الفرع الثاني
( الخليفة الثاني . أمير المؤمنين . الإمام . الصحابي )
( عمر بن الخطاب )
لقد بويع الصحابي عمر بن الخطاب للخلافة سنة أربع عشرة هجرية ( بعهدٍ أو استخلافٍ أو بترشيح ) من الخليفة الأول أبي بكر الصديق - و كان الصحابي عمر مشركاً قبل إسلامه و مع الشرك كانت له تصرفات أخرى حرمها و كرهها الإسلام – و أصبح مسلماً و عمره سبع و عشرين سنة تقريباً – و هو ليس من الأوائل الذين أسلموا – و قد سبقته أخته وزوجها إسلاماً – و هو قريشي من ( بني عدي ) – و إنّ رسول الله الحبيب قد تزوج ابنته (الصحابية السيدة حفصة ) بعد أنْ توفى عنها زوجها – و قد طلقها الرسول طلقة واحدة ثم راجعها ثانية – و إنّ الشيء الملفت هو إنّ موضوع ( حفصة – كزوجة لرسول الله الحبيب – لم يأخذ المأخذ الذي أخذه مع السيدة عائشة – رغم وجود فارق كبير بين سني الزوجتين الكريمتين ) - و إنّ مدة خلافة الخليفة الثاني عمر حوالي عشر سنوات .
و إنّ المؤرخ ( السيوطي ) رحمه الله – في كتابه ( تاريخ الخلفاء ) و تحت عنوان ( فصل – في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ) و في هذا الفصل كلام استغرق (ست صفحات ) لم يتطرق فيها ( المؤلف ) إلى موضوع ( الخلافة ) إلاّ بخمس كلمات هي (أُستخلف عمر يوم توفى أبو بكر ) في حين إنّ ( الست الصفحات ) تتعلق بأمور أخرى لا علاقة لها بموضوع ( الاستخلاف و الخلافة ) - و إنّ نصب الصحابي عمر – خليفة للمسلمين - بهذه الطريقة و هي ( استخلاف أبي بكر له بعده ) – كذلك – لم يتبع فيها و لم يطبق ( حكم الله الشرعي الإسلامي – و أمرهم شورى بينهم ) و لم تطبق حكم آلية ( الشورى – الاختيار بالرضا – من عموم الناس ) بعد وفاة الحاكم السابق – و إنما ( أعاد الخليفة أبو بكر الصديق إلى الصحابي عمر – الفضل الذي قدمه الصحابي عمر إلى الصحابي الصديق عندما أنهى النقاش في سقيفة بني ساعدة لصالح تنصيبه خليفة ) – في حين إنّ أمر ( عمل تنصيب رئيس الدولة – الخليفة – كبير و عظيم – في حياة المسلمين و الناس و العالمين – لأنّ له علاقة بمصير الأمة الإسلامية و مصير تطبيق أو تعطيل أحكام الإسلام – إلى يوم القيامة ) . و إنّ الخليفة الثاني عمر قال :
( إني وُليتُ الخلافة كالمضطر إلى أكل اللحم الميت )
و لكنه لم يبين ما هو وجه هذا ( الاضطرار ) – و لهذا السبب العظيم الخطير ( قد حصر الله جلت قدرته – أمر – الاستخلاف – به تعالى و جعل الاستخلاف من صلاحيته وحده – و لم يعطها حتى إلى الرسل و الأنبياء ) في حين ( إنّ الله تعالى قد أعطى رسول الله الحبيب – صلاحية – تنصيب الولي – و لم يعطه صلاحية استخلاف الخليفة – و إنّ ثبوت صدور تنصيب الولي الذي صدر عن رسول الله الحبيب فيه إجماع المسلمين – و أما استخلاف الخليفة ففيه خلاف بين المسلمين ) – و إنّ الله و رسوله قد أعطيا – صلاحية و حق - تنصيب – الخليفة – السلطان - إلى الأمة الإسلامية – عموم الناس – بالرضا و الاختيار ) و هذا فيه إجماع كذلك و هو واضح من قوله جلت قدرته { إني جاعلٌ في الأرض خليفة } و { إني جاعلُك للناس إماماً } (البقرة 30 و 124 ) و قوله تعالى { وعد الله الذين آمنوا منكم ليستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم } ( النور 55 ) فالحق قد أعطاه الله سبحانه للناس كافة و لم يعطه لشخص بالذات - فكيف يجوز لأي شخص في الأرض أنْ يعمل – بأمر – هو من صلاحية الله تعالى وحق جعله من صلاحية الناس – عموم الناس - مهما كانت مكانة هذا الشخص .
( كيف يكون جميع الصحابة عدول )
( و فيهم الظالم و الفاسق و الفاجر و المرتد )
مسكينة ( الأمة الإسلامية ) التي - سمحت - بإساءة تطبيق و تعطيل ( أهم و أخطر حكم شرعي في نظام الحكم – الشورى ) – ( من قبل أي شخص و مهما كان موقعه و واقعه و سابقته في الإسلام والمسلمين ) – فلم نر و لم نجد أي سبب أو عذر غير ( البلوى – و الفتنة ) – { لنبلوهم أيهم أحسنُ عملاً } و{ و نَبْلُوكُم بالشر و الخير فتنة و إلينا ترجعون } ( الأنبياء 35 ) – و إنّ - البلوى و الفتنة – أمور – غيبية – لا يعرفها الإنسان – لذا فإنّ - أعماله - التي يقوم بها يكون هو مخير فيها وليس مسير أو مجبر عليها – إذاً هو – سيحاسب عليها – ليرى الله تعالى – أيهم أحسنُ عملاً - و من هو – الخبيث و الطيب .
لأنّ ربنا جلت قدرته قد أنعم علينا – نحن البشر و إنسانية العالمين - في هذا الخصوص – بعبرة – ضخمة و عظيمة مع أعظم شخصية و هو رسول الله و سيد الكون – عندما قال تعالى له { عبس وتولى } فالله تعالى قال { و تولى } و نحن البشر نقرأ و نقول { و تولى } عن رسولنا الحبيب – و لا نجد في هذه ( المحاسبة ) أي انتقاص لشخصية نبينا الحبيب – ما دامت هي جزء من التشريع لبناء المجتمع المسلم الصحيح – و فيها إجلال و تعظيم له – و فيها منفعة و شفاء و رحمة لإنسانية العالمين – لتعرف و تفهم – حقوقها و واجباتها و { و تولى } – و كذلك قال تعالى { و ما يدريك لعله يَزكى . أو يذكر فتنفعه الذكرى } وفعلاً ( تزكى و تذكر ) و نحن نقرأ و نقول هذه الكلمات و لكن لا نقدر ( أنْ نقول عن الصحابي – لا يدري أو لم يعرف و لم يفهم – أو تولى عن الشورى ) و كذلك قال تعالى { فأنت عنه تلهى . كلا إنها تذكرة } (عبس 11) عظة و توجيه و أمر بالاستقامة .
و من هذه الآيات الكريمة نفهم – إنّ الله تعالى يقول لرسوله الحبيب – ما عليك إلاّ التطبيق الصحيح و السليم لأحكام الشرع – و الله تعالى هو الذي يتولى حفظك و رعايتك من أذى الناس { ما ودعك ربك و ما قلى } ( الضحى 3 ) و { و الله يعصمك من الناس } ( المائدة 71 ) – و لكن الصحابة الذين (استلموا الحكم ) بعد رسولنا الحبيب - قد عملوا و أوجدوا – واقعا – يختلف كل – الاختلاف – مع واقع هذا التوجيه الرباني في { عبس و تولى } – و كذلك – اليوم – يعمل - وعاظ السلاطين رجال الدين على و ضع (القدسية ) لبعض - الصحابة – خاصة الذين – استلموا الحكم - حتى لا يقدر الناس على القول – عنهم – مثل ما وجهنا ربنا – و إنّ عمل وعاظ السلاطين هذا – هو - خدمة لأعداء الإسلام – لأنّ هذه - القدسية – تقف مانعاً و تحول دون – إقامة الدولة الإسلامية الواحدة – التي فرضها الله تعالى – و إنّ رجال الدين قد جعلوا من ( قدسية الصحابة ) ( أوجب من فرض – وجوب العمل لإقامة الدولة الإسلامية – و جعلوا من المسلمين حبيسي هذه القدسية ) – في حين إنّ أحد المسلمين قال لرسول الله الحبيب نتيجة وضعه الفكري آنذاك ( أعدل يا محمد ) فأجابه رسول الله الحبيب < إذا كنتُ أنّا لا أعدل فمن الذي يعدل بعدي > - فكان جواب رسول الله جواب معقول و مقبول – و لم يستنكر قوله و جرأته و لم يزجره – أو يهينه على سؤاله أو حتى لم يتحداه – كما فعل الخليفة الأول الصديق مع المعارضة على استخلاف الصحابي عمر بعده و الذين قالوا له – ما أنت قائل لربك – فتحداهم و قال – أتخوفونني بالله اخرجوا و ليبلغ حاضركم غائبكم – بينما رسولنا الحبيب أعطى معارضه الفكر الصحيح و الحكم الصحيح و بالاقناع اليقيني و ليس بالإكراه و العنف – في حين إنّ رسول الله هو الذي ( يعدل ) لأنه ( معصوم ) و غيره من الصحابة و غير الصحابة من الناس فهم ( غير معصومين ) فيجوز أنْ يصدر عنهم ( العدل ) أو ( الخطأ ) و ( عدم العدل ) و ( الظلم ) و حتى ( الفسق و الفجور ) إلاّ الذين كلفهم الله تعالى بمهمة ( منَّ ) عليهم بها لإنجازها ( فهم معصومون في تنفيذ مهمتهم و إنجاز تكليفهم – لأنّ الله تعالى لابد و أنه صنعهم لها ) كالعبد الصالح و ولي الله و ( إنّ الصحابة عدول ما لم يغيروا و لم يبدلوا ) .
في حين مؤخراً – واليوم – قد وُجدَ بيننا ( رأي فقهي هابط ) يحتج به بعض المسلمين خاصة وعاظ السلاطين – الذين لا يريدون – إقامة الدولة الإسلامية – و إنّ الرأي المتخلف هو ( إنّ جميع الصحابة عدول – و في نفس الوقت يقولون – إنّ الصحابة غير معصومين ) في حين ( إنّ الإسلام قد علمنا – بأنّ بين الصحابة – المسلم و المؤمن و التقي و العبد الصالح و المصيب و العادل و الولي – وكذلك بينهم الظالم و الفاسق و الفاجر و الباطل و المخطيء و من أرتدّ عن الإسلام ) – وإلاّ لكان – الصحابة معاوية و عبد الله بن أبي سرح و المغيرة بن شعبة - من – العدول – في حين إنّ ولي الله الصحابي علي يقول عن الصحابي معاوية ( يفسق و يفجر ) و من الذي يقدر على تكذيب ولي الله علي – و إنّ معاوية ( باغي ) بإجماع المسلمين حتى الذين يقولون عنه أنه ( من الصحابة العدول ) لأنه ( قد بغى جهاراً نهاراً على خليفة زمانه ) – و لم أجد مسلم واحد لا يقول ذلك – و لكن وجدت أحدهم يقول في مؤلفه – و هو ممن لا يدعون إلى إقامة الدولة الإسلامية الواحدة – يقول ( إنّ معاوية مجتهد و قد أخطأ في بغيه مع سيدنا علي و هو مأجور أجر واحد) فهذا الذي يجعل من ( البغي – خطأ – هو كالذي يجعل من الزنى – خطأ ) و يعطي للباغي و الخاطيء أجر واحد بعد أنْ يلبسه – عمامة الاجتهاد – فهل مثل هذا لا يريد تدمير الإسلام و المسلمين و محاربة الخلافة الإسلامية و قد سبقه بهذا الاتجاه - ابن حزم الأندلسي – الذي من ضمن من ساهم بآرائه هذه بإزالة الإسلام من الأندلس – و إنّ رسولنا الحبيب يقول < إذا رايتم معاوية على منبري هذا فابقروا بطنه ) .
و إنّ الله تعالى قد وضح لنا الأحكام و الأمور بدقة و بتفصيل كافي ووافي و تام في سبيل أنْ نفهم ( الدعوة الإسلامية لإقامة الدولة الإسلامية الواحدة ) – وإنّ الدعوة يجب أنْ تكون ( فكرية و ليست مادية ) و أنْ نفهم ( وجوب مناقشة أعمال و أقوال الصحابة خلفاء و غير الخلفاء و عدم وضع – القدسية – عليهم ) و أنْ نفهم ( عدم منّة الصحابة و الحكام على المسلمين في توصيل ديننا إلينا ) و أنْ نفهم ( إنّ تطبيق الأحكام الشرعية – هو العمل الصالح – و إنّ تعطيلها أو تغييرها و تعديلها من قبل الحكام – كائن من كان – هو التدمير و الانحطاط و التأخر و العمل غير الصالح ) – و إنّ الله تعالى قال { قالت الأعرابُ آمنا قُلْ لم تؤمنوا و لكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الإيمان في قلوبكم } ( الحجرات 14 ) و كذلك قال تعالى { يمنونَ عليك أنْ أسلموا قل لا تنوا عليَّ إسلامكم بل الله يمنُّ عليكم أنْ هداكم للإيمان إنْ كنتم صادقين } و قال الله جلت قدرته {ولقد وَصَّلْنا لهم القولَ لعلهم يتذكرون } ( القصص 51 ) و من هذه الآية الكريمة فإنّ الله هو الذي وصل الإسلام إلى الشعوب و الأمم التي أصبحت مسلمة و ليس الصحابة و الحكام أو السلف – و كذلك قال الله تعالى { إنّ الله يعلم غيب السموات و الأرض و اللهُ بصيرٌ بما تعلمون } ( الحجرات 19 ) و إنّ هذه الآيات الكريمة و غيرها الكثير قد خاطب الله تعالى جميع المسلمين – صحابة و غير صحابة و سلف – فلا يجوز تعطيل الأحكام – و لا ( منَّة ) و لا ( فضل ) و لا ( سماح ) للسابقين و الأولين و اللاحقين إلاّ بما ( يمنُّ ) الله سبحانه و ما يفضل و ما يسمح به في ( قرآنه و سنته ) .
و نقولُ هل ( الصحابي ) بالنسبة إلى - الله تعالى - و – رسله - أقوى علاقة و أهلاً للإجازة – للقيام بالمخالفات الشرعية – من غيرهم - فإليك أيها القاريء الكريم بعض الآيات الكريمة من سورة (هود) { و نادى نوحٌ ربه فقال ربي إنّ ابني منْ أهلي و إنّ وعدَك الحقُّ و أنتَ أحكمُ الحاكمين . قال يا نوحُ إنه ليس من أهلك إنه عملٌ غيرُ صالحٍ فلا تسئَلنَ ما ليس لك به علمٌ إني أعِظُك أنْ تكونَ منَ الجاهلين . قال ربي إني أعوذُ بك أنْ أسألكَ ما ليس لي به علم و إلاّ تغفِرْ لي و ترحمني أكنْ منَ الخاسرين } ( 45 – 48 ) – فقد أراد النبي نوح عليه السلام أنْ يجعل من ( صلة الرحم و في قمتها الأهل و الابن أعلى درجة في صلة الرحم ) سبباً ( لعدم تطبيق الأحكام الشرعية – و تعطيلها – وهذا – عمل غير صالح ) فأجابه ربه جواب قاطع { أعِظك أنْ تكون منَ الجاهلين } و لكن وعاظ السلاطين رجال الدين يريدون اليوم تمرير ( تعطيل الأحكام الشرعية – منها الشورى ) باسم ( قدسية الصحابة و السلف ) حتى ( لا تقام الدولة الإسلامية – و لا يحكم بالإسلام – ما أنزل الله ) في حين إنّ الله تعالى قد ( ترك ابن نوح و أصحابه يهلكون و لم ينجهم لعدم تطبيقهم ما أمر الله وما أنزله – في حين من باب أولى – أنْ يطبق الابن و الأهل و الصحابة – أنْ يطبقوا الأحكام و لا يعطلونها ) – لذلك فإنّ الله سبحانه ( لم يجب التماس و سؤال نوح و لم يستجب إلى طلبه ) لأنّ في ( تعطيل الأحكام – خاصة حكم الشورى ) ( هلاك و دمار و تردي للمسلمين و الناس و العالمين ) و قد اقتنع النبي نوح حتى لا يكون {منَ الخاسرين } .
و نأتي على المزيد من الآيات الكريمة من سورة ( هود ) المباركة لتكون أكثر إقناعا و توجيهاً لموضوعنا السياسي هذا – و لتبعث ( اليقين ) إلى قلوب الناس أجمعين – حيث قال تعالى { قيل يا نوح اهبط بسلام منا و بركاتٍ عليك و على أممٍ ممن معك و أممٌ سنُمتِعُهُم ثم يمسهم منا عذابٌ أليم } الله أكبر على هذا التوجيه الرباني ( أمم مؤمنة ) و ( أمم يمتعها الله في الحياة الدنيا قليلاً و من ثم يعذبهم عذاباً أليماً ) و هل هذه القاعدة لا تنطبق اليوم على السعودية و الإمارات و قطر و كافة كيانات الجزيرة و غير الجزيرة – و كذلك قال تعالى { تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت و لا قومُك من قبل هذا فأصبر إنّ العاقبة للمتقين } – و إنّ الله تعالى قد علمنا و أنبأنا بأنباء ( الغيب ) بواسطة رسله و أنبيائه و الأسباط و الحواريين والأولياء – و من بعدهم من الذي يقدر على إنبائنا بأنباء ( الغيب ) خاصة ما يتعلق ( بسلوك – الصحابة و السلف و التابعين – أقوال و أعمال ) – هل يعلمنا بها – وعاظ السلاطين - أم – ( الله سبحانه – يوم الحساب – هو الذي سيعلمنا – بحسن العاقبة أو بسوئها – و العاقبة الحسنة – للمتقين ) لذلك ما على المسلم و الإنسان إلاّ ( مناقشة – الأعمال و الأقوال – للصحابة و غير الصحابة – هل هي جاءت تطبيقأ للشرع أم تعطيل لأحكام الشرع ) وإنّ ( حكم الشورى ) واضح و لا يمكن أن - ْ يختلف المسلمون – على أنه ( طبق أو تعطل – و متى - طبق – و متى – تعطل ) و هل ( ولاية العهد و الوراثة و الوصية – هي – حكم الله – أم - الخلافة و البيعة و الشورى ) أم إنّ ( ولاية العهد و الوراثة و الوصية – نظام و منهج دنيوي – مرفوض – لأنه ليس من عند الله - و إنما هو طريق – كسرى و هرقل – و كل جبار عنيد – هود 58 ) .
لذلك قال تعالى { فإنْ تولوا فقد أبلغتكم ما أُرْسِلْتُ به إليكم و يستخلف ربي قوماً غيرُكم و لا تَضرُنَهُ شيئاً إنّ ربي على كل شيءٍ حفيظ } الله أكبر على إنّ الله تعالى قد ( أبلغنا بالشورى و بالخلافة و البيعة و بالأحزاب و تعددها ) – و كذلك – الله أكبر على ( الاستخلاف ) الذي علمنا به و هو حق من حقوق الله و صلاحيته { و عصوا رُسُلَه و أتبعوا أمرَ كل جبارٍ عنيدٍ } و { فمن ينصرني من الله إنْ عصيتُهُ فما تزيدونني غير تخسيرٍ } و { و يا قومْ هذه ناقةُ اللهِ لكم آيةً فذروها تأكلُ في أرضِ اللهِ و لا تمسوها بسوءٍ فيأخذكم عذابٌ قريبٌ } - فهل ترك الحكام المتسلطون ( الإنسان المسلم ) و كافة الناس – و ذروهم يعيشون بأحكام الله الشرعية مثلما أراد الله لها – و هل مسوها بسوءٍ – نعم لقد مسوا الإنسان و الإنسانية بكل سوءٍ – و عقروها – بالتعذيب و القتل بسفك الدماء و السم و نهب و حجز الأموال و الحجر و التهجير – وإنّ العذاب إن شاء الله تعالى قريب جداً { إنّ موعدهم الصبحُ . أليسَ الصبحُ بقريبٍ . فلما جاء أمرُنا جعلنا عاليها سافلها و أمطرنا عليها حجارةً منْ سجيلٍ منضود . مُسَوّمةً عند ربك و ما هي من الظالمين ببعيدٍ } ( هود 84 ) .
و هذه آية كريمة – يومياً تُقرأ – من إذاعات و تلفزة – الفراعنة الصغار ( حكام أجزاء العالم الإسلامي و وعاظ سلاطينهم ) فإذا لم تُْقْرأ يومياً فبالأسبوع مرة و هي { تلك حدود الله فلا تَعتدوها و من يتعدَّ حدود الله فأولك هم الظالمون } ( البقرة 229 ) - و قد قال الله تعالى ( الظالمون ) و لم يقل ( الكافرون ) فمن هو الذي يفهم هذه الآية الكريمة و يطبقها – في حين إنّ واقع الحكام الفراعنة الصغار و وعاظ السلاطين وأعمالهم تصرخ و بشكل صريح و وقح بأنهم قد تعدوا حدود الله حتى في نفس خطبهم – و إنّ تعدي هذه الآية الكريمة قد بدأ العمل به منذ نبينا آدم عليه السلام – و استمر حتى – بعد وفاة رسولنا الحبيب بالرغم من قراءتهم هذه الآية المباركة – فهل إنّ قتل الشقيق لشقيقه ليس من حدود الله - أم أنّ – الشورى و الخلافة – ليس من حدود الله – و لكن – البلوى و الفتنة – بين الناس هي المقصودة – و هنا نحتاج إلى إتباع قوله تعالى { و ما يُلقاها إلاّ الذين صبروا و ما يُلقاها إلاّ ذو حظٍ عظيمٍ } ( فصلت 35 ) .
و هنا لابد لنا أنْ نجعل من – رسول الله الحبيب – قدوة و أسوة - حسنة – قبل الصحابة - فلم ينقل لنا عنه أنه قد ( منَّ ) أو جعل هو له ( الفضل ) على – الإسلام و المسلمين – منذ أنْ بعثه الله تعالى إلى يوم انتقاله إلى ربه – رغم كل التضحيات التي قدمها في سبيل الله لكسب رضوانه – فقد كان دائما يبغي ويطلب ( رضا الله ) و ليس ( المنّة على الله ) و هو ( حبيب الله ) – و إنّ قوله باسترضاء الله يوم رجوعه من – الطائف – بعد أنْ حمل الدعوة الإسلامية – الفكرية – إليهم – وقد لاقى منهم الصد و الضرب و الشتم و الرمي عليه بالحجارة و بمختلف القذائف الكريهة – و هو رسول الله و ليس صحابي – و قد ملأت وجهه الشريف الجروح و جسمه الكريم الكدمات و قد أنهكه التعب ليتخلص ممن لحقوه بالأذى بكافة أنواعه – و لا يمكن أنْ نتصور ( الصحابة ) قد لاقوا مثل ما لاقاه – خاصة الصحابة الذين استلموا الحكم بعده – إلاّ – الصحابة الذين استضعفتهم قريش في الأيام الأولى من الدعوة الإسلامية و لم تكن توجد عندهم العشائر التي تدعمهم وتحميهم من الفعل الفظيع الذي ارتكبته قريش معهم في تعذيبهم كالصحابة بلال و عمار و استشهادهم كالصحابة سمية و ياسر .
نقول – و إنّ رسول الله الحبيب – بهذه الحالة الفظيعة و المؤلمة من جراء الأذى الذي لحقه من أهل الطائف – فإنهّ – لم يمنّ – على الله و لا على المسلمين – و لم يطالب بامتيازات - و لكنه التمس أقرب شجرة تقيه بضلالها و جلس تحتها ليستريح و يمسح الدماء و الجراح ( و كان يرافقه – قيل الصحابي زيد أو الصحابي علي – أو الاثنان معاً ) – فرفع رأسه إلى السماء يدعو ربه < اللهم إليك أشكوا ضعف قوتي و قلة حيلتي و هواني على الناس يا أرحم الرحمين و أنت رب المستضعفين إلى منْ تكلني إلى عدوٍ يتجهمني أم صديق ملكته أمري إنْ لم تكن غضباناً عليّ فلا أبالي > - ليس ( منّة ) و إنما كان يخشى ( غضب الله ) رغم كل العذاب و التعذيب الذي نزل به – كلها عبارات الضعف و الهوان و الخوف منْ أنْ ينزل به غضب الله و سخطه و هو يطلب رضاه و عافيته – رغم ضخامة عمله من أجل حمل الدعوة الإسلامية إليهم و الذي لا يمكن لأي صحابي القيام به – و هذا كله الدليل على إنّ رسول الله الحبيب ( لم يمنّ ) على الله و المسلمين نتيجة أعماله الجبارة في سبيل الدعوة و الدولة الإسلامية العالمية { الحمد لله رب العالمين } - و كذلك ( لم يمنّ ) (بإيمانه ) و لا ( بعدالته ) و إنّ إيمان و عدل رسولنا الحبيب ( قطعاً ) لا يعادله إيمان و عدل أي صحابي و لا حتى جميع الصحابة لو اجتمعوا - و لم يمنّ – حتى – بتضحياته – أو ( إنجازاته – ببناء الشخصية الإسلامية للإنسان و الناس – بعد القضاء على كفرهم و شركهم – و من ثم إقامة الدولة الإسلامية – و نشر الإسلام و فتوحاته – بعد وضع الأساس في المدينة المنورة ) و كان تفكيره ينحصر فقط في كسب رضا الله و عدم – غضبه و سخطه – عليه .
إنّ الله تعالى من أول يوم بعث فيه رسوله محمد الحبيب بالإسلام إلى ( العالمين ) ( عقيدة ومبدأ) فقد علمه و وجهه { علمه شديد القوى } ( الضحى 5 ) بقوله الكريم { يا أيها المدثر . قم فأنذر . وربك فكبر . و ثيابك فطهر . و الرجزَ فاهجر . و لا تَمْنُنْ تَستكثر . و لربك فاصبر } . { لمن شاء منكم أنْ يتقدم أو يتأخر } ( المدثر 1 – 7 و 37 ) كلها تحضير و تهيئة عالمية لعمل إنساني و عالمي – الناس كافة – كلهم – جميعاً – و ليس – عمل فردي أو عشائري أو محلي أو قطري أو قومي - وإنّ من ضمن ما علمه – شديد القوى - أنْ - لا يمنُن – حتى – لا يستكثر - في طلباته و تسلطاته – و أنْ – يصبر – على تقديم التضحيات – و أنْ يُطهر نفسه و ثيابه ليكون مستعداً – لنشر – العدالة و الرحمة و الشفاء - و لاستقبال – النصر – الذي - سيفتحه – الله تعالى عليه و هو – إقامة الدولة الإسلامية الواحدة – في العالمين – لتقوم الدولة – بتطبيق الأحكام الشرعية و الأوامر و النواهي و نشر الإسلام بين الناس – و بعد ذلك – فإنّ الله تعالى هو – حافظه - بعنايته و قدرته { ما ودعك ربك و ما قلى } ( الضحى 3 ) و أنْ يكون هدفه من كل ذلك { و الآخرةُ خيرٌ و أبقى} ( الأعلى 17 ) و { و لَلآخرةُ خيرٌ لك منَ الأولى } ( الضحى 4 ) – فلا يجوز تعطيل الأحكام مهما كان السبب – خاصة الشورى و الخلافة و بيعة انعقادها و العمل الحزبي و التعددية الحزبية - لأنّ الله تعالى قد قطع جميع الأعذار على المسلمين و الناس – و إنّ الرسول قدوة و أسوة حسنة للمسلمين والناس كافة .
و من خلال هذه العلاقة بين الله تعالى و رسوله الحبيب – في – التفاهم و العتاب و النقاش والتوجيه – فلماذا لا يجوز أو لا نقدر على ( وصف ) أعمال و أقوال و تصرفات – الصحابة و السلف وغيرهم من التابعين – خاصة و إنّ – أعمالهم و أقوالهم و تضحياتهم إنْ وجدت – هي – عالمية للعالمين – و ليست – عائلية أو عشائرية أو قومية – و سواء كان هذا - الوصف – صحيح أو خطأ – و بدون حدة أو تحيز أو حقد – ما دامت الغاية من – الوصف – هي – الاهتمام بأمر المسلمين – الأحكام و الحقوق و الواجبات – و إصلاح ذات بيننا – مسلمين و عالمين – لمعرفة أحكام شرعنا – خاصة الصحابة و السلف الذين حكمونا بعد وفاة رسولنا الحبيب – و من أول حكم شرعي وجب تطبيقه – حكم الشورى – الذي يسبق – حكم بيعة الانعقاد - لأنّ – حكم الشورى – هو الحكم الذي يجب أنْ يتم به – اختيار – خليفة المسلمين – ونصب الحاكم رئيس الدولة – بالرضا – دولياً و عالمياً – الدولة التي تقوم بنشر الإسلام عالمياً – لذا فهو – أول و أخطر حكم شرعي – لأخطر موضوع في حياة المسلمين و الناس و العالمين ليقولوا { الحمد لله رب العالمين } – و إننا نقولها بصراحة في – وصف – عمل – استخلاف أو ترشيح – الخليفة السابق – لشخص سيكون خليفة لاحق بعد مماته – يكون هذا – الوصف – وجوبي على المسلمين – و مهما كانت الحجة – و حتى إذا قيل ( إنّ الخليفة – الحاكم - السابق قد سأل أهل الحل و العقد – فإنّ جوابنا هو – إنّ سؤال أهل الحل و العقد ليس الحكم الشرعي البديل لحكم الشورى الذي هو حق و واجب كل إنسان و الذي أوجب الله و رسوله تطبيقه- بل سوف يعتبر أسلوب أهل الحل و العقد – حجة غير شرعية – و التفاف – على الحكم الشرعي – و كذلك – القول – إنّ الخليفة السابق قد خاف - الفتنة – بعده فقام بالاستخلاف – فهذه الحجة يمكن أنْ تكون صالحة للتبرير – إذا كان الشرع يفتقر إلى الحكم الشرعي و الحل و الطريقة – التي – تمكن الأمة من اختيار الشخص الذي يترأسها و يحكمها – إذاً هذه الحجة هي كذلك – التفاف – على الحكم الشرعي – الشورى – بدليل إنّ رسولنا الحبيب لم يقم بمثل هذه الحجة و القول الذي صدر من الخليفة السابق – و لم يعمل بمثل تلك الحجج عندما اقترب أجله – و السبب هو إنّ الله تعالى لم يرد ذلك و قد أرادها – الشورى – { و أمرهم شورى بينهم } .
وإنّ الذين يُروجون و ينشرون الحجج و الأقوال غير الشرعية منها ( إنّ الخليفة السابق قد سأل أهل الحل و العقد ) أو ( إنّ الخليفة السابق قد خاف حصول - الفتنة – بعده – إنْ هو لم يستخلف الخليفة اللاحق ) و يدعمون حججهم و أقوالهم بالرأي القائل ( إنّ جميع الصحابة عدول – و العادل هو الشخص الذي لا يرتكب الخطأ خاصة الكبائر ) – و إنّ جوابنا هو – إنّ هذه الحجج و الأقوال هي في الحقيقة شخصية و ليست فكرية عقائدية و القصد منها الدفاع عن أشخاص – و مهما كانت فإنها تدخل ضمن باب – محاربة ومعاداة الإسلام – سواء عن دراية أو عن غفلة – و إذا أرادها أصحابها أنْ تكون – فكرية – فهي فكر هابط مؤذي للإسلام و المسلمين – خاصة و نحن اليوم – أمام هجمة علمانية شرسة جند فيها أعداء الإسلام كل قواهم خاصة المنافقين و المرتزقة من المسلمين الذين دفعوهم في حركات و أحزاب و منظمات للقيام بأعمال العنف و القتل و الخطف و المقاومة المسلحة لتشويه الإسلام – عقيدة و مبدأ – فكر و طريقة – فالدعوة طريقها الفكر – و الدولة – طريقها الجهاد المنظم – و الجهاد المادي بمختلف أنواعه – و لا يجوز أنْ يكون الجهاد المادي طريقاً للأحزاب و الحركات مستقلاً عن سلطة الدولة – فإذا أرادت أنْ يستقل عملها عن الدولة فيجب أنْ يقتصر عملها على الجهاد الفكري فقط – و إنّ هذه المبررات و الآراء في – الاستخلاف و العدول و الجهاد غير الصحيحة ( تؤدي إلى عدم تطبيق الإسلام و عدم نشره و عدم إقامة دولته ) خاصة في عصرنا الحاضر – وجميعها ( فاشلة ) و تدخل في باب العمالة للعلمانيين الكفرة – و بتقصد و سبق اصرار .
و عندما نجعل ( الصحابة ) الذين عطلوا – حكم الشورى – أو الذين غيروا وبدلوا ( الخلافة و الشورى و بيعة الانعقاد ) ( بالاستخلاف و بولاية العهد ) ( صحابة عدول ) سواسية مع ( الصحابة العدول – الذين لم يعطلوا و لم يغيروا و لم يبدلوا ) يكون هناك (تقصد ) في ( إخفاء الخطأ و التستر عليه ) و سوف يؤدي هذا إلى ( نقص الأحكام و تناقض الأحكام ) و هذا ليس من صالح الإسلام و المسلمين – وإنّ دليلنا هو – عندما وقف رسول الله الحبيب على – جثامين شهداء معركة أحد ومنهم الصحابيين حمزة و مصعب بن عمير – وقرأ الآية المباركة { من المؤمنينَ رجالٌ صدقوا ما عاهدوا اللهَ عليه فمنهم منْ قضى نحبَهُ و منهم منْ ينتظرُ و ما بدلوا تبديلاً } ( الأحزاب 24 ) و أردفها بحديثه الشريف < اللهم إننا نشهد لهم بذلك > و كان الصحابي أبو بكر الصديق واقفاً بجانبه مع صحابة آخرين و قد طلب من رسول الله الحبيب – أنْ يشملهم بشهادته – فرفض و قال < أنا لا أدري ماذا تغيرون و تبدلون بعدي> إذاً قاعدة ( العدول ) و حديث ( أصحابي كالنجوم ) مقيدة بقاعدة ( ما لم يبدلوا و يغيروا ) .
( عالم الدين الروسي - بابانوف - العلماني )
و عندما نقول إنّ هذه الحجج و الآراء الخاطئة سوف تؤذي الإسلام و المسلمين و تكون سلاح تدمير بيد الكفرة و العلمانيين و العملاء المنافقين – فإننا نسوق لكم هذا الحادث الواقعي - فقد وصل ( العراق – بغداد ) وفد رسمي من ( الاتحاد السوفيتي – الشيوعي ) بعد انقلاب سنة 1958 – و أثناء المد الشيوعي في العراق – و كان ضمن الوفد ( الشيخ بابانوف) رئيس الجماعة الإسلامية في روسيا – و قد صادفته ( أنا ) في مسجد سوق السراي ( السراجين ) و كان جالسً في غرفة إمام المسجد بانتظار ( صلاة الجمعة ) و كانت الناس مكتظة - و قد سألت الشيخ الروسي بقولي ( إنّ الله تعالى يوجب الحكم بالإسلام و إقامة الدولة الإسلامية بقوله الكريم – و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون - و الظالمون و الفاسقون و إنّ دولتك و بلدك مِنْ ضمن مَنْ ينطبق عليهم هذا الحكم الشرعي فما هو رأيك ) فقد أجابني – و هو – أحد وعاظ السلاطين و العملاء – قائلاً ( توجد في القرآن آية - إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله و ذروا البيعة – في حين – إننا نرى ازدحام الناس في الأسواق و الشوارع غير مكترثين و لا مبالين بصلاة الجمعة في بغداد ) فأجبته بالقول السديد ( أولاً في العراق فرعون صغير يحكم العراق بالعلمانية و ليس بالإسلام بدليل بدل حكم الله للذكر مثل حظ الأنثيين بقانون للذكر مثل حظ الأنثى الواحدة و ثانياً إنّ الشعب لا حول و لا قوة له بالرعاية و الأكثرية تجهل أحكام دينها و واقع الشعب العراقي مثل واقع الشعوب في الاتحاد السوفيتي و إنّ جميع شعوب العالم الإسلامي و شعوب العالم هي بحاجة إلى دولة الإسلام لتنقذهم من فسادهم ) و هنا تدخل واعظ السلاطين – إمام المسجد و أنقذ الشيخ بابانوف من الإحراج و طلب قطع النقاش بحجة ( أنّ الشيخ ضيف و زائر فلا يجوز إحراجه) – و قد خرجتُ من المسجد و كرهتُ الصلاة خلف هذا الواعظ الذي أنتهي مصيره و هو عميل للشيوعية بالقتل بتفجير السيارة التي كانت تنقل وفد المصالحة البعثي إلى الملة البرزاني في شمال العراق – المهم من هذه ( الواقعة ) هو إنّ أعداء الإسلام و المنافقين ممن يدعون الإسلام ( و حتى إذا تزينوا بزي رجال الدين – بينما كل مسلم هو رجل دين و كل امرأة هي امرأة دين و لا كهنوتية في الإسلام ) – هؤلاء جميعاً يعرفون ( أين هي الأخطاء – و أين هو تعطيل الأحكام الشرعية ) و كذلك يعرفون ( كيف يُحاججون و كيف يحرجون المدافعين عن الإسلام و كيف يدافعون عن أفكارهم الفاسدة عند النقاش و كيف يستغلون الثغرات في تعطيل و تبديل الأحكام الشرعية في بداية حكم الإسلام و على مر العصور ) – و إنّ كل حزب أو حركة لا يدركون و لا يفهمون حقيقة (( نهج النبوة )) رغم إنهم يقولون بها ( الخلافة و البيعة و الشورى ) فسوف لا يتمكنون من إقامة ( الدولة الإسلامية – الخلافة ) على نهج النبوة – و حتى إذا ( استلموا الحكم ) فسوف يكون حكمهم ( انقلاب – و حلول جزئية ) و ليس ( ثورة – إعادة الأمر إلى أصله – الإسلام – نهج النبوة – و كما أرادها الحسين في قضيته العقائدية ) و إنما سيكون حكمهم على ( نهج الأمويين و العباسيين و العثمانيين و الأيوبيين و الفاطميين ) كوارث و مآسي و نكبات و دماء – و كما هو الحال اليوم – غضب الله تعالى و ليس رضاه .
( استخلاف أو ترشيح - خليفة للمسلمين - من اختصاص رب العالمين )
( وقد منح – حق السلطان - السلطة - للناس و الأمة )
( تختار له من بينها من تشاء بالرضا )
( فلا يجوز لأي إنسان – العمل بها – خلاف القرآن و السنة )
و حتى الذين يقولون – بأنّ – رسول الله الحبيب – عندما اشتد به المرض – قد طلب – قلم و محبرة – ليكتب لأمته ما لم تضل بعده - وقد حال نفر من الصحابة دون ذلك – وإذا صح قولهم – فقد أثبت الواقع – لدى أولئك و الآخرين – بأنّ رسول الله لم يكتب و لم يفعل و لم يذكر أي اسم – و قد توفى حسب قضاء الله جلت قدرته بأجله المحتوم ( و لم يأخذ في حياته البيعة لأحد ليصبح خليفة من بعده – أي لم يستخلف أو يرشح أحد ) أي ( لم يعقد البيعة في حياته لأحد ) و ( لم يجتمع مع أهل الحل و العقد – إذا وجدوا ) و ( لم يجتمع مع أحدٍ من كبار الصحابة ولا صغارهم ) و ( لم يأخذ الرأي في من يخلفه بالحكم بعده ) – و إنما ( ترك هذا – الأمر – الخطير و العظيم – إلى المسلمين – و الشورى ) – و لو كانت ( القلم و المحبرة ) هي ( إرادة الله ) ( لحصلت الكتابة – قطعاً – من قبل رسولنا الحبيب – و لما تمكن أحد أنْ يحول دون الكتابة ) و لكن الذي ثبت هو ( ترك الشورى للمسلمين – و ترك المسلمين للشورى ) .
إذاً – لماذا حصل من ( الصحابيين أبي بكر و عمر ) في موضوع الاستخلاف والترشيح ما لم يحصل من رسول الله الحبيب – و لماذا لم يحصل التأسي برسولنا الحبيب الذي ( ترك لنا الرحمة و الشفاء – الشورى ) – في حين ترك الصحابيان لنا ( البلوى و الفتنة ) – وهناك من يعلل تصرفهم هذا ( بالحرص ) فنقول من هو الأكثر – حرصاً – على الإسلام والمسلمين – فالجواب قطعاً – إنّ رسول الله هو – الحريص – و هذا ما أكده الله تعالى في قوله الكريم { و جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسولُ عليكم شهيداً } (البقرة 143 ) و { النبيُّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم } ( الأحزاب 6 ) و { لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيز عليه ما عَنتُم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم } ( التوبة 128 ) – فالرسول الحبيب هو – الشاهد و الولي و الحريص – و لا يمكن لأي صحابي أنْ يكونَ مثله .
( التباس - منصب الولاية – مع – منصب الخلافة )
( يرفعه – ولي الله – نفسه )
قال ولي الله علي (( يا أيها الناس إنّ أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه و أعلمهم بأمر الله فيه – و لعمري لئن كانت الإمامة لا تنعقد حتى يحضرها عامة الناس فما إلى ذلك سبيل – و لكن أهلها يحكمون على من غاب عنها ثم ليس للشاهد أنْ يرجع و لا للغائب أنْ يختار )) – فهو في كلامه هذا – قد وضع شروط – الأمر- الخلافة أو الإمامة – و وضع آلية انتخابه و طريقة اختياره – الشورى – و ما هي حقوق و واجبات الناخب – الذي و صفه – بالشاهد و بالغائب – و الاختيار يكون من عموم الناس – وليس بالإجماع – و قد ثبت اليوم – عالمياً و إنسانياً – أنّ – العدالة و الحق – لا يمكن أنْ تتحقق إلا – بحكم الشورى – الاختيار بالرضا من قبل عموم الناس – و بذلك قد استحقت هذه الأمة الإسلامية - لقب - أمة الشورى – لأنها هي صاحبة الفكرة و الطريقة و هي أول من طبقها في الخلافتين الرابعة و الخامسة .
لقد وردت عن رسول الله الحبيب ( تذكرة بالأفضلية ) – و إنّ ولي الله علي هو أحد الصحابة المقصودين بهذه التذكرة بالأفضلية وله منها الحصة العظمى و الأهم – وإنّ هذه – التذكرة – ليست واجب أو فرض و لا يأثم من لم يأخذ بها – و إنما هي – جوازية أو مندوبة واستحباب – لأنها – ليست هي – شروط انعقاد البيعة – و إنّ شروط الانعقاد هي – البلوغ والعقل و العدل و العلم و حراً – و هي واجبة - و لم ينقل لنا عن – ولي الله علي - أنه قد تمسك بتذكرة الأفضلية – على أساس أنها واجبة و يأثم من لم يأخذ بها – بل قد ورد عنه إنها - جوازية – و تدخل في باب – التسابق و التنافس – و إنّ أهم ما ورد عنه هو ما جاء في خطبته ( الشقشقية ) ما نصه (( إنّه يعلم بأنّ محلي منها محل القطب من الرحى )) و يقصد بكلمة – إنه يعلم – الخليفة الأول الصديق – وإنّ – الرحى لا تدور إلا بوجود القطب و هي فعلاً قد دارت بوجود القطب مع جميع الخلفاء الذين سبقوه – و كذلك قوله في نفس الخطبة ((هو يستقيلها في حياته – إذ يعقدها لآخر بعد مماته )) و هنا نلاحظ كلمة – يعقدها – عقد البيعة – الاستخلاف لما بعد مماته و هذا مستنكر – و أما عبارة – يستقيلها في حياته – فإنه يشير بها إلى عبارة الخليفة الأول ( وليتكم و لستُ بخيركم ) وكذلك قال (( و قد صبرتُ على طول المدة و شدة المحنة – حتى إذا ذهب إلى سبيله جعلها في جماعة زعم إني أحدهم فيا لله ِ و للشورى)) ومن قوله – صبرتُ على طول المدة – مدة خلافة الأول و الثاني – و في قوله هذا – يظهر إنه عنده العلم بأنه سيستلم – منصب الخلافة الدنيوي – بالإضافة إلى – منصب الولاية الإلهي – و قد رجع هنا إلى الله تعالى – فيا لله – و رجع يشكو – الشورى - وللشورى – وهي – الحكم الشرعي و الطريق الصحيح إلى الخلافة – و لكن ليس بطريقة الخليفة الثاني عمر – بتعيين أو ترشيح ستة من الصحابة ( علي بن أبي طالب و عثمان بن عفان و عبد الرحمن بن عوف و سعد بن أبي وقاص وطلحة و الزبير ) الذين ثبتهم في (وثيقة) و ثبت معهم ( جهاز من خمسين رجل لقتل كل من يعارض ما جاء فيها أو يعارض النتيجة التي يتوصل إليها بالطريقة التي تضمنتها الوثيقة ) و ليس بطريقة الشورى - و كان هو في حيرة بين أمرين أمام – ما تقوله الناس له و ما يقال عنه – و إما أن يأخذ الخلافة بالقوة و هذه ليست طريقة الله و رسوله – و إما يصبر – فيتهمونه بالجبن و الخوف – و لكنه سلك طريق – الصبر – وهذا يوضحه قوله (( إنْ أقُلْ يقولوا حَرَصَ على الملك – و إنْ أسكت يقولوا جزع من الموت – هيهات بعد اللتيا و التي و الله لأبن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه – بل أندمجتُ على مكنون علم لو بحتُ به لأضطربتم اضطراب الحبل في البئر البعيدة)) وهذا ما قلناه بوجود العلم – الغيبي و هو مكنون العلم - عنده بأنه سيستلم منصب الخلافة – و لكن – تأزمي وتأزمي تنفرجي – لصالح الإسلام و المسلمين – بالصبر و بتطبيق الشورى .
و إنّ كل مسلم يقرأ – الوثيقة – وفيها – وصف الخليفة الثاني عمر – لكل واحد من الصحابة الستة – سوف يقول – إذاً كان المفروض بالخليفة الثاني عمر أنْ يقتصر ترشيحه على واحد منهم وهو – الصحابي علي – رغم إننا كمسلمين نرفض الترشيح أو حصر الترشيح من قبل الخليفة السابق أو أي جهة – و نرفض التدخل لما بعده – لأنّ الشرع يرفض ذلك – وإذا وافقنا على – الترشيح – فإنّ ذلك سوف يشكل طعن برسول الله الحبيب – من كونه كان قاصر عن التفكير بالترشيح مثلما فعل الخليفة الثاني - و أما وصف الصحابة الذي ورد بالوثيقة فإننا نوجزه حيث قال ( أحدهم خاتم في إصبع زوجته – و الآخر يستأثر عشيرته – والآخر يميل إلى المنصب – و هكذا – و أما عن الصحابي علي - فإنه يخاف منه على الناس من شدة تمسكه بالحق ) و من خلال هذا الوصف نرى من هو أهلاً للخلافة .
و أما وصفهم من خلال استقرائنا لواقع مسيرة حياتهم –فإن – الصحابي سعد بن أبي وقاص – هو من خوال رسول الله الحبيب – و لكن - صلة رحمه – مع – بني أمية قوية جداً و أقوى من صلته مع رسولنا الحبيب – بدليل أنّ المتسلط معاوية طلب منه شتم الصحابي علي – وكذلك – إنّ ولده – عمر بن سعد بن أبي وقاص قد أصبح قائد جيش المتسلط يزيد بن معاوية – الجيش الذي توجه من – الشام فلسطين – إلى الكوفة و اشترك في قتل – الصحابي الحسين بن علي في كربلاء و أخذ نساء أهل بيت رسول الله الحبيب سبايا إلى الشام – رغم أنه كان يعرف بإخبار رسول الله – الغيبي – إنّ عمر بن سعد - سوف يكون قاتل الحسين – وكان الصحابة يداعبونه بهذا الإخبار الغيبي عندما كان صبياً و كان يتألم – و هذا الولد من ذلك الأب – و أما الصحابي طلحة و الصحابي الزبير – فكانا يهويان المال و المناصب و سوف نرى مصيرهما و نهايتهما – و أما عن الصحابيين عثمان بن عفان و عبد الرحمن بن عوف فهما من عشيرة بني أمية و يستأثران عشيرتهما .
و هكذا استمرت – مسيرة العالم الإسلامي – في – تعطيل الأحكام و تبديلها و تغييرها – و في – التجزئة و الحلول الجزئية – فتسلط بعد ذلك على الأمة الإسلامية حكام بولاية العهد و الوراثة و الملكية والإمارة و المشيخة و جمهورية افلاطون و آخر بدعة – خادم الحرمين – كلهم يستغلون – الفرقة و الخلاف و إساءات التطبيق و التعطيل التي حصلت من صحابة هم أوائل في الإسلام - و إنّ الحكام اليوم و الكثير من الأحزاب و الحركات يدعون الإسلام و يرفعون لافتات إسلامية لخداع الناس الذين يجهلون أحكام دينهم تماماً مثل جهل الحكام وقادة الحركات الذين أحياناً يدعون النسب إلى أهل البيت مثل المغرب و الأردن أو يتخذون من ألأسماء شعارات دعاية لهم مثل الفاطميين في مصر و المهدي و المهدوية في السودان و ولاية الفقيه في إيران و العلويين في سوريا و زين العابدين في تونس – يساعدهم في ذلك وعاظ السلاطين – و الجميع يعرفون بأنّ الأسماء ستلغى و اللافتات ستمزق بعد تغلبهم و تنفيذ مآربهم وحتى المساجد التي يبنونها بالإمكان تحويلها إلى نوادي في نهاية المطاف – و إنّ الحروب و العنف و الصراعات و الاقتتال بالأسلحة التي يشعلها الحكام و قادة الأحزاب العملاء ما هي إلاّ أسلوب و وسيلة لتسريع عملية التحويل إلى العلمانية الكافرة – و بنفس الوقت تشويه الإسلام و تدميره - عقيدة و مبدأ – ودعوة فكرية – و دولة جهادية تملك جميع الأجهزة المادية و الفكرية و تزاولها هي وحدها و لا تسمح للأحزاب و الحركات و الأفراد إلا بمزاولة الأعمال الفكرية و السياسية لرعاية شؤون الأمة الإسلامية الواحدة و العالمين .
و من خلال ( أعمال و أقوال ) – ولي الله علي – قد ظهر لنا خاصة من خلال – تنافس و تسابق – الصحابي علي – على استلام منصب الخلافة الدنيوي – و قوله – إنّ محلي منها محل القطب من الرحى و قد صبرت على طول المدة و شدة المحنة – و يظهر إنه يعلم أم أنه مأمور – بوجوب تطبيق حكم الشورى – و لو مرة واحدة في الحياة الدنيا – لأنه حكمٌ قد أنزله الله تعالى ( و أمرهم شورى بينهم ) فلابد من تطبيقه – ولكن متى – فإنها مسألة غيبية – يعاملها ولي الله ( بالصبر و بالتنافس و التسابق ) - ومعها شكوى إلى الله – فيا لله – وللشورى - و عندما يقوم بتطبيق – الشورى – كحكم شرعي – و يستلم منصب الخلافة الدنيوي – حينها – سوف نعرف و نفهم – الفرق بين المنصبين – الولاية الإلهي – و الخلافة الدنيوي – و بذلك يكون – الالتباس و المتشابه – قد زال – بعد أنْ وضحه ولي الله علي بالأقول و الأعمال .
( كيف تمَّ تنفيذ - وثيقة - الخليفة الثاني عمر بن الخطاب )
بترشيح ستة من الصحابة للخلافة في حياته
و تعيين خمسين رجلاً لقتل المخالف لتنفيذ الوصية
( و ليس قتل من لم ينفذها خلال ثلاثة أيام - و لكن لمن و كيف )
إننا هنا سنثبتُ ( الوقائع و الحقائق قطعية الثبوت ) و بإجماع المسلمين – ولكن هناك من سيقول ( ما لنا وهذه الحقائق المؤلمة ) و جوابنا عليهم ( إنها عِبَرٌ و مفاهيم ) إلى كل مؤمن بالإسلام و يهتم بأمر المسلمين عقائدياً – و تنفع من يريد إعادة إقامة الدولة الإسلامية المحمدية رحمة و شفاء للعالمين – و أما من لا يريد الانتفاع و لا الاهتمام فعليه انتظار سوء العاقبة و العذاب المهين .
( شرط - اتباع سيرة الشيخين – أصبح جزء من – عقد البيعة )
( و لم يكن جزء من وثيقة الخليفة الثاني عمر )
( وهو – شرط أموي خبيث – يأثم من وضعه ومن أصر على وجوب التعامل به لأنه شرط يخالف أحكام الإسلام – وغير واقعي – و يناقض وظيفة الولاية – التي رفضته – و لم يستفد منه المسلمون عدا الأمويين )
فنقول – ماذا حصل عندما استطلع – الصحابي عبد الرحمن بن عوف الأموي - ومن حوله مجلس القادة الأمويين - رأي المسلمين – في المدينة المنورة - حسبما يدعي – في موضوع ( اختيار – الخليفة – من بين اثنين علي و عثمان المرشحين اللذين بقيا من الستة المرشحين في وثيقة الخليفة الثاني عمر بعد انسحاب الأربعة الآخرين ) و بالرغم من (إنّ الاتصالات و المشاورات كانت غامضة – كيف و مع من – ولكن النتيجة نقلت إلينا ) وهي المهمة في الأمر – حيث جاء الصحابي عبد الرحمن إلى المسجد وفيه المسلمون و من ضمنهم الصحابيين علي و عثمان – و قد ( أعلن ) في المسجد قائلاً ( بعد الاتصالات و المشاورات فقد استقر المسلمون على أحد الصحابيين – بشرط - إتباع سيرة الشيخين - أبي بكر و عمر ) و هذه كلها ( أعمال ليست هي – الشورى – و لا آلياتها ) فقال عبد الرحمن ( أولاً ) ( قم يا علي و أمسك بيده وقال له – إني أبايعك خليفة للمسلمين على أنْ تطبق كتاب الله و سنة رسوله و تسير على ما سار عليه الشيخان أبو بكر وعمر ) فأجابه الصحابي علي ( قبلتُ البيعة على تطبيق كتاب الله و سنة رسوله و أجتهد رأيي ) أي رفض اتباع الشرط .
و هنا لدينا – وقفة - وهي ( ما يتعلق بموضوع – شرط إتباع سيرة الشيخين ) – فأولاً – من وضع هذا الشرط و لماذا وُضع – هل كان إسلامنا ناقصًا و هو الغني بأحكامه و معالجاته – و هل إنّ الشيخين قد أوجدا أحكام و وضعا أحكام و معالجات جديدة لا توجد في كتاب الله و سنة رسوله فأصبح الإسلام يفتقر إلى - سيرة الشيخين – و هل إنّ الصحابي علي و هو – ولي الله – لا يقدر على استيعاب و إدراك أحكام الشيخين أو استنباطها من مصدريهما الكتاب والسنة - وهل لا يعلم جميع المسلمين - إنّ ولي الله علي هو الذي كان يمد الخليفتين الأول و الثاني بالأحكام الشرعية و كان يفسر و يصحح لهم – و إنّ سيرة الشيخين – عبارة عن – أحكام شرعية تقبل الصحيح و الخطأ – لعدم وجود العصمة عندهما – و ثانياً - لقد ثبت بإجماع المسلمين – إنّ الخليفتين الأول و الثاني قد أخطأ كل منهما مرات عديدة و قد تراجعا أحياناً عن الخطأ و أبرزها – قد أخطأ الخليفة الأول الصديق في عدم توريث أم الأم و تراجع و ورثها – و قد أخطأ الخليفة الثاني في تحديد مهور الزواج و تراجع عنه – و لكن هناك أحكام خاطئة لم يحصل التراجع عنها – فكيف يلتزم بها – ولي الله الصحابي علي – منها : تعطيل حكم الشورى – والعمل بالاستخلاف – و عدم تطبيق العقوبة على الصحابي سعد بن عبادة الأنصاري لعدم مبايعة الخليفتين الأول و الثاني لا بيعة الانعقاد و لا بيعة الطاعة – و تعيين الصحابي خالد بن الوليد قائداً لجيش اليرموك من قبل الخليفة الأول الصديق رغم قتله الصحابي مالك بن نويرة و قام الخليفة الثاني عمر بعزله ولكن دون تطبيق العقوبة بحقه عن العمل الذي عزله من أجله – و هنا عملان متناقضان فبعمل أي خليفة يأخذ أم يأخذ بالاثنين يعين و يعزل ولا يعاقب و يعاقب في آنٍ واحد – و كذلك عدم تطبيق العقوبة بحق الصحابي المغيرة بن شعبة عن عمل فاسق اقترفه – و خطأ إعطاء بعض الصحابة أموال أكثر من نصابهما الشرعي ومنهم أبا سفيان و طلحة و الزبير و كانت من أسباب خروج الصحابيين طلحة و الزبير على خليفة زمانهم الرابع علي بعد أنّ خفض نصيبهما إلى النصاب الشرعي و لو أنه قبل بشرط سيرة الشيخين لما تمكن من تعديل نصيبهما و لعمل بالخطأ – و خطأ الخليفة الثاني بإلغاء العمل بنص – المؤلفة قلوبهم – بينما هو نص قرآني لا يجوز الاجتهاد فيه و يطبق متى وجد واقع تطبيقه – و الأهم من كل ما تقدم ( و هو المقصود من وضع الشرط ) وهو – تعيين معاوية بن أبي سفيان والياً على الشام – وهو من الطلقاء و المؤلفة قلوبهم - و وجود نص بعدم تأميره – و بالإضافة إلى تعيينه تأييد استمرار بقائه لفترة خليفتين – فإذا التزم الصحابي علي بشرط سيرة الشيخين فلا يقدر على عزله و تصحيح الخطأ – و يظهر لنا ما هو البعد السياسي و العبقرية و الدهاء في – الحفاظ على مصير الأمة - بعدم قبول الشرط – أم لأنه ولي الله في أرضه .
و بعد الوقفة – لدينا تفسير و ملاحظة مهمة – و هو ما يتعلق – بأنّ ما حصل هو خطة عمياء بحق المسلمين و لكنها مرئية من قبل الأمويين – و هي – لماذا بدأ الصحابي عبد الرحمن – بالصحابي علي – قبل الصحابي عثمان – بمحاولة البيعة – مع العلم كان في هذه البداية – خطورة و كارثة بالنسبة إلى بني أمية – إذا ما حصلت موافقته على البيعة و منها شرط سيرة الشيخين – فيصبح الصحابي علي – الخليفة الثالث – و هنا تكون النكبة الثانية للأمويين و الأولى كانت على يد الدعوة و الدولة الإسلامية بقيادة رسول الله الحبيب – فلماذا جازف واضعوا الخطة بالبدء مع الصحابي علي – و جوابنا – إنها لم تكن مجازفة – و إنما كانت خطة عمل يقيني و مدروس – و ذلك من خلال معرفة واضع الخطة و بشكل قطعي – إنّ ولي الله الصحابي علي سوف يرفض الشرط – مع العلم إنّ السذج من الناس – يقولون لماذا لم يقل الصحابي علي - نعم قبلت - ليفوت الفرصة عليهم – و هم يقولون ذلك لأنهم لا يدركون العقيدة و لا أحكام الدين و لا يفهمونها – و لا يفهمون – مفهوم ولي الله – أو مفهوم العترة – و لكن واضعي الخطة يفهمونها بدقة – و عندنا دليل واقعي يثبتُ ذلك و هو عندما تمكن الخليفة الرابع علي في معركة صفين من أخذ مصدر الماء بعد أنْ كان تحت سيطرة جيش معاوية فقد قرر معاوية ترك المعركة و الرجوع إلى الشام فسأله الصحابي عمر بن العاص عن السبب فقال له معاوية إنّ جيشنا لا يتحمل العطش فأجابه بن العاص إنّ الشرع لا يجوز منع الماء و ليس من أخلاق و مفاهيم الخليفة علي القيام بذلك فقرر معاوية الرجوع عن ترك المعركة - فيمكرون كما يحلو لهم – و ينسون مكر الله تعالى في الدنيا و الآخرة – وفي الدنيا { ألا إنّ أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يَحزنونَ } – وفي الآخرة للباغين عذاب السحيق .
و نستمر في تحليلنا و بحثنا السياسي – حول – لماذا لم يبدأ الصحابي عبد الرحمن بالصحابي عثمان – وهناك عدة اعتبارات أهمها – كبر السن - و لكننا نرجع إلى – الحجة – التي تعذر بها من قام بالعمل – حيث قال الصحابي عبد الرحمن ( عندما استطلعتُ رأي المسلمين وجدتُ الأكثرية مع – الصحابي علي – و مع – شرط إتباع الشيخين ) – و إذا أخذ عبد الرحمن – بكبر السن و بدأ مع عثمان و وافق عثمان – فإنّ الخطة سوف تكون مكشوفة و تحصل البلبلة – خاصة و إنّ معظم المسلمين مع الصحابي علي – و إنّ الذين قاموا بعملية التخطيط يدركون بأنه لابد من أنْ يبدأ مع الصحابي علي و لابد من أنْ يحصل رفض الشرط من قبل الصحابي علي – إذاً لابد من وضع الشرط المخالف للشرع ليكون رفضه للشرط حتمي – و لكننا لو تدبرنا جواب القبول الصادر من الصحابي علي لنجده جواباً شرعياً و من لم يقبل بجوابه يكون هو الرافض و يكون آثماً وجوابه ( قبلت البيعة على تطبيق كتاب الله و سنة رسوله و أجتهد رأيي ) عبارات شرعية واضحة لا تقبل التأويل فأجابه الصحابي عبد الرحمن ( يا علي إن المسلمين يفضلون ما سار عليه الشيخان ) لذلك تركه و توجه إلى الصحابي عثمان بن عفان الأموي و قال له ( قم يا عثمان أبايعك على تطبيق كتاب الله و سنة رسوله وتسير على ما سار عليه الشيخان أبو بكر وعمر ) فأجابه الصحابي عثمان ( نعم قبلتُ ) و بعد الموافقة ( أجريت بيعة الطاعة للخليفة عثمان ) و إنّ رفض جواب الصحابي علي تجعل للرافضين موعد يوم الحساب فينبئنا و يحكم بيننا فيما كنا فيه نختلف – في حين كان على الصحابي عبد الرحمن مبايعة الصحابي علي ما دام قد وجد الأكثرية مع الصحابي علي و وجد جواباً شرعياً صحيحاً ( أجتهد رأيي ) و نسأل المسلمين و العالمين ( من هو أصلح هل المرجع و القادر على استنباط الأحكام و الإبداع أم الذي يقلد و يطبق رأي غيره خاصة الأموات ) و هذا هو بداية الهبوط - و على فرض ( صحة شرط إتباع سيرة الشيخين لدى الأمة ) فكان على عبد الرحمن و رفعاً للحرج أمام الله و الناس أنْ يطلب من المسلمين إجراء الانتخابات - الشورى – لاختيار الخليفة الشرعي و بنفس الوقت تقرير مصير شرط إتباع الشيخين عند الناس عندما يختاروا أحد الاثنين – لا أنْ يقرر مصير – الشرط بصحته - هو و بنو أمية .
و قد يوجد من يقول – إنّ الصحابي علي كان في غفلة عن مخطط الوثيقة و طريقة تنفيذها – و لمن يقول ذلك نثبتُ له تكملة خطبته الشقشقية التي ألقاها على المسلمين و كان المحدث الصحابي عبد الله بن عباس حاضرها (( حتى صرتُ أقرنُ إلى هذه النظائر – و يقصد أصبح يُقرن ببقية الخمسة المرشحين في الوثيقة - لكني أسْفَفْتُ إذْ أسفوا و طرتُ إذ طاروا - ويقصد أين تقلبوا يأتي معهم ليرى واقعهم و حقيقتهم و يكشف مخططهم - فصغى رجلٌ منهم لضِغْنِهِ - ويقصد مال لضغنه لما في قلبه من ألم و هو الصحابي سعد بن أبي وقاص لأخواله من بني أمية لأنه تألم لمقتل صناديدهم من قبل الصحابي علي - و مال الآخر لصهره - يقصد الصحابي عبد الرحمن مال مع صهره الصحابي عثمان الأموي - مع هَنٍ و هَنٍ - و يقصد مع هناك أشياء أخرى و أخرى لا يريد البوح بها - إلى أنْ قام ثالث القوم نافجاً حِضْنيهِ - يقصد الصحابي عثمان قد فرش حضنيه للخلافة - بين نثيله و مُعتلفِهِ و قام معه بني أبيه - يقصد بني أمية - يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع إلى أنْ انتكثَ فَتْلُهُ و أجهزَ عليه عملُهُ و كَبتْ به بطنَتُهُ فما راعني إلاّ و الناسُ كعرفِ الضّبعُ إليّ ينثالون عليّ من كل جانب حتى وُطيءَ الحسنان وشق عطفاي )) وهذا هو واقع حال المخطط و واقع حال المنفذين لأساليبه و واقع حال المسلمين عندما أوصلهم الله تعالى إلى مبايعته بعد كشف من هو أحسن عملاً و من هو الخبيث و من هو الطيب و هذه هي إرادة الله .
و فعلاً قد بدأت البلبلة و الصراع داخل الأمة الإسلامية من أول لحظة خروج الصحابي عبد الرحمن بن عوف الأموي من المسجد – حيث قال له المسلمون ( كيف بايعتم – عثمان – و تركتم – علي ) فأجابهم عبد الرحمن ( ما ذنبي فقد بدأتُ مع – علي – فرفض ثم عرضتُ الأمر مع – عثمان – فقال نعم ) و من هذا الجواب ( ما ذنبي – يعني هناك شعور بالذنب و المسؤولية ) و لكن – الصحابي المقداد بن الأسود – كان أكثر شدة و تعمق في النقاش و أكثر وضوحاً في سؤاله و قوله ( يا عبد الرحمن كيف تركتم – علي – و هو من الذين يقضون و به يعدلون ) فأجابه عبد الرحمن مهدداً ( يا مقداد لا ذنب لي و إني أخشى عليك الفتنة ) فأسكته تهديداً – لأنّ هناك ( خمسون رجلاً ) قد كلفهم الخليفة الثاني عمر بمهمة ( قتل المعارض لوثيقته ) – و لكن الصحابي عبد الرحمن بن عوف الأموي – ونتيجة لأعمال و تصرفات – الخليفة الثالث عثمان – التي لا تتفق مع الشرع – و لكثرة عتاب الصحابة و الناس له فقد قاطع الخليفة الثالث عثمان و أقسم أنْ لا يكلمه حتى الموت – و فعلاً عندما مرض عبد الرحمن مرض الموت و أراد الخليفة عثمان مشافاته في بيته و عند الدخول عليه فقد انقلب عبد الرحمن في فراشه و أعطى ظهره للخليفة و لم يرد عليه .
( أعمال الخليفة الثاني عمر بن الخطاب السياسية )
(أحكام الإسلام هي التي تقرر شرعية أفعال وأقوال الأشخاص أو بطلانها)
إنّ من أهم الأعمال السياسية للخليفة الثاني عمر بن الخطاب هي : قيامه بتنظيم الولايات الجديد – و تعيين الولاة فيها – و تشكيل الجيوش و تجهيزها بالمعدات لدفع أذى الكفار و الأعداء عن الإسلام و المسلمين و نشر الإسلام في أرجاء الأرض المحيطة بالمسلمين – طاعة لأمر الله تعالى و تأسياً و اقتداءاً برسول الله الحبيب الذي وضع البذرة و اللبنة الأولى – عملياً- لنشر الإسلام و الفتح - بإرسال الرسائل و بغزوة تبوك و بجيش أسامة – فكان هناك جيشان ( جيش فتح العراق و إيران و شرق القفقاس ) و ( جيش فتح الشام و تركيا و غرب القفقاس ) - و مع ذلك كان هناك فارق كبير بين عمل رسولنا الحبيب بتشكيل الجيوش و تجهيزها – و بين جيوش الخليفتين الأول الصديق و الثاني عمر و أي خليفة و حاكم آخر و التي تبدلت و تغيرت و أصبحت تضم أحياناً قادة و جنود من الظالمين و الفاسقين و لا يملكون الفكر الإسلامي الصحيح الذي يساعد على نشر الإسلام – بينما الجيوش التي شكلها رسول الله الحبيب كانت بصدق وعملياً لحمل الدعوة الإسلامية و نشر الإسلام و الفتح – عقيدة و مبدأ - و ليس للسيطرة و التحكم بالناس – و هذا ما نراه واضحاً عند دراسة و تدقيق جيوش رسول الله الحبيب خاصة – جيش تبوك – فإنه كان - بقيادته – و بجنود هم مجموع الصحابة – و جيش أسامة – فقد جعله بقيادة صحابي شاب يملك صفات القيادة و بتربية فريدة منها في بيت الرسالة – وأما الجنود فهم كذلك – جل الصحابة الكبار منهم الصديق و عمر الذين عندهم الاطلاع الواسع للفكر الإسلامي و الأحكام الشرعية فكان جيش دعوة بحق و جيش إيمان أكثر منه جيش حروب و قتال لأنه يضم كبار المفكرين – و اليوم أخذت الجيوش الحديثة لدول الكفر العلمانية تطبق القريب من مثل هذا النهج الرسالي الإسلامي و لكنه نهج كفر و ليس إيمان .
فتح و استلام بيت المقدس في فلسطين الشام
لقد أصرّ أهل بيت القدس على تسليم القدس إلى خليفة المسلمين نفسه – و بتشاور الخليفة الثاني عمر مع الصحابة و منهم الصحابي علي ( و هذه من القضايا المصيرية ) ( مثلما أشار الصحابي علي و نصح الخليفة الثاني عمر بعدم قيادة جيش معركة القادسية لفتح العراق بنفسه لأسباب مصيرية ) – فقد أيد الصحابي علي سفر الخليفة الثاني لاستلام بيت المقدس – و هنا نصب الخليفة - الصحابي علي – أميراً على المدينة المنورة - ( رغم وجود الصحابي عثمان – الذي هو أكبر سناً منه و وجود صحابة آخرين – لماذا ) ( لأنّ الواقع الذي قضاه الله تعالى و قدره – يفرض نفسه على الأحداث ) و لكن ( لو إنّ الخليفة الثاني توفى و هو في طريق سفره – ماذا كان سيحصل - للخلافة - و الصحابي علي هو – الأمير – إذاً لماذا أوصى الخليفة عمر بعده لستة من الصحابة ولم يتركها – شورى - أو يوصي إلى الصحابي علي مثلما أمره عند سفره - لأنّ إرادة الله سبحانه في – الفتنة و البلوى – يجب أنْ تستمر – لمعرفة الخبيث من الطيب و من هو أحسن عملا ً – و لتكون الأحداث عبرة للناس و للمسلمين ) و فعلاً قد سافر الخليفة الثاني عمر و استلم القدس بما فيها من كنائس و أمر ببناء مسجد مقابل كنيسة القيامة في المكان الذي صلىّ فيه بعد أنْ رفض الصلاة في الكنيسة .
القائد الصحابي خالد بن الوليد- و أيُّ صحابي – ليس هم – الإسلام – وإنما الإسلام هو – دين العقيدة الإسلامية و أحكامها – و إنّ رسول الله الحبيب – لم يعظم سيف الله المسلول و لا سيف ذي الفقار – و إنما عظم – أعمالهم الصالحة – و إنّ من أعمال الخليفة الثاني عمر البارزة قيامه بعزل القائد الصحابي خالد بن الوليد عن قيادة – جيش اليرموك – الذي كان قد عينه فيه الخليفة الأول أبو بكر الصديق – وقد عين بدله – الصحابي أبا عبيدة الجراح – و أصبح الصحابي خالد جندياً عند القائد الجديد – و إنّ سبب عزل القائد الصحابي خالد – هو عمله ( الظالم و الفاسق) المخالف للشرع بشكل صارخ الذي اقترفه أثناء تكليفه من قبل الخليفة الأول الصديق في موضوع الصحابي الجليل ( مالك بن نويرة ) فقد قام بقتله - و طبخ رأسه - والزواج من زوجته الجميلة جداً في نفس ليلة قتله دون انتظار انتهاء عدة الزوجة – ودون إستتابة مالك الذي لم يرتد عن الإسلام و إنما كان يريد تطبيق { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها } - وعندما استنكر ذلك الصحابي عمر لدى الخليفة الصديق قائلاً – والله لم يعملها شخص لا في الجاهلية و لا في الإسلام - فأجابه الصديق اتركه إنه اجتهد فأخطأ – و المجتهد إذا أخطأ يستحق أجر واحد فهل سيستحقه الصحابي خالد - و لكن الخليفة الثاني عمر اتخذ القرار بعزلهِ دون استدعائه للمحاكمة – وقد مات الصحابي خالد في حمص الشام .
و أما عن - بطولة - الصحابي خالد بن الوليد – ففيها ريبة و شك – فهو كان أحد جنود كتيبة صغيرة للكفار في – معركة أحد – و ليس قائداً - وقد حالف الحظ هذه الكتيبة عندما أساءت كتيبة المسلمين – عن غفلة و طمع الدنيا - الأنضباط و الخطة التي رسمها لها رسولنا الحبيب و هذا ثابت بقوله تعالى { لو تغفلون عن أسلحتكم و أمتعتكم فيميلون عليكم ميلةً واحدةَ } ( النساء 103 ) و في قوله تعالى { حتى إذا فشلتم و تنازعتم في الأمر و عصيتم منْ بعدِ ما أراكم ما تحبونَ منكم منْ يُريدُ الدنيا و منكم منْ يُريدُ الآخرة } (آل عمران 152) – لذلك حصلت النكبة عند المسلمين ليس بسبب – بطولة – أي جندي من كتيبة الكفار – و إنما بسبب – طمع الدنيا عند بعض جنود كتيبة المسلمين بعدما رأوا نصرهم فأخذهم الغرور و نزلوا لكسب الغنائم دون الالتزام بالأوامر و الانضباط العسكري – و لو كان الصحابي خالد – بطل – لعينه النبي قائداً للجيش بدل البطل الصحابي أسامة – و لكن رسول الله قد عينه قائد في إحدى الغزوات الصغيرة – فقام بعمل يخالف الشرع بقتله أشخاص لا يجوز قتلهم شرعاً مما قد أغضب رسول الله الحبيب و أزعجه فاضطر الرسول الحبيب – اعتبار جميع هؤلاء المقتولين – قتل خطأ – و دفع لعوائلهم – الدية – دية القتل الخطأ - وإنّ العلامة القرطبي ينقل لنا عن ( والد خالد – و هو - الوليد بن المغيرة ) ( إنّ طريقة تعذيبه في جهنم تستغرق أربعين سنة يتسلق الجبل في وسط النار و عندما يقارب القمة يسقط و هو مكبل بالسلاسل ليعاود التسلق و الصعود مرة أخرى و يبقى في جهنم خالداً فيها و ذلك لشدة حربه الله و رسوله ) - لذلك يكون من مصلحة الإسلام و المسلمين – عدم خلط الأوراق - و كشف الحقائق و الاعتراف بالخطأ- و إظهار الإسلام الحق و العدل – من أجل تطبيقه التطبيق الصحيح ليكون التطبيق من أسباب نشر ه في العالمين – و قد علمنا ربنا بقوله الكريم { إنّ اللهَ لا يستحي أنْ يضرب مثلاً ما بَعوضةً فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمونَ أنه الحقُّ } (البقرة 26 ) – وهنا قال الرسول الحبيب < اللهم إني بريء مما فعل خالد > و أخذ يكرر البراءة منه عدد من المرات لكي يفهم العالم ما هو الإسلام - عقيدة و فكر - و ليس أشخاص .
محاكمة الصحابي المغيرة بن شعبة الأموي - قام الخليفة الثاني بمحاكمة الصحابي المغيرة بن شعبة الأموي – وقد أفرج عنه لعدم كفاية الأدلة – لعدم حصول نصاب أربعة شهود – التي تتطلبها – تهمة جريمة الزنا - وبعد المحاكمة و الإفراج عنه - أبقاه في منصبه – والياً – و لم يطبق عليه الحد الأدنى من الأحكام – أياكم و مواطن الشبهات - و بالنتيجة كان المغيرة بن شعبة من أسباب مؤامرة قتل و اغتيال الخليفة الثاني عمر بن الخطاب .
موكب والي الشام – الصحابي معاوية بن أبي سفيان الأموي - لقد أقرَّ الخليفة الثاني عمر قرار تعيين الصحابي معاوية بن أبي سفيان – والياً على الشام – من قبل الخليفة الأول أبي بكر الصديق – و أبقاه والياً على الشام طيلة مدة حكمه عشر سنوات – و بنفس الوقت أقرّ كذلك منصب الصحابي عمر بن العاص والياً على مصر – و إنّ الشام و مصر و العراق منطقة مثلث من المناطق المهمة و الحساسة في السياسة المحلية و الدولية و العالمية .
و من القواعد السياسية التي يؤمن بها الخليفة الثاني عمر ( الحظر على الولاة مظاهر الخيلاء و الأبهة – التي تبعد ما بين الراعي و الرعية ) و إنّ من صفات الخليفة عمر الشخصية ( التقشف حتى في بيته ) - و عندما اقتضت الضرورة السياسية و العلاقات الدولية في نشر الدعوة الإسلامية و الفتح – أنْ يسافر الخليفة عمر إلى - بيت المقدس في الشام فلسطين – و كان الصحابي معاوية والياً على الشام – وعندما وصل الخليفة مشارف الشام – و كان راكباً - قيل حمار و قيل حصان – وفي موكب بسيط يرافقه راكباً الصحابي عبد الرحمن بن عوف الأموي – فتلقاهم والي الشام معاوية بن سفيان الأموي في موكب مهيب و عظيم – و لكن عندما رأى الوالي معاوية موكب الخليفة البسيط نزل راجلاً و سلم على الخليفة – و لكن الخليفة عمر قد انتبه إلى موكب الوالي معاوية و وضعه الذي لا يرضي الله تعالى فلم يرد السلام على الوالي معاوية وواصل السير على حماره – و الوالي معاوية استمر سائراً و ماشياً مترجلاً وراء الخليفة – فالتفت الصحابي عبد الرحمن الأموي إلى الخليفة عمر و قال له ( لقد أتعبت الرجل يا أمير المؤمنين فلو كلمته ) – و هنا التفت الخليفة عمر إلى الوالي معاوية الأموي و سأله ( هل أنت صاحب هذا الموكب الكبير الذي أرى ) فأجابه معاوية ( نعم ) و سأله الخليفة ( مع شدة احتجابك عن الرعية و وقوف ذوي الحاجات ببابك ) فأجابه الوالي معاوية ( نعم ) فسأله الخليفة مستنكراً ( ويحك و لِمَ ذلك ) فأجابه الوالي معاوية ( لأننا في بلاد كَثُرَ فيها – جواسيس العدو – الروم و اليهود - فإنْ لم نتخذ العدة و العدد استخف بنا العدو و هجم علينا ) و استمر معاوية بالجواب قائلاً ( و إننا نخاف من البذلة – جرأة الرعية – و أنا يعدُ عاملك فإنْ استنقصتني نقصتُ وإنْ استزدتني زدتُ و إنْ استوقفتني وقفتُ ) و بعد أنْ سمع الخليفة عمر جواب الوالي معاوية قال له (ما سألتك عن شيء إلاّ خرجتَ منه فإنْ كنتَ صادقاً فإنه رأي لبيبٍ و إنْ كنت كاذباً فإنها خدعة أريبٍ لا آمرك ولا أنهاك ) – فترك الخليفة عمر - انتباهه – عن وضع موكب الوالي معاوية الأموي التي لا ترضي الله ورسوله و تركه في منصبه معشعشاً طيلة هذه السنين – و من خلال هذا الجواب ظهر لنا – هناك جواسيس روم و يهود على اتصال بالمسلمين – و هذا هو واقع منطقة الشام منطقة الروم و اليهود – و كذلك ظهر لنا بأنّ المرافق للخليفة – أموي – الصحابي عبد الرحمن بن عوف الأموي – الذي استعطف الخليفة عمر لمخاطبة قريبه الوالي معاوية الأموي - و هذه الأمور تظهر للقاريء و للسامع و كأنها مخطط لها – و كذلك فإنّ الخليفة عمر لم يبتْ و لم يقطع فيما إذا كان الوالي معاوية ( كاذب أو صادق و لكنه تجاوز عنه ) – و أنّ الرأي السياسي المهم هنا هو ( إنّ الخليفة الثاني عمر قد تجاوز عن أعمال الوالي معاوية الأموي التي انتبه هو إليها و لكن التجاوز هل كان مضطراً أم قناعة – الله تعالى أعلم ) – و هنا ملاحظة وهي ( إنّ الوالي معاوية قد أجابَ الخليفة عمر – قولاً ليناً و خضع له بالقول – و لكن معاوية خرج على الخليفة الرابع علي – باغياً – هل لأنّ معاوية – قد استضعف الخليفة الرابع علي لأنه لم يكن بطل الحروب– وإنّ الخليفة الثاني عمر هو الذي كان بطل الحروب و قوياً – و لكن المهم هنا هو – إنّ الخليفة الرابع علي هو الذي – بدأ و بادر بعزل معاوية من ولاية الشام – و هو الذي لاحق أعداء الإسلام و المنافقين و خصومه – و لم يجرأ أحد على ملاحقته ) .
تجربة ( الصحابي الحسين ) في عمله الثوري - فقد أخرج ابن عساكر عن أبي البحتري قال ( كان الخليفة عمر بن الخطاب يخطب من على المنبر في المسجد – فقام إليه الحسين بن علي بن أبي طالب و قال للخليفة – انزل عن منبر أبي - فأجابه الخليفة – منبر أبيك لا منبر أبي من الذي أمرك بهذا - فقام الصحابي علي – و كان حاضراً و جالساً – و قال للخليفة و الله ما أمره أحد بهذا – و التفتَ إلى ولده الحسين الذي كان عمره خمسة عشر سنة و قال له – أما لأوجعك يا غُدَرُ – فقال الخليفة عمر إلى الصحابي علي – لا توجع بن أخي فقد صدقَ إنه منبر أبيه ) - و هنا نسأل ( هل لم تكن – المدينة المنورة – هي العاصمة و هي مركز الدولة الإسلامية - و هل لم يكن – الخليفة الثاني هو الرجل الأول في الدولة – فهل لم تكن في هذا الحادث – هيبة للدولة و لرئيسها – وهذا الحادث لا يمكن أنْ يكون محلياً و لابد و إنه قد تسرب إلى الخارج – فهل حصلت – بذلة أو استخفاف من الرعية أو من العدو بالدولة و برئيسها بسبب هذا الحادث – و إنّ جوابنا هو – كانت هناك كل الهيبة و كل الاحترام و التقدير من قبل الأعداء بعظمة الدولة الإسلامية التي تأسست حديثاً – رغم البساطة و التسامح – التي تتحلى بها – الدولة و رئيسها – لأنّ – المكانة و الهيبة و العظمة – ليس أساسها – الخيلاء و مظاهر الفخفخة و التعالي على الناس – و إنما أساسها – العقيدة و الفكر الذي يسود الدولة و المجتمع و القرارات التي تصدر أثناء التعامل في الحياة مع الآخرين و التي منبعها – العقيدة و المبدأ – و التي تؤمن بها الأمة الإسلامية خاصة من خلال تطبيقاتها – و إن دليلنا على ما ذهبنا إليه هو - رفض الروم تسليم – القدس الشريف – إلى الوالي معاوية – و اصرارهم على تسليم القدس إلى رئيس الدولة – خليفة المسلمين – الذي وصلها ممتطياً حماره و بموكب بسيط - ولم تكن هناك – بذلة – و إنما كل الإكبار و العظمة .
( كيف انتهى حكم الخليفة الثاني عمر بن الخطاب و كيف قتل )
لقد ( مات مقتولاً غدراً ) الخليفة الثاني عمر بن الخطاب – بطعنات من خنجر (فيروز أبو لؤلؤة ) و هو مسلم من أسرى الفرس – وقد عاش في الأنبار – و كان يوجد في الأنبار – الروم و اليهود – رغم إنها كانت تحت سيطرة الفرس قبل الفتح الإسلامي – و بعد فتحها –جاء إلى الكوفة ليعيش فيها – و كان الصحابي المغيرة بن شعبة – والياً عليها و الذي أخذ يستخدم – فيروز أبو لؤلؤة – و يستغله مالياً – حيث كان يفرض عليه – أربع دراهم – من واردات صنعته يومياً – و كان الخليفة الثاني عمر قد وضع حظراً على جميع الأسرى يمنعهم بعد سن البلوغ من دخول – المدينة المنورة عاصمة الدولة الإسلامية - و لكن الصحابي المغيرة بن شعبة والي الكوفة – قد كتب إلى الخليفة – يخبره – عن أبي لؤلؤة – بأنه – رجل صنائعي و عنده عدة مهن أهمها – نجار و نقاش و حداد – و يستأذن الخليفة بأنْ يسمح إلى أبي لؤلؤة – السفر و دخول المدينة المنورة – لامتلاكه أعمالاً كثيرة فيها منافع للناس و إنه قادر على صناعة – طاحونة تشتغل بواسطة الريح - و بناء على طلب الوالي – فقد أذنَ الخليفة عمر إلى أبي لؤلؤة السفر إلى المدينة المنورة – و لكن الوالي المغيرة قد اشترط على أبي لؤلؤة بأنْ يدفع و يرسل إلى المغيرة مبلغ مائة درهم شهرياً .
و وصل أبو لؤلؤة المدينة المنورة عاصمة الدولة الإسلامية – و بعد مدة أخذ يشعر أبو لؤلؤة – بأنّ مبلغ المائة درهم التي يرسلها إلى الوالي المغيرة – تثقل كاهله – فذهب إلى الخليفة عمر يشكو الصحابي المغيرة عن هذه الدراهم فأجابه الخليفة عمر ( احسن إلى مولاك و خراجك ليس بكثير ) و قد خرج أبو لؤلؤة من الخليفة غاضباً و متألماً – و أخذ يقول إلى الناس ( وسع عدل الخليفة عمر كل الناس إلاّ أنا ) - ومرة قد استدعى الخليفة عمر أبا لؤلؤة و قال له ( عندي علم بأنك تصنع مطحنة تشتغل بالريح فنطلب منك صنعها ) فأجابه أبو لؤلؤة ( يا أمير المؤمنين لئنْ سَلِمتَ لأعملنَ لك مطحنة يتحدث عنها الشرق و الغرب ) ثم انصرف – و بعد انصرافه قال الخليفة عمر للحاضرين ( إنّ هذا العبد قد توعدني و هددني بجوابه – و في صباح يوم الأربعاء من ذي الحجة سنة 23 هجرية خرج الخليفة الثاني عمر يوقظ المسلمين لصلاة الصبح فلما دنا و قرب من أبي لؤلؤة قام هذا و طعن غدراً الخليفة عمر ثلاث طعنات بخنجر مسموم و قد طعن معه ثلاثة عشر رجل مات منهم ستة أشخاص و أخيراً طعن نفسه و مات .
و هذه مؤامرة كبيرة و خبيثة المستهدف فيها ( الإسلام – عقيدة و مبدأ – لحداثته – و لكن الله حافظه ) من خلال الأشخاص – و لا يعرف مدى المؤامرة و خيوطها إلا الله جلت قدرته – وهي مخطط عميق لا يمكن أنْ نُبعد عنه ( أعوان الكفار العملاء و المشركين – روم و يهود و مجوس - و أعداء الإسلام و المنافقين من المسلمين ) – هذه الجبهة الكبيرة و الهائلة – أمام جبهة الله و رسوله و وليه و المؤمنين الأتقياء من المسلمين – و لكن و حتى يكون – بإمكان السياسي المسلم التحليل الصحيح و الكشف الواضح – فلابد من توفر المعلومات ( أعمال و أقوال – و أحكام شرعية تخصّ تلك – الأعمال و الأقوال ) – و لكننا نقول إنّ الذي ساعد على تمرير هذه المؤامرة هو ( تعطيل حكم الشورى ) و إبعاده عن التطبيق – و هذه حقيقة ثابتة قد أعلمنا بها ربنا علام الغيوب { و مَنْ أعرضَ عن ذكري فإنّ له معيشة ً ضَنكا و نحشره يوم القيامةِ أعمى . قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها و كذلك اليوم تنسى } ( طه 125 ) و كذلك قوله تعالى { و الذين آمنوا و تطمئنُّ قلوبُهم بذكرِ اللهِ ألاّ بذكرِ اللهِ تطمئنُّ القلوب . الذين آمنوا و عملوا الصالحاتِ طوبى لهم و حُسنُ مآبٍ } ( الرعد 29 ) – فلا اطمئنان للإنسانية بغير – حكم الشورى – الذي هو ذكر الله العظيم الكبير- و وجود الشورى و تطبيقها – حق وعدل – و غيابها و تعطيلها – فتنة و بلوى - و قد توفى الخليفة الثاني عمر بن الخطاب سنة ثلاث و عشرين من الهجرة – و قد استأذنَ السيدة عائشة زوجة رسول الله الحبيب فدفن بجواره و جوار الخليفة الأول الصحابي أبي بكر الصديق .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق