............رقم الإيداع (337) (دار الكتب والوثائق - المكتبة الوطنية) (بالموصل 4677 في 7/12/2005) (وقبض الرسم بالرقم1513في 7/12/2005)..........

مؤلف كتاب الشورى

الفهرست

الأربعاء، 17 يونيو 2009

الفرع الثالث

( الخليفة الثالث - أمير المؤمنين – الإمام - الصحابي )

( عثمان بن عفان الأموي )

بويع ( الصحابي عثمان بن عفان الأموي ) للخلافة سنة ثلاث و عشرين هجرية - و كان كافرا قبل الإسلام و من الأوائل أي بعد خمس سنوات من بعث رسول الله الحبيب – و هو ( قريشي – أموي ) – و يلتقي بالنسب مع رسولنا الحبيب – و قد تزوج عثمان ( رقية ) بنت محمد بن عبد الله و بنت خديجة – و لا ندري ما هو عمرها – و لكن المدة بين زواج محمد من خديجة و بين نزول الوحي هي ( خمس عشر سنة ) – فيكون لابد و أنه قد تزوجها قبل أن تبلغ سن الخامسة عشر ليكون الزوج و الزوجة من المشركين أو بعد سن العشرين ليكون الاثنان من المسلمين - وقد مرضت – رقية – و توفيت أيام – معركة بدر – فلم يشمل الصحابي عثمان حديث رسول الله الشريف < لعل الله نظر إلى آل بدر فقال لهم اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم ما تقدم و ما تأخر ) لعدم حضوره معركة بدر بسبب مرض و وفاة ( زوجته رقية ) – و من ثم تزوج (أم كلثوم) أختها الثانية بنت النبي و بنت الصحابية خديجة – و قد توفيت أم كلثوم سنة تسع هجرية و بذلك قد تلقب الصحابي عثمان بلقب – ذي النورين – لزواجه بالأختين – ولرسول الله الحبيب بنت ثالثة وهي بنت خديجة اسمها زينب التي تزوجت في – الجاهلية – قبل الإسلام ( أي بعد خمس سنوات من زواج محمد من خديجة و كان عمره ثلاثين سنة ) وعند سن الأربعين نزل الوحي الإلهي عليه – فأسلمت زينب – و لكن زوجها بقي كافراً ففرق الرسول الحبيب بينهما و بعد أنْ أسلم زوجها أرجعها إليه بدون مهر .

ومن خلال ما تقدم فإنّ ( حديث الكساء ) الشريف الذي قاله رسول الله بعد نزول الآية الكريمة { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيراً } ( الأحزاب 34 ) و أردفها بالحديث الشريف < اللهم هؤلاء أهلي > داخل الكساء – وكرر نفس هذا الحديث الشريف بعد نزول ( آية المباهلة – آل عمران 61 ) – و قد اقتصر و خص هاذين الحديثين الشريفين بابنته ( الصحابية فاطمة الزهراء ) دونَ أنْ يشملا الأخوات الثلاث ( زينب و رقية و أم كلثوم ) بنات النبي و خديجة – و قد خرجن من مفهوم و مصطلح ( أهلي ) الشرعي – و كذلك لم يشملهن ( حديث الثقلين – العترة ) الشريف – في حين إنّ مصطلح و مفهوم ( الأهل ) الشرعي قد شمل ( الصحابي سلمان الفارسي ) بموجب الحديث الشريف < سلمان منا أهل البيت > و إن (أهل البيت – بني هاشم – قريش ) ّ لأنّ رسول الله { و ما ينطقُ عن الهوى إنْ هو إلاّ وحيٌ يوحى } (النجم 4) و { و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا و اتقوا الله إنّ الله شديد العقاب } (الحشر 7 ) - في حين إنّ الله تعالى – لم يجعل ( الابن ) من ( الأهل ) بقوله الكريم { و نادى نوحٌ ربه فقال إن ابني من أهلي } { قال يا نوحُ إنه ليس من أهلك } ( هود 46 ) – وبذلك فإنه تعالى هو الذي يقرر (المتطلبات التشريعية ) فيصنع ( الأهل و صلة الرحم ) أو يلغيها و يعدمها ( لأغراض و أمور تشريعية – وإنّ أقوال و أعمال رسول الله – هي بدرجة - القرآن المجيد ) في حلاله و حرامه و أوامره و نواهيه .

و إنّ ما قلناه منْ إنّ ( علاقات الزواجات و المصاهرات ) لا تقرب الصحابة من الجنة و النار أو تبعدهم عنها – و إنما ( نوع العمل – العمل الصالح – أو – العمل غير الصالح ) هو الذي يقرر مصير الإنسان – الجنة أو النار – و بنفس الوقت – فإنّ هذا النوع من العلاقات - لا يترتب عليها أي ( مفاضلة ) بين الصحابة و التابعين – و إنما كذلك ( العمل الصالح و العمل غير الصالح ) هو الذي يقرر ( المفاضلة ) – لذلك فإنّ – الصحابي سلمان الفارسي – أصبح من – الأهل – ليس بالزواج أو المصاهرة مع رسول الله الحبيب – وإنما بالعمل الصالح – و لم يصبح – الصحابي عثمان الأموي القريشي – من أهل البيت رغم إنه قد تزوج اثنتين من بنات النبي و خديجة – لذلك قال رسول الله < لعن الله داخل النسب و خارجه > .

و إنّ الله جلت قدرته قد خلق ( الصحابية فاطمة الزهراء ) و صنعها في واقع دون أنْ ينافسها أحد و هذا مؤيد بقوله تعالى { ما كان محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم } بوفاة أخويها القاسم و الطاهر - و صنع أولادها (الصحابيين الحسن و الحسين ) حتى ( بالأسماء – فقد أخفى الله سبحانه – اسميهما عن الناس من يوم نبينا آدم عليه السلام – حتى أنْ أسماهما النبي باسميهما – الحسن و الحسين ) و لم يمكن الله تعالى ( أحد من البشر ) من منافستهما أو مزاحمتهما ( لا من أبناء – رسول الله – و لا من بناته – و لا حتى أخواتهما – زينب و أم كلثوم – بطلات كربلاْ ) – فأين هو الذي حصل من ( زواج الصحابي عثمان من بنتي النبي ) ما ينافس ( فاطمة و الحسن و الحسين ) أو يزاحمهما ( قطعاً لا يوجد – و كان ذلك بإرادة الله تعالى ) لأنّ الصحابة ( علي و فاطمة و الحسن و الحسين ) قد صنعهم الله جلت قدرته ليكونوا ( الأهل – و العترة – و أحد الثقلين ) و ( إنّ التمسك بهم لا ضلال فيه ) – و إنّ قتل ( أحدهم ) هو ( قتل للتكليف الرباني ) و ( قتل للمهمة التي صنعهم الله تعالى من أجلها – مثل – صلب الرسول – عيسى عليه السلام – هو – صلب لرسالته و ليس لشخصه فقط رغم إنه - شُبّهَ إليهم – و إنّ الشهيد حي يرزق مثل النبي عيسى و لكن نحن لا نشعر به – في حين يأتي ( ابن حزم ) مضطراً أو مكرهاً من قبل ( بني أمية في الأندلس ) ليقول ( إنّ قتل الصحابي الحسين من قبل – الحاكم يزيد الذي هو غير صحابي – يعتبر – اجتهاد – فإنْ أخطأ فله أجر واحد في قتله ) و لا ندري ( كيف يكون لمن يفتري على الله و رسوله و يشوه آيات القرآن المجيد و أحاديث رسول الله الشريفة أو يقتل الأحكام الشرعية أو يعطلها – يسمى فقيهاً أو عالماً – هل بأمواله لأنه مليْ و مترف أم بتسلطه ) .

( كيف أصبح الصحابي عثمان بن عفان الأموي - الخليفة الثالث )

و إنّ الخليفة الثالث الصحابي عثمان الأموي – كان أحد الصحابة الستة الذين رشحهم – الخليفة الثاني عمر بن الخطاب – للخلافة – وهم – علي و عثمان و عبد الرحمن بن عوف و سعد بن أبي وقاص و طلحة و الزبير – قبل وفاته و عين كذلك – خمسين رجلاً لقتل المخالف – و قد خرج من الترشيح – انسحب – الصحابة الأربعة من بين الصحابة الستة فانحصر الترشيح بالصحابيين – علي و عثمان – و بسبب – شرط السير على ما سار عليه الشيخان أبو بكر و عمر – فقد بُويع الصحابي عثمان للخلافة لموافقته على الشرط – وبسبب رفض الصحابي علي للشرط لم يبايع للخلافة لأنه قال – أجتهد رأيي بدل اتباع الشرط – وإنّ هذا الشرط الذي لا يوجد ما يؤيده لا في القرآن و لا في السنة – و نؤكد كذلك هنا – يجب التفريق – بين مفهومين لمنصبين – الأول – منصب الولاية – وهو منصب رباني قد تم تعيين الصحابي علي ولياً لرب العالمين < من كنت مولاه فهذا علي مولاه > و بين المفهوم الثاني – الخليفة - و هو منصب جزء من السلطة و رئيسها والسلطان الذي – منح الله – صلاحية – حق اختياره - للأمة الإسلامية و الناس - بطريق الشورى {و أمرهم شورى بينهم } الذي أوجبه الله تعالى على المسلمين و العالمين .

و إنّ – المهم هنا – و هو الذي فصلناه في الفرع الثاني الخليفة عمر - فيرجى الرجوع إليه و هو إنّ – الخليفة الثالث عثمان – لم يُبايع و لم ينتخب على أساس – الشورى – الحكم الشرعي و هو الذي من شروطه – حضور عامة الناس – للاختيار بالرضا – و إنما تمت مبايعته – بطريقة وضع جزء منها – صحابي مثله الصحابي عمر – حرر و كتب – وثيقة الترشيح – و نفذها و طبقها بعد أنْ وضع جزء آخر و هو – شرط سيرة الشيخين – صحابي آخر مثله الصحابي عبد الرحمن الأموي – بدعم و تهديد خمسين رجلاً لقتل من يعارض الوثيقة و تنفيذها – و ليس بالرضا – و المهم هو إننا لم نجد في الشرع – لا في القرآن ولا في السنة – أي مسوغ شرعي لمثل هذه – الوثيقة – ولا لمثل – تعيين خمسين رجل - قتلة للتنفيذ – و لا لمثل الشرط المتعلق بتقليد الشيخين و هم أموات الذي رُفض – و لكن ولي الله الصحابي علي و هو يريد تخليص الأمة من هذه المحنة قال ( لكني أسففتُ إذ أسفوا و طرتُ إذ طاروا – مع هنٍ و هنٍ – وهناك أشياء و أشياء لم أرد البوح بها ) و يظهر إنها تتعلق بالغيبيات التي أخبره بها رسول الله و التي تتعلق – بالفتنة و البلوى - وأنّ الأحداث مع كثرة الملابسات فيها – قد انتهت – بعقد بيعة الطاعة مع الصحابي عثمان الأموي – ليكون – الخليفة الثالث للمسلمين و ليس– بعقد بيعة الانعقاد – الذي يفتقر إلى – ركن الرضا و الاختيار من قبل عموم الناس – الشورى – و الذي أصبح صحيحاً بإجازة بيعة الطاعة من عموم الناس للحفاظ على العقيدة و وحدة المسلمين .

و هنا – ونحن نبحث الواقع السياسي - لابد لنا أنْ نكرر – حادث غضب – الخليفة الثاني عمر بن الخطاب – من والي الشام – معاوية الأموي – و ذلك عندما شاهد الخليفة موكب الوالي الضخم و أساليب بطانته مع الرعية التي لا تتفق مع القيم و الأحكام الشرعية الإسلامية في حينه – و كيف إنّ – الصحابي عبد الرحمن بن عوف الأموي – قد طلب من الخليفة عمر – الصفح عن الوالي معاوية الأموي و مراضاته – و كذلك نكرر الحادث – عندما شاهد الصحابي المقداد بن أسود – خروج الصحابي علي – غاضباً – بعد انتهاء بيعة الخليفة الثالث عثمان الأموي– فقال الصحابي مقداد إلى الصحابي عبد الرحمن – ويحك كيف تركت الصحابي علي و هو من الذين يقضون و به يعدلون – فأجابه الصحابي عبد الرحمن الأموي – ما ذنبي و قد بذلتُ جهدي بين المسلمين و بدأتُ به فرفض – فقال المقداد ( و الله أني أعجبُ من قريش إنهم تركوا رجلاً لا يوجد أقضى منه بالحق و لا أعلم منه ) فأجابه الصحابي عبد الرحمن ( يا مقداد إني أخشى عليك الفتنة فاتقي الله ) - ( و بالفتنة و الفتن – قُتلتْ حقائق و أنفس و عدول ) – في حين – إنّ الشرع الإسلامي يوجب على المؤمنين الأتقياء عند ظهور الشبهات و تضارب الحق مع الباطل – الرجوع إلى الله تعالى و ليس إلى – التهديد و العنف – لأنّ التهديد و العنف يُبقي – الفتنة و البلوى و الخلاف – دون حل – و يبقيها – تفعل فعلها – المدمر و المهلك – و الله تعالى وحده أعلم ما هي فظاعة نتيجتها – لذلك علينا في الفرقة و الاختلاف الرجوع إلى الله و رسوله { و اصلحوا ذات بينكم و أطيعوا اللهَ و رسولَه إنْ كنتم مؤمنين } ( الأنفال 1 ) و عند الرجوع سيقول اللهُ و رسوله عليكم اتباع الوسيلة و الطريقة – الشورى – و هي الرحمة و الشفاء للعالمين .

و لكن كان – الغني و المليء الصحابي عبد الرحمن الأموي – و من عاونه و جلهم من الأمويين – السبب – في مبايعة – الخليفة الثالث عثمان الأموي – بوضعهم – شرط السير على ما سار عليه الشيخان الصديق وعمر – الشرط الذي لا علاقة له - بالقرآن و السنة – التي هي أساس – تنظيم الحياة الدنيا – و هي كافية لمبايعة – الخليفة – و لو كان الشرط – ضروري – في الحياة و البيعة – لتضمنه القرآن و السنة – و لكنها جاءت خالية من هذا الشرط – و بهذا – الشرط – تمكن بنوا أمية من استبدال – نظام البيعة والخلافة و الشورى – بنظام ولاية العهد و الوراثة و الوصية - و بسبب – ما حصل – خاصة التهديد و العنف – حصلت الأعمال المؤلمة لله و لرسوله و المؤذية للأمة و على أثرها اتخذ بعد حين الصحابي عبد الرحمن موقف مقاطعة الخليفة الثالث عثمان – و هذا هو – الظاهر – أمام الناس في الحياة الدنيا و قد نقلوه لنا بهذا الشكل- و أما – الغفلة – فمرجعها الله تعالى { يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا و هم عن الآخرة هم غافلون } – و في سند العلامة أحمد بن حنبل – عن أبي وائل قال ( قلتُ لعبد الرحمن – كيف بايعتم عثمان و تركتم علي – فأجابني عبد الرحمن – ما ذنبي و قد بدأتُ المبايعة مع علي و لكنه رفض سيرة الشيخين و لكن عثمان قال نعم ) – و يظهر عند بني أمية – إنّ بيعة الانعقاد لا تنعقد بالقرآن و السنة – و إنما لابد من سيرة الشيخين – و لكن الله تعالى لابد وأنْ يظهر دينه – فلابد من أن تتم البيعة من قبل عموم الناس و في المسجد ومع الصحابي علي فتكون الشورى قد طبقت .

و هنا قد يسأل سائل – لماذا أبعد حكم الشورى عن التطبيق في بيعة الخلفاء الثلاث – و قد لجأ من لجأ – إلى هذا الطريق – الاستخلاف – و من ثم إلى – أسلوب الترشيح بوثيقة من خليفة سابق – و حصل ما حصل – فلم نجد أي إنسان قد أجاب السؤال – و لكن ولي الله الصحابي علي – قد أجاب على أكثر من سؤال و استفسار بقوله (( اللهم إنك تعلم إنه لم يكن الذي كان – منا – منافسة في سلطان ولا التماس شيء من فضول الحطام – و لكن لنُردّ المعالم من دينك و نظهر الإصلاح في بلادك فيأمن المظلومون من عبادك و تقام المعطلة من حدودك - اللهم أني أول من أنابَ و سمع و أجابَ لم يسبقني إلاّ رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم - بالصلاة )) .

إنّ جواب ولي الله الصحابي علي – جواب بليغ و قول عظيم و كشف جامع مانع – و لا يقدر أي إنسان أنْ يتدبره و يعقله إلا إذا عاش واقعه و تعامل معه – و لا يقدر أي إنسان أنْ يدركه و يفهمه إلاّ إذا كان يتقي الله تعالى حق تقاته و لا يريد الانحياز إلى الأشخاص (صحابة و غير صحابة ) - خاصة ما يتعلق بأمر - الشورى و الخلافة - وعلى المسلم المؤمن أنْ يتفحص بعمق مفردات هذا الجواب – منها – إنّ الذي كان لم يكن منافسة منا في سلطان – و هذا ما يؤيده – الواقع – و إنّ – الواقع هو – عدم وجود – الشورى – التي هي – التنافس و التسابق بين عموم الناس – ولو وُجدت الشورى لوجد التنافس - ولكن الواقع الموجود هو – تعطيل الحدود و الأحكام و غياب معالم الدين فلم يبق إلاّ – الفضلة من الحطام و فقدان الأمن الذي أخذ يهدد المظلومين من العباد و الرعية - و مثله لا يفتش لينتفع بالفضلات - ولكن الذي يريده و يسعى إليه هو رد - معالم الدين - التي تعطلت و ضاعت – وإنّ أول ما تعطل و ضاع هو – حكم الشورى – الاختيار بالرضا من قبل عموم الناس - و ما ضاع شيء وراءه مطالب و مثابر – و سوف يعثر عليه و يجده و يطبقه – و إنّ جوابه هذا هو ليس جواب الخليفة – و إنما هو جواب ولي الله – و الفرق واضح بين مفهومين – مفهوم الولاية – و مفهوم الخلافة .

و إنّ – الخلافة – هي – السلطان – الذي منحه الله تعالى إلى – أمته الإسلامية – لذلك قال ولي الله الصحابي علي – لم يكن منا منافسة في سلطان – لعدم وجود السلطان – لأنّ السلطان قد تحطم – فلابد من إصلاحه – و بإصلاحه تصلح الأمة و البلاد – حسب قوله – لنظهر الإصلاح في البلاد – بعد أنْ دب الفساد في – السلطان – و صارت الأمة تسير إلى الهبوط – و قد حل الجزع و الاضطراب في نفوس الناس – و هل يوجد – أفظع و أمر من – جزع و خوف الناس و اضطرابهم من تعيين خمسين رجلا يقومون بقتل منيعارض تعطيل الأحكام و يريد الاختيار بالرضا – و بذلك فقد تم قتل – التنافس و التسابق و المعارضة و الرأي الآخر – و هي – البلوى – و لنبلونكم بشيء من الخوف – فهل هؤلاء – الخمسين رجلاً – هم جهاز – و نواة لجهاز المخابرات أو جهاز الأمن الخاص أو العام – و هذا التشخيص لا يمكن أنْ يكون تشخيص إنسان عادي و حتى إذا كان سياسياً فلابد و أنْ يكون عنده الدهاء و ملكة الإبداع و الإلهام الرباني – ولي الله – فقام بتفهيم الناس و الدنيا بالأحكام المخيفة و المخالفة للشرع و أبرزها - ولاية العهد و البغاة – فقد كشفها و هي لا تزال في المخاض و في مهدها و لكن إرادة الله – بالفتنة و البلوى – قد تكون هي السباقة – لمعرفة أيكم أحسن عملاً و الخبيث من الطيب – لذا فالقضاء أجبر الصحابي عبد الرحمن الأموي على القول ( لقد خذلني عثمان ) هذا اعتراف الدنيا و ماذا سيظهر لنا في استنساخ الآخرة أكثر .

( أهم الأعمال السياسية للخليفة الثالث عثمان الأموي )

و إنّ من أهم أعمال الخليفة الثالث عثمان السياسية – إنه واصل تجهيز الجيوش – حسب إرادة الله و حسب توجيهات رسوله الحبيب – في رسائله إلى الرؤساء و الملوك و في غزوة تبوك وفي جيش أسامة – وفي عهده فتحت – جزيرة قبرص سنة 27 هجرية و في مدخل الجزيرة دفنت الصحابية الشهيدة أم حرام زوجة الصحابي عبادة بن الصامت وقبرها موجود و مزار حتى اليوم – وقصة الصحابية أم حرام كانت قصة - غيبية – و معجزة نبوية – عندما أخبر الصحابة بأنه رأى في المنام < ناسُ عُرضوا عليّ يركبون ثيج البحر مثل الملوك على الأسرة و يفتح بهم الأمصار > و كانت الصحابية أم حرام حاضرة فقالت مخاطبة النبي ( و أنا منهم يا رسول الله ) فأجابها < أنتِ منهم > - و مع ذلك فقد اختلط مع الجيش قادة و جنود من ذوي الطمع وضعيفي العلم و الإيمان و التقوى وكان تعيينهم بمحاباة - و كذلك في عهده – جُمع القرآن المجيد – بجهود و مثابرة الصحابة و تعاونهم الإيماني – و توجد نسخة مخطوطة بخط ولي الله الصحابي علي - و هناك أعمال أخرى بارزة له و أهمها :

( استأثر عشيرته الأموية ) فأساء الأثرة

و من أبر مظاهر خلافته و أعماله السياسية – إنه قد – استأثر عشيرته بني أمية – على معظم صحابة رسول الله – أولها – بقاء معاوية بن أبي سفيان الأموي – والياً على الشام منها فلسطين – و معاوية الذي كان معين من قبل الخليفة الأول الصديق و أيد بقاءه الخليفة الثاني عمر – و بالإضافة إلى هذا العمل – مع معاوية – والذي هو وحده يكفي لتدمير الأمة الإسلامية – و هذا ما حصل – فإن الخليفة الثالث عثمان الأموي – قد قام بتعيين ( أفراد عشيرته بني أمية ) في أكثر المناصب السياسية القيادية الحساسة و منها – قد عين – ابن عمه – مروان بن الحكم الأموي – في أهم منصب في الدولة – خازن أختامه و مستشاره – و إنّ هذا المنصب يشبه منصب رئيس الوزراء – و إنّ مفردات صلاحياته هي اليوم متمثلة في عدد من المناصب (رئيس الديوان – و رئيس المخابرات – و رئيس الأجهزة الأمنية و الشرطة و الحرس – و هل من مزيد ) – وإنّ هذا النهج هو ما يطبق اليوم من قبل الفراعنة الصغار حكام كيانات العالم الإسلامي - بتعيين أولادهم وأخوتهم و أبناء العمومة و الأخوال و الأقارب - و مفسدي الذمم في أمثال هذه المناصب - و تمكينهم من الأموال و الثراء – و إنّ هذا - البلاء - قد بدأ هناك – و لحق الأمة في مسيرتها إلى يومها الحاضر – المهم أصبح – مروان – أمين أسراره و أختامه و مستشاره – و لكن رسول الله الحبيب لم يعين قريبه لحفظ أسراره و إنما عين - الصحابي حذيفة اليماني - حافظ أسماء المنافقين في المدينة من الصحابة و غير الصحابة - ولكن بمثل عمل الخليفة الثالث عثمان الأموي – قد تحول – التوجيه العقائدي و الفكري – من إسلام – عقيد ومبدأ و تقوى – إلى – أثرة و عصبية و عرقية و قومية و شعوبية و عشائرية – و تحايل و بُدع – لتمرير كل هذا – التحول و التغيير و التبديل – خلاف قوله تعالى { يا أيها الناسُ إنّا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوباً و قبائلَ لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم } ( الحجرات 13 ) و خلاف ما قاله رسول الله و الناس والإنسانية الحبيب الذي أكد و ثبت قول الله سبحان – أتقاكم – بالتقوى – في المجتمع الإسلامي الجديد – بقوله الشريف < لا فرق بين عربي و أعجمي و لا بين أسود و أبيض إلاّ بالتقوى > و قد دعم حديثه الشريف هذا – عملياً - بحديث شريف آخر < سلمان منا أهل البيت > والصحابي سلمان فارسي – و أهل البيت من بني هاشم من قريش من خيار و خيار – وإنّ أعمال الخليفة الثالث عثمان الأموي – قد أبعدته عن أكثر الصحابة المجاهدين من المهاجرين و الأنصار – بل و قد أُتخذت بحقهم قرارات اضطهادية و متعسفة و بأعمال مؤذية و معذبة و مسيئة – خاصة الصحابة - ابن مسعود و أبي ذر الغفاري و عمار بن ياسر – وغيرهم من الصحابة الأتقياء الصالحين و المجاهدين و من ذوي الفقه و العلم .

اضطهاد ( الصحابي أبي ذر الغفاري ) و التصدي

لأهم تشخيص شخصه رسول الله الحبيب في أبي ذر

( صدقه و لهجته في إنكار المنكر و الأمر بالمعروف )

قال رسول الله الحبيب – مخاطباً – الصحابي أبا ذر الغفاري < يا أبا ذر تعيشُ وحدك و تموتُ وحدك و تدخل الجنة وحدك > و كذلك قال له < يا أبا ذر سوف تقوم قافلة من أهل العراق بغسلك و تكفينك و دفنك وحدك > وقال فيه حديثه الشريف < ما أظلتْ الخضراء و لا أقلتْ الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر > - لقد سأل رسول الله الحبيب مجموعة من الصحابة < من الذي يبقى على حاله بعد مماتي مثلما فارقته في حياتي > فقام أبو ذر وقال (أنا يا رسول الله ) فأجابه رسول الله < لقد صدقت يا أبا ذر > و أحاديث شريفة أخرى نأتي عليها في مواقعها .

و إنّ بحثنا السياسي هذا سوف يقتصر على قرارات و أعمال الخليفة الثالث عثمان - مع واحد فقط من الصحابة الذين نالهم اضطهاد و تعسف حكمه و هو ( الصحابي أبو ذر الغفاري ) الذي قال فيه رسولنا الحبيب الكثير من الأحاديث الشريفة – التي لم تشفع له عند الحكام و أجهزتهم القمعية – بل العكس و هو - إنّ الشهادات و الوثائق و التصديقات التي صدرت بحقه من رسول الله كانت هي السبب في كل ما لاقاه هذا الصحابي المظلوم – في حين إنّ الهدف الذي كان يريد تحقيقه رسول الله من هذه الأحاديث الشريفة التوجيهية – هو صناعة أجهزة – جهاد و حماية ونصرة - لدينه و الوقوف بوجه كل ما يهدد هذا الدين الجديد خاصة الذين يريدون تبديله و تغييره – و إنّ العاقل من المسلمين هو القادر على فهم – خطر التبديل و التغيير و جسامته – من خلال ما لاقته هذه الأجهزة من أذى و تدمير – و كلما يكون ما لاقاه أي صحابي يحمل شهادات و تصديق رسول الله شديداً – يمكننا فهم شدة و خباثة محاولة التغيير و التبديل – و هذه – ظاهرة – بإمكان أي عاقل معرفتها و تحسسها حتى في يومنا الحاضر – فالمقابر عندما تتحول من فردية إلى جماعية – يجب علينا أدراك خطورة وفظاعة ما يريد الكافر المستعمر العلماني و العملاء أصحاب التوافق مع أعداء الإسلام من – تغيير و تبديل – و من ذلك يجب أنْ نفهم – لماذا كانت كارثة الحسين بهذه الشدة هو ما كان يُراد إحداثه من تغيير و تبديل وتعديل للحق و العدل و ما ينفع الناس .

و علينا قبل الدخول في بحث و تحليل وقائع بحثنا هذا – أنْ نتطرق إلى حديث شريف كثيراً ما يحتج به من يريد تمرير حادثة اضطهاد و مظلومية الصحابي أبي ذر دون الاستفادة منها في فهم أحكام ديننا – و إن الحديث هو < فيك جاهلية يا أبا ذر > و قد قاله الرسول الحبيب في تصرف تصرفه الصحابي أبو ذر مع الصحابي بلال الحبشي – و جوابنا عليهم هو – من قال – إنّ أبا ذر معصوم – و لكنه معصوم في الأعمال و الأقوال و التصرفات و التوجهات – التي صدقها و وثقها - المعصوم - وهو رسول الله المعصوم - و إذا لا نؤمن بهذا التصديق و التوثيق – نكون قد طعنا برسولنا الحبيب – هذا من ناحية و من ناحية أخرى– إنّ أحاديث التصديق و التوثيق قد جاءت بعد حديث الجاهلية فتكون ناسخة له و بعد أنْ صقلته ثقافة صحبته لرسول الله الذي تيقن من تزكية شخصية أبي ذر – عقلاً و نفساً – فمنحه تلك التصديقات و الوثائق .

و بعد ما تقدم نقول – إنّ موضوع – صدق الكلام و صدق اللهجة – التي يتمتع بها الصحابي أبو ذر – لها علاقة بموضوع – حكم الشورى – لأن الأعمال و الأقوال التي يتطلبها - حكم الشورى - هي – أعمال سياسية فيها رعاية لشؤون الأمة – و إنّ الشورى أهم أمر يتعلق بشؤون – الناس عموماً – و عليه يتوقف - مصير السلطة و السلطان – و به يتقرر – مصير الأحكام التي ترعى الناس في – الحكم و الاقتصاد و الاجتماع و العبادات و الأخلاق – يحرم معها – الخداع و الضلال و النفاق و النكول و الفسق و الفجور { اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمتَ عليهم غير المغضوبِ عليهم و لا الضالين } – و إنّ الله تعالى قد حرّم وكرّه الفسوق و الفجور و العصيان و التحايل و التبديل و التغيير و يمقت تحقيق المصالح الخاصة و الأطماع و النفعية و الأنانية و البخل و التقتير و الاسراف في حلاوة الدنيا و زينتها – على حساب المصلحة العامة والعمل الصالح للناس خاصة – المظلومين و المضطهدين – و إنّ الذي يقوم بأي عمل من هذه الأعمال والأقوال القبيحة يكون من – المغضوب عليهم و الضالين – و إنّ الله تعالى يوجب الرعاية الشرعية و الرحمة و السعادة و الشفاء للناس { و ما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } ( الأنبياء 107 ) و ليس – للمسلمين فقط – وإنما للناس كافة و جميعاً – و إنّ أساس عمل الإنسان في الحياة الدنيا هو – الرعاية و الرحمة بإقامة الحدود و محاربة البدع و التحايل و كل الأساليب الشيطانية الباطلة – و لكل ذلك – فقد ترك لنا رسول الله الحبيب – جهاز إعلامي لا يعطل ما دام حياً و لا يجزع في بث الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر – ولا يلين – و لكن أين هم أولي الألباب .

فالرعاية – لمختلف مناحي الحياة – حكم و اٌقتصاد و اجتماع و غيرها – لا يمكن أنْ تكون مستمرة و مستقرة – إلاّ – بتطبيق ما أنزل الله – قرآن و سنة – و غير ذلك مضيعة و مشغلة بما لا ينفع الناس – و ذلك لأنّ – الله الخالق – أدرى بخلقه و أعرف بمصالح الناس – و ما يضرهم و ما ينفعهم { صراط الذين أنعمتَ عليهم } و { غير المغضوبِ عليهم و لا الضالين } – لذلك قال ولي الله الصحابي علي ( ما معاوية ليس بأدهى مني و لكنه يغدر و يفجر ) ( ولولا هذا الدين لكنتُ من أدهى العرب ) عندما تكون المسألة شخصية - لأنّ – الغدر و الفجور – ليس سياسة – و لا رعاية – ولكنها قد تختفي خلف السراب و الغيوم - حلاوة الدنيا و زينتها - و سرعان ما يتبدد السراب و الغيوم – خاصة عندما يتذكر الإنسان – اليوم الآخر يوم الحساب الذي ينتهي - بالنعيم أو بالعذاب – لذلك قد وضع وعاظ السلاطين والمنافقون في السابق و أمثالهم اليوم – شعرة معاوية – محل – أوامر الله و نواهيه – الأحكام الشرعية – عندما قال معاوية ( لو كان بيني و بين خصمي شعرة ما قطعتها ) و قال عنه الخليفة الثاني عمر لمنتقدي الصحابي معاوية ( من منكم مثله إذا غضب يذهب يغتسل فيزول غضبه ) – و لكن قد تمكن الصحابي أبو ذر من دفع معاوية إلى قطع شعرته و بيد معاوية نفسه و إلى بقاء غضبه مهما اغتسل - و هذا ما سنلاحظه في الأسطر التالية – و سوف يبقى المؤمنون و الأتقياء يؤمنون و يفهمون بسورة الفاتحة و يطبقونها – ويبقى الصحابي معاوية و أمثاله لا يفهمون هذه السورة و لا يطبقونها رغم إنهم مضطرين إلى قراءتها ما لا يقل عن خمس مرات يومياً .

و نقول كما يقول كل عاقل و مخلص و شريف و تقي – إنّ السياسة – هي ليس – الفسوق والفجور – و ليس استلام المناصب و البقاء في كرسي الحكم و بأي وسيلة كانت – خاصة الخداع و النفاق والحيل و نقض العهود و إخلاف الوعود و التسلط و التولي بالقوة – الترهيب و الترغيب – و توزيع المنافع والمغريات و قتل النفس و الأنفس التي حرم الله قتلها و تعذيبها – و إنما السياسة – الأساس فيها – رعاية شؤون الأمة – و إنّ الرعاية لا تتحقق إلاّ بصدق تطبيق – حدود الله – و اتباع أوامره و نواهيه – و كسب رضوانه – و به نستعين – و إنّ الحنكة السياسية – هي جعل رسول الله قدوة و أسوة حسنة في جميع الأعمال و إجراءاتها – و تنفيذها في دعوته و دولته و بتخطيط سليم و شافي .

و كان – الصحابي أبو ذر الغفاري – يمثل – جهاز إعلام و معارضة الباطل – وفق سياسة إسلامية صحيحة – و يمثل - حزب الله – في عمله السياسي – و كان منهجه السياسي – هو – الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر – وإن برنامجه و لهجته مصدقة من رسول الله الحبيب – وإنّ بيانه السياسي هو { الرحمن علم القرآن . خلق الإنسان . علمه البيان } – و كان عمله السياسي ضمن – التعددية الحزبية – التي أجازها الله تعالى و فرضها على الكفاية – في المجتمع الإسلامي الحضاري – و ليس المجتمع المدني – في الحياة الدنيا { و لتكن منكم أمة } – ذلك المجتمع الذي بدأ السير في طريق النهوض و التقدم منذ – بداية بنائه في المدينة المنورة من قبل رسول الله الحبيب – و استمر المجتمع السير في طريقه بعد الرسول – لأنّ الصحابة رضوان عليهم جميعاً – كل واحد منهم كان يمثل بما لديه من مؤيدين و مشايعين – حزباً – ما داموا لا يعلنون غير الإسلام منهاجاً و بياناً لهم - سواء في تأييدهم للسلطة أو في محاسبتهم و معارضتهم لها – كيف لا و قد سمى الله تعالى إحدى سور القرآن المجيد – سورة الأحزاب – و قد حبب تعالى للناس والمؤمنين و الأتقياء فكرة – الحزب – و يحرضهم على العمل الحزبي بآيات متعددة { هم الغالبون . هم المفلحون . ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير } و لكن – البلوى و الفتنة – التي أرادها الله تعالى قد لعبت دورها كذلك في المجتمع الإسلامي المتحضر .

و كان الصحابي أبو ذر – مناضل و نموذج في النضال بعد رسول الله الحبيب –و مكافح شديد البأس – و شديد الغضب على كل ما يغضب الله و رسوله – و كانت لهجته قولاً و فكراً و مفهوماً مختومة ومصدقة بسنة رسول الله - الأمر الذي أقلق الخليفة الثالث عثمان الأموي – مما دفع الخليفة إلى ( اتهام ) أبي ذر بأنه قد أحدث و أوجد ( بلبلة و اضطراب ) في المجتمع الإسلامي في عاصمة الدولة الإسلامية – المدينة المنورة - مقر الخلافة الإسلامية – الأمر الذي اضطر فيه الخليفة – و بعد مشاورات مع مستشاريه – إلى اتخاذ القرار بحق أبي ذر ( بنفيه من العاصمة المدينة المنورة إلى الشام ) - و كان معاوية الأموي والياً على الشام – في حين كانت هناك ولايات و مدن أخرى ضمن الدولة الإسلامية – مثل – اليمن و الكوفة و البصرة ومصر - فلم ينفه إليها و لكنه نفاه إلى - الشام - التي هي ليست المقصودة – و إنما المقصود هو – بنو أمية و في مقدمتهم الوالي معاوية الأموي - وإنّ ( النضال و الإيمان و التقوى أصبح محصوراً بين خليفة أموي و والي أموي – و الإسلام بين أموي و أموي – مع مستشارين أمويين و مجلس عشائري أموي ) – وقد طلب الخليفة الثالث عثمان الأموي من والي الشام معاوية الأموي ( تدبير الأمر مع أبي ذر – و معالجة حدته السياسية ) – في حين كان المفروض بالخليفة عثمان وهو سمع – أحاديث رسول الله الشريفة – بتصديق و ختم أبي ذر – أنْ يقوم بتأييد و دعم ( حزب الله – أبي ذر – في – إنكار المنكر و الأمر بالمعروف ) – و تعيينه والياً على الشام و نقل معاوية من ولاية الشام التي طالت مدة ولايته فيها إلى أكثر من عشرين سنة إلى ولاية أخرى - أو تعيين أبا ذر - خازن أختام الخليفة و أمين سره و مستشاره – و هو خير أمين و مصدق نبوياً – أو تكليفه بأي عمل سياسي آخر يفيد الأمة الإسلامية – أم إنّ مفهوم رحمة و فائدة الأمة الإسلامية قد تعطل نهائياً .

و بمناسبة – فكرة تعيين – أبي ذر – في منصب الوالي – فقد وجدنا هناك أحاديث قد وضعت عن أبي ذر – و التي يتمشدق بها حتى بعض الفقهاء و المفكرين المسلمين من ضعفاء التفكير و من المنحازين مع بني أمية أو مع صحابة آخرين – و إنّ الأحاديث هي < فيك جاهلية > و الآخر < يا أبا ذر إنك ضعيف و لا آمرك على اثنين لأنّ الحكم و الإمرة أمانة و حسابها عسير يوم القيامة > أوردها البخاري ومسلم و غيرهم – و هنا نحن نسأل أصحاب العقول النيرة ( لو لم توضع أحاديث التجريح في شخصية أبي ذر – و وقعت حادثة نفي أبي ذر إلى الشام تحت إمرة الوالي الفاسق معاوية الأموي – فكيف يتمكن علماء نقل الأحاديث و الفقهاء و المفسرين المنحازين من – تبرير- نفي أبي ذر و وضعه تحت إمرة ظالم – و لكن وضع أحاديث فيها طعن بشخصية أبي ذر و صفته الضعيفة – يصبح عندهم ما يمكنهم من الدفاع عنْ منْ ظلمه ) وإننا نسأل كذلك ( أيهما أدلُ على – النفس القوية و الصلبة و الصبورة و التقية – هل من قام فعلاً بالصمود والنضال و الكفاح و تحمل المشقات بالتصدي للمنكر مهما لاقى من تعذيب و أذى – أم استلام الحكم و الإدارة – خاصة و إنّ الاثنين هم من رجال السياسة ) – و لو صحت الأحاديث فإنها تدل على – إنّ رسول الله – كان يريد صناعة أبي ذر – ليكون صحابياً و جهاز ضخم لمهمة إنكار المنكر و الأمر بالمعروف – و للإعلام – لفترة ما بعد وفاته و مغادرة أمته الإسلامية – تلك المهمة التي جعلها الله تعالى أوجب من الصلاة و الصوم والحج و الزكاة وإن الصلاة يجب أنْ تنهى عن الفحشاء و المنكر و البغي وإلا لم يقبلها الله سبحانه – و هذا هو الذي حصل فعلاً فلا يجوز شرعاً الوقوف ضد هذا الجهاز – و إلا اُعتبر وقوفاً ضد الله و رسوله – و الأبعد من كل ذلك هو – إنّ رسول الله الحبيب قال < يبقى مثلما فارقته في حياتي > فإذاً – إنّ أبا ذر كان في حياة الرسول شخصاً منزها من كل الافتراءات التي ألصقوها به و هل كان رسول الله الحبيب يريد الشخص الضعيف أو الجاهلي – حاشاه و هو خاتم الأنبياء و المرسلين .

و لدينا المزيد عن الصناعة النبوية – للصحابي أبي ذر - إنه قد راهن بحياته في سبيل تثبيت الأحكام الشرعية و القيم و المثل العليا الإسلامية – و قد راهن بحياته و جعلها فداء لإحدى القيم – عندما كان – قاتل محكوم بالإعدام من قبل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب – و كان القاتل يفتش في المسجد بين المصلين عن – مروءة – شخص يكفله لحين الاتصال بعائلته البعيدة لتقوم بدفنه بعد إعدامه فلم يجد الذي يعرفه ويجازف بتلك الكفالة و بقي القاتل واقفاً في حيرة – فقام الصحابي أبو ذر و قال للخليفة عمر – أنا أكفله يا خليفة المسلمين – و لكن الخليفة سأل أبا ذر ( ما لذي يدفعك إلى هذه التضحية وإنك ستقتل إذا ما هو قام بعمل يحول دون تنفيذ حكم الإعدام بحقه و إننا سنقوم بإعدامك إذا ما حصل مثل ذلك ) فأجاب أبو ذر الخليفة قائلاً ( لكي لا تضيع – المروءة – من بين المسلمين و لا تموت عندهم ) – في حين نقول عنه إنه - لا يملك – شخصية حكم – بينما نقول عن معاوية الأموي الظالم و الفاقد للمروءة بقتل الأبرياء و دس السم إليهم – إنه يملك شخصية حكم و سياسي و داهية – في حين إنّ الخليفة الرابع علي في معركة صفين – قد طلب منه – المنازلة – و إبعاد المسلمين عن القتال – و لكن معاوية – جبن – و رفض المنازلة .

( أبو ذر – في الشام خافه معاوية – فأرجعوه إلى المدينة – باسم دبيبة تطنطن )

و إنّ الخليفة الثالث عثمان الأموي – بدلاً من أنْ يدعم أبا ذر في اندفاعه لإنكار المنكر – قام بمعاقبته – بنفيه إلى الشام – وجعله تحت إمرة – صحابي ظالم و فاسق ومن الطلقاء و المؤلفة قلوبهم – ونقول أين الثرى من الثريا – الصحابي الجليل من المهاجرين الأولين السابقين – و كان النفي باستشارة – المستشار مروان بن الحكم الأموي – و لو كان الصحابي معاوية الأموي من الصحابة الأوائل أو من المشهود لهم بالإيمان و التقوى أو من المهاجرين أو من الأنصار – و لو واحدة من هذه الصفات و هذا الواقع - لأصبحت هناك وجهة نظر أخرى كوجهة نظر رسولنا الحبيب عندما جعل تحت قيادة وإمرة – الشاب أسامة – معظم الصحابة الكبار منهم – الصديق و عمر – في الجيش الذي شكله و هو في مرضه – و لكن يجعل الصحابي أبا ذر تحت إمرة الصحابي معاوية – فهذا منتهى التعسف – في حين إنّ رسول الله يقول < عليكم بعزيز قوم ذل > و لكن نأتي و نذل العزيز { و جعلوا أعزة أهلها أذلة } ( النمل 34 ) – وماذا سنقول يوم القيامة – عندما يسألنا الله و رسوله – هل نقول إنه كان اجتهاد .

و عندما وصل الصحابي أبو ذر – منفاه – الشام – فقد أخذ الوالي معاوية الأموي يستعمل معه (سياسته و سلاحه – الترغيب و الترف الذي يزيل النعم – فيصبح المترف مدمراً ) – فأغدق عليه الأموال والعطايا لإفساد ذمته – و لعله يغير ما في نفس الصحابي أبي ذر و يجعل منه – شخصاً بطراً مترفاً و مغروراً – فينطبق عليه قوله تعالى { إذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً } ( الإسراء 16 ) – فأراد معاوية أنْ يُهلك – الجهاز النبوي أبي ذر – بالمال و يدمر إيمانه و تقواه – ولكن هيهات لأنّ – أبا ذر مصدق من قبل رسول الله الحبيب – و إنّ بقاءه بهذا – التصديق – يعتبر – معجزة رسالية و نبوية – و تغيير أبي ذر يؤدي إلى – عدم صحة المعجزة النبوية – فهم كانوا يهدفون تحقيق ذلك – لأنّ رسول الله الحبيب قد سأل الصحابة < من الذي يبقى على حاله بعد مماتي مثلما فارقته في حياتي > فقام الصحابي أبو ذر و قال ( أنا يا رسول الله ) فأجابه < لقد صدقت يا أبا ذر > و إنّ رسول الله الحبيب { و ما ينطق عن الهوى إنْ هو إلاّ وحيٌ يوحى } ( النجم 3 ) و { يريدون أنْ يُطفِؤا نور الله بأفواههم و يأبى الله إلاّ أنْ يُتمّ نوره و لو كَرِهَ الكافرون } ( التوبة 233 ) – و من المستحيل أنْ يُطفيء معاوية الأموي نور محمد الذي هو نور الله بتصديق اللهجة و تصديق بقاء تقوى الصحابي أبي ذر الغفاري إلى ما بعد رسول الله الحبيب.

و قد بقي الصحابي أبو ذر الغفاري بلباسه الذي تملكه بعقله و قلبه و لسانه المصدقة نبوياًوهو – لباس التقوى – و قد تمكن بفضل الله – و منّته عليه – بتحويل – المال و العطايا – التي أغدقها عليه الوالي معاوية – وجعلها – قوة – له تسند و تدعم حزبه و سيفه الذي شهره حتى في الشام و هو – إنكار المنكر و الأمر بالمعروف – فأخذ يوضح و يشرح الفكر الإسلامي و أحكامه – و يوزع المال و العطايا التي يستلمها من الوالي معاوية – إلى من يحتاجها و في سبيل الله – و تسهيل مهمته في التنقل و النشر - و لا يبقى منها إلاّ ما يسد رمقه – فأصبح لحزب أبي ذر في الشام – قوتان – قوة صدق اللهجة و قوة المال- بعد أنْ كان في المدينة يعتمد على قوة واحدة هي صدق اللهجة – ففتح الله تعالى عليه في الشام – و قد تجمع الناس حوله لأخذ أحكام الله الشرعية منه و التزود من علمه و فكره و مفاهيمه الإسلامية الصحيحة – و بذلك فقد أصبح وجود أبي ذر يشكل ( خطر ) على ( مخطط – بني أمية – و الوالي معاوية ) في ( عرينهم ) و ساحة وجودهم الذي استمر ما يقارب العشرين سنة – فقد بدأوه منذ الخليفة الأول الصديق – يبنون و يشيدون المجتمع المدني الأموي و ليس المجتمع الإسلامي الحضاري في الشام منها فلسطين – حسب هواهم و جهلهم و غيهم – فأصبح الناس في الشام يعيشون في – الظلمات و الشبهات – و قتلوهم كمؤمنين و أتقياء – وأحيوهم – جهلة و منافقين – وفق مخطط ضخم و مسبق من قبل أعداء الإسلام – الروم و اليهود – و قد أفشل و حطم جهاز أبي ذر معظم أساليب مخطط الوالي معاوية الأموي في الشام – فسرعان ما انتبه معاوية و من ورائه المساعدون و المخططون إلى ( خطر ) وجود أبي ذر في – الشام - فأرسل إلى الخليفة عثمان الأموي – يطلب منه – سحب – أبا ذر من الشام – فسحبه الخليفة و أعاده إلى – العاصمة المدينة المنورة – فأين أنت يا رسول الله الحبيب – لترى الصحابي الجليل أبا ذر الذي أعلنتَ أنتَ مصادقة لهجته و ثباته على تقواه بعدك – فأعلنوا عليه الحرب و التعذيب و الإذلال – و ألأكثر من ذلك وعند وصول الصحابي الثائر أبي ذر المدينة المنورة - قد أعلن الخليفة الثالث من على منبر رسول الله محذراً المسلمين من وصول جهاز إنكار المنكر و قال ( لقد وصلت - دبيبة - المدينة المنورة ) والفرق هائل بين وصفين – صادق اللهجة – و بين – دبيبة تطنطن و تزعج المستمعين – ولذلك و بدل إظهار الحق و العدل – فقد أخذ وعاظ السلاطين يثيرون الضباب و الغيوم لتبديد الحق و العدل و طمس معالمهما بقولهم ( إنّ جميع الصحابة عدول – و غفر الله تعالى لهم و للسلف و تاب عن الظلمة من أمة محمد – لماذا – لأنهم لا يريدون – إقامة الدولة الإسلامية الواحدة ) .

و بعد أنْ هَزَمَ الصحابي الثائر أبو ذر – الأسطورة السياسية – معاوية - و من معه في الشام رجع إلى المدينة المنورة – لا ليطنطن و لا دبيبة – و إنما عملاق رغم ضعف جسمه – واستمر على نضاله و كفاحه السياسي كالجبل الشامخ في إنكار المنكر و الأمر بالمعروف – و مرة وصل إلى علمه – بأنّ أحد المسلمين – المقربين من الخليفة الثالث عثمان الأموي – قد افترى على رسول الله الحبيب و ابتدع حديثا نسبه إلى النبي الحبيب – و بعد أنْ تحرى أبو ذر عن هذا الحديث بالاتصال بأهل العترة – أهل البيت – و بالصحابة الأجلاء – فقد ثبت لديه بأنّ هذا الحديث – بدعة – و افتراء على رسولنا الحبيب – فأخذ أبو ذر يفتش عن هذا الشخص المفتري فأخبروه بأنه جالس الآن مع الخليفة في المسجد – فأخذ أبو ذر – عظم بعير كبير – و ذهب إلى المسجد – و وجد المفتري جالساً مع الخليفة فقال له ( أ أنت الذي رويت هذا الحديث ) فأجابه ( نعم ) فضربه أبو ذر بعظم البعير الذي بيده و فجّ رأسه و قال له ( يا مفتري على الله و رسوله ) – الأمر الذي أغضب الخليفة عثمان الذي قال للصحابي أبي ذر ( ويحك يا أبا ذر أتضرب شخصاً هو جليسي ) فأجابه أبو ذر < لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق > - و بالرغم من ضخامة هذا العمل يتهمونه بضعف الشخصية – الأمر الذي دفع الخليفة الثالث عثمان الأموي – إلى اتخاذ - قرار جديد - بحق أبي ذر – بنفيه ثانية – إلى – الربذة – و معه – زوجته و ابنته - و الربذة أرض قاحلة تكثر فيها الزواحف و العقارب و الدبيبات .

و بالرغم من كل ما تقدم – فإنّ علماء الحديث و المفسرين و الفقهاء المنحازين مع الأمويين وليس مع العقيدة و الفكر الإسلامي الرباني – لأنّ ما نقلوه كان في عهد حكمهم الأموي الطاغي ومع ما بعدهم العباسي و العثماني سلسلة حكم فئوي غير عقائدي و إنما عشائري سلطوي فيبحث في الأحاديث ويضع فيها كل ما يسند قوة بقاء كرسيهم و نفوذهم - وإنّ هؤلاء العلماء قد رووا و نقلوا أحاديث عن - الصحابي و الخليفة – عثمان الأموي – منها – ما رواه – الطبراني – عن حذيفة إنه قال ( جاء عثمان بن عفان يوم غزوة تبوك بعشرة آلاف دينار فصبها بين يدي رسول الله الذي قال - غفر الله لك يا عثمان ما سررت و ما أعلنت و ما هو كائن إلى يوم القيامة ما يبالي و ما يضره ما عمل بعدها ) ومن خلال التدقيق و البحث في مفردات هذا الحديث نرى المفردات قد تقصدت كل الأعمال و الأقوال التي صدرت عن عثمان خلاف الأحكام الشرعية فهي مغفورة ومبرأ منها – وإنه حديث - غيبي مستقبلي – يُبريء – الصحابي و الخليفة و مغفور له أي عمل ضار و آثم فعله و يفعله حتى إذا كان مع الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري – الذي هو كذلك مصدق و مختوم من النبي الحبيب بالإضافة إلى أنه مغفور و مبرأ - غيبيا – فهل هناك ناسخ و منسوخ – أم هناك – بدع و افتراءات – سوف تجعل الإسلام و رسول الإسلام الحبيب – أمام مهزلة التناقضات عند الكفرة و أعداء الإسلام – في حين – إنّ الأحاديث التي قيلت في حق الصحابي أبي ذر قد وردت بإجماع المسلمين - بينما الحديث الذي قيل بحق الصحابي عثمان ليس كذلك بالإضافة إلى – إنّ أعمال الخليفة عثمان قد أساءت إلى سمعة الدولة و ألحقت الأذى بالأمة الإسلامية في المدينة المنورة و في مصر و الشام مما أدى إلى قيام الثورة عليه وكذلك أدى إلى غضب و مقاطعة الصحابي عبد الرحمن و حلفه اليمين بأن لا يكلمه حتى الممات وهذا فعلاً قد حصل بإجماع المسلمين بعد أنْ شعر الصحابي عبد الرحمن بأنه كان السبب في توليه الخلافة الثالثة بعد خلافة الصحابي عمر بن الخطاب - وإنّ الحديث الذي قيل بحق الصحابي عثمان – يظهر لنا إن أجهزة ّ الدولة الإسلامية و رئيسها رسول الله – جالسون لجمع الأموال و إنّ العشرة آلاف دينار تمثل مائدة من السماء قد نزلت عليهم – فأعطى رسول الله الحبيب إلى الصحابي عثمان حق تدمير الدولة و المسلمين – وقد فات على واضع الحديث – إنّ الله تعالى هو ناصر الدولة الإسلامية و رئيسها رسول الله الحبيب – و هو أول من طبق الأحكام و أول من استنكر الظلم و الضرر < لا ضرر و لا ضرار > و < إذا أنا لا أعدل فمن هو الذي يعدل بعدي > و < و إذا فاطمة بنت محمد سرقتْ قطعتُ يدها > .

(الصحابي أبو ذر – نفيّ إلى ربذة الزواحف – و توديعه بموكب مهيب مع ولي الله)

و قد تم ترحيل – الصحابي أبي ذر الغفاري و عائلته – من المدينة المنورة إلى – الربذة – بواسطة كتيبة عسكرية بقيادة مروان بن الحكم الأموي رئيس ديوان و حافظ أختام ومستشار الخليفة عثمان الأموي – و قد قام ولي الله الصحابي علي و أولاده و بعض الصحابة بتوديع الصحابي الجليل أبا ذر الغفاري – إجلالاً و تقديراً لمكانته و لصحبته لرسول الله وللأحايث التي قالها بحقه - وقد أنكر مروان بن الحكم الأموي – على المودعين تصرفهم والحفاوة التي أقاموها للصحابي الجليل – فأجابه الصحابي علي بعنف و باستنكار و بضربة سوط – فسكت مروان – على مضض و خوفاً من غضبة الصحابي أبي الحسن - و لكن مروان الأموي عندما أصبح والياً على المدينة المنورة في عهد حكم معاوية الأموي و بعد وفاة الخليفة علي – أخذ يسب و يشتم الصحابي علي من على المنابر – صلاة كل جمعة – لإسماع ولده الصحابي الحسن بهذه الشتائم و بكل ما يملك من جبن و غل و غدر .

و عاش الصحابي أبو ذر في – الربذة – وحيدأ – مع زوجته و ابنته – إلى أنْ انتقل إلى جوار ربه – و قد مرت قافلة من أهل العراق – فاستنجدت بهم ابنته فقاموا بغسله و تكفينه و دفنه في – الربذة – و بذلك صدق رسول الله الحبيب – بحديثه الغيبي و معجزته < يا أبا ذر تعيش وحدك و تموتُ وحدك و تدخل الجنة وحدك – و سوف تقوم قافلة من أهل العراق بغسلك و تكفينك و دفنك وحدك > - و بهذه المناسبة قال ولي الله الصحابي علي ((يا أبا ذر إنك غضبتَ للهِ فَاْرجُ منْ غضبتَ لهُ و إنّ القومَ خافوك على دنياهم ، و خفتهم على دينك ، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه ، واهرب منهم بما خفتهم عليه فما أحوجَهم إلى ما منعتهم و ما أغناك عما منعوك ، و ستعلم منْ الرابح غداً و الأكثر حُسَّداً ، و لا يؤنسك إلاّ الحق و لا يُوحشك إلاّ الباطل ، فلو قبلتَ دنياهم لأحبوك و لو قَرضتَ منها لأمنوك)) أي لجعلوك تقترض منهم دنياهم و هذا أخطر ما يكون على الإنسان – و بهذا الشرح الدقيق للفكر و القيم و لوصف واقع حال الصحابي الجليل أبي ذر و لطبيعة عمله في - إنكار المنكر و الأمر بالمعروف - وكما صدقه رسول الله الحبيب – و بذلك قد فهمنا ما هو واقع و موقف الصحابي أبي ذر من – أصحاب السلطة و الحكم – و نقول إلى من يريدون - المفاضلة – بين الصحابة أنْ يقولوا لنا من هو الأفضل – الخليفة عثمان أم المناضل الصحابي أبو ذر – أم العمل الصالح و حيّ على خير العمل – و أخيرا و ليس آخراً - فإنّ رسول الله الحبيب قال < إنّ لأبي ذر – دعاء – ترتاح له كل موجودات أهل السماء > و هذا هو الكلام الطيب الذي يمكث في الأرض و السماء .

ومثل ما حصل مع – الصحابي الجليل أبي ذر في الشام حصل مع - الصحابي أبي الدرداء – الذي كان يعيش في الشام و كان يتردد على – بلاط الوالي و من ثم أصبح بلاط المتسلط معاوية الأموي – و قد اختلف معه على فهم الآية الكريمة { يا أيها الذين آمنوا إنّ كثيراً من الأحبار و الرهبان ليأكلونَ أموالَ الناس بالباطل و يصدونَ عن سبيل الله و الذين يكنزونَ الذهبَ و الفضةَ و لا ينفقونَها في سبيل الله فبشرهم بعذابٍ أليمٍ } ( التوبة 35 ) – و كانت لمعاوية علاقات قوية و جيدة مع الأحبار و الرهان و بنفس الوقت كان يستعمل أواني الذهب و الفضة في أكله و شرابه في بيته و بلاطه - فأراد من الصحابي أبي الدرداء أنْ يعطيه التفسير لهذه الآية الكريمة الذي يتفق مع علاقاته و مع استعماله الأواني الأمر الذي دفع الصحابي إلى الهروب و ترك ولاية الشام .

و بعد كل ما تقدم ( لماذا لا يجوز سياسياً – و رعايةًً – البحث و النقاش و التدقيق – في أعمال و تصرفات و أقوال – الصحابة ) – و هناك من الصحابة ممن لحقهم الظلم و الأذى و التعذيب و السب و الشتم و القتل و التسميم - من صحابة آخرين – و هذه أعمال و أقوال كلها حرمها الإسلام – وقد أكد عليها رسول الله في خطبه الست التي خطبها على التوالي و على مراحل في – حجة الوداع - و كلها أعمال و أقوال مستنسخة و مسجلة و محفوظة عند رب العالمين – فلماذا نخافُ من بحثها و نقاشها و تدقيقها للعبرة والاعتبار – فمن أي شيء نخافُ وعلى منْ نخافُ – فهل لا يجوز أنْ نعرف من هو الصحيح ومن هو الخطأ – و أنْ نعرف أحكامنا الشرعية من خلال التطبيق - تطبيقات السلطة و علاقات الصحابة السياسية في الحكم والاقتصاد و الاجتماع – خاصة وقد جعلوا من – الدولة الإسلامية – دولة أموية – و جعلوا من القومية والعشائرية هي الأساس في العلاقات – و أخيراً – قد جعلوا من – الشعب العربي - أمة عربية – و الأمة لا تكون أمة إلاّ بالعقيدة و العقيدة هي – عقيدة الأمة الإسلامية – و جعلوا من – الأمة العربية – المزورة – تتقدم على – الأمة الإسلامية – في خطاباتهم و كتبهم و أبحاثهم – في حين – الأمة الإسلامية – واحدة – و خير أمة – و أمة وسطاً – و إنّ هذا الواقع – و الدعوة إلى عدم مناقشة أعمال و أقوال الصحابة – كلها أساليب وجزء من – مخطط- الكفار و أعداء الإسلام وقد زادوا إليها اليوم – أعمال الغدر و العنف و المقاومة المسلحة من قبل المنظمات – لتشويه أحكام الإسلام – و إبعاد المسلمين عن – ما ينقذهم – و هو - إقامة دولتهم الإسلامية الواحدة – وقد أصبح اليوم – المسلم المغفل و الجاهل و العميل - يقولها بصراحة ( أنا أريد المقاومة المسلحة – لأنّ إقامة الدولة الإسلامية – صعبة و لا يريدها الكفار المستعمرون المحتلون ) إلى هذا المستوى من التخلف و الانحطاط – و لا نقول أسفل السافلين بسبب عمالتهم و توافقهم – قد وصل بعض أفراد الأمة .

عدم تطبيق – حكم الشورى – كان السبب الأساس في

( قتل الخليفة عثمان و قبله الخليفة عمر وبعده الخليفة علي )

و نقول إنّ – أول سبب – أدى إلى قتل – الخلفاء الثلاث – هو - عدم تطبيق – حكم الشورى – في اختيار – خليفة المسلمين – بالرضا من قبل عموم الناس – بعد وفاة رسول الله الحبيب ( مباشرة ) و إنّ تعطيل هذا الحكم الشرعي هو السبب الأساس في كل ( بلوى و فتنة ) عاشها المسلمون من اليوم الأول من – حكم الخلافة – و إلى يومنا الحاضر – و إنّ الطريقة و الإجراءات و الأساليب التي طبقت في – بيعة الخليفة الثالث عثمان – قد فرضها على الأمة الإسلامية – الخليفة السابق عمر بن الخطاب – بوثيقة تتضمن ترشيح ستة من الصحابة ليختاروا واحداٍ منهم – خليفة – و بنفس الوقت تعيين خمسين رجلاً لقتل المعارض لوثيقته و وصيته و توجهاته التي وضعها – و كأنما هو الذي صنع الإسلام وصار ملكه – و أخيراً قد انتهت الأمور إلى أنْ يقوم شخص واحد ( صحابي أموي – بن عوف ) بتنفيذ الوصية و الإشراف عليها – وهذه الطريقة تخالف أحكام الإسلام الشرعية – و إنّ عمل الخليفة عمر هذا لم يفعله الله تعالى الذي أنزل الإسلام و لا رسول الإسلام – و لا ندري كيف نعلل تصرف – الخليفة عمر – شرعاً و سياسة – فهل هو كان أحرص من الله و رسوله – وهل هو أعرف منهما بالناس و البشر – و هل – القرآن و السنة – قد خلت من ( حكم الشورى – لاختيار الخليفة بالرضا من قبل عموم الناس ) – فجاء الخليفة عمر بوثيقته و طريقته – ليسد النقص و يكمل بها أحكام الشرع الإسلامي – و الله تعالى يقول { اليوم أكملت لكم دينكم و أتممتُ عليكم نعمتي و رضيتُ لكم الإسلام ديناً } ( المائدة 4 ) .

و نقول ليس بغريب على – وعاظ السلاطين و المرتزقة و أعداء الإسلام – أنْ يقولوا ( نعم – جاء ليكمل - و يقومون بتعليل و تخريج كلمة – نعم ) – و إنّ الله تعالى قد شخص هؤلاء بقوله الكريم ( و منَ الناسِ منْ يُعجبُكَ قولُهُ في الحياة الدنيا و يُشهد اللهَ على ما في قلبهِ و هو ألَدُّ الخصام } ( البقرة 204 ) و مثل هؤلاء لهم سابقة في مثل هذا التخريج و التعليل و قد سبق أنْ قالوا ( إنّ رسول الله – كان في – حيرة – عندما قام ببناء المسجد و أمر الناس بالصلاة فيه – فكيف يعلن للناس حلول وقت الصلاة هل بالناقوس مثل النصارى – و لكن الصحابي عمر – قد تمكن من حل حيرة رسول الله الحبيب – فأشار عليه – بالأذان – أستغفرك ربي وكأنما دين الإسلام من – عند محمد – و ليس من عند الله سبحانه – و كأنما كلمة – الأذان – و مفهومها غير موجودة في جميع آيات القرآن المجيد – في حين إنّ كلمة – الأذان – قد وردت في آيات متعددة { و أذن في الناس بالحج } ( الحج 28 ) بحلول وقت الحج – و { فأذنَ مؤذن بينهم } ( الأعراف 45 ) و { أذنَ مؤذن أيتها العير } ( يوسف 70 ) و غيرها من الآيات الكريمة – فهل إنّ الله تعالى بعد أنْ علم كل هذه الكلمات في - قرآنه المجيد – فإنه غير قادر على ترتيب – أذان – به يعلن و يدعو الناس إلى حلول وقت الصلاة - و إنّ الله تعالى يقول { و رفعنا لك ذكرك } ( الانشراح 5 ) – كيف رفع الله جلت قدرته ذكر رسول الحبيب يومياً خمس مرات في – كل صلاة – و الأذان جزء من رفع ذكر الرسول الحبيب – و جزء كبير و عظيم - و لكن هل هو – أذان الله – أم هو – أذان الصحابي عمر .

و نقول ( هل إنّ – الأمة الإسلامية و عامة الناس – لا يعرفون الصحابة – ليختاروا واحداً منهم – خليفة – و جاء – الخليفة عمر – ليعرفهم بالصحابة – قبل أنْ يموت – ولماذا رشح الخليفة عمر – ستة من الصحابة فقط – و هناك العشرات بل المئات من الصحابة المؤمنين الأتقياء يصلحون للخلافة – أم إنّ الخليفة عمر أحرص من رسول الله ) – وإنّ رسول الله ترك أمته الإسلامية – بدون ترشيح – و تركها إلى حكم الله {وأمرهم شورى بينهم } والله تعالى يقول { حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم } ( التوبة 121 ) – في حين أصبح الصحابي عمر - أحرص – من رسول الله عندما ذهب إلى أبعد من ترشيح ستة من الصحابة بتعيينه خمسين رجلاً لقتل من يعارض أو يخالف تنفيذ وصيته في وثيقته – و لا ندري بأي حق و أي حكم شرعي قد تدخل في – سلطان الأمة و سلطتها – بعد حياته – هذا السلطان الذي جعله الله تعالى من ( حق الأمة و الناس – إني جاعل في الأرض خليفة – يقررون مصيره بالشورى ) بالرضا و ليس بالتهديد و القتل .

يا أيها المسلمون ( هناك جنة و نار و هناك يوم آخر و فيه حساب ) – و إنّ الله تعالى يأمرنا بتطبيق الشرع و أحكامه الشرعية – ما أنزل الله – و يأمرنا بعدم - تعطيل – أحكامه – و يأمرنا – بالأمة الإسلامية الواحدة – و يأمرنا بوجوب وجود – الدولة الإسلامية الواحدة < من مات و ليس في عنقه بيعة مات ميتةً جاهلية > - و يأمرنا < كل المسلم على المسلم حرام دمه و ماله و عرضه > و يأمرنا – بعدم تولي المسلم غير مواليه – و بعد كل هذا الوجوب نأتي و نبرر أعمال و تصرفات و أقوال الصحابة – و مهما كانت وتكن و رغم مخالفتها الصريحة للقرآن و السنة – و إنّ هذا التعليل و التأويل قد أدى و سوف يؤدي إلى – الانحراف عن أحكام الشرع بأوسع الأبواب – و يفتح المجال لأعداء الإسلام لتنفيذ مخططهم بالتبديل و التغيير – و قد فتح المجال فعلاً – بالطعن بالشرع نفسه – باعتباره – غير كامل و لا يساير – روح العصر – و جاء الصحابة – لسد النقص – في حين أنه – كامل – و أكثر من كامل – تمام – فإننا نجد فيه ( حكم الشورى – و حكم عقد البيعة – و شروط الانعقاد – و بيعة الطاعة – وشروط الأفضلية – وتوكيل خاص و توكيل عام – و أهل الحل و العقد – و النقض و النكول – وحكم الذي يغيب عن الانتخابات – و حكم الذي يحضر الانتخابات و يريد الرجوع عن اختياره – و وجوب حق التعبير – و وجوب العمل السياسي – و وجوب العمل الحزبي والتعددية الحزبية – و غيرها من الأحكام – و الحث على التسابق و التنافس ) ما تعجز عن الاتيان بمثلها حتى العقائد و المباديء المعاصرة و روح العصر المدعومة بالتقنية و المكننة – كمبيوترات و ألكترونيات و صواريخ و أجهزة معلوماتية وأقمار صناعية – و إنّ هذه الاكتشافات بعون الله جلت قدرته سوف تتحول إلى دعم دين الله – لأنّ دين الله الإسلام هو – إنساني و للعالمين – و من يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين .

( لا يجوز التفاضل بين الصحابة و يجب إعطاء كل ذي حق حقه)

و نقول لماذا هذا – التمييز – بين الصحابة – بدون وجه حق – و بدون مسوغ شرعي – و خلاف ما يميزهم الله و رسوله – و إنّ في – الصحابة – من استحق بجدارة هذا – التمييز الشرعي – لا لسبب إلا لأنه - يسعى إلى كسب رضوان الله – فهذا – الصحابي مصعب بن عمير – و ما أدراك من هو - الصحابي مصعب بن عمير – لا يمكن لأي كاتب و أي باحث أنْ يعطيه حقه في الإسلام – و إنّ الله وحده هو الذي قيمه و سيكفل حقه – و يكفيه أنْ قرأ رسول الله على جثته الطاهرة قوله تعالى { منَ المؤمنينَ رجالٌ صدقوا ما عاهدوا اللهَ عليه فمنهم منْ قضى نحبَهُ و منهم منْ ينتظرُ و ما بدلوا تبديلا } ( الأحزاب 23 ) و أردفها بشهادته < وإني أشهد على ذلك > وكان بعض الصحابة واقفين بجواره فقال الصحابي أبو بكر الصديق – ونحن معه يا رسول الله – فأجابه < لا - لا أدري ماذا تغيرون و تبدلون بعدي > - و بعد ذلك لا ندري كيف نجعل من الصحابة الذين استلموا الحكم – متميزين – و نجعلهم من العشرة المبشرة بالجنة و ننسى الصحابي مصعب بن عمير – أو ننسى أول شهيدة قتلت في تعذيب حملة الدعوة في الإسلام – الصحابية سمية – أم عمار بن ياسر - و هذا الصحابي سلمان الفارسي – ألم يحصل على اعتراف – بالتمييز – من رسول الله < سلمان منا أهل البيت > يعني مطهر و نظيف الإيمان و التقوى – و ليس منافق و لا جاسوس – و هذا كله جزء من التشريع الإسلامي – لأنّ رسول الله الحبيب هو رسول الإنسانية و العالمين – و هو يريد أنّ يبني – مجتمع إنساني حضاري على أساس الإسلام – وليس مجتمع مدني – و يبني أمة عقائدية – وليس - شعب أو قومية أو عشائرية – فلابد أنْ يتحدث بأحاديث شريفة و مفيدة لبناء المجتمع الإسلامي الإنساني الصحيح و الصالح – و إنّ هذا الصحابي سلمان الفارسي – قد عين – والياً – على – المدائن – في العراق – فلماذا – لا يُرشح للخلافة – و الله تعالى يقول { يا أيها الناسُ إنّا خلقناكم من ذكرٍ و أنثى و جعلناكم شعوباً و قبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ اللهَ عليمٌ خبير } ( الحجرات 14 ) و إنّ رسول الله يقول < لا فرق بين أعجمي و عربي ولا بين أسود و أبيض إلاّ بالتقوى > - و هل إنّ الخليفة عمر سوف يجيب يوم الحساب ( إني نسيت هذه الآية و هذا الحديث الشريف يوم أنْ قمتُ بترشيح الستة و تعيين الخمسين ) مثلما شهر سيفه و أراد قتل – من يقول إنّ رسول الله قد مات – فجاء عليه الصحابي أبو بكر الصديق و قال له – أ لم تقرأ يا عمر قوله تعالى { أ فإنْ مات أو قتل } فأجابه عمر – و الله إني قد نسيتُ هذه الآية و قد فاتتني فأغمد سيفه – وإنّ أبا بكر الصديق قد تقبل منه جوابه لعدم مقدرته قراءة ما في دواخل نفسه – و لكن الله تعالى هل كذلك سوف يتقبل جوابه – نسيت – وهو يعرف كل أجزاء جسمه و دوافعه – و إنّ هذا التراجع في الدنيا شيْ و التراجع يوم القيامة شيء آخر – أم إنه سوف يجيب ربه – إنّ قصدي من ترشيح ستة من الصحابة هو لإبعاد بعض الصحابة عن تولي الخلافة لكي لا تحصل الفتنة – و إنّ الله و رسوله سيقولون له – إنك قد أبعدت – حكم شرعي – الشورى – و عطلته بحجة – دفع الفتنة عن الناس – و لكن ما يدريك إنّ الله لا يريد الفتنة و هو خالقها لمعرفة الخبيث من الطيب – وعليك فقط تطبيق ما أنزل الله - و الله تعالى هو الذي يتولى السرائر – و هل يجوز لمسلم أنْ يقول ( إنني قررت ترك الصلاة و تعطيلها لدفع الفتنة عن الناس و إبعاد الخلاف بينهم ) .

و نقولها بصراحة – لم نجد أي مسوغ أو مقتضى شرعي لعمل الخليفة الأول الصديق و الخليفة الثاني عمر – بالاستخلاف أو الترشيح – و تعطيل حكم الشورى الاختيار بالرضا من قبل عموم الناس – و هنا قال ولي الله الخليفة و الصحابي علي (( رحل و ترك الناس في طرق متشعبة لا يهتدي فيها الضال و لا يستيقن المهتدي)) و هذا تشخيص دقيق لتصرف الخليفة الثاني عمر – و قد يقول من يقول – إنّ الصحابي علي لم يقصد بقوله هذا- عمل الخليفة الثاني بترشيح الستة للخلافة و تعيين الخمسين رجلاً لقتل المعارض - و لكننا سندعم تحليلنا السياسي بأقوال أخرى لولي الله الصحابي علي - حتى يكون الأمر واضحاً حيث قال (( حتى صرتُ أقرنُ إلى هذه النظائر و لكني أسففتُ إذ أسفوا و طرتُ إذ طاروا )) و يقصد بأنه صار بمستوى الخمسة المرشحين الآخرين من الستة – و كيف يكون بمستواهم و هو – أول فدائي في الإسلام وبطل كل الحروب و ولي الله – و لكنه مع ذلك و بأسرار قد أودعها النبي عنده – فصار يسفُّ إذ أسفوا و يطيرُ إذ طاروا – حتى يتمكن من معرفة ما يريدون و ما يخططون لكي يبعد الخطر و الأذى عن الإسلام و المسلمين و هو ملزم بتطبيق حكم الشورى و لو مرة واحدة في حياة المسلمين و إلاّ لماذا أنزله الله تعالى – و هذه هي مهمته – ولي الله – بعد رحيل رسولنا الحبيب و هذا ثابت في قولٍ آخر له (( اللهم إنك تعلم إنه لم يكن الذي كان منا منافسة في سلطان ولكن لنرد المعالم من دينك و تقام المعطلة من حدودك و تُظهر الإصلاح في بلادك )) فهل بعد كل هذه الأقوال نحتاج إلى المزيد من التوضيح و التشخيص .

و لو إنّ – حكم الشورى – طُبق – مباشرة – بعد وفاة رسول الله الحبيب – و لم يعطل من قبل الخلفاء الثلاث – الصديق و عمر و عثمان – لصلح الحكم و السلطان – حاكم و محكومين – راعي و رعية – و لبقي – الصلاح و الصالح – يرفرف فوقنا في كافة الولايات – الجزيرة و العراق و الشام و مصر و الشمال الأفريقي و القوقاز و أوربا و أسبانيا و آسيا- وحتى عصرنا الحاضر – و لما حصل ( قتل الخلفاء ) و لما حصلت الثورة في مصر فسببت في قتل الخليفة الثالث عثمان – و لما تجمع بنوا أمية في الشام - أنه – مخطط – كبير و هائل – فقد بدأ بنصب – بني أمية ولاة في الشام لمدة عشرين و بضع سنين – و ذهاب قائد الكفر أيام رسول الله – أبو سفيان – و أكثرية بني أمية و من والاهم – للعيش في الشام و مصر والشمال الأفريقي – إنه – مخطط تجمع – و لكنه أبسط من مخطط مسجد ضرار – لأنّ هذا التجمع لا يقدر إلا عل إشعال الفتنة – و ليس القضاء على الإسلام الذي كان الله جلت قدرته حافظه و ناصره و ظاهره – و لكن المسلمين لم يقدروا على – كشف هذا المخطط – رغم تنبيه ولي الله الصحابي علي إليه و وصفه (( طخية عمياء )) – خطة عمياء – و رغم إنّ الله تعالى قد درب المسلمين وأدخلهم في تجربة – كشف مخطط مسجد ضرار { و الذين اتخذوا مسجداً ضراراً و كفراً وتفريقاً بين المؤمنين و أرصاداً لمن حارب الله و رسوله } ( التوبة 108 ) و هذا في سورة التوبة قد كشف الله تعالى مخطط الجواسيس و أسيادهم – الترصد و جمع الأخبار و تصيد المسلمين في مسجد شيده الكفار – و بهذا الكشف قد وقى الله سبحانه المسلمين المؤمنين {قوا أنفسكم و أهليكم ناراً و قودها الناس و الحجارة } ( التحريم 6 ) .

و لكن – تجمع بني أمية - في الشام و الشمال الأفريقي و الأندلس – رغم بساطة كشفه و لكن يقارب – مخطط مسجد ضرار – خطورة و ظلمة و عنفاً و أفعالاً و نفاقا – وهذا ما كشفه ولي الله علي ( طخية عمياء ) و قبله قد كشفه الله تعالى { لئنْ لم ينتهِ المنافقون و الذين في قلوبهم مرضٌ و المرجفونَ في المدينة لنَغرينَّك بهم ثم لا يجاوِرونك فيها إلاّ قليلاً . مَلعونينَ أين ما ثقفوا أُخذوا و قتِلوا تقتيلاً . سُنةَ اللهِ في الذين خلوا من قبلُ ولن تجد لسنة الله تبديلاً } ( 61 ) كل هذا التشخيص للمنافقين و الجواسيس الذين جبلت أنفسهم على محاربة الحق و نصرة الباطل – قد ورد في أهم سورة – سياسية – الأحزاب – فلا يجوز أنْ نتهاون و نتفه هذه – البلوى و الفتنة – مخطط الحكم الأموي الذي قد دام في - الشام فلسطين - لعدة عقود – لم يحكمه أهل عترة رسول الله الحبيب و من والاهم – حتى ليومٍ واحد – و من هذا القطر و من مسجده – الأموي – كانت تخرج – الجيوش – باسم الإسلام – لتحطيم – مراكز القوى و الثلة الواعية التي قد تنشأ لنصرة الدين الإسلامي – و الأمثال كثيرة على ما نقول - سابقاً و حاضراً – فقد بدأت جيوش الشام فلسطين الأموية – بتدمير ثورة الحسين – بمجرد بزوغ شعاعها – و بعدها ما فعله - الأيوبيون - الذين هم ممزقون – في تدمير الإسلام الذي أخذ يشع في مصر باسم – الفاطميين المتسلطين – فكان على – الأيوبيين – إصلاح حالهم بالتحول من دويلات الإمارات إلى – دولة إسلامية – ومن ثم تحتضن الإشعاع في مصر و تعديل اعوجاجه إنْ وجد و تنظيف ما فيه من أخطاء و تحويله – من ضمنه الأزهر الشريف الذي بناه الفاطميون - إلى نور ساطع ينير درب الدولة الإسلامية و ليس تدميره ( إمارة و دويلة تدمر إمارة و دويلة ) فأين الدولة و الخلافة الإسلامية – كل هذا حصل بحجة محاربة – التفرقة و الفتنة – و القضاء عليها – بينما الذي كان يحصل هو العكس – بدليل – عدم قيام الخلافة و لا ليوم واحد لا في الشام ولا في مصر – و هذه هي الفتنة بعينها – فلا يجوز تفضيل فتنة على فتنة أخرى – و كذلك بحجة اختلاق القصص – مثل قصة – هناك عصابة تريد سرقة جثة رسول الله الحبيب من قبره فقام الأيوبيون و أمثالهم بإفشال هذه المؤامرة - ولكن ماذا ننتظر من الأيوبيين وهم ممزقون – و الرجس على الذين لا يعقلون الذين يقومون بتأييد هذه الحجج و القصص الباطلة – و يعمون عن حقيقة – الدولة الإسلامية الواحدة .

(بداية إسلامنا كانت – فلسطين – مشروع مفتوح للوحدة – و لكن الخيانة أبعدتها)

وعندما قلنا عن ( تجمع الظلمة الأموييين و غير الأموييين في الشام و فلسطين و مصر ) حتى يومنا المعاصر – فإنّ – سوريا – و هي جزء أساس في بلاد الشام – بلد الأمويين و المسجد الأموي – قد أدركه الكفار المستعمرون اليوم مثلما أدركه الروم و اليهود – بداية الحكم الإسلامي و جعلوا منها – الفتنة و البلاء – بداية الاستعمار فعشعشت في هذه المنطقة بريطانيا و فرنسا بواسطة العملاء المنافقين – وجاءت أمريكا بعد انقلابها في مصر فتمكنت من ضم سوريا بوحدة جمال عبد الناصر- الذي قضى بوحدته على المخلصين أو أشباه المخلصين في سوريا – عفيف البزري و العسلي – و استمر الصراع على النفوذ و تحطمت الوحدة – و لو كان جمال عبد الناصر مخلصاً لتمكن من ضم ( فلسطين و لبنان ) إلى وحدته برمشة عين وأسهل من ضم سورياولكن هذه خطوط حمراء و هذا نفوذ غير نفوذ تغيير سورياإلى أنْ تمكنت أمريكا من إيجاد عميل قوي لها - حافظ أسد – ينتمي إلى – جماعة صغيرة – تشكل عشيرة أو فخذ - و لا تشكل نسبة مهمة في الشعب السوري – و بنفس الوقت تعتقد هذه الجماعة الصغيرة بخلاف ما يعتقده السوريون على مر العقود و القرون – جماعة صغيرة تدعي التطرف بالانتماء إلى – الصحابي علي – يسمونهم ( العلويون – النصيريون ) ( بدع و فتن حديثة – ونفاق جديد و جواسيس وعمالة ) – و نقولها للحق و التقوى – قد تسلطت على الحكم في سوريا جماعة صغيرة ضئيلة جداً و الذين خرجوا عن الإسلام بمغالاتهم في تقييم و حب – ولي الله الصحابي علي – بتأليهه – و يلقبهم الصحابي علي – بالحب المفرط مثل الكره المفرط – و الاثنين سيهلكون في جهنم كما أخبرنا هو عنهما – و هم من إفرازات الأمويين و على نقيض ما يؤمن و يعتقد به الشعب السوري و الفلسطينيون و ما يفكرون به - و إننا لا نقول – إنّ الشعب السوري و الفلسطينيين ( صحيح أو خطأ ) لأنّ هذا بحث قد يطول – و لكن نقول – إنّ هذه الجماعة الصغيرة تتبنى فكراً يناقض فكر شعب المنطقة – و لكن – وهذا هو بيت القصيد – فيها – حكم سوريا – يعتبر من أقوى أي حكم في المنطقة الإسلامية و العربية – فهو – أكثر - استقراراً - من أي حكم آخر – حكام و محكومين – بدليل – أصبح – حكم وراثي – الابن يرث أبيه في الحكم - مثلما ورث يزيد أبيه معاوية في الحكم – ذلك كله بدعم – حلاوة الدنيا – مالياً و فكرياً – من الكفر والاستعمار و على رأسهم – أمريكا – و بأمانهم – و بدعم مالي كذلك من جهات تدعي الإسلام – و لكنها على نفس الخط و قد تركوا كارثة يزيد و قضية الحسين العقائدية و أفرغوها من محتواها العقائدي باللطم و البكاء و الطبيخ و المسيرات – فهل إنّ دعمهم هذا عن غفلة ونحن نعيش في عالم الأجهزة المعلوماتية أم هو وفق مخطط أعمى كما وصفه ولي الله الصحابي علي – و هم يعلمون إنّ الحكام في سوريا علمانيون – و ليس لهم أية صلة بالإسلام و لا يطبقون الأحكام الشرعية و ما أنزل الله – و لا يملكون فقه إسلام الصحابي علي – سوى اللافتة – العلويون – و هم كالنبتة – خضراء الدمن – فإنّ البيت الشيعي يراها – نبتة زاهية بخضارها و لكن أساسها الدمن و الخنس و العفونة – و لا تزال عروق و جذور الشجرة الخبيثة في سوريا و لبنان و الأردن و فلسطين و إسرائيل معهم – كل جزء من هذه الأجزاء تركيبة عجيبة في حكامها و حكومتها و طبخة خبيثة صنعها و خطط لها الاستعمار لتكون المانع المنيع أمام محاولة – إقامة الدولة الإسلامية الواحدة – التي كانت هدف أساسي في قضية الحسين العقائدية - و نعطيك مثل بسيط لهذا العجب الخبيث – المسيحيون و معهم من منافقي المسلمين يشكلون جيش لحماية إسرائيل – جيش لبنان الجنوبي – مسيحي و مسلم يحمي ويدافع بدمه و بالعمالة عن ( الصهيوني اليهودي الإسرائيلي ) هذا الكيان الذي ينزل يومياً بالمسلمين و المسيحيين الدمار و القتل و التعذيب و التشريد و تدنيس المقدسات – ولكن الناس سكوت بالدولارات و بالأموال و زينة و ملذات الدنيا- فالذي يحمي سوريا ولبنان وفلسطين هو الذي يحمي إسرائيل – و هذه هي الشام فلسطين – بدأت أولا بقتل أهل بيت النبي وانتهت اليوم بقتل المسلمين و تدمير بلادهم – عمالة – و بسبب تجمع بني أمية المنحرف – الذي حصل بسبب – تعطيل حكم الشورى – فقُتل الخلفاء الثلاث – و تغيرت و تبدلت الأحكام من شورى و بيعة و خلافة – إلى ولاية عهد و وراثة و وصية – و من دولة إسلامية واحدة – إلى حكومات – سورية و لبنانية و أردنية و فلسطينية – لتكون كرة و لعبة في حضن و بين أقدام أمريكا و بريطانيا و فرنسا و يهود صهيون إسرائيل .

و إنّ كل إنسان يرى اليوم بوضوح علاقة الكفار و الاستعمار القوي بهذا – الحكم في سوريا – حيث يخصص الرئيس الأمريكي – كلنتون – وقتاً و مكاناً في – أوربا – للاجتماع بالرئيس السوري حافظ أسد – أثناء جولة للرئيس الأمريكي في آسيا و بعد أنْ ينتهي من زيارة الهند و باكستان – و ذلك لأهمية سوريا و رئيسها بالنسبة لأمريكا – و إنّ أهمية سوريا اليوم مثل – أهمية بلاد الشام – بداية الحكم الإسلامي – أيام تسلط الروم و اليهود على الشام – ونكرر و نقول علينا أنْ لا نغفل عن أحد الإسرائيليين – أيليا كوهين – كيف تمكن من الوصول إلى قمة القيادة السورية فيكشفه المخلصون في الشعب السوري بقدرة القادر الأحد – فهل لا يوجد اليوم أمثاله في القيادة السورية و في غير القيادة و في غير سوريا من الأقطار الإسلامية – و نحن نعرف و معظم الناس يعرفون – إنّ جميع الوظائف القيادية في أي قطر من الأقطار الإسلامية يقرر مصيرها و يختارهم لكل وظيفة – الماسونيون و البهائيون و منظمات استعمارية أخرى و أحياناً تحل محل هذه المنظمات أحزاب و حركات علمانية يهيمن عليها الكفار و الجميع خدم و عملاء للكفار .

و هل يوجد – أخطر و أفظع من هذا ( البلاء – التجزئة – و الكيانات المتعددة ) الذي نراه في – مخطط الكفار العلمانيين – فرق تسد – الذي يخيم اليوم على – العالم الإسلامي – و الأمة الإسلامية – و البلاد الإسلامية – بحيث أصبح المسلمون اليوم – مهددين في إسلامهم و في بيوتهم و عوائلهم – و إنهم اليوم على ما هم عليه من - تجزئة – و الصراع المفتعل للحكام المتسلطين – على هذه الأجزاء و الكيانات – مع بعضهم بأمر من الفراعنة الكبار الذين يستهدفون من هذا – الصراع – تحويل المجتمع الإسلامي تدريجياً إلى – مجتمع الكفر العلماني – بالإضافة إلى تدمير – اقتصادهم و إفقارهم بسرقة أموالهم – و إنّ المسلمين يرون بأم أعينهم – كيف تدمر البلاد الإسلامية و كيف يُقتل المسلمون في كل أجزائها – و كيف كل جزء مخدر بمخدر فظيع وهو – الاستقلال و عدم جواز تدخل كل كيان في الشؤون الداخلية لبقية الكيانات – و كأنما رسول الله الحبيب لم يقل حديثه الشريف المشهور < من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم > ليس بمسلم – و إنّ هذا التدمير يقع بسبب إنّ هناك ثلة واعية مؤمنة بالعقيدة و المبدأ و يريدون استئناف الحياة الإسلامية كما أرادها الله و رسوله – و كذلك بسبب نهب أموالهم و نفطهم و معادنهم و هل للسارق عقل – و هل هناك أمة تتحرك – حتى لو بقلبها و على أضعف الإيمان – لنصرة الأجزاء المنكوبة و المظلومة بغل و غدر أعداء الإسلام والمؤامرات التي تحاك ضدها في – فلسطين و شيشان الإسلام و البوسنة و الهرسك وكوسوفو و مقدونيا و كرواتيا و الجبل الأسود و صربية و ألبانيا و جورجيا و أفغانستان و كاغزسستان و طاقجستان و أنكوشيا و قرقيزسستان و تركمستان و أذربيجان و داغستان و كافة بلاد القفقاس و في نفس روسيا وأوربا الشرقية و بلاد أفريقيا جميعاً و الفلبين و كشمير و جنوب شرقي آسيا خاصة كمبوديا و فيتنام و ماليزيا و أندنوسيا و استراليا و سرلانكيا و النيبال و حتى تايلند و الفيتنام و الصين رغم انتفاضاتهم ولكن النتيجة هم خضعوا لأمريكا و بقية أجزاء العالم الإسلامي – و إنّ أهم أسلوب – بلاء – يطبق لتنفيذ مخطط أعداء الإسلام هو ( التعتيم الإعلامي على الأمة الإسلامية – لإعادتها إلى الجهل – وإصابتها بالعمى – بمساعدة العملاء العلمانيين ) – المتفق عليه ( دولياً و عالمياً – أسياد و عملاء – و منظمات دولية – هيئة الأمم المتحدة – و منظمات التغذية ) .

و نعود لنقول – إنّ الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه و عليه اليوم كان – نتيجة (تعطيل أو سوء تطبيق أحكام الإسلام ) و كذلك المخالفات التي حصلت في بداية الحكم الإسلامي و بعد وفاة الرسول الحبيب مباشرة – و أولها و أعظمها هو – تعطيل حكم الشورى – بل و قتله و اغتياله – فأدى ذلك إلى – قتل الخلفاء الواحد تلو الآخر – و إنّ كل – خليفة – قُتلَ بطريقة و أسلوب و دوافع تخص ذلك القتل – و لكن المهم هو إنّ – الأساس – في جميع تلك القتول هو – تعطيل حكم الشورى – ابتداءاً – و لم يفد بعد ذلك - أحياء حكم الشورى عندما طبق في خلافة الخليفة الرابع علي و الخليفة الخامس الحسن – لأنّ مدة تعطيل الأحكام – خاصة الشورى - كانت في عقود بينما مدة الأحياء كانت قصيرة لا تزيد على خمس سنواتو في تلك العقود فإنّ الشر – الفتنة و البلاء - قد استفحل أمره و أخذ عراقة - و تمكن المجرمون من اختيار مواقعهم و رتبوا أمورهم و بناء سواترهم التي تتفق مع – البلوى و الفتنة – التي يجب أنْ تعيش مع الإنسان – كما أرادها إبليس و ليس كما أرادها الله تعالى { قال أنظرني إلى يوم يبعثون . قال إنك مِنَ المنظرين } و { قال أخرج منها مذؤُماً مدحوراً لَمنْ تَبِعَكَ منهم لأملأنَّ جهنمَ منكم أجمعين } ( الأعراف 14 و19 ) .

و إنّ يومنا الحاضر هو كذلك امتداد لذلك اليوم الذي – لم تطبق فيه حدود الله – خاصة في شعوب البلدان التي فتحت من قبل – جيوش – كانت تسمى - جيوش إسلامية – ولكنها بسبب – الظلمة و الغشاوة – أصبحت جيوش تقودها و توجهها – فئة و فئات – لا تفهم غير – القوة و جمع الغنائم و الأموال و الترف و أواني الذهب و الفضة و الملذات – و أما كيف أصبح الناس أهل تلك البلاد المفتوحة – مسلمين – و كيف استجابوا بسرعة للإسلام رغم ما كانوا يشاهدونه من تقطيع الأذن و الأنف و بعض الأعضاء خلاف الشرع – فالجواب هو لأنّ للإسلام – عقيدة – واضحة و كالنور الساطع – و تتفق مع – فطرة الإنسان – والدين الإسلامي – دين الفطرة - فلا يحتاج إلى القوة أو العنف و الإكراه { فَأقِم وجهك للدين حنيفاً فطرةَ اللهِ التي فطرَ الناسَ عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم و لكن أكثر الناس لا يعلمون } (الروم 30 ) – و أما – القوة – التي يحتاجها الإسلام هي – لدعم قانونية المعاملات في المجتمع الذي لا يخلوا من المنافقين و من في نفوسهم مرض – و إنّ – القانونية – لا يمكن تثبيتها واستقرارها إلاّ في – دولة و حكومة – و هذا في الداخل – و أما في الخارج فإنّ القوة أحياناً لابد منها لدفع الأذى عن المسلمين و تدمير الحواجز المادية التي تقف مانعاً أمام – الدعوة الإسلامية – و نشر الإسلام – و ليس لإدخال الإيمان بالقوة إلى قلوب الناس و إنّ الله تعالى هو الذي – يمنُّ – على الناس أنْ هداهم للإيمان – و حسبما هو واضح من قوله الكريم العظيم {أ فَأنتَ تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين } بعد قوله جلت قدرته { لو شاءَ ربُُك لآمنَ منْ في الأرض كلهم جميعاً } ( يونس 99 ) .

( كيف تكون هجرة التجار المسلمين – هجرة شرعية – إسلامية )

و إنّ - الله جلت قدرته – هو الذي – أوصل الإسلام للناس و ليس – الجيوش - {و لقد وصّلنا لهم القولَ لعلهم يتذكرون } ( القصص 51 ) و هذه حقيقة واضحة و ثابتة و إنّ واقع الحياة قد دلنا على هذه الظاهرة – و هو ما شاهدناه و رأيناه – كيف أسلم شعب جزر أندنوسيا - التي لم تصلها الجيوش الإسلامية أصلاً – و إنما وصلها – المسلمون المهاجرون في سبيل الله { و منْ يُهاجر في سبيل الله يجدْ في الأرض مُرَاغَماً كثيراً و سعةً و من يخرج من بيته مهاجراً إلى الله و رسوله ثم يدركهُ الموتُ فقد وقعَ أجرُهُ على الله و كان الله غفوراً رحيماً} ( النساء 101 ) – و بهذه المفاهيم قد هاجر – التجار المسلمون – حملة الدعوة الإسلامية – و بحسن معاملاتهم و الذين كانوا حقاً يمثلون { و عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً } ( الفرقان 63 ) و { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } ( الفتح 29 ) و { رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ و لا بيعٌ عن ذكر الله } ( النور 37 ) أي أنهم قد خرجوا من بيوتهم – حملة دعوة – قبل أنْ يكونوا تجار أو مهنة أخرى - { هل أدلكم على تجارة تُنجيكم من عذابً أليم } ( الصف 11 ) - فالأساس الذي ساعد التجار على نشر الإسلام هو إنّ إسلامهم هو دين الفطرة و فيه كل الطرق و وسائل العيش في الدنيا و الآخرة – و إنّ فطرة الدين كانت واضحة و صافية لدى – غير العرب – أكثر منها عند العرب – فقد فهم المسلمون في أندنوسيا و في غيرها من البلاد غير العربية الحديث الشريف < لا فرق بين عربي و أعجمي إلاّ بالتقوى> - في حين عندما تعطلت الأحكام الشرعية في أندنوسيا و تغير الناس بسبب الغزو الفكري العلماني و حركة التبشير المسيحي نلاحظ كيف انسلخت إحدى الجزر الصغيرة – تيمور الشرقية – من بين المسلمين و استقلت و أصبحت – جزيرة مسيحية علمانية – نتيجة – استفتاء جرى بإشراف هيئة الكفر – هيئة الأمم المتحدة و ممثلها الكافر دميلو( الذي قتل بعدها في العراق قبل أنْ يغيرها إلى علمانية و مسيحية ) فدخلت إلى تيمور الشرقية – قوات وجيوش متعددة الجنسيات الدولية لتحافظ على التحول و التغيير العقائدي و الفكري الذي حصل فيها – فأصبحت بقية الجزر مهددة بنفس الطريقة و نفس النتيجة و بنفس المخطط وأظلم – فقد جاءوا في حينها برجل – مريض و معوق – وحيد – ليحكم أندنوسيا و ليكون مطية لنقل الحكم من بعده إلى امرأة ابنة أحد الحكام العلمانيين السابقين لأنّ الشعب الأندنوسي لا يستسيغ ابتداءاً حكم المرأة فجعلوها مساعدة للرجل المعوق – كلها أساليب شيطانية كافرة في مخطط الكفر – و مثل هذا حصل في أجزاء أخرى من العالم الإسلامي – فتحول – الشيخ – إلى – شيخة حسينة – في بنكلادش – تقليدا للدولة الهندية العلمانية الكافرة التي حكمتها فرعونة صغيرة – غاندي – و اليوم هو نفس الأمس – في الأسباب و التسبيب – و هو – تعطيل حكم الشورى – و تطبيق – سياسة شعرة معاوية – و الترهيب و الترغيب – التي عنها و منها أخذ الوزير الأيطالي – ميكافلي – سياسته الميكافيلية – في كتابه – الأمير – و خلاصته ( إختلق و افتعل الاضطرابات و الصراعات لتقتل و تذبح و تجوع الشعب و بعدها أعطهم المنافع و النفعية بالقطارة و المنّة و برواتب خدمة أو تقاعد ) – في حين إنّ أمريكا القطب الأول في العالم لم تصل بعد إلى مرحلة – الشيخة – حسينة أو خالدة – و لكنها قد تصل إليها عندما ينتخب شعب اللوبيات الأمريكي – زوجة كلنتن – التي دافعت عن جريمة زنا زوجها وهي اليوم في مرحلة التدريب – و حينها سوف يكون الفساد المدمر .

ولو إنّ – الجيوش الإسلامية التي قامت بالفتوحات الإسلامية قد تشكلت كما قام بتشكيلها رسولنا الحبيب و اقتداءاً و أسوةً به ( جيش غزوة تبوك – و جيش أسامة ) كانت جيوش دعوة تضم الفقهاء من المؤمنين و المتقين - جيوش إيمان – مدعومة – بدولة شورى – و حكم تعدد الأحزاب – حزب المفلحين – و حزب الغالبين – و حزب الله – لوجدوا اليوم واقعاً آخر غير واقع – بلاد الأندلس في أسبانيا و البرتغال – و غير واقع – تيمور الشرقية – ولوجدنا واقعاً لا يوجد – رجال دين و وعاظ سلاطين – و إنما كل مسلم و مسلمة رجل دين وامرأة دين – و ميثم التمار كان بقالاً وهو عالم – و لما وجدنا وعاظ السلاطين يخطبون في وسائل الإعلام و يدعون لسلاطينهم – الحكام – اللهم أرهم الحق حقاً فيتبعونه و الباطل باطلاً ليجتنبونه و كأنما هؤلاء المتسلطين أطفال و سذج و مغفلون لا يعرفون ما هي مهمتهم في الحكم و ماذا يعملون لأسيادهم – لأنهم حراس سجون لشعوبهم و جلادوهم بالرشاشات و المسدسات و السموم و قطاع الطرق و السبل و الوسيلة إلى الله تعالى مثل وعاظهم يتبعون الباطل لانهم يعرفونه و يرونه و لا يجتنبونه و إنما يجتنبون الحق لكسب حلاوة الدنيا - ولو كانت هناك قدوة برسول الله الحبيب لوجدنا فعلاً – رجال فقهاء و مفسرين و مفكرين – يغمرهم الإيمان و التقوى - وينكرون المنكر – إذا رأوا سلطاناً جائراً عاملاً بعباد الله بالإثم و العدوان و مستحلاً لحرم الله – و بذلك تكون شهادات الدكتوراه و الماجستير و الدبلوم و الحجة و الآية و لباسهم الحرير و الإستبرق و بطونهم المتخومة بأشهى الأكلات و أحلى المشروبات و البيوت الفخمة و السيارات بآخر طرازها – قد نالوها و استحقوها بجدارة و كفاءة في الحياة الدنيا و تأييد الله و رضاه و لهم حسن العاقبة – و لا يحتاجون إلى – التوبة أو كفارة لذنوبهم – وإلاّ فهم و شهاداتهم و ما يجمعون من أموال الخمس و الزكاة و حلاوة الدنيا في جهنم و بئس المصير خالدين فيها و تقول هل من مزيد .

( ما هي علاقة الخليفة عثمان الأموي مع الصحابي أبي سفيان الأموي )

عندما بويع الصحابي عثمان بن عفان الأموي خليفة ثالث للمسلمين – ذهب الصحابي أبو سفيان الأموي إلى مجلس الخليفة ( فرحاً ) و وقف بباب المجلس و كان ( أعمى – مكفوف النظر ) فسأل الحضور ( هل فيكم رجل غريب ) فأجابه الخليفة عثمان ( كلا – تفضل) فأخذ حريته أبو سفيان و قال ( تلقفوها يا بني أمية تلقف الكرة فوالله مازلتُ أرجوها لكم و لتصيرنّ إلى صبيانكم وراثة ) و الخليفة جالس و لم يحرك ساكناً – و لكن كان من ضمن الحاضرين الصحابي الزبير بن العوام فقال لأبي سفيان ( هكذا تقول جاهلية يا أعمى العينين ) فأجابه أبو سفيان ( أنا لستُ أعمى و الأعمى من قال لا يوجد غريب ) – و هذه المحاورة تؤيد ما ذهبنا إليه : إنّ الذي وضع شرط ( السير على ما سار عليه الشيخان الصديق وعمر ) هم بنو أمية .

و كذلك ذهب الصحابي أبو سفيان إلى ( قبر سيد الشهداء الصحابي حمزة ) في – أحد – كذلك فرحاً – و انحنى على القبر و قال ( قم يا حمزة يا أبا عمارة – لقد قاتلتنا على أمر صار لنا ) – فماّذا تقول الفئتان العظيمتان – الذين أصبحوا اليوم ( سنة و شيعة ) - ابتداءاً تحولت - الخلافة - إلى – ولاية عهد و وراثة – و اليوم - قد ألغيّ اسم خلافة – نهج النبوة - للخلفاء الخمسة الصديق وعمر وعثمان وعلي و الحسن – فأينَ هي الحقيقة – ولماذا التناحر و الاقتتال – غير خدمة مصالح أعداء الإسلام و بقاء السلاطين الجائرة يحكمون كيانات العالم الإسلامي المجزأ و من ورائهم الكافر العلماني المحتلو بأي الأحكام نريد إقامة الدولة الإسلامية .

( كيف انتهى حكم الخليفة الثالث عثمان بن عفان الأموي )

( وكيف قُتلَ سياسياً )

و بقي علينا أنْ نوضح بعض جوانب قتل – الخليفة الثالث الصحابي عثمان بن عفان الأموي - خاصة الجوانب السياسية – وإنّ كل قتل سياسي هو قتل جبان و غدر – وليس قتل بطولة وصلاح – خاصة إذا كان غدراً و غلاً – وليس عن عقوبة أو هدر دم – و إنّ بحثنا هنا سوف يقتصر على ما ورد في أقوال ولي الله الصحابي علي – لأننا لم نجد أصدق منه – من الصحابة – و لأنه عاصر الأحداث المؤلمة و لأنه قد ورد في أقواله حتى ما قيل ضده و ما أتهم به بأنه اشترك في قتل – الخليفة عثمان – و بالإضافة إلى ما تقدم – فإنّ الصحابي علي هو من - أهل العترة – و إنّ التمسك بالعترة أهل بيت رسول الله الحبيب لا ضلال فيه – و هم خير من يهتموا بأمر المسلمين – و بذلك يكون الصحابي علي – صادقاً قطعاً – و خير من نأخذ

المعلومات عنه :

و إنّ ولي الله الصحابي علي – قال عن الخليفة عثمان الأموي (( و قام معه بنو أمية يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع إلى أنْ انتكثَ فتله و أجهز عليه عمله و كَبَتْ به بطانته )) إنه تشخيص دقيق للواقع – و بالرغم من ذلك – فإنّ الصحابي علي قد دافع عن الخليفة عثمان – و دليل ذلك هو قوله (( و الله قد دافعتُ عنه حتى خشيتُ أنْ أكونَ آثماً )) و هذا هو دقة التعبير – حيث يقسم بالله تعالى بأنه كاد أنْ يكون آثماً من كثرة دفاعه عن الخليفة عثمان .

و عندما جاء الناس إلى الصحابي علي – ومن ضمنهم – وفد أهل مصر - و شكوه ما نقموه على الخليفة عثمان – و قد طلبوا منه مخاطبة الخليفة نيابة عنهم و استعتابه لهم – فاستجاب لهم و ذهب إلى الخليفة و دخل عليه و قال له (( إنّ الناس ورائي و قد استسفروني بينك و بينهم – و الله ما أدري ما أقول لك – ما أعرف شيئاً تجهله و لا أدلك على أمر لا تعرفه – و ليس أبو بكر و لا عمر أولى بعمل الحق منك فاللهِ اللهِ في نفسك – و أعلم إنّ أفضل عباد الله عند الله – إمامٌ عادلٌ هُديَ و هَدِيَ و أقام سنة و أمات بدعةو إنّ شر الناس عند الله إمامٌ جائرٌ ضَلّ و ضُلّ به أمات سنة و أحي بدعة و إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول – يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر فيُلقى في جهنم فيدورُ فيها كما تدور الرحى ثم يرتبط في قعرها – و إني أنشدك الله أنْ لا تكون إمام هذه الأمة المقتول – فإنه يقال – يقتل في هذه الأمة إمامٌ يفتح عليها القتل و القتال إلى يوم القيامة )) فعلى كل مسلم و كل إنسان أنْ يتدبر هذه الكلمات و مفردات هذه المخاطبة – كلها – أحكام شرعية – و مفاهيم إسلاميةتوضح مصير الأمة و الخلافة و الإمامة و لهذا القدر قد أبقى الله تعالى ولي الله علي - ليوضح و يفهم الأمة الإسلامية – و يظهر إنّ الخليفة الثاني عمر هو الذي فتح القتل و القتال في هذه الأمة لأنه أول من قتل .

فأجابه الخليفة عثمان بقوله (( يا علي كلم الناس في أنْ يؤجلوني حتى أخرج من مظالمهم )) فقال له الصحابي علي (( يا خليفة المسلمين ما كان من ظلم بالمدينة فلا أجل فيه و ما غاب فأجله وصول أمرك إليه )) .

و من كلام الصحابي علي - ومن جواب الخليفة عثمان - فقد ثبت وجودمظالم - في العاصمة المدينة المنورة فأشترط الصحابي علي أنْ يكون الإصلاح فوري – وكذلك وجود – مظالم – في الخارج فأشترط وصول أمر الخليفة إليه .

و هناك كشف لجوانب أخرى من الحادث المؤلم – فقد ورد في خطاب وجهه الصحابي علي إلى – معاوية والي الشام – ما نصه (( و لعمري يا معاوية لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ الناس من دم عثمان و لتعلمن أني كنت في عُزلةٍ عنه إلاّ أنْ تتجنى فتجنى ما بدا لك و السلام )) و هذا يعني إنّ الصحابي علي لم يكن في عزلة عن الخليفتين الأول الصديق و الثاني عمر - و لكنه كان في عزلة عن الخليفة الثالث عثمان الأموي – بسبب بطانته الأموية التي أحاطت به باستأثاره لهم .

( الخليفة استأثر بني أمية فأساءَ الأثرة والثوار جزعوا فأساءوا الجزع )

و هناك قول أكثر وضوحاً قد صدر من ولي الله الصحابي علي و نصه (( لو أمرتُ بقتله لكنتُ قاتله – أو نهيتُ عنه لكنتُ ناصراً – بالسيف – و أنا – جامعاً – شارحاً – لكم أمره : فأنّ عثمان استأثر فأساء الأثرة – وجزعتم فأسأتم الجزع – و إلى الله حكمٌ واقعٌ في المستأثر و الجازع )) إنّ ولي الله علي – من أهل الجنة – فلا يحتاج إلى حجج وأدلة للدفاع عن نفسه و تبرئتها من التهم الموجهة إليه – و لكنه و هو يجب أنْ يكون قدوة للناس و بنفس الوقت هو مأمور بتطبيق أحكام الشرع التطبيق الصحيح – و كذلك أمام – إعلام – مهما كانت و سائله بدائية – و لكن هناك أسس للإعلام قد تكون أبدية - و من هذه الأسس – الإشاعة و التحريك السياسي و الرد عليها فهذه الأسس لا يمكن إهمالها و التغاضي عنها حتى و لو أدى به إلى

الإسفاف – كما عبر هو عنه – أسففتُ إذ أسفوا و طرتُ إذ طاروا - و لكن هناك قواعد شرعية - لأعمال و أقوال – الناس حكام و محكومين دائما ما يتكرر حصولها في الحياة الدنيا ومنها – الاستئثار - فقد نبه إليه ولي الله لعل الأمة الإسلامية تنتفع و تتعظ – و لكن القاعدة الشرعية الأهم هو – الجزع - و الجزع آفة وبلوى و فتنة قد دمرت أمم و شعوب – لأنّ – الجزع – يعمي العيون و يغلق القلوب و يصم الأذان – و قد نلاحظ – فعله وأثره المدمر – اليوم - كيف يدفع الكثير من أبناء الأمة إلى القيام بالأعمال غير الشرعية بحجة الحرص على الشرع و الدفاع عنه بينما هي تشويه للشرع و دمار للأمة و الناس – ومن تلك الأعمال – المقاومة المسلحة – التي يقوم بها الناس حتى الذين يحسبون أنفسهم من – المفكرين و الفقهاء و السياسيين – نتيجة - الجزع – الذي يصيبهم و يوقف تفكيرهم – و إذا رفضوا هذا الوصف فهم – عملاء و جواسيس و منافقون و خدم للانتفاع و الارتزاق و لأعداء الإسلام – لأنّ القواعد الشرعية و الحياتية و الحضارية – واضحة و ثابتة في الإسلام – و قد سماها الله – الأمانة – في - سورة الأحزاب – السياسية { إنّا عرضنا الأمانة على السموات و الأرض و الجبال فأبينَ أنْ يحملنها و أشفقنَ منها و حملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً } والأمانة هي العقيدة و المبدأ - لذا فإن الأحزاب و المنظمات – عملها فكري فقط و لا يجوز مزاولة الأعمال المادية – و هذه هي أمانتها و إلاّ كانت جاهلة و ظالمة – وأما الأعمال المادية و معها الفكرية كذلك فهي من – اختصاص الدولة – فإذا كانت الدولة موجودة – فلا يجوز القتل و الغدر – إلا إذا حصل ما يوجب الدفاع عن النفس و المال و العرض – و عندها – لا نحتاج إلى أكثر من التقويم و التغيير سواء – بالثورة أو بالاستنهاض – وليس بالسكوت ولا السلاح – و أما إذا كانت الدولة غير موجودة – فالعمل الفكري إلى – إقامتها – هي قاعدة الحياة الصحيحة – و الطريق الصحيح – و لكن إذا سلكنا غير طريق الفكر و النصرة – لإقامة الدولة – مثل طريق المقاومة المسلحة و الأعمال المادية - فسوف نؤسس – دولة فاسدة ومريضة وغير إنسانية – وهذا ما حصل في أمريكا عندما استقلت عن بريطانيا بالمقاومة والسلاح – فهي تأسست مريضة و فاقدة العقل في الداخل و لا تزال تدين لبريطانيا بالاستعمار بموجب اتفاقيات و شركات و لوبيات و إنّ الذي يغطي هذا الواقع الفاسد هو أنّ الاثنين يدينان بالعلمانية و الإلحاد و المسيحية كقاسم مشترك بينهما و لكنها لا تميت الصراع بينهما على النفوذ و أما تعامل أمريكا مع الخارج فهو بالعنف و السلاح و القتل و السرقة و النهب للسيطرة على الشعوب الأخرى وجعلها أرضية اقتصادية صالحة لتصدير موظفيها إليها وتصريف منتوجاتها المدنية و العسكرية للقضاء على البطالة و الركود و التضخم عندها و أما الديمقراطية والحرية فإذا ما حصلت الاستجابة فتكون قد حققت انتصارا للعلمانية و إلا فهي سلاح احتيال و مراوغة لتمشية أهدافها الستراتيجية – و كذلك ما حصل من مقاومة في فرنسا و في ألمانيا و الاتحاد السوفيتي والصين و اليابان و أما تايلاند و الفيتنام فيخضعون اليوم للاستعمار الأمريكي و بالنتيجة كلها دول فاسدة وفي صراع مستمر مع – القيم و القواعد الإنسانية – رغم الادعاء بها – و لكن هناك - دولة - واحدة قد تأسست بالطريق العقائدي والفكري و ليس بالمقاومة المسلحة – ولدت إنسانية في عقيدتها و في مفاهيمها و أهدافها – ولم تكن – عميلة – لغيرها وهي – الدولة الإسلامية المحمدية – لم يستعمل حملة دعوتها وقائدها أي عمل مادي و لم يريقوا قطرة دم واحدة خلال اثنى عشر سنة – فالطريق الصحيح هو – العمل الفكري و النصرة – و ليس – المقاومة المسلحة – ولكن إذا وجدت قوة معادية تهيمن على بلدك بالسلاح و العملاء – فالمرجع هو – الشعب أو الأمة – و ما فيها من ثلة واعية و مراجع سياسية و فقهية شريفة و ليست عميلة – و الله تعالى يفرض على الجميع – العقل و التدبر – و إيجاد النظام و الوسيلة – لتوصلهم إلى – الدولة و الحكومة التي تأخذ على عاتقها التعامل مع القوة المعادية و حسب تعادل القوة أو عدم التكافؤ و حسب الموقف الدولي و السياسة العالمية – بعيداً عن الأجنبي المتسلط و عملائه و يجب المقاطعة التامة و عدم الاتصال بهم إلا لضرورة شرعية و وفق أصول – و أياكم و مواطن الشبهات – لذلك قال ولي الله ( إلى الله حكم واقع في المستأثر و الجازع ) و لم يقل – إنّ عثمان من أهل الجنة و لم يؤيد ما نسب إلى رسول الله من أنه قال له ( ما يضرك ماذا تعمل و لا حساب عليك ) .

ونّ أهم ما كان يؤاخذ على – الخليفة عثمان – في أعماله السياسية – التي استغرقت مدة حكمه اثنى عشر سنة تقريبا – هو استئثاره بتعيين الولاة و الوظائف القيادية في الدولة – من بين بني أمية و مؤيديهم – و كذلك القسوة على الصحابة الأجلاء – بالإضافة إلى – دعم معاوية في ولاية الشام التي تمتد من القدس الشريف إلى الحدود الجنوبية لتركيا اليوم – و قام كذلك بتعيين الصحابي بن أبي سرح الأموي و أخيه بالرضاعة – واليا على مصر – بعد عزل الصحابي عمر بن العاص منها بسبب ما أرتكب من أعمال عنف غير شرعية – منها قطع بعض جسم الأسير و سبي نساء مدينة الاسكندرية المصرية .

و قد اقتنع الخليفة عثمان - بصحة شكاوي الناس و منها – شكوى أهل مصر – فكتب إلى واليه في مصر – الصحابي عبد بن أبي سرح الأموي – يهدده – فرفض الوالي تهديد الخليفة – بل و أخذ ينكل و يعذب و يقتل كل من سافر مع المشتكين – لذلك فقد أرسل أهل مصر – وفداً جديداً عدده سبعمائة و خمسين رجلاً – و قد أيد شكواهم معظم الصحابة في المدينة المنورة – و أخذت أم المؤمنين الصحابية السيدة عائشة – تقول للناس ( اقتلوا نعثلاً فقد فجر ) و تقصد بكلمة – نعثلاً – الخليفة عثمان - و قد طالب أهل مصر بواسطة وفدهم – عزل والي مصر الصحابي عبد بن أبي سرح - فطلب الخليفة عثمان من الصحابة المجتمعين – اختيار شخص يوليه – مصر – فاختاروا – محمد بن أبي بكر الصديق - فكتب الخليفة عثمان عهده و ولاه مصر – وعزل – بن أبي سرح - و قد سافر محمد بن أبي بكر و معه وفد من الصحابة – من المهاجرين و الأنصار – ليقوموا بالتحقيق و التدقيق و إصلاح ما أفسده الوالي المعزول وإنجاز الإصلاحات و تثبيت الفكر الإسلامي الصحيح و توضيح الأحكام الشرعية و تطبيق ما تعطل منها و اجتثاث خيوط و أسباب المؤامرة للإبقاء على – الصحابي عثمان خليفة للمسلمين – و إنّ الوالي الجديد و الصحابة المرافقين له بالسفر لا يعرفون ما خبأ القدر لهم و للأمة الإسلامية من – خطة عمياء مظلمة تعهد بنو أمية بتنفيذها .

و بعد ثلاثة أيام من سفر – الوالي الجديد و معه وفد الصحابة – و في الطريق قد شاهدوا – فارساً مسرعاً ممتطياً – بعير الخليفة عثمان – و قد أمسكوه – و إذا هو – غلام الخليفة عثمان – و بعد التحقيق و التفتيش معه – فقد وجدوا عنده – كتاب موجه من الخليفة عثمان و مختوم بختمه إلى والي مصر عبد بن أبي سرح الأموي يطلب منه قتل الوالي الجديد محمد بن أبي بكر الصديق حال وصوله مصر و قتل من معه من الصحابة و قتل المشتكين من أهل مصر – و كما قلنا إنها مؤامرة كبيرة و عنيفة – و بنفس الوقت غدر و غل – يسعى إلى تنفيذها بنو أمية – فرجع الجميع و معهم غلام الخليفة و كتاب الخليفة المختوم ( و قد فشل أسلوب هذه المؤامرة – و لكن بني أمية سيقومون أيام حكم يزيد بن معاوية الأموي بتنفيذها في و اقعة الحرة بقتل أضعاف مضاعفة من الصحابة و سبي نساءهم ) .

و بعد رجوعهم و وصولهم المدينة المنورة – فقد أخبروا الصحابة الآخرين المتواجدين في المدينة – فقام الصحابي علي بجمع بعض الصحابة – طلحة و الزبير و سعد بن أبي وقاص و عمار بن ياسر و آخرين – و ذهبوا إلى – الخليفة عثمان – الذي اعترف – بأنّ الغلام غلامه و البعير بعيره و الختم ختمه – و لكنه أنكر الخط و قال – الخط ليس خطي و أنا لم أكتب كتاب – و بعد التحقيق – فقد ثبت – إنّ الخط هو خط مروان بن الحكم الأموي – أمين ديوان و خازن أختام الخليفة عثمان – و مستشاره و حافظ أسراره – و كان مروان موجود عند الخليفة عثمان و في بيته – فطلب الصحابة من الخليفة تسليمهم – مروان – لمحاكمته فرفض الخليفة تسليم مروان إلى الصحابة بحجة – خشية قتله – و هناك من يقول خشية اعتراف مروان بالكتاب و إنه كان بأمر الخليفة عثمان – و مع ذلك – فإن الخليفة عثمان لم يكن يخشى قتل الوالي الجديد محمد بن أبي بكر و لا قتل وفد الصحابة المرافق للوالي و معهم مئات المصريين الذين تضمن الكتاب قتلهم – و لكنه يخشى قتل مروان .

و برفض الخليفة عثمان تسليم مروان – قد خرج الصحابة من عند الخليفة وانقطع النقاش – و لكن الناس قد بقوا يطوقون – دار الخليفة – سلمياً – و قد أجمعوا على – إنّ الخليفة عثمان لا يبرأ و يبقى متهماً حتى يسلمهم مروان بن الحكم – و قد منع – الناس الثوار – وصول الماء إلى دار الخليفة – فخرج الخليفة عثمان – على الناس يسألهم – أ فيكم سعد بن أبي وقاص – فهو يسأل عن الصحابي سعد و لو كان الصحابي عبد الرحمن بن عوف الأموي حياً لسأل عنه قبل السؤال عن سعد لأنّ عبد الرحمن من العشيرة الأموية و أما سعد فبالقرابة و النسابة – فأين هي الرابطة الإسلامية وحبل الله – فأجاب الناس – كلا لا يوجد الصحابي سعد بن وقاص – فسألهم الخليفة عثمان – هل هناك من يقدر إخبار الصحابي علي بحاجتنا إلى الماء – فحصل الإخبار و أرسل الصحابي علي - الماء – إلى الخليفة بمشقة و أذى – و كذلك أرسل ولديه الحسن و الحسين للوقوف أمام باب الدار لحماية الخليفة بسيوفهما و مثل ذلك فعل الصحابيان طلحة و الزبير بإرسال أولادهما – لذلك قال الصحابي علي ( لقد دافعت عن الخليفة عثمان حتى كدت أنْ أكون آثماً ) .

و قد طال الحصار و طال الانتظار – بسبب وجود تألم و حنق لدى بعض العوائل والعشائر من الخليفة عثمان و بطانته – منها – قبيلة بني غفار لما فعله الخليفة مع الصحابي أبي ذر الغفاري – و قبيلة بني هذيل لما فعله من اضطهاد مع الصحابي عبد الله بن مسعود – وقبيلة بني مخزوم لما فعله مع الصحابي عمار بن ياسر – و غيرهم – وإنّ الصحابة المضطهدين كلهم صحابة أجلاء و من السابقين الذين استجابوا لدعوة الله و رسوله و بهم انتصر الإسلام على شرك قريش و بني أمية – و هنا تجدر الإشارة إلى أنّ – معاوية بن أبي سفيان الأموي – قد خذل الخليفة عثمان الأموي و لم يرسل الجيوش التي كان من المؤمل إرسالها لإنقاذ الخليفة و بطانته الأموية - و لينظر الناس إلى الروابط المصلحية و النفعية كيف إنها فاسدة – يترك المجرم رئيسه للقتل و يلوذ هو بالفرار في حين إنّ رئيسه قد ضحى بنفسه من أجل حمايتهم و المحافظة على وجودهم و مكانتهم و بقاءهم و إبعاد المكروه عنهم حتى على حساب العقيدة و المبدأ .

فأخذ الناس يوجهون سهامهم إلى باب دار الخليفة حتى – خضب الحسن بن علي بالدماء – و خضب محمد بن طلحة – و شج رأس الصحابي قنبر مولى الصحابي علي – و قد خشي محمد بن أبي بكر – تضخم - الفتنة – لذا فقد أخذ معه رجلين و تسلق الدار من الخلف و دخلوا على – الخليفة عثمان – فأراد محمد بن أبي بكر قتل الخليفة عثمان الذي يعتبره و يتهمه بمحاولة الغدر به عندما عينه والياً على مصر – و لكن الخليفة عثمان ذكره بأبيه و قال له (لو رآك والدك أبو بكر لساءه ما تفعله ) فتراجع محمد بن أبي بكر – و لكن تقدم الرجلان وقاما بقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان الأموي – و بهذا القتل فقد انتهى حكم الخليفة الثالث سنة خمس و ثلاثين للهجرة – و قد تمكن – مروان بن الحكم الأموي و معه أولاده من الفرار و لم يقوموا بالدفاع عن خليفتهم و صاحب الفضل عليهم لأنهم لا تربطهم معه إلاّ المصالح الفاسدة التي تضمرها أنفسهم تجاه الخليفة عثمان – و هذا ما سيكشفه الزمن عندما يستلم بنو مروان الحكم – في حين – إنّ الربط العقائدي و المبدأي و العمل الصالح قد عرفناه و فهمناه يوم انكسر الجيش الإسلامي في معركة أحد و كيف قد ضحى الصحابة و قد ثبتوا في سبيل الله ولحماية رسول الحبيب و دفع الخطر عنه .

وإنّ ولي الله الصحابي علي – قد شخص هذا الواقع بقوله (( لقد أخبرني رسول الله قائلاً – يا علي إنّ القوم سيفتنون بأموالهم و يمنون بدينهم على ربهم و يتمنون رحمته و يأمنون سَطوتَهُ و يستحلونَ حرامَه بالشبهات الكاذبة و الأهواء الساهية فيستحلون الخمر بالنبيذ و السُّحتَ بالهدية و الربا بالبيع - قلتُ يا رسول الله بأيّ المنازل أُنزلُهم عند ذلك أ بمنزلةِ ردةٍ أم بمنزلة فتنةٍ – فقال – بمنزلة فتنة )) - وإنّ هذه ( الفتنة – المخطط الأموي ) فقد بدأت بمجرد وفاة رسول الله الحبيب و استمرت بين المسلمين حتى يومنا الحاضر – و ما أفظعها و أقساها اليوم – السني يكفر الشيعي و العكس كذلك و الصراع حتى داخل المذهب الواحد- بل وأصبح هناك منظمات تدعي الإسلام و الإسلام براء من أعمالها وأهدافها لأنها لا تستهدف - الدولة الإسلامية – مثل جيش الصحابة و لأي صحابة – و السلفية – ولأي سلف – و الوهابية – باسم شخص قام بخلط الأوراق بدعم السعوديين تماماً مثل لادن طالبان القاعدة – و جيش المهدي – فأين هو المهدي حتى يكون له جيش وإنّ المهدي يملأ الأرض قسطاً و عدلا فما يملأ جيش المهدي اليوم غير القتل و العنف والجهلً – وغيرها من محاولات تشويه الإسلام و تدمير المسلمين – و عليها و بها يتغذى و ينعم – وعاظ السلاطين الذين يسمون أنفسهم رجال الدين – و لا كهنوتية في الإسلام – و كل فئة و طائفة و ملة و حركة – يخلقها و يؤسسها أعداء الإسلام باسم الإسلام – تماما مثل – الربا باسم البيع – و يساعدهم المنافقون المنتفعون الذين حليت الدنيا بأعينهم و هم جميعاً من – الظلاميين – الذين يعيشون في الظلمة و الظلم و يدفعون الناس للعيش معهم في الظلام الحالك – و بهم يُدمّر المؤمنون و تسفك الدماء و تهتك الأعراض و هم – يباركون و يدعونَ – بأعلى أصواتهم من على المنابر و وسائل الإعلام ( أنْ يمدّ هؤلاء الحكام العملاء السفاكين لدماء أبناء - أمة محمد رسول الله الحبيب – بالنصر و القوة للقضاء على أعدائهم – ومن هم أعداء هؤلاء العملاء الفراعنة الصغار – غير أبناء أمة محمد رسول الله الحبيب ) – و إنّ هؤلاء وعاظ السلاطين القائمين بأعمال التفرقة والخلاف و الذين يسمون أنفسهم برجال الدين – ما هم إلاّ جهلة و أطفال و أغبياء شاؤا أم أبوا لأنهم هم أولى بالعمل بما يريده الله و رسوله – إقامة الدولة الإسلامية الواحدة – خاصة وعندهم العلم بمعظم أحكام الشرع يحفظونها بحكم مهنتهم و مصدر رزقهم و شهاداتهم التي يفتخرون بها – و إنّ الله تعالى يقول { ذَرهم يأكلوا و يتمتعوا و يُلههِمُ الأملُ فسوف يعلمون } ( الحجر 3 ) – فهم قطاع طرق – يقطعون الطرق إلى ربهم و يمنعون الناس – يمنعون الماعون – من – الاستقامة على الطريقة – التي وضعها الله سبحانه لنيل الشفاء و الرحمة و السعادة في الحياة الدنيا و حسن العاقبة في الآخرة – فإذا هم لا يقيمون – الدولة الإسلامية – فمن هو الذي يقيمها هل العملاء و أعداء الإسلام أم هم كذلك .

و إنّ الله جلت قدرته – قد وصف و شخص الفريقين ( الذين يتبعون الطريقة ) و(الذين يعارضون الطريقة و يقطعونها ) في قوله الكريم { و أنْ لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غَدَقا } و { لنَفتِنهم فيه و من يُعرضْ عن ذكر ربه يَسلكه عذاباً صَعَدا } ( الجن 16 ) – و إنّ - الفتنة – تكون – اختبار بالنعمة التي أغدقها الله تعالى عليهم سواء بالمال أو المناصب أو الثمرات – فهل سيسلكون – الطريقة – القرآن و السنة – أم يعرضون عنها – وهنا يكون – العذاب صعدا – مثل – الذين يتصعدون إلى السماء – ضريبة تصاعدية – يزداد عذابهم كلما ازداد تناولهم لحلاوة الدنيا – و يزداد تدفق الدماء من جسمه كلما ارتفع في السماء { كأنما يصّعّد ُفي السماء } ( الأنعام 125 ) . و لكن أين من يتعظ و يتقي < ثلاثة يعجل الله عذابهم في الدنيا قبل الآخرة – عاق الوالدين – و الباغي على الناس – و الكافر بالإحسان > .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق