاسب على آخر عمل في آخر لحظة من حياته – و إنّ رسول الله الحبيب يقول < يُمسي الكافر كافرا      و يُصبح مؤمناً و يُمسي المؤمن مؤمناً و يُصبح كافراً > إذن فإنّ الصحابة الذين كانوا على ما كان عليه رسولنا الحبيب – هم الصحابة الذين بقوا على الإسلام و ماتوا عليه و ما بدلوا تبديلاً .

            و هناك – أحاديث – و لا نقول – بدع – و كذلك هناك – آراء فقهية -  قد و ضعت و الغاية منها هو التستر على – أخطاء الصحابة – ولكنها بالنتيجة هي ضرر – للإسلام – وتهدد – مصير المسلمين – ومن أمثال ذلك – حديث < أصحابي كالنجوم بأيهما اقتديتم  اهتديتم >  و الرأي الفقهي (  كل الصحابة عدول  ) و الرأي     ( كل الصحابة فقهاء و مأجورون فمن أصاب فله أجران و من أخطأ فله  أجر واحد )  - كلها أحاديث و آراء فقهية – تتعارض – مع أصل العقيدة الإسلامية و مع ما ينبثق عنها من قواعد و أحكام – و  مع – واقع و سنة الحياة – و مثال ذلك – لقد قرر الصحابي الخليفة الثاني عمر- تبني حكم شرعي في  تحديد مهور الزواج  و لكن تصدت له امرأة  صحابية وقالت له – إنّ حكمك الشرعي هذا – يناقض الآية الكريمة { وَ آتيتُم إحداهُنَّ قنطاراً }  ( النساء 20 ) – فتراجع الخليفة عن قراره بقرار آخر – و لكن قد لا يتراجع غيره و هذا ما حصل كثيرا – و إنّ المهم هو – إنّ القرار الذي اتخذه الخليفة هو – قرار و حكم شرعي – و كذلك تراجعه كان – بقرار و حكم شرعي – و إنّ أحدهما صحيح و عادل – و الثاني غير صحيح و غير عادل – فإذا -  أصر - الخليفة على حكم غير صحيح  و غير عادل فكيف يمكننا القول : إنّ هذا الصحابي عادل و إنّ اجتهاده يستحق عليه أجر و كيف يكون الإهتداء بشخصٍ قد أخطأ و أصبح غير عادل – و هذا ما لا يتفق مع العقيدة الإسلامية و لا مع سنة الحياة – في حين – إنّ من الصحابة من كان – عدلاً – ومن كان – باغياً أو ظالماً أو فاسقاً { ونفسٍ و ما سواها فألهمها فجورَها و تقواها } و على أساس هذه القاعدة و عندما صدرت عن الصحابي خالد بن الوليد – أعمال ظلم و فسق و هو في قيادة جيش المسلمين – فقد قام الخليفة الثاني و قرر عزله – فبأيٍ منهما نقتدي و نهتدي – و من العقيدة  و سنة الحياة أنْ يكون الإهتداء مع الصحابي الذي يقوم بعمل عادل و صالح و صحيح – و مثل هذا حصل مع الصحابي المغيرة بن شعبة – و هناك صحابة قالوا و صنعوا – بدع – أحاديث افتروها على رسول الله الحبيب – و هناك صحابة قد تصدوا لهذه – البدع  و الافتراءات – فهل يجوز أنْ نقول عن هذين الصحابيين – عدول – ومع أيِ فريق – نقتدي و نهتدي – و هل الذي يضع البدع و الافتراءات – يعتبر مجتهداً و إذا أخطأ فله أجر واحد – و إنّ قول أحد الصحابة إلى الخليفة الثاني عمر : و الله لو وجدنا فيك اعوجاجا لقومناه بحد سيوفنا – فعلى ماذا يدل هذا القول – يدل على إنّ أي صحابي وأي خليفة هناك احتمال صدور – الاعوجاج – منه – لأنهم ليسوا برسل أو أنبياء أو أولياء أو مكلفين بمهمة ربانية عليهم تنفيذها – لذلك لا يجوز وضع القدسية على الصحابة لمنع مناقشة و تحليل أعمالهم و أقوالهم ما دامت الساعة آتية { إنّ الساعةَ آتيةٌ  أكادُ أُخفيها  لتُجزى  كلُّ نفسٍ بما تَسعى } ( طه 15 ) .

       ( ما دام  نبينا آدم – عصى و غوى – فمن باب أولى – الصحابة و السلف )

             إنّ أبانا و نبينا آدم عليه السلام قد – عصى و غوى – فكيف -  بالصحابة – و هم بشر و دون مستوى نبينا آدم – لذلك منهم من – يخطأ و يغوي و يعصي و يأثم – و هذه قاعدة و سنة فطرية إلاّ من استثناه الله         و رسوله – و إنّ هذا الاستثناء قد شمل من ضمن من شمل نبينا آدم عليه السلام الذي سجدت له الملائكة { و إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أ تجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك  قال إني أعلم ما لا تعلمون } ( البقرة 30 )  و إنّ هذه الآية الكريمة تؤكد بأنّ – الإنسان – سوف يكون – خليفة – و قد -  يفسد -  في الأرض أو – يسفك الدماء – وهذا ما حصل { و عصى آدم ربه فغوى} ( طه 121 )  و هذا – استثناء – من – استثناء العصمة و النبوة – و كان هذا العصيان و الغوى – صناعة ربانية – في الجنة – و لكن من أجل التشريع و الفكر و المفاهيم في الحياة الدنيا – و هو نص صريح بأنّ النبي آدم – عصى و غوى – و لكن – { ثم اجتباه ربه فتابَ عليه و هدى } و بعد أنْ عصى و غوى { فتلقى آدم من ربه كلماتٍ فتابَ عليه إنه هو التوابُ الرحيمُ } ( البقرة 37 ) و تبقى – الكلمات – التي تلقاها النبي آدم – غيبية – و قد تخص صناعته – و لماذا ربنا تعالى قد – صنع الخطأ في خلقته – أو إنّ الكلمات التي تلقاها تخص البشرية من بعده – و لكن رسولنا الحبيب محمد قد زكاه رب العالمين بقوله الكريم { ما ضلّ صاحبكم و ما غوى} ( النجم 2 ) و مع ذلك فقد غفر له ما تقدم و ما تأخر .

            و إنّ – مهمة الإنسان – في هذه الحياة الدنيا هي – أداء الأمانة – العظيمة و الكبيرة – و المقيدة         و المنظمة بقواعد و أحكام شرعية متقنة و دقيقة و لا تتعارض أو تتقاطع مع بعضها – و هي عُرضت على – الرسل و الأنبياء و الأولياء و الصالحين و الصحابة و الناس أجمعين – وإنّ الله جلت قدرته قد ثبت هذه القواعد و فلسفة الحياة الدنيا في سورة سياسية هي سورة الأحزاب بقوله الكريم  { إنّا عَرضنا الأمانةَ على السمواتِ والأرضِ و الجبالِ  فَأبينَ أنْ يَحملنَها وَ أشفقنَ منها و حَمَلها الإنسانُ  إنه كان ظَلوماً جَهولاً  . ليُعذبَ اللهُ المنافقين و المنافقات و المشركين و المشركات و يَتوبَ اللهُ  على المؤمنينَ و المؤمناتِ } ( 72 )  فما على الإنسان إلا أنْ يؤدي – الأمانة – كما أرادها الله تعالى و ليس حسب هواه و حلاوة الدنيا وزينتها – لأن الغاية من أداء الأمانة هي – السعادة و الرحمة و الشفاء للعالمين  – و إنّ الله تعالى  يعرف من هو الذي سوف يؤدي الأمانة – بحق – في أعماله و كذلك في – أقواله – رغم إنّ هناك الكثير من رجال الدين و وعاظ السلاطين          و الفقهاء و المفسرين يقولون أشياء و أشياء – قرآن و سنة – في الخطب و المذياع و التلفاز – و هي بعيدة كل البعد عن – الأمانة – و هذا ما قاله الله تعالى لرسوله الحبيب { وَ لَوْ نشاءُ  لأريناكَهُم فَلََعرَفْتَهُم  بسيماهم           وَ  لَتَعْرِفنهم في  لَحْنِ القولِ و اللهُ يعلمُ أعمالكم  .  و لنبلوَنكم حتى نعلم المجاهدينَ منكم و الصابرينَ وَ  نبلُوَ أخباركم} ( محمد 31 ) – وإنّ – لحن القول – قد أشار إليه رسولنا الحبيب كذلك في حديثه الشريف <  إنما أنا بشر مثلكم و إنكم تختصمون إليَّ و لعل بعضكم أنْ يكون  ألحنُ  بحجته من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع فمن قضيت له بشيْ ٍ من حق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار > هذه هي فلسفة الحياة الدنيا – و فيها – الصحابة – كلها أعمال و أقوال و الرسول يقول أنا بشر مثلكم – فلماذا نضع – القدسية – عليهم و نضعهم في قالب – العدالة – و نقول لا يجوز مناقشة أعمالهم و أقوالهم .

        (  رغم إنّ – نور النبي محمد الحبيب – قد خُلق قبل خَلق البشر )

              (  فإنه كذلك  دخل دائرة - العتاب و التوبة - الربانية  )

            و ما دمنا في بحث و مناقشة – الخطأ و العصيان و الغوى – و الحساب و العذاب – و التوبة – و هي تشمل – الصحابة و السلف و التابعين – و لا يجوز استثناءهم منها إلاّ إذا ورد الاستثناء في – الكتاب أو السنة – لأنها هي بالأصل قد شملت حتى الرسل و الأنبياء و الأولياء – و إنّ رسولنا الحبيب قد – حوسب و عوتب – في – الحياة الدنيا – من قبل الله جلت قدرته – و أمام جميع الناس – وإنّ هذا الحساب و العتاب – قطعي الثبوت – بقوله تعالى { عبسَ وتولى . أنْ جاءه الأعمى . و ما يُدريك لعله يزكى . أو يذكر فتنفعه الذكرى . أما من اْستغنى .  فأنتَ له تَصدى . و ما عليك ألاّ يَزكى . و أما من جاءك يَسعى . و هو يخشى . فأنت عنهُ تَلهى . كلاّ إنها تَذكرة ٌ } ( عبس) و هنا علينا التعمق في فهم – واقع هذا الحساب و العتاب – و فهم مدلولات و مقاصد هذه الآيات الكريمة – فهي تخطيط – رباني – عملي – في الحياة الدنيا – بالدعوة و الداعية – و الحساب و العتاب رغم الخُلق العظيم – و مفاهيم و فكر – و استجابة للإيمان – و صد و رد – و أمور ظاهرية – وأمور غيبية – ما يدريك – و تذكير – و ما هي المنفعة من الذكرى – و إنّ الله جلت قدرته يهدف من وراء كل ذلك – البناء العملي – و ليس القولي فقط – للمجتمع الإسلامي و الإنساني المتحضر – فكريا و ثقافيا و حضاريا .  

            و قبل الدخول في بحث و نقاش كل هذه الأمور – علينا أن نفهم بإنّ الله تعالى – قد خلق – نور -  محمد رسول الله الحبيب و أهل بيته – لأنه مخلوق في عائلة مختارة من خيار و خيار فخيار – قبل أنْ يخلق البشر- خلق الإنسان – علمه البيان – و خلقه بأخلاقه العظيمة { و انك لعلى خلق عظيم } ( القلم 4 ) – و إنّ الإنسان الذي خلق نوره قبل خلق البشرية – وخُلق بهذه الأخلاق العظيمة – لا يمكن أنْ يصدر عنه – فعلٌ – مثل – عبس و تولى – إلا إذا صنعه الله جلت قدرته فيه عند خلقته – و أراد ربه أنْ – يستعمله – عملياً – في – تشريعه – لتثبيت و تفهيم الفكر الإسلامي و الأحكام الشرعية – عند الناس و العالمين – و منها – إنّ الناس -  يخطئون – ومنهم – الصحابة – و خير الخطائين – التوابون .

            و إنّ الرحمن – قد وضع – الإسلام – قبل وضع الأديان الأخرى – و بعد ذلك – رتب و نظم – خلق البشرية و قد بدأها – بنبينا آدم وأمنا حواء عليهما السلام – و من ثم مهد – عملياً – بأديان متعددة – كلها – بشر و  أديان – بقدر و قدرة و مقدار – { الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان } – ففي هذه الآيات الكريمة – قد وضح خالقنا العظيم – التسلسل – القرآن ومن ثم – الإنسان – وبعده – البيان – و كذلك قوله تعالى { ما كان إبراهيم يهودياً و لا نصرانياً و لكن حنيفاً  مسلماً و ما كان من المشركين } آل عمران 67 ) و كان من الموحدين – و إنّ رسولنا الحبيب – مشمول – سنته – عملاً و قولاً – بالآية الكريمة { و ما ينطق عن الهوى إنْ هو إلاّ وحيٌ يوحى علمه شديد القوى } – القوى – و ليس قوة واحدة – قوى جميع الأديان و صراع جميع البشرية .

            و إنّ رسولنا الحبيب في – عبس – هو الذي – تولى – و في موضع آخر – فإنّ الله تعالى هو الذي أمر رسولنا الحبيب – بالتولي { فتولَّ عنهم فما أنت بملوم } ( الذاريات 55 ) و في الواقعتين – علاقة عملية – بالتشريع – و ببناء الإنسان – و لكننا نأتي و نقول إنّ الصحابة خارج هذا البناء – لذلك فإنّ – عمل الرسول       و قوله و تصرفه – في – عبس و تولى – مخلوق مع خلقته – و مصنوع بصنعته – و بتقنية دقيقة و بمستوى العالمين – في كل جزيئة من أجزاء جسمه { صنع الله الذي أتقنَ كل شيء } ( النمل 88 ) و كذلك قوله جلت قدرته { و اْصطنعتكَ لنفسي } ( طه 41 )  وقد صنعه الله سبحانه و أتقنه – إنسان و رسول الله – و وحيٌ يوحى علمه شديد القوى – قولاً و عملاً و تصرفاً – لأهمية – القيم و المفاهيم و الأحكام – التي يريد ربنا – صبها        و تثبيتها و ترسيخها – عملياً – في عقل و سلوك – الإنسان في المجتمع الحضاري – و بناء الخلق الإسلامي المتميز فيه – و بنفس الوقت يعيش هذا الإنسان والمجتمع – الفتنة و البلوى و الامتحان -  و لخطورة و أهمية  ما يريده الله سبحانه – فقد – استعمل – عملَ و تصرفَ الرسول – مدعوماً بالآية الكريمة { عبس و تولى } لألفات نظر البشرية – صحابة و سلف و بشر – إلى - أهمية – ما يريده  الله تعالى من بناء و تكوين للإنسان       و المجتمع الإسلامي الحضاري و العالمين .

            و رغم – جسامة – النص و العمل – في – إرادة الله – في هذا – التوجيه و البناء – قرآن و سنة – واستعماله تعالى – شخص رسول الله – في توجيه الإنسان – و بناء الشخصية الإسلامية الصحيحة – وفي سلوك قد يراه الإنسان – بسيطاً – و لا يحتاج إلى كل هذا -  الاهتمام الرباني – فإننا نرى -  البشرية – منذ وفاة الرسول الحبيب – و البشرية التي أبتليت بالبلوى و الفتنة – و حتى يومنا الحاضر – كم هي تعاني من هذا – الموضوع  والواقع المنافق الفاسد الذي عالجه و نظمه – كحكم شرعي – عبس و تولى – بسبب تأثير قوة حلاوة الدنيا وزينتها في النفس البشرية – و باسم الفكر العائلي و العشائري و القبلي و القومي الفاسد – إلى درجة – إنّ هؤلاء البشر و بهذا الفكر الفاسد – قد مسخوا و شوهوا كل ما بناه الله و رسوله في هذه الأمة الإسلامية الواحدة – و قد بدأ بممالأة و محاباة الصحابة – لبني أمية – فأعطوهم المال و المناصب – فأدى تدريجياً إلى تأخر الأمة وانحطاطها – و حال و يحول اليوم  دون إقامة الدولة الإسلامية الواحدة – رغم - عبس و تولى – و الجهود التي بذلت فيها – فقد رأينا كيف – إنّ الفكر الفاسد – حب  التسلط  و السلطة و البطر و الغرور و حلاوة الدنيا – قد صهرت جميعا في بودقة النفاق الاجتماعي لإفساد الإنسان و المجتمع – و أدت إلى – سحق الطبقة الضعيفة والفقيرة – و إنزال الأذى في – عامة الناس – وفي كل شعوب العالم الإسلامي – من غدر و غصب و تدمير لحقوقها و سلب العدالة من بينها .

                   و إنّ – أبسط – مثال – نضربه على فساد العلاقات الاجتماعية و دخول النفاق و الظلم و الفسق إلى – المجتمع الإسلامي – بالرغم من – وجود البناء الشامخ – عبس و تولى – الضخم – هو – انتشار المرض – الذي يسمى – مجالس الفاتحة – و يتبعه – التشييع – مجالس الفاتحة التي تقام اليوم للأموات – في حين – إنّ رسول الله الحبيب بعظمته و انه سيد الخلق لم يشيع و لم تقام له و لا لأهل بيته وعترته و لا لأصحابه – مجلس أو مجالس الفاتحة – لأنهم كانوا جميعاً مشغولون بتطبيق الفروض و الواجبات – ومجالس الفاتحة ليست من الفروض و الواجبات – و ليست من التشريع – لا في  القرآن و لا في السنة – و لكن اليوم – تقام مجالس الفاتحة للكافر و الفاسق وتقام أضخم مجالس الفاتحة لأضخم سارق و أضخم زاني و أضخم قاتل و مصاص الدماء – وعندما تقول لهم – إنّ مجالس الفاتحة ليست من التشريع و لا يجوز إقامتها – يكون جوابهم – نحن عوائل وعشائر و عادات – و كأنما الرسول الحبيب ليس من عوائل أو عشائر –  في حين هو من أشرفها و خيارها – ولكنهم ينسون الله تعالى و يتركون وسيلته و سبيله و ما قضى الله و رسوله من أحكام شرعية – إلى هذا الحد وصلنا من التأخر و الانحطاط – فما على المسلمين الأتقياء  – إذا ما أرادوا النهوض و التقدم – إلاّ إعادة البناء الرباني في – عبس و تولى – و القضاء على هذه العادة الفاسدة وعلى كل نفاق اجتماعي – منها رئيس حكومة أو ملك يبعث رئيس تشريفاته أو ديوانه إلى مجلس فاتحة مجرم هو من حطب و قعر جهنم – ومثل ذلك يعمل اليوم الفقهاء و رجال الدين – فما على – الأتقياء و المؤمنين و المسلمين اليوم –ولأجل القضاء على هذا النفاق الاجتماعي – إلا استخدام و استعمال -  الوصية – و الطلب من – الورثة – عدم إقامة مجالس الفاتحة – و النص صراحة في – الوصية – إنّ مجلس الفاتحة يناقض و يخالف – عبس و تولى – التي فيها حساب و عتاب لرسول الله الحبيب في الدنيا – و بسبب النفاق  صنع الله تعالى – الرسول مع عمله – عبس و تولى – وانزل سورة كريمة من أجلها – و إنّ هذه – الوصية – سوف تكون من ضمن – طاعة الله و رسوله – وفي عمل – مجلس الفاتحة - كان أساسه –وجاهة الدنيا و حلاوتها و الرياء و النفاق  و حتى التمادح و معصية الله – و من استعان بغير الله ذل { ذلة في الحياة الدنيا } ( الأعراف 153 ) .

                   و إننا لو تعمقنا في موضوع – عبس و تولى – أكثر – لوجدنا – إنّ الله تعالى لم يأتِ برجل – كامل – غني و معافى – ليضرب به المثل – و إنما الواقعة قد حصلت مع – إنسان – معوق مكفوف النظر – أعمى – ومن  طبقة بسيطة – و من خلاله قد علمنا ربنا – عملياً – بأنّ حتى  هذا الإنسان المعوق البسيط قد  يكون له اعتباره  وأثره في – الدعوة – و في – المجتمع الحضاري الإسلامي – و في الحياة الدنيا – لعله يَزّكى – بأخذ الفكر والفهم العميق فيكون نافعاً و صالحاً - و فعلاً  قد أصبح – بن أمي مكتوم – صحابياً داعيا و مناقشاً       و ليس مغلقاً و قافلاً على عقله و أفكاره – و هل صدفةً و عبثاً أنْ يأتي شخص من أقصى الشرق من فارس وقد عجزت الدنيا من أنْ تملأ عقله و قلبه و بقي حائرا إلى أنْ وجد هدايته في الإسلام و رسول الإسلام فأصبح – سلمان الفارسي –  صحابيًا-  فكان له رأيه في – الخندق – الذي به نصر الله سبحانه – الإسلام و المسلمين – إذن لابد من إعطاء -  فرصة – و حق – في الاهتمام الفكري و الرعاية الفكرية – لكل إنسان حتى و لو كان معوقا و بسيطا و غريبا وتائها – و تركه ْ ليكون – حرا – في النقاش و التعبير و البحث و التحليل – وفق القاعدة الفكرية التي وضعها رسول الله الحبيب < ربما سامع أوعى من ناقلٍ – من متحدث >  بهذه الدقة ذهب رسولنا الحبيب لينسجم و يتفق مع قوله تعالى { الذين يستمعون القول فيتبعونَ أحسنه } ( الزمر 18 ) و بعد كل هذا يأتي من يأتي ليقول اتركوا البحث و مناقشة أعمال و  أقوال  الصحابة و السلف – و لصالح من يُطلب مثل ذلك . 

                   و حيث – إنّ الله تعالى قد حاسب و عاتب  رسوله الحبيب في الدنيا – و من – فضل الله و إحسانه على الإنسان و المجتمع – أنْ يحصل – الحساب و العقاب – لهم – في الحياة الدنيا قبل الآخرة – لأنّ العقوبات في الإسلام – زواجر و جوابر – و العقوبة الشرعية في الدنيا – تزجر و تردع الناس الآخرين في المجتمع – لأنها سوف تطبق عليهم مثلما طبقت على من قبلهم – و جوابر – تجبر الإنسان السارق بقطع يده و الزاني        و شارب الخمر بجلده –  ليعود إنسانا نظيفا و بريئاً كما كان قبل اقتراف جريمته – و كذلك بحساب الله تعالى لرسوله في الدنيا – يكون عملياً قد لفت نظره و الأمة و العالمين إلى – أمر خطير و مهم في الحياة الدنيا لعلاقته – بالنهوض و البناء و التقدم – و استمرارها – و هذا يدل على – إنّ الصحابة و السلف و الناس  هم بأشد الحاجة إلى – المحاسبة و المساءلة و العتاب – لذلك فإنّ هذا يستتبع المناقشة و البحث و التدقيق في أعمالهم     و أقوالهم – أينما كان موقعهم – خاصة و هم – حكام و في مناصب المسؤولية – لكي نتوصل إلى فهم – ديننا عقيدة و مبدأ و أحكام – و ليس مثلما يريدون منا تحجيم فهمنا على مفاهيم – الصوم و الصلاة و الحج و الزكاة – و حتى هذا التحجيم يريدون منا أنْ يكون بحدود و قيود بحيث لا تصل حرارته إلى كرسي الحكام و المناصب – و حيث إنّ الإسلام هو – دين التعامل و التناصح – في الاقتصاد و الحكم و الاجتماع و السياسة – دين دولة –      و دين شفاء و رحمة و سعادة للعالمين – الحمد لله رب العالمين – فلا يجوز أنْ نقول – إنّ الصحابي – فلان – لا يخطأ و لا يحاسب و لا يعذب عن أعماله و أقواله في الحكم و غير الحكم – و إذا قلنا ذلك فلابد من وجود نص يثبت و يدعم ذلك .

                   و العجيب هو إنّ الذي يقولون ( إنّ – الصحابة – عدول -  و لا يخطأون و لا يحاسبون ) هم الذين ( لا يؤمنون بعصمة الصحابة ) – و هذا يجعلنا ندرك مدى خطورة المخطط الذي وضعه أعداء الإسلام – و مع ذلك فإننا نحتاج إلى – نص – يعفي الصحابة و السلف – من المحاسبة أو العذاب – و يمنعنا من البحث في أعمالهم و أقوالهم – في حين إنّ الله يقول لرسوله الحبيب { قل لا أملكُ لنفسي نفعاً و لا ضراً إلا ما شاء اللهُ و لو كنتُ أعلم الغيب لاستكثرتُ من الخير و ما مسني السوء إنْ أنا إلا نذيرٌ و بشيرٌ لقوم يؤمنون } ( الأعراف 187 ) و كذلك قال تعالى لرسولنا الحبيب { لا تدعُ منْ دونِ اللهِ ما لا ينفعُكَ و لا يضرُكَ فإنْ فعلتَ فإنكَ  إذنْ منَ الظالمين} ( يونس 106 ) و كذلك قال سبحانه لرسوله الحبيب { وَ لَوْ شاءَ ربك لآمنَ منْ في الأرضِ كلهمُ جميعاً أ فأنت تكره الناسَ حتى يكونوا مؤمنينَ } ( يونس 99 ) الله أكبر كبيراً على هذا التوجيه الرباني إلى رسوله الحبيب       و من – خلاله – التوجيه إلى أمته الإسلامية لتكون خير أمة أخرجت للناس – فاليتفحص و يتحرى -  دعاة الصحابة و السلف – هذه الكلمات الآياتية الربانية – الدقيقة و العميقة – لا يملك الرسول لنفسه لا نفعاً و لا ضراً – و لا يعلم الغيب – و لا يقدر أنْ يدفع السوء – و لا يقدر أنْ يدعُ إلى ما لا ينفع و لا يضر من دون اللهِ – و لا يقدر حتى على إكراه الناس ليكونوا من المؤمنين – وبعد كل هذا – يأتي من يقول – إنّ الصحابة و السلف هم الذين أوصلوا لنا ديننا و جعلونا مسلمين و مؤمنين وانهم عدول و لا يخطأون و إذا أخطأوا فهم مجتهدون ومأجورون – فهل مثل هذه الأقوال تتفق مع توجيهه تعالى إلى رسوله الحبيب .

                   و هناك عتاب آخر لرسولنا الحبيب أكثر و أعمق من عتاب – عبس و تولى – و هو قوله جلت قدرته { وَ إذْ  تقولُ للذي أنعمَ اللهُ عليه و أنعمتَ عليه  أمْسِكْ عليكَ زَوْجَكَ و أتقي اللهَ  وَ تُخْفي في نفسكَ ما  اللهُ مبديهِ و تخشى الناسَ  و اللهُ أحقُّ أنْ تخشاهُ } ( 38 ) من سورة الأحزاب السياسية – في حين عندما نبحث في موضوع – الصحابة و السلف – فإننا نجد هناك من يجعلهم فوق هذه المفاهيم و التوجيهات الربانية التي أصدرها إلى رسوله الحبيب الذي ضحى بالغالي و النفيس في دعوته و تبليغه في سبيل – إقامة دولته الإسلامية – و هل هناك  من الصحابة و السلف  من عمل و قدم إلى الله تعالى أكثر من رسولنا الحبيب – و لكن الله سبحانه يقول له { عفا اللهُ عنك  لِمَ  أذِنتَ لهم حتى تبينَ لك الذين صدقوا و تعلم الكاذبين } ( التوبة 44 )  و إنّ الموضوع هنا هم – الصحابة – حيث قد أذِنَ لبعضهم بالتخلف عن اللحاق بجيش العسرة من تلقاء نفسه و وفقَ صلاحيته و لكن الله تعالى هو الذي يعلم الغيب فعلم إن بعض الصحابة قد كذبوا في الأعذار التي قدموها للرسول في عدم مقدرتهم للاشتراك في غزوة تبوك  - لذلك فقد عاتب الرسول و في نفس الوقت عفا عنه في عمله هذا – وأهم ملاحظة هنا هو وجد – صحابة من – الصادقين – و صحابة من – الكاذبين – فكيف الجميع – عدول – و إنّ الله تعالى يقول لرسوله الحبيب { ليغفرَ لكَ اللهُ ما تقدمَ  من ذنبكَ و ما تأخرَ } ( الفتح 2 )  ولكن من الذي سيقول للصحابة بمثل ذلك بعد وفاة رسولنا الحبيب .

                   و لكن في حياة رسولنا الحبيب قد أخبرنا بأنّ هناك استثناء من قاعدة – الجميع يحاسب و يعذب - و إنّ هناك -  صحابة لا يحاسبون و لا يعذبون و يدخلون الجنة مباشرة – ففي الواقعة التي حصلت بين بعض الصحابة  الذين كانوا جالسين و يناقشون و يحللون في موضوع – من الذي لا يحاسب و لا يعذب و يدخل الجنة مباشرة يوم القيامة – فبعضهم قال – لعلَّ الصحابة الأوائل يدخلون الجنة بلا حساب و لا عذاب – و البعض الآخر قال – لعلَّ جميع الصحابة يدخلون الجنة بلا حساب و لا عذاب – و آخرون قالوا – لعلَّ الذين ولدوا على الإسلام     و لم يذوقوا الكفر و الشرك هم الذين يدخلون الجنة بلا حساب و لا عذاب – لأنّ أكثر الصحابة ولدوا كفارا ثم أسلموا – و بهذه الأثناء حضر رسول الله الحبيب و استمع إلى نقاشهم – و قد حسم الموضوع بقوله < إنّ الذين يدخلون الجنة بلا حساب و لا عذاب هم الذين لا يرقون و لا يسترقون و على ربهم يتوكلون > فقام الصحابي عكاشة بن محصن – ورفع يده إلى السماء و قال – أدعُ اللهَ أنْ يجعلني منهم – فقال له الرسول < أنتَ منهم يا عكاشة > ثم قام صحابي آخر فقال – أدعُ اللهَ أنْ يجعلني منهم – فقال له الرسول < لقد سبقك بها عكاشة >  , إنّ الاثنين من الصحابة – أحدهم أقره رسول الله الحبيب و الثاني لم يقره – و إنّ الصحابي عكاشة قد استشهد في – حروب الردة – في خلافة أبي بكر الصديق – و من خلال هذه الواقعة يظهر لنا – إنّ رسول الله كان عنده العلم الغيبي ما في قلب الصحابي عكاشة من إخلاص و صدق الإيمان و عنده علم بأنّ عكاشة سوف يستشهد في حروب الردة   { و ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى } – و إنّ العبرة من هذه الواقعة هي – إنّ الصحابة كانوا في نقاش و تحليل و جدال في – شؤون دينهم و في أفعال و أقوال الصحابة و في مصيرهم في الحساب       و العذاب و الجنة و النار – و لم يمنعهم أحد من هذا النقاش لا رسول الله و لا غيره – بل وإنّ الرسول قد أقرهم في هذا النقاش و أكمل نقاشهم و أعطاهم الرأي الصحيح و الحاسم الذي كان يستهدفه نقاشهم – و كذلك قد تبين لنا إنّ النقاش في مثل هذه الأمور واجب و فرض كفاية لفهم الأحكام الشرعية و أمور الدين سواء الأمر تعلق بالصحابة أو بغير الصحابة – و قد وجدنا إنّ – الرقَّ – هو – الغلظة و التفخيم و التعالي – و عكسها – الإخلاص و الرحمة و الحياء و الحسن و اللين -  و لو رجعنا إلى القرآن المجيد – لوجدنا الآيات الكريمة التي أنطلق منها رسول الله الحبيب في إعطاء الرأي الحاسم و الفاصل منها قوله تعالى { ألاّ  للهِ الدين الخالص  } ( الزمر 3 )       و قوله تعالى  { وما تجزون إلاّ  ما كنتم تعملون  .  إلاّ عباد اللهِ المخلصين } ( الصافات 39 ) و إنّ كلمة – المخلصين – قد تكررت بالآيات – 74 و128 و 160 – من نفس السورة المباركة – و هي تتعلق بالجزاء        و الحساب – و هناك آيات كريمة -  تستثنى – المخلصين – من مكائد الشيطان و من الرضوخ لزينته و حلاوة الدنيا منها قوله تعالى  { قال ربي بما أغويتني لأُزيننَ لهم في الأرض و لأَغوينهم أجمعين  .  إلاّ عبادك منهم المخلصين } ( الحجر 42 ) و قوله تعالى { قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين . إلاّ عبادك منهم المخلصين } ( ص 83 ) و قوله تعالى { قال فالحقُّ و الحقَّ أقولُ . لأملأنَّ جهنمَ منك و ممن تَبِعَكَ منهم أجمعينَ . و لَتعَلمُنَّ نبأه بعَد حين } ( ص86 ) .

                   إنّ – استثناء – عكاشة – كان من الحساب و العقاب في اليوم الآخر – و لكن هناك – استثناء -  في الحياة الدنيا – و هو ما ارتكبه – الصحابي حاطب بن أبي بلتعة – من عمل يعتبر – خيانة – بحق الإسلام        و المسلمين – و أراد أحد الصحابة قتله فمنعه رسول الله الحبيب و قال <  لعلَّ الله نظر إلى آل بدر فقال لهم افعلوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم ما تقدم و ما تأخر > و كان الصحابي حاطب ممن حضر معركة بدر – و في هذا الحديث –كلمة – لعلَّ – و ليس قطعي – و هنا الشيْ بالشيْ يذكر – فإنّ الصحابي عثمان بن عفان – ليس من آل بدر – لأنه لم يحضر معركة بدر بإذنٍ من رسولنا الحبيب فهو غير مشمول بحديث آل بدر الشريف .

                   إذاً فإنّ جميع البشر يحاسبون إلا من – يمُنَّ – الله جلت قدرته عليهم و هذا ثابت في قوله تعالى      { قالت رسلهم إنْ نحنُ إلاّ  بشرٌ مثلكم و لكن اللهَ يمنُّ على من يشاء من عباده } ( إبراهيم 11 ) و كذلك قال سبحانه { من يعمل مثقالَ ذرةٍ } { خيرا أو شراً } { يره } ( الزلزال 7 ) إلا من – يمنُّ – الله تعالى عليه سواء من الصحابة أو غير الصحابة من بداية الخلق و إلى يوم الدين – و هذا ما وضحه الله تعالى { للهِ ما في السموات والأرض و إنْ تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم الله فيغفر لمن يشاء و يعذب من يشاء و الله على كل شيء قدير } ( البقرة 284 ) .

 

  ( إنّ الحديث الشريف < أصحابي كالنجوم > و فكرة – الصحابة عدول )

( يجب أنْ لا تكون مطلقة – و يجب تقييدها بقاعدة – ما لم يبدلوا و يغيروا)

                   و الخلاصة فإنّ من يقول ( لا تناقشوا و لا تبحثوا في أفعال و تصرفات و أقوال الصحابة -  لأنّ جميع الصحابة عدول -  و مجتهدون حتى إذا أخطئوا فلهم أجر واحد – و أصحابي كالنجوم بأيهما اقتديتم اهتديتم -  و هم الذين أوصلوا لنا الإسلام  )  فإنّ هذه الأفكار الإسلامية هي بحاجة إلى ما يكملها و يصححها – فالعدول    و النجوم – تحتاج إلى – القاعدة الشرعية – ما لم يبدلوا و يغيروا – و إنّ -  توصيل الدين – مقيدة بالآية الكريمة  { و لقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون } فعلى المتكلم في موضوع – توصيل الدين -  أنْ يتذكر من هو الأساس في هذا التوصيل -   و قد ثبت للمسلمين - واقعاً و عملياً -  إنّ هناك من الصحابة من – أخطأ و أساء     و استأثر  و عطل و بدل الأحكام و الجازع و الباغي والظالم و الفاسق و الفاجر و حتى المرتد -  فإنّ قولهم هذا لا يخدم الإسلام  و المسلمين – لأنه سوف يؤدي إلى – الطعن و القدح بالإسلام و بعقيدته و ما ينبثق عنها من مبادئ و أحكام –  و  مثلما يقولون اليوم – إنّ المسلمين يفتقرون إلى – حقوق الإنسان – و ليس عندهم حق التعبير – ولا التعددية الحزبية –  و احتجاج الكفار و أعداء الإسلام على المسلمين – بإنّ إسلامكم يجوز العنف    و سفك الدماء و اغتصاب النساء -  بقولهم :  إنّ الصحابي خالد بن الوليد قد قتل الأسرى و قتل الصحابي مالك بن نويرة و اغتصب زوجته في نفس ليلة قتله بل و مثل به بطبخ رأسه – و إنّ جوابنا على هؤلاء – إنّ الإسلام عقيدة و مبدأ – شيء -  لذلك قال رسول الله الحبيب < اللهم إني بريء من ما فعل خالد >  و إنّ الأشخاص خطاءون     لأنّ الله تعالى قد ألهم نفوسهم الفجور و التقوى – شيء آخر -  و إن جوابنا على من يطلب من المسلمين عدم البحث و النقاش – هو  – إنّ هذا الطلب -  هو – من مخطط أعداء الإسلام و الكفار العلمانيين لإبقاء المسلمين في – تفرقة و خلافات و تجزئة  و انقسامات و إبقاء ما دخل إلى الإسلام من البدع و الافتراءات لاستغلاله في محاربة الإسلام و الطعن به –  و حتى يتمكنون من صنع – حركات و تنظيمات تشوه الإسلام          و تدمر المسلمين – مثل -  القيام بأعمال العنف  و الغدر و مزاولة و استعمال  الأسلحة في الدعوة  التي يجب أنْ يقتصر عملها على الفكر فقط – وكان سابقاً – الخوارج و بعدهم الكثير من الحركات – و اليوم –  طالبان لادن-  والوهابيين  و السلفيين و الهجرة و التكفير و البهائيين  و البابيين و لا ندري ما لذي سيصنعونه غداً ما دامت الغشاوات  و المتشابهات لعبة بأيدي أعداء الإسلام  و العلمانيين يستعملونها مع المرتزقة  و المتنافسين على حلاوة الدنيا  و السلطة  و زينتها – و قد  نسي أو جهل قادة و نشطاء تلك الحركات – سيرة رسول الله الحبيب الفكرية في الدعوة – و إنّ  ما يريده الله و رسوله هو وجوب تطبيق الإسلام في الدولة الإسلامية المحمدية الواحدة – و التي هي تزاول جميع الأعمال المادية في الدعوة و رد العدوان – و لكنهم  لا  يعملون لإقامتها بالوسيلة والطريقة الربانية المحمدية – و إننا لا نضع القدسية على الصحابة و لكننا نقول ما قاله الله تعالى        { و الذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اْغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان و لا تجعل في قلوبنا غِلاً  للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم }  -  سبقونا بالإيمان و ليس بالإسلام – لأنّ الصحابي خالد  قد سبق المؤمنين الذين جاءوا بعده – بالإسلام -  و ليس - بالإيمان  -  اللهم أشهد .  

            

           

            

              

            

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق