............رقم الإيداع (337) (دار الكتب والوثائق - المكتبة الوطنية) (بالموصل 4677 في 7/12/2005) (وقبض الرسم بالرقم1513في 7/12/2005)..........

مؤلف كتاب الشورى

الفهرست

الأربعاء، 17 يونيو 2009

الفرع الخامس ( الخليفة الخامس . عضو العترة . أمير المؤمنين . الإمام . الصحابي )

الفرع الخامس

( الخليفة الخامس . عضو العترة . أمير المؤمنين . الإمام . الصحابي )

( سبط و ريحانة رسول الله من أهل الجنة )

الحسن بن علي

< لعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين >

< الخلافة بعدي ثلاثون سنة ومن ثم ملك عضوض >

< ولداي – الحسن و الحسين – من أهل الجنة – إمامان قاما أو قعدا >

( أحاديث شريفة )

لقد ولد – الولد الصالح – زينة الحياة الدنيا – الحسن بن علي بن أبي طالب – في المدينة المنورة – في السنة الثالثة من الهجرة – و إنّ أباه الصحابي علي بن أبي طالب – قد تزوج من – الصحابية فاطمة الزهراء البتول سيدة نساء العالمين في السنة الثانية من الهجرة .

و قد بويع للخلافة بعد وفاة أبيه – الخليفة الرابع علي بن أبي طالب – سنة أربعين هجرية – و كان عمره سبعة و ثلاثين عاماً - فأصبح الخليفة الخامس .

إذاً هو – الخليفة الخامس – بعد رسول الله الحبيب – في حين إنّ بعض المسلمين قد تعودوا ( خطأ ) – أو أُجبروا على التعود – لأننا لا نريد القول – تعودوا بسبب الحقد على آل بيت رسول الله الحبيب – و إنّ تعودهم هو قولهم ( إنّ الخلفاء الراشدين هم أربعة – أبو بكر و عمر و عثمان وعلي ) – و لا ندري أو ندري – لماذا لا يقولون ( الخلفاء الراشدون الخمسة ) إذا كانت كلمة (الرشد ) مهمة ( كوصف شرعي يجب القول به – و ليس أمراً اقتضته المصلحة الأموية أو غيرها من الأمور التي لا علاقة لها بالشرع – و هل – الخليفة الخامس الحسن – لم يكن – راشداً – أم إنّ – بيعته – لم تكن – صحيحة – أم أنه لم يكن – من المبشرين بالجنة – في حين إنه بُشرَ بالجنة منذ ولادته و إنّ اسمه من أسماء الجنة – أم - إنّ مدة بقائه خليفة – ستة أشهر – لم تكن كافية – حتى يُعَدّ – خليفة – و بالتالي لا يكون من – الخلفاء الراشدين – و نحن نعلم – شرعاً وقانوناً – إنّ اليوم الواحد كافياً ليعتبر الشخص قد أصبح يسمى باسم المنصب رسمياً – خليفة أو غير خليفة – و هذا ما سنبحثه في موضعه السياسي من هذا البحث – و لكن هناك قاعدة فقهية تقول – لا تجتمع أمتي على خطأ – و لكن لا ندري أو ندري كيف اجتمعت – الفئة السنية أو البيت السني على – خطأ – بجعل الخلفاء - أربعة – في حين – إنّ الواقع و الشرع والحق – يقول و يصرخ – إنّ الخلفاء الراشدين هم - خمسة - و من ثم ملك عضوض – و يأثم كل من يجعلهم – أربعة - عن دراية و تقصد- و معذور من لا يدري و من أجبر و أكره على القول بأنهم – أربعة – و لكن – بني أمية – الذين تولوا عن الأحكام و تسلطوا – قد تعمدوا إلى دفع الناس و إرغامهم على – إهمال – خلافة الحسن – وتركها من أنْ يكون لها موضع بحث – لأنّ – خلافة الحسن – تكشف للمسلمين – واقع مرير – و هو ( كيف بدأت خلافة الحسن و كيف انتهت ) و ( تكشف معها الكثير من الأحكام الشرعية التي تحتاج إليها الأمة الإسلامية ) و التي تؤدي إلى كشف – أعمال بني أمية و الأحكام الشرعية الخاصة بها – و أهمها ( عمل البغي و الخروج على خليفة زمانهم بالقوة و الجيوش و العنف – الذي أدى إلى – التنازل – و يكشف – عقد التنازل - بالذات و شروطه – و ما الذي طُبقَ منه ) و أهم شرط هو ( شرط رجوع و إعادة الخلافة – إلى المتنازل قهراً – الخليفة الخامس الحسن ) وهي ( الحال – التي تسلط الباغي – معاوية – على الحكم – و إنّ هذه – الحال تزول – عند – حلول أجل الشرط ) الذي وضعه – الخليفة الحسن – بعودة الخلافة و رجوعها إلى – صاحبها الشرعي – بموت المتسلط معاوية أو فقدانه – أو – بتوبة – المتسلط قبل وفاته – و الاعتراف بإعادة الحق إلى – أهله – و هم – الله و رسوله و المسلمين والناس – و الخليفة الحسن ) و إنّ ( القاعدة الشرعية – هي – إذا زال المانع عاد الممنوع ) ولكن هل من مثل هؤلاء – معاوية و شاكلته – يتوب أو يفهمون التوبة و الاستغفار و سوف نوضح و نشرح كيف إنّ هذا الشرطشرط إلهي – ولم يكن بشري – لأنه قد فات على عقل معاوية و على عقول معظم البشر و الخلق – و مرر عليهم بقضاء الله و إرادته .

و إنه إلهي - بافتراضنا – إذا مات المتسلط معاوية - أو فقد أهليته – بعد موت الصحابي الحسن وليس قبله - فإلى من – ترجع – الخلافة – وكان الشرع مطبقاً - فشرعاً ترجع إلى – صاحبها الشرعي – و هنا – الحالة – يكون فيها – الصاحب الشرعي – هو – الأمة الإسلامية – عموم الناس – الشورى – وليس ولاية العهد و الوراثة - و أما إذا أُجبرت الأمة على المفهوم – الخطأ – و هو – إنّ الخلفاء الراشدين هم أربعة – فيكون – طريق انتقال الحكم – كذلك – طريق خطأ – و هذا ما حصل - بطريق ولاية العهد – طريق خطأ – و أما إذا كان – المفهوم - عند الأمة – مفهوم صحيح – و هو – إنّ الخلفاء الراشدين – هم – خمسة – فيكون – طريق انتقال السلطة – طريق صحيح – فترجع السلطة إلى – الأمة – صاحبة الحق الشرعي و منها إلى – الخليفة – الذي سينتخب - بالشورى – بالاختيار و الرضا من عموم الناس – عندما يكون الشخص الذي لزم الشرط – برجوع الخلافة إليه قد - مات - و هذا هو المفعول الخطر و المصيري – بجعل الخلفاء أربعة - و ليس – خمسة خلفاء .

وفي نفس الوقت فإنّ هذا الرأي و القول ( الخلفاء أربعة و ليس خمسة ) يخالف الحديث الشريف < الخلافة بعدي ثلاثون سنة و من ثم ملك عضوض > و إنّ – خلافة الحسن - ليست ملكاً عضوضاً - لأنّ – أساسها ( اختيار بالرضا – شورى و بيعة – ضمن عموم الناس – الصحابة و الناس ) و إنّ ( الملك العضوض – غير شرعي – و قبيح – لعدم كسب رضا الله و رسوله و الناس - و منتقد و مرفوض – شرعا – و قد – بدأ بتسلط – الباغي معاوية ) و إنّ الذي يقول ( حكم معاوية – حكم شرعي ) معناه يعمل بقصد على ( تكذيب حديث رسول الشريف – و سوف تكون – مدة الثلاثين سنة – مدة ناقصة و خاطئة – و ستكون المدة المطلوبة لحديث الرسول - خمسين سنة – بإضافة مدة حكم معاوية البالغة – عشرين سنة – عند من يقول حكم معاوية حكم شرعي و صحيح ) في حين – يحرم تكذيب رسول الله أو تخطيئه – لأنه سوف يعتبر خروج على الإسلام – و أما إذا لم نعترف بمدة خلافة – الخليفة الخامس الحسن – البالغة ستة أشهر – فسوف تكون مدة الحديث – ثلاثون سنة – مدة زائدة – و لا تنطبق على الواقع – و هذا مرفوض كذلك شرعاً .

و كان ( الصحابي الحسن ) شبيهاً بجده من أمه محمد رسول الله الحبيب – و فد سماه النبي بهذا الاسم ( الحسن ) و سمى شقيقه ( الحسين ) و هنا قال رسول الله < الحسن و الحسين من أسماء الجنة و إنّ الله تعالى قد حجب اسمي - الحسن و الحسين – عن الناس – من يوم آدم عليه السلام إلى أنْ سَميتُ أنا ولديّ و ولدي علي و فاطمة بهما > فما هو مدلول هذا الحديث الشريف في كل ما ورد فيه – من حيث المكانة و المنزلة – و إنّ دلالته – هي إنّ الله جلت قدرته هو الذي – صنع هذه الشخصية – بالجسم و الاسم – و مثله شقيقه ( الحسين ) - و لا ندري كيف لا يهتم المسلمون بهذه ( الصناعة و التقنية – الإلهية ) و إذا مروا بها فلا تلقى عندهم أي صدى أو أي تأثير في حياتهم السياسية – و من ذلك نفهم بأنّ - الجاهلية لم تعرف هذه الأسماء – الحسن و الحسين – و هذه معجزة ربانية للرسول – لأنّ عملية الإخفاء عملية خارقة - و ليَمُنّ الله تعالى بها على أشخاصها و أهليهم .

( ما ورد في حق الخليفة الخامس الحسن من – آيات و أحاديث )

و قد ورد عن رسولنا الحبيب – عندما كان يحمل – الحسن – على كتفه و هو صغير قوله < اللهم إني أحبّهُ فأحِبْهُ > و قال كذلك < إنّ ابني الحسن سيد و لعلّ الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين > - و إنّ – الحسن – هو ممن شملته - آية المباهلة – و حديثها الشريف – { ندعُ أبناءَنا و أبناءَكم } ( آل عمران 61 ) وفيها قال < اللهم هؤلاء أهلي > و كذلك هو أحد الخمسة من ( أهل الكساء ) بعد نزول آية التطهير {ليذهب عنكم الرجسَ أهل البيت و يطهركم تطهيراً } ( الأحزاب 33 ) و بسببها قال الحديث الشريف < اللهم هؤلاء أهلي > و كذلك قال فيه و أبيه و أمه و شقيقه < إني تاركٌ فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ما إنْ تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي > - و هذه الأمور – الآيات و الأحاديث و السنة – كلها واردة و (ثابتة) لدي (كافة المسلمين – و بإجماعهم ) – و يظهر إنّ – الخلاف – هو فقط – بالدلالة – و إنّ هذا – الخلاف – أمره راجع إلى – يوم الحساب – لأنّ – الدلالة المتشابهة – هي من – أمر الله – جلت قدرته – ليجعلها - فتنة و بلوى – ليعرف بها – الخبيث من الطيب < وإنما الأعمال بالنيات و لكل أمريء ما نوى > - و إنّ الله يعلم حتى النيات {ما توسوس به نفسه } ( ق 16 ) .

( تطبيق حكم الشورى في خلافة الخليفة الخامس الحسن )

و أما موضوع ( حكم الشورى ) – فإنّ – الخليفة الرابع علي – في جرحه و قبل موته قد ( رفض استخلاف ) أحد بعده – و لم يتدخل - و ترك { و أمرهم شورى بينهم } للمسلمين مثلما فعل رسول الله الحبيب – فإنه في مرضه توفى – و لم يتدخل لما بعده - فلم يستخلف أو يرشح أحد - و تركها إلى - الشورى و لكن و بعد – وفاة الخليفة الرابع علي – فإنّ جميع الصحابة من المهاجرين و الأنصار و الناس الموجودين في – العراق و مكة و المدينة – قد – اختارت بالرضا – الشورى – الحسن بن علي – الخليفة الخامس – و من ثم بايعه أهل الحجاز و المسلمون في البلدان المجاورة للعراق إلى بلاد القفقاس – عدا – معظم و ليس جميع - أهل الشام و فلسطين المغلوب على أمرهم – بسبب وجود تسلط بني أمية عليهم – و إنّ – الشورى - أهم عمل – طبق في – خلافة الخليفة الخامس الحسن – و طبقت للمرة الثانية في حياة المسلمين – و الأولى كانت في خلافة – الخليفة الرابع علي .

( الصحابي الحسن بن علي )

( استلم في الحياة الدنيا – وظيفتين - تكليف إلهي و تكليف دنيوي )

من خلال استعراضنا للواقع العملي و الأدلة الشرعية المتعلقة بهذا الواقع ( و هذا بإجماع المسلمين ) فإنّ – الصحابي الحسن – قد استلم منصبين – و ظيفتين – مسؤوليتين – في الحياة الدنيا – الأول – منصب – تكليف إلهي – إلهي تشريعي – باعتباره أحد أعضاء العترة – وهذا المنصب لا يدخل – تفصيله – ضمن بحثنا السياسي هذا – و لكننا سوف نأتي على - عمل واحد ينفرد هو به كونه من أهل العترة – و إنّ هذا العمل هو تقصده أنْ يكون ( مزواج و مطلاق) – و أما المنصب الثاني – منصب التكليف الدنيوي – الخلافة – و إنّ هذا المنصب هو من صميم بحثنا السياسي هذا – و أما – الجهاد – فهو تكليف عام – حاله حال التكاليف الأخرى و بقية المسلمين .

( أهم أعمال الخليفة الخامس الحسن بن علي )

العمل الأول - الشورى

لقد بينا و شرحنا – إنّ الخليفة الرابع علي - قد مات و لم – يستخلف – أحدا من بعده – و بعد وفاة الخليفة الرابع – فقد أجمع المسلمون عموم الناس – من ضمنهم الصحابة المتواجدون – و السلف – على اختيار الصحابي الحسن بالرضا – الخليفة الخامس للمسلمين – و قد انعقد معه ( عقد البيعة – بيعة الانعقاد – و بيعة الطاعة ) ( بلا إكراه و لا إجبار و لا تسلط ولا تولي عن الأحكام الشرعية ) و هذا ( مفهوم سياسي مهم جداً ) – لذلك ( لم يقدر المتسلط والمتولي والباغي معاوية ) على ( إعلان ) نفسه ( حاكم أو خليفة ) للمسلمين بعد – وفاة الخليفة الرابع – رغم إن - مقاطعة الشام فلسطين - كانت مع الباغي الصحابي معاوية – و إلاّ من كان يدعمه و ممن كان يتألف جيشه الذي يحارب به الله و رسوله و خليفته و الدولة الإسلامية – و إنما بقي معاوية ( باغياً ) و بقي ( يستعمل القوة العسكرية و العنف – و سياسة الترهيب و الترغيب ) مع المسلمين – خاصة مع ( جيش الخليفة الخامس الحسن ) الذي كان على أهبة الاستعداد لقتال – جيش معاوية الشام الخارجين على خليفة زمانهم – و من أعمال الباغي معاوية و أساليبه – فقد أرسل خلسة مبعوثاً إلى ( قائد جيش الخليفة الخامس ) و اشتراه ( بمبلغ نصف مليون دينار ) فهرب القائد إلى ( الباغي معاوية ) – فلينظر المسلمون – ما هو دور – المال قوة – في الأعمال السياسية – خاصة مع عديمي الإيمان و التقوى و ضعاف النفوس – و إنّ النصف مليون دينار أ لم تكن من أكياس الزكاة التي وهبها جزافاً الخليفة الأول الصديق إلى أبيه أبي سفيان أم كانت عنده من الجاهلية - و بعد هروب القائد فقد عين الخليفة الخامس الحسن – معاون القائد بمنصب – القائد العام لجيش الدولة الإسلامية – و قد استعمل الباغي معاوية نفس الأسلوب مع القائد الجديد فلم يستجب لطلب معاوية الذي زاد المبلغ إلى (مليون دينار – ألف الألف دينار ) فلم يستجب كذلك و زاد مبلغ الشراء إلى ( نصف واردات أرض السواد – العراق ) و هنا يُضرب المثل ( وَهَبَ الأمير ما لا يملك ) لأنّ الباغي معاوية لا يملك العراق في هذا الوقت – و لكن عند تسلطه على العراق يشارك قائد الخليفة الخامس الحسن بواردات العراق فيعطيه نصفها – فلم يستجب كذلك – و بقي القائد الجديد ثابتً على الإيمان و التقوى ضد جميع الاغراءات و أطماع الترغيب – و هنا نرى ( كيف تعمل الأموال قوة من قبل عديمي الإيمان – و كيف تعمل التقوى ضدها – و هذا ما قلناه عندما – أعطى الخليفة الأول الصديق أكياس أموال الزكاة إلى أبي سفيان الأموي – ومنع إعطاء فاطمة الزهراء أموال إرثها من أبيها .

العمل الثاني - التنازل عن الخلافة - و الشرط الرباني

و لكن أخيراً – فإنّ – الخليفة الخامس الحسن ( و بعد دراسة و دراية و فراسة و مراجعة – و هو أحد أعضاء العترة ) و تفهمه لوصية جده رسول الله الحبيب لوالده الصحابي علي < يا علي إذا قلّ أنصارك فأصبر > و قد فهم إنّ – الواقع – قد وصل - النقطة الحرجة - في - تقرير المصير – و قد فهم الإلهام الرباني - لا مقدرة لجبهته من الصمود – و كذلك قد أدرك – ضخامة المخطط الذي يريد بنو أمية تنفيذه بدعم الكفار و أعداء الإسلام – و دفعاً – لبلاء هائل – ينتظر وقوعه على ( الإسلام – عقيدة و مبدأ ) – و حتى لا يضحي بالمسلمين خاصة الصحابة الذين بايعوه و ناصروه – و حقناً لدماء المسلمين من الطرفين – و حتى يفوت الفرصة على أعداء الإسلام لإصرارهم على إنزال الكارثة بالمسلمين – و يفوتها على من يريد ( إنهاء تطبيق الإسلام في – دولة إسلامية واحدة – و إعادتها جاهلية – لا خبرٌ جاء و لا وحيٌ نزل ) - لذلك قرر – الصابر صبر أولي العزم – الخليفة الخامس الحسن - إرسال اقتراحه إلى – الباغي معاوية ( أنْ يبذل له – التنازل – بتسليمه الحكم – بشروط – منها – الشرط الرباني – أنْ ترجع الخلافة له بعد انتهاء حكم معاوية لأي سبب خاصة الموت ) و إنّ الذي يستهدفه الخليفة الخامس الحسن من هذا ( الشرط الرباني ) هو ( بقاء تطبيق - حكم الإسلام - عقيدة و مبدأ و نظام – أي بقاء السيادة للشرع و بقاء حق السلطان للأمة الإسلامية ) و هذا ( حكم شرعي – و مفهوم سياسي شرعي قد – توصل إليه – العقل – الذي صنعه الله تعالى و أتقنه ) - و نحن عندما نقول شرط رباني - لنا دليلنا الشرعي - و هو – لقد ثبت بشكل قطعي إنّ رسول الله قال حديثه الشريف – المعجزة الغيبية الخارقة < إنّ ابني الحسن هذا سيد و لعل الله تعالى يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين > فهل هذا الحديث لم يسمعه – الحسن – و قد فارق النبي الحياة و عمر الحسن – سبع سنوات – فهل لا يحصل نقاش بين من يخصه الحديث الشريف – الحسن – و بين رسول الله – فإذا لم يحصل نقاش – فإن عالم الغيب و الشهادة وهو صاحب البلوى التي أرادها أنْ تكون مع هذا المؤمن الصالح – فلابد أنْ يلهمه ما يحفظ الإسلام { يؤتي الحكمةَ منْ يشاءُ و منْ يُؤتَ الحكمةَ فقد أوتيَ خيراً كثيراً و ما يذكرُ إلاّ أولوا الألباب } ( البقرة 269 ) – و إنّ حفظ الإسلام – هو عمل و تكليف رباني قد صنعه في – العترة – و الحسن أحد أعضائها – و أما إذا حصل النقاش بين الحسن و بين رسول الله ففي هذا النقاش كل الخير و كل التفاصيل و كل الشروط - تماماً – مثلما وضع رسول الله الحبيب من لعابه في عين الصحابي علي في معركة خيبر و شفاه الله جلت قدرته حالاً – ليكون الشفاء معجزة خارقة لرسول الله الحبيب – و كذلك من وجود نقاش مستفيض بين الحسن و أبيه حول هذا الإخبار الغيبي – و إنّ المهم هو وجود - إخبار غيبي – بالواقعة و الحادث – و مع ذلك نسأل من هو السبب في هذا – البلاء و الكارثة – كأعمال مادية في الدنيا – غير الذي – عين معاوية واليا – و ثبته و أبقاه .

و ليتعمق المسلون في هذا ( التنازل ) - بالتدقيق و النقاش – لأنّ فيه جوانب متعددة من العلاقات – علاقته برب العالمين كحكم شرعي – و إذا قلنا هذا العمل لا يتعلق بالحكم الشرعي – نكون قد طعنا بالإسلام و بالإخبار الغيبي – و علاقته بالأمة الإسلامية لأنه لا يعقل أنْ تترك دون التزام بالدفاع عن حقها و معروفها و إنكار منكر الفاسدين – و علاقته بالجهة الظالمة الفاسقة – و علاقته بالجهة التي مكنت الظالم من أنْ يستفحل ظلمه و جوره و فجوره – و الجهة التي تدعمه - لذلك فلينظر المسلمون إلى أي مدى هو – بُعد نظر – الخليفة الخامس الحسن – فهو قطعاً عنده العلم و المعرفة لما ينوي الظلمة و أعداء الإسلام - فعله و عمله في موضوع ( تطبيق الإسلام – و إنزال الكارثة بأصحاب رسول الله المجاهدين الصابرين – الذين أنهوا كفر قريش و بني أمية) – و قد عالج الخليفة الخامس الحسن – كل جوانب هذه العلاقات بمختلف جهاتها – و قد فوت الفرصة على – بني أمية – و مخططهم – الذي نفذوه على مراحل – لذلك فإنّ الخليفة الحسن وضع شرط آخر مهم جداً هو (على معاوية أنْ لا يطالب أحد من – أهل المدينة المنورة و الحجاز و أهل العراق – بشيء مما كان وحصل أيام الخليفة الرابع علي و أيامه ) و بهذا الشرط قد أجل الأمويون - كارثة - مذبحة و سبي نساء - أصحاب - محمد رسول الله الحبيب إلى مرحلة تالية – حصلت في واقعة الحرة بقتل ألف صحابي و سبي نسائهم – و لا ندري عن أي صحابة يدافع بعض المسلمين – و كذلك هناك شرط آخر – كذلك مهم جداً و له علاقة بتوعية المسلمين وتثقيفهم و هو ( أنْ يقضي و يسدد معاوية ديون الخليفة الرابع و الخليفة الخامس ) .

و قد تعهد – الباغي معاوية - بتنفيذ – شروط - الخليفة الخامس الحسن – و أهمها ( رجوع الخلافة إلى صاحبها الشرعي – و حماية أصحاب رسول الله – و تسديد الديون ) - و لكن هل كان تعهد الباغي معاوية – عن إيمان و صدق – و إنّ الإيمان هو ما استقر في القلب و ظهر على الجوارح – و قد ظهر على جوارح الفاسق معاوية مباشرة قوله ( أي عهدٍ عهدته فهو تحت قدمي هذا ) لكثرة ما كان يُطالب من قبل الناس بتنفيذ الشروط – المهم هو قد ( تم توقيع عقد المصالحة – التنازل ) ( و إننا قد وجدنا في الكتب التي تعرضت لهذا الموضوع – هناك معارضة له – و لكن لم نجد وصفه – بأنه عمل غير شرعي أو مخالف لحكم شرعي – قد صدر من الخليفة الخامس الحسن ) .

و لكن الشيء المؤلم هو إننا قد وجدنا في الكتب – إطناب و بحث طويل في موضوع ( عزل الخليفة ) و هذا الواقع – العزل – لم يحصل في حياة المسلمين – و بنفس الوقت وجدنا - السكوت و عدم بحث موضوع ( تنازل الخليفة ) و هو الواقع الذي حصل في حياة المسلمين – فماذا نقول و نصف هذه الجهة أو الجهات – غير إنها أسيرة التعصب الشخصي – والمهم هو إنّ -التنازل – لا يدركه و لا يقدر على فهمه إلاّ – الخليفة الخامس الحسن المصنوع ربانياًفهو أول من – وضعه – ومن عمل بهو بشكل منفرد – و يتعلق بحادث أخبرنا به رسول الله و تنبأ به غيبياً – و الله تعالى يقول { أم نجعل الذين آمنوا و عملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار } ( ص 28 ) - و قبل الآن قال الخليفة الرابع علي (( معاوية يغدر و يفجر )) – المهم هو على المسلمين أنْ يفكروا ( لو إنّ هذه الشروط طبقت و نفذت – ما كانت و ما ستكون النتيجة – نتيجة المسلمين – و الأمة الإسلامية – و الدولة الإسلامية – خاصة – نتيجة و مصير أصحاب رسول الله ) .

و نعود إلى ( شرط - أنْ ترجع الخلافة إلى الحسن من بعد انتهاء حكم معاوية ) – الشرط الرباني – الذي يعتبر الخليفة الحسن به ( منتصراً ) أمام الله جلت قدرته لأنه قد صدر ممن ( عملوا الصالحات و من المتقين ) لذا فهو – منتصر – في نظر الله تعالى و في نظر المسلمين الصادقين – و إنّ – انتصاره – هنا – ليس حربياً – لأنّ الصراع هنا بين الفئتين – ليس صراع قوة و جيش فقط – و إنما – صراع عقائدي وفكري و حكمي – بين خليفة صالح من أهل الجنة – و بين – الباغي المتسلط – فيكون – انتصار الحسن عند الله تعالى – حكماً - خاصة إذا نظرنا إلى هذا – التنازل – قد حصل به ( صلح فئتين من المسلمين – و بقاء السيادة للإسلام - في معظم أحكامه المطبقة – بسبب شرط رجوع الخلافة إلى أهلها – أي حق السلطة و السلطان يرجع إلى أهله – و هم – الله تعالى و الحسن و عموم الناس ) و بذلك تكون ( العاقبة للمتقين – الجنة – و إنّ الخليفة الحسن هو من أهلها أصلاً منذ ولادته كما أخبرنا به رسول الله الحبيب ) و ( العاقبة لخصمه – نار جهنم – هم لها واردون ) لتسلطهم و وضع شروط التعهد تحت الأقدام – بعد نقض التعهد .

و إنّ ( انتصار الخليفة الخامس الحسن ) هو مثل ( انتصار جده رسول الله في صلح الحديبية ) الذي لم يفهمه بداية أكثر المسلمين و منهم الصحابة – و كان – صلح الحديبية – فيه انتصار رسول الله على كفار قريش – بدون حرب – و لكي نفهم – صلح الخليفة الحسن – علينا تحليل الافتراض الآتي (( لو إنّ – الباغي المتسلط معاوية – قد تغلب حربياً بجيوشه على جيوش الدولة الإسلامية بقيادة الخليفة الخامس الحسن و معه الصحابة بقتلهم – فماذا ستكون النتيجة – و الغالب هو – باغي و أصله الكفر والشرك عهد النبي - و قد تجسد مدى شدة عداوتهم للإسلام – بأكلهم أكباد البشر - حمزة )) لذلك نقول – إنّ النتيجة قد تؤدي حتى إنهاء تطبيق الإسلام – و ليس فقط إلى تبديل الشورى بولاية العهد و إلى قتل الخليفة و الصحابة و المسلمين المؤيدين – و حتى اليوم يوجد من علماء الدين و وعاظ السلاطين الذين يقولون في كتب قد ألفوها و كتبوا فيها ( إنّ معاوية – فقيهاً و مجتهداً – و عادلا ً لأنّ كل الصحابة عدول – وإنّ عمله كان نتيجة اجتهاد فإذا أخطأ فله أجر واحد على ما أحدث من كارثة و دمار ) و يظهر إنّ قوله ( أضع شروط العهد تحت قدمي هذا هو كذلك حكم شرعي لأنه صدر من مجتهد و يستحق عليه أجر واحد ) و لا ندري كيف يكون الباغي عادلاً أو مجتهداً .

< المعجزة الغيبية النبوية - الأولى >

تحققت في ( خلافة الخليفة الخامس الحسن )

( الصلح بين فئتين عظيمتين من المسلمين )

المهم هو إنّ – الخليفة الخامس الحسن للدولة الإسلامية – و الوالي الباغي المتسلط – قد - اصطلحا – بالشروط المتفق عليها – فظهرت و تحققت < المعجزة النبوية الأولى > في حديثه الشريف < لعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين > وقطعاً ( فئة تقاتل في سبيل الله و في الله – و هي الخلافة و رئاسة الدولة الإسلامية ) و ( فئة باغية و ضالة وظالمة و فاسقة و فاجرة – تقاتل و تحارب الدولة الإسلامية و خليفتها - من أجل حلاوة الدنيا – الشيطان – ملك لا يبلى ) - و إنّ سبيل الله هو سبيل المؤمنين المتقين و من أهل الجنة ( أهل العترة – المنصوبين لهذا الجهاز بتكليف من الله و رسوله ) و ( أهل الخلافة – بتوكيل عموم الناس ) – و إنّ دليلنا على ذلك هو – إنّ الخليفة الرابع علي – كان يدعو و يرجو الله - أنْ يهدي المسلمين فئة الباغي معاوية للحفاظ على بقاء تطبيق الإسلام و الحفاظ على دماء المسلمين - وهذا هو ما انتهى إليه الخليفة الخامس الحسن – في عقد المصالحة مع الباغي معاوية – و به يكون رسول الله قد صدق – فما على المسلمين إلاّ أنْ – يعوا – عقد الصلح (( يصلح به )) الذي ورد في حديث رسولنا الحبيب ( يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين – و ليس فقط وقف القتال - لأنّ الخليفة الحسن – قد عمل و حرص في هذا – الصلح – على أنْ - يبقى الإسلام هو المطبق ) عندما أرغم الخليفة الحسن الباغي معاوية على قبول شرط ( رجوع سلطان الخلافة إليه ) و ليس ( ولاية العهد – لأنّ ولاية العهد ليس من التشريع الإسلامي في نظام الحكم ) .

< المعجزة النبوية الغيبية – الثانية >

تحققت في ( خلافة الخليفة الخامس الحسن )

< الخلافة بعدي ثلاثون سنة و من ثم ملك عضوض >

و كذلك ظهرت و تحققت ( المعجزة النبوية الغيبية الثانية ) مع خلافة الخليفة الخامس الحسن - في حديث – الخلافة و الملك العضوض – الشريف - وإنّ رسول الله قد توفى شهر ربيع الأول سنة أحد عشر هجرية و قد ( تنازل ) الخليفة الخامس الحسن عن الخلافة شهر ربيع الأول سنة واحد و أربعين هجرية - فيكون ( حكم الخلافة ) قد انتهى بعد ( ثلاثين سنة ) و بعدها أصبحت - ولاية عهد و ملكاً عضوضاً – و لا تكتمل مدة الثلاثين سنة إلاّ بإضافة – مدة الستة أشهر – و هي مدة خلافة الخليفة الخامس الحسن – فيكون رسول الله الحبيب قد صدق في حديثه الغيبي الشريف – و إنّ رسول الله لم يرد في حديثه الشريف- أنْ يحدد عدد معين من الخلفاء ( واحد أو اثنين أو عشرة ) و لو أراد ذلك لفعل - و إنما أراد و قصد ( عدد السنين – ثلاثين سنة ) و بعدها – ملك عضوض – فيكون ( عدد الخلفاء – في مدة الثلاثين سنة – مسألة غيبية – و لتكون البلوى ) ليمتحن بها الله تعالى الناس و منهم الخلفاء و الصحابة و الذين تولوا و تسلطوا على أمور الناس .

و بذلك فإنّ الذين قالوا أو يقولون ( إنّ عدد الخلفاء الراشدين – أربعة – و ليس خمسة ) هم إما جهلة و مغفلين – أو متعمدين في ( خدمة بني أمية – الكارثة – و خدمة الملك العضوض – الملكية الوراثية – المنكر و الباطل و الحرام - و ليس خدمة و طاعة الله و رسوله في – الخلافة ) و مع الأسف الشديد هو إنّ من ضمن من قالوا بذلك هم – فقهاء و مفسرون لهم الشهرة و المكانة العلمية و يظهر إنها عندهم مجرد معلومات و ليس مفاهيم و قناعات – و هناك – ملاحظة مهمة – وهي – إنّ القاريء لو رجع إلى كتبهم و مؤلفاتهم فإنه يقرأ – الأحكام الشرعية المتعلقة – بعزل الخليفة – في حين – كما قلنا – إنّ حادث و واقعة – العزل – لم تحصل مع أي خليفة من الخلفاء الخمسة – بينما المفروض عليهم – التعرض إلى الأحكام الشرعية المتعلقة – بتنازل الخليفة – لأنّ – التنازل – حادثة و واقعة قد حصلت في خلافة أحد خلفاء الثلاثين سنة ) حيث قد – تنازل الخليفة الخامس الحسن – و قد أصابهم العمى عن – التنازل – مثلما – أصابهم العمى في – إهمال - حكم الشورى – و هو مرادف لحكم الخلافة – و لو إنهم تعرضوا و ناقشوا موضوع – تنازل الخليفة الخامس الحسن – لحصل عندهم ارتباك في بحثهم – الخلافة – و لاضطروا إلى - كشف – عمل معاوية – البغي – و هذا ما لا يريده – بنو أمية و أعداء الإسلام – و لجرهم البحث إلى مناقشة أعمال الخلفاء الأول و الثاني و الثالث و لدخلوا في بئر عميق لا يخرجون منه إلاّ الماء الحلو الصافي أو الماء العكر المج - ومن كل ما تقدم فإنّ - عمل التنازل – لو قام به غير المقصود بالحديث الشريف – عضو العترة الخليفة الحسن – لوجدنا – عقد مصالحة ممسوخ و مضطرب و لأصبح المسلمون في شكٍ و حيرةٍ من أمرهم و لضاعت عليهم الكثير من الأحكام الشرعية – و لكن قام به من كان ذو علاقة وثيقة برب العالمين في من – يصلح به الله تعالى – و هذا هو نصر الله سبحانه لأمته ولرسوله و لدينه الإسلامي و ليكون هذا – التنازل – رحمة و شفاء للعلمين – فهل يتدبر ذلك الذين يدعون إلى إقامة الدولة الإسلامية .

شرط تسديد الديون ( يكشف ) عن : مصادر الأموال - و المال قوة

و هنا كذلك لنا وقفة و نظرة فنقول – كان على المسلمين – أنْ يفكروا بعمق و تبصر – ويعقلون - شرط تسديد الديون - على أساس قاعدة ( المال – قوة – و وجدك عائلاًً فأغنى - الضحى 9 - وإنْ خفتم عيلة فسوف يُغنيكم اللهُ – التوبة 29 – و لنبلونكم بشيءٍ من الخوفِ و الجوع و نقصٍ من الأموال – البقرة 155 – إنّ قارونَ كان من قوم موسى فبغى عليهم و آتيناهُ من الكنوز – القصص 76 - و < خيرُ مالً صرف في سبيل الله مال خديجة > - و المال يجب أنْ يكون مصدره شريف و نظيف – و إذا أردت يا حامل الدعوة و يا سياسى - معرفة – نظافة أي شخص و أية عائلة و أي حزب و أية حركة – عليك أنْ تفتش عن مصادر أموالهم – هل هي مصادر نظيفة و شريفة – لتكون أموال خيرة و خير الأموال – وهذا يستتبع – إخلاص مالكها و نظافته و عدم ارتباطه بعمالة وخدمة لعدوك و عدو الإنسانية – و المهم هو – سواء إنّ الخليفة الخامس الحسن كان قاصداً – وهذا ما نذهب إليه – الكشف عن – قاعدة المال – في قوته و في مصدره - بإخبار رسول الله له – أم أنّ الله تعالى بإرادته و قضائه هو الذي وجه و مكن الخليفة الحسن ( بوضع شرط المال ) – و المهم هو إنّ هذا العمل في شرط المال – قد كشف عن ( إنّ الخليفة الرابع علي و الخليفة الخامس الحسن – رؤساء دولة إسلامية – و خزينتهم – خاوية و مدينة – ولم نسمع عن أي خليفة سبقهم بمثل هذا الواقع و إنما كنا نسمع عنهم أنهم عدول رغم أنهم قد دخلت جيوش الدولة الإسلامية في عهودهم في معارك أوسع من معارك الخليفتين علي و الحسن – ولكن السؤال يرد هنا هل إنهم أسرفوا فخلت خزينتهم – و المهم هو كذلك – إنّ منطقة حكم الخليفة – كبيرة و واسعة بالنسبة لمنطقة الوالي معاوية – و إن مساحة منطقة الخليفة هي – بمساحة عدد جميع الولايات – في حينه الحجاز و العراق و إيران و الهند و الصين و القفقاس ومصر و الشمال الأفريقي و الأندلس – في حين – إنّ مساحة منطقة الوالي الباغي معاوية لا تتجاوز مساحة الشام و فلسطين و الكثير منهم الروم و اليهود و عرب الغساسنة المشركين مثل الدروز اليوم – وبهذه المقارنة بمساحة المناطق التي يحكمها الخليفة و التي يحكمها الوالي – فمن هو الذي يكون ( أوفر مالاً و أوسع واردات ) خاصة – إذا ما علمنا إنّ الخليفة الرابع قد أعاد تطبيق - الإنفاق العادل - مثلما كان عهد رسول الله الحبيب – فأصبح الإنفاق متقشفاً – فمن هو – أوفر مالاً – الدولة الإسلامية و عالمها الواسع - أم الوالي و قطره الصغير – فلماذا كان – الخليفة مدين – والوالي الباغي – مليء لنفسه و لتسديد ديون غيره و هو كذلك لديه جيش وينفق عليه – و إنّ الخليفة الثاني عمر قد انتبه إلى هذا الواقع – ثراء معاوية – فسأله في فلسطين عند ذهابه لاستلام القدس ( يا معاوية – ما هذه الخيلاء و البطر و البذخ و التعالي الذي أنت فيه ) في حين كان يجب أنْ يكون سؤال الخليفة الثاني عمر كالتالي ( يا معاوية – من أين أتيت بهذه الأموال خاصة و إنك كنت ترسل إلينا واردات ولايتك التي تفيض عن حاجة ولايتك – هل كنت ترسل إلى خزينة الدولة المال الحرام – تمويل الروم و اليهود لك – و هل هناك خطة لتدمير الدولة الإسلاميةأم خطة تستهدف شخص بالذات يحتمل أنْ يخاصمك – و يا معاوية أنت معزول من الآن و قد عينا بدلك أحد أعواننا العدول ) .

نعم كان – الكارثة – الوالي الباغي معاوية – مليئاً مالياً – و هو – تعهد بتسديد ديون خليفتين للدولة الإسلامية – علي و الحسن – و بنفس الوقت – كان قد جهز جيشاً لمجابهة جيش الدولة الإسلامية و خلفاء زمانه علي و الحسن – و إنّ جيش الباغي معاوية يحتاج إلى – أموال طائلة و مفرطة – خيلاء - أسلحة و عتاد و عدد و إعاشة و رواتب و سفر و تنقل و مصاريف إعلامية و ترغيبية في المناطق التي يمر بها جيشه و المرتزقة و (( شراء الذمم – في حين جيش خليفة الدولة الإسلامية لا يحتاج إلى شراء الذمم – لأنهم صحابة و سلف – و لكن كتب الفقه والمتمشدقين بالإسلام اليوم - عن أي صحابة و سلف يتكلمون و يتسمون بهم – لذلك قلنا لا تجوز مثل تلك التسميات – ما دام هناك صحابة و سلف عدول – و هناك صحابة و سلف بغاة و ظلمة و فجار – لأنّ اللافتة بالعنوان و الاسم – يجب أنْ تكون جامعة مانعة- وإلاّ سوف يكون مصيرهم في الدنيا و الآخرة مصير من وضع بدعة و فكرة – الصحابة عدول )) - وقبله – صحابة بغوا على الدولة الإسلامية – طلحة و الزبير و السيدة عائشة – فلم يصمدوا – لأنهم لا يمتلكون خلفية مثل خلفية الباغي معاوية – تخطيط و مال و أعوان ودعم الروم و اليهود – و مدة تقارب الثلاثين سنة – وإلاّ لماذا – هل يملك معاوية شخصية و قرابة من الإسلام أكثر من السيدة عائشة زوجة رسول الله الحبيب – أم أكثر من سبق إسلام طلحة و الزبير و اشتراكهم في حروب الدولة الإسلامية ضد والد معاوية – أبي سفيان المشرك – نعم إنه يملك لقب ابن الطلقاء و المؤلفة قلوبهم و غض نظر الخلفاء الثلاث عما كان يخططه – و إنّ الخليفة الرابع علي – قد عمل الحق بعزله – من أجل تفهيم الدنيا و مصير الآخرة – وليس المهم أنْ يتم العزل فعلاً أم يبقى معاوية – ما دامت أعمال البشر تخضع لدائرة القضاء و القدر الربانية و لا يقدر أحد غير الله جلت قدرته أنْ يتصرف بالفتنة و البلوى لمعرفة من هو أحسن عملاً و من هو الطيب و من هو الخبيث .

و اليوم و في عصرنا الحاضر – فإنّ أمريكا- القطب و الواسعة بمساحتها و أموالها و أسلحتها و عملائها و حلفائها – فإنّ أهم و أبرز ما تفكر به و تخطط له هو ( المال – لأنه هو – القوة ) – فمن أين تأتي بالمال – و ماذا تكلفها تحركاتها – و هذا ما حصل عندما أرادت احتلال أفغانستان – و كيف أنها أخذت تفرض على الدول الحليفة الكافرة و العميلة حصص من مصاريف الحرب و تمويلها رغم غصبها النفط – و ليس ببعيد – عندما انتبه والي بغداد إلى إن القنصل الفرنسي يسلك طريق بغداد الرمادي عنة و القائم ذهاباً و إياباً عند الذهاب لبلاده و العودة في حملة من العربات و الخيول – خلاف بقية قناصل الدول الأخرى الذين يسلكون طريق بغداد تكريت الموصل ديار بكر – فأخذ الوالي يستخبر و يراقب فأكتشف أن القنصل الفرنسي يصرف مبالغ كبيرة و هدايا على طول الطريق لشراء الناس و كسب ودهم – فأصدر الوالي قراره بمنع القنصل الفرنسي سلوك هذا الطريق و سلوك طريق الموصل مثل بقية القناصل – فاشتكت فرنسا لدى الباب العالي في استنبول – فاستفسر السلطان من الوالي فأخبره بالحقيقة فأيد المنع – و إنّ مثل هذا الكثير عن – قاعدة المال قوة – منها اليوم – حركة طالبان و قاعدة لادن و الحركات و الفصائل الفلسطينية – وابن سياف و كل من يتعاطى العنف و القوة خارج الدولة الإسلامية سواء بوجود الدولة أو بعدم وجودها وهنا عليهم العمل فكرياً لإقامة الدولة و ترك العمل المادي - فهل وفقنا الله تعالى من تقريب – فكرة القاعدة المالية – و تأثير – المال قوة – في السلم و الحرب .

و لذلك علينا ربط – قاعدة المال قوة – ببعض الأعمال المصيرية – مثلاً - علينا – أنْ نفهم – لماذا امتنع الخليفة الأول الصديق – عن توريث الصحابية فاطمة الزهراء البتول سيدة نساء العالمين عضو العترة و ومن أهل الكساء و المباهلة – أموال والدها رسول الله الحبيب – و لماذا أعطى أكياس أموال الزكاة جزافاً إلى أبي سفيان والد معاوية الأموي – الذي اشترى قائد جيش الدولة الإسلامية بقيادة الخليفة الخامس الحسن بنصف مليون دينار – فهو يغدق الأموال على المقربين و الموالين لحكمه الذين يستعملهم كسوط لسوق الرعية و الناس إلى تأييده و طاعته في حروبه حتى إذا كانت مع إخوانهم في العقيدة الإسلامية – و لماذا بقي الخليفة الرابع علي و الخليفة الخامس الحسن لا أموال لهم و عليهم ديون – هل لأنهم لا يطبقون أحكام الله – أم لأنهم يطبقون الحلال و الحرام و لا يشترون الذمم – و بقيت العترة لا تملك المال قوة - و بقي الطغاة و الفراعنة هم المتسلطون دائما و أبداً على مر التاريخ – إلى أنْ يغير الله ما بقوم أو يستبدلنا بقومٍ غيرنا .

( إلى ماذا انتهى التنازل و الصلح )

( أوقف سيل دماء المسلمين - و قتل الصحابي الحسن بالسم )

( وشروط الصلح أصبحت تحت قدم الباغي معاوية في الدنيا )

( وفي الآخرة من الذي يقدر على شراء جهاز الاستنساخ و الهاتف النقال )

و نرجع إلى ( الصلح و التنازل ) الذي حصل بين - فئتين عظيمتين من المسلمين فئة الدولة الإسلامية بقيادة خليفة المسلمين الخامس الحسن – و بين – فئة من المسلمين بقيادة الوالي الباغي معاوية - لنعرف و نفهم إلى ماذا انتهى – الصلح و التنازل – و ماذا كانت نتيجته :

[ الصلح قد أوقف نزيف دم المسلمين من كلا الفئتين العظيمتين في حينه ]

و أما ( التنازل و شروطه ) فإنّ ( معاوية الباغي ) قد ( نقض و نكث و نكص – العهد وشروطه - قولاً و عملاً ) – فقد قال بعد أنْ تسلم أمر المسلمين و تسلط و تولى [ أيُّ عهدٍ و أيّ شرط شرطته فهو تحت قدمي هذا ] و قد أشار إلى قدمه .

(( و إنّ الأمة لإسلامية قد سمعت هذا القول – فهل هناك - إثم ))

((وهل كان عليها أنْ تجيب أم كان على الصحابي الحسن وحده أنْ يجيب))

(( ولكن الأمة قد تركت معاوية يدمرها و يدمر حتى نفسه ))

( و تركت الباغي معاوية أنْ يدس السم إلى الصحابي الحسن لقتله والعهد)

و إنّ الله تعالى يقول { و الذين يَنقضونَ عهدَ اللهِ منْ بعدِ ميثاقهِ و يقطعون ما أمرَ اللهُ به أنْ يُوصلَ و يُفسدونَ في الأرض أولئك لهم اللعنةُ و لهم سوءُ الدار } ( الرعد 25 ) .

( الحوار الذي جرى بين الصحابي الحسن و بين شقيقه الصحابي الحسين )

( ومن ضمن ما قاله الحسن – لا تجتمع فينا - النبوة و الخلافة )

( و لم يذكر – الولاية – لأنها – اجتمعت بالنص )

و قد مرض الصحابي الحسن الذي كان يعيش في المدينة المنورة بتأثير السم الذي دسه له ( الباغي معاوية و ابنه يزيد ) ليتخلصا من ( شرط رجوع الخلافة إلى الصحابي الحسن عند انتهاء حكم معاوية ) و إزاحة العقول الجبارة من أمام العقول الخاوية و الجبانة .

و بعد أيام اشتد المرض على الصحابي الحسن – و يقال إنه قد ( جزع ) – فدار حوار بينه و بين شقيقه الصحابي الحسين – و قد أخذنا هذا ( الجزع - و ما دار من حوار ) – من كتب فقه و تاريخ ( جماعة المسلمين ) و ليس ( كتب الموالين لأهل البيت ) على ما فيها من صحة و عدم صحة – و لكننا سوف نناقش هذا الحوار سياسيأ باعتباره صحيحاً :

لقد قال – الصحابي الحسين – إلى شقيقه الصحابي الحسن (( يا أخي ما هذا الجزع – إنك سوف ترد على – رسول الله و علي – و هما أبواك – و خديجة و فاطمة – و هن أمهاتُك – و القاسم و الطاهر – و هما خالاك – و الحمزة و جعفر – و هما عماك )) إننا لا نتصور إنّ الصحابي الحسن قد نسى كل ذلك حتى يذكره أخوه الصحابي الحسين - فأجابه الحسن و هو التقي و من أهل الجنة و ينتظر مفارقة الحياة – و بعقل قد اختاره عموم الناس بالرضا – الشورى – ليكون خليفة لهم – ما نصه (( يا أخي إني داخل في أمر من أمر الله تعالى لم أدخل في مثله من قبل و سوف أرى خلقاً لم أر مثله قط – و يا أخي إنّ أباك علي بن أبي طالب – قد استشرف لهذا الأمر – فصرفه الله تعالى عنه و وليها أبو بكر – ثم استشرف لها ثانية و صرفت عنه إلى عمر بن الخطاب – ثم لم يشك وقت الشورى إنها لا تعدوه فصرفت عنه إلى عثمان بن عفان – فلما قُتل عثمان – بويع أبوك علي – ثم نوزعَ حتى شهر السيف فما صفت له – و إني و الله ما أرى أنْ يُجمعَ فينا - النبوة و الخلافة )) .

فلندقق – فكرياً و سياسياً - في هذه الكلمات التي نطق بها – الصحابي الحسن – وهو – أحد أعضاء العترة – و في آخر لحظاته – على إنها صحيحة و نحكم الشرع فيها - رغم إننا نجد فيها بعض التناقض – مثل العبارة - لا تجتمع فينا النبوة و الخلافة – في حين واقعاً قد اجتمعت – لبعض السنين – و يظهر – هناك أهداف يراد تحقيقها بوضع مثل هذا الحديث - فما علينا إلاّ النقاش و بعمق و بالتالي :

حيث قال الصحابي الحسن ( استشرف – علي بعد وفاة رسول الله للخلافة ) – ففي وقت – الاستشراف كان الحسن في سن التسع سنوات – و ينقل معلومات عن جده النبي و أبيه الولي و أمه أم أبيها – وكذلك النقاش و البحث مع كافة أقاربه و الصحابة – فكلمة – استشرف – نابعة من قلبه و منطلقة من لسانه – فهي تمثل أحاسيسه و دواخل نفسه – و هو يعني – إنّ الصحابي علي قد أصبح أقرب الناس إلى – الخلافة – ونفهم من ناقل الحديث – إنه يريد إثبات – أصبح قريب بتوفر الشروط و ليس بالنص – و المهم هو إنه يقصد بعبارة – إنّ الله تعالى هو الذي صرفه عنها – بقضاء الله المحدد – لأفعال الناس بالاختيار و ليس جبراً عليهم – و إنّ الإنسان حر في الاختيار و ليس مكره – و لأن ّ بإمكان الإنسان اتباع الفرض أو القيام بالمعصية - فالقضاء هو الذي صرفه عنها و وليها أبو بكر – وهنا قال الصحابي علي (( لقد نبأني رسول الله عن هذا اليوم و هذا الأمر )) فلذلك عندما علم و شاهد بعض الصحابة قد ذهبوا إلى السقيفة لتقرير مصير – السلطة – في حين هناك حكم شرعي – بالشورى – فرأى أنْ ينشغل هو بتغسيل و تكفين الرسول – بينما رسول الله – كان قد حذر المسلمين في خطب حجة الوداع – من الصراع على السلطة – و إنّ الصراع – هو غير التسابق و التنافس السياسي الذي جوزه و مدحه الله تعالى – ويحصل في – الشورى و بعد وفاة الخليفة الأول الصديق – وردت عبارة ( فقد استشرف ثانية الصحابي علي للخلافة – أي أصبح أقرب من أي أحد – و لم يشك أحد أنها تعدوه – فصُرفتْ عنه إلى عمر ) و لم يقل ( و صرفه الله عنها ) و إنما هنا كان الصرف بفعل البشر الذي سيحاسبون على أعمالهم – و مثل الثانية تكررت الثالثة – وصرفت عنه إلى عثمان بن عفان الأموي - ولكنه لم يذكر – الولاية – لأنها اجتمعت – بالنص – و أما - الخلافة – فإنها اجتمعت لفترة قصيرة – المهم إنها اجتمعت و هذا يدل على إنّ الله تعالى – لا يريدها أبدية – لعلاقتها بالفتنة و البلاء .

( دفن الخليفة الخامس الصحابي الحسن )

( يكشف البدع و التلاعب في الأحاديث و السنة النبوية الشريفة )

قال – الخليفة الخامس الحسن - لأخيه – الصحابي الحسين - ما نصه ( اذهب و استأذن السيدة عائشة – بأنْ أُدفن بجوار جدي رسول الله – كما وعدتني هي ) و بنفس الوقت قد أوصى شقيقه الحسين وصيته التالية ( الخير بأولادي - وأنْ لا تسفك الدماء بسببي ولو بقدر محجمة – لأنّ القوم سيمنعوك من دفني بجوار جدنا – فإذا فعلوا فلا تراجعهم ) – هذا هو الإخبار الغيبي الذي قلنا عنه – أنّ الصحابي الحسن لابد و أنْ يكون تصرفه وفق إخبار غيبي و المراحل و الخطوات – و عندما ذهب الصحابي الحسين – إلى السيدة عائشة يستأذنها فقد أجابته ( أنعم و أكرم ) – و لكن – مروان بن الحكم الأموي – كان والياً على المدينة المنورة من قبل الحاكم المتسلط معاوية الأموي – قد تدخل و منع دفن الصحابي الحسن بجوار جده رسول الله – لكي لا يعطي الحسن ميزة دنيوية – لذلك فقد ارتدى الصحابي الحسين و من معه من الأهل و الصحابة السلاح لمجابهة – مروان الأموي – و هنا قد تدخل بعض الصحابة منهم – المحدث الصحابي أبو هريرة – و حالوا دون اصطدام الطرفين – و لكن الصحابي الحسين – قد تذكر وصية شقيقه – الخليفة الحسن وهي ( أنْ لا يسفك الدماء بسببه و لا يراجعهم إذا منعوه ) فأغمد السيوف لوقت آخر – و قام بدفن شقيقه – الخليفة الخامس الحسن ريحانة رسول الله الحبيب – في – مقبرة البقيع – شهيداً – بجوار – أمه فاطمة الزهراء البتول – سنة تسع و أربعين هجرية وعمره – اثنان و أربعون سنة – تقريباً – أي بعد تنازله عن الخلافة إلى معاوية بثمان سنوات – و أنا لله و أنا إليه راجعون .

و هنا لنا وقفة بمناسبة – دفن الخليفة الخامس الصحابي الحسن - و هي - إنّ رسول الله صلى الله عليه و آله – قد – دُفِنَ – في بيته من قبل أهله و أصحابه – بعد أنْ تولى أخوه و ابن عمه علي - غسله و تكفينه – و لكن – الصحابيين أبا بكر و عمر – قد دفنا بجواره في بيته – بعد أنْ استلما منصب الخلافة بعده – و لكن الصحابي عثمان رغم استلامه منصب الخلافة فإنه قد دفن في – مقبرة البقيع – بعد أنْ أبطلت ثورة المسلمين و الناس – مفعول خلافته في الدفن – و لم نجد – نص قرآني – و لا وصية في حديث شريف – تطلب أو تجيز دفن الصحابيين الصديق و عمر بالجوار – و إنما الذي وجدناه هو – بسبب استلامهما – الحكم – فقط – و للحكم تأثيره في تعامل – الحياة الدنيا – و المجتمع – حتى في الدفن – و كذلك لا تأثير لاستئذان الزوجة أم المؤمنين السيدة عائشة – بالدفن – و لا لبقية الزوجات أمهات المؤمنين اللاتي لا زلن على قيد الحياة – خاصة أم المؤمنين و أم البنين – أم سلمة – التي نقلت للمسلمين – حديث أهل الكساء الشريف < اللهم هؤلاء – علي و فاطمة و الحسن و الحسين – أهلي > بعد نزول آية التطهير { ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيراً }- وإنّ السيدة أم سلمة كانت آخر من توفيّ من زوجات الرسول و قد توفيت في عهد حكم يزيد بن معاوية الأموي – بعد أنْ استلمت خبر مقتل الصحابي الحسين – و حسبما أخبرها رسول الله الحبيب لتكون شاهدا على قتله – و مما تقدم نلاحظ – بأنّ – الدفن بالجوار – لا علاقة له بالنصوص الشرعية – و إنما له علاقة – بالأهل و القرابة – خاصة – بمكانة و منزلة رسول الله رسول الإنسانية – و لا يجوز للحكم و النفوذ أنْ يتدخل و يقرر هذا العمل – فالدفن بالجوار- إما أنْ يمنع على الجميع – و يبقى رسول الله رسول الإنسانية و رمزها – مثل بقاء العبادة لله وحده – و الكعبة بيته رمز التوحيد - أو يكون الأهل أولى بهذا العمل – الدفن بالجوار – و مع ذلك فإنّ مرجع هذا العمل الخطير هو الله تعالى .

( الصحابي الحسن – تقصد أنْ يكون - مزواج و مطلاق )

( و الزواج – نعمة – من أجل بقاء النوع الإنساني – نظيفاً و شريفاً )

( بعقد – عقدة – دائمي أو موقت - و ليس بالإباحية و السفاح )

قال الله تعالى { فانْكِحوا ما طابَ لكم منَ النساء مثنى و ثلاث و رُباعَ فإنْ خِفتم ألاّ تعدلوا فواحدة أو ما ملكتْ أيمانُكُمْ ذلك أدنى ألاّ تعدلوا } ( النساء 3 ) - ومن هذا النص الكريم – نفهم إنّ – الإسلام – قد منح -الإنسان المسلم – رجل و امرأة - الحق – في – الزواج – النكاح – و تكراره بأحكام – ما داموا على قيد الحياة - ولكن – حق الزواج – هذا قد قيده – الإسلام - و أحكمه – بعقد الزواج و نظامه و ما جوزه الشرع – لتحريم السفاح و الإباحية – للحفاظ على – الشرف و العرض – و حمايته إلى درجة الاستشهاد – من أجل عدم اختلاط الأنساب .

لذلك فإننا سنختم بحثنا السياسي عن – سيرة الخليفة الخامس الحسن – بشرح – عمل مهم جداً – من – أعماله التي تقصدها باعتباره – أحد أعضاء العترة – و إنّ عمله هذا يتعلق بموضوع ( الزواج – و تعدده – و الطلاق ) و ذلك لأهمية هذا العمل في – حياة المسلمين و الناس – و ضرورة فهمه – من كافة جوانبه و بكافة أحكامه - وقبل كل شيء يجب أنْ نفهم – من هو الصحابي الحسن – في نقاط مهمة – هو – قد أذهب عنه الله جلت قدرته – الرجس – من أي قذارة – وطهره تطهيراً – و من أهل الجنة بالجسم و الاسم – و مكلف بمهمة جهاز العترة باعتباره أحد أعضائها – و هذه الصفات - و معها أنه الخليفة الخامس – و واضع - الشرط الرباني برجوع الخلافة إليه في عقد التنازل – و هذه كلها ثابتة – بإجماع المسلمين – و إنّ شخصاً هذه صفاته و هذا هو واقعه – فإنّ جميع أعماله و تصرفاته و أقواله التي لها علاقة مع الناس و تصدر من خلال تكليفه الشرعي – هي أعمال و أقوال شرعية – و لم نطلع على وجود منْ يُخطيء الخليفة و الصحابي الحسن – و كذلك – فإنّ الصحابي الحسن قد خاض الكثير من متطلبات معترك الحياة – و قبل كل شيء إنه قد عاش مع رسول الله الحبيب في جزء مهم من مسيرته في البيت و المسجد – و بعد وفاة رسول الله – فإنه قد اشترك في الكثير من المعارك الحربية خارج الجزيرة – أيام الخلفاء الذين سبقوه – في العراق و القفقاس و أفريقية – و قد اطلع على الكثير من ( المجتمعات ) و على الكثير من ( حاجات الناس و عاداتهم ) خاصة (إفرازات الحروب و حاجات الأسرى و متطلباتهم ) .

و لذلك يقال – إنه قد تقصد في أنْ يكون ( مزواجاً – متعدد الزوجات – و مطلاقاً ) و يقال كذلك – إنه تزوج حوالي تسعين امرأة – و قد يكون هذا العدد مبالغ فيه إلى حد كبير – ولكن المهم هو – إنه لم يجمع إلاّ بين – أربع زوجات – حسب أحكام الشرع الحنيف – و يقال كذلك – إنه ما طلق امرأة – إلا و بقيت على حبها له – أي لا يفارقها إلا و هي تحبه و توده – ويقال كذلك – إنّ أباه الصحابي علي و كذلك عامة الصحابة لم يصدر عنهم أي – استنكار – لأعماله كونه مزواج و مطلاق – و كذلك لم يصدر عنهم أي قول بأنّ الصحابي الحسن كان يعمل – الحرام أو المكروه في تصرفاته – الزواج التعددي و الطلاق – بل على العكس – كان ينقل عنه – إنه إنسان نموذج و مثال في القيم و الأخلاق وبتطبيق الأحكام الشرعية – كيف لا و قد تربى في حضن رسول الله الشريف – و أنه مصدق نبوياً بأنه من أهل الجنة .

و إنّ المهم كذلك في هذا الموضوع هو - إنّ أباه الصحابي علي – كان يعلن و يحذر الناس من - عمل – ولده الحسن – كونه – مزواج و مطلاق – و كان يعلن ذلك – في المساجد و الأسواق و المحلات العامة – لذلك فإنّ عبارة و قاعدة ( أُعذر من أَنذر ) هي المطبقة على – عمل الحسن – في هذا الخصوص – و يعتبر شرط التوقيت – في عقود زواجه متوفر بهذا الإعلان – و إنّ عمل الصحابي الحسن كان معلن و ليس فيه أي خفاء على الناس – و من ناحية أخرى – إنّ الصحابي علي كان يبغي من هذا الإعلان – إبعاد العداوات عن أهل البيت – خاصة من الناحية العشائرية و العصبية التي كانت لا تزال موجودة في حينه بسبب ذلك – الزواج الموقت – و الطلاق - وإنّ رجلا من أهل همدان قال ( و الله إننا نزوج نساءنا إلى الحسن و نرضى إذا مسكها و لا نكره إذا طلقها ) و هذا يدل على علم الناس بزواجه – الموقت – المعلن للناس – لأنّ الزواج كان – بعقد – تتوفر فيه كافة شروط و أركان – العقد الصحيح – الإيجاب و القبول - و شروط تنفيذه .

و إنّ أي – عقد زواج في الإسلام – لو تضمن – شرط وجوب – أنْ يكون – الزواج دائمي – بالكتابة أو بالنية – أو تضمن – شرط فرض الأبدية و عدم الطلاق مدى الحياة – لأعتبر هذا الشرط شرعاً – شرطاً فاسداً و يبطل – إذا أرادوا الطلاق و التفريق – و إلا فسوف يصبح عقد الزواج بشرط التأبيد – عقد كنائسي مسيحي و ليس إسلامي – في حين – إنّ عقد الزواج في الإسلام – في واقعه و طبيعته – قد يكون – دائم – و قد يكون – موقت – بالطلاق أو الموت أو التفريق – و كذلك – فإنّ عقد الزواج في الإسلام هو – عقد موجه – و فكري و عملي – و محدد بالثقافة و التوجيه الفكري الشرعي الإسلامي و مقيد بتقوى الله تعالى { و إنْ خفتم أنْ لا تعدلوا فواحدة } –و هذا هو ما كان يتقصده – الصحابي الحسن – و هو على صواب – و أما من يُخطئه فهو الذي على الخطأ و الضلال – لأن الصحابي الحسن من أهل العترة – أحد الثقلين و التمسك بهم لا ضلال به .

و إنّ مفاهيم التوجيه الإسلامي في – عقد الزواج – كثيرة و متعددة – و أهمها مثلاً ما ورد في سورة النساء التي بدأنا بها هذا الموضوع { فانكحوا ما طاب لكم من النساء} ومن هذه الآية الكريمة يظهر لنا بأنّ – الزواج – هو بالأساس – علاج - و وسيلة للمحافظة على – النوع الإنساني – من الانقراض و ليس مجرد – نزوة و متعة جنس – فإذا كان الزواج هو – علاج و دواء و إشباع و رحمة – فإنّ دافعه – غريزي و لذة و شهوة – تدفع الإنسان – شاءَ أو أبى إلى – النوع الإنساني – لأنها تملكه و تسيطر على كل حواسه – لذلك فإنّ الله جلت قدرته الذي – صنع الشهوة و اللذة و قدرها – في جسم الإنسان – قد مكنه معها من تناول – العلاج - لبقاء و استمرار- النوع الإنساني – الذي هو – الأصل - من - الزواج - < من استطاع منكم الباءة فليتزوج > حديث شريف – و أما ما يتفرع عن هذا الأصل من علاج منها – تعددية الزواج – أو – واحدة – أو – الطلاق و الفرقة – أو – البنوة و النفقة – و – الإرث – و البينونة الكبرى و البينونة الصغرى – و غيرها – فهذه الفروع هي كذلك يحتاجها الإنسان و تكمل و تنظم – الأصل – الزواج .

لذلك فإنّ الله الخالق الكريم – قد جعل – تعدد الزوجات - مشروط – و لم يجعله – مطلق – فقد حدده – مثنى و ثلاث و رباع - وحدد هذا التحديد – فواحدة – وجوباً و تقوى – و قد سبب هذا التحديد – بحالة الخوف من عدم العدالة – و ترك تحديد و تنظيم هذا – الخوف – إلى نفس الإنسان المؤمن التقي – و أما – العدالة – فهيّ - واسعة و عميقة و علاج لجميع الأمراض الاجتماعية – و هي لا تقتصر على - الإنفاق المالي – كما يحلو أنْ يصورها البعض الذين لا يعلمون إلاّ ظاهراً من الحياة الدنيا – و العدالة – تشمل من – المال – إلى الحب و العطف و الميل – و إلى أمور أخرى – كالإنصاف و المروءة .

و هناك الكثير من المشاكل و المعاناة قد لا يدركها العقل الإنساني – و لكن الله صانعها و وضع العلاج لشفائها { و إذا مرضتٌ فهو يشفين } – و قد وضحها لنا رب العالمين بقوله الرحمن الرحيم { و إنْ امرأةٌ خافتْ من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جُناحَ عليهما أنْ يُصلِحا بينهما صُلحاً و الصلحُ خيرٌ و أُحْضِرتْ الأنفسُ الشُحّ و إنْ تُحسِنوا و تتقوا فإنّ الله كان بما تعملون خبيراً . وَ لنْ تستطيعوا أنْ تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كلّ الميل فتذروها كالمعلقة و إنْ تُصلحوا و تتقوا فإنّ الله كان غفوراً رحيماً . و إنْ يتفرقا يُغنِ اللهُ كلاً منْ سَعتهِ و كان اللهُ واسعاً حكيماً } ( النساء 128 ) فالعلاج متعدد – حبوب و كبسول و شراب و زرق أبر و تحليل و أشعة و سونر و اليوم وصلنا إلى الناظور و بالكمبيوتر – ميل وحب ونشوز و إعراض و عدالة و عدم استطاعة العدالة و صلح الاثنين خيرٌ و إحضار الأنفس الشح و الحرص و البخل و ما جبلت عليه النفس البشرية حتى المعاشرة في الفراش - و بعد كل هذه الأحكام و العلاج -فإنّ الله تعالى قد – تحدى البشرية - لن تستطيعوا أنْ تعدلوا بين النساء – لذلك – فقد وضع الفقهاء – جدول المعاشرة – لمعالجة الميل – و العدالة – فلا عدالة مع – المعلقة بين السماء والأرض – لذا فقد جعل الصلح و التقوى – هي الأساس – و حتى الفرقة لا يُخاف منها لأنّ الله – سيغني كلاً من سعته و من رزقه – و إنّ الله تعالى يقول { ما جعل الله لرجلٍ من قلبين في جوفه } ( الأحزاب 4 ) وهذا معناه – إنّ القلب واحد و الحب واحد – و الميل جزء من الحب – فتكون هناك – المعلقة – فلابد من - العدالة – لكي لا تظلم – المعلقة – فلابد من أنْ تذوق الحنان و العطف – لذلك لابد من التركيز لفهم أحكام ( التعدد و الطلاق و الفرقة و النشوز و الصلح و التحكيم و الحذر عند الضرب و الهجر في المضاجع و عدالة الإنفاق ) .

صحيح إنّ رسول الله الحبيب – قد أقتصر في بداية حياته على ( زوجة واحدة – الصحابية خديجة الكبرى ) – و إنّ الصحابي علي وهو ولي الله و عميد العترة – قد اقتصر في بداية حياته كذلك على ( زوجة واحدة – الصحابية فاطمة الزهراء ) – و إنّ هاتين الواقعتين المتشابهتين هما عبرة لنا عندما يكون المسلم المؤمن التقي قد تزوج من – امرأة تحبه و يحبها – و تشبع حاجاته و تحقق مصالحه خاصة – المشاركة في تكاثر النوع الإنساني – و لا يوجد عندها أي من الأمراض و العوق مثلما صنع الله تعالى – خديجة و فاطمة – فلماذا يذهب تفكيره إلى – التعددية – أو الطلاق و التفريق – و لكن إذا وجد الزوج بالزوجة – مرض أو عوق – و العكس صحيح – وتحول تلك الأمراض دون إشباع الحاجات أو تحقيق المصالح خاصة – إنجاب النوع الإنساني - أو – الوفاة - فهناك علاج و لكل داء دواء – إلهية منظمة و مدروسة بأحكام الشفاء الشرعية - خاصة العدالة و الإنصاف – و إنّ الأمراض و العوق – قد تصيب - المجتمع – كالحروب و الكوارث الطبيعية و غير الطبيعية و هذه عند انعدام العلاج و الحلول يصبح المجتمع مهدد بالفساد و السفاح - وهناك أسباب لها ضرورتها في الحياة الدنيا تقضي النعددية في الزواج و ليس الغرور و البطر .

ومن التوجيهات الإلهية في – عقد الزواج – قوله تعالى { و إنْ طلقتموهُنّ منْ قبلِ أنْ تَمسُوهنّ وقد فرضتم لهنّ فريضةً فنصفُ ما فرضتم إلاّ أنْ يَعفونَ أو يعفوَا الذي بيده عُقدةُ النكاح و أنْ تعفوا أقربُ للتقوى و لا تنسوا الفضلَ بينكم } ( البقرة 237 ) – و إنّ هذا التوجيه يشير إلى أنّ – عقد الزواج – و فسخه – مرة يكون بيد الرجل و مرة بيد المرأة – و كذلك قوله تعالى { الطلاق مرتان فإمساكٌ بمعروف أو تسريحٌ بإحسان} ( البقرة 229 ) و كذلك { فإنْ طلقَها فلا تَحِلّ له من بعدُ حتى تنكحَ زوجاً غيرَهُ فإنْ طلقها فلا جُناحَ عليهما أنْ يتراجعا إنْ ظنا أنْ يُقيما حُدود الله و تلك حدودُ الله } ( البقرة 231 ) و كذلك التوجيهات النبوية في السنة الشريفة ومنها < أبغض الحلال عند الله الطلاق > .

و إنّ الله تعالى قد حرم على المسلمين ( الأخدان - وهي العشرة الجنسية بين – رجل و امرأة – صديق الزوجة ) و إنّ – الأخدان – علاقة اجتماعية – كان يُعمل بها عند - عرب الجاهلية - كما هو معمول بها اليوم عند العلمانيين – العالم الرأسمالي المسيحي - و مصطلحه – ماي فريند – الصديق الجنسي { و لا متخذات أخدانٍ } ( النساء 27 ) .

وهنا بإمكاننا أنْ نوضح واقع الآية الكريمة { و امرأةً مؤمنةً إنْ وهبتْ نفسَها } ( الأحزاب 51 ) و هنا فإنّ – عقد الزواج – أمام – عقد هبة – فهل عقد الهبة – هذا – مؤبد – أم – موقوف و له شروطه و بإمكاننا توجيه هذا السؤال الافتراضي التالي ( إذا جاءتك عائلة عندها امرأة مؤمنة تقية و توسمت عندك الإيمان و التقوى و أسرتك – إنها أخذها الكبر أو إنها مريضة بمرض خبيث و لم تذق العشرة الزوجية و التمست منك الزواج منها و لو لفترة محددة أو لحين اشتداد المرض عليها – بعقد زواج منقطع – موقت – فما هو الحل عندك – و عند زوجتك إذا كنت متزوجاً من واحدة أو أكثر – فهل عجز الشرع الإسلامي عن الحل – فهل نترك المرأة للسفاح الحرام – أم – نحصنها – و لمدة محددة – خاصة إذا كان المجتمع فيه عدد الإناث أكثر من عدد الرجال ) و إنّ الله تعالى قد جعل – التعدد – فائدة عظيمة في نظافة و طهارة المجتمع الإسلامي و إبعاده عن الفساد سواء كان – بالعقد العادي – أو بالعقد الموقت – أو – امرأة مؤمنة وهبت نفسها لك .

و الآن – أصبح بإمكاننا – تفهم و تفهيم – واقع الصحابي الحسن - كونه – مزواج و مطلاق - و ما هي - الأحكام الشرعية – التي – تحكم و تعالج هذا الواقع - فنقول : إنّ الصحابي الحسن و أباه الصحابي علي – هما من – أهل العترة و الأب ولي الله – و إنّ أباه الصحابي علي كان – يعلن – واقع ولده الحسن – مزواج و مطلاق – بين الناس – و بهذا الإعلان يصبح ( عقد زواج الصحابي الحسن – مشروط بالتوقيت ) فيكون لهذا العقد – تفسير واقعي و عملي – لجميع النصوص الشرعية التي تعالج ( الزواج – عموماً) خاصة (عقد الزواج التعددي – الموقت) فهو يعتبر ( عقد زواج صحيح و جائز شرطه ) وذلك لعدم اعترض الناس – صحابة و سلف في حينه – على إعلان الصحابي علي – و لا على تصرف الصحابي الحسن بالزواج الموقت – المعلن سلفاً – و طلاقه المتكرر .

و إذا كان الأمر كذلك فيجوز أنْ يكون ( عقد الزواج – عادي بدون شرط – أو يكون – عقد موقت أو منقطع ) و بالتالي لا يجوز أنْ نسميه ( زواج لذة أو زواج شهوة أو زواج متعة – رغم إنّ كل زواج مهما كان نوع عقده - دائمي أو موقت – تحصل فيه ممارسات اللذة و الشهوة و المتعة – و إنّ سبب عدم جواز تسمية الزواج بتلك الأسماء – لأنها أسماء غير شرعية لعقد الزواج – و لا تعطي له المفهوم الصحيح – تماماً مثل مفهوم ( ستر العورة ) فهو مفهوم شرعي – ولكن إذا غيرته إلى مصطلحات أخرى قد يفقد مفهومه الشرعي – مثلما قد اعتاد الناس على تسميته ( السفور و الحجاب ) وهذا لا يجوز – لأنّ مفهوم – ستر العورة – شرعي و جامع مانع – و لا يدخلنا في المتشابهات – و أما – السفور و الحجاب – فهو غير شرعي كمفهوم – رغم إنّ كلماته واردة في الشرع – كالجلاليب و الخمر و الجيوب قد وردت في آيات كريمة لو ربطت بأحاديث السنة النبوية الشريفة لأنضبطت عندنا حدود العورة – و لأنه لا يكون مفهوم جامع مانع - تماماً – مثل الألفاظ والكلمات التي استعملها الله تعالى و منها ( فما استمتعتم به – فانكحوهن – حتى تنكح – و امساك – وتسريح – و باشروهن – الرفث – متع – استمتعتم – استعفاف – شهوة من دون النساء – لذة ) هي وصف لأفعال و أعمال و لا علاقة لها بتسمية ( عقد الزواج – وعقد النكاح – و عقدة النكاح – سواء دائمي أو موقت) – ومثل (العصمة) جائز أنْ تكون بيد الرجل أو بيد المرأة – و مثل ( المتعة ) واردة حتى على ( فريضة الحج ) { فمن تمتع بالعمرة } ( البقرة 196 ) .

وإنّ ( عقود الزواج الصحيحة – تأبيد أو موقت ) – يجب أنْ يسري عليها جميع الأحكام الشرعية بجميع الأركان و الشروط و الحقوق و الواجبات التي فرضها الله تعالى ( المهر و النفقة و الطلاق و العصمة و التفريق و النشوز – و ما يثمر من بنوة و ارث و وصية ) و لا علاقة للحقوق و الواجبات – بمدة الزواج – حتى إذا كان لليلة واحدة أو لسنين – أو لمدة الأسر – أو لمدة الدراسة و التدريب .

و هناك مسألة مهمة جداً و هي ( إنّ الرسالة الإسلامية رسالة سمحاء و رحمة و شفاء للعالمين ) لأنها رسالة – كاملة و تمام – و لأنها تدخلت أحياناً حتى في تنظيم العلاقة بين أفراد العائلة الواحدة ( بين الأب و الأم و بين أولادهم أو مع خدمهم – في معاملات و تصرفات نراها بسيطة و عادية و تافهة لا تتطلب حتى الالتفات إليها ) ومن تلك العلاقات قد وردت في قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم و الذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مراتٍ قبل صلاة الفجر و حين تضعون ثيابكم في الظهيرة و من بعدِ صلاةَ العشاء ثلاثُ عوراتٍ لكم ليس عليكم و لا عليهم جناحٌ بعدهنّ طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يُبينُ الله لكم الآيات والله عليم حكيم . و إذا بلغ الأطفالُ منكم الحلمَ فليستأذنوا كما استأذنَ الذي من قبلهم كذلك يبينُ اللهُ لكم آياته و الله عليم حكيم . و القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهنّ أنْ يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة } ( النور 59 ) و بذلك فقد نظم الله تعالى حتى الاستئذان بالدخول على بعضهم فقط في ثلاث أوقات - و بعد هذه الأوقات الثلاث هم أحرار – و لكن إذا بلغوا الحلم فالاستئذان يكون واجب في كل الأوقات – و كذلك فإنّ المبدأ الإسلامي – و هو يبني المجتمع الحضاري الصالح عالمياً و ليس المدني – فقد أدخل ( العقيدة ) حتى في – الزواج و النكاح – فقال الله تعالى { و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ و لأمةٌ مؤمنةٌ خيرٌ من مشركة و لو أعجبتكم و لا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا و لعبدٌ مؤمنٌ خيرٌ من مشركٍ و لو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة و المغفرة بإذنه و يبين آياته للناس لعلهم يتذكرون . و يسألونك عن المحيض قل هو أذىً فأعتزلوا النساء في المحيض فإذا تطهرهن فآتوهن من حيث أمركم الله إنّ الله يحب التوابين و يحب المتطهرين } ( البقرة 222 ) فهل هذا التنظيم في هذه الأحكام هو تنظيم بشري أم هو تنظيم رباني و خالق البشر – و الأكثر بعداً في التوجيه الإنساني العالمي فإنّ رسول الله الحبيب قال < تنكح المرأة لأربع لمالها وجمالها وحسبها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك > - أي بوركت يداك - و هناك أمور كثيرة تدخل في كيفية هذا الحرمان .

و بعد كل ما تقدم – فإنّ بموجب ( عقد الزواج الموقت – المنقطع ) يصبح بإمكان المجتمع الإسلامي و أفراده ( حل ) الكثير من المشاكل و الحاجات ( الاستثنائية ) الاجتماعية التي تولدها ( الحروب والنكبات و الكوارث و الأسرى و السفر لغرض الدراسة و التدريب و العلم و التجارة والأمراض المستعصية وغيرها ) و القضاء على جميع المفاسد – و إنّ الإسلام يجب أنْ يوقي الأسير و طالب الدراسة من الزنا و السفاح الحرام { و ليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله } ( النور33 ) و إنّ – العقد الموقت – إذا وجد من يتقبله كعلاقة اجتماعية استثنائية – و هو غير – المتعة التي جوز رخصتها الله في – خيبر و فتح مكة وحنين – و نهى عنها و نسخها في نفس تلك الغزوات و المعارك و عند اشتداد العزوبية و الاستعفاف عند المسلمين – وحتى عندما جوز الله المتعة فهي كانت لقاء مهر – مثل بالثوب إلى أجل – مما ملكتْ أيمانكم فكاتبوهم – و بذلك يكون – العقد الموقت - هو – النور – و الغنى – و هو فضل الله تعالى على الناس .

إنّ – الخليفة الخامس الصحابي الحسن – قد جسد ( متعمداً – عملاً و قولاً ) تفسير و تطبيق الأحكام و الآيات الكريمة المتعلقة بتلك الأنواع من ( الزواجات – و الطلاقات – مزواج و مطلاق ) و هو أهلاً لهذا العمل – من أجل عدم ضلال الأمة بعد – العترة - التي تربت في حضن رسول الله الحبيب و فهمت أحاديثه الشريفة < إذا أنا لا أعدل فمن هو الذي يعدل بعدي > و < و الله لو إنّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها > والصحابية فاطمة هي أم الصحابي الحسن – كل أعضاء العترة الذين تركهم رسول الله لكي لا يضل المسلمون بعده – ومن الذي يقدر أنْ يرد على الصحابي الحسن – هل – الصحابي أبو سفيان أم الصحابي معاوية أو الصحابي عمر بن العاص أو مروان بن الحكم – الأمويون – الذين حاربوا الأحكام و شوهوها – وإنّ كل من يطعن في – العقد الموقت – لا يقصد العقد بالذات – و إنما الذي يقصده هو شخص عضو العترة الصحابي الحسن .

و إنّ الله تعالى قد وضح لنا تلك الأنواع من – الزواجات – في سورة النساء و في سور أخرى – فقد جاء بقوله الكريم { و إن أردتم استبدال زوجٍ مكان زوجٍ و آتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أ تأخذونه بُهتاناً و إثماً مبيناً . و كيف تأخذونه و قد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذنّ منكم ميثاقاً غليظاً } ( النساء 21 ) و في مفهوم – قنطاراً – قال الخليفة الثاني عمر عندما أراد تحديد المهور ( لقد أخطأ عمر و أصابت امرأة ) و مثل هذا القول يستحيل أن يقوله الخليفة الخامس الصحابي الحسن – لأنه يفهم – القنطار – و يفهم كذلك عبارة – أفضى بعضكم إلى بعض – ويفهم – الميثاق - وكذلك قال الله سبحانه { و المحصنات من النساء إلا ما ملكتْ أيمانكم كتابَ الله عليكم و أحلّ لكم ما وراء ذلكم أنْ تبتغوا بأموالكم محصنين غيرَ مُسافحينَ فما استمتعم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ فريضةً و لا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إنّ الله كان عليماً حكيماً } ( النساء 25 ) و بعدها تأتي الآية الكريمة { ومنْ لم يستطع منكم طولاً أنْ ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم منْ فتياتكم المؤمنات و الله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهنّ بإذنِ أهليهم و آتوهنّ أجورهنّ بالمعروف محصنات غير مسافحات و لا متخذات أخدانٍ فإذا أحصنّ فإنْ أتينَ بفاحشة فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشيّ العِنتَ منكم و إنْ تصبروا خيرٌ لكم و الله غفور رحيم } و كذلك قوله تعالى { يريد اللهُ ليبين سنن الذين من قبلكم و يتوب عليكم و الله عليم حكيم } ( النساء 27 ) .

و حتى - الفقهاء و المفسرين – من الفئة الذين ينتقدون أو يرفضون ( الزواج الموقت – المنقطع ) فأنهم كذلك هم بحاجة شديدة إلى هذه النعمة الربانية التي انتبه إليها الخليفة الخامس الصحابي الحسن في فقهه و فهمها للناس عملياً – في حياتهم العملية خاصة في معاملات الزواج ( من أجل الابتعاد عن ما تسمى – بالحيل الشرعية – وهي غير شرعية – أو حتى لا يستعملون الحرام بالخفاء – أو بالنية فقط – بالنسبة إلى – العقد الموقت ) وذلك عند حصول ( الطلقات الثلاث ) و ( البينونة الكبرى ) { فإنْ طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره } ( البقرة 231 ) فهم هنا يحتاجون إلى ( الزواج الموقت ) الذي يسمى (التجحيش) إذا أراد المطلقان ( بالثلاث ) الرجوع إلى بعضهما لوجود ( المحبة و المودة و الأولاد ) بينهما و التي هي من أكبر و أهم أسباب الصلة و الروابط العائلية – و لأنّ ( نكاح زوج غيره - التجحيش – حكم شرعي – وجوبي – علاجي لهما – و فرض أنْ تذوق العسيلة مع غيره ) و إنّ القائلين (الزواج الموقت – هو باطل وحرام – لوجود – نية التوقيت لدى العاقدين ) فإنّ تعريفهم هذا كذلك ينطبق على ( زواج التجحيش – لوجود نية التوقيت – فيكون برأيهم باطل و زنا ) فهذا قول غير سديد و يؤدي إلى ( إنّ معظم – زواجات التجحيش – بالتقصد – زنا و باطلة ) لوجود (النية – المسبقة في – التجحيش – وهي – نية التوقيت – عند طرفي العقد ) – و إنّ الزواج الموقت – هو غير الذي قصده رسول الله الحبيب في حديثه الشريف < ألاّ أحذركم بالتيس العقور > قالوا و ما التيس العقور يا رسول الله قال < المحلل – لعن الله المحلل و المحلل له > – و إننا على اطلاع تام من – إنّ أحد ذلكم العلماء – و من كبارهم – يستعمل أقاربه في – عقود التجحيش – بنية الخوف من ( عدم تطليق الزوج الغير – المجحش – للزوجة ) - وحتى إذا قالوا ( إننا سوف نجعل- العصمة - بيد الزوجة في - عقد التجحيش – فهذا كذلك – يجعل – النية – منصرفة إلى – التوقيت – و الزواج الموقت ) لأنّ في زواج التجحيش { حتى تنكح زوجاً غيره } ( البقرة 231 ) فيه فرض ( أنْ تذوق عسيلته و يذوق عسيلتها – و العسيلة – لذة الجماع ) – فلا يحلّ هذا الإشكال و كذلك لا يحل الضرورات المشار إليها سابقاً – غير – الزواج الموقت من قبل الزوج – و شرط العصمة من قبل الزوجة فقط لأنها تخضع لفرض حكم التجحيش وأنْ تتزوج غيره وجوباً - و أنْ لا تكون للزوج علاقة و علم بشرط العصمة عند الزوجة – و لا للزوجة علاقة و علم – بشرط التوقيت عند الزوج - لأنّ الزوج يخضع لعقوبة وجوب طلاق البينونة الكبرى - و إلاّ لأصبح – اتفاقاً بين الزوجين على - محلل – التيس العقور – و لا داعي لمكابرة المذاهب التي لا تجوز الزواج الموقت – مثل المكابرة في – العصبة – العصبة في الإرث – في حين – و الأقربين بالمعروف حقاً على المؤمنين – و إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم – و إنّ الكثير من أتباع تلك المذاهب التي تأخذ بعصبة الإرث قد غيروا المذهب و لو شكلياً بسبب العصبة – و هل تكون المكابرة مع الله سبحانه و هو القائل { و لقد خلقنا الإنسانَ و نعلمُ ما تُوَسْوِسُ به نفسُهُ و نحنُ أقربُ إليه منْ حبلِ الوريدِ } ( ق 16 ) و إنّ هذه – السورة الكريمة – فيها الشيء العجيب - فلا حلّ لهم بالتجحيش – المقصود بالنية – غير الحلِ الذي وضعه عضو العترة الخليفة الخامس الحسن و هو – حل الزواج الموقت الذي هو جائز شرعا .

( نظرة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب – إلى – الزواج )

و بمناسبة موضوع ( الزواج ) - و علاقة الشخصية الإسلامية التي بناها الإسلام – عقلياً و نفسياً - لدى المسلمين – و منها الزواج - حيث إنّ الخليفة عمر قال من على المنبر في المسجد ( عندي ابنتي أخافُ عليها الكبر فهل منكم من يتزوجها ) فقام أحد المسلمين و قال ( أنا يا أمير المؤمنين – أنا محتاج إلى الزواج و أريد زواجها ) فنزل الخليفة من على المنبر و اصطحبه إلى داره – و جعله يرى ابنته و هي تراه – فقبل الاثنان الزواج و تزوجا – و بهذه المناسبة – مرة جاء أحد الصحابة إلى الرسول الحبيب يبشره بأنه قد تزوج – فقال له الرسول < هل رأيتها قبل الزواج > فأجابه الصحابي ( نعم يا رسول الله ) فحمد الرسول الحبيب الله و شكره على ما أنعم على عبده و دعا له بالبركة و بالمال و البنين – و إن الله تعالى يقول { و ليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يُغنيهم اللهُ من فضله } ( النور 33 ) – فهل يوجد أكثر و أحسن من هذا الإغناء – رجل يتزوج بنت رئيس الدولة و خليفة المسلمين بقضاء الله تعالى - في حين نرى اليوم : المكابرة في الزواج و البطر و الغرور و قد طغت المعاناة و المتاعب على الزواج و العلاقات الزوجية – و سبب ذلك هو إنّ أفكار و مفاهيم ( علاقات المجتمع المدني – العلمانية ) هي التي أخذت تؤثر في الزواج و علاقاته وليست أفكار و مفاهيم ( علاقات المجتمع الحضاري الإسلامي ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق